ترجمات عن اليونانية: (2) شعر أفلاطون الغزلي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحمن السليمان
    مستشار أدبي
    • 23-05-2007
    • 5434

    ترجمات عن اليونانية: (2) شعر أفلاطون الغزلي

    [align=center]شعر أفلاطون الغزلي! [/align]
    [align=justify]من كان يتصور أن الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون (428-347 ق.م.)، الذي طردَ الشعراء من "جمهوريته" الفاضلة بعد اعتباره إياهم شِلَّةً لا عقلانية ...، كان يقرض الشعر؟! لحسن الحظ احتفظت لنا "المختارات اليونانية" (Anthologia Graeca)[1] بثلاث وثلاثين مقطوعة شعرية تنسب إلى الفيلسوف اليوناني الكبير، بعضها في الحكمة، وبعضها في الأخلاق، وبعضها ـ وهي الأكثر غرابةً ـ في الغزل، الغزل بالرجال على طريقة قدامى اليونانيين، وجلهم من اللوطيين والصبينجية! [2]

    ويتجلى حكم أفلاطون القاسي على الشعر والشعراء في الكثير من كتبه، إلا أنه كان أشد عليهم في "الجمهورية" حيث يسوق أدلة أخلاقية [3] ودينية [4] واجتماعية [5] ضد الشعر والشعراء معاً، ولا يستثني منهم إلا هوميروس الذي يقول فيه: "كم هو صعب أن أتكلم في هوميروس الذي تعلمنا أن نحترمه ونألف شعره منذ الصغر ... إنه يبدو لي معلم التراجيديين الأول ... لكن الحقيقة أهم من أي إنسان [مهما كان كبيراً أو مشهوراً]. [6]

    لكن ذم الشعر وأهله، شيء، وقرضه شيء آخر! ولسنا نجد هذا التناقض عند أفلاطون فقط، ففي شعرنا العربي الغني شعراء كبار ذموا الشعر ثم برعوا فيه! فها هو المعري يقول في نهاية مقدمة اللزوميات: "إني رفضتُ الشعر رَفضَ السَّقْبِ غَرسَه، والرَّأْلِ تَريكَتَه، والغرض ما استجيز فيه الكذب واستعين على نظامه بالشبهات". إلا أنه يستثني من ذلك: "فأما الكائن عظةً للسامع، وإيقاظاً للمتوسِّن، وأمراً بالتحرّز من الدنيا الخادعة وأهلها الذين جُبِلوا على الغِشّ والمكر، فهو إن شاء الله مما يُلتَمس به الثواب" [7]! وليست عبارة المعري "واستجيز على نظمه بالشبهات" بعيدة من رأي أفلاطون أن الشعراء في معظم الأحيان يعكسون للناس "سلوكاً لا أخلاقياً" ... فالشبهة عند الاثنين موجودة، ومع ذلك ينظمان الشعر!

    كان بودي أن أتوسع أكثر وأشرح بحور الشعر اليونانية الستة وطريقة النظم عند قدامى اليونانيين، لكني أقتصر الآن على الإشارة إلى أن النوع الذي اتبعه أفلاطون في نظم المقطوعات المنسوبة إليه، اتخذ شكل "القِطعة" المسماة باليونانية Επιγραμματο = "إيبيغراماتو" [8]، والتي تتراوح ما بين البيت الواحد (المكون من شطرين) إلى الخمسة أبيات.

    مثال (وتشكيل الكلمات اليونانية محال):
    [align=center]
    Την ψυχην αγαθωνα φιλων επι χειλεσιν εσχον
    Ηλθε γαρ η τλημων ως διαβησομενη


    قبَّلْتُ آغاثُون ... فحَطَّتْ رُوحي على شَفَتَيَّ
    ساعيةً إلى الفناء فيه! [/align]
    أما في القطعتين التاليتين فيستعمل فيهما الحكيم "رمز التفاحة" المشهور الذي كان قدامى اليونانيين يستعملونه للإعلان عن الحب (لأفروديت في الأصل). ويتلخص هذا الرمز في قيام المحب برمي تفاحة تجاه المحبوب للتعبير لهذا الأخير عن حبه، فإذا تلقفها المحبوب فإنه يعبر بذلك عن قبوله حُبَّ المحب، وإذا لم يتلقفها فإنه بذلك يعبر عن عدم اهتمامه بالمحب وإعلانه معه ...

    ومن المثير للدهشة أن أفلاطون في القطعة الأولى يعظ معشوقه في حال عدم قبول هذا الأخير إياه وذلك بقوله "إن الجمال لا يدوم"! والعظة خير من المثل القائل: "ياللي ما يطول العنب يقول عنه حامض"! وربما جعله هذا الإحساس وعّاظاً! يقول:

    [align=center](2)
    Τω μηλω Βαλλω σε συ δ’ ει μεν εκουσα φιλεις με,
    δεξαμενη της σης παρθενιης μεταδος.
    ει δ’ αρ’, ο μη γιγνοιτο, νοεις, τουτ’ αυτο λαβουσα
    σκεψαι την ωρην ως ολιγοχρονιος
    .

    أَرمِي إليكَ هذه التُّفاحَة:
    فَخُذْها إذا رَغِبت فيَّ،
    وَأعطِني مَكانها عُذْرِيَّتَكَ ...
    وَخُذْها حَتَّى إِذا ما رَغِبْتَ فيَّ،
    وَتَذكَّرْ أَنَّ الجمالَ لا يَدُوم![/align]
    أما في القطعة الثانية، فيبدو أفلاطون مُحَرْوِقاً:

    [align=center](3)
    Μηλον εγω βαλλει με φιλων σε τις αλλ’επινευσον,
    Ξανθιππη καγω και συ μαραινομεθα
    .

    أنا تُفاحةٌ،
    رَماها مُحِبٌّ إِليكَ ...
    فَحُنَّ عَليَّ يا كْسانْتِيب،
    فَكِلانا مُعَذَّب! [/align]
    وغني عن القول أن للتفاح ـ خصوصاً التفاح الشامي ـ رموزاً كثيرة ترمز إلى الحب الحسِّي، غالباً ما تستعمل في شعرنا الشعبي (النبطي، الدارمي ...). وأنا لا أفهم حتى اليوم لم ارتبط الحب العذري الروحاني بأفلاطون وهو صاحب غزل بغلمان اليونان!

    وبقية الغزل الأفلاطوني في المشاركة القادمة! [/align]
    [align=justify]

    ــــــــــــــــــــــــ

    الحواشي:

    [1] "المختارات اليونانية"، Anthologia Graeca، وأحياناً Anthologia Platina نسبة إلى مكتبة هايدلبرغ المسماة بالـ Bibliotheca Platina، حيث عثر على مخطوطة "المختارات" التي تحتوي على أكثر الشعر اليوناني (حوالي 4000 مقطوعة شعرية تكون معا أربعة وعشرين ألف بيت شعر لحوالي ثلاثمائة شاعر من القرن السادس قبل الميلاد وحتى القرن السادس بعده).
    [2] كان قدامى اليونانيين (ومحدثوهم أيضاًَ) يشتهرون بالحب المِثلي ... من ثمة اعتبارهم الرجل أجمل المرأة، وهو ما يبدو جليا من فنونهم التصويرية التي ما كانوا يصورون المرأة فيها عارية إلا نادراً، بعكس الرجل الذي تجد صورته العارية في كل نوع من أنواع فنونهم التصويرية القديمة!
    [3] أفلاطون. الجمهورية (الأصل اليوناني): Plato, Politeia, II, 377-378.
    [4] أفلاطون. الجمهورية (الأصل اليوناني): Plato, Politeia, II, 379-380.
    [5] أفلاطون. الجمهورية (الأصل اليوناني): Plato, Politeia, X, 399.
    [6] أفلاطون. الجمهورية (الأصل اليوناني): Plato, Politeia, X, 595.
    [7] أبو العلاء المعري. اللزوميات، ج. 1 ص. 38-39. وانظر أيضاً مقدمة ديوانه "سقط الزند".
    [8] تعني "إيبيغراماتو" في الأصل "نصا صغيرا"، غالباً ما كان ينقش في الحجر خصوصاً على شواهد القبور، ثم توسعوا في معناه فأصيح يعني كل نص فني صغيرعموماً و"القطعة" الشعرية خصوصاً.
    [/align]
    عبدالرحمن السليمان
    الجمعية الدولية لمترجمي العربية
    www.atinternational.org
  • عبدالرحمن السليمان
    مستشار أدبي
    • 23-05-2007
    • 5434

    #2
    [align=justify]مرثية لحبيب اسمه "ذيون السيراكوسي" (520-445 ق.م.) كان أفلاطون عشقه أثناء سفره إلى صيقيلية! و"هيكابه" هي عقيلة "برياموس" ملك طروادة. وتذكر حواشي "المختارات اليونانية" (Anthologia Graeca) أن هذه المرثية كانت مكتوبة على شاهد قبر ذيون "السيراكوسي":

    [align=center](7)
    منذ أن جئن إلى الحياة،
    وإلهة القدر تذرف الدموع،
    على هيكابه * ونساء طروادة.
    لقد نلتَ إكليل الغار عن جدارة يا ذيون،
    ولكن الآلهة أخذت أحلامك بعيداً،
    وجعلتك ترقد في وطنك الأبدي.
    آه يا ذيون! لقد جعلني حبك كالمجنون!

    **********[/align]

    أفلاطون يتغزل هنا بشاب جميل اسمه "أليكسيس" .. ويشبه التحايل على الحبيب بالوعود مثل التحايل على الكلب بعظيمة ليس فيه لحم يُؤكل! ثم يعزي قلبه بالقول إن ذلك مدعاة لخسارة الحبيب مثلما خسرا (وهو وقلبه) الحبيب فايدروس من قبل:

    [align=center](8)
    قلتُ فقط: "ما أجمل أليكسيس"،
    فأحبه جميع الناس!
    فقلتُ: "أيا قلبي المعذب":
    لم الاحتيال على الكلب بالعظيمة الحقيرة،
    والعذاب فيما بعد؟!
    ألم نخسر ـ يا قلبي ـ فايدروس هكذا؟!

    ********** [/align]

    وعلى الرغم من أن الحكيم يحب الغلمان حباً جماً .. فإنه كان يتعشق امرأة اسمها أَسْتِر "نجمة"، كتب فيها قطعتين صغيرتين، الأولى غزل والثانية رثاء، جانس فيهما (في الأصل) بين اسمها من جهة، وبين كلمة "نجمة/نجوم" من جهة أخرى:

    [align=center](15)
    أيا نجمتي ..
    أنت تنظرين إلى النجوم،
    وأنا أريد أن أكون السماء،
    لأشاهدك بآلاف العيون!

    **********

    (16)
    يا أَسْتِر ..
    كنت نجمة الصباح،
    عندما كنت بين الأحياء.
    واليوم أنت نجمة المساء،
    تشعين بهاء على الأموات! [/align]

    [/align]
    عبدالرحمن السليمان
    الجمعية الدولية لمترجمي العربية
    www.atinternational.org

    تعليق

    • عبدالرحمن السليمان
      مستشار أدبي
      • 23-05-2007
      • 5434

      #3
      [align=justify]يبدو جلياً من المقطوعات 1 و2 و3 و7 و8 أن أفلاطون كان مِثلياً. أما في المقطوعتين 15 و16 فيبدو أيضاً زير نساء! ومن غزله في النساء قوله: [/align]
      [align=center](9)
      أرخِناسا[1]! غانية كولوفون الجميلة،
      هي لي!
      فعلى الرغم من تجاعيد وجهها،
      يحروقني حبي لها!
      أيها المحبون:
      كم شقيتم بحبكم لها،
      عندما كان صبية؟
      أية نار احترقتم بها،
      عندما كانت تمارس؟!

      **********

      (30)
      عندما شاهدتْ كيبريس[2]
      تمثالها في كنيدوس،
      قالت: "يا وَيلي!
      أين رآني براكسيتيليس[3] عارية"؟![/align]

      [align=justify]وفي هذه القطعة يبدو أفلاطون محباً نرجسياً:[/align]
      [align=center](4)
      لايِس اسمي!
      باستعلاء نظرتُ إلى يونان،
      فتزاحم العشاق على بابي ..
      ولأني لا أريد أن أرى نفسي،
      ولا أريد أن أعرف كيف كنت:
      اسألوا أفروديت عني![/align]

      ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

      [align=justify]حواش

      [1] أرخِسانا: غانية جميلة للأكابر وعلية القوم!
      [2] كيبريس: اسم أفروديت الأول (وفيه إشارة إلى أصلها القبرصي).
      [3] اسم نحات نحت تماثيل أفروديت.
      [/align]
      عبدالرحمن السليمان
      الجمعية الدولية لمترجمي العربية
      www.atinternational.org

      تعليق

      • عبدالرحمن السليمان
        مستشار أدبي
        • 23-05-2007
        • 5434

        #4
        [align=center]غزلية أفلاطونية جديدة![/align]

        يقول أفلاطون في غلام حسن بسن:

        أنا العبد المطيع لديونيسوس،
        الإله ذي القرنين الجميلين.
        أرش ماء الحوريات،
        في أواني الفضة.
        أسحر الغلام الجميل ..
        وأنوِّمُه ..
        ثم [...]

        [align=justify]إن هذه القطعة – للأسف الشديد – غير كاملة. لكن القارئ ليس بحاجة إلى فلسفة أفلاطون كي يعلم ماذا يتبع سحر الغلام الحسن وتنويمه! وهذا السحر وهذا التنويم يذكراننا بما رواه ابن منظور صاحب لسان العرب في أخبار أبي نواس*، حيث روى قصة احتيال أبي نواس على ابن صيرفي في بغداد، انتهت بتنويم الغلام وقضاء الأرب منه .. وفيه يقول أبو نواس (ونعتذر عن بعض الألفاظ):[/align]

        [align=center]إذا هجع النيامُ فخلِّ عني *** وعمَّن كان يصلح للدبيبِ[/align]
        [align=center]
        فإني عالم فطن أريب *** ولا يخبرك مثل فتى أريبِ
        ألذُّ النيك ما كان اغتصابا! *** بمنع الحب أو منع الرقيبِ!
        [/align]
        [align=justify]ـــــــــــــ[/align]
        [align=justify]

        * المصدر: ابن منظور الإفريقي، أخبار أبي نواس. ملحق بكتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني. طبعة بيروت، دار الكتب العلمية، بدون تاريخ. المجلد 25، الصفحة 183-185).[/align]
        عبدالرحمن السليمان
        الجمعية الدولية لمترجمي العربية
        www.atinternational.org

        تعليق

        • عبدالرحمن السليمان
          مستشار أدبي
          • 23-05-2007
          • 5434

          #5
          [align=justify]بيت لأفلاطون يمدح فيه الشاعرة السحاقية الشهيرة: سافو التي من جزيرة لزبوس. يقول:

          [align=center]يزعمون أن ثمة تسع موزات*.
          هذا زعم خاطئ،
          لأن سافو اللزبونية**،
          هي العاشرة.[/align]

          ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

          * الـ "مُوزَة" (تعريب اليونانية: Mousa) هي حورية من تسع حوريات تعتبرهن الميثولوجيا اليونانية ملهمات الشعراء والفنانين .. وهن بمثابة الهواتف في الثقافة العربية حيث يزعم أن لكل شاعر هاتفا يوحي إليه.

          ** "لزبوني": صفة لجزيرة "لزبوس" (Lesbos).
          [/align]
          عبدالرحمن السليمان
          الجمعية الدولية لمترجمي العربية
          www.atinternational.org

          تعليق

          • سليمان بكاي
            أديب مترجم
            • 29-07-2012
            • 507

            #6
            شكرا جزيلا أستاذ عبد الرحمن السليمان على تقديمك لنا هذه الومضة عن الأدب الإغريقي، و الأفكار التي كانت تمور فيه.
            لقد شد انتباهي "رمز التفاحة" و ربطته بالمثل المتداول عندنا "الْحَجْرَة من عند الحبيب تفاحة"، و قلت يا ترى من أعار "التفاحة" للآخر؟!
            كما كنت دوما اعتقد أن الحب الأفلاطوني هو ذاك الحب العذري المثالي أو المستحيل.
            شكرا لك مرة أخرى على هذا، و مزيدا من التعريف بالأدب اليوناني و أصنافه و تاريخه ...

            تعليق

            • منير الرقي
              عضو الملتقى
              • 26-07-2010
              • 191

              #7
              لفتة كريمة لطيفة أبدت لنا الوجه المخفي من سيرة أفلاطون الأدبية وها أديب بحاثة ينتقي لنا ببراعة الباحة وجها مدهشا لكاتب ظننا أنه يمقت الشعر والشعراء.

              الأستاذ عبد الرحمن السليمان شكرا على الإفادة الممتعة.

              تعليق

              • منيره الفهري
                مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                • 21-12-2010
                • 9870

                #8
                أما أنا فقد كان هذا بالنسبة لي وليمة حقيقية
                تعلمت منها و مازلت أتعلم و كممم سعدت بهذه الدراسة يا دكتور عبد الرحمن السليمان
                لأني ببساطة اعشق الأدب اليوناني و بالذات الادب الاغريقي و افلاطون الذي دوخ العالم
                و كلنا كنا نعتقد ان الحب الافلاطوني يعني الحب العذري الذي لا علاقة له بالجسد
                فقط الروح هي من تحب و تعشق
                و لكن يا لهول ما اكتشفنا هههههه الحب المثالي يعني حب المثل للمثل
                يا لهؤلاء الاغريق كم هم غريبو الأطوار
                و لم أكن أتصور أبداااا أن السيد أفلاطون له أشعار و بهذه الجرأة
                ما أروع أن تشبع غريزة المعرفة فينا و لو قليلا ...أعترف أنني أتعلم منك يا دكتور
                جزاك الله كل الخير
                شكرااااااااااا
                و اسمح لي أن أنشر الترجمات هذه في مجلة الترجمة


                تعليق

                • منيره الفهري
                  مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                  • 21-12-2010
                  • 9870

                  #9
                  ها قد عدت بعد أن نشرت الترجمات في المجلة

                  و هذا هو الرابط



                  تعليق

                  • عبدالرؤوف النويهى
                    أديب وكاتب
                    • 12-10-2007
                    • 2218

                    #10
                    من المدهش حقاً.. أن أفلاطون وفى كتابه القوانين يتحدث وعلى لسان (الآثينى ،ثالث ثلاثة يدور الحوار بينهم ،كلينياس ،ميجالوس).
                    الآثينى
                    :................................................. .................................................. ....................................
                    ولكن ماذا عن هوى الحب بين الشباب من الجنسين أو حب المرأة أو حب الرجل لواحد من بنى جنسه؟
                    إننا نعرف نتائجه التى لاتروى فى حياة الأشخاص الذاتية وفى كل الجماعات،ولكن أى احتياطيات يجب أن نأخذ بها فى فى مواجهته ؟
                    ومن أين نستبعد ذلك الشىء الخاص فنحمى الجميع بلااستثناء من أخطاره؟
                    هنا ياكلينياس صعوبة فى الحقيقة ،أو الواقع أن كريت ككل ولاسيدومينيا التى أعارتنا مساعدة لها وزنها وقيمتها بالنسبة لقدر كبير من تشريعنا المقترح الذى يعارض الشعور العام ،كلاهما يعتبر ميتا حيالنا فى ذلك الشأن من شؤون الجنس _وأقول ذلك فيما بيننا- وإذا كان علينا أن نتبع هدى الطبيعة وأن نتبنى قانون الأيام القديمة قبل لايوس(
                    تقول الأساطير أنه مخترع الحب الشاذ بين الذكور) أعنى أن نقرر أنه من الخطأ أن يشبع الذكر شهوته مع ذكر شاب كما يشبعها مع أنثى ،ونتخذ شاهداً لنا من الحيوان حيث نشير إلى ان الذكر لايقرب الذكر - على ذلك النحو ، لأن ذلك الفعل غير طبيعى فإن منازعته ستصبح يقيناً منازعة لها أثرها ، ولكن أثرها سيكون تام التباين ،فى ممارسات جماعتك، وفضلاً عن ذلك جداً إذا ،ولنفترض أن تشريعنا سيقرر أن تلك الممارسة شىء ممدوح "ومبرأة من عدم الثقة " فكيف سنعمل على تنمية الخير ؟
                    أتراها تؤدى إلى تنمية الشجاعة فى نفس الطرف السلبى ؟
                    أو تنمية سلوك العفة فى نفس طرفه الآخر ؟
                    من المؤكد أن ذلك أكثر مما يستطيع أن يعتقد فيه عدم رجولة أحد الطرفين ،ذلك الذى يستسلم لشهواته لأنه أضعف من أن يقاومها وأن الطرف الآخر الذى يقوم بدور الأنثى لما فيه من تشابه النموذج الذى يقلده .
                    فأى إمرأة فى الدنيا تستطيع أن تقدم التأييد القانونى للممارسة لنحو مثل ذلك المنحى ؟
                    أقول أنه لايوجد أحد عنده أية فكرة عن ماهو القانون الحق.
                    إنك تسأل كيف أعلل الأمر .سيكون علينا أن نختبر الطبيعة الحقيقية للمحبة ومايتبعها من رغبة ،وما يسمى بالحب،إذا كنا نريد أن نفكر فى ذلك الموضوع تفكيراً صحيحاً"

                    أفلاطون ،القوانين ،الكتاب الثامن ص384 ،385 طبعة الهيئة المصرية للكتاب 1986م ترجمه من اليونانية إلى الإنجليزية ،د. تيلور ونقله إلى العربية محمد حسن ظاظا.

                    ورغم أن أفلاطون وقد أفاض فى القول فى فلسفة التشريع واقتراح تشريعات قانونية لمعظم الجرائم الشائعة فى عصره، إلا أننى لاحظت ومن خلال كتبه المشهورة والمتداولة ، أنه أغمض العين ولم يقترح ثمة عقوبة رادعة عن فعل الممارسة بين المثليين ،رغم ماهو ثابت برفضه لها،وخلت التشريعات العقابية من أى إشارة تنبىء عن ملاحقة من يقترف هذا الفعل .
                    ولذلك فلقد أصاب الدكتور محمد النويهى ،كبد الحقيقة، حين قال :
                    "ولذلك نلاحظ ذيوع الشذوذ فى كثير من الحضارات الإنسانية التى عرفها التاريخ.نلاحظه فى الحضارة المصرية القديمة ،حتى وصل الأمر أن نسب قدماء المصريين الشذوذ إلى آلهتهم ،ومعنى هذا أنهم قدسوه وأعطوه صبغة إلهية . ونلاحظه فى الحضارة الإغريقية ،حتى أن الأغريق لم يسامحوا الشذوذ فحسب بل احترموه وأجلوه فجعلوا حب الرجل للرجل هو الحب المثالى ووضعوه فى مرتبة أرفع من حب الرجل للمرأة وعدوا هذا حباً عادياً لاامتياز فيه،ولذلك يسمى هذا الحب "الحب الإغريقى"greek love".
                    وكان من أعظمهم ارتباطاً به وإجلالاً له فيلسوفهم الكبير أفلاطون كما يتضح بخاصة فى كتابه "حفل الشرابsymposium".

                    نفسية أبى نواس، الطبعة الأولى سنة 1953م ، ص72،مكتبة الخانجى بالقاهرة .
                    التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرؤوف النويهى; الساعة 15-04-2013, 17:17.

                    تعليق

                    • عبدالرحمن السليمان
                      مستشار أدبي
                      • 23-05-2007
                      • 5434

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة سليمان بكاي مشاهدة المشاركة
                      شكرا جزيلا أستاذ عبد الرحمن السليمان على تقديمك لنا هذه الومضة عن الأدب الإغريقي، و الأفكار التي كانت تمور فيه.
                      لقد شد انتباهي "رمز التفاحة" و ربطته بالمثل المتداول عندنا "الْحَجْرَة من عند الحبيب تفاحة"، و قلت يا ترى من أعار "التفاحة" للآخر؟!
                      كما كنت دوما اعتقد أن الحب الأفلاطوني هو ذاك الحب العذري المثالي أو المستحيل.
                      شكرا لك مرة أخرى على هذا، و مزيدا من التعريف بالأدب اليوناني و أصنافه و تاريخه ...
                      هلا وغلا بالأستاذ سليمان بكاي،

                      وشكرا على إضافتك القيمة في رمز التفاحة، فللتفاح (مثله في ذلك مثل الرمان) علاقة بالحب الحسي والعشق في كل الثقافات تقريبا. ومما أذكر من الشعر البدوي في سورية قوله:

                      لا تطخيني بالبارود ***** تفاح شامي هالنهود!

                      والتفاح الشامي أحمر مستدير غني بالماء الحلو بحيث أن التفاحة الواحدة قد تملأ كأسا بالعصير. فالتشبيه واضح الدلالة والقصد عند أفلاطون وعند هذا البدوي الشامي!

                      تحياتي العطرة.
                      التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرحمن السليمان; الساعة 15-04-2013, 19:57.
                      عبدالرحمن السليمان
                      الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                      www.atinternational.org

                      تعليق

                      • عبدالرحمن السليمان
                        مستشار أدبي
                        • 23-05-2007
                        • 5434

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة منير الرقي مشاهدة المشاركة
                        لفتة كريمة لطيفة أبدت لنا الوجه المخفي من سيرة أفلاطون الأدبية وها أديب بحاثة ينتقي لنا ببراعة الباحة وجها مدهشا لكاتب ظننا أنه يمقت الشعر والشعراء.

                        الأستاذ عبد الرحمن السليمان شكرا على الإفادة الممتعة.
                        الأستاذ الفاضل منير الرقي،

                        أهلا وسهلا بك وبمرورك العطر، وشكرا جزيلا على مشاركتك الطيبة.

                        تحياتي العطرة.
                        التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرحمن السليمان; الساعة 15-04-2013, 20:02.
                        عبدالرحمن السليمان
                        الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                        www.atinternational.org

                        تعليق

                        • عبدالرحمن السليمان
                          مستشار أدبي
                          • 23-05-2007
                          • 5434

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة منيره الفهري مشاهدة المشاركة
                          و اسمح لي أن أنشر الترجمات هذه في مجلة الترجمة


                          شكرا على مشاركتك الثرية أستاذتنا الفاضلة منيرة الفهري،

                          وإذن حضرتك معك في نقل كل ما أنشر من مادة ونشرها حيث تريدين.

                          تحياتي العطرة مع دعائي.
                          عبدالرحمن السليمان
                          الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                          www.atinternational.org

                          تعليق

                          • المختار محمد الدرعي
                            مستشار أدبي. نائب رئيس ملتقى الترجمة
                            • 15-04-2011
                            • 4257

                            #14
                            لقد أزحت الستار على رفات إفلاطون لتكشف لنا عن
                            جانب هام من سيرته الذاتية التي كانت مازالت تحجبها ضخامة
                            الهالة التي أحاطه بها الكتاب الدارسين لفكره و أدبه الناصع
                            برأيهم مهملين جانب إمتزاجه بالشذوذ و خروجه عن
                            الأخلاق
                            الأستاذ عبد الرحمن السليمان شكرا
                            على هذه النادرة الكنز تقديري لمجهوداتك المتميزة
                            [youtube]8TY1bD6WxLg[/youtube]
                            الابتسامة كلمة طيبة بغير حروف



                            تعليق

                            • عبدالرحمن السليمان
                              مستشار أدبي
                              • 23-05-2007
                              • 5434

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرؤوف النويهى مشاهدة المشاركة

                              ولكن ماذا عن هوى الحب بين الشباب من الجنسين أو حب المرأة أو حب الرجل لواحد من بنى جنسه؟
                              أستاذي الحبيب وأخي العزيز المحامي عبدالؤوف النويهي،

                              ألف شكر لحضرتك على هذه الإضافة الثرية جدا.

                              يعتبر الحب الأفلاطوني حبا مثاليا لأنه ينطلق من فكرة (الكفاءة) في الحب. وبما أن المرأة في الثقافة اليونانية القديمة ليست كفوا للرجل، فالحب المثالي لا يمكن أن يكون بين رجل وامرأة، بل إنه ـ أي الحب المثالي - لا يكون إلا بين كائنين متكافئين من الناحية الجنسية، أي فقط بين رجل ورجل وامرأة وامرأة (لذلك كان أفلاطون يمدح سافو اللزبونية!).

                              تحيات العطرة مع دعائي لحضرتك على الإضافة القيمة.
                              التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرحمن السليمان; الساعة 17-04-2013, 11:24.
                              عبدالرحمن السليمان
                              الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                              www.atinternational.org

                              تعليق

                              يعمل...
                              X