هالها طول الباب الخشبي الذي امتد عاليا إلى حيث حافة الحائط, لونه داكن مما صعب عليها اكتشافه لولا اللافتة المكتوب عليها بخط واضح, ((ننصحكم بعدم فتح الباب)).
كانت هناك فكرة واحدة فقط تدور في ذهنها ألا و هي أن تصل إلى أكرة الباب التي هي أعلى بكثير من مستوى رأسها و ذلك لفتح الباب العملاق و معرفة ما خلفه. بَحثت حولها فوجدت سُلما خشبيا قديما مَرميا إلى جانب الحائط, حَملته بصعوبة و أسندته على الباب و أخذت بتسلقه, كانت تضع قدمها برفق على كل درجة من درجاته خوفا من تهشم الخشب الذي كان يصدر أصواتا و صريرا. تضع أذنيها على الباب كل حين علها تسمع أي صوت يفضح ما خلفه. اقتربت إلى حيث تريد, و بسرعة مدت يديها لتلامس أكرة الباب, لكن جسمها المائل فقد توازنه فأنهار السلم و كُسِر.
تمساكت و عضت على نواجذها جراء الألم, رفعت جسدها ببطء من الأرض و نفضت التراب من على ملابسها. تفحصت السلم الخشبي الذي تهشم جزء منه. حاولت إصلاحه بما لديها من مسامير و حبال, جرحت يديها عدة مرات, لكنها كانت مصممة للمضي إلى حيث أرادت. ربطت جروح يديها بقماش وعاودت رفع السلم و أسناده على الجدار. هي ترتفع رويدا رويدا من الأرض, بصرها شاخص إلى حيث أكرة الباب. وصلت أخيرا إليها, مسكتها بقوة, صرخت من جروح يديها, لكن لم تفلح في فتح الباب. عليها أن تحاول و تحاول و تتحمل كل وجع, أخيرا شعرت بحركة خفيفة إذ تحركت الأكره المعدنية و الباب أخيرا يفتح و يتراجع. لم تشعر إلا و هي تتهاوى و السلم إلى الفراغ خلف الباب, تعاظم الوجع في جسدها مع صداع في الرأس, قاومت جاذبية الأرض و نهضت, مسحت قطرات الدم و العرق من على جبينها و أخذت باكتشاف ما حجبه الباب. لم يكن هناك إلا غرفة ضيقة و مرايا عتيقة غطت كل الجدران, لم تر إلا انعكاسا باهتا لصورتها بملابسها المعفرة بالتراب و جروحها النازفة. لامست المرايا ثم ضغطت بقوة بكلتا يديها عسى أن تتحرك أحداهن لكن دون جدوى. شعرت بقطعة خشبية تحت قدميها تغطيها بقايا التراب, هي لافتة بكلمات مسحت بعض حروفها, جحظت عيناها و أسقط في يديها و هي تقرأ ما كُتِب:
عذرا, نصحناكم بعدم فتح الباب.
تحياتي - شاكرين السامرائي
19/4/ 2013
تعليق