الشاعر القدير فاروق النمر

تحية طيبة وبعد

سامحك الله وعفا عني وعنك إذ أنزلتني منزلة بالتأكيد لا أستحقها. في النقد الأدبي (غير المدرسي) هناك أراء تقبل الإقناع أو عدم الإقناع، وأرى أن نقد الشاعر القدير عبدالرحيم محمود جاء تعبيرا عما راه نقصا في القصيدة، وقد مثّل وبرر، وحسب أي ناقد أن يفعل ذلك. ولك ولغيرك أن يقتنع بتبريره وأمثلته أو يأخذ بها جميعا أو ببعضها أو يرفضها جملة وتفصيلا. آخرون قد يقدمون قراءاتهم (وانطباعتهم) ويبررون ويمثلون لما يرونه مكامن قوة أو ضعف. بالنسبة لي شخصيا، لم أجد عيبا في أداة الأضراب "بل"، وأراك ك قد أجبته. ولعله يزيد في تبريريه ويسوغ احتجاجه فأستفيد أنا وأنت وآخرون غيرنا.

والاخذ والرد وتبادل القول أمر يقبله الجميع، والحق يبقى لمن يقنع بما يعرضه من مادة. أما باقي استدراكات الأستاذ عبد الرجيم محمود، فقد انصبّت على ما يراه "مغالاة" أو "إيغال" في توصيف الممدوح، أو احتجاجات تقع خارج حيز الشعر كاحتجاجه على قولك


ومثل هذه الاعتراضات يمكن اجاباتها بآراء مختلفة، لكنها ستبقى آراء خارج مجال النقد الأدبي ما لم يتحول النقد إلى مواعظ. المغالاة في الشعر مقبولة، والاحتجاج عليها مباح، لكن المغالاة ليست عيبا شعريا.

القصيدة في موضوعها وعرضها وتفاصيلها تجسد وحدتها، وتسوق من الأدلة ما يقتضي المطلوب في افتتاحيتها "قل"، قل ما تشاء فكل قول منك يفتن. "قل" فلك من الإله ما ليس لغيرك، وأهم ما ليس لغيرك هي "مملكة القلوب" التي تتحين مليكها وتتحين قوله، "قل" فأنت أمير رفاقك واستوطنت قلوبهم، وأنت أهل لإمارة هذه القلوب التي من القرب لك بحيث أنها قلوب الرفاق، ثم إن شيمك وخصائصك تضفي بهاءا على الإمارة وليس العكس. كل هذه المسوغات تقتضي أن تقول، فـ"قل" ما تشاء!

ثم ينتقل إلى دليل آخر، فإن برهن الآخرون بالقول فقط، فبرهانك يأتي عمليا، ولهذه الخصال والشيم لاستدير بوجهي إليك وتصبح قبلتي / كعبتي* ولأشكرنك باستمرار وبالاطلاق (على ماذا؟)؟ على أنه "أنت" لا أكثر ولا أقل، وهذا غاية المدح و منتهاه! هل هناك قيمة أفضل من أن ترى الآخر نفسه غاية القيمة؟ وهذا ما يخرج القصيدة عن أعراف قصيدة المدح المألوفة لتحل في إطار الاخوانيات.

*(كان في أرض الجزيرة 16 كعبة حتى وقت قريب)

هذه قراءتي قد "قـلـ"تها في عجالة، ولغيري أن يبوح بقراءته