برجاء النقد لهذا النص وشكرا لكم [align=justify]
تتعانق في السماء أصوات دوي المدافع وهزيم الرعد ، يهطل المطر مشبعاً بطعم البارود. وبين الفينة والاخري تتعالي صرخات الألم الممزوجة بآهات الانكسار، ومن فناء بيتي القابع فوق الربوة المح حشود الفارين من وطيس المعركة ، منهم من يستطيعون أن يعبروا إلي الناحية الاخري ملتحقين بفلول الناجين من زملائهم ، ومنهم من تخذلهم آلامهم وجراحهم ، يفلتون بصعوبة من بين براثن الموت يجرون ورائهم ازيال الهزيمة ، وجوههم شاحبة ، ضامرة ، وعيونهمزائغةمملوءة بالرعب والارتباك والحيرة، تتبعثر ظلالهم المشوه في كل الاتجاهات. تتبعهم الكلاب الضالة التي تحوم حولهم ، تدنو منهم تارة وتبتعد تارة أخري، بانتظار أن يضعف أحدهم بسبب جراحه أو تعبه أو جوعه لتنقض عليه وتفترسه. القليلون منهم يستطيعون الوصول إلي بيتي . كانوا اثنين هذه المرة رموا بنظراتهم الواهنة من فوق الجدران المنخفضة نحو الفناء الواسع، فوجدوني واقفاً أتطلع إليهم في شفقة ، احدهم قفز من فوق الجدران والأخر دفع الباب بما تبقي له من قوه ودلف إلي الداخل . افترشوا الأرض تحت أشجار الدوم غير مبالين بالطين والماء الاسن، في البداية طلبوا الماء ثم الطعام تمتم احدهم بصوت تطارده حشرجة مكتومة :لم أري الطعام منذ ثلاثة أيام. غط احدهم في النوم وطلب الأخر سيجارة جذب نفساً عميقاً ، تقلصت حدقات عيناه ، رمي الأفق الموحش بنظرة مرتعشة ، غاص في بطن التاريخ قبل ان يخرج بحكمة:هذه حرب بلهاء عبثية لانهاية لها المنتصر فيها اليوم مهزوما غداً ثم نظر إلي قائلاً : أمك قريبتي ... هكذا قال لي أبي . أومأت برأسي علامة الإيجاب وعيوني الشاخصة إليه تستحثه أن يكمل عله يأتيني بجديد خلاف ما تعودت علي سماعه منذ نعومة أظافري ، يستطرد قائلاً أما أبيك فمن الجانب الأخر المنتصر اليوم المهزوم غداً. أقرباء أبيك ينتظروننا حتى نخرج اشعر بدبيب أقدامهم وهم يحومون حول المكان لن يعمدوا إلي قتلنا هنا احتراماً لذكري أبيك ، تماماً كما نفعل نحن معهم احتراماً لذكري امك ، ثم أضاف بصوت متقطع : سأخرج انا في البداية لا توقظ زميلي ألان دعه يأخذ قسطاً من الراحة قبل أن يلقي مصيره المحتوم . يطرق برأسه قليلاً ويقول بصوت خفيض يلفه الحزن : أتعلم ... لدي ثلاثة بنات الأخيرة لم تصافح عيني محياها ولدت وأنا في طريقي إلي هنا ، تدحرجت من عينه دمعة قبل أن يشيح ببصره ويتمتم قائلاً : كأني اشتم رائحة القبر. متكاً علي الامه ينهض بصعوبة شديدة، يقبل رأس صديقه ويشكرني علي ماقدمته لهما ، يعطيني ظهره ويمضي ، لحظات ... ويتناهي الي سمعي صوت رصاصة وارتطام جسده بالأرض . ألان يأتي دوري فكما كان أبي يفعل قبل مماته افعل انا ألان ، القدر جعلنا نقطن هذه الأرض والقدر هو ماجمع أبي وأمي أيضا ، تكمن المشكلة أن كلا من المتحاربين يجزم ان هذه الأرض تابعة له ، تعود أصول أمي إلي احدهم وتعود أصول آبي إلي الأخر ، ومنذ سنوات طويلة تدور رحى المعارك بينهما للسيطرة علي هذه المنطقة ، وتارة تكون الغلبة لهذا وتارة اخري تكون لذاك ، ولان أبي ينتمي إلي احدهم وأمي إلي الأخر ، لم يتعمد أي منهما إيذائنا ، ولكنهم تركوا لنا هذه المهمة الصعبة وهي دفن من يقوم باللجوء إلينا بعد أن يتم قتله بمجرد ان تطأ قدماه ارض الشارع . ككل مرة احمل الجثة وأقوم بدفنها في المقبرة خلف الربوة ، لا أتقيد بشيء ادفنهم إلي جوار بعضهم البعض بلا شواهد أو علامات أو حتى أرقام ،أعود إلي البيت منهك القوي أغفو قليلاً قبل أن انتفض علي ازيز الرصاصة التالية . .[/align]
تتعانق في السماء أصوات دوي المدافع وهزيم الرعد ، يهطل المطر مشبعاً بطعم البارود. وبين الفينة والاخري تتعالي صرخات الألم الممزوجة بآهات الانكسار، ومن فناء بيتي القابع فوق الربوة المح حشود الفارين من وطيس المعركة ، منهم من يستطيعون أن يعبروا إلي الناحية الاخري ملتحقين بفلول الناجين من زملائهم ، ومنهم من تخذلهم آلامهم وجراحهم ، يفلتون بصعوبة من بين براثن الموت يجرون ورائهم ازيال الهزيمة ، وجوههم شاحبة ، ضامرة ، وعيونهمزائغةمملوءة بالرعب والارتباك والحيرة، تتبعثر ظلالهم المشوه في كل الاتجاهات. تتبعهم الكلاب الضالة التي تحوم حولهم ، تدنو منهم تارة وتبتعد تارة أخري، بانتظار أن يضعف أحدهم بسبب جراحه أو تعبه أو جوعه لتنقض عليه وتفترسه. القليلون منهم يستطيعون الوصول إلي بيتي . كانوا اثنين هذه المرة رموا بنظراتهم الواهنة من فوق الجدران المنخفضة نحو الفناء الواسع، فوجدوني واقفاً أتطلع إليهم في شفقة ، احدهم قفز من فوق الجدران والأخر دفع الباب بما تبقي له من قوه ودلف إلي الداخل . افترشوا الأرض تحت أشجار الدوم غير مبالين بالطين والماء الاسن، في البداية طلبوا الماء ثم الطعام تمتم احدهم بصوت تطارده حشرجة مكتومة :لم أري الطعام منذ ثلاثة أيام. غط احدهم في النوم وطلب الأخر سيجارة جذب نفساً عميقاً ، تقلصت حدقات عيناه ، رمي الأفق الموحش بنظرة مرتعشة ، غاص في بطن التاريخ قبل ان يخرج بحكمة:هذه حرب بلهاء عبثية لانهاية لها المنتصر فيها اليوم مهزوما غداً ثم نظر إلي قائلاً : أمك قريبتي ... هكذا قال لي أبي . أومأت برأسي علامة الإيجاب وعيوني الشاخصة إليه تستحثه أن يكمل عله يأتيني بجديد خلاف ما تعودت علي سماعه منذ نعومة أظافري ، يستطرد قائلاً أما أبيك فمن الجانب الأخر المنتصر اليوم المهزوم غداً. أقرباء أبيك ينتظروننا حتى نخرج اشعر بدبيب أقدامهم وهم يحومون حول المكان لن يعمدوا إلي قتلنا هنا احتراماً لذكري أبيك ، تماماً كما نفعل نحن معهم احتراماً لذكري امك ، ثم أضاف بصوت متقطع : سأخرج انا في البداية لا توقظ زميلي ألان دعه يأخذ قسطاً من الراحة قبل أن يلقي مصيره المحتوم . يطرق برأسه قليلاً ويقول بصوت خفيض يلفه الحزن : أتعلم ... لدي ثلاثة بنات الأخيرة لم تصافح عيني محياها ولدت وأنا في طريقي إلي هنا ، تدحرجت من عينه دمعة قبل أن يشيح ببصره ويتمتم قائلاً : كأني اشتم رائحة القبر. متكاً علي الامه ينهض بصعوبة شديدة، يقبل رأس صديقه ويشكرني علي ماقدمته لهما ، يعطيني ظهره ويمضي ، لحظات ... ويتناهي الي سمعي صوت رصاصة وارتطام جسده بالأرض . ألان يأتي دوري فكما كان أبي يفعل قبل مماته افعل انا ألان ، القدر جعلنا نقطن هذه الأرض والقدر هو ماجمع أبي وأمي أيضا ، تكمن المشكلة أن كلا من المتحاربين يجزم ان هذه الأرض تابعة له ، تعود أصول أمي إلي احدهم وتعود أصول آبي إلي الأخر ، ومنذ سنوات طويلة تدور رحى المعارك بينهما للسيطرة علي هذه المنطقة ، وتارة تكون الغلبة لهذا وتارة اخري تكون لذاك ، ولان أبي ينتمي إلي احدهم وأمي إلي الأخر ، لم يتعمد أي منهما إيذائنا ، ولكنهم تركوا لنا هذه المهمة الصعبة وهي دفن من يقوم باللجوء إلينا بعد أن يتم قتله بمجرد ان تطأ قدماه ارض الشارع . ككل مرة احمل الجثة وأقوم بدفنها في المقبرة خلف الربوة ، لا أتقيد بشيء ادفنهم إلي جوار بعضهم البعض بلا شواهد أو علامات أو حتى أرقام ،أعود إلي البيت منهك القوي أغفو قليلاً قبل أن انتفض علي ازيز الرصاصة التالية . .[/align]
تعليق