قصة قصيرة (الهروب الي الموت)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • احمد حمزة طمبل
    أديب وكاتب
    • 26-04-2013
    • 34

    قصة قصيرة (الهروب الي الموت)

    برجاء النقد لهذا النص وشكرا لكم [align=justify]


    تتعانق في السماء أصوات دوي المدافع وهزيم الرعد ، يهطل المطر مشبعاً بطعم البارود. وبين الفينة والاخري تتعالي صرخات الألم الممزوجة بآهات الانكسار، ومن فناء بيتي القابع فوق الربوة المح حشود الفارين من وطيس المعركة ، منهم من يستطيعون أن يعبروا إلي الناحية الاخري ملتحقين بفلول الناجين من زملائهم ، ومنهم من تخذلهم آلامهم وجراحهم ، يفلتون بصعوبة من بين براثن الموت يجرون ورائهم ازيال الهزيمة ، وجوههم شاحبة ، ضامرة ، وعيونهمزائغةمملوءة بالرعب والارتباك والحيرة، تتبعثر ظلالهم المشوه في كل الاتجاهات. تتبعهم الكلاب الضالة التي تحوم حولهم ، تدنو منهم تارة وتبتعد تارة أخري، بانتظار أن يضعف أحدهم بسبب جراحه أو تعبه أو جوعه لتنقض عليه وتفترسه. القليلون منهم يستطيعون الوصول إلي بيتي . كانوا اثنين هذه المرة رموا بنظراتهم الواهنة من فوق الجدران المنخفضة نحو الفناء الواسع، فوجدوني واقفاً أتطلع إليهم في شفقة ، احدهم قفز من فوق الجدران والأخر دفع الباب بما تبقي له من قوه ودلف إلي الداخل . افترشوا الأرض تحت أشجار الدوم غير مبالين بالطين والماء الاسن، في البداية طلبوا الماء ثم الطعام تمتم احدهم بصوت تطارده حشرجة مكتومة :لم أري الطعام منذ ثلاثة أيام. غط احدهم في النوم وطلب الأخر سيجارة جذب نفساً عميقاً ، تقلصت حدقات عيناه ، رمي الأفق الموحش بنظرة مرتعشة ، غاص في بطن التاريخ قبل ان يخرج بحكمة:هذه حرب بلهاء عبثية لانهاية لها المنتصر فيها اليوم مهزوما غداً ثم نظر إلي قائلاً : أمك قريبتي ... هكذا قال لي أبي . أومأت برأسي علامة الإيجاب وعيوني الشاخصة إليه تستحثه أن يكمل عله يأتيني بجديد خلاف ما تعودت علي سماعه منذ نعومة أظافري ، يستطرد قائلاً أما أبيك فمن الجانب الأخر المنتصر اليوم المهزوم غداً. أقرباء أبيك ينتظروننا حتى نخرج اشعر بدبيب أقدامهم وهم يحومون حول المكان لن يعمدوا إلي قتلنا هنا احتراماً لذكري أبيك ، تماماً كما نفعل نحن معهم احتراماً لذكري امك ، ثم أضاف بصوت متقطع : سأخرج انا في البداية لا توقظ زميلي ألان دعه يأخذ قسطاً من الراحة قبل أن يلقي مصيره المحتوم . يطرق برأسه قليلاً ويقول بصوت خفيض يلفه الحزن : أتعلم ... لدي ثلاثة بنات الأخيرة لم تصافح عيني محياها ولدت وأنا في طريقي إلي هنا ، تدحرجت من عينه دمعة قبل أن يشيح ببصره ويتمتم قائلاً : كأني اشتم رائحة القبر. متكاً علي الامه ينهض بصعوبة شديدة، يقبل رأس صديقه ويشكرني علي ماقدمته لهما ، يعطيني ظهره ويمضي ، لحظات ... ويتناهي الي سمعي صوت رصاصة وارتطام جسده بالأرض . ألان يأتي دوري فكما كان أبي يفعل قبل مماته افعل انا ألان ، القدر جعلنا نقطن هذه الأرض والقدر هو ماجمع أبي وأمي أيضا ، تكمن المشكلة أن كلا من المتحاربين يجزم ان هذه الأرض تابعة له ، تعود أصول أمي إلي احدهم وتعود أصول آبي إلي الأخر ، ومنذ سنوات طويلة تدور رحى المعارك بينهما للسيطرة علي هذه المنطقة ، وتارة تكون الغلبة لهذا وتارة اخري تكون لذاك ، ولان أبي ينتمي إلي احدهم وأمي إلي الأخر ، لم يتعمد أي منهما إيذائنا ، ولكنهم تركوا لنا هذه المهمة الصعبة وهي دفن من يقوم باللجوء إلينا بعد أن يتم قتله بمجرد ان تطأ قدماه ارض الشارع . ككل مرة احمل الجثة وأقوم بدفنها في المقبرة خلف الربوة ، لا أتقيد بشيء ادفنهم إلي جوار بعضهم البعض بلا شواهد أو علامات أو حتى أرقام ،أعود إلي البيت منهك القوي أغفو قليلاً قبل أن انتفض علي ازيز الرصاصة التالية . .[/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة احمد حمزة طمبل; الساعة 02-06-2013, 08:41.
  • عبد الرحيم محمود
    عضو الملتقى
    • 19-06-2007
    • 7086

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة احمد حمزة طمبل مشاهدة المشاركة
    برجاء النقد لهذا النص وشكرا لكم [align=justify]


    تتعانق في السماء أصوات دوي المدافع وهزيم الرعد ، يهطل المطر مشبعاً بطعم البارود. وبين الفينة والاخرى تتعالي صرخات الألم الممزوجة بآهات الانكسار، ومن فناء بيتي القابع فوق الربوة المح حشود الفارين من وطيس المعركة ، منهم من يستطيعون أن يعبروا إلي الناحية الاخري ملتحقين بفلول الناجين من زملائهم ، ومنهم من تخذلهم آلامهم وجراحهم ، يفلتون بصعوبة من بين براثن الموت يجرون ورائهم اذيال الهزيمة ، وجوههم شاحبة ، وأجسامهم ضامرة ، وعيونهم زائغة مملوءة بالرعب والارتباك والحيرة ، تتبعثر ظلالهم المشوه في كل الاتجاهات. تتبعهم الكلاب الضالة التي تحوم حولهم ، تدنو منهم تارة وتبتعد تارة أخرى ، بانتظار أن يضعف أحدهم بسبب جراحه أو تعبه أو جوعه لتنقض عليه وتفترسه . القليلون منهم يستطيعون الوصول إلى بيتي . كانوا اثنين هذه المرة رموا بنظراتهم الواهنة من فوق الجدران المنخفضة نحو الفناء الواسع ، فوجدوني واقفاً أتطلع إليهم في شفقة ، أحدهم قفز من فوق الجدار والأخر دفع الباب بما تبقي له من قوه ودلف إلى الداخل . افترشوا الأرض تحت أشجار الدوم غير مبالين بالطين والماء الآسن، في البداية طلبوا الماء ثم الطعام تمتم أحدهم بصوت تطارده حشرجة مكتومة : لم أر الطعام منذ ثلاثة أيام . غط أحدهم في النوم وطلب الآخر سيجارة جذب نفساً عميقاً ، تقلصت حدقات عيناه ، رمي الأفق الموحش بنظرة مرتعشة ، غاص في بطن التاريخ قبل أن يخرج بحكمة:هذه حرب بلهاء عبثية لا نهاية لها المنتصر فيها اليوم مهزوم غداً ثم نظر إلي قائلاً : أمك قريبتي ... هكذا قال لي أبي . أومأت برأسي علامة الإيجاب وعيوني الشاخصة إليه تستحثه أن يكمل عله يأتيني بجديد خلاف ما تعودت علي سماعه منذ نعومة أظافري ، يستطرد قائلاً أما أبوك فمن الجانب الأخر المنتصر اليوم المهزوم غداً. أقرباء أبيك ينتظروننا حتى نخرج أشعر بدبيب أقدامهم وهم يحومون حول المكان لن يعمدوا إلى قتلنا هنا احتراماً لذكري أبيك ، تماماً كما نفعل نحن معهم احتراماً لذكرى أمك ، ثم أضاف بصوت متقطع : سأخرج أنا في البداية لا توقظ زميلي الآن دعه يأخذ قسطاً من الراحة قبل أن يلقي مصيره المحتوم . يطرق برأسه قليلاً ويقول بصوت خفيض يلفه الحزن : أتعلم ... لدي ثلاثة بنات الأخيرة لم تصافح عيني محياها ولدت وأنا في طريقي إلى هنا ، تدحرجت من عينه دمعة قبل أن يشيح ببصره ويتمتم قائلاً : كأني اشتم رائحة القبر. متكئاً علي آلامه ينهض بصعوبة شديدة ، يقبل رأس صديقه ويشكرني علي ما قدمته لهما ، يعطيني ظهره ويمضي ، لحظات ... ويتناهي إلى سمعي صوت رصاصة وارتطام جسده بالأرض . الآن يأتي دوري فكما كان أبي يفعل قبل مماته أفعل أنا الآن ، القدر جعلنا نقطن هذه الأرض والقدر هو ما جمع أبي وأمي أيضا ، تكمن المشكلة أن كلا من المتحاربين يجزم أن هذه الأرض تابعة له ، تعود أصول أمي إلي أحدهم وتعود أصول أبي إلى الآخر ، ومنذ سنوات طويلة تدور رحى المعارك بينهما للسيطرة علي هذه المنطقة ، وتارة تكون الغلبة لهذا وتارة أخرى تكون لذاك ، ولان أبي ينتمي إلي أحدهم وأمي إلى الآخر ، لم يتعمد أي منهما إيذاءنا ، ولكنهم تركوا لنا هذه المهمة الصعبة وهي دفن من يقوم باللجوء إلينا بعد أن يتم قتله بمجرد أن تطأ قدماه أرض الشارع . ككل مرة أحمل الجثة وأقوم بدفنها في المقبرة خلف الربوة ، لا أتقيد بشيء أدفنهم إلي جوار بعضهم بعضا بلا شواهد أو علامات أو حتى أرقام ،أعود إلي البيت منهك القوى أغفو قليلاً قبل أن أنتفض علي أزيز الرصاصة التالية . .[/align]
    قصة توحي بموهبة كبيرة ، وقلم له مستقبل ، بداية أنا صححت النص لغويا ، ولو وازنت بين الاقتباس والنص لوجدت التصحيح ، الفكرة تدور بشكل عام على عبثية الحروب والإنسانية التي تتعرض للاغتصاب المتكرر برصاص الحقد البشري لينتهي كل من الطرفين للتجاور بمقبرة لا تحمل علامة لواحد منهما ، الفكرة إنسانية تستحق الإشادة بها / تحيتي .
    نثرت حروفي بياض الورق
    فذاب فؤادي وفيك احترق
    فأنت الحنان وأنت الأمان
    وأنت السعادة فوق الشفق​

    تعليق

    • غالية ابو ستة
      أديب وكاتب
      • 09-02-2012
      • 5625

      #3

      قصة تقول الكثير
      أمي تنتمى لفئة -وأبي للفئة الأخرى
      والقتل هو الوحيد الناطق بلغة واحدة
      هو الموت المحقق يتبرع به المختلفون لبعضهم
      فالحقيقة دائماً متوارية بين الرؤى المختلفة وكل
      واحد يرى أنه يدافع عن الحق
      لذا فالقانون هو سيد الموقف طالما كل واحد يرى انه على صواب-----
      نبضك جميل وليتك تهتم لما أشار به لك الشاعر
      الأخ عبد الرحيم محمود -------ومن يأتي بعده فنحن نتعلم من بعضنا
      تحياتي واحترامي
      ودمت بكل الخير في درب الابداع والعطاء

      يا ســــائد الطيـــف والألوان تعشــقهُ
      تُلطّف الواقـــــع الموبوء بالسّـــــقمِ

      في روضــــــة الطيف والألوان أيكتهــا
      لـــه اعزفي يا ترانيــــم المنى نـــغمي



      تعليق

      • احمد حمزة طمبل
        أديب وكاتب
        • 26-04-2013
        • 34

        #4
        اشكرك استاذ عبد الرحيم جزيل الشكرك علي كلامك الطيب ونقدك الرائع للنص وهذا شرف عظيم بالنسبة لي بارك الله فيك تشجيعكم له اكبر الاثر علي نفسي وإن شاء الله سوف احاول جاهدا ان اكون عند حسن الظن دمت بالف خير

        تعليق

        • احمد حمزة طمبل
          أديب وكاتب
          • 26-04-2013
          • 34

          #5
          اشكرك اخت غالية بارك الله فيك سعيد جدا بكلامك الطيب دمت بالف خير

          تعليق

          يعمل...
          X