وفى مصر كثيرٌ من المضحكات

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرؤوف النويهى
    أديب وكاتب
    • 12-10-2007
    • 2218

    وفى مصر كثيرٌ من المضحكات

    إلى ..عيون بياتريس
    (1)
    [align=justify]فى مصر المحروسة ،وفى سنة1904م

    استقظيت مصر الرازحة تحت سلطة الإحتلال والهزيمة المدوية للعرابيين والذهول الذى يسربل الوطن من شرقه لغربه ومن شماله لجنوبه ، والإنجليز يمرحون فى طول البلاد وعرضها.
    استقظيت المنكسرة والمحتلة ، على شكوى تقدم بها أحد الأشراف الذين ينتسبون إلى آل البيت النبوى الشريف ، متهماً فيها الشيخ على يوسف بأنه قد غرر بابنته صفية واستغل صغر سنها وجهلها وضغط عليها وتزوجها بدون علمه .
    وإثر تقديم البلاغ بحثت النيابة الموضوع، وقد تبين لها أن ابنة مقدم البلاغ قد بلغت سن الرشد الشرعى ومن حقها شرعا أن تزوج نفسها ،
    كما أن عقد القران تم فى حضور عدد كبير من أهل العروس وأقاربها .
    وانتهت النيابة إلى عدم صحة البلاغ وتم حفظه إداريا أى ليس هناك أدنى شبهة فى الخطف والتغرير والزواج قهراً .

    لكن الشريف لم يرتض هذا القرار ،فأقام دعوى أمام المحكمة الشرعية يطلب فى صحيفة دعواه :
    الحكم له بإبطال الزواج استنادا إلى أن الشريعة تشترط لصحة الزواج وجود تكافؤ بين الزوجين فى الإسلام والنسب والمال والحرفة .واستطرد المدعى أ نه يطعن فىكفاءة الزوج من ناحيتين :النسب والحرفة .
    من ناحيةالنسب: فهو لاينتسب إلى نسب رفيع كنسب المدعى(والد الزوجة ).
    ومن ناحيةالحرفة: فهو أى المدعى عليه (الزوج)يحترف مهنة الجرائد وهى أحقر المهن وعار وشنار عليه ، المدعى عليه (صاحب جريدةالمؤيد )
    ووفقا لإجراءات اللائحة الشرعية المعمول بها آنذاك،تحدد لنظر الدعوى جلسة يوم 25/7/1904 ويرأس المحكمة قاضى شرعى هو الشيخ أبو خطوة.

    وانشغل الرأى العام انشغالاً أنساهم الهزيمة والإحتلال والجوع والخراب ،وانقسموا بين مؤيد ومعارض ،وصارت الجرائد تتقاتل فى إبراز الموضوع فى صدر صفحاتها .
    وتحدثت الأقلام عن الدعوى وظروفها ومدى أحقية المدعى فى دعواه ،ووقف بجانب المدعى عليه (الزوج)المثقفون والمستنيرون والطبقات المتعلمة وبعض السياسيين وانضم الخديو عباس حلمى لهذه الفئة مؤيداً وموافقاً على هذه الزيجة التى تتفق وصحيح الشريعة.
    وعارض الزيجة أصحاب الأموال وملاك الأراضى ، وأرباب الأخلاق الحميدة الذين يؤمنون بالنسب والحسب وهو فوق كل اعتبار ، وهو كل شيىء ، وأن الزوج غير كفؤ لنسبه الوضيع .

    [/align]
    [align=justify]وتصوروا....الأزمة التى شغلت الرأى العام والحكومة والكتاب والمثقفين ، فى البيوت والنوادى والمقاهى والمدارس والكتاتيب ودواوين الحكومة .
    أزمة ما بعدها أزمة وأصبح السؤال المطروح على الساحة الشعبية والقضائية هو :
    هل يحق للرجل العصامى ، العظيم بنفسه لا بنسبه ولاحسبه أن يتزوج بنت الأشراف ذوى الحسب والنسب ?
    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرؤوف النويهى; الساعة 06-06-2013, 12:01.
  • عبدالرؤوف النويهى
    أديب وكاتب
    • 12-10-2007
    • 2218

    #2
    (2)

    [align=justify]الأصل الحقير والفقر القديم والزواج الحرام..ثلاثية الغدر والفتك والعار

    لابد من توقيع أقسى الجزاء على من تسول له نفسه أن يقترب من بنات الحسب والنسب .
    فما بالك إذا أقدم الحقير الفقير على الزواج بابنة الحسب والنسب ،بنت الأشراف الأطهار !
    إذن تقوم القيامة وينقلب العالم رأساً على عقب .
    لابد من إعادة الأمور إلى وضعها الطبيعى ،وينال المخطىء عقاباً رادعاً ساحقاً ماحقاً.
    لابد من إبطال هذه الزيجة المحرمة .
    والقضاء المبرم ماديا ومعنويا ونفسيا واجتماعيا على هذا الفاسد الجرىء.
    الفاسد الفاسق الذى التمس طريق الصواب وحاد عنالرذيلة ،ويشرع فى مصاهرة الأشراف الأطهارالمنَسَبين لأهل البيت النبوى الشريف.


    وانعقدت أولى الجلسات .
    حضرعن الشريف الشيخ الفندىوحضرعن الشيخ على يوسف الأستاذ حسن بك صبرى وعن السيدة صفية الزوجة الشيخ عز العرب .
    وازدحمت القاعة ازدحاماً لم يحدث من قبل ،وتجمع الناس خارج القاعة بالمئات بل الألوف ،والصحف والمجلات فى انتظار المرافعة والقرارات.
    ورأس الجلسة الشيخ أبو خطوة قاضى المحكمة وأصدر حكماً مبدئياً :
    بتسليم السيدة صفية إلى أبيها لمنع المخالطة الزوجية بينها وبين المدعى عليه،ولحين الفصل فى موضوع الدعوى نهائيا .
    وتم تأجيل نظر الدعوى لجلسة أخرى.
    وخشية من تأزم الأمور ،وافق الزوج على الحكم .
    ولكن الزوجة رفضت تنفيذ الحكم وأنها لن تبرح منزل زوجها مهما كانت النتائج.

    لله درك أيتها المرأة الشامخة .
    لله درك أيتها الإنسانة العظيمة .
    لله درك أيتها الزوجة الوفية.

    لكن تدخل الوسطاء لحل المشكلة بل عرض الزوج على زوجته أن تختار منزلاً تقيم فيه ولحين الفصل فى الدعوى ،وخيّرها بين الإنتقال إلى منزل مفتى الديار المصرية الشيخ النووى أو منزل القاضى الشيخ أبوخطوة أو منزل الشيخ الرافعى ، وبعد جهد جهيد وافقت على الإنتقال إلى منزل الشيخ الرافعى،وتنفس الجميع الصعداء.

    ثم آن الآوان لنظر الجلسة الثانية .
    مثل أطراف الدعوى .
    واستفسر قاضى المحكمة الشيخ أبو خطوة بشأن تنفيذ الحكم المبدئى ،وأبلغ بما تم الإنتهاء إليه .
    وثارت ثورة القاضى ثورة عارمة وأضرب عن نظر الدعاوى الأخرى ،وهدد بالإضراب عن نظر الدعاوى وحتى يتم تنفيذ الحكم حسب منطوقه ولو باستعمال القوة الجبرية (قوات الشرطة (البوليس)).


    الزوج لايرى زوجته المقيمة ببيت الشيخ الرافعى ،وحرصاً عليها وخوفاً من قيام البوليس بتنفيذ الحكم قسراً والقبض عليها وتسليمها لأبيها ،أرسل الزوج خطابا لزوجته :

    الساعة العاشرة صباحا 28الجارى منه
    قرينتى المحترمة
    بعثت لفضيلة مولانا الشيخ الرافعى أبدى له الرأى الذى عولت عليه ،وهو أن تذهبى إلى بيت والدك مختارة ،حلاً للإشكال القائم الآن بين الحكومة والمحكمة .
    وإذا كان فضيلة الأستاذ يتكفل بايصالك إلى بيت أبيك وأخذ التعهد اللازم عليه ألا يصيبك مكروه ،فعندك كفالة قوية أرجو أن تعتمدى عليها ،وتنفذى هذا الرأى الذى أراه خير حل موفقلشرفناولمصلحة النظام العام.
    واقبلى فائق الإحترام من زوجك المخلص.
    على يوسف

    وقرأت الزوجة الوفية خطاب زوجها ،وأعلنت الرفض القاطع وأنها لن تبرح بيت الشيخ الرافعى إلا جثة هامدة.
    وليكن ما يكون من النتائج .[/align]

    تعليق

    • عبدالرؤوف النويهى
      أديب وكاتب
      • 12-10-2007
      • 2218

      #3
      (3)
      ونسى المصريون الإحتلال، والمندوب السامى البريطانى وجدها فرصة ثمينة لإلهاء الشعب وشغل باله و بلبلة أفكاره .
      وكانت الصحف المعارضة لصحيفة المؤيد وبدعم من الإحتلال ، تصب اللعنات ليل نهار وتكيل الإتهامات وأقذع الشتائم للشيخ على يوسف ،هذا الحقير الذى فقد عقله وتزوج بابنة الحسب والنسب .
      وتوقفت المحكمة عن نظر الدعاوى ، بعد إضراب القاضى الشرعى الشيخ أبوخطوة.
      حقيقة..شيىء مذهل وغير قابل للتصديق ، لكنه التاريخ المكتوب والموثق.
      وانعقدت الإجتماعات المطولة بديوان وزارة الحقانية (العدل حاليا)تبحث عن حل.
      القاضى مضرب عن ممارسة العمل.
      وخديو مصر فى موقف لايحسد عليه مما أصاب الشيخ على يوسف وهو لايجد حلاً.
      والرأى العام سيطر عليه الذعر والفزع ،أن يقبض على السيدة صفية وتساق مكبلة بالأغلال إلى بيت والدها ،تنفيذاً للحكم .

      ملحوظة هامة جدا جدا جدا .
      ظلت الأحكام الشرعية تصدربمصرمشمولة بالنفاذ ، فى الدعاوى التى يرفعها الزوج ضد زوجته التى تركت مسكن الزوجية إثر مشاجرة أو سوء فهم معه أو مع أسرته ، ويقبض على الزوجة بمعرفة البوليس وتساق مكبلة إلى منزل زوجها !!
      وظل هذا النص القانونى معمولا به حتى سنة 1967، عندما قيض الله عزوجل ولإزاحة ومسح هذا العار التاريخى،رجلاً محترماً شهماً ومتزناً وهو وزير العدل آنذاك وعلى ما أتذكر محمد عصام حسونة إن لم تخنى الذاكرة الخؤون ، الذى ألح فى إصدار قانون ينهى هذا المهزلة والوصمة والعار ، ويحق للزوجة الإعتراض على إنذار الطاعة الذى يرسله الزوج ، وذلك بإجراءات لازال معمولا بها حتى تاريخه ، جزاه الله كل خير.


      والمدهش فى هذه الدعوى الذائعة الصيت،أن الدنيا مقلوبة وتبحث عن حل والزوجين على يوسف وصفية كانا يتبادلان الخطابات الغرامية الملتهبة عن طريق خادمة ،إذ أن اللقاء بينهما محرم وفقا لنص الحكم .
      ولما أثارت الصحف المعارضة أن الزوج يذهب ليلاً إلى بيت الشيخ الرافعى ويختلى بزوجته ويغادره فجراً،على غير الحقيقة،وعرف الشيخ الرافعى حقيقة الرسائل، فثار وأرغى وأزبد وقال للزوجين :
      أنه لايليق بهما أن يفعلا ذلك، لأنه فعل منهى عنه ولايجوز تخطيه!
      حتى الجوابات محرمة?!!
      تواصلت الإجتماعات أياماً وليال واستطاع وزير الحقانية إقناع الشيخ أبو خطوة بمواصلة نظر الدعوى مع بقاء الزوجة ببيت الشيخ الرافعى .
      التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرؤوف النويهى; الساعة 06-06-2013, 20:26.

      تعليق

      • عبدالرؤوف النويهى
        أديب وكاتب
        • 12-10-2007
        • 2218

        #4
        (4)

        إنجلترا وفرنسا ، وتقسيم النفوذ ، الدولتان الإستعماريتان والإتفاق الودى على إطلاق يد إنجلترا فى مصر والمقابل إطلاق يد فرنسا فى مراكش.
        مصر المفروسة المنحوسة مشغولة ومهمومة ومأزومة.
        ما السبيل لإنهاء قضية زواج على يوسف من صفية السادات ?
        اللورد كرومر المندوب السامى البريطانى ، الحاكم الفعلى للبلاد ، يشعلها حرباً ضروساً ضد الوطنيين .
        مصطفى كامل والدعوة إلى الوحدة الوطنية وخطبه الثورية التى يصفها الشيخ محمد عبده بأنها "نوبات صرع "
        والفقر يضرب بأطنابه فى البلد والجوع المتفشى كالمرض العضال ولابرء منه .
        والجهل الراية الخفاقة المرفرفة فى سماء الوطن المحتل .
        والأمل فى حل أزمة موضوع زواج على يوسف من صفية السادات ، كالأمل فى رحيل المستعمر عن تراب الوطن المقدس!
        لكن الإحتلال صار واقعاً لافكاك منه ، أما هذا الزواج فهو ضربة فوق الرأس ،وصدمة تأخذ بالعقول وتفتك بالألباب.
        حالة من الغليان الشعبى الذى أفاق على عنصرية لم تكن فى الحسبان .
        واستعد الشريف السادات سليل الحسب والنسب لخوض معاركته الفاصلة أم المعارك القضائية وكسر أنف الشيخ على يوسف ومرمغته فى الوحل .
        كيف لهذا الوضيع أن يدنس شرف سليلة الحسب والنسب ???
        وأيقن أن كسب معركته تخلص فى إثبات وضاعة الشيخ على يوسف وأيضا حقارة المهنة (بتاع جرايد ).
        وعاد إلى عرين القضاء الشيخ أبوخطوة ، لرئاسة المحكمة ، عاقدا العزم ومنتوياً أمراً.
        وأنعقدت الجلسة ،ومثل أطرافها .
        وأصدر القاضى الشيخ أبو خطوة حكماً، وقبل الفصل فى الموضوع بإحالة الدعوى للتحقيق لكى يثبت المدعى وضاعة المدعى عليه الأول وحقارة عمله وذلك بكافة طرق الإثبات الشرعية ومنها البينة وشهادة الشهود ، وعلى المدعى عليه الأول نفى ذلك .
        وكانت الفرصة سانحة ومواتية لسليل الحسب والنسب.
        واستمعت المحكمة لشهود المدعى الذين حضروا بالعشرات كى يشهدوا شهادة حق وعدل !!
        واتفقوا جميعا على وضاعة المدعى عليه على يوسف وحقارة عمله وأنه فقير ومن أسرة لامجد لها ولامحتد ولا حسب ولانسب .
        بل بلغ بالقاضى، آنذاك، توجيه أسئلة للشهود كالآتى :
        س :هل بيت يوسف له مالبيت السادات من العم ومكارم الأخلاق?
        ج:لا
        س:هل فيه ما في بيت السادات من العز والأبهة ؟
        ج :لا
        س:هل أصول العلم والتقوى فى بيت يوسف قديمة ؟
        ج:لا
        لم تكن محاكمة عادلة ،وإنما إهانة واستخفاف واستعلاء.
        الطامة الكبرى أن أحد الشهود ،دلل على وضاعة وحقارة على يوسف وأنه من أصل وضيع ،وقدرأه يوماً يقف فى إحدى المطابع يصحح ديواناً من الشعر من تأليفه.إذ لايفعل ذلك إلاعديمى الأصل!!
        هكذا الواقع المر والعفن ..العمل فيه وضاعة أما العاطل بالوراثة سليل الحسب والنسب والأبهة والمجد هو الكريم والعظيم والشريف
        بل يسأل القاضى الشيخ أبوخطوة أحد الشهود :

        س: ما هو نسب السادات والد صفية ???
        ج: هو فلان بن فلان بن فلان بن فلان ...حتى يصل إلى محمد بن إدريس الذى كان خليفة على بلاد المغرب منذ قرون .ثم إلى فاطمة الزهراء ابنة النبى (ص)!
        س :لماذا تحفظ هذا النسب الطويل ?
        ج:للتبرك به !
        س: ماهونسب على يوسف ???
        ج:لا أعرف .
        بل لم يكتف السادات بشهوده ،بل أتى بشهود آخرين من قرية الشيخ على يوسف (بلصفورة )فى صعيد مصر ،يؤكدون أن أسرة على يوسف فقيرة ،وأن أباه لا يملك شيئا .

        التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرؤوف النويهى; الساعة 06-06-2013, 20:21.

        تعليق

        • عبدالرؤوف النويهى
          أديب وكاتب
          • 12-10-2007
          • 2218

          #5
          (5)
          شيوع القيم الإجتماعية والتقاليد الرثة والتمسك بها والحرص عليها ،رغم تجاوز الأحداث وتغير الظروف ،يعنى أن المجتمع يعانى إنفصاماً ثقافياً وانحداراً نحو الأسوأ،ولابد من ثورة .
          وأصبح على يوسف وحيداً فى ميدان المعركة القضائية ،تألبت الدنيا عليه وأمسكت بخناقه وحطمت كبريائه .
          ووقف الدفاع عن المدعى يستكمل الإنقضاض الشرس والمميت والمؤلم ويمزق وبقسوة ما تبقى للمدعى عليه على يوسف من بقايا كبرياء وبقايا كرامة وبقايا عزة نفس.
          وقف الشيخ الفندى المحامى عن الشريف السادات يترافع ويقول :
          إن نسب موكله يرجع إلى أكثر من ألف عام !! تؤيد الوثائق وأقوال الشهود هذه الحقيقة الساطعة سطوع الشمس فى كبد النهار ،فى حين أن على يوسف أعجمى !ليس له نسب معروف فى الإسلام إلا يوسف فقط ..أى أبوه !!!!!وأنه نشأ فى قرية حقيرة جداً جداً تدعى بلصفورة كل أهلها أعاجم !!!!!
          وفجأة تملك الشطط الشيخ الفندى ...فقال إن القاعدة أن سكان مصر كلهم أعاجم ما عدا بعض الأسر القليلة جدا ،والمعروفة النسب مثل الوفائية والسادات والبكرى!!!
          ثم تطرق واسترسل فى دفاعه وقال ما هى حرفة على يوسف ? فلننظر أولا إلى الشريف السادات المحترم الذى يعيش فى أملاك واسعة تركها له أباؤه الأماجد الأطهار الأشراف .
          أما على يوسف الذى يضطر يعمل ويسعى لكسب رزقه!ويمتهن مهنة حقيرة هى الصحافة !
          وحرفة الصحافة فى ذاتها دنيئة ويحرمها الدين الإسلامى لأنها تقوم على الجاسوسية والاشاعة وكشف الأسرار ،وهذا منهى عنه شرعا ً

          واستعد حسن بك صبرى المحامى للدفاع عن على يوسف ،ونهض ليرد الهجوم السافر ويفند أقوال الدفاع ويؤكد أن شرف الإنسان وحسبه ونسبه فى سعيه للرزق وليس كونه من أرباب الأطيان وملاك العقارات فالعمل شرف للإنسان وتاكيداً لذاته .
          وأبناء الوطن المجروح والمحتل ينتظرون وبفارغ الصبر النهاية لهذه المأساة والمتوقع من حكم القاضى .
          تحكى الوثائق أنه وأثناء تداول الدعوى بالجلسات ،أن الشيخ أبوخطوة طيب الله ثراه ولحرصه الشديد على تنفيذ حكمه المبدئى وما تتداوله الصحف من أكاذيب وافتراءات ،أرسل خطاباً إلى الشيخ الرافعى التى تقيم السيدة صفية ببيته ،يقول فيه :
          (......أن الحيلولة الشرعية تتحقق بمنع المخالطة الجسدية والكتابية وغيرها ......ولكن ما أشيع على الألسنة من أن الشيخ على يوسف يترددإلى منزلكم كل ليلة سحراً ويذهب صباحاً ومن وجود طباخ يطبخ فى بيتكم على نفقته ومن تكرار حضور الملبوسات من بيته وعودها وأمثال ذلك ممايوجب الأسف )
          قرأالشيخ الرسالة وثارت ثورته وأن هذه الرسالة هى إهانة ،ولم يجد حلاً سوى طلبه من مفتى الديار المصرية الشيخ النووى أن يتسلم السيدة صفية .
          وبما لدى مفتى الديار المصرية من حظوة ومكانة لدى الشيخ الرافعى واسترضاء الشيخ النووى له ، عدل عن طلبه .


          وأصبحت الدعوى جاهزة للنطق بالحكم وحجزها القاضى لمدة أسبوعين لكتابة الأسباب والحيثيات .

          خمسة عشر يوما والأنفاس تترقب الحكم ،والخديو يأمل أن يكون الحكم لصالح على يوسف ،بل تردد آنذاك أن بعض الجهات تضغط على القاضى الشيخ أبوخطوة ليكون الحكم لصالح الشيخ على يوسف .

          خمسة عشر يوماً وتنتهى أم المعارك القضائية .

          واختفى الشيخ أبوخطوة ولم يظهر إلا ومعه أسباب وحيثيات الحكم .
          وانعقدت الجلسة وسط إنتظار وتكهنات وترقب طويل .
          واعتلى القاضى منصة القضاء ،وحبست الأنفاس .
          وصدر الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بفسخ عقد الزواج والتفريق بين الزوجين على يوسف وصفية السادات وأمرت بمنع المدعى عليه بالتعرض لها .
          الصاعقة أصابت الجميع وأحرقت ما تبقى لدى على يوسف من كرامة وعزة نفس .
          لكنه لم يستسلم فطعن على الحكم بالإستئناف آملا أن يتم إلغاء الحكم.
          الشريف السادات كسب معركة أم المعارك وأقيمت السرداقات لتلقى التهانى وتوزيع الهدايا .
          ونظرت الدعوى أمام محكمة الإستئناف الشرعية.
          وحجزت الدعوى للحكم.
          وصدر الحكم مؤيداً لحكم محكمة أول درجة .
          وتم تسليم السيدة صفية لأبيها .
          وحزن على يوسف حزناً شديداً.


          وطويت صفحة مظلمة من تاريخنا القضائى .

          ملحوظة هامة :
          قرأتُ هذه القضية فى العديد من الكتب ،وبحرقة الإنسان الطعين فى كرامته ،كان لى بعض السطور القاسية والمتهكمة والساخرة أثناء كتابتها ..
          التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرؤوف النويهى; الساعة 06-06-2013, 20:03.

          تعليق

          • منار يوسف
            مستشار الساخر
            همس الأمواج
            • 03-12-2010
            • 4240

            #6
            قرأت أيضا عن هذه القضية لا أتذكر في أي كتاب
            لكن بدون هذه التفاصيل و هذه الروعة في الكتابة حتى شعرت كأني أقرأها لأول مرة
            أستاذنا القدير عبد الرؤوف
            أسلوب مشوّق ساخر سلس متمكن و قلم يملك ناصية حرفه

            للأسف العنصرية و العنجهية موجودة عند المصريين منذ مئات السنين
            عاطل ذا حسب و نسب أفضل عند الأسر من عامل يكد و يتعب و يكسب من عرقه
            تافه من أسرة عريقة أفضل من مثقف لا أصل له و لا نسب
            هذا هو الحال عندنا و لم يتغير مع الأسف
            و الغريب أن هذا الحدث العائلي يشغل المجتمع المصري عن أحداث جسيمة من احتلال و مظاهرات
            و هذه أيضا آفة أخرى تعاني منها مجتماعاتنا
            فالفضائح الشخصية لها الصدارة و الأهمية عن مشاكل السياسة و الإقتصاد ..........
            حقا مفارقات تستحق السخرية
            أشكرك جزيلا على هذا الموضوع الأكثر من رائع
            و لأول مرة أعلم أنهم كانوا يقبضون على الزوجة لتنفيذ حكم الطاعة
            الحمد لله أنه تم تعديل القانون ليكون في مقدور الزوجة أن تعترض
            للمرأة حقوق أعطاها لها الإسلام و ليست متاع
            شكرا لك أستاذنا
            في انتظار روائعك دائما

            تعليق

            • منيره الفهري
              مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
              • 21-12-2010
              • 9870

              #7
              نستمتع دائما بما نقرأ لك أستاذنا القدير
              عبد الرؤوف النويهي
              و باسلوبك الشيق الماتع و نستفيد بالفعل
              تقديري و احترامي الكبير سيدي الجليل

              تعليق

              يعمل...
              X