براءة من البريئة مريم
د. حامد العطية
من دلك علي يا مريم؟
أنا الهارب من رسائلكم إلى أقاصي الأرض،
لا الصمم اسكت أصواتكم،
ولا يسأم بصري الكليل من استحضار أشباحكم،
وحتى الخرف لئيم، لو حل سيستثني ذكركم.
تعلمت أن الهروب ليس بقطع المسافات،
ولا بعدد البحار الفاصلة،
فأنتم قريبون،
ولو كنت على كوكب آخر،
وحاضرون على أي حال،
وإن كان بالأشلاء، أو الدماء،
أو حتى بقع سوداء، على قارعة طريق، عجزت عن غسلها كل خراطيم المياه.
مضت كل هذي السنين،
تراكم في نفسي أحزانها،
وتجتثت منها النزر من افراحها،
حتى بلغ القلب أرذل عمره،
فلا الفجيعة سرعت من نبضاته،
ولا لامست صورتك منه الشغاف.
أنا كنت مثلك يوماً طفلاً بريئاً،
عيناي مثل عينيك، تضجان بالأسئلة،
تتجاوز أبعاد المكان،
وتقفز فوق الزمان، نحو الأفق الأبعد،
تأففوا منها، لئلا تفضح خيباتهم،
وتكشف عن أحلامهم المجهضة.
وهذا رداؤك الأحمر،
وكنت أظنهم حرموه،
أو منعوا استيراده،
فهو يشحذ شر الحاسدين،
ويغيظ أهل السواد، بلد الحداد اللامنتهي.
يا مريم ما لك والابتسام،
والضحك عندنا أندر،
وإن كان للملك النعمان يوم شؤم فكل أيامنا أكدر،
وكل ساع إلى رزقه مفقود،
ولا الخانس في داره يسلم.
عجيب أمركم،
وكل أحيائكم نكرات،
وحده الموت يعرف أسماءكم.
نتصنع البراءة، نحن المسالمون،
وليس منا من أفتى بحي على القتل،
لكن أرواحكم تزورني كل ليل،
ترقد ما بين الجفون،
بانتظار آخر صمتي.
سأكسره لأقول: كلنا مذنبون،
وفي الخطيئة نغرق،
وليس لدينا لك يا مريم
أنت البريئة أفضل
من البراءة منك.
( مريم علي طفلة عراقية من ضحايا الإرهاب)
18 حزيران 2013م
د. حامد العطية
من دلك علي يا مريم؟
أنا الهارب من رسائلكم إلى أقاصي الأرض،
لا الصمم اسكت أصواتكم،
ولا يسأم بصري الكليل من استحضار أشباحكم،
وحتى الخرف لئيم، لو حل سيستثني ذكركم.
تعلمت أن الهروب ليس بقطع المسافات،
ولا بعدد البحار الفاصلة،
فأنتم قريبون،
ولو كنت على كوكب آخر،
وحاضرون على أي حال،
وإن كان بالأشلاء، أو الدماء،
أو حتى بقع سوداء، على قارعة طريق، عجزت عن غسلها كل خراطيم المياه.
مضت كل هذي السنين،
تراكم في نفسي أحزانها،
وتجتثت منها النزر من افراحها،
حتى بلغ القلب أرذل عمره،
فلا الفجيعة سرعت من نبضاته،
ولا لامست صورتك منه الشغاف.
أنا كنت مثلك يوماً طفلاً بريئاً،
عيناي مثل عينيك، تضجان بالأسئلة،
تتجاوز أبعاد المكان،
وتقفز فوق الزمان، نحو الأفق الأبعد،
تأففوا منها، لئلا تفضح خيباتهم،
وتكشف عن أحلامهم المجهضة.
وهذا رداؤك الأحمر،
وكنت أظنهم حرموه،
أو منعوا استيراده،
فهو يشحذ شر الحاسدين،
ويغيظ أهل السواد، بلد الحداد اللامنتهي.
يا مريم ما لك والابتسام،
والضحك عندنا أندر،
وإن كان للملك النعمان يوم شؤم فكل أيامنا أكدر،
وكل ساع إلى رزقه مفقود،
ولا الخانس في داره يسلم.
عجيب أمركم،
وكل أحيائكم نكرات،
وحده الموت يعرف أسماءكم.
نتصنع البراءة، نحن المسالمون،
وليس منا من أفتى بحي على القتل،
لكن أرواحكم تزورني كل ليل،
ترقد ما بين الجفون،
بانتظار آخر صمتي.
سأكسره لأقول: كلنا مذنبون،
وفي الخطيئة نغرق،
وليس لدينا لك يا مريم
أنت البريئة أفضل
من البراءة منك.
( مريم علي طفلة عراقية من ضحايا الإرهاب)
18 حزيران 2013م
تعليق