تدعى سامية..امرأة فاتنة، ذات جسد جذاب لا يقاوم. امرأة غريبة وغير عادية، اخترقت حياتي دفعة واحدة..فعشت معها تجارب غريبة، ولحظات أسطورية. التقيتها صدفة في إحدى الليالي الخريفية، بإحدى شوارع المدينة..فكانت نظرة، فابتسامة، ودار حديث مشوّق بيننا. أخذني جمالها الخرافي إلى عوالم بعيدة..عوالم لاتخضع لمقاييس الزمان والمكان. نظرة منها كانت كافية لتجعلني أؤمن بأن المعجزات ، ما تزال قائمة في هذا الوجود البئيس و الجاف. كان لدي إحساس قوي، أنني أعرف هذه المرأة منذ زمن بعيد. قبل أن تودعني، همست قائلة:
-حياتي رهينة بمدى مساعدتي لك..
ثم ألحّت على أن أتصل بها في أقرب وقت. سلّمتني عنوانها، ورقم هاتفها ،ثم اختفت على حين غفلة.
مرّ أسبوع عن لقائي بتلك المرأة الغريبة الأطوار. لم أستطع أن أنسى ابتسامتها الغامضة ..ابتسامة زعزعت وجودي وكياني..ابتسامة تنطق بسرّ من أسرار هذا الوجود اللامتناهي. حاولت أن أنساها، وأنسى ذاك اللقاء الغريب معها. لكن إحساسا مغريا- أقوى مني- كان يذكرني بها..فتطفو صورتها على مخيلتي، وتسيطر على كل وجودي.
انتصرت على كبريائي، فضربت معها موعدا. كان اللقاء الثاني والثالث، وتوالت اللقاءات . في كل مرّة، كنت أقضي معها لحظات شيّقة، ومثيرة..كنت أكتشف في حضورها حقائق مذهلة عن ذاتي ووجودي .. في أحايين كثيرة كنت لاأصدّق نفسي، وغالبا ما كنت أتساءل في سريرتي: هل أنا في حلم أم حقيقة؟
مع مرور الوقت، صارت تحبّني حدّ الجنون، وفي نفس الآن تكرهني حدّ القتل.أما أنا فقد تعلّقت بها، تعلّق الرضيع بأمه، وتعلّق الطفل بلعبته ..ذبت في شخصيتها.. فأصبحت أؤمن بكل شىء، وأكفر بكل شىء في هذا العالم الغريب،و العصي عن الفهم.
من بين التجارب الغريبة، التي عشتها مع سامية..أنها طلبت مني-ذات صباح- الدخول إلى إحدى غرفها المتواجدة بالطابق السفلي لمنزلها، سلّمتني خنجرا معقوفا، ثم قالت واثقة وهي تغلق باب الغرفة:
-أنها معركتك المصيرية..فإما الموت وإما الحياة..لاخيار ثالث بينهما، ثم نظرت إليّ نظرة حازمة، و أضافت:
-أنا لا أقبل بالجبناء، والمنهزمين في حياتي..
تسمّرت في مكاني. أصابتني الدهشة.. وخاطبت نفسي:
- من تظن نفسها هذه المرأة الغريبة ؟ هل تسخر مني؟ من يدري، ربما تكون امرأة مجنونة!! أو ربما تخطّط لشىء ما ليس في صالحي.
في نهاية المطاف، استسلمت لقضائي وقدري، فقرّرت أن أعيش التجربة، مهما تكون العاقبة..ومهما تكون النتيجة.
كانت الغرفة مظلمة، تفوح منها روائح غريبة..كنت لا أرى شيئا على الإطلاق. بدأت ألوّح بالخنجر يمنة ويسرة، كشخص أصابه مسّ من الجنون، وأنا أصرخ ملء حنجرتي:
-اخرج أيها اللعين..إني أكرهك..اخرج أيها القذر، لامكان لك معي.. إني تعبت منك، ومن ثقلك الذي لا يحتمل.
وجهت- بكل ما أوتيت من قوّة- ضربة إلى ذلك العدو، فسقط صريعا، يترنّح أمامي من شدّة الألم. كنت أسمع أنينه.. كنت أشعر بدمه الفائر، المتدفّق وهو يجري تحت قدمي.
لم أدر كم من الوقت مرّ عليّ في تلك الغرفة المظلمة.ثم وجدت نفسي ممدّدا على سرير ناعم، داخل غرفة جدرانها ناصعة البياض..وعلى طرف السرير تجلس سامية، وهي تنظر إلي بابتسامة مشرقة، شروق الشمس في يوم جميل. تلك اللحظة المؤثرة غمرني شعور لايوصف..شعور لم أعرفه من قبل..وتملّكتني رغبة جارفة في البكاء.. في الصراخ..في الضحك.
توالت لقاءاتي مع سامية. و بمرور الأيام، صار من المستحيل أن أعيش ولو لحظة من دون حضورها، وتواجدها.
من بين التجارب الغريبة التي عشتها مع سامية، قبل أن تختفي من حياتي، أنها ضربت معي موعدا
بشاطىء المدينة، قبل غروب الشمس. لبّيت طلبها، وحضرت في الموعد المحدّد. لم أنتبه لتلك اللحظة الساحرة..لحظة غروب الشمس في ذلك اليوم الربيعي الدافىء. بدأت أنتظر قدومها، متسمّرا في مكاني، كعمود خشبي.
بعد فترة، ظهرت فجأة.. خاطبتني بلهجة شديدة:
-ألم تستفد من كل التجارب التي عشتها معي؟ ثم توقفّت لحظة. ألقت نظرة خاطفة على ساعتها
اليدوية، و نظرت إلى الأفق، وأضافت بنبرة غاضبة:
- أعتقد أنني ساعدتك بما فيه الكفاية. أرجوك، حاول أن تساعدني..حان دورك الآن ..لا تتخلّ عني. بدونك، سيكون مصيري الموت المحتوم..وستكون نهايتي مأساوية.
فهمت قصد سامية، فأزلت حذائي ، وطويت أسفل سروالي..ثم بدأت أمشي بهدوء على رمال الشاطىء الناعمة. أخدت بيدي قائلة:
-ركّز على اللحظة التي أنت فيها..دعها تهيمن على تفكيرك..دع جسدك يتحرك بتناغم مع أصوات الأمواج.
مع مرور الوقت، بدأت أشعر أن جسدي خف وزنه..أصبحت أشعر كأنه تحرّر من قيود حديدية كانت تكبّله ..وصلت إلى حالة من التوحّد مع ذاتي. أصبحت أشعر بحالة من الاسترخاء والصفاء الذهني، والانتعاش واللذة.
عدت إلى وعيي. وجدت نفسي وحيدا، ممدّدا على الرمال، والأمواج تلطم قدماي، كأنها تريد أن توقظني من غفوتي..من غفلتي.
في اليوم الموالي، استيقظت في ساعة مبكرة. كنت أشعر بإحساس غريب لم أعرفه من قبل في حياتي..إحساس مفعم بالانتصار، والنشوة.
تذكرت سامية.. حاولت الاتصال بها. لكني، أدركت أنني لن أستطيع ..فهي تنعم الآن بالحياة في عالمها الخاص..عالم الأحلام.
حسن لختام. المغرب2006
-حياتي رهينة بمدى مساعدتي لك..
ثم ألحّت على أن أتصل بها في أقرب وقت. سلّمتني عنوانها، ورقم هاتفها ،ثم اختفت على حين غفلة.
مرّ أسبوع عن لقائي بتلك المرأة الغريبة الأطوار. لم أستطع أن أنسى ابتسامتها الغامضة ..ابتسامة زعزعت وجودي وكياني..ابتسامة تنطق بسرّ من أسرار هذا الوجود اللامتناهي. حاولت أن أنساها، وأنسى ذاك اللقاء الغريب معها. لكن إحساسا مغريا- أقوى مني- كان يذكرني بها..فتطفو صورتها على مخيلتي، وتسيطر على كل وجودي.
انتصرت على كبريائي، فضربت معها موعدا. كان اللقاء الثاني والثالث، وتوالت اللقاءات . في كل مرّة، كنت أقضي معها لحظات شيّقة، ومثيرة..كنت أكتشف في حضورها حقائق مذهلة عن ذاتي ووجودي .. في أحايين كثيرة كنت لاأصدّق نفسي، وغالبا ما كنت أتساءل في سريرتي: هل أنا في حلم أم حقيقة؟
مع مرور الوقت، صارت تحبّني حدّ الجنون، وفي نفس الآن تكرهني حدّ القتل.أما أنا فقد تعلّقت بها، تعلّق الرضيع بأمه، وتعلّق الطفل بلعبته ..ذبت في شخصيتها.. فأصبحت أؤمن بكل شىء، وأكفر بكل شىء في هذا العالم الغريب،و العصي عن الفهم.
من بين التجارب الغريبة، التي عشتها مع سامية..أنها طلبت مني-ذات صباح- الدخول إلى إحدى غرفها المتواجدة بالطابق السفلي لمنزلها، سلّمتني خنجرا معقوفا، ثم قالت واثقة وهي تغلق باب الغرفة:
-أنها معركتك المصيرية..فإما الموت وإما الحياة..لاخيار ثالث بينهما، ثم نظرت إليّ نظرة حازمة، و أضافت:
-أنا لا أقبل بالجبناء، والمنهزمين في حياتي..
تسمّرت في مكاني. أصابتني الدهشة.. وخاطبت نفسي:
- من تظن نفسها هذه المرأة الغريبة ؟ هل تسخر مني؟ من يدري، ربما تكون امرأة مجنونة!! أو ربما تخطّط لشىء ما ليس في صالحي.
في نهاية المطاف، استسلمت لقضائي وقدري، فقرّرت أن أعيش التجربة، مهما تكون العاقبة..ومهما تكون النتيجة.
كانت الغرفة مظلمة، تفوح منها روائح غريبة..كنت لا أرى شيئا على الإطلاق. بدأت ألوّح بالخنجر يمنة ويسرة، كشخص أصابه مسّ من الجنون، وأنا أصرخ ملء حنجرتي:
-اخرج أيها اللعين..إني أكرهك..اخرج أيها القذر، لامكان لك معي.. إني تعبت منك، ومن ثقلك الذي لا يحتمل.
وجهت- بكل ما أوتيت من قوّة- ضربة إلى ذلك العدو، فسقط صريعا، يترنّح أمامي من شدّة الألم. كنت أسمع أنينه.. كنت أشعر بدمه الفائر، المتدفّق وهو يجري تحت قدمي.
لم أدر كم من الوقت مرّ عليّ في تلك الغرفة المظلمة.ثم وجدت نفسي ممدّدا على سرير ناعم، داخل غرفة جدرانها ناصعة البياض..وعلى طرف السرير تجلس سامية، وهي تنظر إلي بابتسامة مشرقة، شروق الشمس في يوم جميل. تلك اللحظة المؤثرة غمرني شعور لايوصف..شعور لم أعرفه من قبل..وتملّكتني رغبة جارفة في البكاء.. في الصراخ..في الضحك.
توالت لقاءاتي مع سامية. و بمرور الأيام، صار من المستحيل أن أعيش ولو لحظة من دون حضورها، وتواجدها.
من بين التجارب الغريبة التي عشتها مع سامية، قبل أن تختفي من حياتي، أنها ضربت معي موعدا
بشاطىء المدينة، قبل غروب الشمس. لبّيت طلبها، وحضرت في الموعد المحدّد. لم أنتبه لتلك اللحظة الساحرة..لحظة غروب الشمس في ذلك اليوم الربيعي الدافىء. بدأت أنتظر قدومها، متسمّرا في مكاني، كعمود خشبي.
بعد فترة، ظهرت فجأة.. خاطبتني بلهجة شديدة:
-ألم تستفد من كل التجارب التي عشتها معي؟ ثم توقفّت لحظة. ألقت نظرة خاطفة على ساعتها
اليدوية، و نظرت إلى الأفق، وأضافت بنبرة غاضبة:
- أعتقد أنني ساعدتك بما فيه الكفاية. أرجوك، حاول أن تساعدني..حان دورك الآن ..لا تتخلّ عني. بدونك، سيكون مصيري الموت المحتوم..وستكون نهايتي مأساوية.
فهمت قصد سامية، فأزلت حذائي ، وطويت أسفل سروالي..ثم بدأت أمشي بهدوء على رمال الشاطىء الناعمة. أخدت بيدي قائلة:
-ركّز على اللحظة التي أنت فيها..دعها تهيمن على تفكيرك..دع جسدك يتحرك بتناغم مع أصوات الأمواج.
مع مرور الوقت، بدأت أشعر أن جسدي خف وزنه..أصبحت أشعر كأنه تحرّر من قيود حديدية كانت تكبّله ..وصلت إلى حالة من التوحّد مع ذاتي. أصبحت أشعر بحالة من الاسترخاء والصفاء الذهني، والانتعاش واللذة.
عدت إلى وعيي. وجدت نفسي وحيدا، ممدّدا على الرمال، والأمواج تلطم قدماي، كأنها تريد أن توقظني من غفوتي..من غفلتي.
في اليوم الموالي، استيقظت في ساعة مبكرة. كنت أشعر بإحساس غريب لم أعرفه من قبل في حياتي..إحساس مفعم بالانتصار، والنشوة.
تذكرت سامية.. حاولت الاتصال بها. لكني، أدركت أنني لن أستطيع ..فهي تنعم الآن بالحياة في عالمها الخاص..عالم الأحلام.
حسن لختام. المغرب2006
تعليق