(1)
لأَنَّني أُحِبُّهُ
وَجَّبْتُهُ... كَرَّمْتُهُ
دَعَوْتُهُ لِحَفْلَةٍ نِداؤُها: شِدُّوا الرِّحالْ
شِعارُها: القدسُ قِبْلَةُ القُلوبِ
تَجْمَعُ الصَّليبَ والهِلالْ
فَجالَ نَظْرَةً إلى اليَمينِ
نَظْرَةً إلى الشِّمالْ
أَطالَ نَظْرَةً إلى الجَنوبِ
نَظْرَةً إلى الشَّمالْ
كَأَنَّهُ في حَلْبَةِ النِّزالْ
وجال في ظُنونِهِ، وجالْ
أَطالَ ثُمَّ قالْ: أَخْشَى العَسَسْ
أَخْشَى على العِيالْ
أَجَبْتُهُ: مَنْ يَقْرَعُ الجَرَسْ؟
مَنْ يَهْمِزُ الفَرَسْ؟
أَجَبْتُهُ: مَنْ يَطْرُدُ النَّجَسْ؟
***
(2)
لأَنَّني أُعِزُّهُ
دَلَّلْتُهُ ... كَبَّرْتُهُ
دَعَوْتُهُ لِنَدْوَةٍ عن ابْتِهالاتِ الوطَنْ
فقالَ: والخَوَنْ؟
وعَثْرَة الزَّمَنْ؟
أَخْشَى على الوَظيفَةْ !!
على الأثاثِ والجُدْرانِ والسَّتائِرِ الشَّفيفَةِ المُنيفَةْ
أَخْشَى على القَطيفَةْ
مُهِمَّتي... أَنْ أَقْتَفي الأَثَرْ
كالقِطَّةِ الأَليفَةْ !!
الكُلُّ هَمُّهُ هُنا أَنْ يُبْعِدَ الضَّرَرْ !!
أَنْ يَقْتَني رَغيفَهْ !!
أَجَبْتُهُ:
إِذًا، مَنْ يُشْعِلُ السُّنَنْ؟
مَنْ يَقْبِضُ الرَّسَنْ؟
أَجَبْتُهُ: مَنْ يَطْرُدُ المَخاوِفَ السَّخيفَةْ؟
***
(3)
لأَنَّني أُجِلُّهُ
بَجَّلْتُهُ... عَظَّمْتُهُ
دَعَوْتُهُ لِمَهْرَجانٍ ساطِعٍ ليومِ الأَرْضِ
يومِ الوَمْضِ
يومِ الرَّفْضِ
يومِ نُصْرَةِ الشَّهيدِ والأسيرْ
الشِعْرُ في رِحابِهِ
مُغَمَّسٌ بِآهَةِ النِّضالْ
فَغارَ في مَقْعَدِهِ الوَثيرْ!
يُقَلِّبُ الأُمور!
فُجْأَةً...
منْ خَوْفِهِ على الحديثِ بالْ
ولاصَ حاصَ
حاصَ لاصَ
غاصَ في غياهِبِ التَّبْريرِ ...
يَنْشُدُ الخَلاصَ
شالَ غَمَّهُ وهَمَّهُ، ومالَ، ثُمَّ مالْ!!
تَمَلْمَلَتْ ثِيابُهُ
أَعَدَّ نَفْسَهُ
ورَفَّ حاجِبَيْهِ...
موحِياً بِرَعْدَةِ السُّؤالْ
مُشَرِّقاً... مُغَرِّباً
مُحَسِّباً ...
مُهَرِّباً وَسْواسَهُ
مُعَلِّباً أَنْفاسَهُ
مُقَطِّباً إِحْساسَهُ
وطالَ في شُرودِهِ ... وطالْ
مُبَلِّماً
مُهَوِّماً
مُتَمْتِماً:
للبابِ آذانٌ
للسَّقْفِ آذانُ
ولها عُيونٌ تَرْصُدُ الحِيطان
لها لِسانٌ يَعْلِكُ الإِنْسان
أَجَبْتُهُ: إذاً، ماذا عن الأقْصَى؟...
ماذا عن القيامةْ؟
عن لَهْفَةِ الناقوسِ والأَذانْ؟
ماذا عن الإيمانْ؟
أَجَبْتُهُ: مَنْ يَكْنُسُ المُحْتَلَّ...
يَكْنُسُ القِمامَةْ؟
مَنْ يَسْحَقُ الإِذْعانْ؟
مَنْ يَقْلَعُ الرَّدَى؟
مَنْ يَزْرَعُ الأَمانْ؟
مَنْ يَخْلَعُ العِدَا مِنَ الأَوْطانْ؟
***
(4)
لِأَنَّني أَخُصُّهُ
أَعْدَدْتُ ما أَقُصُّهُ ..
ما نَصُّهُ:
بِأَنَّهُ مُعَذَّبٌ.. مُغَيَّبُ
رَأَيْتُ صَوْتًا صاخِباً
يَجوبُ في أَهْوائِهِ
مُرَدِّدًا بِمِلْءِ فيهِ: لا وأَلْف لا
هُوَ الضَّعيفُ لُقْمَةٌ ..
في فَمِ مَنْ يُدَرِّبُ
هو الخَفيفُ لُعْبَةٌ
في يَدِ مَنْ يُغَرِّبُ ..
مَطِيَّةٌ في جَيْبِ مَنْ يُنَصِّبُ
في عُبِّ مَنْ على الرُّعاعِ والجِياعِ يَنْصُبُ
أَجَبْتُهُ: مَنْ ذا الذي يُقَرِّبُ؟
مَنْ ذا الذي يُحَبِّبُ؟
أَجَبْتُهُ: نحنُ الأُلَى نُطَبِّبُ..
سَنَسْتَمِرُّ بالحِوارِ .. بالجِدالْ
بِصَبْرِ سيزيف على مَهالِكِ الجِبالْ
لِيَسْتَجيبَ للنِّداءِ،
مٌعْلِنًا: شِدُّوا الرِّحالْ
القُدْسُ قِبْلَةُ القُلوبِ
تَصْهَرُ الصَّليبَ في الهِلالْ
***
تعليق