وفاء ......

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سالم وريوش الحميد
    مستشار أدبي
    • 01-07-2011
    • 1173

    وفاء ......

    وفاء....
    يصيخ السمع إلى شبيه له في المرآة يقف قبالته ..يشير إليه بأصبعه مخاطبا إياه ...
    _أنت يا من .....
    تحاول اصطياد ومضة من الماضي ...
    ..تنظر إلي بصمت .عيناك شاخصة نحوي ، الخوف يلجم فاك وكأنك تحملني جريرة أفعالك ،,,
    تلك اللوحة تثير الرعب فيك وأنت من رسمها ..
    تتراءى لك أشجار غريبة التكوين تزحف نحوك باتئاد ..وأنت تحاول الهرب منها لكن الأبواب موصدة ..
    الغربان تحلق على ارتفاعات عالية .نعيقها يصم الآذان ..الدخان يتصاعد .
    .كل شيء يوحي بأن دنياك أدبرت عنك ..
    .. العالم لديك بلا موازين .. ....
    . بعد لحظات عسر .. تأتي ابتسامتك باهتة بلا معنى حين أحاط بك عدد من الرجال لا تعرف عددهم ، لم ترهم من قبل ، تحلقوا حولك .. ضربوك ، ركلوك بأقدامهم ، ويداك مكبلتان بالعجز .. منعوك من الكلام أو محاولة الدفاع عن النفس ..سحبوك عنوة ..لم تتأوه ، لم تصرخ ، ترنو بعينيك إلى أرجاء الغرفة المضاءة بضوء خافت تبحث عن وفاء ....التي لم تحاول منعهم من اقتيادك .. ربما كانت نائمة .. لم تنتبه لقدومهم .. ولا إلى تلك الفوضى التي أحدثوها في الغرفة
    قدماك تحفزك للهروب من ذاتك ،
    مع إصرار غريب على البقاء وكأنك تجذرت في ذات المكان .
    خطا أوهامك مضطربة .، تدفع بمخيلتك نحو غياهب الانصياع لماض لا تعرف كنهه ولا حقيقته ، عجلات اليأس تسر ع بك نحو هوة عميقة . تخاف أن تكبلك تلك الحبال التي تتدلى من أشجار عالية تعانق السماء ،
    تغمض عيناك وتتكور بجسدك في الزاوية البعيدة من الغرفة
    في خضم صراع أبدي واضطراب لا تعرف كنهه ،
    خيالك يقودك إلى مراقصتها تراها وهي تتثنى كغصن البان بفستانها الأبيض الفضفاض طاوية الزمان بين ذراعيها ، لتجلي وحشة المكان برقة صوتها الذي يصل مسامعك كعزف ناي شجي وهي تهمس بأذنك ..تعانقها ..تمسك بها من يدها لتدور وتدور ..
    .كلعبة صغيرة تخاف عليها من الضياع تحاول ضمها لصدرها .. تنعشك خيالات تلك الصور
    وهذا العطر الذي تظنه من شعرها يضوع ...
    ، تعتقد أنها تقترب منك ، و تشعر أنها تحاكيك
    تنصت لدفء صوتها وهي تقول
    أحبك ...
    لكن ذلك مجرد خيال لا يتعدى أبواب عقلك المريض
    تضع فرشاتك التي جفت ألوانها على تلك اللوحة .
    بدهشة تستجدي الحقيقة ..
    من حرائق جواك التي تضرمها الرياح ، ليشتعل هشيمها بين غمام نفسك العطشى للبحث عن ذاتك..
    تكسر أمواج حزنك الكظيم ..بحواجز أحلامك.التي لا لون لها . و تفتت صخور غضبك بأصوات تأتيك من المجهول
    بلورات مائية تصفع بها وجه لوحتك .تقترب منها تبتعد كأي رسام محترف
    تتراءى لك وفاء بثوبها الحريري ، تضطجع على أريكتك النحاسية .. صفاء وجهها .الوضاء يجعلك ترنو إليها تتمعن بجمالها . تدنو ..تجلس قريبا منها تطوقها بذراعيك .. يأسرك سحر ابتسامتها .. تحاول تقبيلها ..
    لكن لاشيء غير الفراغ حيث تنكفئ على وجهك..لتلثم تلك الوسادة التي كانت شاهدا على خلواتكما المحرمة ..
    فقاعات بلون قوس قزح تحيط بك ...
    تطير في فضاءات شاسعة تدفع الريح .بها
    تتابعها تجري نحوها .. أقدامك تتثاقل بين الرمال تحاول أن تمسكها لكن سرعان ما تنفجر بين كفيك
    لتحصد اللاشيء بعد عناء ...
    عالمك المسحور مليء .بالمفاجئات
    . تتشظى حالات الخوف لديك وأنت تجلس قبالة رجل كهل أنهكه سعال لا ينقطع ، يحمل بيده مسدس .ويتطاير الرذاذ من فمه كاشفا عن أسنان مهدمة صفراء .. اثنين من رجاله الأشداء يمسكون بك ..
    . يصل إلى سمعك صوته المبحوح محذرا .رغم أثار الكدمات وتلك الدماء التي تيبست على قميصك ووجهك ، وازرقاق عيناك ، وتورم شفتاك ورأسك الذي لازالت تنز منه الدماء إثر جرح غار في الأعماق .
    كان يكلمك ومن عينيه يقدح شررا ,,
    - ألا تعرف أنها زوجتي ..
    - من هي تلك التي تتكلم عنها ..؟

    لم تعرف عمن يتحدث ...؟ ..فرأسك مشوش ، ضوضاء مستمرة كأن هدير محرك يدور فيه ..
    حين أطلقوا سراحك بحثت عن بيتك .. لم تجده ضاع كما ضاع منك الدليل والأثر .. لم تعرف عنه شيئا .. لم تعرف من أنت ، ولم أتيت .. ومن هم أولئك الذين خطفوك ..
    سألت عن مأواك ، لكن لا تقابل إلا بنوبات من الضحك والاستهزاء .. والتهكم .
    ...تمزقك الآهات و ترتج عليك الذكريات تصهر روحك في بوتقة البحث عن كينونتك .دون جدوى .
    تحب زرقة السماء لأنها تشبه بحر عينيها حين وطأت شفتيك مآقيها ..المشبعة بالزبد الحائر على جفنيها .. شعرت بمرارة تلذع لسانك ..شعرت بسخونة تسري في خدك كونه لصق خدها
    _لن أستطيع العيش دونك ..
    قلتها وأنت تمسح عينيها بمنديلك
    كانت تمشي معك تسند رأسها على صدرك تحيطها بذراعك .. تسمع نشيجها .وعلى شفتيها تتهدج الكلمات.
    _حبنا محرم
    _ تلك البذرة التي زرعت دليل على أنه حب لن يموت ..
    ..تتأمل العودة إلى ذات الطريق ,,,لكن عيون الحاقدين مجدة بالبحث عنك .. ارتباطك بها ..تحد للأعراف ..
    الغمام يحيط بجبال الأحلام البعيدة ..اليم الذي تبحر به عميقا ليس له مستقر ..لا أمل لك في النجاة
    كنت تسير مترنحا تنفث حسرات الأسى كمرجل .. تحمل غموض تلك السنين التي عشتها طويلا .باحثا عن الحقيقة
    .لا تعرف شيئا عن ماضيك غير صور هلامية تأتيك كومضات من المجهول... وأسم وفاء الذي لازلت تلهج به
    تساءل نفسك دوما
    من أنا ... وإلى أين يقودني هذا المسير ؟
    الجوع يعضك ، تبحث عن بقايا طعام ..
    يد تحط على كتفك تشعر بدفئها .. ترنو إلى صاحبتها فتاة بعمر الورود ..لم تعرفها ..
    ارتاحت لها نفسك .. أ سعدك وجودها دون أن تعرف من تكون ...تسير معها دونما ممانعة .. ودون أن تنبس بأي كلام
    تأخذك إلى بيتها .. تطعمك .. تلبسك أحسن الثياب ..

    من أنت ....؟ قلت لها
    ..تزم شفتيها وعيناها بالدمع تجود
    .. سنوات وأنا أبحث عنك ..؟
    من أنت ...؟
    .يكرر سؤالك يريد الاستبيان .. يأتي صوتها
    هادئا
    أنا ثمرة حبك من وفاء ...هكذا قالت أمي
    دون وعي تلمست رأسك .. لازالت آثار تلك الضربة التي أفقدتك الذاكرة ، موسومة في جبينك دون أن تعرف سبب وجودها ..
    صورة موشحه بالسواد معلقة على الجدار .. لامرأة ملامحها ليست غريبة عليك .. تنظر إليها تحاول مقاربة صورتها مع وفاء ..
    لاتصل إلى قرار .. تخرج رغم محاولات تلك الفتاة ثنيك عن مبتغاك .
    تضحك في داخلك ..وأنت تخط بقدميك طريقا بلا نهاية ...
    . وفاء ..
    تقهقه كثيرا تضحك ملئ شدقيك وتقول .....
    ... لابد أنها مجنونة ..... ... وفاء .. امرأة من صنع خيالي أنا ..
    .................................................. ...................
    سالم وريوش الحميد 21 / 10/ 2013


    .
    على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
    جون كنيدي

    الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

  • يحيى البحاري
    أديب وكاتب
    • 07-04-2013
    • 407

    #2
    جميل ورائع للغاية هذا الحكي رغم ما التمسته من تشبث بخيوط الغد المهترئة
    حاضر مجرد أمنيات هي السلوى لإرضاء طموح أشبه بالسراب.
    تحياتي للأديب صاحب المفردة الأنيقة أ.سالم
    التعديل الأخير تم بواسطة يحيى البحاري; الساعة 22-10-2013, 03:50.

    تعليق

    • عائده محمد نادر
      عضو الملتقى
      • 18-10-2008
      • 12843

      #3
      الزميل القدير
      سالم وريوش
      نص جميل
      وفاء
      وتلك الومضة التي انتهى بها النص
      أهي وليدة وفاء الوفاء وهي من بنات أفكاره
      أم هو نكران لمن لم تفي ووقفت مكبلة اليدين
      وترءى لي أنه كان يبحث عن الوفاء بين بواطنه
      نعم زميلي الوفاء يلد وفاءا
      أحببت النص وذاك الوجع لولا بعض إطالة في أحيان قليلة
      لكن النص كان مع ذلك قوي وفيه شجن كبير ومأساة
      سأقرأه مرة أخرى لأنه من النصوص التي تقرأ أكثر من مرة بلا ملل
      تحياتي ومحبتي لك
      الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

      تعليق

      • حسن لختام
        أديب وكاتب
        • 26-08-2011
        • 2603

        #4
        ياالله، على هذا النص الأنيق والممتع
        شكرا لك، أيها الكبير على لذة القراءة
        محبتي وكل التقدير

        تعليق

        • نجاح عيسى
          أديب وكاتب
          • 08-02-2011
          • 3967

          #5
          لك اسلوب خاص ، وبصمة خاصة في عالم القصة استاذ سالم ..
          جميل ..وبه غموض أجمل ..يسحبك لتوغل في النص ..لتتابعة
          متىلاحق الأنفاس ..ولا يتركك إلآً على عتبة النهاية ..
          راق لي هذا القص الراقي والأسلوب الذي يعتمد التشويق
          استاذي الكريم
          تحياتي لهذا القلم السامق
          وكل التقدير ..

          تعليق

          • ريما ريماوي
            عضو الملتقى
            • 07-05-2011
            • 8501

            #6
            جميل النص بصوره البلاغية ومفاجأته..
            بورك القلم... وشكرا على قراءة ممتعة.

            تحيتي واحترامي وتقديري.


            أنين ناي
            يبث الحنين لأصله
            غصن مورّق صغير.

            تعليق

            • سالم وريوش الحميد
              مستشار أدبي
              • 01-07-2011
              • 1173

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة يحيى البحاري مشاهدة المشاركة
              جميل ورائع للغاية هذا الحكي رغم ما التمسته من تشبث بخيوط الغد المهترئة
              حاضر مجرد أمنيات هي السلوى لإرضاء طموح أشبه بالسراب.
              تحياتي للأديب صاحب المفردة الأنيقة أ.سالم
              الأستاذ يحيى البحار
              أسعدني حضورك ....نعم هناك أمل واهن كان البطل يتلمس خيوطه المهترئة
              في حب قد يكون وهما وقد يكون حقيقة ، أوحالة وفاء ، أم غدر كان يعيش
              في دوامة البحث عن كينونته بين حقيقته وصورته في المرآة
              أيهما يكون هو الجسد الفاقد ذاكرته أم تلك الصورة المعكوسة الموهومة
              شكرا لك صديقي هذا المرور

              ، الصراع الأبدي بين الوجو د والعدم..الإنسان يعيش غربته
              على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
              جون كنيدي

              الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

              تعليق

              • بسباس عبدالرزاق
                أديب وكاتب
                • 01-09-2012
                • 2008

                #8
                وفاء

                أرهقت نفسي في معرفة وفاء

                هل كانت امرأة

                أم هي صورته المنعكسة على المرآة

                تداخلت الصور و العواطف و تأججت المشاعر و الاحاسيس

                كنت هنا أعبر جسرا من ضفة نحو ضفة مغايرة
                ضفة تشبهك
                فسيحة و مغرية و خطيرة

                قصة أقل ما يمكنني وصفها بها
                رائعة

                و الخاتمة

                تقهقه كثيرا تضحك ملئ شدقيك وتقول .....
                ... لابد أنها مجنونة ..... ... وفاء .. امرأة من صنع خيالي أنا ..

                أحالتنا مجبرين للتعمق اكثر
                في فهم هذا المونولوج الذي كان قائما في شكل صراع داخل البطل

                أستاذ سالم وريوش الحميد
                لك قوة في القص و مقدرة على جر القارئ نحو الزاوية المناسبة للرؤية


                تقديري و احتراماتي
                السؤال مصباح عنيد
                لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                تعليق

                • ربيع عقب الباب
                  مستشار أدبي
                  طائر النورس
                  • 29-07-2008
                  • 25792

                  #9
                  وفاء....
                  يصيخ السمعإلى شبيه لهفي المرآة. يقف قبالته ، يشير إليهبإصبعه مخاطبا إياه
                  _
                  أنت يا من .....
                  تحاول اصطيادومضةمن الماضي ...
                  ..
                  تنظر إليّبصمت .عيناك شاخصتان نحوي ، الخوفيلجم فاك ؛ وكأنك تحملني جريرة أفعالك.
                  تلك اللوحة تثير الرعب فيك ، وأنت من رسمها ..
                  تتراءىلكأشجار غريبة التكوين ،تزحف نحوكباتئاد ..أنتتحاول الهرب منها؛ لكن الأبواب موصدة ..
                  الغربان تحلق علىارتفاعات عالية .نعيقها يصم الآذان ..الدخان يتصاعد .
                  كل شيء يوحيبأن دنياك أدبرت عنك ..
                  العالملديك بلا موازين .. ....
                  بعد لحظات عسر .. تأتي ابتسامتك باهتة بلا معنىحين أحاطبك عددمن الرجال لا تعرف عددهم ،لم ترهممن قبل ، تحلقواحولك ، ضربوك،ركلوك بأقدامهم، ويداكمكبلتان بالعجز .. منعوك من الكلامأو محاولةالدفاع عن النفس، سحبوكعنوة ..لم تتأوه، لم تصرخ،ترنوبعينيكإلىأرجاء الغرفةالمضاءة بضوء خافت ، تبحث عن وفاء - التيلم تحاولمنعهممن اقتيادك- ربماكانت نائمة .. لم تنتبه لقدومهم ، ولا إلىتلكالفوضى التي أحدثوها في الغرفة .
                  قدماك تحفزانك للهروب من ذاتك ،
                  مع إصرارغريب على البقاء؛ وكأنك تجذرت فيذات المكان .
                  خطا أوهامكمضطربة . تدفع بمخيلتكنحو غياهب الانصياع لماضلا تعرفكنههولا حقيقته.عجلات اليأستسر عبك نحوهوةعميقة . تخافأنتكبلكتلك الحبال التي تتدلى من أشجار عاليةتعانقالسماء .
                  تغمض عينيك ،تتكور بجسدك في الزاويةالبعيدةمن الغرفة.
                  في خضمصراع أبدي، واضطراب لا تعرف كنهه .
                  خيالك يقودك إلى مراقصتها ،تراهاوهيتتثنى كغصن البان بفستانهاالأبيض الفضفاض طاوية الزمان بين ذراعيها ؛لتجليوحشة المكان برقةصوتهاالذي يصل مسامعككعزف ناي شجي، وهي تهمس بأذنك . تعانقها، تمسكبها من يدها ؛ لتدور.. وتدور،كلعبةصغيرةتخاف عليها من الضياع.تحاول ضمهالصدرها .. تنعشكخيالات تلك الصور،
                  وهذا العطر الذيتظنهمن شعرها يضوع.
                  تعتقد أنها تقترب منك، تشعرأنها تحاكيك،
                  تنصت لدفء صوتهاوهي تقول:
                  أحبك.
                  لكن ذلك مجرد خيال ؛ لا يتعدى أبوابعقلك المريض.
                  تضع فرشاتك التي جفت ألوانهاعلىتلك اللوحة ،
                  بدهشةتستجديالحقيقة.
                  منحرائق جواكالتيتضرمها الرياح؛ ليشتعلهشيمهابين غمامنفسكالعطشى للبحث عن ذاتك .
                  تكسر أمواجحزنك الكظيمبحواجز أحلامك ، التيلا لونلها ، و تفتت صخورغضبك بأصواتتأتيك من المجهول،
                  بلوراتمائية تصفع بها وجهلوحتك .تقترب منها،تبتعد كأي رسام محترف.
                  تتراءى لكوفاء بثوبها الحريري ، تضطجع على أريكتك النحاسية .. صفاءوجهها الوضاء يجعلك ترنوإليها، تتمعن بجمالها،تدنو، تجلس قريبامنها،تطوقهابذراعيك . يأسرك سحرابتسامتها . تحاول تقبيلها.
                  لاشيء غير الفراغ.. حيث تنكفئ على وجهك؛ لتلثمتلك الوسادة التيكانت شاهدا علىخلواتكما المحرمة.
                  فقاعات بلون قوس قزحتحيط بك.
                  تطير في فضاءاتشاسعةتدفعالريح بها.
                  تتابعها،تجري نحوها .. أقدامك تتثاقل بين الرمال.تحاول أن تمسكها ؛ لكن سرعان ما تنفجر بين كفيك،
                  لتحصد اللاشيء بعد عناء.
                  عالمك المسحور مليءبالمفاجأت .
                  تتشظى حالات الخوف لديك ، وأنت تجلس قبالة رجل كهل أنهكه سعال لا ينقطع.يحملبيده مسدسا، ويتطاير الرذاذ من فمه ، كاشفا عن أسنان مهدمة صفراء .. اثنين من رجالهالأشداءيمسكونبك ..
                  يصل إلى سمعكصوته المبحوح محذرا.رغم أثار الكدمات وتلك الدماءالتي تيبست على قميصكووجهك ،وازرقاق عينيك،وتورم شفتيكورأسكالذي لازالت تنز منه الدماء إثر جرح غار في الأعماق .
                  كان يكلمك ومن عينيهيقدح شررا.
                  -
                  ألا تعرف أنهازوجتي ..
                  -
                  منهي تلك التي تتكلم عنها ..؟

                  لم تعرف عمنيتحدث ...؟ فرأسكمشوش.ضوضاءمستمرة ؛ كأن هدير محرك يدور فيه.
                  حين أطلقوا سراحكبحثت عن بيتك،لم تجده . ضاع كما ضاع منك الدليلوالأثر،لم تعرف عنه شيئا ، لم تعرف من أنت، ولم أتيت ، ومنهمأولئك الذينخطفوك.
                  سألت عنمأواك .لكنلا تقابل إلا بنوباتمن الضحكوالاستهزاءوالتهكم .
                  تمزقكالآهات، و ترتج عليكالذكريات، تصهر روحكفي البحثعن كينونتك .دون جدوى .
                  تحبزرقة السماء ؛ لأنهاتشبهبحر عينيها.حين وطأتشفتاكمآقيهاالمشبعةبالزبدالحائر على جفنيها .. شعرت بمرارة تلذع لسانك ..شعرتبسخونة تسري في خدك ؛ كونه لصق خدها:
                  _
                  لن أستطيع العيش دونك.
                  قلتها وأنت تمسحعينيهابمنديلك.
                  كانت تمشي معك ، تسند رأسها على صدرك . تحيطها بذراعك ، تسمع نشيجها .وعلى شفتيها تتهدج الكلمات.
                  _
                  حبنا محرم
                  _
                  تلك البذرةالتي زرعتدليل على أنه حب لن يموت ..
                  تتأمل العودةإلىذات الطريق.عيون الحاقدينمجدة بالبحث عنك .. ارتباطك بهاتحدي للأعراف.
                  الغمام يحيطبجبال الأحلامالبعيدة ، اليمالذي تبحر بهعميقاليس له مستقر ..لا أمل لكفي النجاة .
                  كنت تسير مترنحا، تنفث حسرات الأسىكمرجل ، تحمل غموض تلكالسنين التي عشتها طويلا باحثا عن الحقيقة .
                  لا تعرف شيئا عن ماضيكغير صور هلامية ، تأتيك كومضات من المجهول ، واسم وفاء الذي لازلت تلهجبه
                  تساءل نفسك دوما:
                  من أنا، وإلىأينيقودني هذا المسير؟
                  الجوع يعضك.تبحثعنبقايا طعام.
                  يدتحط على كتفك تشعر بدفئها .. ترنو إلى صاحبتها . فتاة بعمر الورود ..لمتعرفها.
                  ارتاحت لها نفسك،أسعدك وجودها دون أن تعرف من تكون ...تسير معها دونما ممانعة،ودون أن تنبس بأي كلام.
                  تأخذكإلى بيتها، تطعمك، تلبسك أحسن الثياب:

                  من أنت ....؟ قلت لها
                  تزم شفتيها وعيناها بالدمع تجود:
                  سنواتوأنا أبحث عنك ..؟
                  من أنت ...؟
                  يكرر سؤالك يريد الاستبيان .. يأتي صوتهاهادئا:
                  أنا ثمرةحبك من وفاء ...هكذا قالت أمي.
                  دون وعيتلمست رأسك .. لازالت آثار تلك الضربة التي أفقدتكالذاكرة، موسومة في جبينك دونأن تعرفسبب وجودها ..
                  صورة موشحهبالسوادمعلقة على الجدارلامرأة ، ملامحها ليست غريبة عليك .. تنظر إليهاتحاول مقاربة صورتها مع وفاء ..
                  لاتصل إلى قرار .. تخرجرغم محاولات تلك الفتاة ثنيكعن مبتغاك .
                  تضحك في داخلك ..أنت تخط بقدميك طريقا بلا نهاية.
                  وفاء ..
                  تقهقهكثيراتضحك ملء شدقيكوتقول:
                  ...
                  لابد أنهامجنونة ..... ... وفاء .. امرأة من صنعخياليأنا ..
                  .................................................. ...................




                  سالم وريوش الحميد 21 / 10/ 2013


                  و كم يفعل بنا التهويم في فراغ اللغة و العالم
                  بحثا في لحظة ما عن إجابات لأسئلة أشد غموضا
                  من حقيقة اللعبة .
                  و كم هو مؤلم أن تكون محض تهويم ، و من صنع الخيال
                  في مواجهة حقيقة تأتي بها ، و ما هي بحقيقة !
                  كل هذا النتح و لا شيء نمسكه بالقبضة
                  حتى الاسم الذي لهثنا خلفه ، معنى و قيمة
                  لم نر له سوى جدائل من خيانة ، و ليس جدائل في التجريد لنقول أن الأمر يتعدى ذلك ، و يذهب إلي التحقق الثوري ، و المخاض الأشد عسرا !
                  ربما لو توقفت عند :أنا ثمرةحبك من وفاء ...هكذا قالت أمي.


                  لكان أجدى حتى نجد الرأس في محلها ، و لم ترحل في تهويم الضلال الكثيف ، و اقمنا رؤانا على قواعد أو ثوابت ما !


                  sigpic

                  تعليق

                  • سالم وريوش الحميد
                    مستشار أدبي
                    • 01-07-2011
                    • 1173

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                    الزميل القدير
                    سالم وريوش
                    نص جميل
                    وفاء
                    وتلك الومضة التي انتهى بها النص
                    أهي وليدة وفاء الوفاء وهي من بنات أفكاره
                    أم هو نكران لمن لم تفي ووقفت مكبلة اليدين
                    وترءى لي أنه كان يبحث عن الوفاء بين بواطنه
                    نعم زميلي الوفاء يلد وفاءا
                    أحببت النص وذاك الوجع لولا بعض إطالة في أحيان قليلة
                    لكن النص كان مع ذلك قوي وفيه شجن كبير ومأساة
                    سأقرأه مرة أخرى لأنه من النصوص التي تقرأ أكثر من مرة بلا ملل
                    تحياتي ومحبتي لك
                    أستاذتي عائدة أنا في انتظار قراءة أخرى لأرى
                    من خلال هذه القراءة رؤيا جديدة لنصي .. وأين مكامن الخطأ فيه وأين نقاط القوة
                    شكرا لك استاذتي ......
                    على الإنسانية أن تضع حدا للحرب وإلا فسوف تضع الحرب حدا للإنسانية.
                    جون كنيدي

                    الرئيس الخامس والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية

                    تعليق

                    يعمل...
                    X