...................
للعدالة...حفنة من حِلم...
من أجل أي معنى جميل في هذا الوجود..
حفنة حِلم.. فقط..
فقد قطعت نصف المسافة..
ولم يتبق إلا الجزء الأهم من الصورة..
...............................
لا أستطيع قيصرة الولادة من رحم الخيال..
إلى الحقيقة..
............
الله وحده هو من يعلم ما في الارحام..
ويعلم ما تخفي الصدور...
............
وقد كانت ورد تخبر كل حامل..
عما في بطنها... ذكرا..
أو أنثى..
............
وفي مرات قليلة...
كانت تؤخر الإجابة لليوم التالي..
..............
فما معي إلا..
حديث عهد... قديم..
..............
كل التكهنات..
صفعات آجلة لنفسها...
وأقربها من الخارج.. أبعدها عن الحقيقة ...
............
............
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
امتثلَتْ وابتعدَتْ..
أما أنا فلم اتلوث إلا بالوحشة...
برغم الوحدة التي رفضت الامتلاء يوما بأي شيء آخر...
عشت العذاب..
رفضَتْ الأيام أن تمضي..
.............
قلت أني لم أحمِّلْها المسؤوية..
ولكني... وفي أعماقي..
كنت أناجيها..
أعاتبها..
ولا أحمِّل سواها..
ما ألقاه..
...........
في داخلي كنت ألومها....
..........
كررت كلمة.. لا أبكي..
لأن هذه هي الحقيقة..
فمنذ وعيت على الدنيا..
أو منذ عرفت نفسي..
لا أذكر في حياتي أني قد أسقطت دمعة.. حتى... شوال 32
...............
ضُربتْ طفلاً بشدة...
كثيرا ما تعورت..
لطالما حزنت..
ودعت أحبابا..
وعلى يدي.. شابا حملت جثثا مخضبة بدمائها على الطرقات... بعضها ممزقة..
ولم أستطع أن أدمع يوماً...
بل فارقت حياتي.. ولم أكمل السادسة عشرة بعد... ولكن...
ما استطعت أن أبكي.. !!!!
........
علمت أنها انفصلت بعد مدة طويلة....
ولم يتبق على ساعة الهجرة.. إلا ثلاثة أشهر...
حسمت أمري في أقل من ثانية...
هكذا :
سأهاجر حين ضاعت ورد...
عادت..
فلمَ الهجرة... ؟
ألغيت قرار الهجرة.. وكنت الأول حينها..
وجدت ثغرة..
وانسحبت من خلالها..
وتركت البعثة...
( لا أحد يدري حتى هذه اللحظة... أنني... لأجلها فعلت.. )
......................
عدت إلى دياري بعد اختلاقي سببا مقنعا ...
عدت بسلسلة من جبال اللهفة... بكل ما في جوفها من حمم..
لقيتها..
وكما كنت مخلوقا بلا دمع...
فقد كنت أيضا أعاني من شيء آخر..
حين لقيتها..
تيبس لساني عن النطق..
لم أتسمر...
ولكن الأربع سنوات...
أفقدتني.. الطلاقة...
( لا أدري ما الذي جعلني أعتقد أنها ما انفصلت إلا لتخبرني أنها لم تستطع العيش من دوني..و.. و.. حلمت بالكثير من الكلمات.. وعالم من المعاني.. ستصبه في شعوري... )
و...
تركت لها زمام الحديث...
تكلمت...
قالت.. أنها.. انفصلت.. منذ وقت طويل.. وانها الآن على وشك... أن تعود...
وأنها.. اشتاقت.. مرارا.. لي..
فهمت منها... أنني..
خطرت على بالها..
.......................
اقترحَتْ أن تبني منزلا.. وتسكن فيه...
إلى جواري....
........................
أجتثثتُ من رأسها الفكرة...
.........................
وسكنني الاحباط.
.........................
لم تكن احب إنسان إلي في الوجود... فحسب..
بل كنت أريد ان أخبرها أنني يوما.. ما نسيتها...
منذ أربع سنين..
وأنا أشعر ان القدر سلبني كل شيء..
أردت ان أقول لها أني فقدت أمي وأبي وأصحابي... لأربع سنيني تلك..
وأن خبر احتمال عودتهم إليّ هو ما جعلني ألغي مراسيم هجرتي..
تركت كرة القدم.. لأني لم أعد أستوعب لماذا كانت تتدحرج طيلة السنوات... ونسيت استدارتها..
بعت دراجتي النارية.. ولم أركب دراجة نارية بعد ذلك...
طيلة الأربع سنوات...
كنت أريد ان أخبرها كم كنت لا شيء بدونها..
وكم اني فعلت المستحيل لأضحك الدنيا..
لكنها رفضت أن تبتسم لي..
........................
كرهت نفسي..
بعد أن قابلتها.. وكرهت كل معنى من معاني الحب..
وكفرت... بكل معتقداتي عنها..
لم أر في انسانها إلا شخصا غير الذي أحببت..
........................
ذهبت..
وأصبح الهيكل هش الجدران...
ألا لعنة الله..
على أعمدة الفلين...
........................
........................
بالقرب من مكاني الأول...
عدت لأكمل تعليمي...
وحتى أرأب صدع العقيدة....
اتجهت للفيزياء والرياضيات...
والاعمال الكاملة لنزار..
...............
حاولت أن أحب..
فصفعني الرقم 07..
فتخليت عن عرشي هناك..
...
................
ولكن لم أستطع البقاء هناك بنفس المكان..
حيث العرش مغر..
ولا وطن ..
........................
فكرت في العمل..
وسرعان ما وجدته..
مع...
كل الحب...
وفي وطني..
أخيرا..
................
ثم...
................
لم تكن لي علاقة بصالة انتظار المسافرين.. في مطار جدة...
بل كانت.. إدارة المواد.. صرحا كبيرا.. جدا..
أنا واحد به ضمن ألوف...
لا علاقة لنا فيه بالمسافرين..
البتة...
..............
بعد ثلاث سنين...
لم أزر فيها صالة انتظار المسافرين .. ولو.... ( لمرة واحدة..) !!!
غادرت إدارتي مساء لألتقي زميلا.. جمعتني به إحدى دورات... ( نظم معلومات)..
سأقابله بشأن بعض الاوراق...
وأعود...
لقاء ربع ساعة..
كان المفروض.. أن ألتقيه... بمكتبي...
ولكن حالة عمل طارئة ربطته.. فاضطررت لملاقاته بمكتبه..
لقيته...
انتهينا من توقيع تلك الأوراق..
وحين خروجي لا بد من المرور من كاونتر الحجوزات..
خلف الكاونتر قضيت دقائق أتحدث مع صديق استوقفني.. عن معرفة ضعيفة...
بعد أحد المواسم الدينية...صالة الانتظار كانت مكتظة..
.......................
الضجيج يملأ.. المكان..
تداخل الأصوات يشكل صوتا.. موحدا.. طنين بشري.. فقط..
لا يمكن أن تسمع.. إلا القريب جدا منك ولتفهم لا بد أن تتامل حركة شفاهه...
غادرت الكاونتر...
مشيت مستدبرا... مقاعد المنتظرين..
كل المقاعد.. (خلفي)... نساء أجنبيات...
( كنت أراهم جميعا.... تلك المقاعد ومن عليها... أراهم.. (أمامي) !! وبمنتهى الوضوح.. وقفت من بينهم امرأة بعباءة سعودية... و... من صوت إعلان النداءات.. سمعت و.. بوضوح...
(( نداء .. للسيد... براهيم براهيم... ))
(( هنا صعقت.. حد التسمر... !!!!! ))
هنا لا شيء... غير... ابراهيم عثمان....
التفت للخلف... فإذا هو هو.. أمامي...
هرعت تلك الهيئة الوطنية الوحيدة... مباشرة الي فإذا هي أمامي..
ــــ براهيم...
ــــ !!!!!
ــــ براهيم ما عرفتني على طول... صح..؟؟
أنا عرفتك من بعيييد.. انته ما دخلت الا وانا مستنياك...
ــــ ماذا تقولين .. عفوا... لا أسمعك.. لا اسمع شيئا مما تقولين..
ــــ براهيم.. حسيت اني بالقاك.. فوَّتُّ الرحلة التي كانت قبل ساعتين من الآن..
ـــــ عفوا أختي.. أنا ما أسمعك !!!... الضجيج..
( كانت قريبة مني... أمسكت يدي.. بيديها.. بحرارة.. ولم أمنعها من ذلك.. )
ـــــ حلمت اني لو لم أصعد مع هذي الرحلة.. سأقابلك... حلمت يا براهيم.. والله.. حلمت.. حتى شوف هذي التذكرة.. شوف موعدها.. وحجزي.. كان مؤكد..
نادوا على الركاب المغادرين..على الرحلة.. وطنشتهم وجلست أنتظرك على ذاك المقعد.. براهيم.. أنا لحالي..
ــــ عفوا.. اختي انا ما اسمعك... وما ادري اش تقولين.. انما هات التذكرة.. اشوف..
ــــ هاك..
تناولت التذكرة.. منها ولم أحاول قراءتها.. ناديت على زميلي.. وأشرت إليه.. ترك الكاونتر.. وحضر فورا.. تنحت هي قليلا عني...
ــــ ياسر هذي أختي.. ومعليش لو تعبتك معايه..
فاتتها الرحلة الي قبل هذي على جيزان.. قص لها تذكرة درجة أولى.. أيضا هناك خطأ في الاسم..
ورد عثمان..
اختي..خلوها تنتظر رحلتها فصالة الــ vip.. اتبهذلت في المكان هذا..
ـــــ انتهى..
تعالي اختي..
......................................
أعطيتها ظهري...
بمنتهى عدم الاحساس..
خرجت ودخلت من موقع أعلى... وجعلت أراقبها من بعيد... لأطمئن.. هل خدموها..
اتصلت بمن يدير الحركة... واتصلت بمدير ال واتصلت بزميلة.. .. من قسم آخر لم يكن لها عمل هنا.. أرسلتها لتكون قريبة منها... فوجود انثى بقربها سيشعرها ببعض الأمان...
أريدها أن تشعر أنها السيدة الأولى..
وأريد الحفاوة أن تنسيها دمعتها...
جرحتها...
وسأدفع أغلى ثمن...
......................................
هناك...
التقينا....
عرفتني... بقلبها.
وجحدتها..
وأنا لم أعرف البشر..
سواها..
......................................
أجل... ربما تصرفت بنذالة..
أما في داخلي...
فقد كنت على وشك..
أن أمسكها من يديها...
ونرحل من أقرب بوابات المغادرة...
حيث اللا عودة..
لكني خشيت..
عليها..
......................................
كان ذلك آخر دوام لي في مطار جدة..
لم أستطع بعده الاقتراب من المطار..
وكلما حاولت لا أستطيع..
مكثت شهرين.. أذهب باكرا..
أركن سيارتي بمواقف سيارات الموظفين أمكث فيها ثلاث.. أربع ساعات..
وأخرج من حي النعيم شمالا..
جنوبا حتى السنابل..
أدور.. وأعود..
أدخل حي النهضة... أقف أمام المنزل..
فقط أنظر للأشياء ولا أستطيع أن أخرج بمشاهدتي من صالة السفر..
لم أتوهم شيئا في صالة المسافرين تلك الليلة إلا إعلان النداء...
نعم أنا أجزم أن الموظفة لم تقم بالنداء...
لكني أعرف قدرات من ناداني... لذلك لم أتوهم إلا مصدر النداء.. فقط
فكيف ذهبتُ تلك الساعة للمكان الذي لا صلة لي به..
وكيف تصادف انها كانت موجودة.. بعد ذهاب رحلتها المؤكدة.....
استقبلتني رؤيتها... ولم تكن إلا ورائي...
صنعت أمامي مرآة.. من وهم عَكَسَ لي.. ما ورائي من الحقيقة...
.........................
أخيرا..
ورد لم تدخل طيلة حياتها مطار الملك عبد العزيز إلا تلك الليلة..
وتأكدت قبل ثلاث سنين منها شخصيا..
أي بعد تلك الحادثة بثلاث.. سنوات..
.......................
ثم دخل هذا فيما بعد..
في أحلامي بصور مختلفة... تجمعت بها قصاصاتها ذات الصلة.. بي.. أو بها..
أيضا موحدة الرجع...
.......................
عدت إلى الديار..
فوجدتها قد فعلتها...
وجدتها إلى جواري...
رغم هلعي.. لهذا...
..........................
تعليق