مائة ليلة عشق وفجر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • يزن السقار
    أديب وكاتب
    • 20-03-2010
    • 110

    #16
    الليلة الخامسة عشر

    شدّ الفتى لحاف الوقت على لحية الانتظار , وأشار لصهيله أن اهدأ, تفقّدَ اللهفة في وجهه ورحيق آخر قبلة , ارتدى ثوبا بلون عشقها بحريّ مموج بفرح الأحمر وغادر كل موانئ الارتجاف ,فعلى ضفة النهر موعدهما , مشى وفي كل خطوة تصدح خيبة يُُطفئها تفاؤل أختها , هل ستأتي لموعدي, هل ستصادفها خيبة وتمنعها, هل ستنسى على غير عادتها موعدي, هل سيخبو النهر كي لا نلتقي, أم أنها تُعدّ الآن ثوب لقائنا وتدسّ خلف الأذن عطرها الشهي , وترتدي خلخالها ذاك الذي يهديني قطعة من جنون, وتحطّ الكحل بلحظِها كسيف حنون يقتلني من أول رمقة ويحيني , وتعدّ كدوما استثنائية تخرجني مني ولا تُعيدني إلا والفجر يغني, تنحنح الليل فنظر الفتى إليه وابتسم كأنه يقول : الليلة عذرا سيدي إنها لنا فلا تحاول أن تستثير مخاوفي, تبسم الليل كأنه يرد للفتى تحيته : ها قد أتت والليلة هي ليلتك . يا آلاهي قال الفتى ,فاليوم هي استثناء لاستثناء كأن الشمس تحكي فوق وجهها وابنة الليل تجدّل شعرها والتوت سافر شغفا في طلاء أظافرها والفجر نام على الساق فأشرق نهارها , فستانها صبحٌ تهادى البرتقال في راحتيه , كان يتيح للنهد أن يشتمّ الهواء وللفتى أن يفقد بعض حديثه ,قال الفتى وعيونه أضاعت اتزانها : أنتِ كما تشتهي وأشتهي حبيبتي؟ ردت :بلى لكني أشتاقك أكثر حين تكون أو لا تكون معي ,دنى منها ملأ فراغ أصابعه بأناملها الناعمة وحطّ كتفه على كتفها وسارا معا خلف ظل النهر , مالت برأسها على كتفه كأنها تود الاختباء به , فصار له أن يعبئ رئتيه من رائحتها ويشهق, قال لها بصوت لا يسمعه غيرها : أحبكِ فازدادت اقترابا كأنها تقول : أحبكَ يا وطني, تآمرا والوقت على ظل النهر , تمددا كلحن يعزفه فلوت , حكا لها ألف شوق وألف عشق وحكت له حبها ولهفتها , اقترضا من الوقت فسحة لقبلة حتى مجيئ الفجر فغابا عن الوعي

    قبل أن يدق رنين النجمات وتُعلن صحو النحلات وتتثائب ليلة من أبهى الليلات


    تعليق

    • يزن السقار
      أديب وكاتب
      • 20-03-2010
      • 110

      #17
      الليلة السادسة عشر


      تغرغر مرتين بهاء الهوى , فض المدى بابتسامة وتراشق والشوق قليلا , امتهن عدّ الخيالات , تواثب كذرات في الهواء ولملم ذاته على هيئة عشق, تفقد معصمه وأصابعه العشر , تهندم بما يليق بعاشق طفولي الغوى رجولي الأنفاس والمعابر , لم يُلقِ بالاً لصوت عقارب الساعة فقد اعتاد على نكاياتها, وتيقن أنه لن يقوى فك طلاسم بطئها , فأشغل نفسه بالنظر الى زهرة الياسمين التي فاجئته أنها كبرت منذ أخر حلم ولقاء , وكيف تمددت على السور المطل على البحر وكيف أنها تغازل الموج بأريجها ,كما كان يفعل هو في طفولة الحلم ,حيث كان يتسلق أسوار الخيال ويغازل الأنوثة المارة بهوج ووهج وجنوح , ظل ينبش في الذاكرة ويتفقد أشيائه المفقودة , ويطلُّ نحو الليل وهدير لقائه المنتظر , نيئ هذا الوقت لا يقوى على شواء المسافة , وفلول الشغف تستبسل احتلالا واحتلال , فغَرف من سلسبيل شوقه قصيدة نظمها بلا قافة أكثر فيها من حاء الحب ومن تراتيله المجنونة ,وتدرب على القائها عشر مرات , نزل نحو الياسمينة وبدأ بقطف أزهار منها حتى صارت لا تطل على البحر, خوفا أن تغازل أمواجه دون علمه , وبدء بوصلها كعقد يستحق أن يشاكس بنعومة عنق حبيبته ,وشوش الكمان أن يعزف لحنه المشتهاة حتى يصل, وسلك لهفته وأغصان عيون حبيبته المشعات المثمرات الفاتنة , وبدأ يقص للطريق حكايا الشوق وكيف تختلف أطول المسافة في اللهفة, وذهنه مشغول بحبيبته وكيف يمكن أن تأتي من أي اتجاه , يمينا أم يسارا أم نزولا من السماء الثامنة , وماذا سيكون المحظوظ في ارتدائها الأحمر أم الأزرق ,اليليلكي أم لون البيارات المشرفات على جنة الغرام , وماذا سيفصح هذا الرداء عن أكتفاها الثلجية القمحية, عن صدرها المتوج بغنج ألف امرأة فاتنة ,عن ساقها المبلول بلهجة الأنوثة ولغة خلخال غجري, عن ابطها العارف العازف لرائحة امرأة خجولة ,هل سيحكم الاغلاق على جيدها أم سيتركه حرا يدور في جاذبية القمر, ألف إشارة قفزت في ذهنه ,والطريق تصن لحكايا الشوق من شفتيه, تفصلها تحية يلقيها على المارين في عمر الطريق دون أن ينتظر الرد منهم
      هنا على ساعد النخيل تحدد اللقاء, بين كل الأقاصيص المتواترة في حضارة النخيل , بين هزّ النخيل وثبات أغنياته الطويله , بين بداوة العشق وتحضّر القبل الجميلة وبين تراث العاشقين العاشقين .
      ما هذا الهديل النازل من عنق السماء قالها بينه وبينه ,هذا صوت خيلها الأمين يركض من بين الغيمات الى ساعد النخيل, يحمل آيه من تاء التأنيث يسبقها عطرها بعمرين وموته, هذي هي حبيبته آتيه ,لونها يبرق بالنبيذ ولا يسمح للألوان بالحديث , بدأ القلب في بالتوقف بل بالركض بل بأي حركة غير التي اعتادها , وكأنه يقفز على وقع الخيل والنبيذ , نزلت كدهشة البحر والمطر, كغيمة حلبى بالبساتين, كألف شيء من أشياء المستحيل , مد يده مخفيا ما يجتاحه من ارتعاش ,لامس كفها وقال بلغة العين أشتاقك جدا لما تأخرتِ فردت بلغة العين بابتسامة ماكرة الجمال أحبك في شوقك وفي عشقك, كان فستانها أحمر عاشق ,يسمح لكل ما اشتهى أن يقول
      كان يفوح دلالا على جسدها وحركشة لعينيه العاشقتين ,لف خصرها المطوق بأحمرها الفاتن بزنده العاشق ,تنشق اقترابها , فصار وجهه المدى , وطالت قامته, زاد ابتهاجا ووسامة ,وصارت الأرض تحته أصلب , ضمها أكثر, فمال رأسها على كتفه كما اشتهى واشتهت أن يكون اشتهى , مرغ رأس بشعرها المتخم بالشوق للمساته , ودون سابق انذار وشوشها أحبك جدا ألا تعلمي بأن الحب لأجلك انوجد , قالت وأـ ـ وقبل أن تكمل وضع سبابته على شفاهها مكتفيا بأنها بين يديه وطامعا في لمس الشفاه , قال كتبت لك قصيدة , أدارت وجهها نحوه فالتهم أنفاسها ,أغمض , شهيق لا يود بعده زفير , فتح عينيه على عينيها داخ في عشقها كأنها أول مرة يدخل فيها هذي العيون ,يا إلاهي نسيت القصيدة قال , ضحكت بصوت مرتفع , قال نسيتُني في عيونك , أعادة رأسها على كتفه , قال لكني ما نسيت عقد الياسمين , فهو خارج ارتباكات الذاكرة ,عدلت رأسها ألبسها العقد مارا بأصابعه الشغوفة بكل لين على عرجون عنقها السماوي, تنشقت ياسمين أصابعه واتحدت وأضلاعه في الاقتراب ,وسارا مسافة ألف شوق واحتضان , لاذا تحت أوراق النخيل النحيلة في قبلة توقظ الحنين وتدخلهما في بداية مشاوير الياسمين والنبيذ

      قبل أن يدق رنين النجمات ويعلن صحو النحلات وتتثائب ليلة من أبهى الليلات

      تعليق

      • يزن السقار
        أديب وكاتب
        • 20-03-2010
        • 110

        #18
        الليلة السابعة عشر





        تبختر الفتى في ذاكرة الوطن والعشق, اثقلته مشاويره الصامتة, هذا الرصاص يخزّ وطيفها المشتهى يمسّ شغافه بلا لين , حب وحرب ولقاء عشق يشق أثواب المحال , على الطريق صوت بكاء وقُبلة , أزهار فل و أنين , مساران هو العشق عيونها والوطن ,والشوق قماط يلفّه , ( طفولية صرخات احتياجنا ) قالها وهو ينبش أشيائه الداخلية , زادت قناعته أن الوقت معاند و أن العشق مرهون (بالتكتكات) , غزالة في اللقاء وسلحفائية في تراتيل الشوق .
        رتّب كل نبضات الوطن في عمق الذاكرة و اصطفى واجهة لعطر معشوقته البربرية , تفقّد الوردة الحمراء وأنفاسه المتعبة , دوزن بوصلته نحو الليل ومشى وفي ذهنه ألف سؤال وشوق , تسلق المساء ( مقاتلا وعاشقا ) بين صوت الأرض وعطرها الهاطل من السماء ,يردد اسمها ويتنشّق عطر الشهداء العائد للسماء , يرهقه هذا الإحلال السماوي , لا يخرجه منه سوى ابتسامة الأرض الغامزة بمعرفتها لدورة الزمن و أن الزهر لا يموت قبل أن يزرع في رحم التربة قبائلا وقبائلا , لازالت الوردة الحمراء في كفه ولازال الليل يقترب ,وهدير معشوقته يردد وقتا غير الوقت ويروي حواس الطريق والقمر .
        هنا حيث العشب العربي ينموا سيكون اللقاء , اشعل قناديل أصابعه الخمس وابقى خمسا للحوار , جمع عشر قصائد غزل جاهلية, وضّبها وسادة ولحاف ,تفقّد خمر فمه و اتكأ على أول نجمة ليلية , يا لهذا النهار الهابط من السماء يا لرحيق التاء الكافر بكل صنوف السكات يا لقابلية الموت والحياة , كلما اقتربت هزّهُ شيء من المستحيل وانتفضت ألوانه بسخاء , أحبكِ ( ذاتها الكلمة العاجزة عن ترجمته ) تبسمت عيناها , اقتربت , أشتاقكِ , توحدت , سكت المكان وتبادلا سر الشوق دون صوت , لازال خمر فمه يُسكر ولازال نبيذها حياة , تشابكت خمسه بخمسها , وخمسه مشعلات قناديلا وخمسها تخبئ دعاء الأمهات وسيف جدّها , ذابا حد البلل و , قالا شهوة القول



        قبل أن يدق رنين النجمات ويعلن صحو النحلات وتتثائب ليلة من أبهى الليلات



        تعليق

        • عائده محمد نادر
          عضو الملتقى
          • 18-10-2008
          • 12843

          #19
          الزميل القدير
          يزن السقار
          وصلت لحد الليلة الخامسة
          رائع
          رائع
          رائع
          لحد هذه الصفحة كانت اللغة شعرية ساحرة تعوم على العشق وعلى نسق ألف ليلة وليله
          أحببتها لفرط الشفافية والسرد الشيق الممتع
          شعر يموج بسحر الجنون وأنا أعشق المجانين
          أحب العشاق والعاشقين وتغريد الشحارير
          جميلة وسأعود لأكمل لأنها تستحق
          تحياتي لك وهلا وغلا بك
          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

          تعليق

          • عائده محمد نادر
            عضو الملتقى
            • 18-10-2008
            • 12843

            #20
            الزميل القدير
            يزن السقار
            أنهيت الليلة العاشرة
            وبالرغم من جنون اللحظة
            ورهافة المشاعر وشفافية السرد لكني أحسست أن الدائرة تعودي بي لنفس المحطة
            لحظة انتظار ولقاء
            كمن أصيب بالشبع المفرط بعد وجبة دسمة أكل فيها الكثير ولم يترك مجالا
            تمنيت لو أنك وعلى نفس النسق أدرجت حادثا يجلجل لحظة وقوعه أو هناك متربص يفسد بعض الليلة
            أو حجر يرمى على بركة ماء ساكنة تشبه وجه القمر فتتحرك المياه وترسم تلك الأقواس والدوائر التي تجعلنا نتابعها بالرغم من تكديرها لصفو المياه
            هناك بعض الهنات وهناك الفواصل التي أهلمتها مما جعلتني أعود للسطر كي أقرأ مجددا
            لكن هذا لا يمنع أبدا من أنك تصف بشكل ممتع وشاعري وفيه سحر
            تحياتي ومحبتي وسأتابع ايضا
            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

            تعليق

            يعمل...
            X