دخان برائحة السوسن

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • غالية ابو ستة
    أديب وكاتب
    • 09-02-2012
    • 5625

    دخان برائحة السوسن

    إهداء---إلى روح ابن أخي* الشـــاب الشــــهيد سعيد
    فقد استحضرت -اسمه فيها-فله الرحمة وجنان النعيم

    دخان برائحة السوسن
    ******************

    اعتادت أم ثائر أن تزور المقبرية الغربية---التي سمّيت مقبرة الشهداء---على يمين معسكر اللاجئين في خانيونس ،تخنقه مستوطنة تَحُول كثيراً بين الأمهات و زيارة أضرحة أبنائهن ---تقول أم ثائر محدثة نفسها، لا يمكن أن أغيب عنك يا نور عيني يمه يا سعيد ، كفاية انحرمتك بالحياة وانت في سجنهم، الله يحرقهم ويحرق سجونهم،وقتلوك يمه --براحتهم ، على مهلهم، ياترى يمه كم موته موّتوك!
    الله ينتقم منهم.
    أذن الظهر--بسم الله وعلى الله توكلت ، لا حول ولا قوة الا بالله ! سعيد يمه، شايف أخلى عليّ البيت،
    البنات في المدرسة ، ومها تزوجت والاولاد كل في عمله، هه قال عمله قال أي هو فيه عمل ، مع أصحابهم والله يسترها معهم--------يا رب أنت وكيلنا،
    يا مستعمرة الهمّ---هزت رأسها وقد راقتها الفكرة --الظهر ---في عز الظهر راح أزورك يمة يا حبيبي،ووو أصلي عندك ،أيوه عندك،يطخّوا يحرقوا هي موتة، هو بعد الموت فيه شوق والّا حتى همّ------طز فيهم و شمسهم نص الليل.
    اتكلت على الله،كانت تناجي نفسها، والدموع تحفرفي خديها بأنين الوجع ،اعتادت عليهما في كل وقت وأينما كان.
    كانت أم ثائرفي منتصف العمر---تخاطب في طريقها أمام المستعمرة، ابنها الشهيد مرة-والمستعمرة مرة-الله ينتقم منهم، قالوها من زمااان ( لو ما خفت ولا استحيت افعل ما تشاء ) والله صدَقوا،متى تنقلع هي واللي فيها، تمسح دمعها بقناعها، يا ريت يمه ما كنت أمنعك عن هالقعدة مع أصحابك ، في هالسوافي هذي، كنت خايفة عليك! اييييييييه صدق اللي قال:-
    (المكتوب ما عنه مهروب) يا رب أوصل ما أشوف واحد من شياطين مستوطنة الموت هذي!
    وصلت-المجنة--وقفت عند ضريح ابنها :-السلام عليكم يا يمه يا سعيد، انا بخير يمه، ما ببكي ولا بنوح عارفه إنك شهيد حي، أنا اللي متت يا قلب أمك!
    لا يمه انا بخير اطمئن، والرئيس يمه وعدنا يحججنا انا وأمهات رفايقك وغلبها النَشَيجَ ، كان نفسك تحججني-هيني باستعد للحجة يمه اطمئن، بس من غيرك يا حبيبي آه يا دنيا ما رحمتينا!
    فردت سجادة صلاتها، صلت وبدأت تدعو لابنها ولإخوانه الشهداء بالرحمة،
    رائحة كالبخور تفحفح---هه يا كريم يا رب (هذي ريحة الشهادة) قالت بصوت خفيض تخاطب نفسها---بخور! ( لا والله ريحة ورد)
    سوسنة حزينة تتراءى أمامها---قالت في نفسها وما العجب! ما هو السوسن ينبت دائما على قبور الشهداء.
    صوت هامس( لا يا خاله أنا غير) يمكن تتذكريني ! انظري ليّ ملياً---- أنا رولا بنت أم حسين.
    أخذت أم ثائر تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، تقرأ المعوذات،وتستغفر.
    الهمس يستمر---أنا رولا(ول ياخالة ست سنوات نستك رولا، كنت صاحبة مها بنتك، صدقيني، أنا صاحبة مها)!
    هرب الكلام عن شفتي أم ثائر، اصفرّ وجهها، تقرأ بصوت يرتفع شيئاً فشيئاٍ (قل أعوذ برب الفلق) ونسيت التتمة تلعثمت -تتمتم ،أعوذ بالله من غضب الله تتمتم في نفسها معقول زيارة القبور حرام مثل ما بيقولوا في الجامع ! يارب عفوك(يارب هذا سعيد ابني، يا رب وجلالك ما بقدر أغيب عنه،يا رب-يا رب -أنت خلقت قلوبنا ونبضها وحسّها---ارحمنا، يا ريتني متّ قبل فقدك يمه.
    الهمس لم ينقطع(اسألي مها عني) والله بفرح بشوفتك ،أقول لك شيئء في بالي وخاطري -الله يخليكي لاتخافي مني واسمعيني!
    فزت أم ثائر مذعورة،نسيت أن تودع سعيد كالعادة، ونسيت تقبيل تربته، السوسنة تتبعها، تحلق لها ،
    كممت وجهها بقناعها كي لا ترى زهرة القبور المرعبة ، نسيت اليهود والمستعمرة---تبسمل- تتعوذ-تحوقل لم تترك شيئا تعرفه من الاستغفار إلّا وقالته حتى وصلت بيتها،
    ارتمت في سريرها، أغلقت الباب ، تربسته ولم تفكر في شيء وهي تتخيل الزهرة الحزينة أمامها ، لم يهدأ روعها بعد ، فتحت الباب!
    شربت رشفة ماء بالكاد دخلت جوفها----هيّ--حقيقة والّا خيال ! يا مثبت العقل والدين يا رب دخلك.
    صدى الصوت لم يزل يرن في سمعها!
    قالت في نفسها: -----لا لا هذا مستحيل --أروح عند أم محمود جارتي، إنا لله وإنا إليه راجعون ، قالتها وهي ترد الباب خلفها.
    دقّت على الباب يا أهل الله --يا أهل الله ، أقبلت أم محمود قائلة :-يعني اليوم صرنا غرباء يا أم ثائر! ما كان دخلتي
    من غيرما تقوميني هههه----أم ثائر صامتة !
    يلعن شرك وين ما طلّيتي الضحى ، والله يا شيخة اشتقت لك---أم محمود تتكلم وترد على نفسها.
    أم ثائر لا تنطق ببنت شفه !
    تتأملها الجارة باستغراب: مالك يا مره ؟ ايش فيه؟ صمت كصمت القبور ، صفرة الموت على محيّا أم ثائر!
    سلامتك يا أختي لا أسكت الله لك حسّاً، لا تكوني اليوم ما قدرت تزوري سعيد!
    هزت رأسها بالنفي وكصوت خرج من قاع بئر عميق أجابت : زرته
    تقول أم محمود لأم ثائر وقد ظنت أنها فهمت كل شيء، آه راجعة من عنده، الله يرحمه وجميع الشهداء، وأكملت يعني يا أختي إيش جد اليوم، ما هو أنت متعودة على هالزيارة! سامحيني يا أختي (يا ما مشينا وجينا والتعب مخلوف) في الجنة يا قلبي في الجنة.
    لا جواب ولا كلام أم ثائر صامتة فقط تهز رأسها كأنها تنفي وتثبت وتتعجب ثم تبهت في ذهول!

    تقول ام محمود وهي تلقّم إبريق الشاي ، والله حالها مابيسُرّ عدو ولا صديق---يا حسيرتي عليك ياأم ثائر، اييش جرى لك من ورى القبور!
    وترد على نفسها لكن هذا سعيد الغالي حبيبها؛ يكسر إيدَيّات اللي قتله !
    وضعت أم محمود صينية الشاي أمامها---اقتربت منها ، حضنتها ، قبّلت رأسها قائله:- والله ما أنا عارفة ايش أحكي وايش أقول أردفت يعني هو أحمد رخيص علي يا خيتي، يعلم الله باللي في القلوب!
    ارتشفتا الشاي---وابتدأ روع أم ثائر يخفّ شيئاً فشيئاً--لكن كأس الشاي يرتجف بكفها---وكأنها تفكر بصوت مسموع(أي والله ما أقطعها زيارة سعيد)
    يا حبيبتي يا أخيتي قالت أم محمود وهي تنظر للكأس يرتجف ، بينما أم ثائر محرجة.
    أم ثائر بهمس الله يرحمهم كلهم-------والله احمد في قلبي ما يقل محبة عن سعيدلكن الناس قالوها من زمان(انعي الجديد خلي القديم بحاله) إيييييييه
    طلع التأوه من كلتيهما---بلون الهم --بَلوَه وابتلينا بيها!
    أم محمود ترد ما لها غير الله----والله يا خيتي عربنا شكلهم ما نافعين فدو ولا ضحية! وكأن الكلام نزل سلسلاً على قلبها، وخرجت عن ذهولها ،خليها على الله يا أم محمود انتي ما بتسمعي الأخبار----- حكامنا سلاحهم لشعوبهم! حتى اللي بيتظاهر عشانّا بيقتلوه-حسبنا الله
    أم محمود بحسرة : شفتي شفتي الهنا اللي احنا فيه----أويلاااااه علينا--ماهم قالوها من زمان ما بيحك جلدك غير ظفرك.
    من وييييين إلنا سلاح---ماهي كل قطعة بتوصلنا عربنا بيقولوا عنها تهريب----يا خيتي كنهم بيساعدوا اليهود علينا هذول الحكام
    تَوْنَا عرفنا ليش ما بننتصر ولا في حرب!
    ربنا يلطف بينا يا أم محمود هه--(ميعاد رواح البنات من المدرسة اسمحي لي) قالت هذا وهي تستجمع جرأتها لتطلب من أم محمود
    مرافقتها للمجنّة غداً ، ترددت وأم محمود تحسّ بأن في قلبها كلاماً تريد قوله----حبيبتي أم ثائر شكلك بدك تقولي حاجة-لا تستحي مني يا أخيتي أمانه تفضفضي.
    ما هو احنا هيك يا النسوان حكايات الباب ما بنستغنى عنها ---يالله يالله قوولي لخيتك يعني بدك تفضفضي لمين غيري!الكلمة بتسطح
    إن ظلّت بالقلب تجرح .
    باستحياء قالت لا والله كنت نفسي أقول لك بكرة الظهر ،تروحي معي ع المقبرة! سامحيني ما بدي أفتّح مواجع -بس والله اليوم استوحشت لحالي ما أنا عارفه ليش!
    أنتي تؤمري-----بكرة أطبخ بدري وأروح معك ومنه بازور سعيد واحمد.
    في عز الظهيرة دقت أم محمود على الباب ،كانت أم ثائر تنتظر بجانبه، خرجت مسرعة واتجهتا للمجنة.
    اقربتا من الباب ففاحت رائحة السوسن -اصفرّ وجه أم ثائر، وبدا عليها الارتباك
    السلام عليكم يا شهداءنا--أم محمود تردد --وتقف عن شاهد أول ضريح هذا محمد صاحب أحمد الله يرحمه الفاتحة---تقرأ الفاتحة ومعها أم ثائر .
    قلب أم ثائر يكاد يهرب من صدرها ، تتصبّر، تركز نظرها على أم محمود، لاتريد أن تنظر لشيء آخر
    المرأة منهمكة في قراءة القرآن والدعاءوتترحّم، بين لحظة وأخرى تقول :--شهداء يا أخيتي، شهداء أحياء عند ربهم يرزقون!
    أم ثائر ملتزمة بالصمت التام، تفكر فيما هو قادم ، اتجهتا لضريح آخر فثالث ---فرابع واستمرت أم محمود في الدعاء للشهداء بالرحمة ---يا رب -يا رب .
    هنا ورود مدفونة -قتلهم المجرمون --يا رب تقبلهم شهداء وتجعل نهاية تضحياتهم النصر.
    وأم ثائر جفت منها الدموع، بالكاد تلقط أنفاسها، تلتفت إليها أم محمود شايفة يا أم الشهيد ، هذول بكرة بيشفعوا لنا، يا أختي انطقي فقعتيني---الحزن بيقتل يا حبيبتي ، يالّا يالّا على ضريح الغالي وسحبتها من يدها ،
    أم ثائر لا تنطق ببنت شفة، رأت السوسنة تتراقص أمامها، كأنها فتاة جميلة تلوح أحياناً أمامها--تمالكت نفسها ،
    اقتربت من أم محمود قائلة: شايفة حاجة يا أم محمود !؟شايفة رحمة ربنا على الشهداء، شايفة القهر في قلبي،
    هان الشباب العايقين ارتاحوا-يا ريت ما خلص رصاص سلاحو وانهمرت دموعها ، هان تحت التراب يا أم ثائر فرحتنا اندفنت.
    ويسود صمت رهيب ، أم محمود تتلو آيات قرآنية في سرّها، ودموعها تذرف.
    أم ثائر عصافير قلبها تفرفط من الرعب،أمسكتها أم محمود من يدها، هيه وإنت أم الشهيد ( يا عيني هوني-زي الناس كوني) مالك يخيتي ذاهلة ، هيّ أول مرة تدخلي هنا ‘ ع الحساب كل يوم وانت هان!
    انزور باقي الشباب ، يمه يا حبايبي، ياما أكلوا من إيدي هذي ، ياما رنّت ضحكاتهم في دارنا مع أحمد!
    الله يمه يسامحكوا ويرحمكوا، تضحك إلكم الجناين يمه يا حبايبي.
    أم ثائر تشاغلها زهرة الحزن، مرة في شكل زهرة، مرّة طيفاً ليس بالغريب عليها
    نطقت على حين غرة ، والله كني بعرفها!
    اسم الله عليكي أخيتي، هو أنتي عن أي شيء بتتكلمي؟ بتعرفيها؟ هي مين؟ المقبرة!
    وزهرة السوسن الحزينة تندار وتلتف حيثما تتجه أم ثائر!
    كانت فرائصها ترتجف ، تنظر لأم محمود وهي تتكلم ، تلتصق بجارتها مذعورة، بينما الأخرى لم تفهم شيئاً
    لم تر شيئاً غريباً الّا حالة صاحبتها، أزعجها ما ارتسم على محياها مذ دخلت المجنة.
    دعت أم محمود صديقتها على كأس شاي، فالوقت لم يزل مبكراً على عودة الأولاد من المدارس.
    دخلت معها وجلست مرهقة على أول كرسي واجهها، بينما أم محمود تتمتم بينها وبين نفسها ، مسكينة الصدمة شديده، لم تبهتها الأيام، آه--والله يا حسيرتي معها حق، انقتل بين ايدين الظَلَمة في سجن البين والهمّ.
    حسبا الله عليهم----يا رب ما لنا غيرك.
    دخلت وبِشَي من الفكاهة يالله يا ختي نشرب شاي بالنعناع، يشفي من الأوجاع، هههه بالله مش أحسن من دوا الوكالة حبة أسبرين
    تفضلي، شاي أختك أم محمود.
    والله نفسي مسدودة عن كل شيء ، لا ياختي النعنع بيفتحها توكلي على الله--عدلي راسك يا الله، تفضلي
    مدّي إيدك الله لا يكيدك مالك يالّا ياحبيبتي مالك ! هذا هو حالنا، يعني هم أرجل منّا، ما نواجهّم!الله يرحم الشباب ويحيّي التراب اللي لمتهم.
    أم ثائر كانت في عالم آخر، بين سعيد والسوسنة،يرن في أذنها صدى قول السوسنة أمانة خليكي شوية، بتونّس بيكي يا خالة.
    فجأة انتبهت وبضحكة باهتة مصطنعة قالت:-اعذريني والله ما كنت هنا ، الله يرحمنا برحمته
    احتست الشاي، وشكرت جارتها، ولأنها لاتريد أن تسمع أو تتكلم! عادت لبيتها أغفت وهي جالسة في غرفة الجلوس
    صحت شاردة النظرات على صوت بنياتها ، قامت مترنحة سكبت حلة المقلوبة في الصينية، وضعتها على طبلية الطعام ، جلست تنتظر
    حضر زوجها متعباً، يبدو عليها الشحوب ، ساءه الأمر ولم يُظهرذلك.
    سلمت يداك يا أم ثائر حبيبتي ، الله يحفظ لي إياكي يا الغالية،
    وطبع على جبينها قبلة ، استحضرتها دمعة ، أحست بعطف أبو ثائر وهو أحوج منها للعطف ،كانت في عالم المجنة والسوسنة الحزينة!
    قال وهو يصطنع الدعابة ، أكيد سنأكل أصابعنا اليوم ما أحضرت الحبيبة الملاعق هههه، ولا حتى الصحون
    لم تنبس ببنت شفة! بمرح جرت غادة نحو المطبخ قائلة ، أجيب لي صحن أكاد أموت من الجوع ، وأنتم أحرار!
    لا هاتي للجميع ،حبيبتي بابا، وهاتي معك الملاعق،وقبل أن يسكب أحدهم شيئاً من الطعام دخلت مها-----انطلقت أخواتها هيييييييييييه مهاااااااااا ماها--ماها--وأخذن يصفقن ويتسابقن لاحتضانها بالسلام والقبل.
    حماتك بتموت عليك يا مها يا بنتي، لا يا حبيبي حماتي ماتت قبل ما تعرفني، الله يخرب بيت الاحتلال ويومه---هدوا البيت عليها بدري سَلَف!
    أشار لها والدها الا تأتي على سيرة الموت، وكز بأسنانه على شفته كاد يدميها ، منبهاً لئلا تنزعج أمها
    جرت غادة برشاقة غزال نسينا السلطة واللبن، وهذا السفن أب -----يا الله بالهنا والشفا.
    أم ثائر فرحت بمقدم مها - كانت محتاجة لها جلست دون أن تسكب في صحنها شيئاً كانت صامتة تماماً،
    صممت مها إلّا أن تأكد من يدها فألقمتها ملعقة أتبعها أبو ثائر بملعقة ثانية وثالثة --قامت بعدها لأنها تشعر بصداع، واستسلمت لنوم مخاصم لعيونها، لعلّ وعسى!
    تنهد أبوثائر وهو يهمس لمها-----والله يا مها يا بنتي أحوال أمك هذه الأيام لا تعجبني.
    أمي أمي--- ما مالها ؟ بابا----طمئني --.
    لا تنزعجي والله دائمة السرحان ، تذبل يوماً بعد يوم! وتنزعج على إخوانك بطريقة كبيرة.
    لا والله هذا الأمر لا يمكن السكوت عليه، سآخذ إجازة طارئة ، واتصلت بزوجها تخبره أنها ستنام الليلة عند أهلها.
    بابا بعد إذنك ،أنا داخلة عند ماما لو ما في مانع،
    تفضلي يا بنتي تفضلي، الله يوفقك وتشوفي ايش اللي مذبلها ومتعبها ! ما هو كل بيت فيه شهداء لو على سعيد،
    صح بابا لكن أمي كتير حساسة ، هذي لوحدها مشكلة، وأنا شغلي عرفني على حالات كتير من هالنوع ، يمكن تفضفض لي
    قول يا رب يا بابا.
    قالت ذلك وهي تهم بالقيام بعد أن اتصلت بزوجها، دعته للغداء في بيت أهلها ،ولمّا اعتذر ،أخبرته بأنها ستنام عندهم.
    استلقت بجانب أمها، كحت كي تنبهها لوجودها، لكن الأم التزمت الهدوء والسكينة، لم تكن نائمة تماماً لكنها مسبلة عينيها وصامتة ،إحم إحم نحن هنا أم ثائر، أنا حبيبتك مهااااا ،
    تململت الأم ، حضنتها مها ، قبلت جبهتها ، رأسها، أمسكت بيدها وقبلتها قائلة مشتاقة لك يا ما ما كتير
    اشتقت لك كتير يا مها يا حبيبتي، كان صوتها حزينا ،وسقطت من عينها دمعة على كف مها.
    أمي حبيبتي تبكي ، يا عمري أنا، يا حياة مها، طيب أنا جئتُ لأفرّحك ---طلعت مرضتي الشهر اللي فات حمل يا ماما حمل، فرحت الأم
    مبارك يا بنتي ------شوفي يا ماما لو ولد راح أسميه سعيد ولو بنت راح أسميها أسميها أسميييييييها رولا.
    انتفضت الأم رولا.
    بلاش رولا يا بنتي بلاش رولا، حبيبتي ماما ماله اسم رولا ؟ حتى هواسم أصيل وجميل ، وهو كمان اسم صاحبة لي أحبها جداً وأعزها .
    وتنهدت الأم كأنها تذكرت شيئاً مولماً ---بلاش رولا.
    هنا كأن شيئاً ما دق على مركز التنبيه في مخ مها قالت بحنان، خلاص خلاص يا أمي أسميها على اسم القمر ست الحبايب
    وداااد ، أي هو فيه أسم أحلى وأغلى من اسم وداد، يا كل الود يا إنتَ ، وقبلت خدّ أمها وهي تهدهدها على كتفها.
    بصوت ضعيف ذابل قالت الأم لمها :--يا ريت يا مها تقدري تقضي معنا يومين!
    بمرح مصطنع لكنه حنون قالت مها:- يومين بس كل الأيام يا أمي على حسابك،
    أنا قلت لزوجي إني سأنام عندك يا ست الكل---إممممممممممموا قبلت جبهتها،آآآآآآآآه تبدو مجهدة ، عرقانة قالت في سرّها وهي تطبع قبلة أخرى مذابة بكل حبها ،وخوفها عليها.
    فرحت أم ثائرقائلة :-----الله لا يحرمني منك يا حبيبتي أيوه --خليكي تزوري معي قبر سعيد ، أخوك حبيبك يا مها زمان ما رأيتيه
    الله يرحمه يا ماما هو أحسن منا عند ربه في جنات النعيم، الحسرة علينا، وعلى المقيدين في زنازين الصهاينة الظالمين.
    شعرت أم ثائر ببصيص من الطمأنينة بوجود مها، فغداً ستصطحبها معها للمقبرة------ستؤنسها ولن تحرج من إطلاعها على كل شيء-عن رولا السوسنة الحزينة
    أعدت طعام الغداء على مزاج مها فهي تحب البرياني بالدجاج ، وقبل الظهر كان الطعام جاهز، لفّته في قطعة قماش سميكة،حتى لا يبرد، وتركته في ركن المطبخ كالعادة.
    اتجهتا معاً للمقبرة وقد أخذت معها مها بعض أغصان الريحان وبعض زهور الليلك الذي يحبه ثائر.
    فغرت أمها فاها عندما رأت زهر السوسن الرقيق مع الريحان، همست بينها وبين نفسها كمان سوسن يا مها ، وصلتا الضريح، بعثرت مها الريحان والسوسن عليه
    تغير لون الأم ، وتبدل حالها
    لم تعد تتكلم --إنها تستمع فقط ، جذبت ابنتها من كتفها شايفة شيء؟ سامعة حاجة؟!
    اسم الله عليك حبيبتي أيّ شيء مثلاً!
    انظري تلك السوسنة الحزينة أنها تحدثني ---سألتها ماذا تقول لها فأخبرتها بما كان، ثمّ نبّهتها
    -دخن يمة دخن بريحة الورد والبخور،ما شميتيه؟!
    قالت لها بحنان:- لأنك رقيقة وحساسة ،وأم شهيد يحدثك الليلك يا أمي يا بختك ههه ،وأخذت تهدهدتها بلطف-- عرفت مها بيت القصيد ،
    فهي ما زالت تذكر احتراق رولا ،السوسنة الرقيقة حبيبة سعيد، وتعلق سعيد بها، وتوصيته لأمه عليها،وأن ترعى زهر الليك وتهتم به.
    قررت من لحظتها أن تأخذ أمها معها لغزة ،حيث المركز النفسي لمعالجة المرضى النفسيين، من الفاقدين، ومن كسرتهم ظروف الحياة تحت الاحتلال .
    اتصلت بالطبيب الذي تعمل معه في المركز كمؤهلة للحالات البسيطة قبل عرضها عليهما هو أوزوجته، أخبرته بأنها ستصطحب أمها ، حيث تعاني من قصة حزينة أثرت عليها---وتم الاتفاق ، فهي مشرفة نشيطة ومحبوبة وصديقة د- بسنت زوجته الطبيبة المصرية
    أخبرت أباها أنها ستصطحب أمها معها لبيتها ، تغير جو وتعطيها بعض الأدوية من المركز .
    شجعها والدها قائلاً لا تخليها تقلق علينا، كل شيء راح يكون تمام ، بنتي حبيبتي اهتمي بيها، وخذي بالك منها ، حالتها ما بتطمئن .
    أخبرته أن موضوعها سهل وأنها تحتاج تغيير جو لا أكثر.
    تشجعت أمها أكثر عندما أخبرتها أن زوجها يحب البرياني من يدها، وأنها ستأخذ طاسة صغيرة وفرخة وسيأكلون معاً في بيتها .
    وفي المساء بعد أن انتهى العمل في المركز ، أخذت مها علبة شوكولاتة أنيقة لتقنع أمها أنهما في زيارة
    استقبلتهما د- بَسَنت أحسن استقبال، وبدأ التسامر قصت د بسنت قصة حضورها كمتطوعة لغزّة، وقصة زواجها من الدكتور عماد، وما يلاقون من عناء في التوفيق بين البيت والمركز بالذات وكثرة المراجعين،وكيف أنّ أفقر فقراء غزة لا يشغلون بناتهم كخادمات في البيوت!
    وبدأت مها تتحدث عن خانيونس وشهدائها ، وترحمت على أخيها سعيد الشهيد وروت بعض بطولاته ، وكيف أن عمله كفدائي مناضل حرمه من الفتاة التي أحبته وأحبها كانت تتكلم وتنظر لأمها قائلة :- لو نسيت يا ماما يا حبيبتي شيئاً ذكريني به.
    كانت الأم ملتزمة بالصمت، وكانت مها تريدها أن تتذكر وتتكلم، وتستوعب ما جرى،قالت أنه كان يحب صديقتها وتحبه ، حباً نقياً بصمت وإخلاص ،وأنها من أحضرت لهم شتائل زهرة الليلك ( السوسن).
    تململت الأم - وفغرت عينيها وهي تنظر لابنتها التي تتحدث، قالت حسرتي عليها كانت يتيمة، وأجبرها عمها على الزواج من ابنه الجلف،
    رحمت نفسها منه ، أنهت حياتها يوم الصباحية .
    أكملت مها لأنه دبّ نفسه عليها كثور هائج،لم
    يراعِ إنسانيتها وهي الرقيقة، ولم يحترم وضعها ويثور عليه لأنها سحبت إليه كسبيّة!
    أخبرتني قبل أن تشعل عود الكبريت في بدلتها، وقد أمروها بالاستعداد للاحتفاء بصباحيتها ،
    وكانت تحب أخي الشهيد (سعيد ) رحمه الله.
    بهدوء قالت الأم مات بحسرتها .
    أكملت مها حقيقة كما أخلص للوطن أخلص لحبه ،وأخفينا عليه خبر احتراقها، لليوم زهر السوسن في بيتنا يجدد ذكراها،هي من أحضرته-----الله يجازي عمها وابن عمها----
    تلاقوا يا حسرتي في البريّة --قالت أم ثائر بهمس فهمته مها،
    و بصوت حزين قالت:- أنا وصيت أبو ثائر يخلي قبره قريب من قبرها----------حسرتي على الشباب المغدور،
    المرحوم كان في المعتقل، وكل ما يسألني عنها أقول بخير وتنتظرك، وكان يبعث لها السلام والزخارف على المناديل البيضاء، ودموعها تغالبها وهي
    تتحدث عنهما ويتساقط العرق من وجهها ، يكفهر مرة ،ويصفر مرة أخرى.
    هي كان اسمها رولا قالت مها--انتفضت أمها --رولا بنت أم حسيين صحيح ذكرتيني، أيييييه الله يلعن أبو الدنيا يااااااما أخذت شباب حلوين
    وياما فرقت ناس!
    أشار الدكتور لمها أن يكفي الليلة فالمرأة اختنقت بالذكريات التي تريد أن تنساها ،ولا تريد الإقرار بها، ولكنها تحاصرها بما يشابهها، ويبعث الذكرى.

    8-12-2013
    الأحد

    ي
    يا ســــائد الطيـــف والألوان تعشــقهُ
    تُلطّف الواقـــــع الموبوء بالسّـــــقمِ

    في روضــــــة الطيف والألوان أيكتهــا
    لـــه اعزفي يا ترانيــــم المنى نـــغمي



  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    الزميلة القديرة
    غالية ابو ستة
    الحقيقة دخلت لأعدل بعض الهنات الصغيرة لكن الشابكة لم تعني
    والتحديث جار على قدم وساق فتركتها
    بدا لي النص وكأنه يصلح ل ( تمثيلية ) أو مسرحية قصيرة
    أنا أحب أدب المقاومة لأني أكتب في هذا المجال
    لكني أجد النص يحتاج منك لعودة له
    وتغطية الحدث بصورة تجعله أكثر قوة
    فهناك بعض الجمل التي بدت لي ( عائمة ) مثل
    فكيف تفر واقفة،
    كمن لسعته عقرب فرّت واقفة، السوسنة تتبعها، تحلق لها ،(أمانة عليكي خليكي شوية)
    وبصورة عامة رؤيتي تقبل الخطأ سيدتي
    تحياتي ومحبتي وسلامي لأهنا في غزة وفلسطين كلها
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • نجاح عيسى
      أديب وكاتب
      • 08-02-2011
      • 3967

      #3
      اهلا يا غالية مساء الخير
      سامحك الله ,,!
      كتبتِ هذا النص المطوّل ...بكل تلقائية وعفويه ..وبلغتنا الفلسطينية الأليفة ..
      وكأنني كنت أرافق المرأتين في حديثهما وحوارهما المحمل بالوجع ..
      اقول سامحك الله لأن القراءة أوجعت قلبي ...وجعلت مسائي حزيناً ..
      خصوصاً ..وأن رام الله ودّعتْ شهيداً ..من أطفالها ..فتى في الرابعة
      عشر ..اصطاده قناص مجرم ..أثناء لعبه لكرة القدم مع اقرانه في ملعب
      مدرسة الآولا د في مخيم الجلزون الملاصق لرام الله ...هكذا وبدون ذنب
      لم يكن يضرب الحجارة ..ولا يحزنون ..ولا كان هناك مناوشات ..أو أي شيء
      هكذا فعلها هذا الحقير بدم بارد ..وكأن راهن نفسه الخبيثة أو أحد زملاءه المجرمين
      أمثاله على قدرتهِ على قتل ( إنسان ) واغتيال روح برصاصة واحدة ..
      ولعله هتف فرحاً حين سقط الفتى مضرجاً بدماءه ...!!!
      عموما لا اخفيك انني قرأت قصتك وقلبي يرتعش حزناً ...ووصلت لغايه
      دخول المرأتين إلى المقبرة ، ولكن لم استطع الإسترسال في القراءة أكثر
      فقد سيطر عليّ الحزن والغم ..والكآبة ..خصوصا وأنا وحدي وباقي الأسرة
      في الخارج ..
      عموماً القصة كما قلت لك تنضح بوجعنا الفسطيتيّ الواقعي ..لا دخل للخيال فيها ..
      فواقعنا عالم من القصص والمواجع يمكن له أن يملأ ملايين الصفحات ..والكتب ..
      بما لا يصدقه عقل من الفواجع والمآسي ..
      لكنها طالت جداً يا غاليه ..ليتك تحاولي بعض الإختصار في الأحداث أو الحوار ..
      فلديك نفس طويل في القص والسرد ..قد يؤهلك لتجربة الكتابة الروائية ..
      هذا ما قاله لي البعض ايضاً فأنا مثلك احب وصف التفاصيل الدقيقة ..
      ولكن قراء القصة القصيرة ربما ليس لديهم الوقت لقراءة النصوص الطويلة
      حين تقع تحت بند القصيرة ...
      عذراً للإطاله يا غالية
      تحياتي ..ولقلمك المناضل كل التقدير ..
      ولي عودة طبعاً لاستكمال القراءة ..بعد أن تهدأ أعصابي ..ويأتي مَن يؤنسني
      في البيت ههه..!

      تعليق

      • غالية ابو ستة
        أديب وكاتب
        • 09-02-2012
        • 5625

        #4
        عائده محمد نادر;الزميلة القديرة
        غالية ابو ستة
        [gdwl]الحقيقة دخلت لأعدل بعض الهنات الصغيرة لكن الشابكة لم تعني
        والتحديث جار على قدم وساق فتركتها
        بدا لي النص وكأنه يصلح ل ( تمثيلية ) أو مسرحية قصيرة
        أنا أحب أدب المقاومة لأني أكتب في هذا المجال
        لكني أجد النص يحتاج منك لعودة له
        وتغطية الحدث بصورة تجعله أكثر قوة
        فهناك بعض الجمل التي بدت لي ( عائمة ) مثل
        فكيف تفر واقفة،
        كمن لسعته عقرب فرّت واقفة، السوسنة تتبعها، تحلق لها ،(أمانة عليكي خليكي شوية)
        وبصورة عامة رؤيتي تقبل الخطأ سيدتي
        تحياتي ومحبتي وسلامي لأهنا في غزة وفلسطين كلها


        [/gdwl]

        الأستاذة القديرة--الزميلة عائدة محمد نادر
        كل التحايا
        تشرفت قصتي جداً بقراءتك، وأثمّن رأيك ولن أهمله ،
        حقيقة أكتب مباشرة ثم أنقح على الكيبورد، وأشكرك على تنبيهك
        وممنونة جداً--للقراءة الجادة والتوجيه أختي الغالية،
        كان الله في عونكم في بغداد الغالية على قلوبنا، وكل العراق.

        قصص المقاومة للحقيقة--كتبتها وقت كانت المقاومة مقاومة
        الان أكتب تقريباً عن أحزان المقاومين ومآسيهم وقدأحبط
        المقاومون للأسف من كل النواحي

        القص(في رحاب الوطن غالباً)
        من الفن المفضل عندي منذ بداية كتابتي، وعندي كم كبير
        منه في مخطوطات معدة للطبع -وليست القصة بالفن
        الجديد عندي، أنما في النت لم أكتب قصصي حيث بدأت
        متأخرة--لأسباب كثيرة
        شكراً على القراءة، والملاحظات القيمة -شكراً لك عزيزتي
        ولك تحياتي وسلامي ولبغداد حبيبتنا---واسلمي وكوني بخير





        ودي ووردي

        يا ســــائد الطيـــف والألوان تعشــقهُ
        تُلطّف الواقـــــع الموبوء بالسّـــــقمِ

        في روضــــــة الطيف والألوان أيكتهــا
        لـــه اعزفي يا ترانيــــم المنى نـــغمي



        تعليق

        • غالية ابو ستة
          أديب وكاتب
          • 09-02-2012
          • 5625

          #5
          نجاح عيسى;اهلا يا غالية مساء الخير
          سامحك الله ,,!
          كتبتِ هذا النص المطوّل ...بكل تلقائية وعفويه ..وبلغتنا الفلسطينية الأليفة ..
          وكأنني كنت أرافق المرأتين في حديثهما وحوارهما المحمل بالوجع ..
          اقول سامحك الله لأن القراءة أوجعت قلبي ...وجعلت مسائي حزيناً ..
          أهلاً بك---ومرحباً وخلصكم الله من شر المغتصبات المجرمة(مثلنا)
          صدقت يا صديقتي لم أكن فكرت فيها ،انسابت على سجيتها فمن عادتي
          أن أكتب مباشرة وعلى نفس واحد ، فقد مللت الورق،كتاباتي السابقة
          كلها على الورق وما زالت---(يقولون الأيام الجميلة قصيرة--والحزينة طويلة
          وقصتنا مع الأيام حزينة-----_)بالطبع سأعود أنقح
          وسأحذف بعض العبارات، واليوم قهرتني المستوطنة بقتل الطفل يلعب
          أشعلت جمرة الغضب على الاستيطان(الاستحلال-الاغتصاب)
          فشمل الاغتصاب كل شيء في حروفي هنا--ليس بيدي!

          خصوصاً ..وأن رام الله ودّعتْ شهيداً ..من أطفالها ..فتى في الرابعة
          عشر ..اصطاده قناص مجرم ..أثناء لعبه لكرة القدم مع اقرانه في ملعب
          مدرسة الآولا د في مخيم الجلزون الملاصق لرام الله ...هكذا وبدون ذنب
          لم يكن يضرب الحجارة ..ولا يحزنون ..ولا كان هناك مناوشات ..أو أي شيء
          هكذا فعلها هذا الحقير بدم بارد ..وكأن راهن نفسه الخبيثة أو أحد زملاءه المجرمين
          أمثاله على قدرتهِ على قتل ( إنسان ) واغتيال روح برصاصة واحدة ..
          ولعله هتف فرحاً حين سقط الفتى مضرجاً بدماءه ...!!!
          عموما لا اخفيك انني قرأت قصتك وقلبي يرتعش حزناً ...ووصلت لغايه
          دخول المرأتين إلى المقبرة ، ولكن لم استطع الإسترسال في القراءة أكثر
          فقد سيطر عليّ الحزن والغم ..والكآبة ..خصوصا وأنا وحدي وباقي الأسرة
          في الخارج ..
          اقرئي باقيها حيث الحزن المركب، لا تحبطيني كلها 20 دقيقة ما تلزم لقراءتها
          من سيقرأ لنا إذن!
          نعم كان يتسلى، وقد تسلوا بالكثير هنا في غزة، ابنة عمي يتيمة، واشترت كلفة لفستان العيد
          قتلوها برصاصة في المكان الذي تراهن أصحاب المجرم أنه لن يصيبه، فنشن وقتلها ومعها
          ما أعدته من لوازمها للعيد-----وصاروا يصفقون ويصفرون - وهي تلبط في دمها
          مع حاجيات العيد الأنثوية،وكذا قصة مشابهة، كان هذا قبل الانتفاضة الأولى لذلك
          ضحينا وطردناهمما معنى صبركم ؟ لست أفهم ! إلى متى؟
          عموماً القصة كما قلت لك تنضح بوجعنا الفسطيتيّ الواقعي ..لا دخل للخيال فيها ..
          فواقعنا عالم من القصص والمواجع يمكن له أن يملأ ملايين الصفحات ..والكتب ..
          بما لا يصدقه عقل من الفواجع والمآسي ..
          لكنها طالت جداً يا غاليه ..ليتك تحاولي بعض الإختصار في الأحداث أو الحوار ..
          فلديك نفس طويل في القص والسرد ..قد يؤهلك لتجربة الكتابة الروائية ..
          هذا ما قاله لي البعض ايضاً فأنا مثلك احب وصف التفاصيل الدقيقة ..
          ولكن قراء القصة القصيرة ربما ليس لديهم الوقت لقراءة النصوص الطويلة
          حين تقع تحت بند القصيرة ...
          عذراً للإطاله يا غالية
          تحياتي ..ولقلمك المناضل كل التقدير ..
          ولي عودة طبعاً لاستكمال القراءة ..بعد أن تهدأ أعصابي ..ويأتي مَن يؤنسني
          في البيت ههه..!
          مقتضى الحال أن قصص من هذا النوع-- من 3 صفحات تكثر بعض الشيء أو تقل
          ولا تأخذ قراءتها أكثر من 20 دقيقة
          الذي لا تعرفينه أنني كتبت 3 روايات منذ زمن ليس بالقريب،وقصص قصيرة
          بهذا الحجم أصغر أو أكبر بعض الشيء-----إذا كتب لي أن أعود سأفرج عنها
          في المطبعة
          أنت نبيهة وقلت الحقيقة --فنفسي طويل ،وأستطرد جدّي الجاحظ ههههه------
          هنا ولأجل خاطرك سأختصرها أختي
          تحياتي وكل الحب
          ولك ودي ووردي

          يا ســــائد الطيـــف والألوان تعشــقهُ
          تُلطّف الواقـــــع الموبوء بالسّـــــقمِ

          في روضــــــة الطيف والألوان أيكتهــا
          لـــه اعزفي يا ترانيــــم المنى نـــغمي



          تعليق

          • أبوقصي الشافعي
            رئيس ملتقى الخاطرة
            • 13-06-2011
            • 34905

            #6
            يااااااااااااااااااااااااااااااه
            و الله انسجمت بشكل كبير
            و كأنني معهم ..
            مع خطواتها و دموعها
            مع كأس لشاي
            و قبلت معها قبور الشهداء
            تنقلت من دهشة لدهشة
            اقشعر بدني من حديت السوسنة رولا
            و من قصتها و هذا الربط الرائع
            بين الحب و الوطن
            و كيف جمعتهم القبور
            و ضيعتهم الدنيا و الظلم
            قصة جدا جدا جدا مؤثرة
            و الله دمعت عيني لها
            أسلوب مشوق و محبوك
            قصة حب و وطنٍ
            سما بدماء الشهداء
            و قبور المحبة..
            الأديبة القديرة الجليلة
            غالية أبو ستة..
            يعلم الله أنني لست من هواة القصة
            لكن و الله تمتعت بها و انسجمت كثيرا
            ألهمتني لنص
            سوف أرسله لك حين انتهي منه
            حفظك الله
            و حفظ فلسطين و أهلها
            و رحم الشهداء و أنزلهم منزل خير كريم
            تقديري و احتراامي



            كم روضت لوعدها الربما
            كلما شروقٌ بخدها ارتمى
            كم أحلت المساء لكحلها
            و أقمت بشامتها للبين مأتما
            كم كفرت بفجرٍ لا يستهلها
            و تقاسمنا سوياً ذات العمى



            https://www.facebook.com/mrmfq

            تعليق

            • أبوقصي الشافعي
              رئيس ملتقى الخاطرة
              • 13-06-2011
              • 34905

              #7
              من وحي القصة
              كتبت هذا النص ..
              مع خالص تقديري و عرفاني
              للشاعرة الإنسانة / غالية أبو ستة


              دخان ٌ برائحة السوسن



              قبور ٌ غربية
              يكاد صمتها يضيء
              لو لم تمسسه دموع..
              شحوب ٌ أسمى من الخذلان
              قلوب ٌ لاجئة
              تتمرغ بانتقام ٍ مستتر
              تموت كل صلاة
              و الروح مستعمرة تلكؤ..
              سعيد..
              عانق أمك على نشيج ٍ مضطهد
              سلبوك خبزها
              قبلة ً مؤجلة ً على جبينها
              و الزيتون يستوطنه البغاث
              ها قد تقرفصت الشمس
              و السماء تجهش مطمئنة
              ستحج جنتك
              فؤادها يطوف على كفنك
              و الدماء كوثر الشهادة
              مهلا ..
              هنا سوسنة ٌ تحترق
              كانت قبيلة ً تسكن شمال قلبك
              صديقة جيناتك
              و نديمة شرفك..
              توقفي أماه..
              أنا كعبة خفقات سعيد
              لا تتوجسي مني
              الملائكة تبلل قبور الشهداء
              بأحلام الياسمين..
              سأنتظرك على جادة النور
              أنا جارة دمعك و تأوهات اللون..
              عودي لنعناع السكينة
              و ريحان الأماني..
              البؤس حصيلة سجونهم
              ما أضيق الحب في وطنٍ
              أحرقوا براءته
              انتظار الطعنة أشد فتكاً
              من كينونتها..
              و لولا الرصاص ما عرفت قلبي..
              سيبتكرون لك قضبان الخواء
              يصفقون للبهتان
              لنغرق بوحل أفكارهم..
              في جبينك مواقد شموخ
              ستنسف مكائد الزيف..
              لم تنصف الحياة بياضنا
              احترقت ألف مرة ٍ
              حين سبوا إنسانيتي
              في معتقل القهر
              و الكبريت الابن البار للرماد..
              لمتنا القبور
              برحمة ٍ برية
              لنبقى عشقا من نور
              ليظل سعيد و رولا
              دخانا من السوسن..
              في غصة الوطن..



              كم روضت لوعدها الربما
              كلما شروقٌ بخدها ارتمى
              كم أحلت المساء لكحلها
              و أقمت بشامتها للبين مأتما
              كم كفرت بفجرٍ لا يستهلها
              و تقاسمنا سوياً ذات العمى



              https://www.facebook.com/mrmfq

              تعليق

              • غالية ابو ستة
                أديب وكاتب
                • 09-02-2012
                • 5625

                #8
                الأديب الكبيرالمتألق--أ-ابو قصي الشافعي
                حياك
                وشكراً جزيلاً للقراءة والإعجاب--أبو قصي
                شكراً جزيلاً للأديب ينسجم مع قصتي الفلسطينية
                الإنسانية في نبض أبطالها--فطعم الظلم واحد
                وألف شكر على تعاطف المشاعر الأخوية
                العاشقة لفلسطين التاريخ والحضارة الإسلامية
                تحت نير الاحتلال----بما فيها القدس ونبض الأنبياء
                وخطى خاتم الأنبياء---شكراً للبهاء
                وسيكون لي رد يليق ببهاء قصيدة الشهداء
                ممثلة في رولا وسعيد
                تحياتي وسلامي












                يا ســــائد الطيـــف والألوان تعشــقهُ
                تُلطّف الواقـــــع الموبوء بالسّـــــقمِ

                في روضــــــة الطيف والألوان أيكتهــا
                لـــه اعزفي يا ترانيــــم المنى نـــغمي



                تعليق

                • نادية البريني
                  أديب وكاتب
                  • 20-09-2009
                  • 2644

                  #9
                  غااااااااااااااالية الحبيييييييييييبة
                  مررت للتحيّة هذا المساء
                  وكيف لي ألاّ أصافح حروفك يا غااااااااااالية
                  لكن لا أستطيع أن أقرأ بتركيز بسبب إجهادي الشديد في العمل خلال هذاالأسبوع والذي سبقه إذ لم أستوف بعد إصلاح امتحانات طلبتي.
                  لي عودة أختي الحبييييييييييبة حتى أستمتع بجمال حرفك
                  دمت سامقة القلب
                  تصبحين على محبة وطاعة ومغفرة

                  تعليق

                  • غالية ابو ستة
                    أديب وكاتب
                    • 09-02-2012
                    • 5625

                    #10
                    نادية البريني;غااااااااااااااالية الحبيييييييييييبة
                    مررت للتحيّة هذا المساء
                    وكيف لي ألاّ أصافح حروفك يا غااااااااااالية
                    لكن لا أستطيع أن أقرأ بتركيز بسبب إجهادي الشديد في العمل خلال هذاالأسبوع والذي سبقه إذ لم أستوف بعد إصلاح امتحانات طلبتي.
                    لي عودة أختي الحبييييييييييبة حتى أستمتع بجمال حرفك
                    دمت سامقة القلب
                    تصبحين على محبة وطاعة ومغفرة

                    صديقتي الرائعة نادية البريني
                    شرفتني بزيارتك الرائعة صديقتي المدهشة
                    جئت هنا لأمسح دموع الأمومة المتعملقة فيك

                    وانقلبت أطلب لك العون من الله في التصيح
                    فهو مرهق جداً جداً-------سنلتقي هنا بلا شك
                    بعد فترة نقاهة من التصحيح
                    ورصد الدرجات والكشوفات
                    أعانك الله---عندها ستجدين
                    القصة وستجدك(20 )دقيقة
                    ونلتقي
                    قصة من باحة الأمومة لا أتخيلها بدونك-محبتي
                    نهارك السعد والتوفيق حبيبتي

                    يا ســــائد الطيـــف والألوان تعشــقهُ
                    تُلطّف الواقـــــع الموبوء بالسّـــــقمِ

                    في روضــــــة الطيف والألوان أيكتهــا
                    لـــه اعزفي يا ترانيــــم المنى نـــغمي



                    تعليق

                    • بسباس عبدالرزاق
                      أديب وكاتب
                      • 01-09-2012
                      • 2008

                      #11
                      الأستاذة غالية أبو ستة

                      النص طويل نوعا ما

                      و تعرفين أن مثل هذه الأماكن محبب بها النصوص متوسطة الطول كون المكان هو بمثابة مطعم أدبي للوجبات الفنية السريعة

                      قرأت جزءا من البداية ربما حتى السطر العشرين أو أكثر
                      الفكرة جميلة و تحتاج لعناية خاصة و كذلك لروح كتابية
                      و أيضا ربما تسرعت نوعا ما في نشرها

                      ما لاحظته هو كثرة المفردات المستعملة في اللهجة الفلسطينية و هذا يضعف النص و يفقده الوهج، نكتفي دائما بالقليل الضروري الذي يفجر المشهد
                      سأتم القراءة لأعود بإذن الله


                      تقديري و احتراماتي
                      السؤال مصباح عنيد
                      لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                      تعليق

                      • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                        أديب وكاتب
                        • 03-02-2011
                        • 413

                        #12
                        العزيزة غالية
                        سرد جميل ولكن له نفس روائي ويهتم بالتفاصيل ،
                        لملمت سطورك معاناة شعبنا الفلسطيني مع المحتل وقصة الشهادة التي ثؤثر فينا وتؤلمنا ،
                        أتمنى لك مزيدا من الإبداع ،

                        دمت مع
                        تقديري
                        التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم; الساعة 16-02-2014, 07:28.

                        تعليق

                        • غالية ابو ستة
                          أديب وكاتب
                          • 09-02-2012
                          • 5625

                          #13
                          بسباس عبدالرزاق;الأستاذة غالية أبو ستة

                          النص طويل نوعا ما

                          و تعرفين أن مثل هذه الأماكن محبب بها النصوص متوسطة الطول كون المكان هو بمثابة مطعم أدبي للوجبات الفنية السريعة

                          قرأت جزءا من البداية ربما حتى السطر العشرين أو أكثر
                          الفكرة جميلة و تحتاج لعناية خاصة و كذلك لروح كتابية
                          و أيضا ربما تسرعت نوعا ما في نشرها

                          ما لاحظته هو كثرة المفردات المستعملة في اللهجة الفلسطينية و هذا يضعف النص و يفقده الوهج، نكتفي دائما بالقليل الضروري الذي يفجر المشهد
                          سأتم القراءة لأعود بإذن الله
                          تقديري و احتراماتي

                          الأستاذ بسباس عبد الرازق---حفظك الله
                          صدقني ما كنت لأستطيع أن أتخلى عن اللهجة ، لهجة أم الشهيد بحسرتها
                          وما أكثرهن عندنا ----ومشوارنا طويل -طويل
                          ومعاناتهن وما يحصل لهن يكسر قلب من يرى ويسمع--أشكر لك رأيك
                          مرورك وحده يكفي---شكراً على ما نصحت به، سأراعي ذلك قادماً
                          كن بخير ولك كل التحية والود
                          يا ســــائد الطيـــف والألوان تعشــقهُ
                          تُلطّف الواقـــــع الموبوء بالسّـــــقمِ

                          في روضــــــة الطيف والألوان أيكتهــا
                          لـــه اعزفي يا ترانيــــم المنى نـــغمي



                          تعليق

                          • غالية ابو ستة
                            أديب وكاتب
                            • 09-02-2012
                            • 5625

                            #14
                            فاطمة يوسف عبد الرحيم;العزيزة غالية
                            سرد جميل ولكن له نفس روائي ويهتم بالتفاصيل ،
                            لملمت سطورك معاناة شعبنا الفلسطيني مع المحتل وقصة الشهادة التي ثؤثر فينا وتؤلمنا ،
                            أتمنى لك مزيدا من الإبداع ،

                            الأخت الغالية فاطمة عبد الرحيم--حفظك الله
                            وأهلاً بك--سعيدة بأن قصتي أعجبتك
                            مرورك أضفى عليها الجمال ،أشكرك
                            هي من بعض معاناة هذا الشعب الصابر

                            تحياتي محبتي وودي
                            دمت مع
                            تقديري للإتمامك قراءتها
                            يا ســــائد الطيـــف والألوان تعشــقهُ
                            تُلطّف الواقـــــع الموبوء بالسّـــــقمِ

                            في روضــــــة الطيف والألوان أيكتهــا
                            لـــه اعزفي يا ترانيــــم المنى نـــغمي



                            تعليق

                            • نادية البريني
                              أديب وكاتب
                              • 20-09-2009
                              • 2644

                              #15
                              غااااااااااالية الجميلة الروّح
                              قرأت هذا النصّ بتأنّ قبل اليوم وأعددت تعليقا في ذهني يتلاءم مع عمق القضيّة التي عالجها لكن تزامن ذلك مع موت عزيززتنا أمنية رحمها الله وغفر لها فتأجّل التّعليق وفي زحمة العمل لم أعد إليه ...سأعود إليه مجدّدا غااااااااااالية لأتذكّر كلّ تفاصيله فتكون قراءتي أكثر دقّة...أذكر أنّها كانت تتجّه إلى المقبرة هناك...وهذا الصوت الذي يبلغها فيما أذكر كان يربكها...تتصّل بجارتها لتتخفّف عنها بعض خوف...رأيت غاااااااااااااالية مازالت السطرور الكبرى حاضرة في ذهني لأنّني قرأته يومها بتركيز شديد...وكتبت لك على إثره إهداء ولم أنشره لأنّنا ساعتها انشغلنا بحدث الرّحيل المفاجئ لأمنية الخير...سأعود بإذن الله لقراءة النّص وسأنشر الإهداء ويا ربّ يعجبك...
                              تحيّاتي وودّي

                              تعليق

                              يعمل...
                              X