قصة قصيرة
النول
احب النول منذ ولادته ، ارضعته امه وهو على حجرها بينما تحرك الدولاب الذي يلف خيوط النسيج
على بكرة صغيرة " الماسورة " التي تشغل النول ، ينام نهارا على صوت حركات نول ابيه او دولاب امه
كبر وترعرع بين احضان النول والدولاب ، النول بستان حياته ولهوه والدولاب لعبته المفضلة ، سرى حب
النول في شراينه واستقر مع نبضات قلبه .
والده كان من اوائل الرجال الذين تركوا الزراعة وانخرط في صناعة النسيج اليدوية ، ورث نول والده
كأبن وحيد ، عشقه مع ملحقاته التي تشغل كل افراد البيت كل في مهمة محددة حتى يخرج ثوب النسيج
كانت تغمره السعادة كلما شاهد امرأة تتهادى في مشيتها منتشية بثوبها الفلسطيني ويشعر معها بالفخر .
تزوج وانجب اطفال بينين وبنات بجانب النول بعضهم في مدينته المجدل والبعض الآخر ولد في المخيم
ولكن النول كان القاسم المشترك بينهم ، بحرص شديد حمل نوله على حمار وهو هارب من جحيم الموت
والرعب مع زوجته ويحتضنان طفليهما . بعد شهور قليلة من هجرته القسرية نصب نوله في غرفة
المخيم الصغيرة وعمل بهمة ونشاط على استمرار الثوب ليزين النساء ويتهادى على اجسادهن بمختلف
الأعمار .
حرص على تعليم اولاده وهو يرى بداية انقراض النول فأنهى معظمهم تعليمه الجامعي وعملوا في وظائف
مرموقة ، بدأ التذمر بينهم من عمل والدهم الدئوب على النول وما يترتب عليه من جهد يشغل كل افراد
الأسرة ، لم يأبه لتذمرهم واستمر في عمله رغم انتشار آلات النسيج الكهربائية الضخمة وكان من حسن
حظه ان اصحاب هذه الآلات لم يقدموا على صناعة الثوب الفلسطيني الذي ينتجه النول وقد هفت الطلب عليه
فلم تعد تلسبه سوى النساء الاتي تجاوز عمرهن خطوط الموضة .
قرر الشباب الخروج من المخيم بعد تيسر حالهم وعملوا على بناء بيت يتسع لكل افراد الأسرة . وافق والدهم
على مضض لعلمه سلفا انهم لن يسمحوا له باقامة النول الذي يعشقه ، رضخ لارادة اولاده وركن الى الراحة
والعمل في الحديقة الصغيرة المحيطة بالمنزل ويقف متحسرا وهوينظر الى النوم الخشبي متكوما في حجرة
صغيرة اسفل سلم البيت .
ذهب كل افراد العائلة في رحلة ترفيهية الى شاطىء البحر واشعلوا نيران الشواء . اصيب بذهول وهو يرى
النيران تأكل اخشاب النول . لفت به الدنيا وزاغت عيناه وخرجت من فيه صرخات مكتومة وتأوهات متحشرجة
وتهاوى وسقط على الأرض وزوجته تصرخ بأعلى صوتها : والدكم .. انقذوا والدكم .
محمود عودة
النول
احب النول منذ ولادته ، ارضعته امه وهو على حجرها بينما تحرك الدولاب الذي يلف خيوط النسيج
على بكرة صغيرة " الماسورة " التي تشغل النول ، ينام نهارا على صوت حركات نول ابيه او دولاب امه
كبر وترعرع بين احضان النول والدولاب ، النول بستان حياته ولهوه والدولاب لعبته المفضلة ، سرى حب
النول في شراينه واستقر مع نبضات قلبه .
والده كان من اوائل الرجال الذين تركوا الزراعة وانخرط في صناعة النسيج اليدوية ، ورث نول والده
كأبن وحيد ، عشقه مع ملحقاته التي تشغل كل افراد البيت كل في مهمة محددة حتى يخرج ثوب النسيج
كانت تغمره السعادة كلما شاهد امرأة تتهادى في مشيتها منتشية بثوبها الفلسطيني ويشعر معها بالفخر .
تزوج وانجب اطفال بينين وبنات بجانب النول بعضهم في مدينته المجدل والبعض الآخر ولد في المخيم
ولكن النول كان القاسم المشترك بينهم ، بحرص شديد حمل نوله على حمار وهو هارب من جحيم الموت
والرعب مع زوجته ويحتضنان طفليهما . بعد شهور قليلة من هجرته القسرية نصب نوله في غرفة
المخيم الصغيرة وعمل بهمة ونشاط على استمرار الثوب ليزين النساء ويتهادى على اجسادهن بمختلف
الأعمار .
حرص على تعليم اولاده وهو يرى بداية انقراض النول فأنهى معظمهم تعليمه الجامعي وعملوا في وظائف
مرموقة ، بدأ التذمر بينهم من عمل والدهم الدئوب على النول وما يترتب عليه من جهد يشغل كل افراد
الأسرة ، لم يأبه لتذمرهم واستمر في عمله رغم انتشار آلات النسيج الكهربائية الضخمة وكان من حسن
حظه ان اصحاب هذه الآلات لم يقدموا على صناعة الثوب الفلسطيني الذي ينتجه النول وقد هفت الطلب عليه
فلم تعد تلسبه سوى النساء الاتي تجاوز عمرهن خطوط الموضة .
قرر الشباب الخروج من المخيم بعد تيسر حالهم وعملوا على بناء بيت يتسع لكل افراد الأسرة . وافق والدهم
على مضض لعلمه سلفا انهم لن يسمحوا له باقامة النول الذي يعشقه ، رضخ لارادة اولاده وركن الى الراحة
والعمل في الحديقة الصغيرة المحيطة بالمنزل ويقف متحسرا وهوينظر الى النوم الخشبي متكوما في حجرة
صغيرة اسفل سلم البيت .
ذهب كل افراد العائلة في رحلة ترفيهية الى شاطىء البحر واشعلوا نيران الشواء . اصيب بذهول وهو يرى
النيران تأكل اخشاب النول . لفت به الدنيا وزاغت عيناه وخرجت من فيه صرخات مكتومة وتأوهات متحشرجة
وتهاوى وسقط على الأرض وزوجته تصرخ بأعلى صوتها : والدكم .. انقذوا والدكم .
محمود عودة
تعليق