[align=center][1] وكانت البداية...صدمة[/align]
[align=justify]في صغري، لم أكن أحلم بأن أكون طبيبا ولا محاميا ولا طيارا ولا قبطانا. كان حلمي أن أكون نفسي.. ريفي بسيط يسير في درب التعلم والبحث عن كنوز الكتب والمؤلفات... كان الكتاب دائما خير جليس في زمن أصبحت فيه الصداقة عملة نادرة.. أقضي معه الساعات الطوال...أقرأ رواية في أيام لا تتجاوز الثلاثة... خلال القراءة أحس بنشوة لا تقاوم... وعندما أنهي الرواية أجد نفسي مهموما. أفكر في أحداثها وأحزن لأنني أنهيت قراءتها... كنت أيام البراءة التي لن تعود...
مرت الأيام سريعة وتخطيت الكثير من المراحل التي أثرت في شخصيتي. ومنذ ثلاث سنوات بدأت حكايتي مع الترجمة. دروس بسيطة في مدرجات الجامعة جعلتني أتعلق بهذا الميدان وأحبه حبا شديدا.. فقررت أن أركب المغامرة..ولجت المدرسة العليا للترجمة وبدأت مشوار الغوص في مجال شاسع. نهلت من كل شيء صادفته ولم أبخل على نفسي شيئا.
واليوم أجد نفسي كارها لهذا الميدان، ليس لأنني غير قادر على التقدم فيه نحو الأفضل ولا لأنني ضعيف إلى هذه الدرجة. كرهته لأنني اعتقدت في البداية أنه مجال يضم عقولا مفكرة همها الرقي بالثقافة والأدب والمهنة. ولكن، وشيئا فشيئا، اكتشفت أنه مجال محفوف بالمخاطر. تكثر فيه المزايدات. يستحوذ عليه اللصوص وقطاع الطرق. الكل ينصب على الضعفاء والبسطاء بكثرة الشعارات وتضخيم الأمور. ذاك ينادي للنهضة وتحرير الأمة. وذاك ينادي بأهم المنجزات والمشاريع الضخمة. وتلك أرقام وميزانيات تفوق ميزانيات بعض وزارات الدول السائرة في طريق النمو.. !!! وذاك يختلس الأموال باسم مؤسسات مهنية من وراء حجاب. وأغلبهم يدعي ما ليس فيه. وكلهم يعتقدون أن الناس سواء. يأكلون ويشربون وينامون ويستيقظون ولا ينتبهون لشيء.. وبالمقابل، أغلبنا يكتفي بالمشاهدة. لا من يحرك ساكنا. ولا من يقول كفى يا لصوص الأمة. من أعطاكم الحق لتتكلموا باسم المترجمين؟ ومن جعلكم خلفاء أو رؤساء علينا أو تتكلموا باسمنا؟
وأتساءل: لماذا نكذب على أنفسنا ونمنيها الأماني؟ لماذا لا نضع يدا في يد لنحارب مثل هؤلاء اللصوص. ليس فقط في ميدان الترجمة، بل في كل ميدان. يجب أن نجد حلا لهذا الانحلال الأخلاقي والمهني. يجب أن نصفع وجوهنا صفعات متتالية ونوقظها من سباتها. يجب ألاَّ نثق في الشعارات الزائفة، ولا في الإعلانات الكاذبة. علينا أن نتحقق من كل شيء يدور من حولنا حتى نعي خطورة وضعنا.
نصيحتي ـ وأنا الذي ما يزال في بداية المشوار ـ إلى كل مترجم ومترجمة، مثقف ومثقفة، مفكر ومفكرة، شاعر وشاعرة، وكاتب وكاتبة: لا تثقوا في اللصوص. لا يغرنكم حلو الكلام لأن الحقيقة عكس ما ترون بأعينكم... الحقيقة أننا ما زلنا في بداية طريق صعبة وطويلة.. وخير وسيلة لبلوغ الهدف: أن تكون مبادئنا وأخلاقنا أساسا نمشي عليه. ولا ثقة في اللصوص وأصحاب الشعارات. لا ثقة فيمن يتعاملون بألف وجه ووجه. وعلينا أن نحاربهم بشتى الوسائل حتى تنظف الطريق ونعيد للأمة مجدها بلا أكاذيب...[/align]
يتبع...
[align=justify]في صغري، لم أكن أحلم بأن أكون طبيبا ولا محاميا ولا طيارا ولا قبطانا. كان حلمي أن أكون نفسي.. ريفي بسيط يسير في درب التعلم والبحث عن كنوز الكتب والمؤلفات... كان الكتاب دائما خير جليس في زمن أصبحت فيه الصداقة عملة نادرة.. أقضي معه الساعات الطوال...أقرأ رواية في أيام لا تتجاوز الثلاثة... خلال القراءة أحس بنشوة لا تقاوم... وعندما أنهي الرواية أجد نفسي مهموما. أفكر في أحداثها وأحزن لأنني أنهيت قراءتها... كنت أيام البراءة التي لن تعود...
مرت الأيام سريعة وتخطيت الكثير من المراحل التي أثرت في شخصيتي. ومنذ ثلاث سنوات بدأت حكايتي مع الترجمة. دروس بسيطة في مدرجات الجامعة جعلتني أتعلق بهذا الميدان وأحبه حبا شديدا.. فقررت أن أركب المغامرة..ولجت المدرسة العليا للترجمة وبدأت مشوار الغوص في مجال شاسع. نهلت من كل شيء صادفته ولم أبخل على نفسي شيئا.
واليوم أجد نفسي كارها لهذا الميدان، ليس لأنني غير قادر على التقدم فيه نحو الأفضل ولا لأنني ضعيف إلى هذه الدرجة. كرهته لأنني اعتقدت في البداية أنه مجال يضم عقولا مفكرة همها الرقي بالثقافة والأدب والمهنة. ولكن، وشيئا فشيئا، اكتشفت أنه مجال محفوف بالمخاطر. تكثر فيه المزايدات. يستحوذ عليه اللصوص وقطاع الطرق. الكل ينصب على الضعفاء والبسطاء بكثرة الشعارات وتضخيم الأمور. ذاك ينادي للنهضة وتحرير الأمة. وذاك ينادي بأهم المنجزات والمشاريع الضخمة. وتلك أرقام وميزانيات تفوق ميزانيات بعض وزارات الدول السائرة في طريق النمو.. !!! وذاك يختلس الأموال باسم مؤسسات مهنية من وراء حجاب. وأغلبهم يدعي ما ليس فيه. وكلهم يعتقدون أن الناس سواء. يأكلون ويشربون وينامون ويستيقظون ولا ينتبهون لشيء.. وبالمقابل، أغلبنا يكتفي بالمشاهدة. لا من يحرك ساكنا. ولا من يقول كفى يا لصوص الأمة. من أعطاكم الحق لتتكلموا باسم المترجمين؟ ومن جعلكم خلفاء أو رؤساء علينا أو تتكلموا باسمنا؟
وأتساءل: لماذا نكذب على أنفسنا ونمنيها الأماني؟ لماذا لا نضع يدا في يد لنحارب مثل هؤلاء اللصوص. ليس فقط في ميدان الترجمة، بل في كل ميدان. يجب أن نجد حلا لهذا الانحلال الأخلاقي والمهني. يجب أن نصفع وجوهنا صفعات متتالية ونوقظها من سباتها. يجب ألاَّ نثق في الشعارات الزائفة، ولا في الإعلانات الكاذبة. علينا أن نتحقق من كل شيء يدور من حولنا حتى نعي خطورة وضعنا.
نصيحتي ـ وأنا الذي ما يزال في بداية المشوار ـ إلى كل مترجم ومترجمة، مثقف ومثقفة، مفكر ومفكرة، شاعر وشاعرة، وكاتب وكاتبة: لا تثقوا في اللصوص. لا يغرنكم حلو الكلام لأن الحقيقة عكس ما ترون بأعينكم... الحقيقة أننا ما زلنا في بداية طريق صعبة وطويلة.. وخير وسيلة لبلوغ الهدف: أن تكون مبادئنا وأخلاقنا أساسا نمشي عليه. ولا ثقة في اللصوص وأصحاب الشعارات. لا ثقة فيمن يتعاملون بألف وجه ووجه. وعلينا أن نحاربهم بشتى الوسائل حتى تنظف الطريق ونعيد للأمة مجدها بلا أكاذيب...[/align]
يتبع...
تعليق