صديقة الحُزن الطارئ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • مي بركات
    أديب وكاتب
    • 27-03-2012
    • 343

    صديقة الحُزن الطارئ

    صديقة الحُزن الطارئ



    تخليتُ في لحظة خيانة لذيذة عن الحرف والدّرس، جِئتك من حيث أجراس الخلاص تدوي داخلي، لتعلن دخول وقت الاعتكاف!


    خلعتُ معطف الواجبات والأولويات، واحتباس الساعات لنظري، وذهبتُ إلى حيث مذبح القيود لأذبح مسخ الأفكار داخلي...


    لكنه لم يُذبح! هربت...مشيت، وصلتُ إلى بعيداً ولم أصل الى خلاصي.


    تخنقني المباني، صرتُ أتحسس عن مكان خالٍ، أبتغي منه رؤية السماء صفحة كاملة لا تقطعها الشواهد الاسمنتية. لم أجد! ضاقت بي الأرض أكثر، فروحي تتشدق، تتململ تبتغي إبصار ربي... إبصاره ،نعم، لا رؤيته ولا كفر في هذا.


    ما زلتُ أمشي، ولم أهتدِ، لا شيء يدلني على الطريق سوى هُداك. صراطان في حيواتنا: صراط الآخرة وصراط هنا في هذه الآجلة، حيث كلاليب النفس تنهش فينا، وحيث هذا الخط الرفيع الذي نوشك الوقوع عنه، إن وقعنا، أحرقتنا ألسنة المفاجآت المحرقة.


    تقابلتُ مع السماء أخيرا، زرقاء جميلة، ومساحات تزدان بالثلج، ها قد وصلت! النقاء ها هنا، ليأخذني بعيدا، ليغسلني بتراتيل الماء والبَرد، علّني أفقد وعيّ، فتغفو قدراتي السمعية والادراكية، ثم تصحو أمام قناديل الإجابات الكثيرة.


    قادتني الطُرق إلى صديقة، يلسعها بردان: برد الشتاء وبرد الحزن. تقاسمنا نصيبنا من القدر، ضحكنا من فرط الوجع ثم فجأة صمتنا، كأنما صار لنا في الصمت راحة فاعتكفنا فيه أمدا. ألحظُ مشيتك، كأن ظهرك فيه انحناءة!! يا صديقة الحزن الطارئ، أأنقضَ وزر الحزن ظهرك، ماله لا يستقيم؟ أجبتِ برسم خطٍ وهمي ،كأنه حتميّ، بين وِزر الحزن وانحناءة الظهر، فكأنما هو جبلٌ يجثو على الظهر ويقصمه. ربما لهذا السبب تنحني ظهور العجزة، من فرط الخيبات والأوجاع ومُكدرات الحياة التي طالت من وجوههم وظهورهم معاً.


    أيّا صديقة الحزن الطارئ، أيّا مُبتعثةً من رحم المجهول والصُدفة المُقدرة، ما أقربكِ كنتِ حينها إلى قلبي، فقد كُنا أنسباء اللحظة وغربة الشعور، وشركاء جريمة النوع الأضعف.


    افترقنا على تقاطع اللقاء القادم الذي لن يكون، فطُرقك غير طُرقي، وإن تقاسمنا رغيف الألم. تقودك قدماك إلى الغيب وتقودني قدماي إلى صدري، شاهت الدروب، ضاقت في صعودها إلى أعلى... إلى حيث قلبي.
    أعودُ إليك مجدداً، أبحثُ عن صفحة سماء غير ممزقة، إلا أن المدينة قد ضاقت واختفت سماؤها، تشوهت بأنياب معاول تَمُدنٍ مُتسارع زائف... كُفي عن الزحف، كُفي عن التطاول والتعاظم ! ما أبشع صحراء المباني التي أغلقت مداخل الأعلى.


    توشك قدماي أن تزلاّ عن الصّراط، إلا أن جهنما ليست أسفل مني، جهنم هنالك في الآخرة، أما هنا فتكفي رمزية جهنم في حريق الأسئلة التي أسفل مني.
    ياسمينيات http://yasmenyat.blogspot.com/
  • حور العازمي
    مشرفة ملتقى صيد الخاطر
    • 29-09-2013
    • 6329

    #2
    استاذة / مي بركات
    هذه الحياة تقصم اظهرنا
    من الأوجاع والألم
    ومازلنا نواصل

    نص عميق المعنى
    وصادق الشعور

    دمتِ متألقة دوماً
    تقديري واكثر
    حور

    تعليق

    • أبوقصي الشافعي
      رئيس ملتقى الخاطرة
      • 13-06-2011
      • 34905

      #3
      جميل أن نجد
      صديقا للحزن الطارئ
      يسمع .. يبكي من أعيننا
      يربت على أحلامنا
      و يقاسمنا الأسئلة الملتهبة..
      القديرة / مي بركات
      أهلا بعودتك من جديد
      نشتاق دائما لأسلبوبك الكتابي المميز
      و لصورك العميقة الراقية
      تقديري و أكثر



      كم روضت لوعدها الربما
      كلما شروقٌ بخدها ارتمى
      كم أحلت المساء لكحلها
      و أقمت بشامتها للبين مأتما
      كم كفرت بفجرٍ لا يستهلها
      و تقاسمنا سوياً ذات العمى



      https://www.facebook.com/mrmfq

      تعليق

      • جلال داود
        نائب ملتقى فنون النثر
        • 06-02-2011
        • 3893

        #4
        الأستاذة مى بركات
        تحية وتقدير

        نصُّك أخذني بعيد ، فتقاذفتني صور شتى كان يغلب عليها هؤلاء الشخوص الذين إلتقيتهم في منحنيات الحياة ، ثم إتخذتْ سفن الأقدار إتجاهات مختلفة لتعود ساعات اللقيا من غير ميعاد ولكن ، وما أقسى ولكن ، فالحزن كان ديْدَن اللحظات ، ووقف الدمع ليتحدث بلسان فصيح.

        وقفتُ في نصك هنا طوييييييييييييييييلا :

        ***

        قادتني الطُرق إلى صديقة، يلسعها بردان: برد الشتاء وبرد الحزن. تقاسمنا نصيبنا من القدر، ضحكنا من فرط الوجع ثم فجأة صمتنا، كأنما صار لنا في الصمت راحة فاعتكفنا فيه أمدا. ألحظُ مشيتك، كأن ظهرك فيه انحناءة!! يا صديقة الحزن الطارئ، أأنقضَ وزر الحزن ظهرك، ماله لا يستقيم؟ أجبتِ برسم خطٍ وهمي ،كأنه حتميّ، بين وِزر الحزن وانحناءة الظهر، فكأنما هو جبلٌ يجثو على الظهر ويقصمه. ربما لهذا السبب تنحني ظهور العجزة، من فرط الخيبات والأوجاع ومُكدرات الحياة التي طالت من وجوههم وظهورهم معاً.

        ***

        دام يراعك

        تعليق

        • ريما الجابر
          نائب ملتقى صيد الخاطر
          • 31-07-2012
          • 4714

          #5
          الله الله كم للتميز من عنوان !
          ولكن عند حروفك فقط يقف التميز يشهد به كل حرف
          رائعة أنت بحق
          نحلق مع الصور بعيدا
          دمت بألق
          مودتي وباقات ورد
          http://www.pho2up.net/do.php?imgf=ph...1563311331.jpg

          تعليق

          • مهدية التونسية
            أديبة وكاتبة
            • 20-09-2013
            • 516

            #6
            هنا ثقل كبير من التشبيهات الرائعة أحييك ايتها الاديبة المتميزة
            نفسك طويل
            صور مدهشة فيها تجدد
            أعجبني النص اختي
            رغم أنة الوجع به
            لكنه كان قويا
            مودتي والرياحين


            http://www.youtube.com/watch?v=RkH_701__k0











            لاتسأل القصيدة عن دمها عن حرفها المغدور بهجر المكان
            لاتسأل فويلها الكلمات حين يسيل دمعها على خد الورق!

            تعليق

            • مي بركات
              أديب وكاتب
              • 27-03-2012
              • 343

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مهدية التونسية مشاهدة المشاركة
              هنا ثقل كبير من التشبيهات الرائعة أحييك ايتها الاديبة المتميزة
              نفسك طويل
              صور مدهشة فيها تجدد
              أعجبني النص اختي
              رغم أنة الوجع به
              لكنه كان قويا
              مودتي والرياحين
              العزيزة مهدية شكراً على مرورك العبق، أسعدني كثيراً تواجدك هنا...تحية حب وياسمين لك يا غالية
              ياسمينيات http://yasmenyat.blogspot.com/

              تعليق

              • مي بركات
                أديب وكاتب
                • 27-03-2012
                • 343

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة ريما الجابر مشاهدة المشاركة
                الله الله كم للتميز من عنوان !
                ولكن عند حروفك فقط يقف التميز يشهد به كل حرف
                رائعة أنت بحق
                نحلق مع الصور بعيدا
                دمت بألق
                مودتي وباقات ورد
                العزيزة الجميلة ريما شكرا لك كثيرا على ما بثثته في نفسي من سعادة...سعيدة بمرورك الألق...حبي وتقديري
                ياسمينيات http://yasmenyat.blogspot.com/

                تعليق

                • أمينة اغتامي
                  مشرفة ملتقى صيد الخاطر
                  • 03-04-2013
                  • 1950

                  #9

                  نلتقي أشباها لنا على الطريق
                  كثيرا ما يوحدنا الحزن وتفرقنا السبل
                  وقد حمل كل واحد منا نصيبه من زهور الألم
                  باقات ..باقات
                  الأديبة الرائعة مي بركات
                  أحيي فيك هذه القدرة الهائلة على الغوص في خبايا
                  النفس،تخرجين آهاتها وأوجاعها لآلئ إبداع ترسخ
                  في الذاكرة إلى الأبد
                  كل المحبة والتقدير لك ولحرفك السامق سيدتي

                  تعليق

                  • مي بركات
                    أديب وكاتب
                    • 27-03-2012
                    • 343

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة جلال داود مشاهدة المشاركة
                    الأستاذة مى بركات
                    تحية وتقدير

                    نصُّك أخذني بعيد ، فتقاذفتني صور شتى كان يغلب عليها هؤلاء الشخوص الذين إلتقيتهم في منحنيات الحياة ، ثم إتخذتْ سفن الأقدار إتجاهات مختلفة لتعود ساعات اللقيا من غير ميعاد ولكن ، وما أقسى ولكن ، فالحزن كان ديْدَن اللحظات ، ووقف الدمع ليتحدث بلسان فصيح.

                    وقفتُ في نصك هنا طوييييييييييييييييلا :

                    ***

                    قادتني الطُرق إلى صديقة، يلسعها بردان: برد الشتاء وبرد الحزن. تقاسمنا نصيبنا من القدر، ضحكنا من فرط الوجع ثم فجأة صمتنا، كأنما صار لنا في الصمت راحة فاعتكفنا فيه أمدا. ألحظُ مشيتك، كأن ظهرك فيه انحناءة!! يا صديقة الحزن الطارئ، أأنقضَ وزر الحزن ظهرك، ماله لا يستقيم؟ أجبتِ برسم خطٍ وهمي ،كأنه حتميّ، بين وِزر الحزن وانحناءة الظهر، فكأنما هو جبلٌ يجثو على الظهر ويقصمه. ربما لهذا السبب تنحني ظهور العجزة، من فرط الخيبات والأوجاع ومُكدرات الحياة التي طالت من وجوههم وظهورهم معاً.

                    ***

                    دام يراعك
                    الأستاذ جلال داود القدير، مرورك شرفٌ لي، أُسعد به، شكرا لك لهذا المرور الجميل...تقديري واحترامي
                    ياسمينيات http://yasmenyat.blogspot.com/

                    تعليق

                    • مي بركات
                      أديب وكاتب
                      • 27-03-2012
                      • 343

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة قصي الشافعي مشاهدة المشاركة
                      جميل أن نجد
                      صديقا للحزن الطارئ
                      يسمع .. يبكي من أعيننا
                      يربت على أحلامنا
                      و يقاسمنا الأسئلة الملتهبة..
                      القديرة / مي بركات
                      أهلا بعودتك من جديد
                      نشتاق دائما لأسلبوبك الكتابي المميز
                      و لصورك العميقة الراقية
                      تقديري و أكثر
                      القدير قصي، كم نحتاج لمثل هؤلاء في أوقات الحزن المُر!!...شكراً لك لمرورك الذي يُزين الخاطر ويُجمله ...تقديري واحترامي
                      ياسمينيات http://yasmenyat.blogspot.com/

                      تعليق

                      • مي بركات
                        أديب وكاتب
                        • 27-03-2012
                        • 343

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة حور العازمي مشاهدة المشاركة
                        استاذة / مي بركات
                        هذه الحياة تقصم اظهرنا
                        من الأوجاع والألم
                        ومازلنا نواصل

                        نص عميق المعنى
                        وصادق الشعور

                        دمتِ متألقة دوماً
                        تقديري واكثر
                        حور
                        الرقيقة حور ، هذا ديدن الحياة!! وكما قلتي ما زلنا نواصل...سعيدة بهذا المرور الدافئ...حبي وتقديري
                        ياسمينيات http://yasmenyat.blogspot.com/

                        تعليق

                        • البتول العاذرية
                          أديب وكاتب
                          • 27-09-2012
                          • 1129

                          #13
                          مبدعتنا الرائعة مي بركات
                          محلق حد الغمام نصك الباذخ الحسن

                          كلمات فاخرة معاني جزلة عميقة صور بلاغية غاية في الأناقة

                          حقاً سعدت بالتواجد في واحة الحسن هذه لله درك
                          دمت متألقة العطاء
                          التعديل الأخير تم بواسطة البتول العاذرية; الساعة 07-02-2014, 11:42.
                          لتحكي بصمتك بلغة الحرف
                          لتترك أثرها على الأسوار
                          على ذوب جليد الأنهار
                          على الأغصان والأزهار
                          لتكن بصمتك حرف يُسمع الأصم ويُري الأعمى

                          تعليق

                          • منتصر قواس
                            أديب وكاتب
                            • 04-02-2014
                            • 207

                            #14
                            المعاني عميقة والصور قوية تأخذنا معها إلى البعيد .. نهيم معك أخت مي في بحر هذه التراكيب القوية..
                            جميل أن أنجد صديقا صدوقا للحزن الطارئ..
                            تحيتي وتقديري
                            دمتي بعطاء

                            تعليق

                            يعمل...
                            X