الحجة والمفتاح

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمود عودة
    أديب وكاتب
    • 04-12-2013
    • 398

    الحجة والمفتاح

    قصة قصيرة

    الحجة والمفتاح

    بعد ليلة هوجاء عاصفة بالانفجاريات ملبدة بالغيوم وهدير أمطار
    الرصاص ، لم يغمض له جفن مع زوجته عبثا يحاولان تهدئة روع
    أطفالهما ، مع أول تهتك لستائر ظلام ليل مليء بالبرق والرعود ،
    لملم أجزاء جسده المبعثر ومفاصله المرتعشة تسلل من بيته في غفوة
    من زوجته وأولاده مستغلا لحظات هدوء نسبي ومزيف ليتفقد متجره
    الكائن في سوق مخيم اليرموك للاجئين في دمشق ، وقف أمام المحل
    مذهولا وبعيون زائغة نظر للأقمشة وقد تحولت رمادا يتخلله شذرات
    النيران والدخان ، غاص بجسده المتهالك في أكوام الرماد يفتش عما
    سلم من جحيم اللهيب اغرورقت عيناه بالدموع وهو يحاول كتم أنفاسه
    لتجنب رائحة الرماد وقطران الأقمشة غير عابئ بلسعات النيران وحطام
    الجدران والأبواب وانقبض قلبه لصورة والده المحترقة ، غزت شفتاه
    ابتسامة شاحبة عندما وجد صورة جده سليمة رغم سريان النيران في ظهر
    بروازها الخشبي واتسعت ابتسامته لاكتشافه لفافة قماش سليمة ملصقة في
    ظهر برواز الصورة التقطها بغبطة قبل التهامها وخفق قلبه بعنف للورقة
    الصفراء القديمة والمفتاح النحاسي يشوه صفاره بعض الصدأ ، توهجت
    ذاكرته بكلمات والده وهو يتحدث عن الحجة والمفتاح ووعده له عندما
    تكبر ويصلب عودك سأدلك على مكانهما ولكن المنية أدركته قبل إرشاده
    وكان مازال صغيرا .
    استمر نبش ذاكرته بعد وفاة والده كيف شمرت والدته عن ذراعيها وباشرت
    عملها في المتجر وقفة رجال لتحوله إلى غرفة معيشة نهارا فلا تتركه إلا
    للنوم ليلا في بيت المخيم وفي الصباح يذهب إلى المدرسة ثم يعود إلى المتجر
    حتى انهي المرحلة الثانوية حيث لحقت والدته بوالده فقام بتوزيع وقته بين المحل
    والدراسة الجامعية ثم تزوج ابنة عمه وأنجب ثلاثة أطفال ، عادت الدموع
    تسح من مقلتيه وهو يتذكر آخر كلمات والدته ، سامحني يا ولدي لقد أشقيتك
    معي وأتمنى أن أرى أولادك قبل منيتي ، في هذه اللحظة سألها عن
    عن الحجة والمفتاح اللذان لم يفتأ والده يتحدث عنهما فقالت بحسرة ،
    مفتاح بيتنا في القرية وحجة ملكيته ثم أردفت مع حشرجة آخر نفس
    فتش عنهما في المحل بين أوراق والدك .
    جمع شظايا جسده المبعثر بين الهم والحسرة وعاد إلى بيته متأبطا
    بقايا الصورة محاولا تفادي زخات إمطار الرصاص المتساقطة والمتناثرة
    بأعجوبة وصل بيته ليحتضن زوجته وأولاده المرتعشين رعبا ، همهمت
    زوجته بضرورة الرحيل إلى مكان أكثر أمنا .
    صرخ بأعلى صوته لن تقبل بنا دولة مجاورة فنحن فلسطينيين ثم لن أغادر
    المخيم إلا إلى بيتا في فلسطين ، وضم الحجة والمفتاح إلى صدره
    محمود عوده
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة محمود عودة مشاهدة المشاركة
    قصة قصيرة

    الحجة والمفتاح

    بعد ليلة هوجاء عاصفة بالانفجاريات ملبدة بالغيوم وهدير أمطار
    الرصاص ، لم يغمض له جفن مع زوجته عبثا يحاولان تهدئة روع
    أطفالهما ، مع أول تهتك لستائر ظلام ليل مليء بالبرق والرعود ،
    لملم أجزاء جسده المبعثر ومفاصله المرتعشة تسلل من بيته في غفوة
    من زوجته وأولاده مستغلا لحظات هدوء نسبي ومزيف ليتفقد متجره
    الكائن في سوق مخيم اليرموك للاجئين في دمشق ، وقف أمام المحل
    مذهولا وبعيون زائغة نظر للأقمشة وقد تحولت رمادا يتخلله شذرات
    النيران والدخان ، غاص بجسده المتهالك في أكوام الرماد يفتش عما
    سلم من جحيم اللهيب اغرورقت عيناه بالدموع وهو يحاول كتم أنفاسه
    لتجنب رائحة الرماد وقطران الأقمشة غير عابئ بلسعات النيران وحطام
    الجدران والأبواب وانقبض قلبه لصورة والده المحترقة ، غزت شفتاه
    ابتسامة شاحبة عندما وجد صورة جده سليمة رغم سريان النيران في ظهر
    بروازها الخشبي واتسعت ابتسامته لاكتشافه لفافة قماش سليمة ملصقة في
    ظهر برواز الصورة التقطها بغبطة قبل التهامها وخفق قلبه بعنف للورقة
    الصفراء القديمة والمفتاح النحاسي يشوه صفاره بعض الصدأ ، توهجت
    ذاكرته بكلمات والده وهو يتحدث عن الحجة والمفتاح ووعده له عندما
    تكبر ويصلب عودك سأدلك على مكانهما ولكن المنية أدركته قبل إرشاده
    وكان مازال صغيرا .
    استمر نبش ذاكرته بعد وفاة والده كيف شمرت والدته عن ذراعيها وباشرت
    عملها في المتجر وقفة رجال لتحوله إلى غرفة معيشة نهارا فلا تتركه إلا
    للنوم ليلا في بيت المخيم وفي الصباح يذهب إلى المدرسة ثم يعود إلى المتجر
    حتى انهي المرحلة الثانوية حيث لحقت والدته بوالده فقام بتوزيع وقته بين المحل
    والدراسة الجامعية ثم تزوج ابنة عمه وأنجب ثلاثة أطفال ، عادت الدموع
    تسح من مقلتيه وهو يتذكر آخر كلمات والدته ، سامحني يا ولدي لقد أشقيتك
    معي وأتمنى أن أرى أولادك قبل منيتي ، في هذه اللحظة سألها عن
    عن الحجة والمفتاح اللذان لم يفتأ والده يتحدث عنهما فقالت بحسرة ،
    مفتاح بيتنا في القرية وحجة ملكيته ثم أردفت مع حشرجة آخر نفس
    فتش عنهما في المحل بين أوراق والدك .
    جمع شظايا جسده المبعثر بين الهم والحسرة وعاد إلى بيته متأبطا
    بقايا الصورة محاولا تفادي زخات إمطار الرصاص المتساقطة والمتناثرة
    بأعجوبة وصل بيته ليحتضن زوجته وأولاده المرتعشين رعبا ، همهمت
    زوجته بضرورة الرحيل إلى مكان أكثر أمنا .
    صرخ بأعلى صوته لن تقبل بنا دولة مجاورة فنحن فلسطينيين ثم لن أغادر
    المخيم إلا إلى بيتا في فلسطين ، وضم الحجة والمفتاح إلى صدره
    محمود عوده
    الزميل القدير
    محمود عودة
    ولأني أعرف تماما أنك لن تنزعج من ملاحظتي سأكون جد صريحة معك
    النص مباشر جدا
    خلا من عباراتك الملفتة للنظر والمعبرة ومن سرديتك التي تعودنا عليها
    بالرغم من أن النص جاء على مأساة شعب بأكمله لكنه افتقر للحبكة
    سأنتظر جديدك الذي يبهر وأدري أنك ستفعل
    كل الورد لك
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • محمد الشرادي
      أديب وكاتب
      • 24-04-2013
      • 651

      #3
      أهلا أخي محمد
      المفتاح بات الرابط القوي بين الفلسطيني و فلسطين الحبيبة...رابط يغذي الإصرار و الحلم.
      تحياتي

      تعليق

      • محمود عودة
        أديب وكاتب
        • 04-12-2013
        • 398

        #4
        الأستاذة الأديبة المبدعة عائدة محمد نادر كل الشكر والأمتنان لطلتك البهية وبصمتك الرائعة وملاحظتك القيمة وارجو الملاحظة ان نصي هذا هو قصة تأريخية لما يحدث في مخيم اليرموك للأجئين الفلسطينين في سوريا
        مودتي وتحياتي

        تعليق

        • محمود عودة
          أديب وكاتب
          • 04-12-2013
          • 398

          #5
          الأستاذ الأديب المبدع محمد الشرادي كل الشكر والأمتنان لطلتك البهية وبصمتك الرائعة
          مودتي وتحياتي

          تعليق

          • مهدية التونسية
            أديبة وكاتبة
            • 20-09-2013
            • 516

            #6
            اتمنى ان يعود يوما
            او على الاقل ابنائه
            بجد اتمنى هذا
            تقديري وٱحترامي


            http://www.youtube.com/watch?v=RkH_701__k0











            لاتسأل القصيدة عن دمها عن حرفها المغدور بهجر المكان
            لاتسأل فويلها الكلمات حين يسيل دمعها على خد الورق!

            تعليق

            • محمود عودة
              أديب وكاتب
              • 04-12-2013
              • 398

              #7
              الأستاذة الأديبة المبدعة مهدية التونسية سررت بطلتك البهية
              وبصمتك الرائعة
              مودتي وتحياتي

              تعليق

              • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                أديب وكاتب
                • 03-02-2011
                • 413

                #8
                الأستاذ محمود
                تحية لقلمك المبدع الذي نقل إلينا صورة من صور معاناة الشعب الفلسطيني
                والتي بتنا نألف حدوثها وفي هذا الزمن أصبح الكثير من شعبنا العربي يعاني مثل ما عانى منه شعبنا
                وأساند الزميلة عايدة في ملاحظتها ربما القصة تحتاج إلى المباشرة لكن سردك شيق
                تحياتي وتقديري

                تعليق

                • وفاء الفراعنة
                  محظور
                  • 10-01-2014
                  • 19

                  #9
                  جميل السرد .. نعم لا صمت على استلب منا ولا بيع يجوز ولا طن بديل .. تحيتي
                  التعديل الأخير تم بواسطة وفاء الفراعنة; الساعة 23-01-2014, 21:01.

                  تعليق

                  • محمود عودة
                    أديب وكاتب
                    • 04-12-2013
                    • 398

                    #10
                    الأستاذ الأديبة المبدعة فاطمة يوسف عبد الرحيم شكرا جزيلا لطلتك البهية وملاحظتك القيمة
                    مودتي وتحياتي

                    تعليق

                    • محمود عودة
                      أديب وكاتب
                      • 04-12-2013
                      • 398

                      #11
                      الأستاذة الأديبة المبدعة وفاء الفراعنة كل الشكر والأمتنان لبصمتك الرائعة
                      مودتي وتحياتي

                      تعليق

                      يعمل...
                      X