وأدوا القدود الحلبيّة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فاطمة يوسف عبد الرحيم
    أديب وكاتب
    • 03-02-2011
    • 413

    وأدوا القدود الحلبيّة


    وأدوا القدود الحلبيّة


    تتمايل بوتيرة واحدة على كرسيها الهزاز وتغفو على إيقاع تكات الساعة، ترقب العمال من حديقتها المحاذية لعمارة قيد الإنشاء، مستأنسة بأصوات مطارقهم وهرجهم، وتغبط نشاطهم، سمعت من أحد العمال شدوّا رهيفا شجيا لمواويل تراثية وقدودا حلبية، غناؤه يحكي شجن الفراق ولوعة الاغتراب وحنين الوطن، أخرجها الشدو من رتابة الوحدة مثيرا غزارة دمعها على أولادها الذين اغتربوا.

    طرقات خفيفة على الباب، وقف قبالتها بأدب جم : لقد نفدت مياه الزير من الورشة، نريد شربة ماء بارد يا خالة، اليوم حار!! ناولته زجاجة ماء تراجع بأدب جمّ، في اليوم التالي طرقات على الباب: اعتذر للازعاج ،أيمكنني أن أتوضأ، نفد الماء، ابتسمت مرحّبة "في أقصى الحديقة يوجد دورة مياه" بسطت له سجادة صلاة باتجاه القبلة :"لن أضايقك، استطيع الصلاة على تراب العمارة!! : وتحرمني الأجر؟؟

    نظر إليها باحترام، أقام الصلاة، أذهلها في تكبيراته وخشوعه كأنّه في ملكوت آخر، مناجاته لربّ العالمين تغسله بدمع الخشوع، أبكاها خشوعه، رجته: بني،سانتظرك يوميا لصلاتي الظهر والعصر، نشأت بينهما ألفة، يسألها عن أولادها، فتشير إلى صورهم التي تملأ الجدران:استشهد الأوسط وهجّرتهم الحرب الأهليّة اللبنانيّة، وأصبحوا ذكرى، لمَ نخوض غمار حروب لا جدوى منها؟" تعدّ له كوب شاي مع ساندويتش أو قطعة بسكويت، وتستأنس بشدو القدود الحلبية ومواويله التي يغنيها للوطن وللأهل والحبيبة، أخبرها أنّه ترك حلب هربا من الحرب التي لم يقتنع بجدواها وخبّأ شهادته الجامعية حتى تعود الحياة لوطنه الذي يئن من جراح الفتن.

    ودّعها يوما: رغم قسوة الحرب أحبّ قضاء شهر رمضان الفضيل بين أهلي، لكنّي سأعود بعد العيد، إلى اللقاء يا أمي" دمعت عيناها وانتظرته، ومرت الشهور ولم يعد، وفي يوم سمعت صوتا يترنم بالقدود الحلبية استدعته وسألته عن أيمن الحلبي ردّ بشجن: أعرفه إنّه هناك وله حكاية: كعادته يسرع إلى الجامع قبل الأذان، حان الوقت وانتظر النداء لكنّه لم يسمعه، دخل غرفة المؤذن وجده مضرجا بدمائه، وأدرك بتقواه أن لا شيء يعيق صوت الحق فاعتلى المئذنة وأذّن للصلاة، سمعته جماعة تكفيريّة، اعتقلوه وكفّروه بتهمة "التغنّي بالآذان وعذبوه حتى يعترف أن ما فعله كفرا، ولم يحتمل سطوة التعذيب واعترف بما أرادوه للخلاص من تعذيبهم ولأنّه لا يريد أن يحرق قلب أمّه وحبيبته وعائلته التي عرفت بالتقوى والصلاح، لكنّهم قتلوه بعد اعترافه أنّ التغني بالأذان كفر بناء على طلبهم".


    علّقت صورته على غربة جدرانها، وردّت بصوت حزين لا تطرقوا بابي لن أعد احتمل وأد القدود الحلبية، سأرسل لكم الماء يوميّا صدقة عن روح أيمن، وجدراني لم تعد تتسع لصور المعذبين في الأرض ولضحايا الحروب والفتن التي زلزلت كياننا.
  • اماني مهدية الرغاي
    عضو الملتقى
    • 15-10-2012
    • 610

    #2
    اغتالوا القدود الحلبية والمواويل الحلبية
    وحلب الحلبية...يا غالية ...الله يورينا فيهم يوم...
    سردك ذو شجن ...وحزن دفين ..فرت دمعتي
    من فرط ما اثر في ...الى متى سيبقى الحزن والموت رفيقنا
    في النوم والصحو يا رب ؟؟؟
    تحيتي وتقديري لبذخ الابداع
    اماني

    تعليق

    • محمد الشرادي
      أديب وكاتب
      • 24-04-2013
      • 651

      #3
      أهلا اختي
      التطرف آفة عصرنا الجديد.تنتجه أمريكا في مخابراتها و تصدره لنا تحت مسميات كثيرة، لكن اسمه واحد: الموت
      تحياتي

      تعليق

      • عبد السلام هلالي
        أديب وقاص
        • 09-11-2012
        • 426

        #4
        نص جميل ينهل من واقع بلداننا الاليم، سرد سلس و لغة بسيطة تساير تيمة النص غير متكلفة و لا مزخرفة.
        نهاية إيحائية رمزية جميلة.
        أخشى القول أن النص سقط في المباشرة و التقريرية في بعض المواضع. أعرف انها طبيعة الموضوع. لكن يمكن دائما إيجاد بدائل إيحائية أو رمزية، توصل ما نريده دون الكشف عن قلوبنا.
        بالنسبة للعنوان لدي اقتراح غير ملزم، وهو الاكتفاء ب " القدود الحلبية"
        تحيتي و تقديري أختي فاطمة
        التعديل الأخير تم بواسطة عبد السلام هلالي; الساعة 19-01-2014, 16:10.
        كلمتك تعمر بعدك دهرا، فاحرص أن تكون صدقتك الجارية

        تعليق

        • محمود عودة
          أديب وكاتب
          • 04-12-2013
          • 398

          #5
          احييك بحرارة نص رائع لقد اغتالوا الأيمان الصادق بإيمانهم الزائف ما افظع ان يقتل الأنسان بيد اخيه المسلم بسبب بريق الشعارات الكاذبة والمزورة لحقيقية الأيمان الصادق فقد نصبوا انفسهم حكام وقضاء ومنفذين الأحكام بإجرام بعيدا عن المشاعر الدينية الصافية لأن الله سبحانه وتعالى يحرم قتل النفس واما الأخطاء فهو سبحانه من يحاسب عليها وليس هؤلاء المرقة القاتلين
          مودتي وتحياتي لابداعك
          التعديل الأخير تم بواسطة محمود عودة; الساعة 20-01-2014, 12:09.

          تعليق

          • عائده محمد نادر
            عضو الملتقى
            • 18-10-2008
            • 12843

            #6
            الزميلة القديرة
            فاطمة يوسف عبد الرحيم
            نص مفعم بالألم
            قاسية هذي الحياة والأحبة يغادروننا واحدا إثر آخر
            الجدران باتت أكثر دفئا لكثرة صور الغاليين
            ومضة النهاية جميلة لكني أتمنى لو أن هذا الجزء يحذف لأنه تقريري ( ولضحايا الحروب والفتن التي زلزلت كياننا.)
            مؤكد الرأي لك لكنها رؤيتي التي تقبل الخطا قبل الصواب
            أجدك تبتعدين قليلا فهل من شيء أزعجك فاطمة
            كل المحبة والورد
            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

            تعليق

            • فاطمة يوسف عبد الرحيم
              أديب وكاتب
              • 03-02-2011
              • 413

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة اماني مهدية الرغاي مشاهدة المشاركة
              اغتالوا القدود الحلبية والمواويل الحلبية وحلب الحلبية...يا غالية ...الله يورينا فيهم يوم... سردك ذو شجن ...وحزن دفين ..فرت دمعتي من فرط ما اثر في ...الى متى سيبقى الحزن والموت رفيقنا في النوم والصحو يا رب ؟؟؟ تحيتي وتقديري لبذخ الابداع اماني
              العزيزة أماني أشكر تفاعلك وأنت محقة في كل الاغتيالات حتى عقولنا اغتالوها وعملوا لنا غسيل أدمغة ونحتاج لمن يفكر عنا ... لنا الله الذي سيتولانا برحمته أشكرك مع تقديري وحبي
              التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم; الساعة 23-01-2014, 18:32.

              تعليق

              • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                أديب وكاتب
                • 03-02-2011
                • 413

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة محمد الشرادي مشاهدة المشاركة
                أهلا اختي
                التطرف آفة عصرنا الجديد.تنتجه أمريكا في مخابراتها و تصدره لنا تحت مسميات كثيرة، لكن اسمه واحد: الموت
                تحياتي
                الأخ الشرادي
                أساندك الرأي لكن قبل أن تتآمر علينا أميركا تآمرنا على أنفسنا وانحرفنا نحو الفساد فوجد المستعمر المرتع خصبا
                لك مني كل تقدير

                تعليق

                • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                  أديب وكاتب
                  • 03-02-2011
                  • 413

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عبد السلام هلالي مشاهدة المشاركة
                  نص جميل ينهل من واقع بلداننا الاليم، سرد سلس و لغة بسيطة تساير تيمة النص غير متكلفة و لا مزخرفة.
                  نهاية إيحائية رمزية جميلة.
                  أخشى القول أن النص سقط في المباشرة و التقريرية في بعض المواضع. أعرف انها طبيعة الموضوع. لكن يمكن دائما إيجاد بدائل إيحائية أو رمزية، توصل ما نريده دون الكشف عن قلوبنا.
                  بالنسبة للعنوان لدي اقتراح غير ملزم، وهو الاكتفاء ب " القدود الحلبية"
                  تحيتي و تقديري أختي فاطمة
                  الرائع عبد السلام
                  أشكر تفاعلك مع النص
                  وفعلا وقع النص في المباشرة والتقريرية وخاصة في جزء السرد على لسان الصديق ،
                  سأفكر وأبحث عن البديل من خلال الإيحاء والرمز ،
                  بداية كنت قد قررت العنوان كما اقترحت لكني وجدت أن الفعل وأدوا يعطي دلالة الحرب والقتل
                  سأعدك ربما أغير في التعديل الأخير قبل الطباعة وأشكر نقدك البناء وحرصك على سويّة النص
                  مع تحياتي وتقديري

                  تعليق

                  • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                    أديب وكاتب
                    • 03-02-2011
                    • 413

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة محمود عودة مشاهدة المشاركة
                    احييك بحرارة نص رائع لقد اغتالوا الأيمان الصادق بإيمانهم الزائف ما افظع ان يقتل الأنسان بيد اخيه المسلم بسبب بريق الشعارات الكاذبة والمزورة لحقيقية الأيمان الصادق فقد نصبوا انفسهم حكام وقضاء ومنفذين الأحكام بإجرام بعيدا عن المشاعر الدينية الصافية لأن الله سبحانه وتعالى يحرم قتل النفس واما الأخطاء فهو سبحانه من يحاسب عليها وليس هؤلاء المرقة القاتلين
                    مودتي وتحياتي لابداعك
                    [align=justify]
                    الأستاذ محمود
                    حضورك ثري ومميز ،
                    غيرتك واضحة على أمّة اغتالتها الفتن المستوردة تحت اسم الإسلام
                    والإسلام بريء منهم ما لنا إلا أن ندعوا الله أن يفرج كرب الأمة الإسلامية
                    مع تقديري لشخصك الكريم [/align]

                    التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم; الساعة 23-01-2014, 18:57.

                    تعليق

                    • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                      أديب وكاتب
                      • 03-02-2011
                      • 413

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                      الزميلة القديرة
                      فاطمة يوسف عبد الرحيم
                      نص مفعم بالألم
                      قاسية هذي الحياة والأحبة يغادروننا واحدا إثر آخر
                      الجدران باتت أكثر دفئا لكثرة صور الغاليين
                      ومضة النهاية جميلة لكني أتمنى لو أن هذا الجزء يحذف لأنه تقريري ( ولضحايا الحروب والفتن التي زلزلت كياننا.)
                      مؤكد الرأي لك لكنها رؤيتي التي تقبل الخطا قبل الصواب
                      أجدك تبتعدين قليلا فهل من شيء أزعجك فاطمة
                      كل المحبة والورد
                      الأديبة الرائعة عائدة

                      أشكر تفاعلك مع النص،
                      طبعا أنا أتقبل منك أي نقد لأني أشعر بغيرتك وحرصك على النص الأدبي
                      وفعلا حذفت العبارة ورأيت رؤيتك،
                      لا يزعجني شيء منك بل أرجو رضاك ،
                      قلبي معك وأعظم وأقدر جهدك الجبار في تحمّل مسؤولية المنتدى،
                      لكن لكلّ منا مشاكله ومسؤولياته وليت لي قدرتك على النقد البناء لساهمت معك
                      وأتمنى أن تسمح لي الظروف لأكون أكثر فعالية.


                      مع تقديري واحترامي


                      تعليق

                      • بسمة الصيادي
                        مشرفة ملتقى القصة
                        • 09-02-2010
                        • 3185

                        #12
                        لبنان وسوريا ....... المأساة نفسها والمصير واحد
                        والتّطرّف سلاح العصر ......... أكثر وجعا من النووي
                        والإعلام ... فتنة
                        فلغني القدود الحلبية ..لاشيء آخر نحمله وسط هذا الدمار
                        موجع نصّك صديقتي
                        إن شاء الله الفرج قريب
                        محبتي
                        في انتظار ..هدية من السماء!!

                        تعليق

                        • فاطمة يوسف عبد الرحيم
                          أديب وكاتب
                          • 03-02-2011
                          • 413

                          #13
                          العزيزة بسمة
                          أشكر تفاعلك مع النص الذي يحكي آلامنا وما صلنا إليه من حال التردي
                          مع تقديري

                          تعليق

                          يعمل...
                          X