في انتظار أبي ...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • احمد فاضل
    الف فاء
    • 15-01-2014
    • 251

    في انتظار أبي ...

    كان ذلك قبل الغروب بقليل , في فصل ألخريف عندما تسقط أوراق التين واللوز ....
    كنت أرقب الغروب بفرح الممزوج بشئ من التوتر ... أدخل الحمام مسرعا وأغسل ما علق بأطرافي من أوساخ جراء ألعابنا العنيفه ثم انفض غبار التراب عن سروالي , ثم أنطلق باتجاه أول الشارع الذي يطوق حينا ألهادئ الوادع , وتحت شجرة سرو باسقه أجلس على حجر ملقى هناك أنتظر أبي .
    الرياح تحرك أغصان الشجره الكبيره بعنف فيصدر عنها صوتا يثير الرهبه والخوف في نفسي .
    الشارع يخلو من الماره تقريبا , تتجمع بقع صغيره من مياه ألامطار هنا وهناك .. يمر بي رجلا في منتصف العمر هو جار لنا يتفاجأ بوجودي وبشئ من ألاستغراب يسألني ماذا تفعل هنا ياولد ؟!
    أشعر بالانزعاج من هذا التدخل ولكني أجيبه بأدب أنني أنتظر ابي ! يرتد الى الخلف ثم يكمل طريقه بعد أن يلقي علي نصيحه بعدم الخروج من البيت في هذا الوقت وأنه علي العوده الى البيت بسرعه .
    لاألقي بالا الى نصيحته فهذا حينا ألآمن الذي أعرف كل حجر فيه ثم ان أبي سيأتي بعد قليل اذن من أي شئ أخاف ؟
    فجأه يظهر ضوء مصابيح سياره من بعيد , تتسارع دقات قلبي أقف مستعدا حتى يستطيع أبي تمييزي من بين الظلمه الخفيفه التي تكون قد بدأت بالانتشار , يقترب الضوء أصغي السمع جيدا
    وأحاول تمييز صوت محرك السياره فقد كان لدي ألقدره على معرفة سيارة أبي من خلال صوت المحرك !
    تتوقف السياره يمتلئ قلبي بسعاده غامره أحاول أن أخفيها بمكر طفولي عندما أشاهد أبي وهو ينظر الي ويدعوني الى الصعود معه . بسرعة البرق أكون جالسا الى جانبه . يضع يده على رأسي يتحسس شعري بحنو ثم يسألني ماذا تفعل هنا ؟! كنت ألعب أجيب ! أقول ذلك محاولا اخفاء مشاعري التي كانت ربما تفضحني . لاأدري لما كنت أخجل من أظهار مشاعري وحبي الشديد له ! في الطريق الى البيت يسألني ان كنت أحدثت بعض المشاكل لأمي أو الجيران ؟ فورا أجيب بالنفي ولا أنظر الى وجهه خوفا من نظراته التي تخترقني , يخرج شيئا من جيبه ويمده الي حلوى أحبها ثم يمازحني .
    نصل الى البيت بسرعه ينزل أبي بينما أبقى في السياره أجلس خلف المقود أحاكي أفعال أبي في القياده
    قبل مده طلب مني ابني أن آخذه الى بيتنا القديم . أوقفت سيارتي في مكان بعيد نسبيا مفضلا السير على ألاقدام أتلمس عبق الذكريات الجميله . مررنا من نفس المكان الذي كنت أنتظر به أبي فاجتاحت قلبي موجة حزن عميقه كادت الدمعه أن تطفر من عيني , لاحظ ابني ذلك فسألني سؤلا جافا ماذا كنت تفعل هنا ؟! نظرت اليه بتمعن شديد ... وكأني أنظر اليه أول مره بحثت في قسمات وجهه الجامده عن ذلك الحب الذي كان يغمر قلب ذلك الفتى الصغير الذي كان ينتظر أبيه هنا فلم أجد ذلك الفتى .




    التعديل الأخير تم بواسطة احمد فاضل; الساعة 07-03-2014, 17:11.
  • حور العازمي
    مشرفة ملتقى صيد الخاطر
    • 29-09-2013
    • 6329

    #2
    الحال تغير الآن
    لقد كنا نفرح من قطعة حلوى
    وإحساسنا لوالدينا يطغوا على ملامحنا
    أولادنا الآن ليس كما كنا نحن صغارا
    كل زمن له جيلة
    الآن نهديهم أجهزة باهظة الثمن
    ولا حتى يهمهم وكأنه واجب
    علينا
    لايعني هذا انهم لايحبوننا
    بالعكس يحبون والديهم كثيرا
    لكن العقول تغيرت بين الماضي والحاضر

    القدير/ احمد فاضل
    أجزم بأن ابنك يحبك
    أكثر من ماكنت تحب والدك
    لكن الأبناء الآن لايبان عليهم
    كما كنا نحن

    تقديري
    حور

    تعليق

    • احمد فاضل
      الف فاء
      • 15-01-2014
      • 251

      #3
      انهم يحبوننا لاشك لكنهم ليسوا ذلك الفتى !
      استاذه حور انت رائعه دوما . احترامي الشديد .

      تعليق

      • أبوقصي الشافعي
        رئيس ملتقى الخاطرة
        • 13-06-2011
        • 34905

        #4
        نحتاج لسنين كثيرة
        كي ندرك
        كم كان أبي عظيما ..
        نص شجي و نقي
        مزج بين القصة و الخاطرة
        تقديري ..



        كم روضت لوعدها الربما
        كلما شروقٌ بخدها ارتمى
        كم أحلت المساء لكحلها
        و أقمت بشامتها للبين مأتما
        كم كفرت بفجرٍ لا يستهلها
        و تقاسمنا سوياً ذات العمى



        https://www.facebook.com/mrmfq

        تعليق

        • منتصر قواس
          أديب وكاتب
          • 04-02-2014
          • 207

          #5
          لله درك أيها الفاضل أحمد .. لقد أعدتني بالزمن إلى زمان كنت فيه ذلك الطفل ..
          ايقظت ذكريات جميلة لا تنسى ولا تمحى من ذاكرتي ..
          وأيقظت معها ذكريات حزينة .. ذكريات الرحيل والفراق ..
          كم أشتهي فعلا أن أعود إلى قريتي الوادعة على سفح الجبل .. لأزور قبر أبي ..
          أولادنا تختلف حياتهم عنا كثيرا .. هم يحبوننا ولكن بطريقة جيلهم وعصرهم الحالي ..
          عصر الرقمية والتقنية المتطورة ..
          لكن أرى ولدي يحاول كثيرا تقليدي في تصرفاتي وأفعالي .. وحتى لباسي ..

          تحيتي وتقديري لما خط قلمك من جمال ..

          تعليق

          • احمد فاضل
            الف فاء
            • 15-01-2014
            • 251

            #6

            الاستاذ الاديب قصي اشكر لك مرورك الطيب
            مع كل الاحترام

            تعليق

            • احمد فاضل
              الف فاء
              • 15-01-2014
              • 251

              #7
              استاذ الاديب قصي اشكر لك مرورك الطيب
              مع احترامي وتقديري

              تعليق

              • احمد فاضل
                الف فاء
                • 15-01-2014
                • 251

                #8

                اخي الاستاذ منتصر
                هذه ذكريات لاتنسى وحنين يجتاحنا كل حين
                وكأننا نرفض ان نكبر ذهب الاحبه وبقيت الذكريات
                احببت اتصالك الروحي مع معاني القصه وانعكاسها عليك
                كلنا ذاك الواحد . رحم الله ابيك
                بصدق اشكر لك مرورك اللطيف
                احترامي وتقديري العميق لك اخي .

                تعليق

                • ريما الجابر
                  نائب ملتقى صيد الخاطر
                  • 31-07-2012
                  • 4714

                  #9
                  سرد رائع تجللته الطفولة ببراءة تصرفها
                  وعفوية زمنها
                  أما اليوم فعلى حبهم لنا لم يعد
                  هناك قناعة بما نقدم
                  وأصبح جيل متطلب

                  تقديري وتحية طيبة

                  همسة.:
                  أنفض، إلى، شيء، الآمن
                  http://www.pho2up.net/do.php?imgf=ph...1563311331.jpg

                  تعليق

                  • احمد فاضل
                    الف فاء
                    • 15-01-2014
                    • 251

                    #10
                    تحياتي وتقديري لك استاذه ريما واشكر لك كلماتك
                    وثناؤك على الموضوع طبت وطابت كلماتك .

                    تعليق

                    يعمل...
                    X