اتبعني...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبدالرحيم التدلاوي
    أديب وكاتب
    • 18-09-2010
    • 8473

    اتبعني...





    قال لي : اتبعني..
    و تبعته .
    لم أكن مخدرا. لا و لم أكن على موعد معه.
    ما الذي جعلني أقوم بذلك ؟ ما الذي جعلني أنجذب إليه كفراشة ؟
    منظره يثير الإعجاب ، و شكله يمنح الثقة ، و في كلامه بحة محببة تمسك بتلابيب الإرادة ، تشكلها كبفما شاءت.
    رجل أربعيني ، بلحية مشذبة بيضاء ، و رأس مزين بعمامة صفراء محططة بالابيض، تنفلت منها شعيرات ثلجية. يرتدي جلبابا صوفيا أخضر ، تحته قميص برتقالي، و ينتعل بلغة صفراء مزينة الحواشي بخنجر..يمشي بخطو وئيد لكنه ثابت.
    قال لي : اتبعني.
    و تبعته.
    كان كلامه حازما ، و أمره صارما ، رغم أنه بدا ناعما.
    لم أكن مخدرا ، لا و لا كنت منوما.
    كان يطوق عنقه بعقد من لبان ، و يحمل في يده اليمنى مبخرة تتضوع عطرا غير منفر..و بيده اليسرى عصا لا يتوكأ عليها ، بل يتخذها وسيلة للهش.
    قال لي : اتبعني. كانت حادة و دقيقة و مقتضبة.
    و تبعته .
    لم أكن منوما ، لا و لا فاقد السيطرة على إرادتي.
    كان فارع الطول ، ذا وجه مدور و ثغره مفترا عن ابتسامة حلوة و ساحرة. أهنا سر الجاذبية ؟
    اقترب مني ، و قال لي : اتبعني ، لم يكن أمرا هامسا.
    و تبعته . بإرادتي ، و رغبتي. كنت كمن كان على موعد معه. بل كنت راغبا في أن أجد من يقول لي : اتبعني ، فأتبعه. كنت أبحث عن من يقودني في اتجاه آخر ، يخرجني من سأمي ، من يضخ دما جديدا في شراييني ، من يجدد نسائم حياتي.
    كان يحمل تحت إبطه خرقة بيضاء ، لم أنتبه لها إلا بعد أن خطوت معه بضع خطوات. مطوية بعناية ، نظيفة وناصعة ، لا شية فيها ، تسر الناظرين.
    قلت له : ما هاته ؟
    نظر إلي بعينين صارمتين ، و لم ينبس بجواب. لما رأى إصراري ، قال لي : هي لباسك الأخير.
    لم أكن نائما لأستيقظ ، لم أكن أحلم لأقول كابوسا ، كنت مستيقظا تمام الاستيقاظ ، واعيا كل الوعي، فارتجفت ، سرى في نفسي الخوف. و تذكرت أشياء ، فقررت التراجع.
    قلت له : أ مهلني..
    قال : لا وقت لدي. مشاغيلي كثيرة ، و النداءات عديدة ، و لست وحدك في هذا العالم . و أعقب ، اتبعني. حادة و صارمة.
    و وجدتني أعاند ، أقاوم.
    لكن إرادتي لم تكن من حديد.
  • أم عفاف
    غرس الله
    • 08-07-2012
    • 447

    #2
    أستاذ عبدالرحيم
    نصّ ذو دلالات عميقة ومغاز بليغة
    لم يكن سردا ،كان تصويرا
    فقط هو الزمن الذي توقف في مسافة لا ندر كم امتدّت
    غاب المكان فأضعف ذلك من متانة النصّ
    ما أحال ربّما على أن الحدث يدور في اللامكان
    أي في الحلم وهنا يأخذ بعدا آخر
    كنت أتمنى لو أنّك اختزلت أكثر حتى لا يفقد روحه التي حرصت أن تضمّنها له
    بالتوفيق

    تعليق

    • ريما ريماوي
      عضو الملتقى
      • 07-05-2011
      • 8501

      #3
      هل هو ملك الموت جاء بصورة ولي تقي...
      حينها وإن قاومنا ستعود نتبعه بالنهاية صاغرين...

      جميل وصفك وله رهبة...وبطلنا مسلوب الارادة..

      عوفيت وربي يطول عمرك...

      مودتي واحترامي وتقديري.


      أنين ناي
      يبث الحنين لأصله
      غصن مورّق صغير.

      تعليق

      • بوشتى الجامعي
        أديب وكاتب
        • 09-01-2013
        • 95

        #4
        اهلا عبد الرحيم
        نص متخم بشعرية منفلة من عقال المتخيل
        اهتمام لافت بوصف الشخصية القصصية
        دلالة النص تحمل المتلقى الى دنا المعتقد الديني
        مودتي

        تعليق

        • بسباس عبدالرزاق
          أديب وكاتب
          • 01-09-2012
          • 2008

          #5
          نص قوي الرمزية

          يمكننا ان نسقطه على العديد من القضايا
          سواء قضايا دينية
          أو حتى على الخرافات
          قد يكون مشعوذا
          و قد يكون ملك الموت
          و قد يكون إماما(سواء كان ممن يدعو للتكفير او من يدعو للتوبة)

          و قد يكون الضمير قد تلبس في حياة البطل ثوب شيخ

          سلمك الله اخي عبدالرحيم من كل مكروه

          دائما معك أدرك أن هناك قصصا لم نكتبها بعد

          محبتي و تقديري
          السؤال مصباح عنيد
          لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

          تعليق

          • بثينة غمّام
            أديبة وكاتبة
            • 02-03-2014
            • 29

            #6
            في بداية النص خلت الرّجل ممن يؤثرون في عقول الآخرين بغسل أدمغتهم و توجيههم في سبل أخرى و زاد إعتقادي في الأمر حين ذكرت حالة الفراغ التي يعيشها البطل وهي حالة يعيشها الكثير من شبابنا مما يجعل التأثير فيهم سهلا و في النهاية عرفت بأنه كان ملك الموت فأعجبني قولك " و تذكرت أشياء " فهذه الأشياء تحمل معاني كثيرة قد تكون أشياء أهمل البطل العناية بها في حياته كما قد تكون أحبّة لم يعطهم ما يكفي من الحب و الإهتمام و قد يكون العمل لحسن الختام و قد تكون أمور كثيرة أخرى مما لا ندرك قيمتها إلا بعد فوات الأوان. باختصار النصّ أعجبني ففيه قابليّة للإسقاط على الكثير من المعاني كما أنّه يحمل المتلقي على التأمل في أكثر من موضوع. أعتقد كذلك بأنه النص قابل للتكثيف أكثر من خلال حذف الكلمات و المقاطع المكررة.
            دمت متألقا.
            التعديل الأخير تم بواسطة بثينة غمّام; الساعة 30-03-2014, 12:15.

            تعليق

            • عبدالرحيم التدلاوي
              أديب وكاتب
              • 18-09-2010
              • 8473

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة أم عفاف مشاهدة المشاركة
              أستاذ عبدالرحيم
              نصّ ذو دلالات عميقة ومغاز بليغة
              لم يكن سردا ،كان تصويرا
              فقط هو الزمن الذي توقف في مسافة لا ندر كم امتدّت
              غاب المكان فأضعف ذلك من متانة النصّ
              ما أحال ربّما على أن الحدث يدور في اللامكان
              أي في الحلم وهنا يأخذ بعدا آخر
              كنت أتمنى لو أنّك اختزلت أكثر حتى لا يفقد روحه التي حرصت أن تضمّنها له
              بالتوفيق
              أختي الكريمة ، أم عفاف
              أشكرك على تعليقك القيم ، و ملاحظاتك الثاقبة.
              هو السرد حاضر ، لكن المكان غاب لكون الموضوع يقبل أن يتمازج مع أي فضاء ، فالموت لا علاقة له بالمكان ، بل بالإنسان ، فحين يغيب يغيب كل شيء.
              بوركت.
              مودتي

              تعليق

              • فوزي سليم بيترو
                مستشار أدبي
                • 03-06-2009
                • 10949

                #8
                إذا كان عزرائيل ، فإنه لا يستأذن ولا يطلب
                بل يأخذ . يأخذ الأرواح ..

                يبدو أن صاحبنا بطل القصة له دلال على عزرائيل
                تمنّع قليلا .. ثم رضخ .
                والدليل هذه الفقرة :
                لكن إرادتي لم تكن من حديد.

                تحياتي أخي التدلاوي
                فوزي بيترو

                تعليق

                • عبدالرحيم التدلاوي
                  أديب وكاتب
                  • 18-09-2010
                  • 8473

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة ريما ريماوي مشاهدة المشاركة
                  هل هو ملك الموت جاء بصورة ولي تقي...
                  حينها وإن قاومنا ستعود نتبعه بالنهاية صاغرين...

                  جميل وصفك وله رهبة...وبطلنا مسلوب الارادة..

                  عوفيت وربي يطول عمرك...

                  مودتي واحترامي وتقديري.
                  أختي البهية ، ريما
                  أشكرك على عمق تحليلك.
                  حفظك الله و رعاك.
                  مودتي

                  تعليق

                  يعمل...
                  X