قصة بقلم سوسن عبدالملك........ارتجافه العصافير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سوسن عبدالملك
    عضو الملتقى
    • 17-05-2007
    • 60

    قصة بقلم سوسن عبدالملك........ارتجافه العصافير

    [align=center]إرتجافة العصافير[/align]


    [align=center]ولما كبُرت عصافيرى ، نفضُت الزغب عنها ، طرحْ الريش وغطى جسدها ، حلمت بموسم الحصاد والراحة ، قلت بأن الهدوء مقبلٌ، وفتحت ذراعي لاحتضانها .
    هاجمتنى العاصفة وراحت ترجنى رجا .
    وهنت أجنحتي وتساقط ريشها ، فراحت العصافير تنقر فى جسدي ، و تغرس مخالبها وكأنها تحولت إلى غربان ٍ .. تنهش وتلتهم قطع اللحم ِ التى مزقتها بأنيابها الحادة ولا تدرى بأنيني المكتوم .
    رحت إلى الشط لأروح عن نفسي السقيمة ، فقد أصبحت الأحمال ثقيلة تثقل كاهلي وتقصم ظهري . كان مفروضا على أن أحملها بمفردي بعدما أكلت قطة الجيران المتوحشة كل الأرغفة ولم تبق لنا كسرة واحدة تسد الرمق . كنت أدارى آلمي فلم أملك سوى الحب والحنان . وماذا يفعلان فى مواجهة الرياح وجوع العصافير ؟.
    جلسنا على الشط ، كانت الشمس تفرش ثوبها تغطى به الأرض .
    ولا من نقطة ضوء.
    تظل العصافير ، ترتجف فى الجو وهى على البر وتضيع فى البحر وفى البلاد البعيدة .
    لم تعد أجنحتي التى كانت بالأمس طويلة قادرة على حملها ولم ينفك قيد الريش عنى فقد أصبح قويا وصلبا تضيق حلقاته كلما كبروا تضيق حول عنقي وتضيق حتى تكاد أن تخنقني .
    أظل على الشط وحلقي ناشفا لا يبلل ريقي شيئا ولا يرطب جسدي سوى الدعوات بأن تتحقق أحلامهم المجهضة التي تموت وتسقط من بين أيديهم فى الطريق وما من مغيث .
    أبكى للذين هاجروا وتركوني مدثرة بوشاح الحزن والألم ثكلى .. أرتشف كؤوس مرارة الفراق حتى الثمالة ولا مغيث و أحترق . فلا فرق عندي بين سفر الأجساد وسفر الموت فكلاهما عندي انتزاع لروحي ومن يدرى موعد اللقيا .
    كان موتى يتجدد كل لحظة خوفا أن تطير باقي العصافير وتتركني وحيدة على الشط .
    فقد كان شبح موتى متجسدا فى نظراتهم الحادة التى تكاد أن تخترق كبد السماء تتخطى حدود الأمل وتفترش أحلاما وردية .
    كانت أجسادهم تصطدم بصخور الفضاء الملتهبة فيسقطون مغشيا عليهم فوق الأرض الجامدة كلما رفرفوا وطاروا قليلا لم تستطع أجنحتهم القوية أن تتحدى دوامات الرياح المعاكسة فى كل اتجاه .
    فى الوقت الذي كنت ابحث فيه عن مفاتيح السماء نظرت إلي البحر فكان هو الوحيد القادر على احتوائي .
    حين دخلوه نزلت خلفهم، أدهس طرقاته، أغتسل فيه، أفضى إليه بشكواي .
    كنت أنظر إلى المدى البعيد أراهم في محاذاتي أستريح وكأن السماء تفتح لي أبوابها على مصراعيها تمد إليّ ذراعيها تتلقفني تضمني إليها أطير وأحلق في الفضاء الفسيحْ وأنا مشدودة إليهم بكل جوارحي أحتضن أحلامهم الملتهبة كالجمر بصدري .
    أتذكر كلمات أمي يزداد ضياعي فى خوفهم الكامن فى أعماق أعماقهم وهم لا يشعرون بانفطار قلبي خوفا عليهم وهم يصارعون الأمواج العالية
    حين يقفزون عليها ويعتدلون يقذف البحر بأمواجه العنيدة فتطويهم بداخلها يفلفصون ويخرجون يفتحون أيديهم المطبقة فلا يجدون سوى الرمال وقواقع البحر الميتة ينتفضون فأنتفض لرعشاتهم وأجفف عرقهم بكلماتي الدافئة .
    أتتبع خطواتهم على الرمال الساخنة التى تشوى أجسادهم الفتية وأقدامهم الحافية ينخلع قلبى لعثراتهم وأخاف عليهم السقوط في الحفر فأضيع .
    أغمض عيني كي لا أراهم وهم يبتعدون أهرب إلى الفراغ ألوذ به أحتويه ويحتوينى يمزقنى بلا رحمة.
    حين يعودون مقررين الرحيل ، تتمزق روحي وتعود تتخبط ما بين السفر والموت تتناثر أشلاء كبدى نقاطا متبعثرة على الخريطة .
    ينشطر قلبي نصفين يضيُع نصفه فى البحر والأخر يفر منى إلى البلاد البعيدة .
    تميد الأرض وتضطرب تحت أقدامى ترتجف أوصالى وتهتز السماء فتسيل دموعى وأتوه حين أرى الشمس تنتحر فى عمق البحر أحاول اللحاق بها ولكننى أتذكر أن بالبيت عصفورا ما زال صغيراً
    ينتظرني أهرب إليه أحتمى به أجده منزويا فى الركن القصى متكوماً داخل أجنحته القصيرة التي لا تكفى لتغطية جسده الضئيل أضمه إليّ أحتضنه وننظر سويا من الفتحة الضيقة إلى الطريق الطويل.[/align]
  • الشاعرمحمدأسامةالبهائي
    عضو الملتقى
    • 16-05-2007
    • 382

    #2
    أختي الفاضلة
    أستاذة
    سوسن عبد الملك
    الأديبة والشاعرة المبدعة


    يسعدني ويشرفني أن اكون اول المعانقين
    لقصيدتك النثرية
    التي حلت علينا بعوالم مؤثرة في النفس البشرية
    فتربية الأبناء لن تنقطع إلا مع الأنفاس الأخيرة
    فهناك صلة حميمية تربطنا بأبنائنا علي الرغم من تجاهلهم لأدوارنا
    وتخوفنا المتلاحق عليهم وحرصنا علي منحهم ، حتي ، أحلامنا
    إنها قصتك وقصة كل من وضع نصب عينيه العطاء بلا حدود

    أخيك
    محمداسامة

    دمت بكل الخير
    وتقبلي التحية
    التعديل الأخير تم بواسطة الشاعرمحمدأسامةالبهائي; الساعة 04-06-2007, 04:37.
    [align=center][size=7]
    [frame="5 70"][B]خليها على الله وقول ياباسط[/B] [/frame][/size][/align]

    تعليق

    • عبلة محمد زقزوق
      أديب وكاتب
      • 16-05-2007
      • 1819

      #3
      ررائعة أختي الفاضلة ـ سوسن عبدالملك
      قد يضيق الباب علينا... فلا نستطيع الولوج خارجه.... رغم أننا نرى الدنيا واسعة أمام ناظرنا؛ لكن لامحال، وما زال داخل القلب والعقل ... والبيت طفل ما زال في طور النمو والتشكيل، فنحتمل ضيق العيش... ونعطي من عيشنا وعمرنا دون من... ولا ننتظر أخذ حقه من العيش... لكي ننعم نحن بحقنا... فتلك هي واجبات وفروض ونوازع بثها الله الرحيم في قلوبنا إتجاه ابنائنا... وذلك العطاء الإلهي من رحمه ربّنا... فجعل الرحمة في القلب لأهلنا وفلذات أكبادنا.

      يتضاءل حرفي امام شموخ الحرف والمعنى بقصتك الرائعة.
      شكرا؛ لفكرة ومداد... وسرد ولفظ راقي المعاني اخّاذ.

      تعليق

      • صابرين الصباغ
        أديبة وشاعرة
        • 03-06-2007
        • 860

        #4
        [align=center]اختي المبدعة سوسن
        لغة شفافة راقية
        هى الأم لكني هنا رأيتها الام الكبيرة (( مصر ))
        وماتلاقيه من أولادها
        ومازالت تحابي وتغفر وتضم وتحن
        راق لي النص
        ابدعتي حبيبتي
        مودتي واحترامي
        [/align]


        تعليق

        • اسلام المصرى
          عضو أساسي
          • 16-05-2007
          • 784

          #5
          الكاتبة سوسن عبد الملك تمتلكين لغة الحوار
          تجذبين من يستمع لكلماتك بعينه
          نعم فالعين تسمع
          وهنا نص
          أغمض عيني كي لا أراهم وهم يبتعدون أهرب إلى الفراغ ألوذ به أحتويه ويحتوينى يمزقنى بلا رحمة
          كم هو تعبير رقيق نص مدهش دمتى بكل الخير وننتظر اعمالك الرائعة
          [color=#00008B][size=7][align=center]"واإسلاماه"[/align][/size][/color]

          [align=center][img]http://www.almolltaqa.com/vb/image.php?u=46&dateline=1179777823[/img][/align]
          [CENTER][SIZE="5"][COLOR="Black"]دعائكم لى بالشفاء[/COLOR][/SIZE][/CENTER]

          تعليق

          • الأديب السيد حنفي
            عضو الملتقى
            • 04-06-2007
            • 378

            #6
            ايتها الصديقة دائما تدمين قلوبنا

            أيتها الصديقة الغالية سوسن عبد الملك..
            مفاجأة جميلة أن أجدك في هذا المنتدى الرائع الذي جمع الأحباب.. قرأت قصتك, وكما ارتجفت عصافيرك ارتجفت انا أيضا.. دمت لنا ودام ابداعك ..
            الأديب السيد حنفي
            التعديل الأخير تم بواسطة الأديب السيد حنفي; الساعة 05-06-2007, 20:17.
            [align=center][CENTER][B][FONT="Arial"][SIZE="4"][COLOR="DarkRed"][frame="1 98"]أشهد أن لا إله إلا الله
            أشهد أن محمدا رسول الله
            أستغفرك ربي وأتوب إليك[/frame][/COLOR][/SIZE][/FONT][/B][/CENTER][/align]

            تعليق

            • عبدالرحيم الحمصي
              شاعر و قاص
              • 24-05-2007
              • 585

              #7
              [align=center]الأديبة الراقية سوسن ،،

              قرات لك هناك و هنا ،،

              أجدني مشدودا إلى جمال التماثل إبداعيا

              بعيدا عن المالوف المحتضر ،،

              سلاسة و رقي حسا و معنى و متخيلا ،،،

              تحياتي اليك ايتها المبدعة ،،


              الحمصي [/align]
              [align=center]هل جنيت على أحد و أنا أداعب تفاصيل حروفي ،،،؟؟؟


              elhamssia.maktoobblog.com[/align]

              تعليق

              • سيدة الشولى
                شاعرة وأديبة
                • 16-08-2007
                • 514

                #8


                جميله يا مدام سوسن

                أنت متمكنة فعلا
                فى كتابة القصة

                بالتوفيق دايماً

                تحياتى
                أختك
                سيدة


                تعليق

                • إيهاب رضوان سعد
                  عضو الملتقى
                  • 27-07-2007
                  • 47

                  #9
                  قصتك رائعة خلابة ، تفيض شاعرية وعذوبة ..مثل هذه الأعمال لا يملك الإنسان حيالها إلا أن يردد : الله ! ويلوذ بالصمت الذى يقول كل شيء .

                  تعليق

                  • سوسن عبدالملك
                    عضو الملتقى
                    • 17-05-2007
                    • 60

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة الشاعرمحمدأسامةالبهائي مشاهدة المشاركة
                    أختي الفاضلة
                    أستاذة
                    سوسن عبد الملك
                    الأديبة والشاعرة المبدعة


                    يسعدني ويشرفني أن اكون اول المعانقين
                    لقصيدتك النثرية
                    التي حلت علينا بعوالم مؤثرة في النفس البشرية
                    فتربية الأبناء لن تنقطع إلا مع الأنفاس الأخيرة
                    فهناك صلة حميمية تربطنا بأبنائنا علي الرغم من تجاهلهم لأدوارنا
                    وتخوفنا المتلاحق عليهم وحرصنا علي منحهم ، حتي ، أحلامنا
                    إنها قصتك وقصة كل من وضع نصب عينيه العطاء بلا حدود

                    أخيك
                    محمداسامة

                    دمت بكل الخير
                    وتقبلي التحية


                    الشاعرمحمدأسامةالبهائي


                    أشكرك كثيراعلي هذة الكلمات الرقيقة

                    ومرورك الكريم وتمنياتي لك بالعودة الي هنا

                    واشراقك من جديد بيننا

                    لك تحياتي سوسن عبدالملك

                    تعليق

                    • سوسن عبدالملك
                      عضو الملتقى
                      • 17-05-2007
                      • 60

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة عبلة محمد زقزوق مشاهدة المشاركة
                      ررائعة أختي الفاضلة ـ سوسن عبدالملك
                      قد يضيق الباب علينا... فلا نستطيع الولوج خارجه.... رغم أننا نرى الدنيا واسعة أمام ناظرنا؛ لكن لامحال، وما زال داخل القلب والعقل ... والبيت طفل ما زال في طور النمو والتشكيل، فنحتمل ضيق العيش... ونعطي من عيشنا وعمرنا دون من... ولا ننتظر أخذ حقه من العيش... لكي ننعم نحن بحقنا... فتلك هي واجبات وفروض ونوازع بثها الله الرحيم في قلوبنا إتجاه ابنائنا... وذلك العطاء الإلهي من رحمه ربّنا... فجعل الرحمة في القلب لأهلنا وفلذات أكبادنا.

                      يتضاءل حرفي امام شموخ الحرف والمعنى بقصتك الرائعة.
                      شكرا؛ لفكرة ومداد... وسرد ولفظ راقي المعاني اخّاذ.


                      [align=center]الأخت العزيزة والمبدعة..عبلة محمد زقزوق

                      أشكرك كثيرا لحسن القراءة والتعامل مع النص بحميمية

                      ولر قة مشاعرك وعذوبة كلماتك

                      لك تحياتي......سوسن عبدالملك[/align]

                      تعليق

                      • محمود الديدامونى
                        أديب وكاتب
                        • 16-05-2007
                        • 108

                        #12
                        المبدعة الجميلة / سوسن عبدالملك
                        تحياتى
                        قصة جميلة
                        استمتعت كثيرا بالقراءة
                        كل التقدير

                        تعليق

                        • مريم محمود العلي
                          أديب وكاتب
                          • 16-05-2007
                          • 594

                          #13
                          [align=center]سوسن عبد الملك
                          وقراءة أولى لابداعها
                          الذي ينساب بلغة شعرية جميلة
                          سررت بالتعرف اليك
                          دمت مبدعة
                          تحياتي
                          [/align]

                          تعليق

                          • طارق عليان
                            أديب وكاتب
                            • 06-01-2008
                            • 147

                            #14
                            قصة جميلة وجل جمالها هو جمال اللغة التي كتبت بها
                            دمت دوما مبدعة

                            تعليق

                            • طارق عليان
                              أديب وكاتب
                              • 06-01-2008
                              • 147

                              #15

                              [align=center]
                              ينشطر قلبي نصفين يضيُع نصفه فى البحر والأخر يفر منى إلى البلاد البعيدة .
                              تميد الأرض وتضطرب تحت أقدامى ترتجف أوصالى وتهتز السماء فتسيل دموعى وأتوه حين أرى الشمس تنتحر فى عمق البحر أحاول اللحاق بها ولكننى أتذكر أن بالبيت عصفورا ما زال صغيراً
                              ينتظرني أهرب إليه أحتمى به أجده منزويا فى الركن القصى متكوماً داخل أجنحته القصيرة التي لا تكفى لتغطية جسده الضئيل أضمه إليّ أحتضنه وننظر سويا من الفتحة الضيقة إلى الطريق الطويل.[/align]


                              قصة جميلة وجل جمالها جمال اللغة التي كتبت بها
                              دمت للغة جميلة

                              تعليق

                              يعمل...
                              X