
الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام و جعلنا من أمة خير الأنام محمد عليه الصلاة و السلام.
الأستاذة المهندسة سمر عيد: السلام عليك ورحمة الله تعالى و بركاته.
أرجو من الله تعالى أن تكوني بخير وعافية.
تحدثت في مشاركتي السالفة أعلاه أن الحب الحقيقي هو الذي يكون في ذات الله تعالى ثم يُشاع في الناس ابتداء من الزوجة الصالحة إلى غيرها ممن "يجب" عليه حبهم من ذويه و أهله و أقاربه الأقرب فالأقرب، و ما يهمنا هنا هو الحب الواجب الوجود، أو الواجب الإيجاد، بين الزوجين المسلمين المؤمنين.
فالزوج المؤمن بالله تعالى هو الذي يحب زوجه ليس لكونها زوجه و إنما لأنها أولا مؤمنة بالله تعالى فيحبها لإيمانها بالله تعالى ثم لأنها زوجه الصالحة في نفسها لما يربطه بها من وشائج عاطفية و اجتماعية توجب عليه إكرامها و العناية بها و الذود عنها و الغيرة عليها و إكرام رحمها و قرابتها، وكذلك الزوجة المؤمنة بالله تعالى تحب زوجها المؤمن بالله تعالى لأنه مؤمن بالله تعالى ثم لما يربطها به من أسباب عاطفية و اجتماعية توجب عليها إكرامه و المحافظة على عرضه و ولده و ماله و رحمه و قرابته، و لنا في رسول الله، صلى الله عليه وسلم، و سيرته العطرة قبل الإسلام و بعده، أسوة حسنة، لمن أراد علاقة زوجية طيبة مباركة، كما للمرأة المؤمنة الصالحة إسوة حسنة في زوجات النبي، صلى الله عليه وسلم، قبل البعثة و بعدها.
فإذا فهمنا هذا و تيقناه و عملنا به في حيواتنا تزول المشاكل كلها و تنحل المسائل كلها، أو جلهما على الأقل، لكن ما نراه من مصائب في البيوتات و كوارث في المجتمعات و مصاعب في العلاقات سببه الأساس أن الناس لم يعودوا يقيمون علاقاتهم لله و في الله و بالله و إنما يقيمونها للدنيا و في الدنيا و بالدنيا، فقط، و هنا مكمن الداء و ... مكمن الدواء، فإذا عُرف السبب بطل العجب و عُلم الطب كما قلته و كررته في مناسبات كثيرة.
أما الحرب المتوهمة بين "الرجل" و "المرأة" فهي حرب وهمية لا أساس لها من الصحة و هي حرب "دونكخية" كما أسميتها نسبة إلى "الدون كيخوت" (الدون كشوت في حربه مع طواحين الهواء) أو هي حرب "دونكية" كذلك نسبة إلى "الدونكي" -أجلك الله تعالى - لأن العرب صاروا في تعاملهم مع قرآنهم و سنة نبيهم، صلى الله عليه وسلم، كـ "الدوانكي" (جمع "دونكي") يصدق فيهم قول الله تعالى في بعض أهل الكتاب {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (الجمعة/5)، و إن الأمة قد أصابها، و سيصيبها، ما أصاب الأمم الضالة السابقة كما ورد في الحديث النبوي الشريف:"لتتبعن سَنَنَ من كان قبلكم حذو القُذَّة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه" (رواه الشيخان: الإمام البخاري و الإمام مسلم رحمهما الله تعالى و رضي عنهما) فلا عجب إذن إن استشهد بعض الناس بأقوال "روميو" و "جولييت" و "كازانوفا" و "أنتوانيت" في الحب و كتبوا عنه ما هو جدير بالقراءة في ... "التواليت" (أمَّة ٌفي الحضيض تستمرئ أدب المراحيض أو الكلام الفاخر في نقد الأدب الفاجر).
ثم إن الحرب بين "الرجل" و بين "المرأة" المؤمنيْن لا يمكن أن تقوم أو أن تدوم حتى و إن قامت لأنهما يؤمنان بـ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة/71) ؛ و إنما العدواة و الحرب تنشب بين "أشباه الرجال" و "أشباه النساء" و هنا تكمن الطامة الكبرى و المصيبة العظمى و الداهية المدمرة، و إن عداوتي المزعومة ضد "المرأة" إنما هي قائمة مع هؤلاء و أنا أعتز و أفتخر بكوني عدوا لهؤلاء عداوة مجهورة مشهورة ؛ كيف أكون عدوا للمرأة الحقيقية و هي مني و لي و ما خُلقت المرأة إلا من الرجل و له ؟ {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم/21)، فأين الضرر عندما أقول إن المرأة ما خلقت إلا للرجل ؟ أأكذِّب الله تعالى إرضاء للناس أو للمرأة ؟ هذا لن يكون أبدا بإذن الله تعالى !
ليس هناك حرب، أو عداوة، بين الرجل (المؤمن بالله تعالى) و المرأة (المؤمنة بالله تعالى) البتة و إنما الحرب، أو العداوة، تكون بين المؤمنين بالله تعالى، رجالا و نساءً، و خصومهم من العالمين، و هذه هي المسألة كلها و هي مسألة الولاء و البراء في وجه من وجوهها و هو "العلاقة الإيمانية بين الرجل المؤمن و المرأة المؤمنة" و ليس بين المؤمنين بالله تعالى و بين غيرهم من أعدائهم، أيا كانوا، ولاية أو مودة، و ليس لهؤلاء الأعداء محل من الإعراب و لا حق لهم في التعبير عن المؤمنين بدلا من المؤمنين أو نيابة عنهم أو محامة عليهم، {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَـٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَـٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (المجادلة/22).
القضية كلها من أولها إلى آخرها و من بدايتها إلى نهايتها هي: كيف تكون علاقاتنا مع أزواجنا و أهلينا و ذوينا خصوصا و أوليائنا عموما أهي في الله تعالى أم في غيره أيا كان هذا الغير ؟ فما كان لله دام واتصل و ما كان لغير الله انقطع وانفصل.
أقول قولي هذا و أستغفر الله تعالى لي و لكِ و الحمد لله الذي هدانا إلى الإسلام و جعلنا من أمة خير الأنام محمد عليه الصلاة و السلام.
و السلام عليك ورحمة الله تعالى و بركاته.
اترك تعليق: