تلاعب الشيطان اللعين بذوات الحجاب "الموديرن"
كنت أنظر إلى الشوارع و الدكاكين و المارة من الجنسين و من مختلف الأعمار، كانت الساعة بُعيْد منتصف النهار وهي ساعة خروج الناس، رجالا ونساء، من مقار أعمالهم و أشغالهم و مدارسهم، لفت انتباهي ما ترتيده بعض النساء من ثياب التبرج و التبهرج و هن إلى التعري أقرب منهن إلى التستر والتحجب، و خطرت على بالي فكرة كتابة مقالة أبين فيها حال النساء المعاصرات مع الحجاب و العري في زمن اختلطت فيه المفاهيم حتى لا نكاد نميز الصحيح منها من الخاطئ.
كنا في الماضي نعرف نوعين من النساء: المتحجبات و المتبرجات فقط، و كنا نعرف "الحايك" الأبيض في الجزائر العاصمة وما جاورها من مدن الوسط و الغرب و حتى في بعض مدن الجنوب الجزائري، كما نعرف "الملاية" القسنطينية السوداء التي ترتديها نساء الشرق الجزائري كله، أما منطقة القبائل فالنساء هناك لا يرتيدن لا الحايك و لا الملاية بل يخرجن بلباسهن التقليدي السابغ و الساتر المزركش باللوان الجملية أكثر من الحايك الأبيض العاصمي.
كما كنا نعرف غير المتحجبات اللواتي لا يعترفن لا بالحايك و لا بالملاية و لا حتى باللباس التقليدي الساتر و السابغ، و هن المتأثرات بالغربيات الفاتنات، "السيفيليزي"، المتبرجات. أما اليوم فقد صرنا نعرف أنواعا من النساء في خروجهن إلى الشارع: 1. المتحجبات ؛ 2. المتبرجات ؛ 3. المتحجبات المتبرجات ؛ 4. المتبرجات المتحجبات ؛ و هي قسمة عقلية بمزج "التحجب" مع "التبرج" لكنها قسمة واقعية و مشاهدة يوميا و في كل مكان و بلد، لأن ما نراه من ألبسة النساء المتحجبات "الموديرن" يبعث على التأمل و التألم في الوقت نفسه، كيف صار الحجاب الشرعي لعبة بأيدي العابثين، و قد تفنن المصممون له و المصممات في اللعب به حتى أخرجوه من الشرعية إلى البدعية، و إذا رحت تنقد هذا الحجاب "الموديرن"، "حجاب التبرج" كما أسمسته في مقالة قديمة لي، ثارت النساء عليك واتهمت بالتخلف و الرجعة و ... "الوهابة" مع العلم أنهن لا يعرفن لا الوهابية و لا السلفية ولا حتى الإسلام نفسه و حكمه في الحجاب و التبرج.
ما هذا "الحجاب" الغريب الفاتن المثير للغرائز و الشهوة ؟ كيف ترضى امرأة مسلمة بارتداء حجاب يجلب لها اللعنة المؤكَّدة المضمونة و هي تزعم أنها إنما ارتدت الحجاب طاعة لله تعالى و تسترا من عيون الرجال ؟ كيف يكون هذا الحجاب الفاتن المثير حجابا يصون المرأة وهو مجلبة للعيون و محركا للشهوة المعلنة و المخفية معا ؟ "حجاب" يكشف المستور الواجب إخفاؤه و يظهر المحظور إبداؤه ؟ كيف يكون الحجاب حجابا مانعا و هو شبكة شيطانية متينة تضيفها حبائله في الصيد ؟ أين شروط الحجاب الشرعي الواجب توفرها فيه، مثل ألا يكون ضيقا و لا شفافا، لا يصف و لا يشف، ولا ملونا بألوان زاهية تجلب الأنظار؟
فعلا، لقد صارت نساء المسلمين المتحجبات "الموديرن" حبائل للشيطان اللعين.
البُليْدة، مساء يوم الإثنين 19 رجب 1435 الموافق 19 مايو 2014.
تعليق