مغامرة حب جديدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بسباس عبدالرزاق
    أديب وكاتب
    • 01-09-2012
    • 2008

    مغامرة حب جديدة

    أريد أن أحبها مرة ثانية، أن أصاب بالارتباك عند رؤيتها، أن أتسلق الجدار لرؤيتها و هي تعلق ملابس نومها، أو عندما كنت أنام وسط الحديث و هي تناديني من خلف الهاتف: ياسين استيقظ.. فأستيقظ على صوتها و أنا أردد ليلى نموت عليك و نشتيك*.. كذلك أشتاق نفسي، لأهذي بها و كأنني أول مرة أحدثها، هي أيضا تريدني مهووسا بها.

    أذكر مرة أنني نمت أثناء حديثنا على النقال، و كانت في الأحلام تبدو ذاهبة نحو المحل، فصرخت: عودي للبيت و كأن الذكورة تضخمت بداخلي، فكانت تجيب بصوت متردد يرتدي أنوثتها: أنا آتية عندك بعد أيام.
    أريد أن أنتظر الليل بقنينة بنزين؛ لأشعل الفراش، ما زلت أفتش عن عبق معانقات العينين، عندما تصطدم بي و هي تقول صامتة: أي نار تحمل بداخلك، فأجيب بهدوء أيضا: ليتك تكررين التعثر بخطواتي المتلهفة لك، و نفترق و نحن نتلفت بعيون ترفض الافتراق، و روحينا لم تغادرا المكان.
    لا أريد للزمن أن يبرمجنا، فنغدو مثل آلات تقوم بوظيفة مصممة مسبقا، أريد للنوم أن يكون مثل الشهادة، أن يكون تحليقا لا مجرد تخبط أجساد منهكة.
    أذكر عندما كانت والدتي تقول لي" كفاك طيشا و عبثا"، و هي تمرر ابتسامة توقظ بداخلي نشوة الملاحقة؛ فأضيف لتلك المشاكسات بعض الحركات؛ فألكز زوجتي عندما تدير أمي ظهرها ناحية المطبخ، فتهتز و هي تهمس: أتريد أن تفضحني أمام أمك.. توقف رجاء، تقولها و هي تستفزني لأعيدها، تتمايل مثل أيل يغري الذئاب..فأجيب: سأفترسك.. سألتهمك..
    أريد أن أنام معها و كأنها آخر لحظة، و كأنني ذاهب للصلاة، أريد أن أغدو وقودها في الأحلام.. فتسرد قصتها معي أثناء العشاء و نحن نتقاسم كأس المشروبات الغازية..

    الحب ليس شعرا يتدارسه الشعراء في ندواتهم الفاترة.. بل جذوة نور يشعل قلبك بالطيش، فتصبح مثل راقصي الشوارع، تتحدى المطر و العواصف أيكم مجنون أكثر..
    اليوم أصبحت ملاحقاتي لها تشبه مراقبات مثل وظيفة استخباراتي، و النوم بجانبها هو وظيفة إلزامية لا غير، أحيانا أفجر كلمات ضبابية، فتغلف روحينا بالتيه أكثر.
    تاهت عنا أرواحنا فأصبحنا مثل زملاء عمل نتبادل التحية الصباحية، و غدت مثل موظفة عندي تحضر لي الطعام، مثل آلة غسيل تنظف ملابسي، و لكن لليوم ما تزال لذة القهوة الأولى عالقة بلساني، تماما مثل حديثها الأول.
    عدت للبيت محملا بالتعب و بعض الخيبات التي اعتدتها، هاجمتني بقائمة من الأسئلة معدة مسبقا، أخرجت إجاباتي التي أخزنها لمثل تلك المواقف، جميعها تبدو جافة و قاحلة، خالية تماما من الإشتياق.
    داهمتني ذلك المساء حمى ألزمتني الفراش، و لم تتركني إلا و أنا أهذي ليلتها، يبدو الحلم مثل نفق ممتلئ بالأفاعي و بعض الكلاب المتشردة تطاردني، أركض نحو كوخ بعيد، تتابعني الكلاب التي تبدو مسعورة، تتعثر خطواتي و تتلعثم أرجلي مثل طفل يتعلم حروف الهجاء، أزحف و أحيانا أتدحرج لأصل للكوخ، بصعوبة بالغة أصل نحوه، أدخله لأجده حفرة عميقة، تنبح الكلاب عند الباب بقوة فتخيفني، أسقط بسرعة كبيرة لأقع بين يدي امرأة، كأنها انتشلتني من دوامة و من أنياب وحش مفترس، و أصاب بالدوخة؛ لأستيقظ بين يديها و هي تحتضنني.

    -باسم الله عليك حبيبي.

    عندها فقط أحسست بهزات خفيفة بداخلي، إنه ينبض الآن، يزيد من دقاته، عشرة..عشرون...ستون، إنه ينتظم ثم هو يتحول لهفة، لأول مرة منذ مدة أحس أن بجانبي امرأة، نعم إنها أنثى، رائحة ملابسها تتسلل نحو رأسي، ينفجر صدري بالدماء و ها هو الهواء يدغدغ حنجرتي، و بعض دفء يتسرب من كفها، يعيدني طفلا يطالب بحصته من الحليب، يعبث بثياب أمه، و يشد شعرها بلطف مبالغ فيه، إنني طفل يبحث عن إسم يحمله، قلت و كأنني أستعيد ذاكرتي: من أنا؟، قالت: حبيبي و عمري.

    قلت: أين كنت؟ منذ مدة و أنا أبحث عنك؟.


    قالت: كنت بداخلك.


    أصبت مرة ثانية بالهلوسة: أنت.. أنا؟


    تنهدت و هي تهمس في أذني و كأنها تخبرني سرا خطيرا: ألم يأن لك أن تقع بالحب من جديد؟.


    ابتسمت لها: أنا سعيد أنني حلقت أخيرا.


    أمسكت يدي و رحنا نعيد المغامرة، هذه المرة سنخاطر أكثر من المرة السابقة.

    *نشتيك: و هي معناه أحبك و أحسب أصلها كلمة أشتهيك و ربما تطورت مع الوقت و لتوائم اللهجة أصبحت نَشْتِيكْ
    التعديل الأخير تم بواسطة بسباس عبدالرزاق; الساعة 19-09-2014, 19:14.
    السؤال مصباح عنيد
    لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها
  • حسن لختام
    أديب وكاتب
    • 26-08-2011
    • 2603

    #2
    كم هو جميل الحب..يتجدّد بالكلمات الرقيقة والاهتمام بالحبيبة
    راقت النهاية الرائعة التي سيحف مغامرتها القادمة حب أقوى
    كن بخير صديقي بسباس
    مودتي

    تعليق

    • عبدالرحيم التدلاوي
      أديب وكاتب
      • 18-09-2010
      • 8473

      #3
      سار النص وفق ثلاث حركات.
      بداية مفعمة بالحب.
      وسط متدفق الملل.
      نهاية ذات استعادة لحرارة البداية. و انتصار للحب بفعل شلال العواطف المرفوع باللغة الرقيقة و الهمس الحالم.
      مودتي

      تعليق

      • الساحر الحزين
        عضو الملتقى
        • 08-08-2014
        • 73

        #4
        بين غمرات ونسمات الحب القليلة، تُحلق ذاوت المحبين في عوالم المحبة!..تحياتي أخي "بسباس عبدالرزاق " عالتحفة الفنية..تقديري ومحبتي..
        التعديل الأخير تم بواسطة الساحر الحزين; الساعة 20-09-2014, 10:15.
        [CENTER]


        [/CENTER]

        تعليق

        • ربيع عقب الباب
          مستشار أدبي
          طائر النورس
          • 29-07-2008
          • 25792

          #5
          كنت شاهدا هنا على محيا الأزواج
          كاشفا ستائر الاعتياد المقيت
          طاعنا الغياب الذي يكمن في حضورنا ظلالا بلا حياة
          تشتاق ما بيدها كأن بينها و بينه سنوات ضوئية
          وهو رهن الارادة و المعنى المجسد ..
          يالقسوة الحياة و بلاغة الصمت المكره !
          جميل رحيلك أخي الجميل


          sigpic

          تعليق

          • علي التاجر
            أديب وكاتب
            • 21-12-2008
            • 88

            #6
            المبدع/ بسباس ،،

            سأكتفي بالقول أنني منذ مدةٍ طويلةٍ لم أقرأ نصاً كهذا النص ،،

            نصٌ قصصيٌ فاخر، ولغةُ قصٍ حقيقية، لا تدعك تقف إلا عند نهاية القصة،

            أتمنى لهذا القلم أن يعبر للرواية،

            بالتوفيق ،،

            تعليق

            • بسباس عبدالرزاق
              أديب وكاتب
              • 01-09-2012
              • 2008

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة حسن لختام مشاهدة المشاركة
              كم هو جميل الحب..يتجدّد بالكلمات الرقيقة والاهتمام بالحبيبة
              راقت النهاية الرائعة التي سيحف مغامرتها القادمة حب أقوى
              كن بخير صديقي بسباس
              مودتي
              نعم هو جميل أستاذي
              خاصة عندما يرتسم على وجوهنا و يتغلف بسلوكياتنا الأخلاقية العالية

              حقيقة فرح أن النص نال إعجابك
              أتعرف صديقي، كانت الخاتمة هي أرقي الوحيد هنا، فلازلت أحسبها نهاية جاهزة و مكررة

              و لأنها أعجبتك ارتحت قليلا و سعدت بك

              محبتي صديقي حسن لختام
              السؤال مصباح عنيد
              لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

              تعليق

              • بسباس عبدالرزاق
                أديب وكاتب
                • 01-09-2012
                • 2008

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحيم التدلاوي مشاهدة المشاركة
                سار النص وفق ثلاث حركات.
                بداية مفعمة بالحب.
                وسط متدفق الملل.
                نهاية ذات استعادة لحرارة البداية. و انتصار للحب بفعل شلال العواطف المرفوع باللغة الرقيقة و الهمس الحالم.
                مودتي
                نظرة عميقة من كاتب أقل ما يقال عنه مبدع يوميا

                نحب النار إذا ما كانت شلال عواطف و رقي روح

                أستاذي عبدالرحيم شكرا لرقي حديثك
                السؤال مصباح عنيد
                لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                تعليق

                • بسباس عبدالرزاق
                  أديب وكاتب
                  • 01-09-2012
                  • 2008

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة الساحر الحزين مشاهدة المشاركة
                  بين غمرات ونسمات الحب القليلة، تُحلق ذاوت المحبين في عوالم المحبة!..تحياتي أخي "بسباس عبدالرزاق " عالتحفة الفنية..تقديري ومحبتي..
                  كنت جميلا بتحليقك الساحر
                  أخي محمد أحببت حضورك و رقيك


                  محبتي
                  السؤال مصباح عنيد
                  لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                  تعليق

                  • بسباس عبدالرزاق
                    أديب وكاتب
                    • 01-09-2012
                    • 2008

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                    كنت شاهدا هنا على محيا الأزواج
                    كاشفا ستائر الاعتياد المقيت
                    طاعنا الغياب الذي يكمن في حضورنا ظلالا بلا حياة
                    تشتاق ما بيدها كأن بينها و بينه سنوات ضوئية
                    وهو رهن الارادة و المعنى المجسد ..
                    يالقسوة الحياة و بلاغة الصمت المكره !
                    جميل رحيلك أخي الجميل


                    ربما تذكر استاذي قصتي حب يتسكع خارج البيت
                    و كيف كان الحب حارا جدا هناك

                    ألا يمكننا أن نحب ازواجنا بتلك الطريقة و بذلك القدر من النار
                    لماذا نتخندق داخل الرتابة و نمعن في الضجر

                    من رحم تلك القصة أخرجت هذه لأتحدث عن قمة الغباء الذي يعيشه البعض و يحاول إيجاد الاسباب لنفسه

                    اسعدني حديثك و رؤيتك الرائعة

                    دوما لستمتع بحضورك استاذي


                    محبتي الكبيرة لقلبك الطيب جدا
                    السؤال مصباح عنيد
                    لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                    تعليق

                    • بسباس عبدالرزاق
                      أديب وكاتب
                      • 01-09-2012
                      • 2008

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة علي التاجر مشاهدة المشاركة
                      المبدع/ بسباس ،،

                      سأكتفي بالقول أنني منذ مدةٍ طويلةٍ لم أقرأ نصاً كهذا النص ،،

                      نصٌ قصصيٌ فاخر، ولغةُ قصٍ حقيقية، لا تدعك تقف إلا عند نهاية القصة،

                      أتمنى لهذا القلم أن يعبر للرواية،

                      بالتوفيق ،،

                      شكرا استاذي

                      فعلا قد بدأت تجريب الرواية
                      رغم صعوبتها و رغم جهلي الكبير بفنياتها و لكنني أتعلم حاليا كيف أدخل عالمها


                      محبتي
                      السؤال مصباح عنيد
                      لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                      تعليق

                      • عبير هلال
                        أميرة الرومانسية
                        • 23-06-2007
                        • 6758

                        #12
                        نص رومانسي فاخر من الدرجة الأولى .. قرأته عدة مرات لروعته... بوركت أناملك البديعة المحلقة بسماء الإبداع... ود وتقدير
                        sigpic

                        تعليق

                        • عاشقة الادب
                          أديب وكاتب
                          • 16-11-2013
                          • 240

                          #13
                          راق لي ما قرأت هنا
                          لن ازيد على ماقيل من الاساتذة
                          فقط اسجل اعجابي بما تكتب
                          ولك كل الاحترام والتقدير .

                          تعليق

                          • بسباس عبدالرزاق
                            أديب وكاتب
                            • 01-09-2012
                            • 2008

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة عبير هلال مشاهدة المشاركة
                            نص رومانسي فاخر من الدرجة الأولى .. قرأته عدة مرات لروعته... بوركت أناملك البديعة المحلقة بسماء الإبداع... ود وتقدير
                            الأستاذة عبير هلال

                            شرف كبير أن تنال قصتي استحسانك و إعجابك

                            تقديري و احتراماتي
                            السؤال مصباح عنيد
                            لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                            تعليق

                            • بسباس عبدالرزاق
                              أديب وكاتب
                              • 01-09-2012
                              • 2008

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة عاشقة الادب مشاهدة المشاركة
                              راق لي ما قرأت هنا
                              لن ازيد على ماقيل من الاساتذة
                              فقط اسجل اعجابي بما تكتب
                              ولك كل الاحترام والتقدير .
                              أختي الفاضلة

                              و كل تقديري لمرورك و حديثك الجميل أستاذتي

                              احتراماتي
                              السؤال مصباح عنيد
                              لذلك أقرأ ليلا .. حتى أرى الأزقة بكلابها وقمامتها

                              تعليق

                              يعمل...
                              X