
مرتكزات الكتابة الأدبية الراقية
ثم أما بعد، إن قضية الكتابة عموما و الأدبية منها خصوصا تشغل حيزا كبيرا من تفكيري، و أنا من المهووسين بالكتابة الهادفة أو المغرضة كما يحلو لي تسميتها لأنني أعتقد أن الكتابة إن لم تكن تستهدِف غاية ما أو أنها لا تستغرض مرمى أو لم يكن لها مقصد ما فهي كتابة عابثة لاهية و هي مضيعة للوقت و إهدار للعمر فيما لا جدوى منه سيندم عليه صاحبه يوما ما عاجلا أم آجلا، ثم إن الزعم بأنه توجد كتابة مجردة كلية من غاية ما زعم كاذب و ادعاء باطل تماما، فلكل كتابة غاية مهما كانت صغيرة أو تافهة أو حقيرة أو قصد ما أو غرض ما سواء اعترف الكاتب بهذا أم لم يعترف، و سواء أعرف ذلك من كتابته أم لم يعرف.
المرتكزات التي خطرت على بالي وأنا أفكر في موضوعي هذا سبعة مرتكز أو سبعة أسس أراها ضرورية لكل كتابة تريد أن تضمن لنفسها قسطا من "الأدبية" أو نصيبا من "الفنية"، و كلما زادت نسبة القرب من تلك المرتكزات أو كلما تجذرت تلك الأسس و تعمقت كلما قرب العمل الأدبي من الرقي و جاء قريبا من الكمال النسبي طبعا في كتابات الكتاب مهما يكن مستواهم الثقافي أو تمكنهم من فنيات الكتابة الأدبية بمختلف أنواعها و ميادينها و أغراضها. أما المرتكزات فهي:
1. التفكير العميق ؛
2. التعبير الأنـيق ؛
3. التصوير الدقيق ؛
4. التحرير الوثيق ؛
5. التحبير الرشيق ؛
6. التخيير النسيق ؛
7. التغيير الرفيق.
أنا أعرف أن هذه المرتكزات السبعة و ما وُصِفتْ به قد تبدو متكلَّفة أو هي مستجلبة عنوة لإضفاء قَدْرٍ من الغرابة أو التشويق لمعرفة كنهها أو مقاصدها لكن التمعن المتعمق أو الشرح الذي سيوضحها، إن شاء الله تعالى، سيُجلِّيان ضروروتها في كل عمل أدبي يُراد له التميز و التفوق بنسبة عالية إن هي روعيت أو احترمت، و لكل نصيبه من رعايتها و لكل رغبته في احترامها و لكل عمل من ثمة نصيبه أو قدره من الجودة.
إن من احترام المرء لنفسه و لغيره أنه إذا عمل عملا ما أن يتقنه ويجوده ويحسنه، هذا في الأعمال مطلقا، فكيف في العمل الأدبي و هو ميدان الإجادة و الإحسان و الإتقان حتى يصنف في الأعمال الأدبية "الخالدة" و ما هي بالخالدة على أية حال لكنها المبالغة البشرية المعروفة عند إبداء الإعجاب بعمل ما ولاسيما في الأعمال الأدبية خصوصا أو الفنية عموما.
هذا و للحديث بقية، إن شاء الله تعالى، مرة أخرى و عسانا نواصل الحديث معا في المرتكزات المذكورة فلربما نستطيع الارتقاء بكتاباتنا الأدبية و نقربها من الجودة العالية و ما ذلك على من يرغب فيه بمستحيل أو بمستبعد، و الله من وراء القصد وهو، سبحانه، يهدي السبيل، و الحمد لله في الأول والأخير.
البُليْدة، ليلة يوم الإثنين 10 محرم 1436، الموافق 3 نوفمبر 2014.
تعليق