... بصحن الذرة فوق رأسها لتطحنه مع الصديقات الصغيرات في بيت جارتها تمرُّ في عهدها الجديد .. تهب الحياة للحياة , وتزرع الأرواح في الزقاق
في كل يومٍ تخضرُّ مريم وتزدهر .. تنضاف إليها بين يومٍ وآخرَ فتنةٌ إلى فتنة في احتفال كرنفالي صاخب وبهيج لجسدها بافتتاح البلوغ .
غرّا ءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضُها .... تمشِيْ الهُوَيْنَا كما يمْشِيْ الوُجِيْ الْوَحِلُ
كأنَّ مشيتَها من بيتِ جارتِها ....... .. .........مَرُّ السحابةِ لارَيْثٌ ولا عَجَل ُ
هنا يقرأ عبد الرحمن في كتاب مريم بيت الاعشى من معلّقته الذي لم لم يقرأه من كتاب النصوص في المدرسة .. في المدرسة يقرأ المدرس هكذا :
أبلغ يزيدَ بني شيبانَ مألكةَ أبا ثبيتٍ أما تنلكُّ نأتكلُ
هنا تشهر مريم محذوف القصيدة . هنا يتفوق الجمال على الأستاذ أيها التلميذ الصغير , هنا يظهر الوجه الآخرالبصير إلى الأعشى
حين اصطادها البرق من بين قلبه صعقت الحياة وكادت أن تموت .. ماتت مريم وبقي كلهم على قيد الحياة
البرق ظلوم غشوم حين حسمها هي فحسب ,, أحرقها هي فحسب .
آباؤه البشر وأمهاته من قبله جميعا , إخوانه البشر وأخواته من بعده جميعا أحياء بين عيونه .. مريم هي التي ذهبت .. مريم عشقها البرق .. لحبات العنب في كلماتها , .., لبقبقة الينابيع في صدرها , , لعنقود أناملها , لحنين كفَّيْها , لتغريد عينيها , لشفق خديها , لعزف قدميها .
المطر ينزل من السماء , .... ذهبتْ لتملأ جرّة الماء من البئر في الضاحية حافيةً , حبّات المطر بدأت تهطل عند البئر , سحبتْ الحبل على البكرة المعلقة فوق فتحة البئر حتى الطرف , وربطته هناك في العمود , وعادت لتسحب الدلو وتفرغه في جرتها , كررت ثانية وملأت الجرّة , رفعتها نصف مستقيمة فوق رأسها , وبدأت تعود .
المطر ينسكب الآن أكثر , والسماء تتلألأ بالبروق , وقدما ليلي كريشة تعزف على الآرض لتهرب من بقع المطر في طريقها , ويدوّي الرعد .
لم ترَ ملك الموت , الطيور تلْبدُ فوق الأغصان تحت ورق الشجر , والكلاب تدخل في أجحارها , والبشر يتكنّنون داخل البيوت , والأطفال في القرية يجرون ويلعبون تحت المطر ويصرخون , وعيون الله في كل مكان , والعجائز إناثا وذكورا يعرضون حيواتهم تامة , وملك الموت يرصد مريم الغضَّةَ وحدها هذه التي الآن تبدأ البلوغ وتتفتّح على طريق عودتها من البئر ,,
سقطت ليلى , كان الله يراه , كان قد سجّل كل شيئ في الكتاب , سقطت ورقة مريم من شجرة الحياة , سقطت في أول خطوة لها على النيروز إلى الربيع ,وبقيت كل الأوراق في الخريف وفي الشتاء وفي كل الفصول .
ظلَّ خريفهنُّ العجائز والكهول هؤلاء قائما ولم تسقط ورقة , وسقطت ورقة الربيع على غيرعهد , يخلف عهده الطقس ... والمناخ والعادة والعرف وملك الموت وكل التزاماتهم في مريم .
كأنك أنت يداعبك ملك الموت ياعبد الرحمن .. بدعته ساحقة .
أعمى أنت ياملك الموت لوكنت تراها , كل حنين الدنيا ليس غير لمسة منها , هل رأيت خطرتها ؟ هل مسست كفها ؟ غشوم أنت أيها القاتل الاعمي .
سيقتلك الله
بين الجرة فوق رأسها والماء تحت أخمص قدميها كان مقام اللحن , المطر يشدُّ الأوتار على جسد مريم ويضبطها عند الاعطاف .
مريم تعزف اللحن من المقام اللحني بين الجرة فوق رأسها والماء تحت أخمص قدميها وهي تعود من البئر إلى القرية تحت المطر :
إنْ وَضَعْتِ قدمَكِ هنا ستغورين يامَرْيَمَ وتنكسر الجرة
إنْ وضعتِها هنا ستتزحلقين يامَرْيَمَ وتنكسر الجرة
هنا ليس إلّا .. في هذه الثيمة بين الماء وبين الماء تضعين قدمك , وتَلِيْنِها بالأخرى هناك بين الماء وبين الماء وتسلم الجرة .كان جسد مريم يعزف هذا اللحن تحت المطر المنسكب على الحقول .
وهنا ينعزف بيت الأعشى همدان ياعبد الرحمن
وهنا يخرج ملك الموت ساطوره
يصعق البرق مريم مابين السماء والأرض .. مريم هنا كقوس قزح بين القحط من كل النساء .. كالوردة بين الفطر من كل القرية .. كمريم ليس سواها على الأرض تحت السماء يغتالها البرق .
الله في السماء . إليه تذهب مريم ..
يمرّ العجوز قادما من حقله راكبا حماره ليلتقطها , لاحاجة في القرية إلى طبيب شرعي , الصاعقة لاتوكل أحدا ليقتل دونها , ولم تقتل هنا غير مريم .
تَفَحَّمَتْ .. ومشيتَ في إثرها إلى القبر .. كل الناس يبكون مريم .. عيناك وحدها لم تذرف الدمع , كان قلبك يبكي , وكان العالم كله يبكي منك في الأعماق
ومريم وحدها تنزل في القبر محمولة على كتفي أبيها , لم يرافقها أحد ليؤنس وحشتها , عاد أبوها وطلع من القبر , وعادوا جميعا من المقبرة إلى القرية ....... وحدها مريم تذهب إلى الله
ووحدك تظل بين القبر والقرية .. لم تذهب مع مريم ولم تعد مع الآخرين .. لازلت أذكرها لحظة جنونك عند عَوْدَتِنا من القبر ياعبد الرحمن . وهاأنت لازلت في المكان ذات المكان .. بين القبر والقرية .. بينك ومريم ولن تعود ... كما مريم لن تعود .
في كل يومٍ تخضرُّ مريم وتزدهر .. تنضاف إليها بين يومٍ وآخرَ فتنةٌ إلى فتنة في احتفال كرنفالي صاخب وبهيج لجسدها بافتتاح البلوغ .
غرّا ءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضُها .... تمشِيْ الهُوَيْنَا كما يمْشِيْ الوُجِيْ الْوَحِلُ
كأنَّ مشيتَها من بيتِ جارتِها ....... .. .........مَرُّ السحابةِ لارَيْثٌ ولا عَجَل ُ
هنا يقرأ عبد الرحمن في كتاب مريم بيت الاعشى من معلّقته الذي لم لم يقرأه من كتاب النصوص في المدرسة .. في المدرسة يقرأ المدرس هكذا :
أبلغ يزيدَ بني شيبانَ مألكةَ أبا ثبيتٍ أما تنلكُّ نأتكلُ
هنا تشهر مريم محذوف القصيدة . هنا يتفوق الجمال على الأستاذ أيها التلميذ الصغير , هنا يظهر الوجه الآخرالبصير إلى الأعشى
حين اصطادها البرق من بين قلبه صعقت الحياة وكادت أن تموت .. ماتت مريم وبقي كلهم على قيد الحياة
البرق ظلوم غشوم حين حسمها هي فحسب ,, أحرقها هي فحسب .
آباؤه البشر وأمهاته من قبله جميعا , إخوانه البشر وأخواته من بعده جميعا أحياء بين عيونه .. مريم هي التي ذهبت .. مريم عشقها البرق .. لحبات العنب في كلماتها , .., لبقبقة الينابيع في صدرها , , لعنقود أناملها , لحنين كفَّيْها , لتغريد عينيها , لشفق خديها , لعزف قدميها .
المطر ينزل من السماء , .... ذهبتْ لتملأ جرّة الماء من البئر في الضاحية حافيةً , حبّات المطر بدأت تهطل عند البئر , سحبتْ الحبل على البكرة المعلقة فوق فتحة البئر حتى الطرف , وربطته هناك في العمود , وعادت لتسحب الدلو وتفرغه في جرتها , كررت ثانية وملأت الجرّة , رفعتها نصف مستقيمة فوق رأسها , وبدأت تعود .
المطر ينسكب الآن أكثر , والسماء تتلألأ بالبروق , وقدما ليلي كريشة تعزف على الآرض لتهرب من بقع المطر في طريقها , ويدوّي الرعد .
لم ترَ ملك الموت , الطيور تلْبدُ فوق الأغصان تحت ورق الشجر , والكلاب تدخل في أجحارها , والبشر يتكنّنون داخل البيوت , والأطفال في القرية يجرون ويلعبون تحت المطر ويصرخون , وعيون الله في كل مكان , والعجائز إناثا وذكورا يعرضون حيواتهم تامة , وملك الموت يرصد مريم الغضَّةَ وحدها هذه التي الآن تبدأ البلوغ وتتفتّح على طريق عودتها من البئر ,,
سقطت ليلى , كان الله يراه , كان قد سجّل كل شيئ في الكتاب , سقطت ورقة مريم من شجرة الحياة , سقطت في أول خطوة لها على النيروز إلى الربيع ,وبقيت كل الأوراق في الخريف وفي الشتاء وفي كل الفصول .
ظلَّ خريفهنُّ العجائز والكهول هؤلاء قائما ولم تسقط ورقة , وسقطت ورقة الربيع على غيرعهد , يخلف عهده الطقس ... والمناخ والعادة والعرف وملك الموت وكل التزاماتهم في مريم .
كأنك أنت يداعبك ملك الموت ياعبد الرحمن .. بدعته ساحقة .
أعمى أنت ياملك الموت لوكنت تراها , كل حنين الدنيا ليس غير لمسة منها , هل رأيت خطرتها ؟ هل مسست كفها ؟ غشوم أنت أيها القاتل الاعمي .
سيقتلك الله
بين الجرة فوق رأسها والماء تحت أخمص قدميها كان مقام اللحن , المطر يشدُّ الأوتار على جسد مريم ويضبطها عند الاعطاف .
مريم تعزف اللحن من المقام اللحني بين الجرة فوق رأسها والماء تحت أخمص قدميها وهي تعود من البئر إلى القرية تحت المطر :
إنْ وَضَعْتِ قدمَكِ هنا ستغورين يامَرْيَمَ وتنكسر الجرة
إنْ وضعتِها هنا ستتزحلقين يامَرْيَمَ وتنكسر الجرة
هنا ليس إلّا .. في هذه الثيمة بين الماء وبين الماء تضعين قدمك , وتَلِيْنِها بالأخرى هناك بين الماء وبين الماء وتسلم الجرة .كان جسد مريم يعزف هذا اللحن تحت المطر المنسكب على الحقول .
وهنا ينعزف بيت الأعشى همدان ياعبد الرحمن
وهنا يخرج ملك الموت ساطوره
يصعق البرق مريم مابين السماء والأرض .. مريم هنا كقوس قزح بين القحط من كل النساء .. كالوردة بين الفطر من كل القرية .. كمريم ليس سواها على الأرض تحت السماء يغتالها البرق .
الله في السماء . إليه تذهب مريم ..
يمرّ العجوز قادما من حقله راكبا حماره ليلتقطها , لاحاجة في القرية إلى طبيب شرعي , الصاعقة لاتوكل أحدا ليقتل دونها , ولم تقتل هنا غير مريم .
تَفَحَّمَتْ .. ومشيتَ في إثرها إلى القبر .. كل الناس يبكون مريم .. عيناك وحدها لم تذرف الدمع , كان قلبك يبكي , وكان العالم كله يبكي منك في الأعماق
ومريم وحدها تنزل في القبر محمولة على كتفي أبيها , لم يرافقها أحد ليؤنس وحشتها , عاد أبوها وطلع من القبر , وعادوا جميعا من المقبرة إلى القرية ....... وحدها مريم تذهب إلى الله
ووحدك تظل بين القبر والقرية .. لم تذهب مع مريم ولم تعد مع الآخرين .. لازلت أذكرها لحظة جنونك عند عَوْدَتِنا من القبر ياعبد الرحمن . وهاأنت لازلت في المكان ذات المكان .. بين القبر والقرية .. بينك ومريم ولن تعود ... كما مريم لن تعود .
تعليق