المشاركة الأصلية بواسطة عاطف الجندى
مشاهدة المشاركة
أما سمعتها من شباب غض طري ، أشرق الأمل في نفسه ، فوجد حروبا ضروسا تحول بينه وبين هذا الأمل ، فقرر أن يهاجر ، ولو كان هجرته هذه بطريقة غير شرعية ، ولو كان من أجلها باع والديه كل ما يملكان من أجل مال يدفعونه لسماسرة ومرتزقة ، ولو كان في ذلك حتفه بين أمواج البحر وأسنان الأسماك ؟ أما سمعتها من صرخات شباب عائدين إلى ذوهيم وأهلهم وأولادهم محملين بكد وكفاح وسنوات غربة فإذا بعبارتهم المتهالكة تغرق ، فلا يجدون من ينقذهم وينتشلهم من الموت والغرق ، ثم يترك ربان السفينة وقائدها الدولة كلها هربا بمساعدة أكابر رجالها ، ثم يحكم عليه بسجن لا تتجاوز مدته بضع سنوات ثم يظل هاربا حتى يسقط الحكم ؟
أما سمعتها من أسر آمنة في بيوتها رضيت بقليل القوت وشظف العيش ، ثم تسقط عليهم كتلة جبلية هائلة فتحصد أرواحهم حصدا وتسوي أجسامهم وأمنهم بالأرض سواء بسواء ؟
أما سمعتها من رجال ونساء لايجدون إلا قطارات متهالكة يذهبون بها ويقطعون مئات الأميال ذهابا وايابا إلى أعمالهم ، ثم يحترق بهم القطار فيتركون بين متفحم وشهيد ؟
أما سمعتها من فقير يقف في طابور طويل ليحصل على رغيف خبز ثم يلقى مصرعه ؟
أما سمعتها من ألاف الشباب الذين يملئون المعتقلات لغير ذنب إلا قالوا بلادي بلادي بلادي لك حبي وفؤادي ؟
وأما وأما وأما ، وتاريخ أسود طويل من الظلم والاستبداد في بلد هي من العشر الأول من بين الأنظمة الديكتاتورية
كلا يا سيدي أنت تسمعها كل يوم وليلة وفي كل مكان وكل أرض ، سمعتها ولو لم يصرح بها قائلها وإن كتمها بين أضلعه وحشرجت بها روحه ، وستظل تسمعها أبدا ، مادام هذا النظام الحاكم يحكمنا ومادام يجد من يدافع عنه بداعي الوطنية وبزعم الولاء والحب لمصرنا المنهوبة والمفترى عليها .
ثم ماهذا وذاك سيدي ، وماتقارن الألم الذي يعتصر قلوبنا حتى أدى بنا إلى القول بالتب ، وبين تلبية نداء الدفاع عن الأرض والتراب والاسم والوطن الذي نحيا تحت سمائه ؟
ثم خلط أخيا في صورة نقلتها لك ، أو صورة أنت فهمتها على غير وجهها .
لقد علمنا في سنوات دراستنا الأولى أن الدولة تنقسم إلى ( أرض وشعب وسلطة حاكمة )
فأما الأرض فلا يبغضها أحد ويسجد لها وعليها المغترب إذا عاد من غربته ، ويقسم بترابها العندليب فتخفق قلوبنا لقسمه ، ونصير كلنا كورالا يردد خلفه ، إذ يقول " أحلف بسماها وبترابها ، أحلف بدروبها وأبوابها ، أحلف بالمدنة وبالمدفع ، أحلف بالقمح وبالمصنع ، بولادي بايامي الجاية متغيب الشمس العربية ، طول مانا عايش فوق الدنيا " .
وأما الشعب فهو أنا وهو وهي وهم ، وربما تكون أنت عزيزي ، ولكنه ليس هؤلاء وأولئك ممن يتشدقون بحب مصرويغنون علينا ويقولون " مشربتش من نيلها ممشتش في حواريها " ، " يبقى أنت أكيد من مصر " ، أولئك قليل من كثير من فنانين وفنانات ولاعبي كرة ولاعبات ورجال أعمال ورجالات ووزراء وأعضاء مجالس ولصوص ونواب قروض ......... نهبوا خيرات الوطن وحرموا ملايين البسطاء منهم .
وأما السلطة فهي النظام الحاكم وهي وهي وهي ممن نقول لها تبا ثم تب
تعليق