الفتاة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • د انور غني الموسوي
    أديب وكاتب
    • 31-12-2014
    • 127

    الفتاة

    ( الفتاة )

    أنور غني الموسوي

    يا لحظّها السعيد، تلك السوسنة، كانت غارقة في كتاب قديم يتحدّث عن جزر المرجان ، التي رأتهاعيناي ، حيث العالم الأعمى ،يرتدي قبّعة من قشّ ، و يبتهج . كنت حينها أرى على جبهته آلام الانسانية .

    لقد رأت في تلك الصفحات طغيان الأرضيين ، لم يتعلّموا من صديقي فضاءات المرأة الرحبة ،هناك في بلده المريّخ ، السماء تتدحرجكصبية يتدفؤون بالحب ّ، يكرعون عبق الزهر الكوني ،عيونهم من نسل خيول سليمان الساحرة، أه كم هو آسرٌ لمعان رموشها البرّاقة. هناك الطيور أكثر أمنا ، تضاحك الحقيقة بعيدة عن زيف مدينتي وشحوبهاالليلي . أجل،حينما غادرت الظبيات ذلكالساحل الورديّ ،كانت أجنحتها بنفسجيّة ، تصوّر كم كنت مندهشا ؟

    لقد حدثني عن الإيمان بالمرأة ، عن البيوت العاليةالتي تبنيها النساء هناك ، كأعشاش اللقلق حرة و عالية ، تفيض بالفرصة النقية ، وعند المساء ، قال أنّها تتوهّج كأعياد رأس السنة . عندها ما عدت أجيد تهجّي أحرف أسمي، أجل صدقتّ هنا ألم الانسانية، هنا يقولون ، و أنّنا أمّة مجيدة ، أنّ الوقاحةتعشعش في أدمغة البعيدين ، إذن لماذا صارتأرواح الصينيبن أكثر صفاء و طمأنينية ؟ ، وتلكالنوارس التي حطّت على أرض القمر، و أخذت لي صورة جميلة من المريّخ و المجراتالبعيدة ، كيف لثمت جباههم و أعرضت عن وجوهنا العارفة؟

    أه أيّتها المساءات ، أيّتها الفصول ، أيّتها الحجب الواهمة ، في كفّيك مدن شوهاء ، و أكاذيبالسراب البرّاقة ، تنزعين من قلب الفتاة الورديّ مفاتن الخشوع ، تُعلّمي صوتها بحّةالغربان السود ، كم بعيدة أنت ونداءاتك العليلة ، ربّما سأعود يوم الى مدنالزعفران ، بالإرث المقدّس ، بالثريّا التي تحدّثت عنها السماء، فهي لا تغفو الا على أكفّ من الحقيقة.

    آه كم هي بعيدة الرسومات و الأناشيد التي تخترق ذاكرتي كلّ يوم ، كم أنا غارق في سجنيالدامي المضحك ، ليتك رأيت لونه الرقراق ، إنّه جذاب و كاذب و عديم الضمير ، حيثيقتل صوت الزهر ليس لشيء الا لأنّ أبا لهب لازال يتحكّم بخرافاتي ، كفّه العريضة تحجب عني لون الشمس ، لا تعلّموهن الكتابة ، أبقوهن لوحات مزخرفة تزيّن البيوت العنكبوتية، غارقات في الغياب المرير ، الا أيهّا الكاذب القبيح ، أيّها الأعمى ما رأيتكيوما تلبس ثوب ضياء ، ما رأيتك يوما تنحنيعلى زهرة تسقيها ماء ، ملأت زواياك العتمة الدامية ، أيا من سبتك وحشية الظلام و ألسنةالزيف العظيم .

    كن شجاعا ،هل ترى ذلك الجدار؟ الذي تختبئ خلفه جميع الضبابيات و الرماديات الغريبة، إضرب نَفَسك الأعمى به ، لعل رئتاك تتعلّم هواءجديدا ، لعلّ حقولك البيضاء تكشف عن قلبهاالفضّي ،هناك حيث تحطّ أسرار الخليقة و الكتاب الأمّ .هناك لن تجد لحكاياتك وبطولاتك ذكراً .

    أنا من هناك ، أحمل على ظهري قربة من نور، تطير بي خيول من ثلج، و يد حنونة تفيض بالأمل العريض . ليتك تصغي أليّ ، ليتك تخلع عنك ثوب العبوديّة و قناعكالبائس ، كن شجاعا ، تعال نحوي ، نحو صوتغريب .

    أخبرك عن الأوراق الزرقاء المتوحشّة ، و عن الوجه الآخر للشمس ، كان شاحبا كسنابل القمح في أرضكالغارقة في الشيخوخة ، كم قد حدّثني الأسلاف عن الأحلام و المستقبل السعيد ،الا أنّكأيّها الجنس الظلوم ، لازلت تائها بعيدا ، إقترب ، كن محبّا فهنا في قلبي وردوضوء.

    أيّها المرائي ، لقد علِمت السماء ماءك الآسن ، فصرختلأجل الفتاة ، وأنت هنا قابع كشجرة صنوبر بريّة ، تدير وجهك بعيدا عن الدفء ، كالحرباءتتلوّن بكلّ لون ، ألم تعلم أنّ الغصن الأجرد اليابس الذي تتشبّث به قد أحرقته نسائمالصباح.

    ليتني لم أكن ، ليتني كنت صبّارا مات من الظمأ ،من القهر في صحراء قاحلة لم يزرها القطر منذ الالاف السنين . فهذا العالم المرائيلم يترك لي شيئا ، لقد عشعش في عقله الظلام ، كلّ يوم ترتشف غيماته أروقة العتمة ،فكان مطرها بلا حياة . الزرزور الذي رأيته عند النهر يجيد بناء أسرة خير منهم ، لقدرأيته يكلّم زوجته الحبيبة بكل ودّ ، و يسأل بنته عما يدور في خلدها من أحلام ، ليت هؤلاء الغارقين ذوي الأدمغة العريضة تعلّمواشيئا من ذلك الزرزور الحكيم .

    أيّها البائس ذق مرارة نبتتك العقيمة ،ستتحدّث العصافير المبثوثة كالضوء في أشجار السدر النقيةعن بؤسك الغريب ، ألم تسمع زقزقاتها ؟ ألم تفهم ما تقول ؟ إنّها تخبرني أنّك عبء و أنّك جنس تعيس ، ستذكركبكلّ سوء و تشكوك الى الإله القدير عسى أن تنتصف منك فتاة الحقل و الرغبة المكبوتة وحقيبة طفلة ملأى بالاحلام كنت قد هشّمتهابالقهر ذات يوم.

    أيّها التعس ، يا حفيد جنيّات الشر ، أنظر الىهذه الكأس المرّ ة، كأس الضياع و الأرضينالموحشة ، منها شرِبت زواياك عنوان مجدها الزائف ، و في بِركتها الطحلبية تعلّمتالغروب . أنا لا أنسى حينما رأيت رّسك يغرقفي مياهها الاخطبوطية كصنم رمادي كالح ،كان يذوب في عالم من الإسفلت .ثم ها أنت ذاتخرج إلينا في زمن الموت من القبورالسفلية أشعثا مغبّرا ، بإسم السماء تقصّ جدائل تلميذة خرجت الى صفها باسمة.

    الا أيّها الصنم الإسفلتي ،يا وريث اليباب ، أبعد قناعك المزيّف عنها ، وجهكالآخر المنمّق ، إن كنت شهرت سيفك الصدئ محاربا مطر السماء و الوصايا الغالية ، بإسم الحريّة ، تدعوا أسماكالفرات لأن تنتفخ بكلّ الخمر و دروس التيه و الخواء البرّاقة ، كأنك نبيّ الانسانيةالمقدام ،أبعد أنفاسك الضحلة عن قلبها الفردوسي ، دع حجابها المضيء يطير بها الىعوالم النور، انّه براقها الرفيع ، دعهاتبحر نحو جزر الحقيقة و العشق الأسمى ، أبعد وجهك المشوّه عن عينيها الجميلتين ، فشجرةاللوز لا يمكن أن تشعر بالدفء بعيدا عن إيديالسماء الحنونة .

    دع الملائكة تصافح وجهها النقيّ ، دعها تجوب كظبياتبيضاء في حقول الجنان العذبة ، ليتك رأيتالرياحين و حبّات العنب و أناشيد نبتة فوّاحة تتطاير حولها في حلقات رقيقة لا تعرفالذبول .

    يا أيّها النقاء الكبير أعنّي على ذلك الصوت المنّمق ، الغارق في التيه ، ، يا أيّها النقاءالكبير كن شمعة في قلب الفتاة الصغيرة ، لترى وجه النور في هذا العالم المرائي .
    التعديل الأخير تم بواسطة د انور غني الموسوي; الساعة 27-03-2015, 07:30.
  • آمال محمد
    رئيس ملتقى قصيدة النثر
    • 19-08-2011
    • 4507

    #2
    .
    .
    منها شرِبت زواياك عنوان مجدها الزائف ،
    و في بِركتها الطحلبية تعلّمت الغروب
    ..


    لا شك أن نصك الفتاة حمل ما حمل من معاني شاسعة ورؤيا فكرية
    وكان يسرد ويقمع .. يسأل ويفصل
    وقد دخل فحوى البيان وأطعم البياض بهرجته الإسقاطية المزخرفة والممنهجة

    ولكنه لم يقنع اللحن بتكوينه النثري
    لم يربط الوتر بواقعه الشعري

    واستطيع أن أصنفه ضمن النثر البلاغي
    فقواعد القصيدة لم تصبه "في الشكل على الأقل "

    ولا أقصد بالشكل التوزيع البصري فذاك ثانوي لا مكان له في الفصل
    إنما قصدت الإيقاع المنظم الإيقاع المتوازي مع رنة العبارة
    والذي يدخلها بآن ويخرجها ب آن فتكون منظمة محسوسة


    تقديري الكبير للرؤيا التي تحمل د أنور

    تعليق

    • د انور غني الموسوي
      أديب وكاتب
      • 31-12-2014
      • 127

      #3
      الاستاذة القدير امال محمد شكرا جزيلا لكلماتك القيمة

      تعليق

      • حسن العاصي
        أديب وكاتب
        • 10-01-2015
        • 267

        #4
        العزيز د أنور غني الموسوي
        نص مهم لكنه بالطيع ليس قصيدة نثر
        وبالتالي أنا اقترح عليك نقله إلى قسم آخر كي يحصل على حقه
        في القراءة والنقاش
        دمت بخير
        محبتي
        يتدفق نبضي على وريقات قلبي...وتفيض ضلوعي ورداً على ضفاف رحيقها

        تعليق

        • د انور غني الموسوي
          أديب وكاتب
          • 31-12-2014
          • 127

          #5
          الاستاذ حسن العاصي شكرا جزيلا لك دمت بخير

          تعليق

          يعمل...
          X