البرسيم والحمير

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فوزي سليم بيترو
    مستشار أدبي
    • 03-06-2009
    • 10949

    البرسيم والحمير



    البرسيم والحمير

    تمر بالإنسان لحظات من الهدوء التي يحس فيها بالصفاء الذهني المصحوب أحيانا بالقلق الذي يجهل مصدره .
    لحظات نادرة تمرُّ عاصفة كنوّة أمشير لكنها عندما تجيء تدفع الإنسان مباشرة إلى قلب الحدث .
    تقتحم الزوجة صومعة زوجها كزوبعة هائلة :
    ــ إبنتاك على وش الزواج ولم يتقدّم لخطبتهما أحد . قلّب رزقك يا رجل وهز طولك . ابحث لهما عن عريسين
    قبل أن تبورا في وجهينا .

    هكذا صار حال البنات في قريتنا ، تتنشَّقْنَ على شاب وناقص أن يقدم أهل العروس للمحروس الدوطة كي يتزوج !
    باعت الزوجة ذهبها ورهن الزوج شواربه وانتقى لإبنتيه فحلين من سوق قبرص المشهور بحميره المحليّة والمستوردة
    ومشهود لهما بحسن السير والسلوك والخبرة المطلوبة .
    ما أن بصم مأذون الحي على صك البيع والشراء غمر شعور بالرضى على سحنة الأب
    وفي عيني الأم إحساس بالترقب والتمني .
    لفَّ كل عريس البضاعة المقسومة له وانطلق بها إلى بلده .

    آه ... ها هي تعود للمناكفة والمناورة :
    ــ لماذا لا ترد عليَّ السلام وتجيبني عن سؤالي ؟
    ــ لم أسمع . ماذا تقولين ؟
    ــ غريبة إنك مسمعتش ، مع أنك تسمع دبة النملة !
    ــ سألتك سرحان في إيه ؟
    ــ سرحان في هموم الدنيا . القتل والذبح والحرق ..
    ــ هوَّ في أهم من الهم إلّي إحنا فيه ؟
    ــ خير يا مّرَه . إيش في ؟
    ــ بناتك يا زلمة ، من يوم زواجهما لم نسمع عنهما شيئا . اغطس وقِب وجيبلي أخبارهما . طمني الله يطمن قلبك .

    استقبلت الإبنة الأولى والدها بفرح كبير بينما تختلس بعينيها نظرة نحو يداه الفارغتان .
    بذكائه الفطري لمح الرجل نظرات إبنته فقال معتذرا :
    ــ كنت على وشك أن أبتاع لكم لبشتين قصب ، لكن السائق كان مستعجلا ولم يمهلني .
    أجابته بعفوية صادقة :
    ــ نحن لا ننتظر سوى حضورك بيننا ، بلاه القصب .
    ــ يا بنتي خلّي العيال تمصّ ... أين زوجك ؟
    ــ زوجي ربنا فتح عليه ، يتاجر في الحمير ، يبيع ويشتري ، وكما تعلم يا والدي فإن هذه التجارة تعتمد على العرض والطلب
    هناك صفقة كبيرة استوردها زوجي من بلاد العجم . فإذا ما تمت الصفقة بنجاح سوف نعيش كالملوك .

    لم يمهل إبنته الثانية كي تتمهزأ على أبيها كما فعلت أختها . فوعدها أن يصحبها هي وزوجها والأولاد إلى المولد .
    وقبل أن ترد عليه بالإيجاب أو الرفض سألها :ــ أين بعلك ؟
    ــ بعلي ربنا فتح عليه . اشترى قطعة أرض يزرعها برسيم . وكما تعلم يا والدي فإن هذه التجارة تعتمد على العرض والطلب ،
    فكلما ازداد عدد الحمير تزدهر تجارتنا . نحن مقبلون على صفقة برسيم كبيره لتاجر حمير يعمل في الإستيراد والتصدير .
    فإذا ما تمت الصفقة بنجاح سوف نعيش كالملوك .

    جلست زوجتي أمامي متحفزة وبدأت في عزف سيمفونية الإستجواب الخامسة لبيتهوفين .
    لم انبس بأي كلمة ولا حتى حرف . كل ما جاد به لساني :
    ــ دعواتك يا أم البنات أن يديم علينا نعمة البرسيم والحمير .
  • أحمدخيرى
    الكوستر
    • 24-05-2012
    • 794

    #2
    اما عن الحميـر فهم كثـر " فلا تتحدث حتى لا يصيبك الحرج "
    وأما عن البـر سيم " فقريبا سـ يصبح عملة صعبة قد تنافس الدولار نفسه "
    فـ كثرة الحمير " قد تنبىء بزوال النجيل فـ ما بالك بـ البـرسيم ..

    قص رائع ، وإسقاط متميز " اخي د / فوزي "

    اسمتعت بالقراءة هنا

    ،
    و
    دمت بكل ود .
    https://www.facebook.com/TheCoster

    تعليق

    • المختار محمد الدرعي
      مستشار أدبي. نائب رئيس ملتقى الترجمة
      • 15-04-2011
      • 4257

      #3
      هذا هو الزواج الناجح و إلا بلاش , واحدة تزوجت تاجر الحمير و أختها تزوجت فلاح البرسيم
      الله يكمل عليهم بالذرية الصالحة ..
      شكرا د. فوزي نص ساخر ممتع
      تحياتي
      [youtube]8TY1bD6WxLg[/youtube]
      الابتسامة كلمة طيبة بغير حروف



      تعليق

      • فوزي سليم بيترو
        مستشار أدبي
        • 03-06-2009
        • 10949

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة أحمدخيرى مشاهدة المشاركة
        اما عن الحميـر فهم كثـر " فلا تتحدث حتى لا يصيبك الحرج "
        وأما عن البـر سيم " فقريبا سـ يصبح عملة صعبة قد تنافس الدولار نفسه "
        فـ كثرة الحمير " قد تنبىء بزوال النجيل فـ ما بالك بـ البـرسيم ..

        قص رائع ، وإسقاط متميز " اخي د / فوزي "

        اسمتعت بالقراءة هنا

        ،
        و
        دمت بكل ود .
        " حتى لا يصيبك الحرج "
        لا تقلق يا صاحبي , من الهنا الذي أنا فيه جلدي تَمْسَحْ .
        " البرسيم ينافس الدولار "
        هنا أتفّق معك ، فكلاهما أخضر .
        أما بخصوص إشارتكم إلى النجيل ، فإننا في البلد نطلق
        عليه " الحشيش " من الحَشّ وهي طريقة التهام الدواب أعزّكم الله ،
        وفي أحيان إخرى نطلق عليه " الربيع " ، وطالما أن هناك
        طلبا متزايدا عليع من قِبَل الحمير ، فإنه إلى زوال !
        أجمل تحية أخي أحمد خيري
        فوزي بيترو

        تعليق

        • فوزي سليم بيترو
          مستشار أدبي
          • 03-06-2009
          • 10949

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة المختار محمد الدرعي مشاهدة المشاركة
          هذا هو الزواج الناجح و إلا بلاش , واحدة تزوجت تاجر الحمير و أختها تزوجت فلاح البرسيم
          الله يكمل عليهم بالذرية الصالحة ..
          شكرا د. فوزي نص ساخر ممتع
          تحياتي
          نعم هو كالزواج الكاثوليكي ، لا طلاق فيه إلا برحيل الحمار
          أو بتجفيف منابع البرسيم !
          تحياتي لك أخي المختار محمد درعي
          فوزي بيترو

          تعليق

          • المحقق كونان
            أديب وكاتب
            • 17-11-2015
            • 46

            #6
            ما شاء الله يا دكتور أسرة متوافقة ، يعيشان على ( الحمير و البرسيم )
            رجاءً دلني على سوق الحمير هذا ، كما تعلم أني أكره التعليم و التعلم و اليوم لا يتزوج الشاب إلا إذا كان طالب جامعي و متخرج ..
            فأنا أفضل أن أكون خريج ( إسطبلات ) و أتزوج ، و لا أفضل أن أكون خريج ( جامعات ) و تتشرط علي بنت الحلال !!

            مقالك أكثر من رائع .

            تعليق

            • فوزي سليم بيترو
              مستشار أدبي
              • 03-06-2009
              • 10949

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة المحقق كونان مشاهدة المشاركة
              ما شاء الله يا دكتور أسرة متوافقة ، يعيشان على ( الحمير و البرسيم )
              رجاءً دلني على سوق الحمير هذا ، كما تعلم أني أكره التعليم و التعلم و اليوم لا يتزوج الشاب إلا إذا كان طالب جامعي و متخرج ..
              فأنا أفضل أن أكون خريج ( إسطبلات ) و أتزوج ، و لا أفضل أن أكون خريج ( جامعات ) و تتشرط علي بنت الحلال !!

              مقالك أكثر من رائع .
              تتشرّط عليك بنت الحلال أحسن ما تتأمّر عليك أتان
              تحياتي كونان
              فوزي بيترو

              تعليق

              • محمود خليفة
                عضو الملتقى
                • 21-05-2015
                • 298

                #8
                بكرة إن شاء الله:
                ستكون مسئولا عن الأحفاد وأحفاد الأحفاد ومشاغبهم ومشاكلهم في المدرسة وفي الشارع ومع أبناء الجيران وو...
                فاستعد من الآن.
                وانسَ حكاية الصومعة وعصرها الذهبي وخلوتك بها لأنها ستمتلأ بضجيج الأحفاد ولعبهم وتنطيطهم...
                وهذه سنة الحياة.
                وكما يقال "أعز الولِد ولِد والولِد" (بكسر اللام).
                أعانك الله وأطال عمرك وبارك فيه...
                أما البرسيم:
                فقد قلت في الجزء الثاني من مقالي "خفافيش الظلام" بأن الحاكم الديكتاتور يفضل إدارة شعب جاهل وخمورجي (مسطول) لأنه أسلس قيادة!
                والعناصر المعدنية والغذائية بالبرسيم تجعل الحمار في أحسن مزاج وعال العال وقوته لا تقل عن 800 حمار!
                فربما يتفتق ذهن حكامنا الديكتاتوريين بإضافة البرسيم إلى الطعام ولو بطحنه مع رغيف الخبز حتى تزداد كفاءة الشعب ولو إلى 400 حمار ويتحسن مزاجه وينتهي عصر المعارضة ومنْ يدعون الفهم إلى الأبد وأصحاب العقول أو مدعو ذلك، وسيتحول الشعب إلى "الشعب المتبرسم"، وهذا الملتقى ربما يتحول إلى:
                "ملتقى المتبرسمين العرب"!...
                التعديل الأخير تم بواسطة محمود خليفة; الساعة 26-11-2015, 02:51.

                تعليق

                • فوزي سليم بيترو
                  مستشار أدبي
                  • 03-06-2009
                  • 10949

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمود خليفة مشاهدة المشاركة
                  بكرة إن شاء الله:
                  ستكون مسئولا عن الأحفاد وأحفاد الأحفاد ومشاغبهم ومشاكلهم في المدرسة وفي الشارع ومع أبناء الجيران وو...
                  فاستعد من الآن.
                  وانسَ حكاية الصومعة وعصرها الذهبي وخلوتك بها لأنها ستمتلأ بضجيج الأحفاد ولعبهم وتنطيطهم...
                  وهذه سنة الحياة.
                  وكما يقال "أعز الولِد ولِد والولِد" (بكسر اللام).
                  أعانك الله وأطال عمرك وبارك فيه...
                  أما البرسيم:
                  فقد قلت في الجزء الثاني من مقالي "خفافيش الظلام" بأن الحاكم الديكتاتور يفضل إدارة شعب جاهل وخمورجي (مسطول) لأنه أسلس قيادة!
                  والعناصر المعدنية والغذائية بالبرسيم تجعل الحمار في أحسن مزاج وعال العال وقوته لا تقل عن 800 حمار!
                  فربما يتفتق ذهن حكامنا الديكتاتوريين بإضافة البرسيم إلى الطعام ولو بطحنه مع رغيف الخبز حتى تزداد كفاءة الشعب ولو إلى 400 حمار ويتحسن مزاجه وينتهي عصر المعارضة ومنْ يدعون الفهم إلى الأبد وأصحاب العقول أو مدعو ذلك، وسيتحول الشعب إلى "الشعب المتبرسم"، وهذا الملتقى ربما يتحول إلى:
                  "ملتقى المتبرسمين العرب"!...
                  البرسيم " أبو النباتات " :
                  هو نبات عشبي ذو طبيعة معمّرة، زهوره بنفسجيّة وصفراء اللون، طعمه محبّب ومستساغ
                  يعتقد الكثير من الناس أنّ نبات البرسيم هو غذاء مخصّص فقط للحيوانات كما هو متعارف عليه،
                  لكنّهم يجهلون حقيقة فوائده الصحيّة المتعدّدة للإنسان؛
                  إذ استخدمه البشر منذ أقدم العصور كعلاج فعّال لكثير من المشاكل الصحيّة والأمراض المستعصية.


                  وهذا الملتقى ربما يتحول إلى ملتقى المتبرسمين العرب
                  حَدّ يطول ؟! إيدي بحزامك يا محمود

                  تعليق

                  • منار يوسف
                    مستشار الساخر
                    همس الأمواج
                    • 03-12-2010
                    • 4240

                    #10
                    الخوف من الذرية و الجيل الذي ستخلفه عائلة الحمير و البرسيم
                    ربما هم من سيغيرون خارطة العالم بعد أن يباد عن آخره

                    تحياتي و تقديري دكتور فوزي

                    تعليق

                    • فوزي سليم بيترو
                      مستشار أدبي
                      • 03-06-2009
                      • 10949

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة منار يوسف مشاهدة المشاركة
                      الخوف من الذرية و الجيل الذي ستخلفه عائلة الحمير و البرسيم
                      ربما هم من سيغيرون خارطة العالم بعد أن يباد عن آخره

                      تحياتي و تقديري دكتور فوزي
                      تفائلي بالخير يا منار
                      لو أن الشر ابتداءا من قابيل وجُرّ مرورا بملوك بني أسرائيل
                      إلى الهكسوس والتتار وما فعلة بنا الإستعمار وإلى حراس المعابد في المسيحية والإسلام .
                      يكون قد تم إبادتنا عشرات المرات !


                      الخوف ليس من ذرية الحمير . الخوف كل الخوف من الذي سيخلّفه تزاوج الحمير بالأفراس !
                      تحياتي

                      فوزي بيترو

                      تعليق

                      يعمل...
                      X