ليس هناك أدب مقدم لسطحي و آخر لعميق....لساذج وآخر لذكي
هناك نص مبــــــدع يستطيع أن يقرأه القارئ العادي والمثقف والذكي يستشفه كلا منهم على قدر ميوله وعمقه وحاجته
كالبحر تماما رائع في سحره وأنت على شاطئه دون سباحة أو عند موجة قريبة تغطي ذراعك أو إن كنت بحارا تسبر غوره أو على سطح سفينة
يمكنك أن تستمع به كيفما كنت وتتناغم مع هديره كيفما كانت لغتك.

يتضح من ردك ثمة مشكلتان ــ وبناء على قولك "أيضا" أيضا! ـ في إعاقة قراءة القصة [الإعاقة موجودة مع بعض رضوض الكامنة في الهشاشة] بالشكل المرضي للقارئ والكاتب
ومن الواضح أن الكاتب يلقي بعبء التقصير على القارئ الذي يصفه أنه لم يعمل عقله آنياً أو ماضيا بفتح عينيه على القراءة فضلا عن مبادئها بيد أنه لم يصل إلى التهجي إلا بعيد التأتأة فضاع المضمون وذاب المكنون في لب الظنون
ومن الواضح أن القارئ يلقي بعبء تمويه النص وفذلكته وكركرته كرسالة تهكمية على سند القلم، فذلكة ليس مضمارها القصة القصيرة جداً بل الأدب الساخر والأدب الساخر بهذه المناسبة محطة ناقدة لكن هزلية تفصيلية على حسب الحالة أو محطة قهرية قتلت صاحبها غيظا فقتلها فيضا
لا داعي لفرك العين فلم أستيقظ توا مع ذلك أنظر لبعض نصوصك أكثر من مرة لأخرج خالية الوفاض إلا من همز مزج بغلو الكبر
لسنا في درس نطلب وضوح المعنى بل وضوح الصورة
النصوص لوحة نستمتع بمرآها فندأب على تفسيرها
صحيح أن ثمة خطوط لا معنى لها تعد لوحات في مدارس خاصة وما تزال في رؤياي النقدية صماء عن النطق بما في قلب الصورة لا تبيح بتصوري التكهنات محلا عن الايحاءات

لا تشرح لي ككاتب فحيث تشرح تقول كنت قاصرا عن الشرح الوافي هاك حصة إضافية
ولا تقل إنك تدرس فئة خاصة ـ نخبة ـ لا تحتاج لمعاجم محو الأمية فضلا عن معاجم اللغة
واللغة ليست لشريحة خاصة وإن كانت كالبحر لا يدرك قاعه إلا بحار إلا أن لها موجات شاعرية من السهل الاستمتاع بموسيقى هديرها

قرأت لكتّاب القصيرة جداً.. ما أجمل ما كتبته منجية مرابط.. جمال عمران.. ناظم العربي.. محمد صوانه,, وآخرون
ما زلت أستمتع وأتأمل .. وأجمل النصوص ما يبقى في الذاكرة تلك التي تخطف القلوب لا الأبصار.

ملحوظة: إنني لا أحتاج أن أكون راعياً للبقر! لأدرك أن ما تقدمه لي كأسا من الحليب.

لا بد أن يستغني الكاتب عن الألفاظ التي لا يفيد تكرارها في أي نص أدبي
فهي تخلخل النص وتشتت القارئ وإن تشتت فكر القارئ وجد نفسه خارج النص

خسارة المتكرر في النص أفضل من خسارة القارئ

لمن يكتب الكاتب؟
لشريحة من القراء ولو لم يقصد ذلك.. غالبا نخاطب من يهموننا فكرا أو أدبا أو غير ذلك..
ما نكتبه يعرض على الجميع
ومن المستحيل أن ينال إعجابهم جميعا.. لتنوع أذواقهم وثقافاتهم وميولهم وأفكارهم
حين نكتب فإن أغلب من يقرأ إما معجب أو منتقد أو لا مبال

إذا استطاع الكاتب إبهار المعجب ودفع المنتقد وجذب اللامبال فهذا هو الإبداع و التميز

أسلوب سهل ممتنع، وآخر سهل منزلق، الانحدار ليس جميلا رغم سهولته وحتى الصعود ليس سهلا
ففي السهل مشي سهل غير ممتنع على كاتب مادام بفكرته مقتنعا

تقييم النصوص.......
من الصعب أن نجتمع على تقييم النصوص في كامل التفاصيل خصوصا
تبقى مسألة تقديرية في نصوص اشتغل عليها والكمال لله
هناك ما يُختلف عليه... بناء على الأذواق والأفكار والأساليب والرؤى
هناك نصوص نختلف عليها بنسب متفاوتة أو نضع حولها استفهامات أو تحت بعض تفاصيلها خطوط

ولنعترف هناك ما يمكن أن نشطبه بالكامل
نحن
ويضعه غيرنا في علّية
فلكلٍ ميزانه!

القصة القصيرة جداً أدب في كلمات قليلة تؤدي الغرض، ليست هي بخبر، أو إنشاء، تتميز بأسلوب أدبي موجز مكثف إيحائي بليغ العبارة والصياغة
لا ركيك المعنى، ولا مبتذل القصد، ولا محشو الألفاظ، ولا عشوائي المبنى، ولا سطحي الفكرة، ولا فارغ المحتوى، ولا غامض الفكرة يقدمها بسلاسة بصورة غير تقريرية إيحائية تسهل على المتلقي الاستنباط وتحثه على الاستدراك
يقرأها القارئ والأديب والناقد كل على ذائقته.. مستمتعا كلا منهم بالأسلوب والخلاصة بحضور المفارقة والقفلة و وتوظيف العنوان بلا إزعاج الأخطاء الإملائية واللغوية.

عندما يعرض الكاتب رأيه بصورة مباشرة في نص أدبي قصصي يفشل في محاورة ذهن القارئ وتسليط الضوء على العقدة ثم الإيحاء بما يترتب عليها من تأزمات وحلول
في هذه الحال يضع نفسه كعائق بين السرد والحدث والمتلقي وهو ليس محاميا ليقف مدافعا عن أشخاص قصته التي لا ينبغي أن يتقمص أدوارها ولو كانت حقيقية
والفرق بين القصة والمقال أو الموضوع الفكري أو الأدبي أن القصة تعرض للقارئ أحداثا تقدم ليشرحها القارئ أما المقال فيعرض أفكارا مباشرة لإقناع القارئ
قارئ القصة متذوق وقارئ المقال متأمل والكاتب حيادي بعد الفراغ من إتمام النص وتقديمه
ليقف بعيدا ويجلس ويراقب القرا ءحتى جولة ثانية

"" نبيل عودة

" "نبيل عودة

القبيح جميلاً... ربيع محمود ربيع

"اعتاد نقاد الأدب تصديرَ نقدهم بمقولة: (رفض محاكمة الخيال بناء على معطيات الواقع)، وذلك بحجة استقلالية الإبداع عن أرضيته التاريخية؛ أي أنّ الإبداع لا يُحاكم بما هو حقيقي، ولا يُقارن بالنص التاريخي. ولكن إذا انحرفنا قليلاً عن جادة النّقد الأدبي وحاولنا الالتفاف ثقافياً حول النّص نستطيع الولوج إلى النّص المتخيّل عن طريق عدة أسئلة من قرين: ما الذي يجعل القبيح جميلاً في عين المبدع/الصانع للنص؟ وما الذي يدفع المتلقي للحقيقة التاريخية إلى تحويرها والتلاعب بها وإعادة إخراجها في صورة أدبية مُجمَّلة؟
ولتقريب الفكرة أكثر وكي لا نبتعد عن موضوع المقال سنطرح قضية تغريبة بني هلال كمثال تطبيقي يحمل وجهين متناقضين تاريخياً وخياليا؛ فالمسار التاريخي لبني هلال مسار أسود تخريبي دمرَ حضارة القيروان وأعادها إلى العصور البدائية، مسار السلب والنهب- العقاب الذي أنزله الحاكم الفاطمي بتونس بسبب عصيان حاكمها. يقابله المسار التخييلي المتمثل في (تغريبة بني هلال) الذي يرسم لنا صورة مشرقة (يتعاطف معها الراوي والمتلقي)، صورة النخوة والبطولة وإجارة اليتيم ونصرته.

إلى أي مدى ينجح النص المتخيل في قلب الحقيقة وتقديم حقيقته الجمالية الخاصة؟ وإذا قمنا بعملية مسح للنص المتخيل فهل سنجد ما يؤيد ويدعم النص التاريخي؟"