المكان خانق، والهواء راكد، لأبعد عني ثقل الملل، سأتلصص على جارتي صاحبة القصر اللامع. ليس حراما، فالضرورات تبيح المحظورات، وليس عيبا، فإشباع الفضول يقوي الهمة، ويعيد للجسم القوة ويمنحه النشاط. جارتي الحلوة إنسانة اجتماعية، تقيم حفلات كل يوم، حتى إن بعض ألسنة السوء تناولتها بنقد هامس، يقال، والله أعلم، أنها حفلات مشبوهة تغطي بها على أنشطتها المحظورة. لا أصدق هذه الإشاعات المغرضة، أتابع، عن بعد، وبالمنظار، كل الوافدين عليها، أرصد بدقة كل التفاصيل، لا أحد خرج من عندها عابسا، جميع من دخل قصرها خرج يترنح من السعادة. أليست كريمة؟ بلى، كريمة جدا، فمن يسعد الناس يصير سيدهم، فلا سعادة إلا حين تنضح وجوه الآخرين سعادة بمعروفنا. لكن، مهلا، من هذا الذي دخل إلى قصرها توا؟! اللعنة! إنه أنا، بشحمي وعظمي. كيف تحقق هذا الأمر؟ أنا مندهش جدا مما يحدث، إنه خارج عن إرادتي، لا أصدق ما يحدث، الرجل يتحرك في المكان وكأنه معتاد عليه، لم يسبق لي أن زرته، فكيف أعرف بدقة كل زواياه؟ عجيب، أأنا في حلم أم في علم؟ متأكد أنني لم أفقد عقلي، وأن رجلي ثابتان فوق الأرض. ها هي تقبل علي مبتسمة كما تفعل مع الجميع، بل تعانقني بحرارة، وكأنني عزيز عليها، غاب عنها زمنا فاشتاقت إليه بقوة تطير أنوار العقل. يا ألله! لا أحتمل ما يحدث، لكنني مضطر لمسايرة الحدث، أبادلها العناق، فأشعر بمتعة تتسرب إلى أعماق قلبي، متعة لم يسبق لي أن تذوقت مثلها أبدا. كأن خلاياي كلها ترقص جراء الخدر اللذيذ الذي يعتريها. أكاد أطير من الفرحة، لكنها تمسك بي بقوة، بجاذبية لا تقاوم، وترافقني، وهي تحدثني عن أشياء كثيرة لم أتذكر منها شيئا، فقد كنت منشغلا بتذوق اللحظة. ما أسعدني! أحسدني وأنا أتابعني من نافذة منزلي البئيس.
في الغرفة كنت أميرا عربيا دغدغته المتعة فحلق في الأفق عاليا.
لم أعد أرى شيئا، غابت عني المشاهد. مهلا، ها أنا أخرج، وأعود...
في الغرفة كنت أميرا عربيا دغدغته المتعة فحلق في الأفق عاليا.
لم أعد أرى شيئا، غابت عني المشاهد. مهلا، ها أنا أخرج، وأعود...
تعليق