الكتابةُ "الثِّرِيدِيَّةُ" ["الكتابة الثّلبدية" نحو نزعة أدبية عربية جديد].

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    الكتابةُ "الثِّرِيدِيَّةُ" ["الكتابة الثّلبدية" نحو نزعة أدبية عربية جديد].

    الكتابةُ "الثِّرِيدِيَّةُ"
    [أو "الكتابة الثُّلَبَدية" نحو نزعة أدبية عربية جديدة]

    لا، ليس للثريد، تلك الأكلة العربية المعروفة منذ عصر الجاهلية، أية صلة بما نحن بصدده هنا من حديث عن الكتابة، الأدبية أو غيرها مما يخطه الكاتبون بأيمانهم أو بشمائلهم، لكن "الثِّرِيدِية" المقصودة هو ما يعرفه المختصون في الرسم الإعلامي، "infographie" (أو "infographic design") من الرسم بالأبعاد الهندسية الثلاثة: العرض والطول والعمق، وهو ما يصطلح عليه بـ "D3" ("ثري دي" ومنه جاءت الصفة "الثِّرِيدِيَّة").

    لكن ما علاقة الـ3D الهندسية بما نريد قوله عن الكتابة؟ في الحقيقة لا علاقة لهذا بذلك سوى كلمة "الأبعاد" والعدد "ثلاثة"، والكتابة في نظري لها ثلاثة أبعاد تُؤَسَّس عليها، أو ثلاثة أهداف ترمي إليها وهذه الأبعاد هي:
    1) البعد اللغوي،
    2) البعد الأدبي،
    3) البعد الأخلاقي.

    1- فأما البعد اللغوي، بأن تستهدف الكتابةُ إضافةَ شيء إلى اللغة العربية، والإضافة هنا مجازية وليست حقيقية في بعض جوانبها، كأن يعمد الكاتب إلى لفظة منسية أو مُمَاتة أو مهجورة أو متروكة فيحييها الكاتب و يبعثها من مرقدها في المعاجم والكتب التراثية، أو كأن يترجم كلمة من لغة أعجمية لا توجد في العربية، أو كأن يخترع، أن يضع، من نفسه كلمة ويروِّج لها بكتاباته، وهكذا يكون قد "أضاف" شيئا إلى اللغة العربية، فإن لم يضف الكاتب جديدا إلى اللغة العربية، والإتيان بالجديد من الصعوبة بمكان، فلا ينقص منها على أقل تقدير كأن يأتي في كتابته بأعجب الأخطاء الإملائية والنحوية واللغوية وأغربها، وهذا أضعف الإيمان بهذه اللغة الشريفة المقدسة، فإن لم تستطع تجميل العربية بكتاباتك فلا تشوه العربية بها.

    2- وأما البعد الأدبي، كأن يتفنن الكاتب في صياغة جمله وعباراته ونصوصه فيأتي بالجميل البديع من غير سرقة ممن سبقه، أو من دون تزييف لما قيل قبله ونسبته إلى نفسه فيكون منتحلا محتالا ساطيا على أفكار غيره، أو حتى عباراته بلفظها، وهو يدعي الإبداعية، غاشا لقرائه، وفي فن التحرير يتمايز الأدباء ويتباينون ويتفاضلون، فيرتفع بعضهم إلى السِّمَاك الأعلى وينزل آخرون إلى الحضيض الأسفل، والسر يكمن في التحرير والتحبير والتعبير، وقد تناولت بشيء من التوضيح أسس الكتابة الأدبية الراقية في مقالتي "مرتكزات الكتابة الأدبية الراقية" التي نشرتها في موقع "ملتقى الأدباء والمبدعين العرب" في نوفمبر 2014، [
    http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...E%C7%E1%C9%29] حيث ذكرت مواصفات الكتابة الأدبية الراقية في تقديري الشخصي طبعا، وهي غير ملزمة لغيري حتما.

    3- وأما البعد الأخلاقي بأن تأتي الكتابة لتعالج قضية أخلاقية، إيجابية مفيدة فتشجعها أو سلبية ضارة فتحاربها، فتكون الكتابة بهذا هادفة بناءة. تعرض الكتابة الهادفة قضية ما وتناقشها وتقترح الحلول لها إن كانت تحتاج إلى حلول، أو تكشف ظاهرة اجتماعية متفشية في المجتمع لكنها لم تعالج، أو لم تدرس، بجدية أو يُخشى من عرضها على الجمهور من أن يُصدَم أو "يثور" لأنها في تقديره من "المحرمات" أو من "الممنوعات"، أو من "الطابوهات" كما يقال في الأعجمية، والتي يجب كتمها أو إسرارها أو عدم كشفها أو يجب الحديث عنها بالهمس وليس بالجهر وبين الخاصة في لقاءات ضيقة وليس بين العامة.

    وفي هذا البعد بالذات مربط الخير، أو مربط الفرس كما يقال، والخيل بأعناقها الخير معقود، ولذا أُفضل التعبير بمربط الخير على مربط الفرس، وفيه يفترق الكُتَّاب ويختلفون في المقاصد التي يرمونها بكتاباتهم المختلفة، فمنهم من يكتب لنفسه والمتعة، ومنهم من يكتب للشهرة والسمعة، ومنهم من يكتب لإصلاح المجتمع بنقد ظواهره، ومنهم من تكون هذه الأغراض كلها عنده مجتمعة، والكتابة من العمل وهي من كسب المرء وتؤسس على النية التي يضمرها الكاتب في نفسه و"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، وكذلك الكتابة بالمقاصد ولكل كاتب ما قصد، ولذا يحرص الكُتَّاب الرِّساليون على أن تكون كتاباتهم تستهدف أغراضا نبيلة شريفة.

    ولعل القراء هنا قد يوافقونني فيما ذهبت إليه من البعدين الأولين: اللغوي والأدبي، لكنهم قد يخالفونني في الثالث، إذ الكتابة الأدبية عندهم ليست وعظا ولا إرشادا ولا دعوة ولا خطبة في مسجد، أو كنسية أو بيعة، إنما الكتابة تعبير عما يختلج في النفس من مشاعر وأحاسيس وهواجس في قالب ممتع ولا تستهدف غير هذا البتة، وفي هذه النقطة بالذات نختلف أنا وهم اختلافا بينا وضاحا.

    أرى ضرورة تقييد الكتابة بالأخلاق الحميدة وإلا صارت وسيلة إفساد وإن كانت وسيلة إمتاع للمُلقي والمتلقي على حد سواء، فللملقي متعتة التعبير عما يختلج في أعماقه وللمتلقي متعة القراءة ولاسيما إن كانت كتابة راقية ومشاركة الكاتب في خوالجه، وهذه وظيفة النشر على أوسع نطاق، وقد وفرت وسائل الاتصال الحديثة فرصا للوصول إلى عدد من الأشخاص لا يمكن إن نصل إليهم بالوسائل التقليدية كالجرائد المطبوعة أو الكتب الورقية.

    أتوقف الآن عند هذا الحد على أمل استئناف الحديث في فرصة أخرى إن شاء اله تعالى تاركا الفسحة للقراء ليتمعنوا فيما قلته عساهم يثرونه أو ينقدونه أو يردونه.


    البُليْدة، أمسية يوم الإثنين 28 من ذي الحجة 1436 الموافق 12 أكتوبر 2015.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ملحوظة: كنت في بادئ الرأي اخترت النحت "ثريدية" من "الثري دي" كما هو مبين في المتن ثم عدلت إلى النحت الآخر "ثُلَبَدية" نسبة إلى "ثلاثي الأبعاد" بعد مناقشة لغوية أدبية مع صديقي عبد الرزاق بسباس في منتدى أدبي آخر صديق لملتقانا هذا، وأرى أن "ثلبدية" العربية أحسن من "ثريدية" الأعجمية (09.02.2017).
    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

  • أميمة محمد
    مشرف
    • 27-05-2015
    • 4960

    #2
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أديبنا الفاضل
    جميل ما كتبت من مقالة أدبية
    الكتابة الأدبية إمتاع للقلب والفكر والروح
    وغذاء أيضا ولنقل زاد
    وعلينا أن نتزود بالصحيح
    ذكرتني أستاذنا بقريب انتقل إلى رحمة الله منذ أيام عثرت على صفحته
    مما نقل على جدار صفحته هذا القول "هناك من يكتب ليتابعه الألوف وهناك من يكتب لينشر المعروف"
    ستبقى الصفحة معروضة إلى ما شاء الله وأرجو أن تكون حسنات له كلما تزودنا منها
    حقا الكتابة الأدبية فن وفكر ومعنى وفي النهاية بنية وقيمة وليست مجرد كلام رنان
    تحيتي وتقديري

    تعليق

    • حسين ليشوري
      طويلب علم، مستشار أدبي.
      • 06-12-2008
      • 8016

      #3
      المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أديبنا الفاضل.
      جميل ما كتبت من مقالة أدبية، الكتابة الأدبية إمتاع للقلب والفكر والروح وغذاء أيضا ولنقل زاد وعلينا أن نتزود بالصحيح.
      ذكرتني أستاذنا بقريب انتقل إلى رحمة الله منذ أيام عثرت على صفحته مما نقل على جدار صفحته هذا القول "هناك من يكتب ليتابعه الألوف وهناك من يكتب لينشر المعروف" ستبقى الصفحة معروضة إلى ما شاء الله وأرجو أن تكون حسنات له كلما تزودنا منها، حقا الكتابة الأدبية فن وفكر ومعنى وفي النهاية بنية وقيمة وليست مجرد كلام رنان.
      تحيتي وتقديري
      وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
      أهلا بك أختي الأديبة الناقدة الأستاذة أميمة محمد.
      رحم الله قريبك وعفا عنه وغفر له، آمين.
      ثم أما بعد، هناك فرق بَيِّن وتميز واضح بيْن الكاتب الرسالي الذي له قضية يعيش لأجلها وبين الكاتب العابث الذي يعيش لنفسه.
      فالكاتب الرسالي يؤثر على نفسه والكاتب العابث يؤثر لنفسه، بيد أن "القضية" التي نتحدث عنها تختلف باختلاف الأشخاص ونواياهم، فالقضايا ليست متماثلة في القيمة وفي الغاية وفي الوسيلة ولذا كانت الدعوة إلى الخير والفضيلة ومكارم الأخلاق دعوة الأنبياء، عليهم السلام، وبذا كانوا أعظم الناس وأفضلهم وأشرفهم حتى وإن لم ينجح بعضهم في دعوته وبقي وحده ويبعث وحده كما في الحديث النبوي الشريف:"
      [...] عُرِضَتْ علَيَّ اللَّيلةَ الأنبياءُ وأُمَمُهم وأتباعُها مِن أُمَمِها فجعَل النَّبيُّ يمُرُّ ومعه الثَّلاثةُ مِن أمَّتِه وجعَل النَّبيُّ يمُرُّ ومعه العِصابةُ مِن أمَّتِه والنَّبيُّ وليس معه إلَّا الواحدُ مِن أُمَّتِه والنَّبيُّ ليس معه أحَدٌ مِن أُمَّتِه..."(الحديث رواه ابن حبان، رحمه الله، في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)؛ فعلى الكاتب الرسالي أن يحدد لنفسه هدفا ويرسم طريقا ويتزود للسفر ويأخذ بالأسباب ثم ينطلق متوكلا على الله بلا تردد ولا تهيب ولا ويهمه إن كان وحده في الطريق أو في الساحة أو في الميدان، وهذه الوسائل الحديثة منحة نغتنمها فنوظفها في الخير خلافا لغيرنا من صيَّرها محنة عليه وعلى الأمة، نسأل الله السلامة والعافية.
      هي خواطر أثارتها فيَّ كلماتك الطيبة والأفكار تتلاقح بينها خلافا لغيرنا من الناس الذين أفكارهم تتناطح.
      أشكر لك تفاعلك الطيب ودمت على التواصل البناء الذي يغني ولا يلغي.
      تحيتي إليك وتقديري لك.

      sigpic
      (رسم نور الدين محساس)
      (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

      "القلم المعاند"
      (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
      "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
      و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

      تعليق

      • مصباح فوزي رشيد
        يكتب
        • 08-06-2015
        • 1272

        #4
        وفّيت وكُفًيت وبارك الله فيك شيخنا المحترم ؛
        - العُقدة بين العنق والمربط ؛
        فالرّأي " العُنق " هو ما أشرتم إليه في الفقرة :
        أرى ضرورة تقييد الكتابة بالأخلاق الحميدة وإلا صارت وسيلة إفساد وإن كانت وسيلة إمتاع للمُلقي والمتلقي على حد سواء، فللملقي متعتة التعبير عما يختلج في أعماقه وللمتلقي متعة القراءة ولاسيما إن كانت كتابة راقية ومشاركة الكاتب في خوالجه، وهذه وظيفة النشر على أوسع نطاق، وقد وفرت وسائل الاتصال الحديثة فرصا للوصول إلى عدد من الأشخاص لا يمكن إن نصل إليهم بالوسائل التقليدية كالجرائد المطبوعة أو الكتب الورقية.
        و"المربط " يجسّده الاختلاف في ؛
        ولعل القراء هنا قد يوافقونني فيما ذهبت إليه من البعدين الأولين: اللغوي والأدبي، لكنهم قد يخالفونني في الثالث، إذ الكتابة الأدبية عندهم ليست وعظا ولا إرشادا ولا دعوة ولا خطبة في مسجد، أو كنسية أو بيعة، إنما الكتابة تعبير عما يختلج في النفس من مشاعر وأحاسيس وهواجس في قالب ممتع ولا تستهدف غير هذا البتة، وفي هذه النقطة بالذات نختلف أنا وهم اختلافا بينا وضاحا.
        غير أن : " اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية "
        دوام الصحّة و العاافية
        التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 15-02-2017, 07:06.
        لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

        تعليق

        • حسين ليشوري
          طويلب علم، مستشار أدبي.
          • 06-12-2008
          • 8016

          #5
          ودامت لك الصحة والعافية أنت كذلك أخي مصباح.
          ثم أما بعد، إن مربط الخير- أقول الخير وليس الفرس كما جاء المثل، فـ "الخيلُ معقودٌ بنواصِيها الخيرُ إلى يومِ القيامةِ" كما جاء في الخبر عن النبي، صلى الله عليه وسلم - يكمن في تعريف الاختلاف ابتداء ثم ننظر في أي شيء يأتي الاختلاف، فإن كان في مسائل بسيطة لا تؤثر سلبا على المتلقي فلا خطر إذ لا ضرر، أما إن كان في مسائل أساسية مصيرية فإنه سيفسد ليس الود فقط بل الحياة كلها هنا وهناك، في الدنيا والآخرة، كما أن المثل المحفوظ هو:"الاختلاف لا يفسد في الود قضية"، وفرق كبير بين الاختلاف والخلاف وإن الناس ليخلطون خلطا عجيبا بينهما، فالاختلاف يكون في المسائل الجزئية الثانوية الظنية وهذا لا يفسد في الود قضية والخلاف يكون في الأخرى الكلية الأساسية القطعية كالخلاف في توحيد الله تعالى، ونبوة محمد، صلى الله عليه وسلم، وفضل الإسلام على غيره من الأديان، وحتمية الحل الإسلامي وضرورته وفرضيته وغيرها من القضايا الكبيرة والخطيرة فإن اختلفنا في هذه كلها فإن الاختلاف لم يبق اختلافا بل صار خلافا يجب حسمه إن بالبيان، على أضعف الإيمان، أو بالسِّنان أو حتى بــــ ... الأسنان.
          إذن، يجب أن تكون الأمور واضحة بيِّنة كما هو حال الإسلام في قضاياه كلها والإسلام يعتمد في عرضه لقضاياه: البساطة والوضوح والمباشرة وإلا اختلطت الآراء وتضاربت الأهواء.
          أشكر لك أخي العزيز مصباح تفاعلك الطيب ودمت على التواصل البناء الذي يُغني ولا يُلغي.
          تحيتي أخي ومودتي.

          sigpic
          (رسم نور الدين محساس)
          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

          "القلم المعاند"
          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

          تعليق

          • المختار محمد الدرعي
            مستشار أدبي. نائب رئيس ملتقى الترجمة
            • 15-04-2011
            • 4257

            #6
            أهلا بك أستاذنا و حبيبنا الجليل الاستاذ حسين ليشوري سعداء بعودتكم للملتقى الذي افتقدكم و افتقد هذا القلم النابض بالرأي و الرأي المخالف
            دمت كما أنت طائرا بجناحين من علم و فكر تقديري
            [youtube]8TY1bD6WxLg[/youtube]
            الابتسامة كلمة طيبة بغير حروف



            تعليق

            • حسين ليشوري
              طويلب علم، مستشار أدبي.
              • 06-12-2008
              • 8016

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة المختار محمد الدرعي مشاهدة المشاركة
              أهلا بك أستاذنا و حبيبنا الجليل الاستاذ حسين ليشوري، سعداء بعودتكم للملتقى الذي افتقدكم و افتقد هذا القلم النابض بالرأي و الرأي المخالف، دمت كما أنت طائرا بجناحين من علم و فكر. تقديري
              وأهلا بك أخي العزيز المختار الأديب الشاعر وعساك بخير وعافية.
              كيف لا أعود وأنا أحظى بهذا التقدير الكبير ومن الأخوة الخالصة؟
              الحرية شرط في التفكير والتعبير من أجل التحرر والتحرير وإلا بقينا كلنا نعاني العبودية والقابلية لها.
              لقد سئمنا التبعية و"هرمنا"، كما قالها أحدهم، فيها.
              تحيتي إليك أخي ومحبتي لك.

              sigpic
              (رسم نور الدين محساس)
              (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

              "القلم المعاند"
              (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
              "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
              و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

              تعليق

              • أميمة محمد
                مشرف
                • 27-05-2015
                • 4960

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
                وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
                أهلا بك أختي الأديبة الناقدة الأستاذة أميمة محمد.
                رحم الله قريبك وعفا عنه وغفر له، آمين.
                ثم أما بعد، هناك فرق بَيِّن وتميز واضح بيْن الكاتب الرسالي الذي له قضية يعيش لأجلها وبين الكاتب العابث الذي يعيش لنفسه.
                فالكاتب الرسالي يؤثر على نفسه والكاتب العابث يؤثر لنفسه، بيد أن "القضية" التي نتحدث عنها تختلف باختلاف الأشخاص ونواياهم، فالقضايا ليست متماثلة في القيمة وفي الغاية وفي الوسيلة ولذا كانت الدعوة إلى الخير والفضيلة ومكارم الأخلاق دعوة الأنبياء، عليهم السلام، وبذا كانوا أعظم الناس وأفضلهم وأشرفهم حتى وإن لم ينجح بعضهم في دعوته وبقي وحده ويبعث وحده كما في الحديث النبوي الشريف:"
                [...] عُرِضَتْ علَيَّ اللَّيلةَ الأنبياءُ وأُمَمُهم وأتباعُها مِن أُمَمِها فجعَل النَّبيُّ يمُرُّ ومعه الثَّلاثةُ مِن أمَّتِه وجعَل النَّبيُّ يمُرُّ ومعه العِصابةُ مِن أمَّتِه والنَّبيُّ وليس معه إلَّا الواحدُ مِن أُمَّتِه والنَّبيُّ ليس معه أحَدٌ مِن أُمَّتِه..."(الحديث رواه ابن حبان، رحمه الله، في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه)؛ فعلى الكاتب الرسالي أن يحدد لنفسه هدفا ويرسم طريقا ويتزود للسفر ويأخذ بالأسباب ثم ينطلق متوكلا على الله بلا تردد ولا تهيب ولا ويهمه إن كان وحده في الطريق أو في الساحة أو في الميدان، وهذه الوسائل الحديثة منحة نغتنمها فنوظفها في الخير خلافا لغيرنا من صيَّرها محنة عليه وعلى الأمة، نسأل الله السلامة والعافية.
                هي خواطر أثارتها فيَّ كلماتك الطيبة والأفكار تتلاقح بينها خلافا لغيرنا من الناس الذين أفكارهم تتناطح.
                أشكر لك تفاعلك الطيب ودمت على التواصل البناء الذي يغني ولا يلغي.
                تحيتي إليك وتقديري لك.

                مرحبا بك أخي الأديب الفاضل المفكر حسين ليشوري
                شكرا لتلاقح الأفكار. رأيت هنا أنك قسمت الأدب لاثنين: جزء له رسالة وجزء أقصى غاياته تحقيق مراد الذات من شهرة وفضفضة بغض النظر عن المحتوى
                هل أستطيع القول إن كل صنف مما ذكرت ينقسم أيضا..
                فالأول تختلف رسل الأشخاص فكرية وأخلاقية وأدبية، ثم إن ما يكتبه الأديب يتفاوت من حيث الإتقان والجودة من ضعيف للجيد للمتميز
                وفي الثاني يكتب من يكتب لأجل حال نفسه من نفسه فإذا كانت سيئة أخرجت كل بدئ وإذا كان بسيطا فيه طيبة كان فيما يكتب إتزان أو عفاف في أقل الأحوال
                وإن خلا من القيمة الإبداعية أو الفكرية أو الأخلاقية
                بارك الله فيك أستاذ واشكرك على حسن الظن، ولا أزعم أني ناقدة وإن كنت أحب النقد قراءة وإبداء الفكر فيما يعرض
                في اجتهادات تخطئ وتصيب
                تقديري واحترامي

                تعليق

                • حسين ليشوري
                  طويلب علم، مستشار أدبي.
                  • 06-12-2008
                  • 8016

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
                  مرحبا بك أخي الأديب الفاضل المفكر حسين ليشوري
                  شكرا لتلاقح الأفكار. رأيت هنا أنك قسمت الأدب لاثنين: جزء له رسالة وجزء أقصى غاياته تحقيق مراد الذات من شهرة وفضفضة بغض النظر عن المحتوى، هل أستطيع القول إن كل صنف مما ذكرت ينقسم أيضا..فالأول تختلف رسل الأشخاص فكرية وأخلاقية وأدبية، ثم إن ما يكتبه الأديب يتفاوت من حيث الإتقان والجودة من ضعيف للجيد للمتميز؛ وفي الثاني يكتب من يكتب لأجل حال نفسه من نفسه فإذا كانت سيئة أخرجت كل بدئ وإذا كان بسيطا فيه طيبة كان فيما يكتب إتزان أو عفاف في أقل الأحوال وإن خلا من القيمة الإبداعية أو الفكرية أو الأخلاقية.
                  بارك الله فيك أستاذ واشكرك على حسن الظن، ولا أزعم أني ناقدة وإن كنت أحب النقد قراءة وإبداء الفكر فيما يعرض في اجتهادات تخطئ وتصيب
                  تقديري واحترامي
                  وأهلا بك أختي الفاضلة أميمة محمد.
                  نعم، يمكنك أن تقسمي الأدب كما تشائين فهو ليس من العلوم الدقيقة وأنا أعطيت الخطوط العريضة حسب رؤيتي الخاصة وهي غير مدرسية ولا مذهبية، أنا أتأمل ما يُكتب بحكم اهتماماتي الشخصية ولو قرأت موضوعي القديم "
                  الأنواع الأدبية: تصنيف جديد" المثير للجدل لرأيت ما يعجبك ويسرك، بيدأ أنني أنطلق من قواعد صلبة وهي قواعد الإسلام ومنها:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل مرئ ما نوى" وكذلك الكتابة تابعة للنية، نية صاحبها ثم إلى جودتها أو رداءتها وهكذا...
                  أنت ناقدة فكل إنسان ناقد في نفسه كما هو فيلسوف فيها أيضا، فمجرد الحكم على شيء فهو نقد له مهما كان ذلك النقد مؤسسا على أدلة أم لا، إن النقد بمفهومه العام فطرة في الإنسان لأنه ينقد كل شيء عرف ذلك أم لم يعرفه.
                  نعم، بالحوار تتلاقح الأفكار، المهم أن نتحاور بهدوء وإلا تحول الحوار إلى خوار ونحن في غنى عن هذا تماما.
                  أشكر لك تفاعلك الإيجابي مع كتاباتي المتواضعة ودمت على التواصل البناء الذي يغني ولا يلغي.
                  تحيتي إليك وتقديري لك.

                  sigpic
                  (رسم نور الدين محساس)
                  (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                  "القلم المعاند"
                  (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                  "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                  و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                  تعليق

                  • حسين ليشوري
                    طويلب علم، مستشار أدبي.
                    • 06-12-2008
                    • 8016

                    #10
                    "الهُمْهِيَّة" في الكتابة الأدبية والفكرية والسياسية.
                    بسم الله، علَّم القرآن، خلق الإنسان وعلَّمه البيان.
                    والصلاة والسلام على محمد القائل: "إن من البيان لسحرا" وهو الذي أوتي جوامع الكلم والإحسان.

                    ثم أما بعد، خطر على بالي وأنا أقرأ ما يدور هنا في هذا الملتقى وفي غيره من الملتقيات العربية أن أسجل ملاحظة، ولست وحدي من لاحظها أو عاينها، وهي ظاهرة تحول الحوار من الموضوع المعروض أصلا للنقاش إلى صاحبه فيبدأ الشجار الحاد بين صاحب الموضوع وبين مَنْ يردُّ عليه إما بموضوعية متفاوتة النسبة أو بذاتية مُغرقة في الأنانية والأثرة وهذا ليس من الحوار المتحضر في شيء وهو ما نشاهده ونقرأه هنا وهناك متأسفين متحصرين.

                    فما هو السبب المُحوِّل للحوار عن وجهته التي كان عليه أن يتوجَّهَها إلى مشادة كلامية بين خصمين، أو بين عدوين افتراضيين، بعيدين/قريبين، بعيدين من حيث المسافة الحقيقية، أحدهما في المشرق والآخر في المغرب مثلا، قريبين من بعضهما لا تفصل بينهما إلا الشاشة كأنهما جالسان إلى طاولة في مقهى يسمعان تنفسهما ويشمان نكهتهما ويلمسان بعضهما؟

                    السبب في نظري هو أن كثيرا من الكُتَّاب لا يُفرِّقون بين ما يكتبون وبين ذواتهم، كأنهم هي أو كأنها هم، وبتعبير معاصر فهم "يتماهون" مع نصوصهم تماهيا مفرطا حتى كأن النقد الموجَّهَ إلى نصوصهم موجَّهٌ إلى شخوصهم، فلا فرق عندهم بين النصوص والشخوص، فَـ "هُمْ هِيَّ، وهِيَّ هُم" أو "هِيَّ هُمْ، وهُمْ هِيَّ"! (يا لها من عبارة تستحق أن تُصاغ، تُنحت، منها كلمةٌ جديدةٌ مثل "الهُمْهِيَّة" في الكتابة الأدبية والفكرية والسياسية وفي النقد العربي المعاصر، سأفكر في الموضوع إن شاء الله تعالى وأعرض الفكرة هنا وقد يكون العنوان:"الهُمْهِيَّةُ" في الكتابة والنقد العربيين وقد جعلت هذا العنوان عنوانا لهذه المشاركة هنا تبشيرا بالمقالة المقبلة إن شاء الله تعالى).

                    صحيح أن الكاتب يرتبط ارتاطا عاطفيا مع نصوصه ويحبها كأنها من صلبه وإن كانت من عقله ويعدُّها مع فلذات كبده في دفتر عائلته لكن هذا الارتباط وإن كان مقبولا بنسبة معتبرة لكنه غير مانع من قبول النقد والتمييز بين نقد النص ونقد الشخص، الكاتب نفسه، فالنصوص ومهما كانت عزيزة علينا نغار عليها ونصونها من الاعتداء لكنها ليست نحن ولا نحن هي، فقد يكون الكاتب شخصا رائعا في ذاته حميدا في أخلاقه لكنه يسيء التعبير أو يخطئ التفكير فينقد على هذا الأساس فإن هو خلط بين النقد الموجه إلى نصه واعتبره موجها إلى شخصه الكريم فقد أخطأ خطأ فاحشا قد ينزله من مرتبة العقلاء إلى مرتبة السفهاء بكلمة أو تعبير جاءا عن انفعال مفرط فيه.

                    وصحيح كذلك أن اختيار المرء جزء من عقله وأن عقله، أو بعضا منه ومن شخصيته، ينعكس على ما يكتب لكنه لا ينعكس كله على ما يكتب أو ما يقول، لأن الأنسان يكتب أو يتحدث حسب الحالة النفسية التي يكون عليها، فمرة يكون هادئا ومرة منفعلا ومرة نشطا ومرة كسولا ومرة كيسا ومرة عاجزا ومرة فرحا ومرة حزنا وهكذا حسب تداول حالاته النفسية عليه و"تكوُّره" فيها وتقلبه، وكذلك تأتي الكتابات متنوعة، ولذا يكون النقد أساسا تقويما للنص وليس تقويما للشخص إلا لماما أو تلميحا إلى حالته النفسية، أو ما يُستَشف منها، من خلال نصه أما أن يقصد بالنقد قصدا فليس هذا من النقد الأدبي أو الفكري أو السياسي في شيء ألبتة.

                    أتوقف عند هذا الحد مرغما لانقطاع الفيض الفكري وأنتظر ما سيجود به علي الخاطر من تتمة أو ما سيجود به علي القراء من آرائهم إن هم قرأُوا هذا الكلام إثراءً لهذه الفكرة خصوصا والموضوع عموما.
                    (منقول من موضوعي: الإنسان العربي والحِوار)

                    sigpic
                    (رسم نور الدين محساس)
                    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                    "القلم المعاند"
                    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                    تعليق

                    • حسين ليشوري
                      طويلب علم، مستشار أدبي.
                      • 06-12-2008
                      • 8016

                      #11
                      "الثُّلَبَدِيَّةُ" في النقد الأدبي.

                      "الثُّلَبَدِيَّةُ" في النقد الأدبي

                      تمتد النزعة "الثُّلَبَدِيَّةُ" كما تناولناها في هذا الموضوع إلى النقد الأدبي كذلك، فإن كان النقد إبداعا عن إبداع كما تناولناه في موضوعنا "
                      في النّقد الأدبيِّ: النّاقد ذوّاقة" فليس عجبا أن نقرر هنا أن هذه "الثُلَبَدِيَّةِ" إلى النقد تمتدُّ بل علاقته بها أوكدُ، فالكتابة الأدبية بوجهيها الإبداعي والنقدي، ليست عبثا أو تسلية لتمضية الوقت في بعض اللهو المشروع إنما هي رسالة تؤدى إلى المتلقي ليستفيد منها لغة وفنا وأخلاقا، فهي ثلاثية الأبعاد وليست كتابة مسطحة تهتم ببعدين اثنين فقط: اللغة والفن في جمالياته المتنوعة كما يدرسها النقد العادي أو النقد المسطح كما أدعوه ولا أدعو إليه حتما، فالنقد عموما ما يأتي إلا لتمييز الصحيح من الزائف في الأدب من حيث فنيته فكذلك يجب عليه أن يميز الصالح من الطالح فيه من حيث الأخلاق.

                      يرى بعض النقاد أنه يجب أنْ لا تُقرأ الأعمالُ الأدبيةُ قراءةً أخلاقيةً ويرون الاكتفاء بجانبها الفني الإبداعي فقط ولا بأس إن تُنوِلَتْ الأخطاءُ اللغويةُ الإملائيةُ أو النحويةُ وغيرُها ببعض التصحيح أو النقد لكن أن يمتد النقد إلى الأخلاق فيفسر الأعمالَ على أساسها أو أنه يزري بالأعمال الأدبية ويحكم على المبدع من خلالها فهذا غير مقبول في نظرهم وهي رؤية قاصرة في نظري حسب النزعة الإسلامية التي أنتهجها في الأدب والنقد معا.

                      الكتابة في الأدب والنقد الإسلاميين كتابة هادفة لها غاية تسعى إليها فهي تدعو إلى الفضيلة وتنبذ الرذيلة وتشجع الأخلاق الحميدة وتشنع على الأخرى الذميمة على بصيرة من الإسلام وهَدْي منه ولا يُكْتَفَى في الأدب الإسلامي بشقيه الإبداعي والنقدي بالنظرة السطحية في بُعديها البسيطين المسطحين، العرض والطول إن صح تشبيه اللغة والفن بهما، فاللغة هي البعد العرضي والفن هو البعد الطولي، بل تعنى كذلك بالبعد الثالث ألا وهو البعد الأخلاقي، فتكون الكتابة ثُلَبَدِيَّةً بامتياز، وهذا ما يجب أن يكون عليه الإبداع والنقد حتى وإن خالفنا، الكُتَّابَ الإسلاميِّين، المخالفون في هذه النزعة.

                      هذه النزعة لا تأتي من فراغ ولا تضيع في فضاء من الحرية المزعومة لا حدود لها بل هي تأتي من الدين، الإسلامَ، وتنطلق من القيم الفاضلة التي يدعو إليها في عملية بناء الشخصية السوية المتزنة الخيِّرة الإيجابية الفاعلة فإن لم يكن للأدب، والنقد أيضا، هذه الأهداف النبيلة فما هي أهدافه إذن؟ والأدب بمعنييه الإبداعي والأخلاقي في بناء الإنسان مقصد من مقاصد الإسلام.

                      البُليْدة، صبيحة يوم السبت 28 من جمادى الأولى 1438 الموافق 25 فبراير 2017.
                      sigpic
                      (رسم نور الدين محساس)
                      (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                      "القلم المعاند"
                      (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                      "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                      و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                      تعليق

                      • حسين ليشوري
                        طويلب علم، مستشار أدبي.
                        • 06-12-2008
                        • 8016

                        #12
                        تذكير بما قيل عن أسئلة الكتابة قبل الكتابة.



                        الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

                        ثم أما بعد، أثار فيَّ كلام الكاتبة عايده محمد نادر السابق (المشاركة رقم:
                        #15 في موضوعي:"
                        فن القص و فن التلفيق القصصي") الرغبةَ إلى ضرورة العودة إلى قضية، أو مسألة، "أغراض الكتابة" كما بينتها في العديد من كتاباتي هنا في الملتقى.

                        الكتابة الأدبية، أو غيرها، ليست عبثا لتمضية الوقت، وليست لهوا لتزيجة السآمة عن النفس فقط، وإنما هي، زيادة عن كونها "تنفيسا" عما يختلج نفس الكاتب من قلق بمسألة ما، تستهدف، أو تستغرض، التأثير في المتلقي، القارئ، ليشارك الكاتب في قلقه ذاك، وكما قال بشار بن برد:

                        "لابد من شكوى إلى ذي مروءة = يُوَاسِيكَ أَوْ يُسْلِيكَ أو يَتَوَجَّع"

                        والقراءة، أوالتفاعل مع الكاتب و كتابته، ضرب من ضروب المواساة أو التسلية أو ... التَّويجع والتّفجيع إن لم يكن توجُّعا و تفجُّعا.


                        وحتي تكون الكتابة هادفة هادية هادئة (الهاءات الثلاث التي تحدثت عنها مرارا) يفترض في الكاتب (ولا أقول يجب عليه) أنه سأل نفسه قبل إقدامه على الكتابة، من أي نوع كانت، الأسئلة التالية:
                        - ماذا أكتب ؟ (موضوع الكتابة)؛
                        - لمن أكتب ؟ (الفئة أو الشخص المستهدف بالكتابة)؛
                        - كيف أكتب ؟ (الأسلوب الذي نكتب به)؛
                        - في أي قالب أكتب ؟ (شكل الكتابة أو نوعها)؛
                        - لماذا أكتب ؟ (الغاية من الكتابة)."
                        اهـ بنصه وفصه من بعض مقالاتي المخصصة للكتابة،(تنظر مواضيعي:"الكتابة المغرضة: أسرارها و أساليبها"، و"مرتكزات الكتابة الأدبية الراقية"، و"ورشة لتعليم فنون الكتابة"، وينظر، كذلك، للاستئناس فقط: "رسالة الأديب بين الكاتب الصحيح و المخربش الكسيح").

                        وهذا السؤال الأخير (لماذا أكتب؟) هو، في نظري، الذي يحدد الغرض من الكتابة كلها، إذ يستحيل، في نظري دائما طبعا، أن يكتب كاتب أي شيء، حتى التعاليق السريعة في المنتديات، دون غرض ما، سواء أقر بهذا الغرض أم كتمه في نفسه لسبب من الأسباب هو وحده أدرى بها.

                        والإجابة الدقيقة والصريحة، بين الكاتب ونفسه، عن هذا السؤال (لماذا أكتب؟) تحدد مسار الكتابة وتحدد في الوقت نفسه الغرض، المعلن أوالدفين، من كتابته.

                        و"لماذا أكتب؟" متصل مباشرة بما يسمى في الفقه الإسلامي بـ "النية" وإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى أدرك ذلك أم لم يدركه؛ والكتابة من الأعمال حتما إذ لو لم تكن كذلك لما ظهرت للوجود أصلا ولبقيت في غياهب النفس القاتمة وفي غياباتها العميقة.

                        ويستحيل تماما أن يكتب كاتب شيئا دون "نية" مبيتة صريحة واضحة في نفسه، أعلن ذلك أم كتمه، صدق فيه أو كذب، لسبب من الأسباب.

                        النفس البشرية هي أغور من جب "المارياناس (شرق جزر الفلبين) "[
                        المقالة الانشطارية]، وأعمق، وهي، كذلك، أعقد بكثير من ذنب الضب كما يقول العرب؛ ولذا، إن الكاتب نفسه لا يدري أحيانا لم كتب ما كتب، أو أنه "يكذب" على نفسه عندما يدعي أنه "يكتب من غير غرض"(؟!!!)، إذ لا كتابة بلا غرض ألبتة، الكتابة مغرضة "بالفطرة" إن صحت العبارة؛ وهذا ما حاولت بيانه المرة بعد المرة فعسى أن يرسخ كلامي في أذهان القراء، قرائي على الأقل، فنتجه جميعا إلى الصراحة الأدبية ولا نذكب على أنفسنا وندعي غير ما نكِنُّ في أعماقنا ونكتم في أسرارنا حتى وإن كان بريئا حسنا طيبا مقبولا عند الناس ظاهرا.

                        قراءة ممتعة للجميع وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

                        sigpic
                        (رسم نور الدين محساس)
                        (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                        "القلم المعاند"
                        (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                        "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                        و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                        تعليق

                        يعمل...
                        X