آفاق الأخلاق في شريعة الإسلام من القرآن والسنة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • السعيد ابراهيم الفقي
    رئيس ملتقى فرعي
    • 24-03-2012
    • 8288

    #31
    التوكل على الله
    التوكل على الله
    ماهر محمدى يس

    التوكل على الله خلقٌ عظيم من أخلاق الإسلام، وهو من أعلى مقامات اليقين، والتوكل على
    الله عز وجل هو سِمةُ العبد الصادق، وبه أمر الله الأنبياء والمؤمنين .
    فالتوكل على الله دليلُ صحةِ إيمان العبدِ وصلاح قلبهِ، وتسليمه كل أموره للخالقِ الواحد، المتصرف بجميعِ أمورهِ، والمدبر الوحيد لأحوالهِ، صغيرها وكبيرها.
    قد يظن البعض أن معنى التوكل ترك الجهد والعمل والاكتفاء فقط بدعاء للخالق، وهذا ظن خاطئ ، فلا بد أن نجرد أنفسنا من التوكل على الأسباب فقط، نأخذ بها، ولا نتوكل عليها، ولا بد أن يكون لدينا حسن ظن بالله، لأنك إذا أحسنت الظن به توكلت عليه.

    قال سبحانه وتعالى :
    * ... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ... (سورة الطلاق:2-3).
    * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا (سورة المزمل:9).
    * وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (سورة الفرقان:58).
    * ... فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (سورة آل عمران:159).
    * ... إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (سورة آل عمران:173).
    * ... وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (سورة آل عمران :122).
    * ... فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (سورة التوبة:129).
    * قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (سورة التوبة:51).
    * ... وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا (سورة النساء: 81).
    * ... وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (سورة الأنفال:49).
    * ... وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (سورة الأنفال :61).
    * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (سورة الأنفال:2).
    * وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ * فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا ... (سورة يونس : 84-85).
    * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (سورة الأحزاب:3).
    * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (سورة الأحزاب:48).
    * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (سورة الفاتحة:5).
    * ... وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (سورة المائدة : 23).
    * ... وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (سورة المائدة :11).
    * ... وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (سورة هود:88).
    * ... فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ... (سورة هود:123).
    * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (سورة هود:56).
    * ... قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ (سورة الرعد:30).
    * ... ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (سورة الشورى:10).
    * ... رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (سورة الممتحنة:4).
    * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (سورة النحل:42).
    * قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ... (سورة الملك :29).
    * وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (سورة إبراهيم:12).
    * فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (سورة النمل: 79).
    * ... قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (سورة الزمر: 38).
    * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (سورة العنكبوت:59 ).

    * عن عمر رضي الله عنه عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْر ، تَغْدُو خِمَاصًا ، وَتَرُوحُ بِطَانًا". (خِمَاصًا: جِياعًا، بِطَانًا: مُمتلئات البطون).
    * قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِي اللَّه عَنْه: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ ، فقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ لأبصَرَنا ، فقَالَ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا".
    * قال ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: " حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، قالها إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ ، وَقَالَهَا مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قالوا له: " إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا ، وقالوا : حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ".
    * عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِي أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ".
    * كان صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ أبسط الأمور يقول: " بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ " يُقَالُ لَهُ كُفِيتَ كل عدو ، وَوُقِيتَ من كل شر، وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيْطَانُ.
    * وفي حديث: " إذا خرج الرجل من باب بيته، كان معه ملكان موكلان به، فإذا قال: بسم الله، قالا: هُديت، فإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قالا: وُقِيت، فإذا قال: توكَّلت على الله، قالا: كُفِيت، قال: فيَلقاه قريناه، فيقولان: ماذا تريدان من رجل قد هُدي ووُقي وكُفِي ".
    * وعن سيدنا عمر رضي اللهُ عنه : سأل أناسا يتكفَّفون الناسَ: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكِّلون قال: " كذبتُم بل أنتم المُتواكلون ، إنما المتوكِّلُ الذي يُلقى حبَّةً في الأرض ، ويتوكَّل على الله عز وجل ".
    * قال ابن عباس رضي الله عنهما: "التوكل هو الثقة بالله، وصدق التوكل أن تَثِق في الله وفيما عند الله، فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك."
    * وفي حديث:" أربع لا يعطيهنَّ الله إلا مَن أحبَّ: الصمت وهو أول العبادة، والتوكل على الله، والتواضع والزهد في الدنيا".
    * وقال علي رضي الله عنه : " يا أيها الناس، توكلوا على الله، وثِقوا به؛ فإنه يكفي مما سواه".
    * قال شعيب الأرناؤوط: عن أبي هريرة، وعن أنس بن مالك قال:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: " اللهم اجعلني ممن توكَّل عليك، فكفيتَه، واستهداك فهديتَه، واستغفرك فغفَرتَ له ".
    * وفي حديث عبد الله ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "من سرَّه أنْ يكونَ أقوى الناسِ فلْيتوكلْ على اللهِ ".
    * وفي حديث: " إذا وقعتم في الأمر العظيم، فقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل ".
    * وقال الحسن: "معنى توكل العبد على الله أن يعلم العبد أنَّ الله هو ثقتهُ ".
    * قال سعيد بن جبير ": التوكل على الله نصف الإيمان. "
    * قال أبو الدرداء: " ذِروة الإيمان الإخلاص والتوكل، والاستسلام للرب عز وجل. "
    * قال ابن بطال: " التوكل على الله هو الثقةُ بهِ، والاستسلامُ لأمرهِ، وإيقانُ العبدِ بأنَّ قضاءهُ عليهِ ماضٍ".
    * يقول بعض السلف: " لو حقق الناس التقوى والتوكل لأفلحوا ".

    نحتاج في هذا الوقت العصيب إلى مزيد من التقوى، والإقلاع عن الذنوب، والتوكل على الله عز وجل في جميع الأشياء صغيرها وكبيرها ، والتوكل غير التواكل فالأول طبع محمود والثاني ممجوج بل مكروه.
    جعلنا الله من المتوكلين على الله حق التوكل، ورزقنا الإنابة والخضوع والحاجة له وحده دون ما سواه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى صحبه أجمعين.

    ماهر محمدي يس / خبير تقني الأشعة والتصوير الطبي
    عضو شبكة تعريب العلوم الصحية
    منظمة الصحة العالمية – شرق المتوسط

    تعليق

    • السعيد ابراهيم الفقي
      رئيس ملتقى فرعي
      • 24-03-2012
      • 8288

      #32
      الإِحْسَان
      الإِحْسَان
      ماهر محمدى يس
      إن الإحسان خلق جامع لجميع أبواب الحقائق ، وفيه لب الإيمان وروحه ، وهو صفة سامية، وخلق عظيم، هو غاية ما يُطلب من الإنسان، والإحسان حالة تدخل جميع الأفعال والمعتقدات، فما من فعل إلا ويُطلب بإحسان، وما من عقيدة إلا ويُطلب فيها الإحسان.
      الإحسان نوعان:نوع في عبادة الله، ونوع في القيام بحقوق خلقه ، ويُعتبر الإحسان في الإسلام خلقاً نبيلاً لمن يتحلّى به، حيث جعله في المرتبة الثالثة بعد الإسلام والإيمان في مراتب الدين الإسلاميّ.
      لقد أخبر نبينا صلى الله عليه وسلم ، أن الله سبحانه وتعالى "كتب الإحسان على كل شيء أي أنه أوجب الإحسان في كل شيء.
      والإحسان يحيط الحياة كلها في علاقات العبد بربه، و بأسرته، وبالجماعة، وعلاقته بالبشرية بشكل عام، بل وعلاقته بالمخلوقات كلها ، فكل قوانين التعامل ترجع إلى الإحسان ، والإحسان يعني إتقان العمل وتأديته بأكمل وجه ، وهو كذلك أعلى مَراتب القُرب من الله تبارك وتعالى.

      قال سبحانه وتعالى :
      * إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ... (سورة النحل :90.(
      *إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ سورة النحل :128).
      * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ... (سورة النحل:125).
      *... لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ ... (سورة النحل:30).
      * فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (سورة آل عمران:148).
      * ... وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (سورة آل عمران:134).
      * ... للَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ آل عمران :172).
      * فَأَثَابَهُمْ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (سورة المائدة:85).
      * لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (سورة المائدة :93).
      * وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (سورة العنكبوت:69).
      * وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ... (سورة التوبة:100) .
      * ... إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (سورة التوبة :120).
      * هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (سورة الرحمن :60).
      * إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ... (سورة الإسراء :7).
      * وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ... (سورة الإسراء :23).
      * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ... (سورة الزمر : 18).
      * وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ... (سورة لقمان :22).
      * ... وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا ... (سورة البقرة :83).
      * ... وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (سورة البقرة :195).
      * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ ... (سورة البقرة :112).
      * ... لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (سورة النجم :31).
      * وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (سورة الأعراف :56).
      * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآَخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ... (سورة القصص :77).
      * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (سورة القصص :14).
      * لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ ... (سورة يونس :26).
      * ... فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (سورة يوسف :90).
      * وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (سورة يوسف :22).
      * مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (سورة الحديد :11).
      * وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً ... (سورة الأحقاف :15).
      * مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا ... (سورة النمل :89).

      * يقول النبي عليه الصلاة والسلام حينما سأله جبريل عليه السلام: ما الإحسان؟ قال: " أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ ".
      * قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ ، وإذا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَة ، وَلْيُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ ".
      * عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله محسن يحب الإحسان ".
      *يقول النبي عليه الصلاة والسلام، وقد أوصى صحابته الكرام قبيل غزوة مؤتة: " انطلقوا باسمِ اللهِ، لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طِفلاً صغيراً، ولا امْرأةً، ولا تَغُلُّوا، وضمُّوا غَنائمَكم، وأَصلِحُوا وأحْسِنُوا، إن اللَّهَ يُحِبُّ المحْسِنينَ ".
      * ويقول ابن سعدي: " الإحسان فضيلة مستحبة، وذلك كنفع الناس بالمال والبدن والعلم، وغير ذلك من أنواع النفع، حتى إنه يدخل فيه الإحسان إلى الحيوان البهيم المأكول وغيره" .
      * عن أبي شريح الخزاعي أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليسكت" .
      * وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أنَّ رجلًا شكا إلى رسول الله قسوة قلبه، فقال: " امسح رأس اليتيم وأطعم المسكين".
      * قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم ".
      * عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: " اللهم أحسنت خَلْقي فأحسن خُلُقي ".
      * وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلا أنت" .
      * وعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني في الآخرة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة مساوئكم أخلاقاً ".
      * وقال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيورِّثه".
      * قال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى".
      * عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "سبع تجري للعبد بعد موته وهو في قبره، من علم علما، أو كرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته". (ومعنى كرى نهرا: أي حفره).
      * عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الساعي على الأرملة والمسكين , كالمجاهد في سبيل الله، أو كالذي يصوم النهار , ويقوم الليل " .
      * عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه".
      * قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تَكُونُوا إِمَّعَةً، تَقُولُونَ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا".

      واجب علينا أن نجعل الإحسان دربنا ومسلكنا في الحياة والطاعة، أن نحسن في العبادة لله تعالى وأن نحسن للخلق وأن نحسن للكون كله ، حتى نكون من أهل الإحسان لننال من الله الأجر والثواب .
      ووجوه الإحسان كثيرة، ينبغي للمسلم أن يسهم فيما يستطيع منها، حتى نشهد الإحسان على كل شيء وفي كل شيء ونوصله إلى كل شيء .
      إن من التزم الإحسان أحبه الله تعالى ووعده بالجنة والنظر إلى وجهه الكريم .

      ماهر محمدي يس / خبير تقني الأشعة والتصوير الطبي
      عضو شبكة تعريب العلوم الصحية
      منظمة الصحة العالمية – شرق المتوسط







      تعليق

      • السعيد ابراهيم الفقي
        رئيس ملتقى فرعي
        • 24-03-2012
        • 8288

        #33
        ملامح الإطار الأخلاقي في الإسلام
        []عادل مناع

        بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

        تتبوأ الأخلاق والقيم مكانًا سامقًا ومنزلة عظمى في الإسلام، وقد أفاض القرآن وكذلك السنة البلاغ بشأن فضلها وأهميتها، للتأكيد على أن المنظومة الأخلاقية ضرورة للتعايش بين الناس، وبدونها يفسد نظام الحياة.

        ولسنا في هذا المقام بصدد التذكير بأهميتها وضرورتها من خلال سرد النصوص، ولكننا سنبرز هذه الأهمية من خلال التعرف على أهم ملامح وخصائص هذا الإطار، والقوانين التي تحكمه، وهو ما يجعل المنظومة الأخلاقية في الإسلام متميزة ومختلفة عن غيره من المناهج الأخرى، سواء كانت السماوية المحرفة، أو الأرضية الوضعية، ولعل من أهم هذه الملامح:

        أولًا: ربانية المصدر:
        فمصدر الأخلاق والقيم الإسلامية وحي من الله تبارك وتعالى، فالكتاب والسنة قد حددا ملامح الإطار الأخلاقي، وهو ما يعطيه أثاثًا ثابتًا يستحيل عليه التغيير، ولا يتخيل معه العور، ويظل نائيًا عن التعرض للنقد.
        ولم يترك للعقل البشري الحرية المطلقة في تحديد واستحسان ما يشاء من القيم لكي تنتظم حاكمة على السلوك البشري، ولم يدعها كذلك للتأرجح بين عادات الناس التي تختلف من بيئة لغيرها ومن حقبة لأخرى، (فالعادات قد تعمي الضمير الداخلي، والعقل قد يسخر نفسه لخدمة الغرائز البهيمية)([1]).
        ولا ينافي هذا ما أقره الإسلام من أخلاق العرب في الجاهلية كالكرم والشجاعة والغيرة...، لأن الله تعالى جعل أصلها مركوزًا في الفطرة البشرية، فما بقي منها على الجادة دون انتكاس أقرته الرسالة بل أكدت عليه ونمته وحددت له مساراته الصحيحة، وما انحرف منها عن الفطرة أعادته التعاليم الربانية بمسالك التربية المختلفة.

        وإننا إذ نشير إلى ربانية المصدر، فإننا بذلك نجلي فرقًا جوهريًا بين منظومة القيم في الإسلام وبين تلك القيم الإنسانية التي تعد قاسمًا مشتركًا بيننا وبين الحضارات الأخرى، كقيمة العدل على سبيل المثال.

        فالعدل قيمة لها مكانتها في النظام الإسلامي وفي الغربي كذلك، ولكن يبرز الفارق في أن الإسلام يعطي لهذه القيمة الثبات والاستقرار ما دامت ربانية المصدر، فلا تتبدل ولا تتغير، حيث يكون الشعور الوجداني هو مصدر الإلزام، لارتباطها بالثواب والعقاب، وحيث عدم الانفصال عن النظام السياسي للدولة الإسلامية.

        أما في الحضارة الغربية فهي ترتبط بالمصلحة التي تُحدد على موائد القرارات السياسية، فتارة تترنم الدول الغربية بالعدل وتعلي من قيمته إذا ما كان الحديث عن الأقليات في الدول الإسلامية، وتارة تتجاهله تمامًا أو تحرف تطبيقاته إذا تعلق الأمر بأطماعها المستبدة وتسويغها للعبث في مقدرات الأمم والشعوب، ومحاولة التحكم في مصائرها وإخضاعها للهيمنة الغربية.

        ثانيًا: ارتباطها بالإيمان والعقيدة السليمة:
        فالتوحيد الخالص لله تبارك وتعالى لا شك أنه يثمر الأخلاق الفاضلة ويدل عليها، تلك العقيدة الصافية التي صاغت شخصية عمر بن الخطاب ذلك الرجل الصلب صخري القلب حاد الطباع، إلى عمر الذي يرق قلبه وتدمع عيناه للأرامل والمساكين والأيتام، وأكسبت بلال بن رباح شجاعة في مواجهة الباطل بعد أن كان عبدًا هملًا لا صوت له في الجاهلية، وألبست مصعب بن عمير الفتى الناعم المدلل ثوب الرجولة والخشونة وشدة البأس.

        وارتباط الأخلاق بالإيمان والتوحيد الخالص نستطيع إدراكه من عدة جوانب:
        1 – من خلال التعرف على حقيقة الإيمان، فهو قول وعمل، أو كما قال شيخ الإسلام (الإيمان هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان)([2])، فالعمل والسلوك جزء من الإيمان، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان)([3]).
        وفي نفس الوقت هو ثمرة لأصله الذي في القلب، تظهر على عمل الجوارح والتي منها التمثل بالأخلاق الفاضلة، وهو ما أشار إليه الحسن البصري بقوله: (ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل)([4]).

        2 – من خلال خضوعها للإيمان باليوم الآخر ومبدأ الجزاء الأخروي من ثواب أو عقاب، فالمسلم يلزم نفسه بالإطار الأخلاقي للإسلام على اعتقاد منه بأن مكارم الأخلاق سبيله إلى الفوز، وأن مساوئها تهوي به إلى الخسران، وهو ما بينه صلى الله عليه وسلم في حديثه الجامع: (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا)([5]).
        3 – من خلال اقترانها بالتوحيد في دعوة الرسل، فالله تبارك وتعالى عندما أرسل رسله إلى الأمم لم تكن وظيفتهم الدعوة إلى التوحيد فحسب، وإنما اقترن بذلك الدعوة إلى تقويم الأخلاقيات والسلوكيات المعوجة، كما حدث القرآن عن شعيب عليه السلام: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} [هود:84].

        وحكى عن لوط دعوته قومه إلى التوحيد وإنكاره عليهم مساوئ الأخلاق: {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الشعراء:161-165].

        ثالثًا: ارتباطها بالجانب التعبدي
        وكما ترتبط الأخلاق والقيم بالعقيدة والإيمان، فإنها ترتبط كذلك بأداء العبادات، فديمومة الأفعال الفاضلة تثمر أخلاقًا فاضلة، والقرآن الكريم يشير إلى هذه الحقيقة: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج:19-23].
        (وفسر الهلوع بأنه: { إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا } فيجزع إن أصابه فقر أو مرض، أو ذهاب محبوب له، من مال أو أهل أو ولد، ولا يستعمل في ذلك الصبر والرضا بما قضى الله.
        { وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا } فلا ينفق مما آتاه الله، ولا يشكر الله على نعمه وبره، فيجزع في الضراء، ويمنع في السراء)([6]).

        ولكن يستثنى من هؤلاء: أهل المداومة على العبادة {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ}، لأن العبادة تقوم السلوك وتهذب الطبائع، كما قال ربنا تبارك وتعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:45].
        وتتجلى هذه الحقيقة كذلك في قول الله تبارك وتعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ} [التوبة:103]، فالزكاة إذًا ليست مجرد ضريبة، ولكنها تهذيب للنفس والسلوك، عندما تغرس مشاعر الرأفة والرحمة في القلوب.

        وهذا هو مراد الشارع، أن ينتقل العباد بالتكاليف التعبدية إلى واقع سلوكي قويم، فالحكمة من الصيام مثلًا كما ذكر الله تبارك وتعالى هي تحقيق التقوى، والتي تحتل الأخلاق والقيم فيها مكانة أساسية.

        والانحراف الأخلاقي لابد وأن يكون مرده إلى أحد أمرين: إما عدم القيام بالتكاليف التعبدية من الأصل، أو الخلل في أدائها وهو ما يفهم من قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ}، حيث أن إقامتها لا يقتصر على أدائها فحسب، ولكن إقامة الصلاة كما روى الضحاك عن ابن عباس أنها (إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع والإقبال عليها فيها)([7])، وقال غيره نحوًا من ذلك.

        رابعًا: المرونة
        ففي الوقت الذي يتسم فيه الإطار الأخلاقي في الإسلام بالثبات والاستقرار انطلاقًا من كونها ربانية المصدر، نلمح كذلك ـ دون أي وجه للتعارض ـ تلك المرونة التي تميزها وتجعلها متناسبة مع المتغيرات المختلفة ومراعاتها لقوانين الاجتماع البشري.

        فالإسلام عندما يؤكد على قيمة الصدق، ويحذر من مغبة الكذب، فإنه لا يقف بهذا الخلق في دائرة من الجمود تصطدم بمصالح الإنسان ـ والتي تحددها الشريعة لا الأهواء ـ فتراه يرخص في بعض المواطن في الكذب على أساس أنه استثناء وليس أصلًا ولمصلحة شرعية راجحة: (رخص النبي صلى الله عليه و سلم من الكذب في ثلاث: في الحرب وفي الإصلاح بين الناس وقول الرجل لامرأته)([8]).

        فالمتأمل في الحديث يلمس روح الشريعة، والتي تدور على تقدير المصالح والمفاسد، فالقيم الأخلاقية هنا قد تكيفت مع متطلبات مصلحة عليا وهي علو الإسلام، ومع متطلبات مصلحة مجتمعية داخلية وهي انصهار المجتمع المسلم والتماسك والتلاحم، ومع متطلبات مصلحة مجتمعية أكثر خصوصية وهي الاستقرار الأسري والذي يعد دعامة للنهوض بالمجتمع.
        فالأخلاق إذًا تتسم بالمرونة التي تنسجم مع مقاصد الشريعة وروحها في إطار من الانضباط الذي يكفل عدم الخلل في التطبيق.

        خامسًا: احترام العقل والوجدان والتناغم مع الفطرة
        فالمنظومة الأخلاقية في الإسلام تحترم عقل المكلف، ومبادؤها ترضي الوجدان وتنسجم مع الفطرة، فالقرآن الكريم عندما يؤكد على خلق العفة ويحذر من الفتك به بالوقوع في براثن الفاحشة، ترى الخطاب القرآني مصرحًا أو ملوحًا بمسوغات النهي: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء:32].

        وعندما ينهى عن الغيبة وهي من مساوئ الأخلاق يضع لها تشبيهًا يبين قبحها: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الحجرات:12]، وعندما نهى عن السخرية بالناس ذكر بنظرة عقلانية لابد وأن تتجه إلى ذلك السلوك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات:11].
        وعندما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصدق بين آثاره كما تقدم في الحديث (عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة).

        وهي من جانب آخر تقبلها الفطرة السليمة، فلقد كان محور الصراع بين الإسلام ومشركي العرب هو النظام العقدي، أما النظام الأخلاقي فلم يلق صدودًا من لدن العرب إلا ما تعارض منه مع شطط غرائزهم وجوانب الشذوذ في فطرتهم، فالعدل والشجاعة والكرم والشهامة والنخوة والمروءة والرحمة والصدق.....، كل ذلك لم يكن مستهجنا من قبلهم لأن لهم منها رصيدًا في فطرتهم، أما الصراع العقدي فكان نتيجة خلل في تصوراتهم وتمسكهم بموروثات اجتماعية ضحلة.

        ولعل ما يؤكد على هذه الحقيقة أيضًا، استحسان النجاشي محتوى حديث جعفر بن أبي طالب عن الأخلاق التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك استدلال هرقل قيصر الروم على صدق نبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال حديث أبي سفيان بن حرب عن أخلاقه صلى الله عليه وسلم.

        سادسًا: امتداد الأفق
        فكما أن الإسلام قد وضع حدًا أدنى للالتزام التعبدي بتحديد الفرائض، فإنه قد أفسح المجال لأولي الهمم المتطلعين إلى المعالي، فشرع لهم مجال النوافل الرحب الممتد، يتنافسون من خلاله في المراتب العلى.

        وهو ذاته ما نراه جليًا في الإطار الأخلاقي، حيث جعل لهم منها حدًا إلزاميًا، وفي نفس الوقت أفسح المجال للارتقاء الخلقي والتميز فيه سواء كان بالتوسع في تمثل هذا الخلق، أو باقترانه بفضيلة أخرى تضاف إليه، فعلى سبيل المثال يحض الإسلام على الإحسان إلى الخلق وخاصة أولي القربى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90]، ولكن ماذا لو صدرت العداوة من ممن يبسط إليهم العبد يده بالصدقة والنفقة غير الواجبة؟ حينئذٍ لا يؤاخذ إن قطع عنهم المعونة لما صدر منهم، ولكن الإسلام يفسح المجال للوصول إلى المراتب العلى في خلق الإحسان: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22]، وقد نزلت في أبي بكر حيث منع نفقته على أحد أقربائه المساكين لأنه كان ممن تكلم في عائشة في حادثة الأفك، فلما نزلت هذه الآية عاد إلى الإنفاق عليه([9])، وبرغم ذلك هي عامة لكل مسلم ومسلمة، فالعبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب.

        سابعًا: التوازن في التركيز على صفات الأمانة والقوة:
        فاجتماع صفات الأمانة وصفات القوة في المسلم معيار لتقويمه ووزنه: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص:26]، وهذا هو منهج الإسلام في التربية الخلقية، ففي الوقت الذي يؤكد على أخلاق الوفاء والأمانة والصدق والبر والإحسان والرحمة، لا يهمل صفات القوة التي تقوم بها الحضارات، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

        فتراه يحض على خلق الشجاعة والتي تقوم على ثبات القلب في أوقات المحن والشدائد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال:45]، ويؤكد على قيمة الإيجابية بذكر قصص الدعاة المبادرين: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} [يس:20]...
        فصفات الأمانة دون القوة لا تصنع حضارة، وصفات القوة دون صفات الأمانة تصنع حضارة مادية مهترئة.

        ثامنًا: الواقعية
        ومعناه أن الأخلاق لا تخرج عن وسع الإنسان وقدرته في التخلق بها، فالأخلاق منها ما هو طبع ومنها ما هو تطبع، فما كان منها في الإنسان طبعًا وجبلة فهو محض فضل من الله، وما لم يكن فالتطبع بها ممكن بشيء من مجاهدة النفس وحملها على مكارم الأخلاق.
        ودليل ذلك النصوص التي تأمر بالخلق الحسن، فإن لم تكن الأخلاق قابلة لأن يتخلق بها العبد لانعدمت الحكمة من الأمر بها، فمحال على الله أن يأمر عباده بما لا يطيقون، وفي ذلك يقول الغزالي رحمه الله: (لو كانت الأخلاق لا تقبل التغيير لبطلت الوصايا والمواعظ والتأديبات ولما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم حسنوا أخلاقكم)([10])

        فهي قابلة للتخلق بها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يوقه)([11])، وهذا يتأتي كما قال العلماء بالصبر عليها وتكلف التخلق بها حتى تصير سجية وطبعًا.

        فهذا ما يسره الله من عرض بعض ملامح الإطار الإخلاقي والقيمي في الإسلام، وهو ما يبرز أهميتها ومكانتها وأبعادها الغائبة عن الأذهان من جهة، ومن جهة أخرى يكون زادًا للدعاة إلى الله في الاستفادة من تلك الملامح في حقل التربية، والربط بين الدعوة إلى الأخلاق وبين قوانينها التي لا تنفك عنها، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

        ----------------------------------------
        ([1]) عن الأخلاق نتحدث، محمد العبدة، ص(13).
        ([2]) العقيدة الواسطية لابن تيمية، (1/10).
        ([3]) متفق عليه.
        ([4]) مدارج السالكين لابن القيم، (3/92).
        ([5]) صحيح مسلم، (4721).
        ([6]) تفسير السعدي، (1/887).
        ([7]) تفسير ابن كثير، (1/168).
        ([8]) السلسلة الصحيحة، (545).
        ([9]) راجع في ذلك تفسير ابن كثير، (6/31).
        ([10]) إحياء علوم الدين للغزالي، (3/55-56)
        ([11]) صحيح الجامع، (4093)


        [/td]
        [/tr]
        [/table]

        تعليق

        • السعيد ابراهيم الفقي
          رئيس ملتقى فرعي
          • 24-03-2012
          • 8288

          #34
          أصل الأخلاق المحمودة والمذمومة
          الإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله
          أبو راشد

          أصل الأخلاق المذمومة كلها: الكبر والمهانة والدناءة.

          وأصل الأخلاق المحمودة كلها: الخشوع وعلو الهمة.

          فالفخر، والبطر، والأشر، والعجب، والحسد، والبغي، والخيلاء، والظلم، والقسوة، والتجبر، والأعراض، وإباء قبول النصيحة، والاستئثار، وطلب العلو، وحب الجاه والرئاسة، وأن يحمد بما لم يفعل، وأمثال ذلك؛ كلها ناشئة من الكبر.

          وأما: الكذب، والخسة، والخيانة، والرياء، والمكر، والخديعة، والطمع، والفزع، والجبن، والبخل، والعجز، والكسل، والذل لغير الله، واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، ونحو ذلك، فإنها من المهانة والدناءة وصغر النفس.

          وأما الأخلاق الفاضلة: كالصبر، والشجاعة، والعدل، والمروءة، والعفة، والصيانة، والجود، والحلم، والعفو، والصفح، والاحتمال، والإيثار، وعزة النفس عن الدناءات، والتواضع، والقناعة، والصدق، والمكافأة على الإحسان بمثله أو أفضل، والتغافل عن زلات الناس، وترك الانشغال بما لا يعنيه، وسلامة القلب من تلك الأخلاق المذمومة، ونحو ذلك، فكلها ناشئة عن الخشوع وعلو الهمة.

          والله سبحانه أخبر عن الأرض بأنها تكون خاشعة، ثم يُنزل عليها الماء فتهتز وتربو وتأخذ زينتها وبهجتها، فكذلك المخلوق منها إذا أصابه حظه من التوفيق.

          وأما النار فطبعها العلو والإفساد، ثم تخمد فتصير أحقر شيء وأذله، وكذلك المخلوق منها، فهي دائما بين العلو إذا هاجت واضطربت، وبين الخسّة والدناءة إذا خمدت وسكنت.

          والأخلاق المذمومة تابعة للنار والمخلوق منها.

          والأخلاق الفاضلة تابعة للأرض والمخلوق منها.

          فمن علت همته وخشعت نفسه اتصف بكل خلق جميل. ومن دنت همته وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل.

          من كتاب الفوائد لابن القيم الجوزية ص 209 أبو راشد / شبكة التبيان http://www.altebyan.com/vb/

          تعليق

          • السعيد ابراهيم الفقي
            رئيس ملتقى فرعي
            • 24-03-2012
            • 8288

            #35
            الأخلاق وصلتها بالعبادات
            سلمان بن يحي المالكي
            slman_955@hotmail.com

            الحمد الله عالمِ كلِّ نجوى وكاشفِ كلِّ بلوى ، له الحمد في الآخرة الأولى وإليه المرجِعُ والمآل ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد المصطفى المختار وعلى آله وصحابته الأطهار ، أما بعد .. سلام الله تعالى ورحمته وبركاته عليكم ..
            للإنسان أيا كان جنسه أو لونه رغبة شديدة في نيلِ السّعادة والعيش في أكنافها ، ومِن المعلوم جَزمًا أنّ السعادة لا تُدرك بالمنصِب والجاه ، ولا تُنال بالشّهوات ومُتَع الحياة ، ولا بِجمال المظهَر ورقيق اللّباس ، نعم .. لا تُنال السّعادة إلا بلباسِ التّقوى ورِداء الخُلُق الحسن ، وما من أمّة نهضت وحضارة ازدَهرت إلا بفضل الله ثم بفضل أبنائِها الذين ملكوا نفوسًا قويّة وعزائمَ مضّاءة وهِممًا عالية وأخلاقًا زاكية وسِيَرًا فاضلة ، وما سُمع عن أمة من الأمم في يوم من الأيام أنها سعُدت بكثرةِ أموالها وجمَال بنيانها .. أبدا ، إنما كانت سعادتها وعزها في رجالها الذين تثقّفت عقولهم وحسُنت أخلاقهم وصحّت عقائدُهم واستقامت تربيّتهم واستنارت بصائرُهم ، فكانوا بحق رجالَ الأخلاقِ والقوّة ومصدرَ العزّة والكرامة للأمة.. أيها الأحبة الكرام :

            الأخلاق حُلَّة تقصُر دونها الحُلَل ، وسِتر لا يُغني عنه سِتر ، وهل افترق الإنسان عن حيوان الغابِ وسِباع الدواب إلا بالأخلاق ؟! نعم .. تلك هي الأخلاقُ التي تمتزِج بتصرّفات الإنسان كلِّها ، في سلوكه جميعِه وأحواله كلِّها ، في جدِّه وهزلهِ ، في فرَحه وحزنِه ، في خطئِه وصوابِه ، في سفره وحضره ، في سَخَطه ورضاه ، والإيمان والتقوى والصلاحُ والأخلاق عناصرُ متلازمةٌ متماسِكة لا يمكِن الفصل بينها ، ولذلك فلا يتمارى اثنان ولا يتجادل عاقلان في كيفية هذا التلازم والتلاحُم بين السّلوك والأخلاق من جهة والاعتقاد والإيمَان والتقوى من جهة أخرى ، لمه ..؟ لأن السّلوك الظّاهر مرتبطٌ بالاعتقاد الباطِن ، والانحراف الواقع في السّلوك والأخلاق ناشئٌ عن نقصٍ وخلل في الإيمان والباطن ، وكثيرا ما يرد في الكتاب والسنة الجمع بين تقوى الله عز وجل والإيمان وبين السلوك حسن الخلق ، فتقوى الله والإيمان شجرة وحسن الخلق ثمرة ، وهما أساس وهو بناء ، وهما سر وهو علانية ، وحيث انتفى حسن الخلق انتفت التقوى ونقص الإيمان ، يقول شيخ الإسلام ابن تيميّة رحمه الله مقررا هذا المبدأ " إذا نقصَت الأعمال الظاهرةُ والباطنة كان ذلك لنقصِ ما في القلب من الإيمان ، فلا يُتصوَّر مع كمال الإيمانِ الواجبِ الذي في القلب أن تُعدَم الأعمال الظاهرة الواجبة ، بل يلزم من وجودِ هذا كاملاً وجودُ هذا كاملاً ، كما يلزم من نقصِ هذا نقصُ هذا " وقال رحمه الله " فما يظهَر على البدنِ من الأقوالِ والأعمالِ هو موجَب ما في القلبِ ولازمُه " وكثيرا ما يذكر الله تعالى المتقين في كتابه فيصفهم بأحسن الأخلاق وأنهم أهل البر والإحسان ، ويبرئ ساحتهم من النفاق وسيء الأخلاق ، وكان كثيراً ما يجمع بينهما في وصاياه وهاهو يوصى معاذاً رضي الله عنه فيقول " اعبد الله ولا تشرك به شيئا " قال : زدني يا رسول الله ، قال " استقم ولتحسّن خلقك " وقال لأبي ذر " أوصيك بتقوى الله في سرك وعلانيتك ، وإذا أسأت فأحسن " وسئل ما أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال " تقوى الله وحسن الخلق " وقال لأبي ذر " اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن " وسئل عن أكرم الناس فقال " أتقاهم للرب وأوصلهم للرحم وآمرُهم بالمعروف ، وأنهاهم عن المنكر " وقال " أحسنُ الناسِ إسلامًا وإيمانًا أحسنُهم خلقًا " أيها الأخوة الكرام .. أيتها الأخوات العفيفات ..

            وإذا تأملنا في عبادات الإسلام الكبرى وأركانه العظمى ، عجبنا من تلك الأواصِر العظيمة التي تجمع الخلُق والدّين والعبادةِ والأدب ، فالصّلاة مثلا تنهى عن الفحشاءِ والمنكر ، والزّكاة صدقةٌ تطهِّر المسلمَ وتزكّيه وفي الصيام " من لم يدع قولَ الزور والعمل به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أن يدَع طعامه وشرابَه " والحجّ أشهر معلومات " فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ " وفي حق الجار " والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن مَن لا يأمَن جاره بوائقَه " " ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرِم ضيفَه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليصمت " " والحياء شعبة من الإيمان " وأخيرا ..

            إذا لم يكن لك من عبادتِك ما يزكّي قلبك ويطهِّر نفسَك ويهذّب سلوكك ويُحسِّن خلقك وينظّم صلتَك بالله وبالنّاس فلتحاسِب نفسَك حتى لا تكونَ من المفلسين ، ولتتعرف على أخلاقك بالنّظر في أحولك ، في غضبِك وإذا خلوت وإذا احتاجت وإذا استغنيت وإذا قَدُرَت وإذا عجزت ، حتى تأخذ من الأخلاق أحسنها ، وتلتمس أكرمها ، فتنال فضلها وخيرها ، وإلى أن ألتقي بك في حلقة قادمة وموعدٍ قريب ولقاء ماتع جديد ، استودع الله دينك وأمانتَك وخواتيم أعمالِك وسلام الله تعالى ورحمته وبركاته عليكم .

            تعليق

            • السعيد ابراهيم الفقي
              رئيس ملتقى فرعي
              • 24-03-2012
              • 8288

              #36
              التعاون
              التعاون
              ماهر محمدى يس

              التعاون فضيلة عظيمة وهي إحدى أهم مكارم الأخلاق التي يتحلى بها الإنسان، فهي صفة محمودة عند الله ، والتعاون حاجة فطرية تقوم عليها الحياة كلها ، ولأهمية التعاون الإنساني في هذا الكون ، أولى الإسلام عنايته القصوى به لينطلق منه إلى سائر أنواع التعاون المطلوب بين بني الإنسان ، فلا يستطيع مخلوق الإستمرار في الحياة منفردا ، بل إنه يحتاج إلي من يعاونه ويساعده ، وهو ضرورة مِن ضروريَّات الحياة ، حيث لا تقوم حياة الناس إلا بالتعاون فيما بينهم ، وكلما ازداد التعاون ازداد العطاء وقلّت المشاكل والتحديات التي تواجه المجتمع.

              قال سبحانه وتعالى :
              * ... وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (سورة المائدة :2).
              * وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (سورة العصر :1-3).
              * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (سورة الكهف :95).
              *وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (سورة طه :29-32).
              * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (سورة آل عمران :103).
              * كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ... (سورة آل عمران :110).
              * ... وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ... (سورة آل عمران: 159).
              * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (سورة آل عمران :105).
              * ... وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ... (سورة الأنفال :46).
              * مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (سورة النساء :85).
              * وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ... (سورة التوبة :71).
              * ... وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسْ الْمُتَنَافِسُونَ (سورة المطففين : 26).
              * كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (سورة الفجر :17- 18).
              * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (سورة الصف :10-11).
              * قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا ... (سورة القصص :35).
              * ... وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ ... (سورة الأنفال :75).
              * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (سورة الليل :5 – 10).
              * ... وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (سورة الروم :31-32).
              * ... وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (سورة المطففين :26).
              * وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (سورة المعارج :24-25).
              * خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ... (سورة التوبة :103).

              * عن أبى موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدُّ بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه ".
              * وعن ابن عمر رضي الله عنه، أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه، ولا يسلمه، ومَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كربةً، فرج الله عنه كربةً مِن كربات يوم القيامة، ومَن ستر مسلمًا، ستره الله يوم القيامة" .
              * وقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " : مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ".
              * وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ".
              * وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَن نفَّس عن مؤمن كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيا نفَّس الله عنه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يوم القيامة، ومَن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدُّنْيا والآخرة، ومَن ستر مسلمًا ستره الله في الدُّنْيا والآخرة. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".
              * وعن أبي موسى الأشعري رَضِيِ اللَّهُ عَنْهُ عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: " الْخَازِنُ الْمُسْلِمُ الْأَمِينُ الَّذِي يُنْفِذُ مَا أُمِرَ بِهِ فيُعْطِيه كَامِلًا مُوَفَّرًا طَيِّبًا بِهِ نَفْسُهُ ، فَيَدْفَعُهُ إِلَى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَصَدِّقَيْنِ".
              * عن أَبي بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ قَالَ :" اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاء".
              * قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" يعطي الله الشفعاء أفضل مما يعطي لشُفعائِهِم " .
              * ورُوِي عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "الدَّالُّ على الخير كفاعله" .
              * وعن أبي عبد الرحمن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله بخيرٍ فقد غزا".
              * وقال أبو الحسن العامري: " التَّعاون على البرِّ داعية لاتِّفاق الآراء، واتِّفاق الآراء مجلبة لإيجاد المراد ، مكسبة للوداد " .
              * عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ ؛ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ".
              * قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ".
              * عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ الله عز وجل خَلَقَ خلقاً لِحَوَائِجِ النَّاسِ ، يَفْزَعُ النَّاسُ إِلَيهِم في حَوَائِجهُم، أولئك الآمِنون من عَذاب الله تعالى".
              * يقول رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إن الله يرضى لكم ثلاثاً، ويسخط لكم ثلاثا ، يرضى لكم: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ، ويسخط لكم : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال ".
              * عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ " .

              والتعاون قيمة كبرى عظيمة، نحتاجها اليوم ، والإسلام حث على التعاون لكل ما فيه خير الدنيا والآخرة، ورَغَّب المؤمنين فيه، حرصًا على ترابطهم وتماسكهم ووحدتهم.
              فالواجب على الجميع التعاون كل في مجاله ، وأن يكون المسلمون يد واحدة ، لما فيه مصلحة الإنسان فرداً وجماعة، وما فيه خير البشرية جمعاء، خاصة من هم بحاجة إلى المساعدة ، حتى نرى أثر التعاون على كل فرد من أفراد المجتمع، ويشيع جو من الطمأنينة بينهم وتتسامى النفس الإنسانية عن الأنانية وحبّ الذات إلى الشعور بشعور المجتمع، ونتذكر دائماً أنّ الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه ، حتى نعمل على تقدم ورفعة مجتمعاتنا .

              ماهر محمدي يس / خبير تقني الأشعة والتصوير الطبي
              عضو شبكة تعريب العلوم الصحية
              منظمة الصحة العالمية – شرق المتوسط







              تعليق

              • السعيد ابراهيم الفقي
                رئيس ملتقى فرعي
                • 24-03-2012
                • 8288

                #37
                العدل
                العدل
                ماهر محمدى يس

                العدل هو محور كل شيء في حياتنا، وعليه ترتكز فلسفة التشريع، ، وبناء المجتمع الصالح ، وحفظ الحقوق، وتعميق المبادئ الأخلاقية.
                والعدل هو جوهر الإسلام وروحه، وهو المحور الأساس لتطبيق أصول الدين وفروعه، وبتطبيقه تنعم البشرية بالسلام والاطمئنان والأمن والرفاهية والرخاء.
                ولا يقتصر العدل على جانب دون آخر؛ بل هو مطلوب في كل مجالات الحياة حتى يعم العدل في كل شيء في حياتنا ، وتصبح مجتمعاتنا مثالية يعمها الخير والرخاء.

                قال سبحانه وتعالى :
                * لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ... (سورة الحديد: 25).
                * ... وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ... (سورة الشورى: 15).
                * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (سورة النساء: 135).
                * إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ ... (سورة النساء: 58).
                * ... وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (سورة المائدة: 42).
                * إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (سورة النحل: 90).
                * ... وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ ... (سورة الشورى: 15).
                * وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (سورة الأعراف: 159).
                * يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (سورة المائدة: 8).
                * وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (سورة الأعراف: 181).
                * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (سورة الشعراء: 181-184).
                * وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (سورة المطففين :1-5).
                * وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (سورة الحجرات: 9).
                * إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا ... (سورة يونس: 44).
                * ... سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (سورة الزخرف: 19).
                * ... وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ... (سورة الطلاق: 2).
                * وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ... (سورة الأنعام: ١١٥).
                * ... وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ... (سورة الأنعام 152).
                * الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ (سورة الأنعام: 1).
                * ... وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (سورة الأنعام: 150).
                * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (سورة النحل: 76).
                *... فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً ... (سورة النساء: 3) .
                *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ... (سورة المائدة: 1).
                * ... وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (سورة المائدة: 45).

                * عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأقربهم منه مجلسًا إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشدهم عذابًا إمام جائر".
                * عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "أهل الجنة ثلاثة: ذُو سُلطان مقسط مُوفق ؛ ورَجل رَحيم رقيق القلب لكل ذِي قربى ومسلم ؛ وعَفيف متفف ذو عيال".
                * ففي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِين الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وُلُّوا " .
                * عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ما من والٍ يلي رعية من المسلمين، فيموت وهو غاش لرعيته، إلا حرم الله عليه الجنة ".
                * وعن بريدة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " القضاة ثلاثة واحد فِي الجنة واثنان فِي النار فأما الذي فِي الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار فِي الحكم فهو فِي النار ، ورجل قضى للناس على جهل فهو فِي النار".
                * عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه".
                * عن أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ ".
                * عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ أَمِيرٍ جَائِرٍ ".
                * عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَدُ اللَّهِ مَعَ الْقَاضِي حِينَ يَقْضِي وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْقَاسِمِ حِينَ يَقْسِمُ ".
                * عن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمُ اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ اعْدِلُوا بَيْنَ أَبْنَائِكُمْ قالها ثلاث ".
                * وقال صلى الله عليه وسلم: " أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا، أَوْ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
                * قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأت منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه".
                * لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا ترد دعوتهم، الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم".
                * وعن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لما رأى الأذى يشتد بأصحابه، أمرهم بالهجرة إلى الحبشة وقال: " فإن بها ملكًا لا يظلم عنده أحد".
                * وقال رسول الله صلى عليه وسلم: "من وليَّ أمر عشرة من المسلمين ولم يعدل بينهم يأتي يوم القيامة مكبلا ويداه مقيدتان إلى عنقه إما أن يفكهما عدله وإما أن يبقى مقيدا ".
                * وقال عليه الصلاة والسلام : " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ".
                * يقول ابن حزم رحمه الله: "أفضل نعم الله تعالى على المرء أن يطبعه على العدل وحبه، وعلى الحق وإيثاره".

                والعدل في الحياة الدنيا حق لكل إنسان ، لأن البشر جميعا ينتهي نسبهم إلى أب واحد ، وأم واحدة ، هما آدم وحواء عليهما السلام ، فالعدل كان ولا يزال أساس الحكم في الإسلام، وأداء الأمانات إلى أهلها بمختلف أشكالها وصورها ، وهو من أسس الحياة في المجتمع الإسلامي ، ومن أهم ضوابطها .
                والعدل يعني العدالة، والعدالة تشمل الحكم والقضاء، وتشريع القوانين، والمساواة في مجال الحقوق، وعدم الاعتداء على حقوق الآخرين، ووضع كل شيء في موضعه المناسب له.
                أسأل الله أن يوفقنا لنعدل في حكمنا، وأهلينا، وما ولينا ، وأن يوفق ولاة أمورنا إلى الصواب وطريق الخير والرشاد.

                ماهر محمدي يس / خبير تقني الأشعة والتصوير الطبي
                عضو شبكة تعريب العلوم الصحية

                تعليق

                • السعيد ابراهيم الفقي
                  رئيس ملتقى فرعي
                  • 24-03-2012
                  • 8288

                  #38
                  التفكر في خلق الله
                  التفكر في خلق الله
                  ماهر محمدى يس

                  التفكر عبادة عظيمة من العبادات النافعة والمباركة ، وهي عبادة لا يستعمل فيها اللسان وباقي الجوارح فهي عبادة صامتة.
                  عبادة التفكر تتعلق بالقلب عن طريق التأمل والتدبر وملاحظة وجه الكمال والجمال ومشاهدة الدقة وحسن التنظيم وروائع الصنع وإتقانه ، والتماس الحكمة والعبرة من وراء ذلك ، ذلك التأمل الذي يهدينا إلى وجود الخالق والمنظِّم الّذي يحيط علمه بكلّ الدقائق واللطائف والجلائل ، وللتفكُّر فضائل كثيرة ، فهو مفتاح أبواب المعارف والعلوم، وهو مقدّمة لازمة وحتمية للسلوك الإنساني.

                  قال سبحانه وتعالى :
                  * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ* الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (سورة آل عمران: 190-191).
                  * ... وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ * وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (سورة الرعد :2-3).
                  * لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (سورة الحشر :21).
                  * أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ (سورة الروم :8).
                  * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ * وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مَاء فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ سورة الروم :20-24).
                  * ... وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (سورة الأعراف :54)
                  * أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ ... (سورة الأعراف :185).
                  * تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا )سورة الفرقان :61- 62).
                  * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة فصلت :39).
                  * هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ * يُنبِتُ لَكُم بِه الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
                  * وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (سورة النحل :10-12).
                  * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (سورة الحـج :63).
                  * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (سورة السجدة :7-9).
                  * وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ (سورة الشورى :29).
                  * أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ * وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الخُرُوجُ (سورة ق :6-11).
                  * وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ (سورة الذاريات :21).
                  * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (سورة فاطر :27-28).
                  * إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (سورة يونس :6).
                  * يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ... (سورة الحجرات :13).
                  * خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (سورة لقمان :10-11).
                  * اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (سورة الزمر :42).
                  * فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ * خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ* يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ * إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (سورة الطارق :5-8).
                  * وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (سورة النور:45).
                  * وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (سورة المؤمنون :12-14).

                  * عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قوماً تفكروا في الله عز وجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تفكروا في خلق الله , ولا تفكروا في الله عز وجل ، فإنكم لن تَقْدُرُوا قَدْرَه ُ" .
                  * عن أبي يعلي ، شداد بن أوس رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ " الكَيِّس : من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجِزُ : من اتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله . (الكَيِّس : العاقل).
                  * قال أبو سليمان الداراني رحمه الله: " إني لأخرج من منزلي فما يقع بصري على شيء إلا رأيت لله علي فيه نعمة ولي فيه عبرة".
                  * عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:ركعتان مقتصدتان في تفكر خير من قيام ليلة بلا قلب".
                  * وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : " الكلام بذكر الله عز وجل حسن ، والفكرة في نعم الله عز وجل من أفضل العبادة" .
                  * وعن عبد الله بن عتبة قال: سألت أم الدرداء رضي الله عنها: " عن أفضل عبادة أبي الدرداء رضي الله عنه ؟ قالت: التفكر والاعتبار".
                  * وعن عامر بن عبد قيس رحمه الله قال: "سمعت غير واحد من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقولون: إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان التفكر".
                  * وقال وهب بن منبه رحمه الله : " ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم ، ولا فهم امرؤ قط إلا علم ، ولا علم امرؤ قط إلا عمل ".
                  * وقال بشر: " لو تفكر الناس في عظمة الله ما عصوا الله عز وجل ".
                  * عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: نبه بَالتَفَكُّرِ قَلْبَكَ وَجافِ عَنِ اللَّيْلِ جَنْبَكَ وَاتَّقِ اللهَ رَبَّكَ".
                  * وقد جاء عن الإمام الصادق عليه السلام " : أفْضَلُ الْعِبَادَةِ إدمانُ التَّفَكّرِ فِي الله وَفِي قُدْرَتِهِ".
                  * ولما سُئل الإمام علي رضي الله عنه: كيف عرفت ربك ؟ قال : " عرفت ربي بربي، أي من خلال آيات ربي، وعرفت مراد ربي بمحمد صلى الله عليه وسلم . "
                  * كما أن التفكر في آلاء الله ونعمه يولد المحبة، لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : "أَحِبُّوا اللَّهَ لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ اللَّهِ وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي بِحُبِّي".
                  * قال السعدي رحمه الله : " واعلم أن حياتك تبع لأفكارك ، فإن كانت أفكارا فيما يعود عليك نفعه في دين أو دنيا ، فحياتك طيبة سعيدة وإلا فالأمر بالعكس ".

                  والتفكر عبادة الأنبياء، ودرب الأتقياء، نورٌ لمن تفكّر، والتفكر يولد التأمل في خلق الله ويضعك وجهاً لوجه أمام عظمة الله، من تبحّر فيها وجد الآيات الباهرات، وجميل المعجزات، والتأمل في قدرة الله تعالى والدقة المتناهية في عجائب صنعه ، التي يعجز العقل عندها ويستسلم لمولاه وينصاع، ويؤمن بتفرّده بالألوهية والربوبية.

                  ماهر محمدي يس / خبير تقني الأشعة والتصوير الطبي
                  عضو شبكة تعريب العلوم الصحية
                  منظمة الصحة العالمية – شرق المتوسط







                  تعليق

                  يعمل...
                  X