( أبو السباع ) إهداء للمبدعة الغالية: عائدة محمد نادر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نورالدين لعوطار
    أديب وكاتب
    • 06-04-2016
    • 712

    #16
    أهلا بالكاتبة إيمان الدّرع
    لي شرف الحضور هنا و شرف التعليق أيضا

    المشهد الأول، تدخّل أبي السباع لإبعاد بنته عن صديقها و في فورة غضبه واجه الزوجة بالمثل مستنكرا ملابسها
    المشهد الثاني، أبو السباع في رحلة البحث عن أسرته
    المشهد الأخير، اللقاء من جديد و الإبعاد القسري
    نجح النصّ في استثمار وحداته البنائية بشكل مريح جدّا، فالمشهد الأول قامت فيه الكاتبة ببناء شبه كامل لشخصياتها الأساسية الزوج والزوجة من خلال حفلة ميلاد البنت، أسرة دمشقية نازحة إلى ألمانيا جراء الحرب، وطرحت عقدة التحول الذي يحدثه النزوح في البنيات الاجتماعية.واختارت بالضبط مدى صلابة العرف حين يصطدم بواقع أكثر انفتاحا يؤمن إمكانية خرقه ونعته بالمتجاوز. من حيث موازين هذا المشهد، في مستهلّه كانت هناك فاعلية أبي السباع مطّردة، جرّ ابنته وأوقف مظاهر الاحتفال، كاندفاع بدني يعبر عن المنع و النهي كأسلوب شرقي في معالجة أي تغيير يطال العرف، وهذا ما يمكن تسميته بالمقاومة أو تدخل الجهاز المناعي للبنية الاجتماعية و كمؤازة لفعالية البطل جاء صوت الضمير الشرقي"الأنا الأعلى" ليبرر هذا السلوك من خلال أم نبيل ولتظهر صحّة السلوك وتحذّر من مدى خطورة فتح المجال للعنصر الدخيل فهو سيفترس البنية وتضيع إلى الأبد، وهذا يعني أن لغة الاستنكار كانت خافتة وفاز طرف الموالين. هذا أعطى دفعة إضافية لأبي السباع لممارسة فعاليته وهاجم زوجته بالأمر ليتواصل الأسلوب الشرقي، لكن الكاتبة كما واجهت النهي ببعض استنكار من مجهولين غير مؤثرين وازنت الأمر برفض مباشر من طرف الزوجة للتقليل من صعود فعالية البطل لموازنة المشهد، وهنا لم يستطع ابو السباع توظيف يده و معالجة الموقف بالعنف المادي كما فعل في البداية وذلك لاستشعاره خطورة التمرد، مما جعل المدعووين ينسحبون في إشارة إلى زوال مظاهر الاحتفال و بقاء الوضع على توازن هش بين الزوجين وغاب أبو السباع عن المشهد في حين ظهرت فعالية البطلة من خلال البحث عن حل يضمن عدم تكرار ما وقع، وهنا أنهت الكاتبة المشهد بفعالية الزوجة في تقابل مع فعالية الزوج في بداية المشهد حين ذكرت البدائل التي يتيحها الظرف الجديد لكسر العرف الشرقي، وآزرت هذا الخيار بصوت" أم عماد" صديقة الزوجة في تقابل مع صوت الضمير الشرقي.

    تناول المشهد صراع الثابث والمتغير في البنية الاجتماعية بشكل جدّي ، فالثابث عبر عنه أبو السباع بعدم ربط الشخصية بالظرف الزماني والمكاني والثقافي، أي وجود استمرارية وجودية ومعرفية و أخلاقية متمثلة في مركزية الرّجل و باقي أفراد الأسرة كأتباع خاضعين بل أكثر من ذلك فالأبناء مجرد نسخ من الأصل كإبراز لثقافة إعادة الإنتاج وكون الأبناء وحدات خاضعة للبنية الاجتماعية كما عند دوركايم. في حين تناول التغيير شخصية أبي السباع عند استعماله العنف البدني ضدّ البنت و عدم قدرته على مواصلته مع زوجته كارتكاس فرضه الظرف الجديد المساعد على التّمرّد، كما تناول هذا الجزء البنية العامة للاجئين من تقوقع على الذّات وصعوبة الاندماج في بلدان الاستقبال، حيث لم يحضر حفلة الميلاد غير العنصر السوري أو على الأقل الإسم العربي. والبنية العامة للأقلية تتسم بالاتحاد ضدّ الأجنبي وإن كانت تعيش تمزقات داخلية كخاصية وجود حركية داخل البنية الجامدة أو التي تبدو متماسكة.

    يتبع

    تعليق

    • إيمان الدرع
      نائب ملتقى القصة
      • 09-02-2010
      • 3576

      #17
      المشاركة الأصلية بواسطة فوزي سليم بيترو مشاهدة المشاركة




      قاسية أنت يا (غربة) لقد خبّأتِهم في زواياك الباردة، فلبسهم الصقيع
      لم يعرفوا أن الزمان قد تغيّر والمكان . ها هم يهربون من جحيم إلى جحيم !
      وسي السيّد إبو السباع لم يزل يعيش في أوهامه وماضيه وأيامه .
      أبو السباع وطن ، ناس وذكريات ، حب وغضب . كان يسير في الطرقات
      فتهتز الأرض من تحته . اليوم قد يصل إلى الصفر إذا " كبَّر عقله " !


      قصة جميلة من الواقع
      تحياتي أخت ايمان الدرع
      فوزي بيترو
      صباح الخير للصحبة الجميلة الطيبة
      صباح الخير للأخ الراقي صاحب النصوص الهادفة الجميلة / فوزي بيترو/
      دائماً أراك وأعتبرك من الأعمدة الأساس في ملتقانا الرائع
      أنت على العهد..وفي كلّ الحالات أجدك هنا..فأستبشر بأن ثمة وجوه نحبها لا تزال تشدّنا
      فلا نشعر بالاغتراب..وتشدنا العودة رغم كلّ الظروف، والمعاناة..
      نعم أستاذ فوزي..هي غربة تكشف تراكمات الزمن وأفاعيله في مجتمعٍ لا يرى مرآته إلا حين يغترب..
      أشكر حضورك الذي أثمّنه...وذوقك الذي عهدته..مودتي..واحترامي.

      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

      تعليق

      • إيمان الدرع
        نائب ملتقى القصة
        • 09-02-2010
        • 3576

        #18
        المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
        الأديبة إيمان الدرع، تعليقي السريع أمام حضرتك ونصوصك حقيقة مهما كان سيبقى متواضعا...
        آلمني حاله، ما أصابه كاف ليصيبه بالجنون ولو لبعض الوقت، سيحتاج الوقت لمراجعة ذاته وحساباته ليعود كما كان
        وأن يعرف ما هو الخطأ الذي ارتكبه وما هو الصواب وما عليه فعله
        أما هي أرجو أن لا تجد نفسها وحيدة في خريف عمر مبكر
        أما الأولاد فنقطة معتمة بصمت في حياتهم أرجو ألا تكبر أكبر فأكبر
        معالجة عميقة وسريعة لجراح تستشري لأسباب منها مقص الاغتراب
        مع التقدير
        الأستاذة المبدعة أميمة محمد
        حروفك تزيد نصوصي رونقاً
        ومداخلاتك الراقية..تزيدها بهاء
        فأهلا وسهلا بك ..وكلّي امتنان لمرورك المشرق في الحنايا
        صدقتِ أختي أميمة..هو امتحان صعب عليهما معاً
        تجربة مرة تكشف ظهرهما للعراء..
        إن لم يكونا على قدر الاستيعاب والتفهّم..والمرونة المدروسة والتكيف العقلاني..
        كلاهما خاسر..
        يحتاجان لإعادة برمجة سلوكيّات عمرٍ مضى، وعمر آتٍ.
        ليقفا في منطقة تتيح لهما الوعي المطلوب للحفاظ على الأسرة من مهب الضياع..
        يسعد صباحك..محبتي الكبيرة.

        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

        تعليق

        • إيمان الدرع
          نائب ملتقى القصة
          • 09-02-2010
          • 3576

          #19
          المشاركة الأصلية بواسطة رويده العاني مشاهدة المشاركة
          سلامي لدمشق العزيزه على قلوبنا ولك سيدتي
          فرحت حين رأيت الاهداء لماما وكأنه هدية
          وحزنت كثيرا لأن الغربه في بلاد الغرب تسرق منا كل الغالين على قلوبنا
          من يستطيع ارجاع الزمن
          لاأحد
          رويده العاني
          رويدة العاني..القلم الذي يشي بكاتبة لها شأنها
          وموضع قدمها الراسخ في عالم الأدب
          كم أفرحتني كلماتك.؟!..
          وكم هي صادقة ومعبّرة !!
          صدرت عن قلب مخلص أحبّ الشام
          وشارك أهلها الماء والزاد والمطر..فما نسيها
          وتألّم لحالها..وهاله ما أصابها..
          حتى لتلك الغربة التي سحبت أهلها نحو الشتات كان لها نصيبها من ذاته..
          شكرا لك أيتها المخلصة الوفية..ابنة الحبيبة عائدة..وسرّها..
          كم أسعدتِني بحضورك الجميل غاليتي.

          تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

          تعليق

          • نورالدين لعوطار
            أديب وكاتب
            • 06-04-2016
            • 712

            #20
            حين عاد يحمل من المتجر ما يحتاجه المنزل من طعامٍ، لم يجد أحداً، تفحّص الغرف و الردهات ينادي ابنيه، يناديها، لم يجد لندائه صدى، اتصل بصديق العائلة القديم ابن حيّه، ورفيق مدرسته (زياد) يسأله إن قصدوا دارهم في زيارة عائلية على عادتهم! نفى الأمر يتساءل عن سبب اضطرابه! فبثّه حزنه، وروى له ماحصل. شاطره قلقه يبدي تعاطفه، ومؤازرة محنته، تنهّد يزفر قائلا:
            ــ أخشى ياصديقي أن تكون قد نفّذت تهديدها، لتفصلك عن حياتها كما لمّحتْ مراراً.
            تكشّفتْ له تأكيدات تلك النوايا في الساعات التالية، وهو يوقّع تعهداً بعدم التعرض إليها، والاقتراب منها، أو مضايقة الأبناء تحت التدرّج في العقوبة الأشد لو حصل!
            عندما حلّ المساء طالعته أضواء( دوسلدورف) الصاخبة كأنها مهرجانات من جنونٍ وجمال، كأنها لم تلامسْ جرحه فأشاحت بوجهها عنه ليدرك وحدته بين الجموع، وكينونته التي تضاءلت إلى الحدود الدنيا حين سبحت دموعه على ضفاف نهر (الراين) يناديها: ـ سمر ..سمر..أين أنت ياحبيبة الأمس ؟ يا من أضعتك هنا بيدي هاتين هرباً من جحيمٍ إلى جحيم أكبرَ من نوع آخر أشد فتكاً، لقد بعت الدار تحقيقاً للرغبة في السفر علّني أحميكم، أشتاق فنجان قهوة من يدك عند المساء، أشتاق أن أفك قميص نومك الأحمر الذي تخصصينه لي، ترقصين من أجلي بقدّك المياس، تسحرينني وأنت تتمايلين على إيقاع الرقص الشرقي بمهارة ورشاقة ، تتغنّجين على يدي، تنامين بوداعة على صدري،لم تعرفي غيره سكناً فكيف أبدلته؟
            أشتاق نجوى ذات الضفائرالشقراء، ابنتي الحييّة الحنون تنتظر عودتي لتخطف قطعة حلوى من يدي، تقبلني ثم تلتهمها بمرحٍ وخفّة، تتابع المسلسلات التلفزيونية.
            حضني متلهف لضمّ سامر وهو يبسم لي أثناء تناول وجبة الحليب من رضّاعته، يمسك إصبعي يحكّ بها أسنانه التي بالكاد تشق لثته.
            قاسية أنت يا (دسلدورف) لقد خبّأتِهم في زواياك الباردة، فلبسهم الصقيع ، واستعاروا صلفك...أين انتم؟! أينكم؟
            لم يستدلّ إلى مكانهم، حلّ به اليأس، صار يكلّم ذاته في شوارعها هائماً على وجهه، أصابه الشحوب والنحول، وأدمن السجائر والخمور، وتشوّش شعره، جفّ ريقه، وزاغ بصره، وكاد الهذيان يطيح به، وهو يبحث عنهم بين البيوت، وفي كلّ الحدائق، والملاعب، وتقاسيم الوجوه.

            المشهد الثاني
            أبو السباع والصدمة
            عاد أبو السباع محمّلا بزاد الأسرة كقائم بأمرها، وهي واحدة من بين ركائز الكفاية التقليدية، متجاهلا من ينادي أن ليس بالخبز وحده تقتات الأنفس، نادى على ولديه ونادى عليها، "عليها" هذه تحمل الكثير، لم يناد على زوجته، ولا على امراة يعرف اسمها بل عليها، توظيف الضمير هنا مقصود للغاية، قلّما نجد في الأسر التقليدية رجلا ينطق اسم زوجته وهو يناديها، يا أنت..... وإن تحدث عنها استعمل الضمير هي لا تريد، هي مريضة وهذا يحمل ما يحمل من عدم الاعتراف بأصالتها الشيء الكثير.
            "لم يجد لندائه صدى"، رغم أنه تعبير مألوف لكن توظيفه هنا له من الدلالات ما يجعله بليغا جدّا، الصدى هو رجوع الصوت المنطوق إلى الأذن، وهنا غياب الصّدى هو غياب فعالية الصوت، فأنت تنادي ولا مجيب لندائك، أي ما سمعت أذناك ما تنتظرانه من استجابة لكأن صوته ذهب أدراج السراب ولم يعد "لم يعد بفائدة" "أسمعت لو ناديت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادي" الرجل يحبّ أن يكون صوته مسموعا أي كلمته هي العليا، ينتشي بتحقيق ذاته على حساب الآخرين، صدمته بدأت هنا، لكن قراءته للموقف كانت قاصرة، خطر بباله أن الأمر لن يكون إلا خروجا عاديّا ضمن الممكنات المقبولة، فهو من يملك مفاتيح الدخول والخروج معا فهو أبو السّباع، هنا من خلال استعراضه للاحتمالات، تغاضى عن امكانية التّمرد، وهنا إشارة من الكاتبة لقصور عقلية الشخصية الأنانية والديكتاتورية، فهي لا تستشعر الذنب وفي توقعاتها تستخف بالخصم، ممّا يجعل مصيرها غير آمن في نهاية المطاف.
            لكن رغم أن الصّدمة كانت خفيفة، لكنها أظهرت هشاشة هذه الأنا المتجبرة، فهي أحسّت بالوحشة وبدأت فورا في تقصّي "الأسباب"، فمن جهة هناك خوف من التمرّد يسكنها و تحاول التحايل عليه بخلق احتمالات واهية، ومن جهة أخرى استشعر وحشته منذ اللحظة الأولى و اتصل بصديقه وهو تعبير عن رغبة النفس في إيجاد مؤنس واسترجاع اجتماعيتها.
            لسوء حظّه لم يجد أسرته هناك، بل زاد صديقه من تهويل مخاوفه التي تأكدت بتوقيعه على تعهد يمنعه من مضايقة أسرته.
            هنا دخل النص في تعرية ضعف هذه الشخصية، التي استشعرت الوحشة و اتهمت المكان و جعلته من غير طباع أفراد أسرته وفي مقدّمتهم سمر زوجته، وهذه المرّة نطق اسماءهم كتعبير عن حالة ضعف وازنة وكذا نوع من الاعتراف بحقيقة وجودهم، ، وكذلك ذرفت عيناه الدموع وعاقر الخمر و استرجع ذكرياته مع سمر ونجوى وسامر الرضيع .
            وكينونته التي تضاءلت إلى الحدود الدنيا
            هذه الجملة هي خير تعبير عن حالة أبي السباع أي إحساسه أنه لا يساوي شيئا بإضاعة من يعطي لشخصه وجوده. وهذا يعني أن وجوده الحقيقي مبني على الذين يمتثلون لنزوته وسلطته، أي أنه من دون هذه السلطة لا يساوي شيئا.
            إن كانت هذا المشهد قدّم صورة واضحة عن دواخل أبي السباع الكئيبة، فالكاتبة وازنت هذا العمق الكئيب ببعد جمالي بهي.
            ـ وصفها لجمالية دوسلدورف : طالعته أضواء( دوسلدورف) الصاخبة كأنها مهرجانات من جنونٍ وجمال
            ـ الشوق والذكريات :
            أشتاق فنجان قهوة من يدك عند المساء، أشتاق أن أفك قميص نومك الأحمر
            تتمايلين على إيقاع الرقص الشرقي
            شوقه لضفائر ابنته ......
            يمسك إصبعي يحكّ بها أسنانه التي بالكاد تشق لثته
            يتبع

            تعليق

            • نورالدين لعوطار
              أديب وكاتب
              • 06-04-2016
              • 712

              #21
              المشهد الثّالث و الأخير
              لمحهم فجأة
              فجائية الموقف تجعلنا نتصرف بانفعال لاستنهاض مكونات شخصياتنا الحقيقية، هذا التوتر يجعلنا نقوم برد فعل سرعان ما يتحول إلى فعل حقيقي تقوده ذاتنا العميقة، رغبة السيطرة على الموقف ممزوجة برغبة الثأر و رغبة في تعويض ما قاسته النفس وهي تبحث عن كوة، كلّ هذه العوامل تجعل إيجابية الفعل موضع سؤال، "لمحهم"، حتى رؤيته لم تتشبع بملامحهم، فسرعة السيّارة ما تركته يملأ بصره منهم، كما خطف منه الموقف التعرف على قائد السيارة والأسرة الواضع لنظّارتين سوداوين، كتعبير عن حب التنكر و كذا اصطباغ شخصيته بالحداثة و في الوقت ذاته تلميح إلى سوداوية الموقف.
              سار في إثرهم يدقّ باب الشقّة بعنف، وهنا العودة إلى فاعلية البطل بعد أن كان في المشهد الثاني مفعولا به، يعتصره الألم والفقد.
              نقلت الكاتبة التقاء أبي السباع بزياد نقلا حيّا فيه شدّ وفيه إثارة للعواطف وفيه تعبيرات جسدية.
              ضرب الجبين باليد.
              خبط الباب بالقبضة إفراغا لشحنات الغضب.
              ثم البصق على وجه الزوجة.
              وظفت الكاتبة ألفاظا مثيرة مستفزة:
              خيانة، قتل "مرتين"، سكين، نار، اشتعال
              عاهرة، بيع "مرتين"، بصق..
              كما أضافت الكاتبة من عندها الفضيحة والخسّة، وهنا يمكن لأي ناقد ان يستهجن هذا التدخل في النصّ و استمالة القارئ لإطلاق حكم قيمة ما على الأشخاص وتوجيه صريح للنصّ و قد عمل السرد على إدانة زياد كما سمر، بتواريه خلف الباب، وكذبه على أبي السباع.
              لكن ما جعل الكاتبة تتدخّل هذا التدخّل هو حرارة الموقف، والتعاطف والاصطفاف إلى جانب المظلوم الذي قد يكون لا إراديا أحيانا ، لكن إن شئنا الدّقة فالكاتبة تريد أن تقول ألهذا كلّه قامت الزوجة بثورتها؟ وهذا سؤال مشروع جدّا، فعندما أرى ثورة تخون مبادئ الثورة، عندما تنهار الأخلاق و يصبح كلّ شيء مستباحا ومباحا هنا لابد ستستهجن التغيير فهذا من جهة مبرّر كاف لإدانة زياد كما سمر، لكن في المقابل، أليس الانغلاق و ثقافة الحجر و كذا الإحساس بالغبن الشديد وقلة الحيلة والاغتراب الدّاخلي والكبت، أليست كافية للإقدام على سلوكات مجنونة وغير مسؤولة، أليس الدمار الذي لحق الأنفس وهي تشرّد خارج أوطانها كافيا لسحق كلّ ما هو نبيل في أعماقهم، أليس الغدر نوعا من تعبير عن الإحساس بعدم الأمان، أسئلة يثيرها النصّ بالجملة و عالجتها الكاتبة بكثير من الحرفية و نجح النصّ في العزف على وتر الخيبة و غياب المنتصر.
              نعم لا أريد لأبي السباع أن يكون قطّا، وخروفا يبعبع في إشارة إلى ما تم حذفه من النصّ، لكن سوء التقدير وضعف النظر وسوء قراءة المواقف تجعل تخبطنا لا يزيدنا إلا هبوطا و سقوطا.
              أكتفي بهذا القدر
              رغم أن رمزية النصّ مغرية سؤاء في الجانب القيمي، أو موضوع النزوح، أو البنى الاجتماعية.
              تقديري

              تعليق

              • زحل بن شمسين
                محظور
                • 07-05-2009
                • 2139

                #22
                انهدم الوطن ومن ثم بالغربة تهدمت العائلة..؟!!
                المصيبة كلنا يشكي انه مظلوم والظلم عام على الرجل والمرأة بالوطن،،
                المرأة مظلومة ظلم مركب من الرجل والمجتمع ...
                اما الرجل ظلمه من المجتمع اي من النظام السياسي والاقتصادي السائد...
                وهو المظلوم يمارس الظلم على رفيقة حياته ... اي ظلمها مركب ؟!
                الان نحن بالغربة انتقلنا من تحت الدلفة الى تحت المزراب ؟؟!!
                اي بعد تدمير الوطن يأتي تدمير العائلة وتشردها .... الغرب يريد عبيد لا رابط بينهم ،،
                الان اي رابط يجمع المسحوقين ،،سيكون اللغم الذي يفجر النظام الراسمالي المتوحش ؟!
                ما دور الاديب والشاعر وحتى المرأة بالغربة ...
                هو الحفاظ على العائلة ولو بالحد الادنى اي ولو بالاولاد والمرأة معاً ... واذا مع وجود الرجل يكون النصر الكبير من اجل تماسك العائلة؟!
                ونقدر ان نخوض المعركة ضد نظامهم السياسي الذي دمر اوطاننا بواسطة القوى السياسة والناس المسحوقة زينا بتلك البلاد،،
                المعركة طويلة ...... روما والفرس نظامي العبودية بقيا الف سنة ومن بعد انهارا بواسطة صعاليك الصحراء ،، الذي وصفه بعض المغفلين بالوباء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
                بورك جهدكِ هذا ما عندي ...الاديب شمعة ينير الدرب امام الشعب ..
                البابلي يقرؤكم السلام

                تعليق

                • عكاشة ابو حفصة
                  أديب وكاتب
                  • 19-11-2010
                  • 2174

                  #23
                  أعجبت بقصة " أبو السباع " تستاهل النجوم و أكثر، وكنت صائبة سيدتي إيمان الدرع في الإهداء فأختنا عائدة تستهل كل خير .
                  أعود باختصار شديد الى القصة وبالضبط الى المشهد الأخير عند باب " زياد " عندما لحق " أبو السباع " السيارة التي كانت تقل زوجته " سمر" وأطفاله بعد جهد جهيد في البحث المضني عنهم . إلتفاته جميلة عندما غابت الزوجة عن قصد بعد سبق إصرار ، لأنها كرهت هذه الحياة الأسرية المبنية على القيود والتحكم وتتبع كل كبيرة وصغيرة من طرف رب الاسرة كالإسم الذي يحمله بطل القصة وكأننا في غابة . وتذكره لتلك الأيام الجميلة بعد الفقدان طبعا ... كنت أتمنى لو لم تكون نهاية كالتي رسمتها الكاتبة المبدعة إيمان الدرع . عندما لحق " أبو السباع " وطرق الباب بعنف . كان على زياد أن يخرج عنده ويفهمه أنه جاء للتو من عند مكتب المساعدة الإجتماعية المكلفة بالنظر في العنف اللفظي والجسدي الذي تسبب فيه " أبو السباع " لزوجته وابنته . وأنه لحق بأسرته الصغيرة بمكتب المساعدة الإجتماعية بناء على طلب زوجته " سمر" لأنه صديق العائلة وابن البلد يتقن اللغة الألمانية واللهجة السورية ، ويخبره أنه في الغد سيتوصل بإستدعاء على وجه السرعة للمثول أمام هيئة اجتماعية تدافع عن العنف الأسري ليحرر في حقه محضر أقله أن يطرد من البلد المضيف ولا شئ يعلوا فوق القانون ، ولا مجال للتخلف عن الحضور... وهكذا نتجنب الحديث عن الخيانة التي هي ليست في صالح الأسرة الشامية بما أن الأمر يتعلق بأسرة بها أطفالا صغارا غادرت الوطن نتيجة الحرب الأهلية والتمزق الأسري ....
                  هكذا طليت أستاذتي إيمان الدرع على هذه القصة وأتمنى أن أكون عند حسن الظن .
                  شكرا والى اللقاء .
                  التعديل الأخير تم بواسطة عكاشة ابو حفصة; الساعة 08-10-2017, 03:31.
                  [frame="1 98"]
                  *** حفصة الغالية أنت دائما في أعماق أعماق القلب, رغم الحرمان...فلا مكان للزيارة ما دمت متربعة على عرش القلب.
                  ***
                  [/frame]

                  تعليق

                  • إيمان الدرع
                    نائب ملتقى القصة
                    • 09-02-2010
                    • 3576

                    #24
                    المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
                    أهلا بالكاتبة إيمان الدّرع
                    لي شرف الحضور هنا و شرف التعليق أيضا

                    المشهد الأول، تدخّل أبي السباع لإبعاد بنته عن صديقها و في فورة غضبه واجه الزوجة بالمثل مستنكرا ملابسها
                    المشهد الثاني، أبو السباع في رحلة البحث عن أسرته
                    المشهد الأخير، اللقاء من جديد و الإبعاد القسري
                    نجح النصّ في استثمار وحداته البنائية بشكل مريح جدّا، فالمشهد الأول قامت فيه الكاتبة ببناء شبه كامل لشخصياتها الأساسية الزوج والزوجة من خلال حفلة ميلاد البنت، أسرة دمشقية نازحة إلى ألمانيا جراء الحرب، وطرحت عقدة التحول الذي يحدثه النزوح في البنيات الاجتماعية.واختارت بالضبط مدى صلابة العرف حين يصطدم بواقع أكثر انفتاحا يؤمن إمكانية خرقه ونعته بالمتجاوز. من حيث موازين هذا المشهد، في مستهلّه كانت هناك فاعلية أبي السباع مطّردة، جرّ ابنته وأوقف مظاهر الاحتفال، كاندفاع بدني يعبر عن المنع و النهي كأسلوب شرقي في معالجة أي تغيير يطال العرف، وهذا ما يمكن تسميته بالمقاومة أو تدخل الجهاز المناعي للبنية الاجتماعية و كمؤازة لفعالية البطل جاء صوت الضمير الشرقي"الأنا الأعلى" ليبرر هذا السلوك من خلال أم نبيل ولتظهر صحّة السلوك وتحذّر من مدى خطورة فتح المجال للعنصر الدخيل فهو سيفترس البنية وتضيع إلى الأبد، وهذا يعني أن لغة الاستنكار كانت خافتة وفاز طرف الموالين. هذا أعطى دفعة إضافية لأبي السباع لممارسة فعاليته وهاجم زوجته بالأمر ليتواصل الأسلوب الشرقي، لكن الكاتبة كما واجهت النهي ببعض استنكار من مجهولين غير مؤثرين وازنت الأمر برفض مباشر من طرف الزوجة للتقليل من صعود فعالية البطل لموازنة المشهد، وهنا لم يستطع ابو السباع توظيف يده و معالجة الموقف بالعنف المادي كما فعل في البداية وذلك لاستشعاره خطورة التمرد، مما جعل المدعووين ينسحبون في إشارة إلى زوال مظاهر الاحتفال و بقاء الوضع على توازن هش بين الزوجين وغاب أبو السباع عن المشهد في حين ظهرت فعالية البطلة من خلال البحث عن حل يضمن عدم تكرار ما وقع، وهنا أنهت الكاتبة المشهد بفعالية الزوجة في تقابل مع فعالية الزوج في بداية المشهد حين ذكرت البدائل التي يتيحها الظرف الجديد لكسر العرف الشرقي، وآزرت هذا الخيار بصوت" أم عماد" صديقة الزوجة في تقابل مع صوت الضمير الشرقي.

                    تناول المشهد صراع الثابث والمتغير في البنية الاجتماعية بشكل جدّي ، فالثابث عبر عنه أبو السباع بعدم ربط الشخصية بالظرف الزماني والمكاني والثقافي، أي وجود استمرارية وجودية ومعرفية و أخلاقية متمثلة في مركزية الرّجل و باقي أفراد الأسرة كأتباع خاضعين بل أكثر من ذلك فالأبناء مجرد نسخ من الأصل كإبراز لثقافة إعادة الإنتاج وكون الأبناء وحدات خاضعة للبنية الاجتماعية كما عند دوركايم. في حين تناول التغيير شخصية أبي السباع عند استعماله العنف البدني ضدّ البنت و عدم قدرته على مواصلته مع زوجته كارتكاس فرضه الظرف الجديد المساعد على التّمرّد، كما تناول هذا الجزء البنية العامة للاجئين من تقوقع على الذّات وصعوبة الاندماج في بلدان الاستقبال، حيث لم يحضر حفلة الميلاد غير العنصر السوري أو على الأقل الإسم العربي. والبنية العامة للأقلية تتسم بالاتحاد ضدّ الأجنبي وإن كانت تعيش تمزقات داخلية كخاصية وجود حركية داخل البنية الجامدة أو التي تبدو متماسكة.

                    يتبع
                    الأديب الناقد الأستاذ: نور الدين لعوطار
                    لو تدري حجم السعادة التي أدخلتها إلى نفسي
                    بعد أن أعدت قراءة مداخلتك الرائعة لمرات عديدة
                    كلما أنهيتها أعود إليها
                    صرت أرى ماكتبته من عبارات على ضوء الجمل المسطورة من جديد
                    فوجدت في حروفك صياغة لم يقلها النص
                    ورأيت ما ضمّه النص بسرده عفو الخاطر فعرفت بعداً آخر أكثر دلالة مما قاله أثناء رسم المشهد...
                    فأنا عندما أكتب تتلبسني حالة الشرود..لا أدري ما الذي أكتبه..إلى أين يشطّ قلمي..قلبي
                    نادراً ما أشطب وأهدم وأركّب..أكتب مايمليه عليّ تصوّر المشهد ويتمّ تحريك شخوصه تبعا لرسمه في مخيلتي..لاتهمني حرفية الصياغة بقدر إيصال البعد النفسي الهادف باسلوب سلس مقبول لا يعرف الالتفاف على المعنى والترميز. الموغل في الغموض كاحجية يتطلّب منك تفسيرها...غالبا أودّ أن أخلص من النصّ إلى طرح رسالة ما..يعيشها الناس واقعا ملموسا
                    جميل جدا من يعيش معك هواجس لحظة الكتابة..ويتفهّم جنون الشجن..عبرات اللحظة...حتى بسمات تشبه البكاء..
                    لك امتناني..ومودتي.الأديب الكبير نور الدين لعوطار...ومع حروفك الثمينة أتابع هذا الكنز بغبطة شديدة.تشرفت بك.
                    التعديل الأخير تم بواسطة إيمان الدرع; الساعة 10-10-2017, 08:46.

                    تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                    تعليق

                    • إيمان الدرع
                      نائب ملتقى القصة
                      • 09-02-2010
                      • 3576

                      #25
                      المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
                      حين عاد يحمل من المتجر ما يحتاجه المنزل من طعامٍ، لم يجد أحداً، تفحّص الغرف و الردهات ينادي ابنيه، يناديها، لم يجد لندائه صدى، اتصل بصديق العائلة القديم ابن حيّه، ورفيق مدرسته (زياد) يسأله إن قصدوا دارهم في زيارة عائلية على عادتهم! نفى الأمر يتساءل عن سبب اضطرابه! فبثّه حزنه، وروى له ماحصل. شاطره قلقه يبدي تعاطفه، ومؤازرة محنته، تنهّد يزفر قائلا:
                      ــ أخشى ياصديقي أن تكون قد نفّذت تهديدها، لتفصلك عن حياتها كما لمّحتْ مراراً.
                      تكشّفتْ له تأكيدات تلك النوايا في الساعات التالية، وهو يوقّع تعهداً بعدم التعرض إليها، والاقتراب منها، أو مضايقة الأبناء تحت التدرّج في العقوبة الأشد لو حصل!
                      عندما حلّ المساء طالعته أضواء( دوسلدورف) الصاخبة كأنها مهرجانات من جنونٍ وجمال، كأنها لم تلامسْ جرحه فأشاحت بوجهها عنه ليدرك وحدته بين الجموع، وكينونته التي تضاءلت إلى الحدود الدنيا حين سبحت دموعه على ضفاف نهر (الراين) يناديها: ـ سمر ..سمر..أين أنت ياحبيبة الأمس ؟ يا من أضعتك هنا بيدي هاتين هرباً من جحيمٍ إلى جحيم أكبرَ من نوع آخر أشد فتكاً، لقد بعت الدار تحقيقاً للرغبة في السفر علّني أحميكم، أشتاق فنجان قهوة من يدك عند المساء، أشتاق أن أفك قميص نومك الأحمر الذي تخصصينه لي، ترقصين من أجلي بقدّك المياس، تسحرينني وأنت تتمايلين على إيقاع الرقص الشرقي بمهارة ورشاقة ، تتغنّجين على يدي، تنامين بوداعة على صدري،لم تعرفي غيره سكناً فكيف أبدلته؟
                      أشتاق نجوى ذات الضفائرالشقراء، ابنتي الحييّة الحنون تنتظر عودتي لتخطف قطعة حلوى من يدي، تقبلني ثم تلتهمها بمرحٍ وخفّة، تتابع المسلسلات التلفزيونية.
                      حضني متلهف لضمّ سامر وهو يبسم لي أثناء تناول وجبة الحليب من رضّاعته، يمسك إصبعي يحكّ بها أسنانه التي بالكاد تشق لثته.
                      قاسية أنت يا (دسلدورف) لقد خبّأتِهم في زواياك الباردة، فلبسهم الصقيع ، واستعاروا صلفك...أين انتم؟! أينكم؟
                      لم يستدلّ إلى مكانهم، حلّ به اليأس، صار يكلّم ذاته في شوارعها هائماً على وجهه، أصابه الشحوب والنحول، وأدمن السجائر والخمور، وتشوّش شعره، جفّ ريقه، وزاغ بصره، وكاد الهذيان يطيح به، وهو يبحث عنهم بين البيوت، وفي كلّ الحدائق، والملاعب، وتقاسيم الوجوه.

                      المشهد الثاني
                      أبو السباع والصدمة
                      عاد أبو السباع محمّلا بزاد الأسرة كقائم بأمرها، وهي واحدة من بين ركائز الكفاية التقليدية، متجاهلا من ينادي أن ليس بالخبز وحده تقتات الأنفس، نادى على ولديه ونادى عليها، "عليها" هذه تحمل الكثير، لم يناد على زوجته، ولا على امراة يعرف اسمها بل عليها، توظيف الضمير هنا مقصود للغاية، قلّما نجد في الأسر التقليدية رجلا ينطق اسم زوجته وهو يناديها، يا أنت..... وإن تحدث عنها استعمل الضمير هي لا تريد، هي مريضة وهذا يحمل ما يحمل من عدم الاعتراف بأصالتها الشيء الكثير.
                      "لم يجد لندائه صدى"، رغم أنه تعبير مألوف لكن توظيفه هنا له من الدلالات ما يجعله بليغا جدّا، الصدى هو رجوع الصوت المنطوق إلى الأذن، وهنا غياب الصّدى هو غياب فعالية الصوت، فأنت تنادي ولا مجيب لندائك، أي ما سمعت أذناك ما تنتظرانه من استجابة لكأن صوته ذهب أدراج السراب ولم يعد "لم يعد بفائدة" "أسمعت لو ناديت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادي" الرجل يحبّ أن يكون صوته مسموعا أي كلمته هي العليا، ينتشي بتحقيق ذاته على حساب الآخرين، صدمته بدأت هنا، لكن قراءته للموقف كانت قاصرة، خطر بباله أن الأمر لن يكون إلا خروجا عاديّا ضمن الممكنات المقبولة، فهو من يملك مفاتيح الدخول والخروج معا فهو أبو السّباع، هنا من خلال استعراضه للاحتمالات، تغاضى عن امكانية التّمرد، وهنا إشارة من الكاتبة لقصور عقلية الشخصية الأنانية والديكتاتورية، فهي لا تستشعر الذنب وفي توقعاتها تستخف بالخصم، ممّا يجعل مصيرها غير آمن في نهاية المطاف.
                      لكن رغم أن الصّدمة كانت خفيفة، لكنها أظهرت هشاشة هذه الأنا المتجبرة، فهي أحسّت بالوحشة وبدأت فورا في تقصّي "الأسباب"، فمن جهة هناك خوف من التمرّد يسكنها و تحاول التحايل عليه بخلق احتمالات واهية، ومن جهة أخرى استشعر وحشته منذ اللحظة الأولى و اتصل بصديقه وهو تعبير عن رغبة النفس في إيجاد مؤنس واسترجاع اجتماعيتها.
                      لسوء حظّه لم يجد أسرته هناك، بل زاد صديقه من تهويل مخاوفه التي تأكدت بتوقيعه على تعهد يمنعه من مضايقة أسرته.
                      هنا دخل النص في تعرية ضعف هذه الشخصية، التي استشعرت الوحشة و اتهمت المكان و جعلته من غير طباع أفراد أسرته وفي مقدّمتهم سمر زوجته، وهذه المرّة نطق اسماءهم كتعبير عن حالة ضعف وازنة وكذا نوع من الاعتراف بحقيقة وجودهم، ، وكذلك ذرفت عيناه الدموع وعاقر الخمر و استرجع ذكرياته مع سمر ونجوى وسامر الرضيع .
                      وكينونته التي تضاءلت إلى الحدود الدنيا
                      هذه الجملة هي خير تعبير عن حالة أبي السباع أي إحساسه أنه لا يساوي شيئا بإضاعة من يعطي لشخصه وجوده. وهذا يعني أن وجوده الحقيقي مبني على الذين يمتثلون لنزوته وسلطته، أي أنه من دون هذه السلطة لا يساوي شيئا.
                      إن كانت هذا المشهد قدّم صورة واضحة عن دواخل أبي السباع الكئيبة، فالكاتبة وازنت هذا العمق الكئيب ببعد جمالي بهي.
                      ـ وصفها لجمالية دوسلدورف : طالعته أضواء( دوسلدورف) الصاخبة كأنها مهرجانات من جنونٍ وجمال
                      ـ الشوق والذكريات :
                      أشتاق فنجان قهوة من يدك عند المساء، أشتاق أن أفك قميص نومك الأحمر
                      تتمايلين على إيقاع الرقص الشرقي
                      شوقه لضفائر ابنته ......
                      يمسك إصبعي يحكّ بها أسنانه التي بالكاد تشق لثته
                      يتبع
                      الأديب المبدع نور الدين لعوطار
                      تحية طيبة مملوءة بالاعتزاز
                      لا يسعني إلا أن أقول:
                      هناك مداخلات ناقدة..تضيء النصوص
                      بل وتتفوّق على إيضاح دلالاتها
                      تحليلك المشهد الثاني كان مدهشاً...
                      قرأت فيه ما بين السطور..وأكثر..
                      مودتي، واحترامي الكبير أستاذ نور الدين..

                      تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                      تعليق

                      • إيمان الدرع
                        نائب ملتقى القصة
                        • 09-02-2010
                        • 3576

                        #26
                        المشاركة الأصلية بواسطة نورالدين لعوطار مشاهدة المشاركة
                        المشهد الثّالث و الأخير
                        لمحهم فجأة
                        فجائية الموقف تجعلنا نتصرف بانفعال لاستنهاض مكونات شخصياتنا الحقيقية، هذا التوتر يجعلنا نقوم برد فعل سرعان ما يتحول إلى فعل حقيقي تقوده ذاتنا العميقة، رغبة السيطرة على الموقف ممزوجة برغبة الثأر و رغبة في تعويض ما قاسته النفس وهي تبحث عن كوة، كلّ هذه العوامل تجعل إيجابية الفعل موضع سؤال، "لمحهم"، حتى رؤيته لم تتشبع بملامحهم، فسرعة السيّارة ما تركته يملأ بصره منهم، كما خطف منه الموقف التعرف على قائد السيارة والأسرة الواضع لنظّارتين سوداوين، كتعبير عن حب التنكر و كذا اصطباغ شخصيته بالحداثة و في الوقت ذاته تلميح إلى سوداوية الموقف.
                        سار في إثرهم يدقّ باب الشقّة بعنف، وهنا العودة إلى فاعلية البطل بعد أن كان في المشهد الثاني مفعولا به، يعتصره الألم والفقد.
                        نقلت الكاتبة التقاء أبي السباع بزياد نقلا حيّا فيه شدّ وفيه إثارة للعواطف وفيه تعبيرات جسدية.
                        ضرب الجبين باليد.
                        خبط الباب بالقبضة إفراغا لشحنات الغضب.
                        ثم البصق على وجه الزوجة.
                        وظفت الكاتبة ألفاظا مثيرة مستفزة:
                        خيانة، قتل "مرتين"، سكين، نار، اشتعال
                        عاهرة، بيع "مرتين"، بصق..
                        كما أضافت الكاتبة من عندها الفضيحة والخسّة، وهنا يمكن لأي ناقد ان يستهجن هذا التدخل في النصّ و استمالة القارئ لإطلاق حكم قيمة ما على الأشخاص وتوجيه صريح للنصّ و قد عمل السرد على إدانة زياد كما سمر، بتواريه خلف الباب، وكذبه على أبي السباع.
                        لكن ما جعل الكاتبة تتدخّل هذا التدخّل هو حرارة الموقف، والتعاطف والاصطفاف إلى جانب المظلوم الذي قد يكون لا إراديا أحيانا ، لكن إن شئنا الدّقة فالكاتبة تريد أن تقول ألهذا كلّه قامت الزوجة بثورتها؟ وهذا سؤال مشروع جدّا، فعندما أرى ثورة تخون مبادئ الثورة، عندما تنهار الأخلاق و يصبح كلّ شيء مستباحا ومباحا هنا لابد ستستهجن التغيير فهذا من جهة مبرّر كاف لإدانة زياد كما سمر، لكن في المقابل، أليس الانغلاق و ثقافة الحجر و كذا الإحساس بالغبن الشديد وقلة الحيلة والاغتراب الدّاخلي والكبت، أليست كافية للإقدام على سلوكات مجنونة وغير مسؤولة، أليس الدمار الذي لحق الأنفس وهي تشرّد خارج أوطانها كافيا لسحق كلّ ما هو نبيل في أعماقهم، أليس الغدر نوعا من تعبير عن الإحساس بعدم الأمان، أسئلة يثيرها النصّ بالجملة و عالجتها الكاتبة بكثير من الحرفية و نجح النصّ في العزف على وتر الخيبة و غياب المنتصر.
                        نعم لا أريد لأبي السباع أن يكون قطّا، وخروفا يبعبع في إشارة إلى ما تم حذفه من النصّ، لكن سوء التقدير وضعف النظر وسوء قراءة المواقف تجعل تخبطنا لا يزيدنا إلا هبوطا و سقوطا.
                        أكتفي بهذا القدر
                        رغم أن رمزية النصّ مغرية سؤاء في الجانب القيمي، أو موضوع النزوح، أو البنى الاجتماعية.
                        تقديري
                        مع المشهد الثالث والأخير
                        تابعت البعد العاشر لطروحاتك الثرية
                        ولنقدك البنّاء الهادف
                        النقد الواعي هو المرآة الصادقة للكتابة .
                        لا يتاح للكاتب أن يوضح كل ما يريد قوله في النص..
                        يرمي ببعض سنابله في حقول الصفحة ويمضي
                        ويأتي الناقد الذواقة..ليشير إلى تلك الغلال ومدى صلاحيتها للحصاد
                        رأيتك ناقداً خبيراً يجسّ مفاصل النص بكثير من الحرفية والمعرفة
                        فهنأت نفسي على وقوعه بين أيدٍ تلملمه وتغوص أغواره..وتطرحه بعينٍ كاشفة..مستقرئة.
                        مودتي، واحترامي، وتقديري لو قتك الثمين الذي أعطيته لنصّ (أبي السباع) الذي يعكس خيبة الواقع في غربتنا
                        ...امتناني لك أديبنا الكبير نور الدين لعوطار.حيااااااك.

                        تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                        تعليق

                        • عائده محمد نادر
                          عضو الملتقى
                          • 18-10-2008
                          • 12843

                          #27
                          ليجلس أبو السباع على كرسي التثبيت لأنه يستحق
                          نص جميل وفيه نفحة رائعه
                          مع تحياتي ومحبتي للغلا إيمان الدرع بنت الأكرمين
                          الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                          تعليق

                          • إيمان الدرع
                            نائب ملتقى القصة
                            • 09-02-2010
                            • 3576

                            #28
                            المشاركة الأصلية بواسطة عكاشة ابو حفصة مشاهدة المشاركة
                            أعجبت بقصة " أبو السباع " تستاهل النجوم و أكثر، وكنت صائبة سيدتي إيمان الدرع في الإهداء فأختنا عائدة تستهل كل خير .
                            أعود باختصار شديد الى القصة وبالضبط الى المشهد الأخير عند باب " زياد " عندما لحق " أبو السباع " السيارة التي كانت تقل زوجته " سمر" وأطفاله بعد جهد جهيد في البحث المضني عنهم . إلتفاته جميلة عندما غابت الزوجة عن قصد بعد سبق إصرار ، لأنها كرهت هذه الحياة الأسرية المبنية على القيود والتحكم وتتبع كل كبيرة وصغيرة من طرف رب الاسرة كالإسم الذي يحمله بطل القصة وكأننا في غابة . وتذكره لتلك الأيام الجميلة بعد الفقدان طبعا ... كنت أتمنى لو لم تكون نهاية كالتي رسمتها الكاتبة المبدعة إيمان الدرع . عندما لحق " أبو السباع " وطرق الباب بعنف . كان على زياد أن يخرج عنده ويفهمه أنه جاء للتو من عند مكتب المساعدة الإجتماعية المكلفة بالنظر في العنف اللفظي والجسدي الذي تسبب فيه " أبو السباع " لزوجته وابنته . وأنه لحق بأسرته الصغيرة بمكتب المساعدة الإجتماعية بناء على طلب زوجته " سمر" لأنه صديق العائلة وابن البلد يتقن اللغة الألمانية واللهجة السورية ، ويخبره أنه في الغد سيتوصل بإستدعاء على وجه السرعة للمثول أمام هيئة اجتماعية تدافع عن العنف الأسري ليحرر في حقه محضر أقله أن يطرد من البلد المضيف ولا شئ يعلوا فوق القانون ، ولا مجال للتخلف عن الحضور... وهكذا نتجنب الحديث عن الخيانة التي هي ليست في صالح الأسرة الشامية بما أن الأمر يتعلق بأسرة بها أطفالا صغارا غادرت الوطن نتيجة الحرب الأهلية والتمزق الأسري ....
                            هكذا طليت أستاذتي إيمان الدرع على هذه القصة وأتمنى أن أكون عند حسن الظن .
                            شكرا والى اللقاء .
                            الأديب القدير: عكاشة أبو حفصة
                            مداخلتك ثرية وشاملة..
                            غاصت إلى أعماق النص..ورصدت أهم مشاهده..وماهدفت إليه
                            أخي العزيز..جدا أعجبتني وجهة نظرك والنهاية التي رسمتها بحسن ظن..فأضأتَ ما أظلم فيها
                            ولكن الجرح موجود ..ومكاشفته تسارع في شفائه
                            ما أوصلنا إلى تلك التشوهات في العلاقات الأسرية ذاك التواري عن الطرح حرصا على السمعة والاسم..
                            فتتفاعل الأخطاء وتتكاثر وتنشأ كالطحلب في عتم المياه الراكدة
                            إني أتحدث عن مشكلة فعلية طرحت ذاتها في بلاد الغربة..زادت من شروخ الأسرة في زمن الاغتراب الذي سببته الحروب الظالمة
                            ولكني نوهت في البداية على لسان الصديقة بأن الكثير من الأسر السورية حافظت على عاداتها وتقاليدها ولكن البعض تاه وضاع وسط الزحام..
                            ونحن نشير إلى تلك الفئة كي نجنبها المزيد من الضياع..من خلال تلافي الأسباب.
                            هذا ما أردت قوله في نصي المتواضع..لك احترامي وامتناني أخي الفاضل.

                            تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                            تعليق

                            • إيمان الدرع
                              نائب ملتقى القصة
                              • 09-02-2010
                              • 3576

                              #29
                              المشاركة الأصلية بواسطة زحل بن شمسين مشاهدة المشاركة
                              انهدم الوطن ومن ثم بالغربة تهدمت العائلة..؟!!
                              المصيبة كلنا يشكي انه مظلوم والظلم عام على الرجل والمرأة بالوطن،،
                              المرأة مظلومة ظلم مركب من الرجل والمجتمع ...
                              اما الرجل ظلمه من المجتمع اي من النظام السياسي والاقتصادي السائد...
                              وهو المظلوم يمارس الظلم على رفيقة حياته ... اي ظلمها مركب ؟!
                              الان نحن بالغربة انتقلنا من تحت الدلفة الى تحت المزراب ؟؟!!
                              اي بعد تدمير الوطن يأتي تدمير العائلة وتشردها .... الغرب يريد عبيد لا رابط بينهم ،،
                              الان اي رابط يجمع المسحوقين ،،سيكون اللغم الذي يفجر النظام الراسمالي المتوحش ؟!
                              ما دور الاديب والشاعر وحتى المرأة بالغربة ...
                              هو الحفاظ على العائلة ولو بالحد الادنى اي ولو بالاولاد والمرأة معاً ... واذا مع وجود الرجل يكون النصر الكبير من اجل تماسك العائلة؟!
                              ونقدر ان نخوض المعركة ضد نظامهم السياسي الذي دمر اوطاننا بواسطة القوى السياسة والناس المسحوقة زينا بتلك البلاد،،
                              المعركة طويلة ...... روما والفرس نظامي العبودية بقيا الف سنة ومن بعد انهارا بواسطة صعاليك الصحراء ،، الذي وصفه بعض المغفلين بالوباء ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
                              بورك جهدكِ هذا ما عندي ...الاديب شمعة ينير الدرب امام الشعب ..
                              البابلي يقرؤكم السلام
                              الأستاذ القدير: زحل بن شمسين...أيها البابلي العتيد
                              لقد وضعت يدك على الجرح..
                              كل شيء نمر به في حياتنا مرتبط بعوالم السياسة والاقتصاد
                              ندفع الثمن غاليا لأننا مرتبطون بشكل أو بآخر بهذه المنظومة الصهيونية العالمية التي تبتلع البلاد الزاحفة نحو الشمس تريد التبرّأ من أذرع الأخطبوط الشره الخبيث..
                              الثمن كان كبيرا في ارتداد تلك الحروب القذرة على أبناء الوطن..ثمن باهظ دفعناه في الداخل والخارج..وكانت الغربة هي الفاتورة الأكبر ضريبة..والأشد وجعا..وقسوة..رغم معاناة أبناء الداخل من موت وخراب ديار..
                              نسأل الله أن تجفّ هذي المآقي من مدامعها...وأن يأتي فرج عاجل يرسم البسمة على شفاه المكلومين..ويعيد بناء البشر ثم الحجر
                              نعم هي رسالة أخي الفاضل..كم نتمنى أن تصل بنقاء وسموّ كما أردناها تماما.. احترامي وتقديري.

                              تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                              تعليق

                              • إيمان الدرع
                                نائب ملتقى القصة
                                • 09-02-2010
                                • 3576

                                #30
                                المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                                ليجلس أبو السباع على كرسي التثبيت لأنه يستحق
                                نص جميل وفيه نفحة رائعه
                                مع تحياتي ومحبتي للغلا إيمان الدرع بنت الأكرمين
                                شكرا على التثبيت أستاذة عائدة..
                                شكرا لأني مازلت بينكم
                                أتعلم منكم...
                                وأستمد أكسير حروفي المتعبة
                                كبيرة كبيرة كما عهدتك..
                                ووالله إني لأتشرّف بكل الزملاء الأدباء هنا..
                                ولهم مني كل احترام ومودة وتقدير..
                                حياااااكم..

                                تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                                تعليق

                                يعمل...
                                X