( زيامة منصورية ) ، الجمال على مد البصر ، وبالمجّان ، لا حدود للخيال ، كأنني أحلم، أو في إحدى جزر ( هاواي) العجيبة ، لولا تلك اللوحات الصغيرة هنا وهناك ، وعليها أسماء عربية ، وأرقام ترمز إلى شركات جزائرية أعرفها ، مثل (جيزي) و(موبيليس) الخدماتية، والتي يعرض أصحابها من خلالها، سكنات ومحلاّت للإيجار. ولولا شطآنها المحترمة والتي تمنع على الماجنات ارتداء (البيكيني) الأزياء الخليعة، ولأن أناس كتامة المحافظين، أحرار، لا يرضون الدنية في تقاليدهم العريقة، حسبما يُشاع عنهم من أخبار؛
وللأسف، فقد فتحنا أعيننا على التعرّي في بلد مثل الجزائر، وكنا نعد ذلك موضة وحداثة وممارسة لهبة الله الحريّة، ولم ننتبه يومًا إلى الآية التي تقول " قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ "، فكيف وصل الأمر بنا إلى هذه السماجة؟ لو لم يكن من مخلّفات الغزو الغاشم. لم يحدث أن لبست أمّهاتنا قط هذا الذي نسمّيه اليوم " البيكيني " ، ولم يكن يجرؤ أحد على المعصية مثل ما نراه يحصل بيننا في الآونة الأخيرة ، ولم نكن ندري ما " النيديزم " هذا التعرّي الفاضح ويحدث الآن بشواطئ المسلمين. ولا عن العبثية حتى صارت أدبًا راقيًّا يلقى له إقبالاً كبيرًا من طرف شريحة واسعة من أبنائنا القرّاء، وما (ألبير كامي) الذي تتغنّى به بعض المراهقات دون غيره من الأدباء العرب. والذي لطّخ سمعة الأدب الإنساني بالعبث الذي يتزعّمه، سوى مجرّد كاتب فاشل ارتقت به أصوله اليهودية، والتي تنكّرت في يوم من الأيام لإنسان ثار ضد الطّغيان، وقضية أسمها ثورة الجزائر.
لكن بالمقابل هناك كُتّابٌ لُبْقٌ، وأبناء أصول، رغم أنّهم ليسوا من أبناء جلدتنا، ومن أمثال (جي دي كار) الذي قرأت له كتابًا عنوانه (لا ريفولتي)، بطلته غجرية المنبت قامت بقتل أبويها (البورجوازيين) بالتبنّي لمّا علمت بقصّة أمّها (البيولوجية) ، والتي تنازلت عليها حين كانت تتاجر بجسدها مقابل فرنكات معدودة. وفيه يتهكّم الكاتب من بعض الغجريات اللائي تقطّعت بهن السبل، كيف تجرّأن على ضواحي باريس بصفاقة وجوههن وعهرهن، ورحن يتاجرن بأعراضهن بدون خجل.
عن أدب الفراش كنت أسأل صديقي لو تذكرون؟
يتبع .../...
التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 30-10-2017, 13:40.
عن الأدب " الرخيص " وأصحابه العاشقين الحيارى، يعانون من تضخّم الأنا والسذّاجة أحيانًا، مَثلُهم في الأفلام والمسلسلات، بأبطالها ومواضيعها التّافهة، تنشر وتوزّع علينا نحن العرب خاصّة... تجاذبنا أطراف الحديث ، وعن كل ما يخطر بالبال تكلّمنا ، وفي السياسة والأقتصاد ، وعن بعض القضايا التي تعنينا، وأخرى لا تهمّنا ... واختلفنا حول الفارق في الأجور ، بين مرتّب خيالي ضخم ، صاحبه إطار يعمل هنا أو هناك ، في شركة ما أو صندوق ، وعامل نظافة لا يُغطّي أجره الزّهيد أدنى حاجيّاته الأساسية، في وطن يتشدّق فيه أرباب السيّاسة والعمل بعدالة الأجور وشفافيتهم في التسيير. وعن الهرج الذي أصاب الناس هذه الأيّام بسبب الانتخابات المحلّية ، على " فارغة وما فيها شيء " مثلما يقول البعض، وعن " سّلبية " بعض الذهنيات المتعفّنة " بالعروشية " والنّعرات القديمة تكلّمنا أيضًا ... ونحن في طريق العودة إلى الديّار، شذى المرطبات يلوّح من بعيد ليثير شهيّتنا:
- " يقال إن أفضل الحلويات في الجزائر المرطّبات (الجيجلية)، ولا يعرف معنى النّكهة من لم يذقها، فهل هذا صحيح؟ "
أومأت إلى صاحبي وهو يسوق، فركن سيارته قرب محل حلويات مشهور.
برغم السن، فقد أصبحنا نعاني من بطون " مترهّلة " كبُرت وصارت مثل البالونات، إلاّ أنّنا لم نعرها اهتمامًا ورحنا نتسابق ، من سيدخل الأوّل ؟ ، واندفعنا داخل المحل جملة واحدة ، وعيوننا تتلهّف أنواع " الملفاي" من الحلويات المعروضة، لنلفت الأنظار إلينا ونحن نلتهم العديد منها بشراهة غير معهودة، وكلّما قرّرنا التوقّف زادت شهيّتنا، وتمادينا في الأكل حتى كادت أمعاؤنا تتفتّق.
يتبع .../...
التعديل الأخير تم بواسطة مصباح فوزي رشيد; الساعة 01-11-2017, 17:32.
تعليق