قراءة في قصة "النملة المغرورة !" للأديب والصحفي الجزائري أ. حسين ليشوري

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • أميمة محمد
    مشرف
    • 27-05-2015
    • 4960

    قراءة في قصة "النملة المغرورة !" للأديب والصحفي الجزائري أ. حسين ليشوري



    جميلة القصة! جلست أحجز لي عندها مقعدا
    ، أتمعن في حكايا الجدّ اللبيب باهتمام! أصغي بانتباه للذكاء المتقد لشيخنا الذي يتقن السرد لأطفالنا الكبار!
    أحببتها منذ البداية. "نملة جثلّة" صرت أتصور النّملة، التي لعلها سوداء! بضخامتها! والفيل الهزيل، الذي تصورت له كثيرا من الشحم المتهدل وعينين جاحظتين.
    أما نملتنا التي هي على غير النّمل.. مشحّمة! ونعلم أن النمل يخزن القمح فلا يتخم بطناً، قوي بدنه، دؤوب نشيط .
    يا للنملة المسكينة، أُصيبت بما أُصيب به البشر في عصرنا من شحم وربو وضيق حال،
    لم أتمكن والكاتب يصف النملة إلا تصور من امتلأ شحما من البشر ويا للبؤس حين يصاحبه غرور فيشتد به.
    وما أسرع ما يتسرب إلى النفس الأمارة بالسوء الغرور، ونرى النملة تتكلم مع من هو أكبر حجما وقدرة منها بدون انتباه لضآلة قدرها أمام أكبر الحيوانات.
    انتبه الفيل، وكان في غفلة وانشغال عنها، ومع تواضعه واستغرابه أومأ لها... وماذا أيتها النملة العظيمة؟!
    وغرّها تواضعه، وتمادت وتماهت مع صوتها الداخلي المتعجرف المتكبر لتطبّل الخطاب وتقول: إلى أين وبني جنسك؟ فانتبه، انتبه!.
    يبدو أن الفيل كان متحايلا، وهو يبدي الذعر ويرخي أذنيه المرتخيتين ويتذلل، وهو يعلم من هو ومن هي.. ولا يغرنكم حلم الكريم للتمادي في السذاجة! "اهتزت الجثلة من الفرح جذلى و قد أشبع الفيل شعورها بالأهمية و أذكى غرورها فأبدت التفهم و أظهرت تسامحا ليس فيها و قالت"
    هنا برز صوت الكاتب النبيه وقلم فصيح في تعبيرات ذكية
    "اهتزت الجثلة جذلى" يصف كيف اهتزت الجثلة طربا وإنما اهتزازها في داخل الروح جعلها كورقة تعلو مع حفيف الريح
    "أشبع الفيل شعورها بالأهمية" هذا صوت من يعرف تماما ما يبطن الإنسان من حب للمدح ويطرب له كلما فاض مدراره
    "أظهرت تسامحا ليس فيها" جملة ساخرة فيّاضة فليس كل ما يغريك من تسامح نابع من نفس أصيلة.
    للأسف القاتل تابع الفيل ما أبدى من تواضع ولين ومجاملة ساحقة أذكت ما أذكت فيها من غرور وغباء منقطع النظير...
    النهاية بذلك الوصف المبدع..."اضطرب الفيل لما سمع كلام النملة و قد خدشت كبرياءه، فالتقم خرطومه من الغيظ و استأنف سيره و لم يأبه لصراخ النملة المغرورة تحت فرسنه الضخم يسحقها ..."
    النهاية لم تقل متعة عن السرد وقد كان متناسقا متوازنا ومبهرا وحكاية غير متذبذبة في مشهد واحد

    ولم تكن النهاية تقريرية بل إيحائية تجعلك تسمع المشهد وتغمض عينيك عن قسوة مرآه،

    أخذ النص القصصي من مقومات القصة من مقدمة للسرد للحوار والحبكة للذروة في قصة عقدتها الغرور ونهايتها مؤلمة
    القصة والعنوان: عنوان القصة جاء تقريريا لم يبهت من هيبة القصة، لماذا؟ زاد القارئ شوقا لما سيكون عليه حال هذه النملة مع الفيل الضخم
    حمل الحوار التشويق وزاد إصغاء الفيل وحلمه عن قول النملة في احتدام الصراع في القصة للوصول للنهاية المؤسفة التي كان من الجميل حقاً أن
    الكاتب أجلّ تقديمها حتى آخر كلمة فيها "يسحقها"
    وكنا نرى تواتر غرور النملة وهي تقول للفيل عليك بمن هو مثلك ولا تتجرأ على أسيادك "ولم تتق شر الحليم" وكأن حل عقدة الغرور الضرب، وكان هنا هادئا سريعا عنيفا! فقد تطاولت وتطاولت فسحقها، ولم يحطمها فحسب، لم يحتج منه إلا تحريك فرسنه الضخم للحظة.
    حكمة القصة:
    القصة تصور لنا مغبة التطاول على من هم أكثر منك قدرة.. ومحاسن قبول الاعتذار.. وعدم الانخداع بالكلام الظاهر للآخرين.. وتجنب من هم لسنا وليسوا في نفس المقام.. القصة تقول أن ليس علينا الفذلكة والخطابة المفبركة وكثر الكلام.

    القصة جاءت بأسلوب لغوي شيق شارح وبحبكة متواترة سريعة لتبعد الملل وتبلغ الحكمة من القصة
    وفيها لغة مخفية ساخرة ومفارقة حققتها نملة جثلة وفيل هزيل، وفيل أرخى أذنيه ونملة ناصحة
    من هم الأطفال الكبار؟
    هم أطفال كبروا في سن المراهقة وما فوق
    أو كبار يبقى في داخلهم طفل شغوف، لتقصد القصة شرائح واسعة للقراءة والاستمتاع.

    شكراً للكاتب "حسين ليشوري"، وشاكرة لكم حسن القراءة.



  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    #2
    الله!
    الله الله الله!
    يا لها من قراءة أرتني من نفسي ما لم أره من قبل كأني النملة الجثلة ذاتها.
    إن لساني ليعجز عن شكر أختنا القارئة النبيهة، بل الناقدة الخبيرة، أميمة محمد على تحليلها الجميل لقصتي المتواضعة.
    شكرا أختي الكريمة ولا حرمني الله من قراءاتك المنيرة.
    تحيتي إليك وتقديري الكبير لك.

    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

    تعليق

    • سميرة رعبوب
      أديب وكاتب
      • 08-08-2012
      • 2749

      #3
      أعجبتني القراءة كما أعجبتني القصة التي حسّنتْ من سمعة الفيل بعدما امتهن في المناهج الدراسية بقصص مضحكة
      مبدعة كعادتكِ أستاذة أميمة فبارك الله فيك وفي الأستاذ حسين،

      إليكما التحية وباقات ورد.
      رَّبِّ
      ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا




      تعليق

      • أميمة محمد
        مشرف
        • 27-05-2015
        • 4960

        #4
        المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
        الله!
        الله الله الله!
        يا لها من قراءة أرتني من نفسي ما لم أره من قبل كأني النملة الجثلة ذاتها.
        إن لساني ليعجز عن شكر أختنا القارئة النبيهة، بل الناقدة الخبيرة، أميمة محمد على تحليلها الجميل لقصتي المتواضعة.
        شكرا أختي الكريمة ولا حرمني الله من قراءاتك المنيرة.
        تحيتي إليك وتقديري الكبير لك.

        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أستاذي الجليل، كم يسعدني قبولك واستحسانك للقراءة، وتلقيك عملي المتواضع بصدر رحب.
        ولا شك يحفزني في إعادة المحاولة وقراءات أخرى لنصوص كهذا من الأدب الرسالي الهادف.
        إن القصة أستاذي الفاضل ــ بلا مجاملة ــ من القصص التي يمكن أن تحتذى بجدارة من الأقلام الناشئة...
        قصة اجتمع فيها زخم من المقومات الأدبية والفنية. ولا يخفى عليكم، ولا على القارئ الكريم أنه ما من نص تجتمع فيه سلامة اللغة وحس الأدب ومتانة الفكرة وبلاغة السرد وفطنة الحبكة وجمالية النص ــ مثل نصنا ــ لهو جدير بالقراءة والتأمل وعن نفسي قرأته مرات.
        ومن مميزات النص إنه خلا من الأخطاء اللغوية والتركيبية و الحشو الممل وعزز بالإيحاء والوصف لما في بواطن شخصيات أبطاله بصور غير مباشرة حينا وبصور واصفة بدقة فنية حينا
        هذا النص القصصي، الذي يستنطق الحيوان، ما هو إلا صورة رمزية لما يحدث في عالم الإنسان فرادى وجماعات ، فحتى الدول تقع في فخ غرورها و ينصب لها الشراك، فتمسي في خبر كان بعد أن أصبحت تصدح بأحلام زائفة.
        فشكر موصول، وأرجو لي العذر في تقصير أو هفوات لم أستدركها.
        بورك فيك وفي قلمك

        تعليق

        • أميمة محمد
          مشرف
          • 27-05-2015
          • 4960

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة سميرة رعبوب مشاهدة المشاركة
          أعجبتني القراءة كما أعجبتني القصة التي حسّنتْ من سمعة الفيل بعدما امتهن في المناهج الدراسية بقصص مضحكة
          مبدعة كعادتكِ أستاذة أميمة فبارك الله فيك وفي الأستاذ حسين،

          إليكما التحية وباقات ورد.
          وفيك بارك الله أخيتي الغالية، وممتنة لكرمك،وسرتني قراءتك ومشاركتك الذكية
          وأتمنى أن أقرأ لفيض أقلامكم عن القصة ومثيلاتها وقد قرأت تعليقك على النص الاصلي ورؤيتك ويسرني أن أرى مداد حبرك في قراءة قريبة
          جزيت الخير

          تعليق

          • حسين ليشوري
            طويلب علم، مستشار أدبي.
            • 06-12-2008
            • 8016

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة سميرة رعبوب مشاهدة المشاركة
            أعجبتني القراءة كما أعجبتني القصة التي حسّنتْ من سمعة الفيل بعدما امتهن في المناهج الدراسية بقصص مضحكة
            مبدعة كعادتكِ أستاذة أميمة فبارك الله فيك وفي الأستاذ حسين،
            إليكما التحية وباقات ورد.
            وبارك الله فيك أختنا الفاضلة الأستاذة سميرة رعبوب وزادك من فضله، آمين.
            تحيتي إليك وتقديري لك.

            sigpic
            (رسم نور الدين محساس)
            (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

            "القلم المعاند"
            (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
            "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
            و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

            تعليق

            يعمل...
            X