لا يمكن ترك قرطاج في أيدي البرابرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حاتم سعيد
    رئيس ملتقى فرعي
    • 02-10-2013
    • 1180

    لا يمكن ترك قرطاج في أيدي البرابرة

    لا يمكن ترك قرطاج في أيدي البرابرة

    قرأت العبارة المكتوبة بالعربية على لوحة الشهيد وكأنني أكتب حروفها من جديد بأصابعي "شارع الشهيد البشير سعيد" .
    حاولت أن أتجاهل النصّ المترجم إلى الفرنسيّة لما يمثّله من امتداد لحقبة سوداء من عمر البلاد خاصّة وأن فرنسا في نظري هي المتّهم الرّئيسي لتلك الجريمة المكتوبة وقد تساءلت حقّا:" لماذا نكتب بلغتهم ولا يكتبون بلغتنا لافتات شوارعهم؟، ألم يكونوا تحت راية امبراطوريّاتنا العربيّة كما كنّا تحت نير استعمارهم؟، لماذا هذه التبعيّة حتّى في كتابة لافتات شوارعنا؟، ماهي الإضافة الحاصلة بذلك العمل؟".
    منحتني كلّ هذه الأسئلة فرصة لتذكّر الظروف التي جعلت من الفرنسيين أسيادا يجثمون فوق صدورنا فقد بدأت القصّة حين شرّع البايات في 9 سبتمبر 1857 قانونا سمّي عهد الأمان، نصّت فصوله على احترام حقوق الجالية الأوروبية بتونس والسّماح لها بحرّيّة التديّن والاستقرار والملكيّة، والمساواة في النزاعات أمام القانون.
    تذكّرت الهدف المعلن من تلك القوانين التي بدت إنسانيّة ومكرّسة لمبدأ التسامح الذي ينادي به الاسلام واعتبار الجاليات الأجنبيّة في بلادنا عنصرا كامل الحقوق لطمأنتهم وتشجيعهم على البقاء ومساعدتنا على التطوّر وإكساب الاقتصاد جرعة من الحداثة التي عرفتها أوروبا، أهداف نبيلة ونصوص ثوريّة مثّلت السّبق على كامل البلدان العربيّة كما يحلو للنقّاد توصيف ذلك العهد، وقد تناسوا ربّما أنّ تلك الفصول كانت تحت ضغوط مورست على محمّد باي الذي كان منهمكا في ملذّاته وحريمه من النساء والجواري اللواتي بلغ عددهن أكثر من ألف امرأة حسب العارفين بخفايا القصور.
    تقول الرّوايات أنّ عددا من الشهود تقدّموا بشكوى ضدّ رئيس الطائفة اليهوديّة لأنّه شتم الإسلام وأخرى تقول أنّه صدم تونسيّا بعربته فقتله وقال آخرون إنه تشاجر مع مسلم في حانة فسبّه وسبّ الدين الإسلامي فقضت عليه المحكمة الشرعية المالكية بالإعدام، ولكنّ الدول الأوروبية اعترضت على ذلك الحكم وحاولت أن تمنع الباي من تنفيذه، غير أنّه بعد الإذعان أقرّ الإعدام فنفّذ، عندها أرسلت فرنسا وبريطانيا قناصلها لمقابلته وعسكرت وحدات من أسطولها البحري على السواحل لإجباره على إصدار ميثاق يمنح بموجبه ضمانات جوهرية لليهود والأجانب بتونس فظهر قانون عهد الأمان وأقرّ بعده دستور سنة 1861.
    مثّلت تلك القوانين أرضيّة ملائمة للشّركات الفرنسيّة والبريطانيّة والايطاليّة للتنافس والفوز بأهمّ الصّفقات للقيام بمشاريع تجاريّة في تونس، واكتمل حلم الأوروبيين بجعل البلاد تحت إمرتهم ونفوذهم حين قبل مصطفى خزندار الوزير الأكبر في حكومة محمد الصادق باي أن تشتري البنوك الأجنبيّة أصول الدّيون المستوجبة على الإيالة بغية القيام بإصلاحات تهمّ شؤون البلاد.
    تمكّنت فرنسا من احتلال الجزائر سنة 1830 فزادت أطماعها للاستحواذ على كامل شمال افريقيا ولكنّها كانت تراعي أصدقاءها الايطاليين والبريطانيين فتحيّنت الظروف الملائمة لضمّ تونس التي باتت عاجزة عن تسديد ديونها لدى بنوكها ثم حسمت أمرها حين صرّحت الدبلوماسية الانجليزية أنها لا ترى مانعا في ذلك بل إنّها ستحترم قرارهم ولن تعارضه لأنّه لا يمكن ترك قرطاج في أيدي البرابرة ، ليدخل الجنود الفرنسيّون البلاد من البرّ والبحر.

    من أقوال الامام علي عليه السلام

    (صُحبة الأخيار تكسبُ الخير كالريح إذا مّرت بالطيّب
    حملت طيباً)

    محمد نجيب بلحاج حسين
    أكْرِمْ بحاتمَ ، والإبحارُ يجلبُهُ...
    نحو الفصيح ، فلا ينتابه الغرقُ.

  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    #2
    هلا وغلا أبو هادي
    ذكرتني بالاحتلالات وحقيقة أنا لم أنس لكني أتناسى أحيانا رحمة بأعصابي ورأسي المسكين
    لم نكن نرى أي علامات في العراق تدل على تبعيته لأي دولة سوى العراق نفسه ونشأنا على هذا ولكن بعد أن احتلت أميركا العراق وسمحت لإيران بمد أذرعها المجرمة فيه بتنا نرى العجب العجاب!
    تدخل شوارع النجف لتصعقك ( يافطات ) باللغة الفارسية
    تدخل بغداد لتضربك على أم رأسك صور خميني المجرم وأعوانه ومكتوب عليها بالفارسية ايضا
    تهلس شعرات رأسك غضبا لتجد بعض التبعية وهم يتكلمون اللهجة العراقية ( بمطة فارسية ) وأتصور الجميع يعرف ماأعنيه
    تخرج من العراق ولافتات المقبورين تودعك
    ومذا اقول بعد
    لاشيء سوى أن العمى أهون
    محبتي والورد
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

    تعليق

    • حاتم سعيد
      رئيس ملتقى فرعي
      • 02-10-2013
      • 1180

      #3
      الاحتلال قديما يتم عبر القوات أمّا اليوم فهو غزو ثقافي بامتياز
      شكرا استاذة عائدة على تدخلك وإن كان مفعما بالمرارة فالحكاية تتكرر من وطن لآخر
      ماذا نقول عن فلسطين؟

      من أقوال الامام علي عليه السلام

      (صُحبة الأخيار تكسبُ الخير كالريح إذا مّرت بالطيّب
      حملت طيباً)

      محمد نجيب بلحاج حسين
      أكْرِمْ بحاتمَ ، والإبحارُ يجلبُهُ...
      نحو الفصيح ، فلا ينتابه الغرقُ.

      تعليق

      • محمد شهيد
        أديب وكاتب
        • 24-01-2015
        • 4295

        #4
        طرح مميز لموضوع شيق، سررت بما قرأت أستاذ حاتم. الغزو بالفعل صار غزوا ثقافياً صرفاً تسفك له الدماء وتشرد لأجله الحوامل والأرامل. ذكرني بمقولة أوردها أحد المثقفين الفرنسيين عند حديثه مع مثقف مغربي غداة الإعلان عن استقلال المغرب: "الاستعمار السياسي انتهى بجرة قلم. الاستعمار الاقتصادي سيأخذ منكم عقودا ريثما تتخلصون منه. اما الاحتلال الثقافي فهو لصيق بكم إلى الأبد". شهادتك على تونس وشهادة الاستاذة عايدة على نموذج العراق يثمنهما نموذج عندنا في المغرب وللأسف. لم أسكت عنه وكتبت فيه رسالة تجدونها من هنا:

        أثناء زيارتي الأخيرة لبلدي الحبيب المغرب، و بالضبط عند تواجدي بأحد محلات شرب ما لذ وطاب من أشهى مشروبات الفواكه العالمية (اسم المحل نفسه يوحي بالعالمية) فوجئت بعدم تقديم المحل لأية خدمة بالعربية : الكل مكتوب بالانجليزية أو بالفرنسية بل حتى الملصقات على الجدران لم ألمح بها و لو كلمة كتبت بالعربية!؟ فاستغربت أيما استغراب لهذا

        مع خالص التحية لكما

        تعليق

        • أميمة محمد
          مشرف
          • 27-05-2015
          • 4960

          #5
          ببساطة الاستقلال الشكلي لا شيء... لم نتحرر إقتصادياً... لم نتحرر فكرياً ودينياً وسياسياً!... فديننا متهم بالإرهاب وعلينا التسامح
          وليس عليهم التسامح مع مسلمي سراييفو وبورما والقدس وغزة
          حقائق لا يجرؤ الكل على قولها.. فليس الجميع قادرا على القول إننا ما زلنا عبيداً للأمم المتحدة ومجلس الأمن.. وأننا لعبة يتداولنها على طاولات السياسة ليقرروا ستكون الكرة في ملعب من! ورغم إنهم أحرقوا الملعب ولم يعد فيه العشب أخضر
          تقديري لما كتبت من حروف من ذهب...يناسبها الأدبي على ما أظن.. وأتت على الجرح الذي نعانيه جميعاً

          تعليق

          • حاتم سعيد
            رئيس ملتقى فرعي
            • 02-10-2013
            • 1180

            #6
            أجدني بين صديقين من بلدين أتشوّق لزيارتهما منذ فترة طويلة ، طابت صباحاتكم ولياليكم .
            أخي العزيز "محمّد شهيد"
            قلت أن الاستعمار قديما كان بالقوّات واليوم أصبح بالقنوات وبين ما مرّ وفات وما هو قادم وآت تجد شعوبنا أنها لم تتمكّن من التخلّص من ذلك الغول المجرم الذي يسعى لتدمير ثقافتنا واحتوائنا والحقيقة أنّه قد نجح في خطّته لأنّنا لم نستوعب الدّرس ولأنّنا لم نعد نقرأ.
            تذكّرت طرفة لأحد الميسورين من العرب، حين سأله أحد الصحفيين:"لماذا لا تصنعون؟"
            أجاب:"سنحتاج إلى زمن طويل لمنافسة البضائع التي ينتجها غيرنا ولكنّنا نستطيع بكل سهولة أن نشتري أحدث ما يصنع باتقان، ولقد وهبنا الله المال لنشتري ووهبهم العقل ليصنعوا"
            تحيتي وشكري

            من أقوال الامام علي عليه السلام

            (صُحبة الأخيار تكسبُ الخير كالريح إذا مّرت بالطيّب
            حملت طيباً)

            محمد نجيب بلحاج حسين
            أكْرِمْ بحاتمَ ، والإبحارُ يجلبُهُ...
            نحو الفصيح ، فلا ينتابه الغرقُ.

            تعليق

            • حاتم سعيد
              رئيس ملتقى فرعي
              • 02-10-2013
              • 1180

              #7
              -
              ببساطة الاستقلال الشكلي لا شيء... لم نتحرر إقتصادياً... لم نتحرر فكرياً ودينياً وسياسياً!... فديننا متهم بالإرهاب وعلينا التسامح..
              - مقولة تحتاج إلى وقفة مطوّلة لتحليلها، وقبل كل ذلك علينا أن نحدّد مفهوم التحرّر؟؟؟
              الارهاب المنسوب إلينا هو ذلك الشكل من عدم جهوزية الفكر العربي لمفهوم التحرّر لأنّ الارهاب عقيدة ملتصقة بالماضي ولا يشذّ عنها حتى أولئك الذين ينعتوننا بهذا النعت.
              لا أحبّ الاطالة حتّى لا أدخل في متاهات السياسة والدين ولكن أتساءل عن التحرّر الفكري الذي يجمع كل الأفكار.
              الفكر العربيّ في الداخل
              منبوذ ومنعوت بالأصابع أنّه سبب الداء
              وفي المقابل نجد الفكر العربيّ في الخارج
              يصنع المعجزات والتقدّم والتطوّر
              في البلدان الحاضنة له.
              المشكلة واقعا.. في تثمين هذا الفكر..في تشجيعه..
              الحريّة عندنا تعني سقوط القناع عن السلطة والمطالبة بالحقوق.
              --
              آسف على الاطالة دمت بخير أستاذتنا أميمة (آسف كتبت خطأ عائدة)

              من أقوال الامام علي عليه السلام

              (صُحبة الأخيار تكسبُ الخير كالريح إذا مّرت بالطيّب
              حملت طيباً)

              محمد نجيب بلحاج حسين
              أكْرِمْ بحاتمَ ، والإبحارُ يجلبُهُ...
              نحو الفصيح ، فلا ينتابه الغرقُ.

              تعليق

              يعمل...
              X