في النقد الأدبي: النقد علم؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    #16
    المشاركة الأصلية بواسطة محمد فهمي يوسف مشاهدة المشاركة
    سلام الله عليك أخي الأستاذ حسين ليشوري
    الحوار الهاديء الهادف للنفع والخير، لا يسمى جدالا ولا تعصبا لرأي، بل هو تبادل للفكر وتكامل للمعرفة، وماذا أفيد أنا أو غيري من صراخ الجدل العقيم إلا التمسك بما ليس فيه نفع للطرفين، فربما يكون الصواب عند غيري وغيرك ممن هو أعلم منا، {وفوق كلّ ذي علمٍ عليم} ومن قال إنني علمت فقد جهل.

    وتعلم مدارس النقد المنهجي من الغير جائز ما دامت مقننة بأحكام واضحة المعالم في الأدبيات في لغات تلك المدارس على أن نعتبر بخيرها ونؤسس لأفضل منه مما يناسب أدبنا العربي لتقليل الجانب الخلافي بين أذواق كلام الناس في الأدب،
    فالنقد فن تذوقي في كلام أدبي بليغ بديع وعلمٍ منهجي في تطبيق قواعد مدروسة بمقارنات أدبية بين الغث والثمين [الغث، أي النحيف، والسمين]لنشجع على الإبداع السليم ونكرم أصحابه بتميزهم على من هم أقل منهم في تطبيق تلك الأصول النقدية حديثة أو منقولة من الغير عربيا أو غير عربي، وإلا تقوقعنا ولم تنتشر حضارتنا بين الأمم ليتعلموا منها كما تمازجت الحضارات أيام العرب الزاهية، والعيب كما تفضلت في قولك:"إنما العيب في "علماء" العرب اليوم وتأثرهم بالنظريات النقدية الغربية ونقلها إلى الأدب العربي وجعلها فرضا على أدبائنا ليتبعوها ويسيروا على نهجها وكأنها وحي منزل"، وهذا تكاسل علمي منهم في البحث والابتكار والإبداع للتفوق والرقي والازدهار.
    والله أعلم.
    أهلا بأستاذنا الجليل وبحواره الجميل.
    ثم أما بعد،
    الجدال، أو الجدل، ليس مذموما كله بل منه المذموم ومنه المحمود، ومنه الإيجابي ومنه السلبي، وقد حمد الله الجدل الإيجابي وحث عليه في قوله تعالى{
    ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}(سورة النحل:
    #125)؛ كما أن التعصب ليس مرذولا كله لأن منه المقبول كما فيه المرذول المرفوض، ولولا التعصب المقبول لما انتصرت القضايا العادلة في التاريخ ومنها قضية الإسلام نفسه، إنما يرفض التعصب للرأي الفاسد حتى وإن كان مبررا أو معللا لأن الحق يعلو ولا يُعلى عليه حتى وإن انهزم في وقت من الأوقات وقل أنصاره ومؤيدوه.

    نعم،
    "
    الكلمةُ الحكمةُ ضالَّةُ المؤمنِ، فحيثُ وجدَها فهو أحقُّ بها" (على ما في هذا الأثر من مقالة عند المحدِّثين لكن معناها صحيح إن شاء الله تعالى) على أن الأخذ من الآخرين ممن هم ليسوا على ملتنا ولا ديننا ولا قيمنا ولا أخلاقنا يكون من العلماء بالصحيح والسقيم ومن العارفين بالسليم والقبيح فيأخذون الجيد وينبذون الرديء ولا يقوم بهذا حق القيام إلا العلماء المتشبعون بالقيم الإسلامية وليس غيرهم أيا كان مستواهم العلمي وشهاداتهم وليس "الأدباء" الذين رباهم المستشرقون على أعينهم وبأيدهم ثم غرزوهم في الأمة كالأجسام الغريبة السامة تمرض أكثر مما تشفي وتهلك أكثر مما تحيي و غرسوهم فيها كالنباتات الطفيلية تمتص نُسْغَ أشجارها فتيبس هذه وتزهر تلك أزهارها الخبيثة.

    هذا ما عنَّ لي إضافته استكمالا للحوار الأخوي بيننا، والله أعلم ونسبة العلم إليه، سبحانه، أسلم وأحكم.

    تحيتي إليك أستاذنا المبجل ومحبتي لك ودمت على التواصل البناء الذي يغني ولا يلغي.

    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

    تعليق

    • حسين ليشوري
      طويلب علم، مستشار أدبي.
      • 06-12-2008
      • 8016

      #17
      رأي الأستاذ الكبير محمد عبد المنعم خفاجي في النقد الأدبي.

      الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
      ثم أما بعد، وأنا أتصفح كتاب "نقد الشعر" لأبي الفرج قامة بن جعفر، رحمه الله تعالى، بتحقيق الأستاذ الكبير
      محمد عبد المنعم خفاجي [2006/1915]، رحمه الله تعالى وعفا عنه وغفر له، قرأت في المقدمة التي كتبها هذا الأستاذ الكبير بعد حديث عن النقد الأدبي: ماهيته وتاريخه وروافده وأصوله وعن أسبقية أرسطو في تقنين "النقد العلمي" ما يلي:"(...) وهكذا نجد أن أصول النقد: قراءة وفهم وتفسير وحكم، وأن الغرض منه كما يقول بعض النقاد دراسةُ الأساليب أو نفوسُ الكُتَّاب أو دراسةُ الآراء والأفكار؛ على أن النقد ذو صلة وثيقة بالذوق، وليس هو مطلق الذوق، بل ذوق ذوي الثقافات الأدبية العالية، والنقد عند كثير من النقاد فن وليس بعلم، فليس عندهم قاعدة ثابتة." اهـ بنصه وفصه من المقدمة المذكورة، (ينظر "نقد الشعر" لأبي الفرج قدامة بن جعفر، تحقيق الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، لا تاريخ، صفحة 15)، فأحببت نقل كلام الأستاذ الكبير إلى هنا ليطلع عليه المهتمون بهذا الفن العريق من فنون الأدب ألا وهو النقد الأدبي.
      قراءة ممتعة ومفيدة.

      sigpic
      (رسم نور الدين محساس)
      (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

      "القلم المعاند"
      (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
      "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
      و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

      تعليق

      • حسين ليشوري
        طويلب علم، مستشار أدبي.
        • 06-12-2008
        • 8016

        #18
        نحو نقد أدبي مستقبلي.

        الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
        ثم أما بعد، مواصلةً للحديث عن النقد وفيه رأيت من المناسب أن أضيف في هذه المشاركة السريعة فكرة جديدة حديثة نسبيا وجدتها في كتاب الأستاذ خالد يوسف والموسوم بـ "في النقد الأدبي وتاريخه عند العرب" وهي أن النقد الأدبي ينحو إلى "القيام بدور "المشرع لرؤى سبَّاقة يهتدي بها الأدب، والمخطط للسبل الواجب اتباعها بالإضافة لدوره كقاضٍ أو حَكَمٍ" اهـ من صص 17/16، طبعة المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1987/1407؛ وهذا يعني أن النقد لا يريد أن يكتفي بتقويم الأدب الموجود والحكم عليه فحسب بل يريد أن يكون موجِّهَ أدب المستقبل والمخطِّطَ له قبل أن يوجد؛ وفي اعتقادي أن هذا النقد الأدبي "المستقبلي" (critique littéraire futuriste أو اختصارا "CLF") [التسمية وترجمتها من عندي] يريد أن يقولب الأدب في أنماط مَرْضِية مسبقا وهو بفعله هذا سيقضي على الذاتية والحرية اللتين يتميز بهما كل إبداع حقيقي، فما الإبداع إن لم يكن في "دوزنة" الذاتية والتمتع بالحرية في الكتابة؟
        هذا ما أحببت إضافته هنا لإثراء الموضوع فما رأيكم دام فضلكم؟

        sigpic
        (رسم نور الدين محساس)
        (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

        "القلم المعاند"
        (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
        "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
        و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

        تعليق

        • حسين ليشوري
          طويلب علم، مستشار أدبي.
          • 06-12-2008
          • 8016

          #19
          الأدب "تعبير جميل عن خيال أصيل".

          المشاركة الأصلية بواسطة محمد فهمي يوسف مشاهدة المشاركة
          الأخ العزيز الأستاذ حسين ليشوري، صديقي وأخي الفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
          جمعتكم طيبة مباركة إن شاء الله
          لولا أنك غالٍ عندي
          ما كتبت حرفا بعد أن قررت أن أحمل قلمي وأرحل طبقا لما حدث في موضوعي المتواضع الذي ما هدفت من ورائه أبدا أن أقول إني ناقد خبير، ومروج كبير ولمهنتي معروف وشهير .. لا وألفُ لا..
          هذا الذي أشرت إليه في آخر مساهمة لك قرأته ولم أشأ أن أدلي به هنا قبلك لأني حسبت أن ستقوم القيامة لمن يحمل راية النقد والحكم على نصوص الأدباء والمبدعين من حيث مواءمتها للقواعد والنُّظم المزمع وضعها وتقنينها للنقد المستقبلي من قِبل الأكاديميين لضبط الأدب العربي بقيود العلم لا بحدود الفن والذوق أولا والذي لا أوافقه ولا أؤيده مثلك.
          والسلام.
          وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
          تقبل الله منا ومنكم، أستاذنا الجليل النبيل الجميل بأخلاقه وعلمه وحلمه وسعة صدره وصبره صالحَ الأعمال وأطيبَها ولاسيما في هذا اليوم المبارك يوم الجمعة.
          أشكر لك كلامك الطيب في حقي بارك الله فيك فما جمعه الحب في الله لا يفرقه الهوى ولا الاختلاف الجزئي العابر.
          أما عما جرى هنا في متصفحك الكريم من تشويش فقد زَيَّلْتُ المشاركات الهامشية ليتمحض لما له صلة بالموضوع المعروض فقط فلا يثنينك التهويش والتشويش على مواصلة إفادة القراء من أعضاء وزوار بعلمك ومعرفتك، بارك الله فيك.

          ثم أما بعد، يريد النقد الأدبي المستقبلي، حسب ما فهمته من عارضه، أن يقولب الأدب في قوالب ثابتة جامدة لتكون موافقة لأهواء النقاد وليس لأهواء الأدباء المبدعين، فهو يسعى للتحرر من تبعيته التقليدية للأدب ليقفز إلى التنظير له بل التخطيط له "كيف يجب أن يكون" وفي هذه النزعة التحررية التخطيطية تقييد للإبداع وتصفيد له وتغليل بل فيه إلغاء للأدب ومحوه أصلا، فما الأدب سوى "تعبير جميل عن خيال أصيل" (هذه من وضعي الآن) فإن "قولِب" صار على نمط واحد وشكل واحد و"نَفَس" واحد فتتشابه حينئذ الكتابات ومن ثمة سيتشابه النقد نفسه فيفقد تنوعه و... نزاعه الأدبي الأبدي فيسقطان، الأدب والنقد، معًا في الرتابة أو "الروتين".

          هذا ما عنَّ لي إضافته إلى هذا المتصفح الجميل والذي سيواصل، إن شاء الله تعالى، مسيرته في عرض شروط النقد الأدبي بما سيجود الله به علينا من قدرة على النشر وطاقة على الصبر.

          تحيتي إليك، أستاذنا العزيز، ومحبتي لك.

          sigpic
          (رسم نور الدين محساس)
          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

          "القلم المعاند"
          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

          تعليق

          • حسين ليشوري
            طويلب علم، مستشار أدبي.
            • 06-12-2008
            • 8016

            #20
            النقد مستويات كما المعلوم من الدين مستويات، (رأي).

            السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
            متصفح ولا أروع منه لست أدري كيف لم أنتبه له، لعل غفلتي عنه جاءت من "كسوفي" عن الملتقى لأكثر من سنة ونصف، الله غالب.

            ثم أما بعد، أرى، والله أعلم، أن النقد الأدبي كالعِلْم بالدين فمنه المعلوم من الدين بالضرورة، والمعلوم من الدين بالبحث والسؤال، والمعلوم من الدين بالاستنباط والاجتهاد، وهي مستويات ثلاثة حسب الفقه في الدين، والمقارنة مع الفارق طبعا إذ الدين ملزِم للمتدين به والنقد ليس كذلك للكاتب الأديب؛ وكذلك النقد الأدبي منه ما هو "معلوم من النقد بالضرورة" لمن يتعاطى الأدب ولو قليلا، ومنه، "المعلوم من النقد بالسؤال والبحث والتعلم" وهو لمن أراد التخصص في النقد الأدبي أو أراد الاستفادة منه في كتاباته الأدبية حتى يتجنب الأخطاء في التحرير والتعبير والتفكير؛ ومنه "المعلوم من النقد بالاستنباط والاجتهاد" وهو لمن تعمق في النقد وتخصص وأوقف حياتَه له، أي تفرغ للنقد، وهي درجة عالية في النقد لا يبلغها إلا "المجتهدون" فيه.

            والنقد ليس ملزِما لأحد فهو وجهة نظر من "قارئ متخصص" يُسمَّى ناقدا والنقد كما قلت مرة في موضوعي: "
            في النّقد الأدبيِّ: النّاقد ذوّاقة":"النقد إبداع عن إبداع، و لذا فهو لا يقل أهميّةً عن الكتابة الفنية الأصلية، و هو كتابة جديدة للنص المنقود، لكنه، و زيادة عن شروط الكتابة الفنية، يخضع لشروط إضافية تمس الناقد ذاته أكثر مما تمس العملية النقدية" اهـ بنصه وفصه، ولماذا لا يكون النقد ملزما؟ لأنه ببساطة "رأي عن نص" والرأي لا يلزِم إلا صاحبه وليس الموجَّهَ إليه، هذا والله أعلم.

            هو رأي أبديته في هذا المتصفح الجميل وقد سرني أنني اطلعت عليه وإن متأخرا ولأن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا.

            تهاني الأدبية لك أختنا الفاضلة أميمة وواصلي الحديث حتى نستفيد منك وحتى يعود من شارك هنا من الأساتيذ إلى هنا لنستفيد من آرائهم الكريمة.

            تحياتي إليك وتقديري لك دائما كما تعلمين.

            sigpic
            (رسم نور الدين محساس)
            (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

            "القلم المعاند"
            (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
            "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
            و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

            تعليق

            • أميمة محمد
              مشرف
              • 27-05-2015
              • 4960

              #21
              المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
              السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
              متصفح ولا أروع منه لست أدري كيف لم أنتبه له، لعل غفلتي عنه جاءت من "كسوفي" عن الملتقى لأكثر من سنة ونصف، الله غالب.

              ثم أما بعد، أرى، والله أعلم، أن النقد الأدبي كالعِلْم بالدين فمنه المعلوم من الدين بالضرورة، والمعلوم بالبحث والسؤال، والمعلوم بالاستنباط والاجتهاد، وهي مستويات ثلاثة حسب الفقه في الدين، والمقارنة مع الفارق طبعا إذ الدين ملزِم للمتدين به والنقد ليس كذلك للكاتب الأديب؛ وكذلك النقد الأدبي منه ما هو "معلوم من الأدب بالضرورة" لمن يتعاطى الأدب ولو قليلا، ومنه، "المعلوم من [الدين.. ربما قصدت الأدب] بالسؤال والبحث والتعلم" وهو لمن أراد التخصص في النقد الأدبي أو أراد الاستفادة منه في كتاباته الأدبية حتى يتجنب الأخطاء في التحرير والتعبير والتفكير؛ ومنه "المعلوم بالاستنباط والاجتهاد" وهو لمن تعمق في النقد وتخصص وأوقف حياتَه له، أي تفرغ للنقد، وهي درجة عالية في النقد لا يبلغها إلا "المجتهدون" فيه.

              والنقد ليس ملزِما لأحد فهو وجهة نظر من "قارئ متخصص" يُسمَّى ناقدا والنقد كما قلت مرة في موضوعي: "
              في النّقد الأدبيِّ: النّاقد ذوّاقة":"النقد إبداع عن إبداع، و لذا فهو لا يقل أهميّةً عن الكتابة الفنية الأصلية، و هو كتابة جديدة للنص المنقود، لكنه، و زيادة عن شروط الكتابة الفنية، يخضع لشروط إضافية تمس الناقد ذاته أكثر مما تمس العملية النقدية" اهـ بنصه وفصه، ولماذا لا يكون النقد ملزما؟ لأنه ببساطة "رأي عن نص" والرأي لا يلزِم إلا صاحبه وليس الموجَّهَ إليه، هذا والله أعلم.

              هو رأي أبديته في هذا المتصفح الجميل وقد سرني أنني اطلعت عليه وإن متأخرا ولأن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا.

              تهاني الأدبية لك أختنا الفاضلة أميمة وواصلي الحديث حتى نستفيد منك وحتى يعود من شارك هنا من الأساتيذ إلى هنا لنستفيد من آرائهم الكريمة.

              تحياتي إليك وتقديري لك دائما كما تعلمين.

              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الكاتب الجزائري الأديب الصحفي المحترم الأستاذ والأخ حسين ليشوري
              وعسى أن تكون بخير وعافية
              ما يعجبني في كتاباتك كقارئة هو تلك الجدية العميقة الهادئة والتي لا أجدها عند كثير من الأدباء الذين يكتبون بجمال ولكن بسطحية
              يعجبني العمق السلس في كتاباتك حتى أنك تدخل للنقد من باب موارب لتخرج سريعا لعدم رغبتك للدخول لعالم شائك مخافة طول الشجب وطول التصدي اللازم الحصول

              أحب الاستنباطات والتحليلات التي تخرج بها ـ هنا عن النقد، والمقارنة، بالتعلم في الدين ـ هذا في حد ذاته يؤكد أن النقد علم ينبغي تعلمه لمن أحب التخصص وأنه لا يؤخذ اعتباطا
              كما أن الدين يحتاج إلى وحي كأصل يعتد به، فالنقد لا غنى له لموهبة.. وإن كان الأول إعجاز رباني والثاني اجتهاد إنساني

              سأتفق معك فيما ذهبت فقط سأعقب عن "النقد وجهة نظر".. يكون كذلك عندما يكون ما زال في دائرة البحث والتعلم والسؤال

              وليس كذلك دائما وجهة نظر.....
              الدليل على ذلك قولك "ومنه المعلوم بالاستنباط والاجتهاد وهو لمن تعمق في النقد وتخصص وأوقف حياتَه له، أي تفرغ للنقد، وهي درجة عالية في النقد لا يبلغها إلا المجتهدون فيه".
              هنا أنت إلى حد ما وضعت شروطا لما هو نقد واضح صريح وجازم لا مراء فيه ولا محاباة ولا تزلف

              إذن في هذه الجزئية نقول بعض النقد لازم حين يكون نقدا ليس عن هوى بل عن استنباط واجتهاد فالاستنباط والاجتهاد بعض أدوات المنهج العلمي
              حين أقول عن نص ما "نص ضعيف" ينبغي الاجتهاد فيما بعده أو تصحيحه أو حذفه فهذه لا تعد وجهة نظر.. بل رأي جازم بأن النص لم يأخذ ما يكفي من المعايير الأدبية ليبقى


              أما وجهة النظر فتبقى خاصة قابلة للأخذ أو الرفض

              جزاك الله خيرا الأستاذ حسين وعفا عنك وعني
              ونفع بك ونفع بنا.. إنك معلم ناصح يعتد به وإن شعرنا أحيانا أن فيك شدة

              بورك في علمك
              ممتنة لما أتحفتني به من حضورك

              تعليق

              • حسين ليشوري
                طويلب علم، مستشار أدبي.
                • 06-12-2008
                • 8016

                #22
                النصوص أنواع من حيث حجمها والنقد أنواع من حيث قطعية النصوص وظنيتها.

                الأستاذة الأديبة الأريبة أميمة محمد: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
                أعتذر إليك عن التأخر الطفيف في التعقيب على مشاركتيك الكريمتين رقم
                #65 وقبلها رقم#63 مع أنني كنت هنا أمس لكن شغلني ما ينشر هنا من "أشياء" غريبة عن الأدب وغريبة عن الملتقى عن التعليق بما يليق على المشاركتين الطيبتين؛ سأرسل الكلام حسب وروده على الخاطر دون ترتيب أو تنسيق إلا ما جاء عفوا، والله المستعان وعليه التكلان.

                ثم أما بعد، الحديث في النقد، الأدبيَّ أو غيرَه [النّصب على الاختصاص]، حديث ذو شجون وتفرعيات كثيرة وأستمر في سوق المثال من الدين كما فعلت في مسألة نسبية النقد في مشاركتي رقم
                #61 أو هو مستويات ثلاثة كما في المعلوم من الدين:"أن النقد الأدبي كالعِلْم بالدين فمنه المعلوم من الدين بالضرورة، والمعلوم من الدين بالبحث والسؤال، والمعلوم من الدين بالاستنباط والاجتهاد، وهي مستويات ثلاثة حسب الفقه في الدين، والمقارنة مع الفارق طبعا إذ الدين ملزِم للمتدين به والنقد ليس كذلك للكاتب الأديب؛ وكذلك النقد الأدبي منه ما هو "معلوم من النقد بالضرورة" لمن يتعاطى الأدب ولو قليلا، ومنه، "المعلوم من النقد بالسؤال والبحث والتعلم" وهو لمن أراد التخصص في النقد الأدبي أو أراد الاستفادة منه في كتاباته الأدبية حتى يتجنب الأخطاء في التحرير والتعبير والتفكير؛ ومنه "المعلوم من النقد بالاستنباط والاجتهاد" وهو لمن تعمق في النقد وتخصص وأوقف حياتَه له، أي تفرغ للنقد، وهي درجة عالية في النقد لا يبلغها إلا المجتهدون فيه." اهـ وقد أعدت الصياغة لتنسجم مع الفكرة التي كنت أود التعبير عنها؛ فأقول، ومن الله أستمد العون: أن الأدب من حيث كونُه نصوصا معبرةً عن الذات تخضع لقانون "الثبوت والدَّلالة والقطعية والظنية" فنحصل على أربعة أنواع من النصوص بالقسمة العقلية، أو الرياضية، الصارمة: 1- نصوص قطعية الثبوت قطعية الدَّلالة؛ 2- نصوص قطعية الثوبت ظنية الدَّلالة؛ 3- نصوص ظنية الثبوت قطعية الدَّلالة؛ 4- نصوص ظنية الثبوت ظنية الدَّلالة (لقد تعمدت ضبط حرف الدَّال في "الدَّلالة" لأن في هذه الكلمة لغتين: بفتح الدّال وهي اللغة العالية وبكسرها وهي اللغة السُّوقية ويجب الحرص على نشر اللغة العالية وتجنب السوقية ما استطعنا إلى ذلك سبيلا حتى ينتشر الأدب الراقي ويضمر السوقي)؛ والنصوص في الأدب تبدأ من الكلمة إلى العبارة إلى الجملة إلى الفقرة إلى النص والنص يشملها كلها، فقد تكون كلمة واحدة "نصا" ويسلط عليها النقد فينوه بها ويرفعها أو يستهجنها ويسقطها كما فُعل بكلمة "مُستشزرات" في بعض شعر امرئ القيس فقد استنكرها النقاد في وقتهم طبعا أما اليوم فلا نكاد نجد أحدا يفهمها فضلا على أن ينقدها.

                فمن النصوص الأدبية ما هو واضح جلي بيِّن (قطعي الدَّلالة نسبيا لا يكاد يختلف في فهمه اثنان) ومنه ما هو ظني الدَّلالة وقد يكون مُغرقا في الغموض، أو التعتيم، فلا يكاد يتفق في فهمه، أو تفسيره، اثنان، وهذا النوع من النصوص مستهجن نسبيا إلا عند أصحابه طبعا لأن من مهام الكتابة الأدبية: "الإمتاع والمؤانسة"، على حد تعبير أبي حيان التوحيدي، فإن استُغلق نصٌّ أو "استُغمض" فكيف لقارئه أن يستمتع به وهو لا يفهمه؟ ومنها، النصوصَ (النصب على الاختصاص أيضا)، ما تتراوح فيه قطعيةُ الدَّلالة وظنيتُها فيكون بعضه مفهوما وبعضه غير مفهوم، وهكذا...ونحن نفترض أن "قطعية الثبوت" ثابتة لتلك النصوص ولا نتلكم عن النصوص المسروقة من أصحابها طبعا إلا من حيث نقدها لذاتها دون النظر إلى ناشريها أهم أصحابها أم سارقوها؟ وهذا موضوع آخر طبعا.

                أما النصوص "المعفونة" من حيث صياغتها، الشكل، ومن حيث مضمونها، المحتوى، فهي لا تصلح لا للنقد ولا حتى للقراءة أصلا كما هو شائع في المنتديات "الأدبية" العربية حيث يُرجم القراء، أو الزوار، بنصوص رديئة شكلا ومحتوى ومع ذلك يزعم أصحابها أنها "نصوص أدبية" وما لها علاقة لا بالأدب ولا بظله ولو من بعيد وقد عرفنا، ونعرف، في ملتقانا هذا ضروبا من هذا النوع الرديء المستهجن العفن.

                والنقد، في ممارسته، يشمل النصوص جميعها من حيث حجمُها من الكلمة إلى النص الطويل وهو يدرسها من حيث قطعية الدَّلالة وظنيتها ومن هنا يتسرب التفريق إلى مستويات النقد هل هو من "المعلوم من النقد بالضرورة"، أو هو "من المعلوم من النقد بالدراسة والبحث"، أو هو "من المعلوم من النقد بالاجتهاد والاستنباط" كما سلفت الإشارة إليه آنفا.

                والآن؟ لماذا يعاني النقد الأدبي من "داء الكساح" المعيق لتطور الأدب ونموه وتقدمه مع وجود النقاد؟ الجواب: لأن كثيرا من "الأدباء"، أدعياء الأدب، لا يقبلون النقد الجاد الصارم مع أنه خادم الأدب وليس مخدومَه وفي النقد الجاد الحاسم "صدقة أدبية" وفيه زكاة وزكاء (نماء) وذكاء و... "تذكية" (ليس بمفهوم "الذبح" ونحن على مشارف عيد الأضحى)، و"تزكية" وكل ما فيه "خيرية" للنص ولصاحبه إن كان صادقا في أدبه وفي نفسه مخلصا له ولها معا في الوقت نفسه [قد نتطرق في المستقبل، إن شاء الله تعالى، إلى مفهومي "التزكية" و"التصفية" و"التخلية" و"التحلية" كما هي في التصوف الإسلامي].

                في ذهني كلام كثير أريد بثه لكنني أكتفي الآن بما قلته هنا على أمل أن يمن الله علي بالقدرة على التعبير عما يجول في خاطري من تفكير في النقد وفي غيره مما له صلة بما نحن بصدده هنا في ملتقانا العامر بأمثالك أختنا الكريمة السيدة أميمة محمد وأعتذر إليك عن هذا الاسترسال في الحديث فلولا شعوري بحسن استقبالك له لما استرسلت.

                (سأنسخ، بعد إذنك، هذه المشاركات إلى بعض متصفحاتي المخصصة للنقد لتكون مع أخواتها هناك)

                تحياتي إليك وتقديري لك مع شكري على التهنيئة بالحفيد الجديد وقد سماه أبوه "محمدا" تيمنا بهذا الاسم الكريم، فاللهم صلِّ وسلم على نبيك محمد وعلى آله الطيبين وأصحابه المكرمين أجمعين في الأولين والآخرين، اللهم آمين يا رب العالمين.

                sigpic
                (رسم نور الدين محساس)
                (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                "القلم المعاند"
                (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                تعليق

                • حسين ليشوري
                  طويلب علم، مستشار أدبي.
                  • 06-12-2008
                  • 8016

                  #23
                  النقد الأدبي علم؟ هذا ما سنراه في مشاركة لاحقة إن شاء الله تعالى.

                  ملحوظة على الطاير: لم أتطرق في مشاركتي أعلاه إلى مفهوم "النقد الأدبي" أعلم هو أم لا؟ لشرود الفكرة عن ذهني أثناء الحديث وسأعود، بإذن الله تعالى، إلى هذا المفهوم في تصوري الشخصي في مشاركة آتية إن شاء الله تعالى.
                  (ينظر:
                  قبسات وشوارد نقدية)

                  ويجدر التنويه بموضوع أستاذنا الجليل الجميل النبيل محمد فهمي يوسف "من يريد أن ينقد أدبا .؟!!" حتى ترتبط المواضيع المتشابهة مع بعضها في بوتقة واحدة.
                  sigpic
                  (رسم نور الدين محساس)
                  (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                  "القلم المعاند"
                  (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                  "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                  و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                  تعليق

                  • حسين ليشوري
                    طويلب علم، مستشار أدبي.
                    • 06-12-2008
                    • 8016

                    #24
                    المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
                    قرأت المشاركة 66 مرة وسأقرأها مرة ثانية إن شاء الله، أحرص بلا شك على قراءة الردود لاسيما الردود النافعة بإذن الله؛ القراءة في النقد تحتاج العمق والتأمل وجديرة بالقراءة لما فيها من استمتاع.
                    لي السرور بانفتاح قريحة الكتابة لديك واسترسالك عن طيب خاطر مما يجعلك تدخل عالم النقد الأدبي طوعا أو كرها فما كتبته حتما نقدي جميل أن تكتب في النقد إضافة إلى الأدب و مقالاتك في النقد الأدبي: النقد علم ، و الناقد ذواقة .. ما هي إلا كتابات سابقة في مجال النقد: النقد، عمق، علم (بالأدب)، صفاء رؤية، دراسة وتأمل، وتلخيص للحاصل(الأدبي).
                    وفقك الله.. أحب النقد الأدبي وأستمتع بقراءة ما هو سلس ومباشر ومقنع ومفيد من وقت لآخر لعلي أكون قارئة جيدة.
                    تحيتي وتقديري.
                    أهلا بي في بيتك الكريم، أنا أرحب بنفسي عندك لعلمي بكرمك وجميل أخلاقك فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
                    أشكر لك تقديرك الطيب لما أخربشه عن النقد فما هي إلا خواطر تأتي وتذهب وأقيدها هنا بالكتابة حسب قدرتي التعبيرية المتواضعة وحسب شهية الحديث أو ... شهوته.

                    ثم أما بعد، وضعتِ أصبعك على أهم نقطة في النقد الأدبي وهي "القراءة" وأقصد القراءة الجيدة والواعية المتأنية وليس المتسرعة المُنْبَتَّة لأن المُنْبَتَّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى كما جاء في الأثر وإن كان في سنده نظر لكن معناه صحيح حتما، فالنقد فن متين لا يستطيع التوغل فيه بسهولة ويسر و...استخفاف، ثم تأتي نقاط النقد الأخرى ومنها معرفة أسسه وأنواعه وطرقه وكيفية عرضه لأن
                    النقد الأدبي إبداع عن إبداع كما سبق لي قوله منذ سنوات وأعدته آنفا (تنظر مشاركتي رقم#61).

                    هل النقد علم؟ هذا تساؤل لطالما نوقش في المنتديات الأدبية في "الشبكة العنكبية العالمية" (أو w.w.w أو
                    World Wide Web) وقبل "الويب" كنت أناقش الموضوع مع بعض الأساتيذ في الجامعة والذين كانوا يطمحون إلى "علمنة" النقد الأدبي وكنت أستغرب طموحهم هذا لأن الأدب ومهما ارتقى في وسائل التعبير لن يكون علما أبدا لأنه فن من فنون التعبير الإنساني وكذلك النقد الأدبي لن يصير علما أبدا إلا إن تجاوزنا في مصطلح "علم" وأردنا به المعنى المجازي وليس معناه الحقيقي، وهنا يجب عرض السؤال الضروري: ما العلم؟

                    "العلم هو إدراك الأشياء على ما هي عليه في الحقيقة" بخلاف المعرفة التي "هي إدراك الأشياء على ما هي عليه في العموم" ولذا لا يجوز وصف الله تعالى بها وإنما يوصف، سبحانه وتعالى، بالعلم و لا ينسب إليها بل إليه فلا يقال:"معرفة الله" بل "علم الله" لأن الله تعالى لا تخفى عليه خافية وإن دقَّت {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ}(آل عمران:5)؛ وفي "الصوفية" يقال "العارف بالله تعالى" ولا يقال "العالم بالله تعالى" إلا من باب المجاز وليس على الحقيقة لأن الله تعالى لا يُعلم بل يُعرف:
                    {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}(الزمر:67)، ولا يجوز التفكير في ذات الله تعالى بل في آيته، فهذا الاستطراد ضروري للتفريق بين "العلم" وبين "المعرفة".

                    أما في النقد الأدبي فهو أحق بالوصف بأنه "معرفة" منه بالوصف بأنه "علم" لما سبق لي قوله عن "قطعية النصوص وظنيتها" (تنظر مشاركتي رقم:
                    #66) فالنصوص الأدبية منها ما هو "قطعي"، جلي الدَّلالة واضحها لا يختلف في تفسيره اثنان، ومنها ما هو "ظني"، غامض الدَّلالة مُبهمها ومن هنا تختلف رؤى النقاد، أو القراء، في نص ما، ومن ثمة تختلف أحكامهم عليه، فلو كان النقد علما لما اختلف فيه اثنان أبدا فهل رأيتِ شخصين يختلفان في علمية "اثنين زائد اثنين"؟

                    لا يكون النقد "علما" إلا إذا اقترَن الحكم على نص ما بالدليل أو البرهان أو الحجة أو التعليل ومع ذلكِ فهو "علم" بالمفهوم المجازي وليس بالمفهوم الحقيقي، فيجب الحديث عن "النقد المعلَّل" الذي يعلل أحكامه مع أن هذا التعليل نسبي شخصي ذاتي قد يتفق عليه النقاد وقد يختلفون ومرد ذلك كله إلى مستوى الثقافة، أو الدراية، التي يملكها الناقد، والنقاد في ثقافاتهم ودراياتهم مختلفون حتما ومتفاوتون بالضرورة ولا نكاد نجد ناقدين اثنين متفقين تماما في ثقافتهما ولا في مستوى درايتهما وإدراكهما ألبتة.

                    تصوري للحظة قصيرة لو صار النقد علما صارما، ويجب أن يسبقه الأدب إلى هذه "العلمية"، كيف يصير؟ لقضي على النقد وعلى الابداع الأدبي كليهما معا فيصيران "باردين"، أو "جافين"، بل "جافيين"، حيث تزول عنهما الذاتية كما هو الحال في العلوم "الدقيقة" الصارمة الباردة، أو الجافة، فيصير الأدب "قوانين"، أو قوالب، و"النقد" "مساطير" (جمع "مسطرة" وهو "مساطر" و"مسطرات" ولكنني جاريت وزن "قوانين" وعلى وزن "مساطيل" جمع "مسطول"
                    ، وإن من يحاول "علمنة" النقد الأدبي لهو - والله - مسطول فعلا إذ جاء بهذا المَقُول)، ولعلك تفضِّيلن في التحف الفنية ما صنع باليد، يد الصانع، فتفرد على ما صنع بالقوالب فتكرر إذ القَوْلَبَة تميت الفنية حتى في التحف المادية فكيف في "التحف" الأدبية الذهنية المتميزة (؟!!! ) بذاتية أصحابها؟ الأمران مختلفان حتما وقطعا.

                    هذا ما ورد على بالي وأن أنظر إلى حالي مع النقد الأدبي الذي هو فن جميل من فنون الآداب القولية الجميلة ولن يكون علما بالمفهوم "العلمي" الدقيق، هذا والله أعلم ثم العارفون بالنقد الأدبي وفنونه وأساليبه القديم منها والعتيق والحديث منها والجديد.

                    مع أخلص تحياتي وأصدق تمنياتي لك بالتوفيق حتى تصيري ناقدة ممتازة يُسمع قولها إن قالت ويرتضى حكمها إن حكمت.

                    sigpic
                    (رسم نور الدين محساس)
                    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                    "القلم المعاند"
                    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                    تعليق

                    • الهويمل أبو فهد
                      مستشار أدبي
                      • 22-07-2011
                      • 1475

                      #25
                      المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
                      أهلا بي في بيتك الكريم، أنا أرحب بنفسي عندك لعلمي بكرمك وجميل أخلاقك فالسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.


                      تصوري للحظة قصيرة لو صار النقد علما صارما، ويجب أن يسبقه الأدب إلى هذه "العلمية"، كيف يصير؟ لقضي على النقد وعلى الابداع الأدبي كليهما معا فيصيران "باردين"، أو "جافين"، بل "جافيين"، حيث تزول عنهما الذاتية كما هو الحال في العلوم "الدقيقة" الصارمة الباردة، أو الجافة، فيصير الأدب "قوانين"، أو قوالب، و"النقد" "مساطير" (جمع "مسطرة" وهو "مساطر" و"مسطرات" ولكنني جاريت وزن "قوانين" وعلى وزن "مساطيل" جمع "مسطول" ، وإن من يحاول "علمنة" النقد الأدبي لهو - والله - مسطول فعلا إذ جاء بهذا المَقُول)، ولعلك تفضيل في التحف الفنية ما صنع باليد، يد الصانع، فتفرد على ما صنع بالقوالب فتكرر إذ القَوْلَبَة تميت الفنية حتى في التحف المادية فكيف في "التحف" الأدبية الذهنية المتميزة (؟!!! ) بذاتية أصحابها؟ الأمران مختلفان حتما وقطعا.

                      مع أخلص تحياتي وأصدق تمنياتي لك بالتوفيق حتى تصيري ناقدة ممتازة يُسمع قولها إن قالت ويرتضى حكمها إن حكمت.

                      شيخنا الوقور بعد التحية والدعاء لك بالصحة واستمرار هذه الروح الجذلة
                      وبعد

                      أظن أن عليك أن تستفتي فيما إذا حقّت عليك كفارة القسم. فالأدب علم والنقد علم إذا كنا نعني بالعلم كل ما يقبل التكرار وبالنتيجة "التعلم"، فما لا يقبل التكرار ليس علما ولا يمكن تعلمه. أما إذا كنا نعني به المعجز والخارق لقوانين الكون والنشاط البشري، فهذا أمر قضى ومضى.

                      وأقسم لك غير حانث أن الهاكرز* يكتبون قصصهم حسب قوالب (formulae) منذ خمسينيات القرن الماضي. (الهاكر في أصلها تعنى من يمتهن كتابة الروايات والقصص كما هي حال كتاب قصص المسلسلات للتلفزيون، وقبل التلفزيون كانوا يكتبون للجرايد والمجلات. فكان لديهم قوالب يصبون فيها تفاصيل لا أكثر ولا أقل). الهاكر اليوم هو الذي يخترق برامج الكمبيوتر لأنه لا يمل ولا يكل (شأن كتاب القصص: مثل شهرزاد) من الانتقال من قالب إلى آخر لأنه خبير بقوالب الحماية. واليوم الذي يخترق الحماية هو برنامج إلكتروني. مع تطور الروباتات ستستغني مؤسسات التلفزة عن كتاب قصصها وتوظف روبات سيبدع قصصا لا تخطر على بال وعلى حسب قوالب مقننة.

                      وتحية طيبة

                      تعليق

                      • حسين ليشوري
                        طويلب علم، مستشار أدبي.
                        • 06-12-2008
                        • 8016

                        #26
                        المشاركة الأصلية بواسطة الهويمل أبو فهد مشاهدة المشاركة
                        شيخنا الوقور بعد التحية والدعاء لك بالصحة واستمرار هذه الروح الجذلة.
                        وبعد: أظن أن عليك أن تستفتي فيما إذا حقّت عليك كفارة القسم، فالأدب علم والنقد علم إذا كنا نعني بالعلم كل ما يقبل التكرار وبالنتيجة "التعلم"، فما لا يقبل التكرار ليس علما ولا يمكن تعلمه. أما إذا كنا نعني به المعجز والخارق لقوانين الكون والنشاط البشري، فهذا أمر قضى ومضى.
                        وأقسم لك غير حانث أن الهاكرز* يكتبون قصصهم حسب قوالب (formulae) منذ خمسينيات القرن الماضي. (الهاكر في أصلها تعنى من يمتهن كتابة الروايات والقصص كما هي حال كتاب قصص المسلسلات للتلفزيون، وقبل التلفزيون كانوا يكتبون للجرايد والمجلات. فكان لديهم قوالب يصبون فيها تفاصيل لا أكثر ولا أقل). الهاكر اليوم هو الذي يخترق برامج الكمبيوتر لأنه لا يمل ولا يكل (شأن كتاب القصص: مثل شهرزاد) من الانتقال من قالب إلى آخر لأنه خبير بقوالب الحماية؛ واليوم الذي يخترق الحماية هو برنامج إلكتروني. مع تطور الروباتات ستستغني مؤسسات التلفزة عن كتاب قصصها وتوظف روبات سيبدع قصصا لا تخطر على بال وعلى حسب قوالب مقننة.
                        وتحية طيبة.
                        أهلا بأستاذنا الجليل الجميل خلقا وأدبا وروحا: الهويمل أبو فهد، وسهلا ومرحبا.
                        أضحك الله سنك فقد جعلتني أضحك رغما عني وأنا أتحضر للذهاب إلى جنازة أحد الأقارب رحمه الله تعالى.

                        ثم أما بعد، ما خضَّرته من كلامك الجميل، في موضوع القسم، فقد أفتاني الله تعالى في كتابه العزيز مرتين:1 في سورة البقرة: {لَّا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ} (الآية 255)، و2 في سورة المائدة:{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ...}(الآية 89) إذن لا تثريب علي في قسمي التوكيدي فقط وليس الجازم الحاسم الصارم.

                        لقد أثبت لي، وللقراء معي طبعا، أن زعمي أن الأدب والنقد لا يمكن أن يكونا علميين بحجة "الهاكرية" المستشهد بها ذاتها، فالقوالب تصلح للصناعة "النمطية" المكررة أو المتكررة أو ... المكرورة، أما الفنية، أو الإبداعية، فلا يمكن قولبتها وإلا صرنا إلى "الشيوعية" الأدبية، وليست الشيوعية علما حتى وإن ادعى أصحابها أنها كذلك "الماركسية العلمية" كما زعموا
                        مثالا !

                        أما قولك:"(...)
                        مع تطور الروباتات ستستغني مؤسسات التلفزة عن كتاب قصصها وتوظف روبات سيبدع قصصا لا تخطر على بال وعلى حسب قوالب مقننة" اِهـ (انتهى) بنصه وفصه فهو يشبه قول القائل:"قطعت جهيزة قول كل خطيب" فعندما تصبح "الروبوتات" أدباء فعلى الأدب السلام وسنكبر عليه ساعتها سبع تكبيرات وليس أربع فقط ولن نحتاج بعدها إلى النقد لا بصفته علما ولا بصفته فنا ولا حتى بصفته "ميكانكيا"، فلماذا يُحتاج إلى النقد و"الأعمال الأدبية" قوالب نمطية؟

                        إذن، أنا سعيد بمداخلتك الجميلة هذه لأنها زادتني يقينا أن الأدب والنقد بصفتهما البشرية/الآدمية ليسا علمين ويمكننا الآن أن أقسم جازما حاسما صارما أنهما، الأدبَ والنقدَ، لم يكونا علمين ولن يكونا كذلك أبد الدهر.

                        ولك، أستاذنا الجليل، التحية الطيبة مع التقدير والاحترام.


                        sigpic
                        (رسم نور الدين محساس)
                        (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                        "القلم المعاند"
                        (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                        "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                        و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                        تعليق

                        • أميمة محمد
                          مشرف
                          • 27-05-2015
                          • 4960

                          #27
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأديب حسين ليشوري تحية طيبة للجميع وأدعو الله أن يسعد أيامكم وينير لياليكم
                          كنت بصدد تحرير المشاركة صباحا لكنها ذهبت هباء، سأحاول هنا إعادة توظيبها و تحريرها إن شاء الله.

                          أما بعد.. أغاظتني الجزئية اثنين زائد اثنين كم تساوي
                          وكيف أن لا جدال فيها وقلت: كيف؟ آه، حسناً
                          فاثنين زائد اثنين يمكن أن تساوي 2 ×2 أو 8÷ 2 أو 2 أس 2 أو حتى 12 - 8 ..
                          يمكنني أن أكتب معادلة معقدة ناتجها أربعة وإذا قلت إن الأربعة أربعة لكن الطريق إليها يختلف
                          كما لا يمكننا جمع 2 سنوات مع 2 شهور
                          أو 2 ساعات و2 دقائق
                          2يوم و2 أسابيع = 16 يوم تصور
                          وماذا لو كانت 2 آحاد و2 عشرات يكون الناتج 22..
                          ماذا لو كانت 2 بطات و2 وزات رغم إن الناتج أربعة طيور لكن الناج في الواقع 2 بط و2 وز
                          بصراحة لا نكاد نتفق في 2 زائد 2
                          فوفي العلوم أكسجين زائد كربون هل يساوي أول أكسيد الكربون أم ثاني أكسيد الكربون؟
                          أمثلة بسيطة لا مراء حولها.. إنه علم اللسان وعالم الأحوال!!

                          النقد ليس دائما إبداع عن إبداع لسنا دوما ملزمين ب تدليل النص وإبراز محاسنه أحيانا بل في ظروف عدة كان علينا الوقوف بصلابة وبدون إبداع إزاء نص رأيناه بما لا يقطع الشك هابطا شكلا ومضمونا وأبدى صاحبه منتهى التعنت فلا يريد تحسينه ولا تطويره ولا الإقرار بابتذاله كنص لا يرتقي لكونه أدبي رفيع
                          الإبداع في النقد ليس مطلبا لازما إلا بما يؤدي اللباقة وحسن التصرف والعطاء والتقديم فلسنا ملزمين بالتطبيل والتزويق للنص مهما أعجبنا إلا في حال فتح بديهيا عفويا لتنامي العطاء والإبداع وفي هذه الحال هو نص ملهم وجرئ ولّد عنه إبداعا آخر هذا يحسب للنص الأصلي وهذا يحدث في الأدب بشكل وآخر مثلما في الملاحم الشعرية المشتركة والمعارضات

                          النقد الأدبي ليس ما هو لاذع ومنتقد، من النقد ما هو وضّاء حيث يلقي الضوء على جوانب النص فيحسب له نوره وإن كان النظر مسلطا دوما صوب جهات سقوط الضوء وليس مصدره لأهمية المادة ذاتها

                          للنقد منطلق علمي من حيث النحو والإملاء ويمكن نقد الشعر بعلم العروض ونقد القصة بالمسلمات فيها من عنوان ومقدمة وحبكة وسرد وشخوص الخ ما عداها متغيرات شأنها شأن 2 بط و 2 وز!
                          المقال صنف أدبي أيضا وما أكثر تشعباته
                          كل ما كان للنقد جذورا معرفية أصيلة لها صلة وثيقة بالعلم ولو العلم(بالشيء والأشياء) كان نقدا أفضل والعلم مناقض للجهل مناقض للإسفاف
                          ولو عرضت على جاهل أبيات من المعلقات أو أبيات من المتنبي فما حسبه أن يفقه فيها

                          قلت:" لا يكون النقد "علما" إلا إذا اقترَن الحكم على نص ما بالدليل أو البرهان أو الحجة أو التعليل ومع ذلكِ فهو "علم" بالمفهوم المجازي"
                          "أما في النقد الأدبي فهو أحق بالوصف بأنه "معرفة" منه بالوصف بأنه "علم" لما سبق لي قوله عن "قطعية النصوص وظنيتها"

                          علم النفس المنطق والفلسفة علوم إنسانية ليست طبيعية تحتاج العقل بما سميته المعرفة
                          على الأقل لا نقد بلا معرفة سابقة بالأدب ودراية به
                          يعتمد فن النقد على أسس اللغة وفنون منطقية ومتفقات إنسانية
                          وما اختلف فيه غير ملزم ويعرض حسب ذائقة الناقد الذي سيقنعنا بوجهة نظره فيها
                          النقد المحنك له سند علمي وأفق أدبي ولا يخضع للمزاج الشخصي أو التخبط التذوقي بل النظرة المحايدة التحليلية والوصفية

                          حللت أهلا ووطئت في بيتك سهلا الأديب حسين ليشوري.

                          تعليق

                          • حسين ليشوري
                            طويلب علم، مستشار أدبي.
                            • 06-12-2008
                            • 8016

                            #28
                            وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
                            أهلا بالأستاذة الغضوب أميمة محمد وسهلا ومرحبا وأنا ضيف عندك.
                            يبدو، والله أعلم، أنك كثيرة الانفعال سريعة الاشتعال مع أنني، والله، ما أردت إغاظتك ولا حتى "نرفزتك" وكل ما في الأمر أنني أكتب عفو الخاطر وباسترسال عفوي دون سابق تحضير.

                            ثم أما بعد، مرَّ علي منذ لحظات فقط ما كنت علَّمتُ عليه في كتاب الشيخ الجليل محمد الطاهر بن عاشور (التونسي) رحمه الله تعالى وغفر له وعفا عنه وأسكنه الفردوس الأعلى، آمين، "أصول النظام الاجتماعي في الإسلام"، وهو كتاب نفيس يجدر بكل مسلم قراءته والاستفادة منه، ما يلي:"إن للتفكير درجات متصاعدة تصاعدا مناسبا لمقادير أفهام المفكرين ومقادير احتياجهم إلى التفكير، وفي الناس عالم ومتعلم وعامي وفي كل صنف من هؤلاء مراتب متفاوتة في وصفه" اهـ بنصه وفصه، (صفحة 53، طبعة 1977، الشركة التونسية للتوزيع والدار العربية للكتاب)؛ وهذا كلام نفيس في غاية النفاسة لأنه يصنف الناس في مجال التفكير، ونحن كمتعلمين مراتب، وحديثنا في النقد، أو في الأدب، ما هو صائب وما هو غير كذلك فلا داعي للغضب ولا لـ"النرفزة" فكل يؤخذ من كلامه ويرد وبالحوار تتلاقح الأفكار عند النزهاء الأخيار ... الأحرار.

                            إن العملية الحسابية البسيطة المقترحة: 2 + 2 = 4 من البدهيات التي لا تحتاج إلى تعليل أو تبرير أو برهنة أو فذلكة أو كذلكة أو فلسفة أو ... تدوير ومهما يكن من أمر فـ 2 + 2 = 4 مهما كانت الشقلبات والتقليبات والأصل في هذا كله ما نيرد جمعه بهذه الأعداد.

                            النقد الأدبي مثله مثل كل انتاج إنساني قابل للقبول وللرفض وللرضى وللسخط وهو مراتب فمنه البسيط الساذج الاعتباطي العفوي وهو الانقد الانطباعي الفوري كأن نقول:"نص جميل"، "نص رائع"، "نص ممتاز" دون أن نزيد؛ وقد يرتقي هذا النوع من النقد إلى تعليل ذلك الانطباع فيقدم ما يبرر الجمال والروعة والامتياز أو التميز؛ وقد يرتفع هذا النقد إلى التحليل المفصل المفسر المؤوِّل
                            وهكذا... إذن: النقد مستويات ومراتب ودرجات، ولسنا مضطرين لتبرير أحكامنا دائما فقد يكون النص مكتفيا بذاته لا يحتاج إلى تعليل وتبرير وتحليل وتفكير تماما كما لا تحتاج عملية الجمع: 2 + 2 = 4.

                            هذا ما أردت إضافته بسرعة حتى لا يفر من ذهني.

                            بارك الله فيك وزادك من فضله، آمين.

                            تحياتي إليك وتقديري لك.

                            sigpic
                            (رسم نور الدين محساس)
                            (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                            "القلم المعاند"
                            (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                            "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                            و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                            تعليق

                            • حسين ليشوري
                              طويلب علم، مستشار أدبي.
                              • 06-12-2008
                              • 8016

                              #29
                              المشاركة الأصلية بواسطة أميمة محمد مشاهدة المشاركة
                              رعاك الله أستاذ حسين، لم أكن غاضبة ألبتة، وكيف لجزئية صغيرة مسلم بها أن تغضبني إنما حاورتك إن سمحت لي ولست ناقدة هنا بل محاورة من منطلق طرق كثيرة تؤدي إلى نتيجة واحدة ولا خلاف على الطريق السليم والنتيجة الصحيحة هذا ما أحببت توضيحه؛ أغاظتني لا تعني أغضبتني إنما ألهمت تفكيري هذا كل شيء.
                              جمعة مباركة أخي الكريم.
                              ورعاك الله تعالى وحماك أختنا الفاضلة السيدة أميمة.
                              يبدو أنني صرت خوافا فصارت أبسط الكلمات البريئة ترعبني، لعلها الشيخوخة تفعل بي الأفاعيل.
                              الحديث في الأدب والنقد الأدبي حديث ممتع لأنهما فنان جميلان يحب الناس، المهتمون، الخوض فيهما و... المشاغبة ورأيت أن سبب الخوض والمشاغبة أن هذين الفنين من نوازغ النفس ومن نتائج الذاتية وهذه الذاتية ليست مرفوضة دائما ولا مردودة بل هي المطلوبة ولاسيما إن جاءت عن تجربة ميدانية ودراية نظرية ورؤية فنية (المدارسة والممارسة و... المجالسة)، وبالمران يُكسب الاتقان، كما أقول، أو "الممارسة تُكسب الاتقان" كما قال غيري.

                              النقد رُؤية شخصية والرؤية حسب قوتها وحدتها ودقتها والناس ليسوا في مستوى واحد في دقة النظر وحدته و... صفائه وإلا لماذا يحتاج كثير من الناس إلى تصحيح النظر بارتداء النظارات أو اتخاذ العدسات اللاصقة؟ وكذلك في الرؤية النقدية نظاراتُها الدراسة والممارسة والاستماع إلى آراء الآخرين ورؤاهم وهكذا...

                              وقد نغفل عن شيء أراه خطيرا وهو "البيئة الثقافية" التي ينبت فيها الناقد، وكذلك الأديب الكاتب، ومن هذه "البيئة الثقافية" عامل الدين في تشكيل ذهنية الناقد، أو الكاتب، فمن كانت له قاعدة دينية، صحيحة صالحة مستقيمة أو خاطئة زائفة منحرفة، ينطلق منها في رؤيته الدنيا والحياة بل الكوْن لا يكون في انتاجه الأدبي، والنقدي، كمن لا دين له ولا تربية دينية أبدا.

                              نحن نغفل في حديثنا عن الأدب والنقد هذا الجانب الحساس والكبير والخطير وكأنه، في أذهاننا، من البديهيات التي لا تُغفل مع أنه مغفول تماما أو كأنه لا أهمية له ومن هنا يتسرب إلينا الخلاف والاختلاف في الأحكام.

                              هذه خواطر حلت بذهني الآن فأحببت تسجيلها قبل أن تفر منه.

                              تحياتي إليك وشكري لك على هذه الفرصة الطيبة للحديث في موضوع يشحذ الخاطر ويثير الأفكار.

                              sigpic
                              (رسم نور الدين محساس)
                              (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                              "القلم المعاند"
                              (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                              "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                              و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                              تعليق

                              • حسين ليشوري
                                طويلب علم، مستشار أدبي.
                                • 06-12-2008
                                • 8016

                                #30
                                عودة إلى دعوة المدارسة للممارسة.

                                عودة إلى دعوة المدارسة للممارسة: النقد دراسة ثم ممارسة وليس علما للمخارسة بل للمنافسة

                                في مسألة "النقد علم؟" نظر، وفي العنوان المثبت استفهام بسيط معلن وفيه استفهام إنكاري مبطن إذ أنني ممن ينكرون كون النقد الفني عموما والنقد الأدبي خصوصا علما حتى وإن تجاوزنا في مفهوم لكمة "علم"، ولو قلنا: "النقد معرفة" لكنا أقرب إلى الصواب في تقديري الشخصي طبعا، والنقد الأدبي فن من فنون القول يرتكز على الذوق والنّاقد ذوّاقة.

                                تحت يدي كتاب قيم جدا للأديب المصري
                                أحمد أمين، رحمه الله تعالى وغفر له وعفا عنه، بعنوان "النَّقد الأدبيُّ" من منشورات عام 1952/1371، وهو العام الذي ولدت فيه، بل هو أسن مني بأشهُر، وهذه الملاحظة ضرورية، بالنسبة لي على الأقل، لأنها تبين أن ما عالجه الناس في هذا الموضوع بالذات أقدم مني وجودا في الحياة المعاصرة فالأفكار المعروضة إذن قديمة نجددها اليوم أو نكررها حتى لا يجور عليها الزمان بالنسيان أو يجور عليها الإنسان بالنكران.

                                يحاول الأستاذ
                                أحمد أمين، رحمه الله، إقناع طلبته في حينه وقرائه بعد حينه أن النقد الأدبي "علم" يمكن ضبطه وتقنينه وتقعيده وقد عرض اعتراضات المناهضين لهذه الفكرة ورد عليها بأدلة رآها، وعرض آراء من يقول بعِلْمية النقد الأدبي وأيدها ما يدل على أنه يقول بعلمية النقد الأدبي وهو ما سنحاول مناقشته إن شاء الله تعالى.

                                لما كنت أستاذا في الجامعة وكان بعض أساتذتي ممن يقول بعلمية النقد الأدبي كنت أعترض بشدة كونه علما لأن النقد مؤسس على الذوق الشخصي، والذوق بدوره مبني على الثقافة الشخصية المتراكمة من الدراسة والمطالعة والتنشئة الاجتماعية العامة والخاصة، والناس في هذا الشأن متفاوتون وليسوا سواءً ألبتة، وبناءً عليه فلا يمكن أن يكون النقد الأدبي علما فما يحكم به شخص/ناقد على شيء/نص أنه "جميل"، أو "رائق"، أو "ممتع" قد لا يوافق عليه شخص/ناقد آخر على كونه كذلك، لأن الأذواق متفاوتة كتفاوت الأرزاق.

                                هذا، وللحديث بقية، إن شاء الله تعالى، إن كان في العمر بقية
                                .



                                sigpic
                                (رسم نور الدين محساس)
                                (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                                "القلم المعاند"
                                (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                                "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                                و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                                تعليق

                                يعمل...
                                X