الإنسان، ذلك المجهول

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد شهيد
    أديب وكاتب
    • 24-01-2015
    • 4295

    الإنسان، ذلك المجهول

    الإنسان، ذلك المجهول*

    عندما أراد الطفل أليكسي أن يصبح طبيباً جرّاحاً يخفف من آلام البشر، عكف عقوداً في المختبر لا يكل ولا يمل من دراسة جسم الإنسان في أدق تفاصيله. خرج بعد جهد وعناء بجائزة نوبل للطب كتب عليها: "جرّاح بارع".

    فلما عرجت به الرحلة نحو معرفة نفس الإنسان (دون جسده)، غادر المعمل و صار يسيح متجولاً في الأرض بين بني البشر عساه يجد في سلوكاتهم وتصرفاتهم - وهو الجرّاح المتمكن - ما يمكنه من تطوير أساليب ناجعة لصقل النفس و نحت المدارك و تهذيب السلوك فتعم السعادة و يسود الرخاء في عالم خال من الصراعات و الحروب. تاه أليكسي الكهل في المسير و شرد عن الطريق لمدة لا تقل عن تلك التي قضاها في المختبر عاكفاً على دراسة جسم البشر. و في نهاية المطاف، وبعد طول الرحلة في البحث و التنقيب، عاد إلى المختبر خاوي الوفاض. أخرج من محفظته كناشاً و قلما ونحت من الكلمات عبارات لو نقشت بالإبر على آماق البصر لكانت عبرة لمن اعتبر: "أيها الإنسان، ذلك المجهول: اعلم على أن صقل نفسك التي بين جنبيك لا يحتاج إلى طبيب جرّاح، بل إلى نَحّات متمرّس. لكن، لا تبحث عنه بعيداً، فإنك أنت الرُّخام و أنت النحّات".

    م.ش.

    * مستوحاة من مسيرة الطبيب الجراح الفرنسي أليكسي كارل Alexis Carrel الحائز على جائزة نوبل للطب عام 1912 وصاحب كتاب شبه فلسفي وسعت شهرته جل بقاع العالم وترجم لعدة لغات: "الإنسان، ذلك المجهول"/ L’homme, cet inconnu/ Man, the unknown.
    التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 12-12-2017, 16:37.
  • زياد الشكري
    محظور
    • 03-06-2011
    • 2537

    #2
    فلسفة جميلة منك كما اعتدنا في تداعياتك التي يحفر فيها معولك في العمق .. "الإنسان ذلك المجهول" عنوان لكتاب أظنه في احدى ذواكري، لا أذكر لمن هو، مصطفى محمود أم أنيس منصور عليهما رحمة الله .. تذكرت هنا قصتك عن حي بن يقظان، تحياتي لك.
    التعديل الأخير تم بواسطة زياد الشكري; الساعة 12-12-2017, 13:18.

    تعليق

    • محمد شهيد
      أديب وكاتب
      • 24-01-2015
      • 4295

      #3
      كما ذكرت في التذييل، العنوان هو نفسه عنوان كتاب الطبيب الجراح الفرنسي Alexis Carrel ألفه سنة 1935. الكتاب ترجم إلى لغات عديدة و منها العربية لكنني لم أطلع عليها. ختم أليكسي كارل مقدمة النسخة الأمريكية للكتاب بقوله على أن الإنسان لا بد له من جهد وتعب كي يعيد بناء نفسه. و هذا التعب إنما سببه هو كون الإنسان الرخام و النحات في آن واحد.

      محبتي، صديقي زياد.
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 12-12-2017, 13:53.

      تعليق

      • محمد شهيد
        أديب وكاتب
        • 24-01-2015
        • 4295

        #4
        ومن الذكاء ما قتل. اليكسي كارل رغم ما بلغه قيد حياته من منزلة بحيث سميت العديد من الشوارع و الأزقة باسمه وجامعة ليون الفرنسية كان اسمها على اسمه و كندا كان بها شوارع باسمه و أكثر من ذلك، فاسمه كذلك علق على أحد الأجرام الكوكبية و و و... لكن بالرغم من ذلك، كان من أنصار النازية و أحد أبرز علمائها المؤيدين لنظرية الجنس الآري. فمن أجل ذلك، شرعت العديد من الدول اليوم في بثر أدنى علاقة اسم كارل بمنشئاتها أو مؤسساتها. جامعة ليون غيرت اسمها، مونتريال شطبت على اسمه من أحد شوارعها و اسمه سيمسح من ذاكرة التاريخ. ربما مثال أليكسي كارل يزيدنا قناعة على أن الذكاء سرعان ما ينقلب إلى غباء و المثقف الحر النزيه من تكون لديه الجرأة و النخوة لكي يصف ذكاء العالم ذكاء و غباءه غباءً. فالعصمة للأنبياء و ما سواهم قابل للنقد و الأخذ و الرد.

        عندما أُقَلّب صفحات التاريخ التي احتفظت لنا بأهم منجزات البشرية في مختلف المجالات عبر العصور، أكاد أشعر بالدونية أمام ذكاء أصحاب تلك المنجزات الجبارة. و سرعان ما أضيف شهادة العرفان مني إليهم لما أفنوا حياتهم من أجله قد عاد و لازال في كثير من الأحيان يعود علي و على بني البشر بالمنفعة إما الحسية أو المادية. لكن، عندما أغوص في
        التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 06-01-2018, 21:15.

        تعليق

        • محمد شهيد
          أديب وكاتب
          • 24-01-2015
          • 4295

          #5
          ورد في مقدمة النسخة الأمريكية للكتاب:

          "يجب على الإنسان أن يعيد صياغة نفسه حتى يستطيع التطور من جديد. ولكنه لن يستطيع ذلك دون أن يتعب؛ لأنه الرخامة و النحات في آن واحد. عندما يكثف جهوده بالنبش في عمق جوهره، حينها سوف تتطاير الشظايا و يبدو بوجهه الحقيقي."

          تعليق

          • محمد شهيد
            أديب وكاتب
            • 24-01-2015
            • 4295

            #6
            الرخامة و النحات: أهو المجاز أم تعبير صريح عن حقيقة التغيير؟ لم أجد جواباً أبلغ من صريح الآية الكريمة: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (الرعد:11).

            وهل بعد هذا القول الإلهي الصريح صراحة!؟

            تعليق

            • نورالدين لعوطار
              أديب وكاتب
              • 06-04-2016
              • 712

              #7
              أهلا بك صديقي
              على الدّوام كنت أتجاهل هذا الكتاب كلّما صادفته في رحلاتي عبر العنكبوتية، وكنت أحسبه من تلك الكتب التي تحوم حول "التنمية البشرية" التي أتحاشاها، هذا المساء كنت هنا فذهبت إليه فوجدته قريبا من علم الإناسة، وإن كان أسلوب الطرح أقرب إلى انطباعات منه إلى العلمية.

              كنت هنا، أحيّيك.

              تعليق

              • محمد شهيد
                أديب وكاتب
                • 24-01-2015
                • 4295

                #8
                صدقني إن قلت لك أن أول ماسمعت بالكتاب كنت في الإعدادي في التسعينيات لما ذكره وأثنى عليه...الشيخ كشك رحمة الله عليه في إحدى الأشرطة التي كانت تتناقلها الباعة المتجولة في الأحياء العتيقة! كما سبقت الإشارة إليه، لم أكن حينها أهتم بشيء آخر غير الفلسفة التي شدتني في أساليب المشائية و الحوارات العقلانية. الذي ذكرني بالكتاب هو عندما تخصصت في السيميائيات صادقت اقتباس كريستيفا للعنوان، في كتابها : Le langage, cet inconnu حينها قرأته وإلى اليوم لايزال تأثيره علي واضحاً. الرجل كان عالما بحق لولا اقحامه في دهاليز ايديولوجيا النازية التي قلبت عليه الموازين De façon posthume فانتقص من قيمته الغرب ومنهم كندا.

                أما عن كتب التنمية البشرية، فلا يجرني إليها إلا كتاب Dale Carnegie الأب الروحي للتيار أو بعض من نهجوا نهجه.

                تحية مسائية، سي نور الدين.
                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 16-09-2018, 09:11.

                تعليق

                يعمل...
                X