عندما أُقَلّب صفحات التاريخ التي احتفظت لنا بأهم منجزات البشرية في مختلف المجالات عبر العصور، أكاد أشعر بالدونية أمام ذكاء أصحاب تلك المنجزات الجبارة. و سرعان ما أضيف شهادة العرفان مني إليهم لما أفنوا حياتهم من أجله قد عاد و لازال في كثير من الأحيان يعود علي و على بني البشر بالمنفعة إما الحسية أو المادية. لكن، عندما أغوص في أعماق سيرة بعض أذكياء التاريخ الذاتية، ينتابني فزع رهيب لما أكتشفه عنهم من أفكار و معتقدات ـ بل حتى بعض التصرفات و المواقف - التي تهدم، من شدة سوادها و خبثها - ذلك الهرم الفرعوني المحاط بشخصهم شبه المقدس. فأخلص إلى نتيجة تكاد تكون لازمة: أن من الذكاء ما قتل (صاحبه) أو قتل (غيره).
أكتب هذا و ذهني يجر علي مثالين أذكرهما على عجل، و هما موضوعان طرحتهما من قبل بصيغتين مختلفتين : كاتب ياسين و أليكسي كارل.
عندما ذكرت ذكاء الأديب الجزائري كاتب ياسين، في مقالة بعنوان : كاتب ياسين: عبقرية أم غباء؟، أردت بذلك أن أعترف له و لأسلوبه بالفضل علي لكوني من المعجبين بتمكنه من لغة موليير التي كان يكتب بها قيد حياته. و قد حصل الاعتراف و انتهى. لكنني ذكرت مواقفه المعادية للإسلام والتي جهر بها و شغل الرأي العام بها أيضا قيد حياته ولم ينكرها. فوصفت ادعاءه على الإسلام بالبهتان المبين و أفكاره تلك وصفتها بالغبية و الماكرة. فلا يلمني قائل على أنني بوصفي هذا أحارب الإبداع - و قد لامني بعضهم بهذا - لأنني لا أنكر موطن الإبداع و لا أغفل موضع الغباء، سواء عند ياسين أو عندي أو عند غيرنا.
يجرني الحديث إلى ذكر الشخصية الثانية: أليكسي كارل، الطبيب الجراح الفرنسي، الحائز على جائزة نوبل للطب عام 1912. كان لذكاء الرجل بالغ الأثر في مجال الطب و الجراحة، إذ يرجع له الفضل في ابتكار أساليب متطورة آنذاك في خياطة الأوعية الدموية، و كان رائدا في نقل و زراعة الأعضاء الحية و جراحة الصدر. و هو أيضا صاحب كتاب مميز يحمل عنوان: "الإنسان، ذلك المجهول"، وهو عبارة عن مقاربة شبه فلسفية بين أسرار أودعها الخالق في جسم الإنسان، و بين بحث البشرية عن السعادة الحقيقية. والكتاب فيه نقد لاذع و صريح لهمجية الحضارة الغربية القاتلة التي أدت إلى إبادة الملايين من البشر.
وهنا يقف الذكاء و يبدأ الغباء. و إليك السبب كما ذكرته على هامش نص "الإنسان، ذلك المجهول":
م.ش.
أكتب هذا و ذهني يجر علي مثالين أذكرهما على عجل، و هما موضوعان طرحتهما من قبل بصيغتين مختلفتين : كاتب ياسين و أليكسي كارل.
عندما ذكرت ذكاء الأديب الجزائري كاتب ياسين، في مقالة بعنوان : كاتب ياسين: عبقرية أم غباء؟، أردت بذلك أن أعترف له و لأسلوبه بالفضل علي لكوني من المعجبين بتمكنه من لغة موليير التي كان يكتب بها قيد حياته. و قد حصل الاعتراف و انتهى. لكنني ذكرت مواقفه المعادية للإسلام والتي جهر بها و شغل الرأي العام بها أيضا قيد حياته ولم ينكرها. فوصفت ادعاءه على الإسلام بالبهتان المبين و أفكاره تلك وصفتها بالغبية و الماكرة. فلا يلمني قائل على أنني بوصفي هذا أحارب الإبداع - و قد لامني بعضهم بهذا - لأنني لا أنكر موطن الإبداع و لا أغفل موضع الغباء، سواء عند ياسين أو عندي أو عند غيرنا.
يجرني الحديث إلى ذكر الشخصية الثانية: أليكسي كارل، الطبيب الجراح الفرنسي، الحائز على جائزة نوبل للطب عام 1912. كان لذكاء الرجل بالغ الأثر في مجال الطب و الجراحة، إذ يرجع له الفضل في ابتكار أساليب متطورة آنذاك في خياطة الأوعية الدموية، و كان رائدا في نقل و زراعة الأعضاء الحية و جراحة الصدر. و هو أيضا صاحب كتاب مميز يحمل عنوان: "الإنسان، ذلك المجهول"، وهو عبارة عن مقاربة شبه فلسفية بين أسرار أودعها الخالق في جسم الإنسان، و بين بحث البشرية عن السعادة الحقيقية. والكتاب فيه نقد لاذع و صريح لهمجية الحضارة الغربية القاتلة التي أدت إلى إبادة الملايين من البشر.
وهنا يقف الذكاء و يبدأ الغباء. و إليك السبب كما ذكرته على هامش نص "الإنسان، ذلك المجهول":
أليكسي كارل رغم ما بلغه قيد حياته من منزلة بحيث سميت العديد من الشوارع و الأزقة باسمه وجامعة ليون الفرنسية كان اسمها على اسمه و مونتريال الكندية كان بها شارع باسمه و أكثر من ذلك. فاسمه كذلك علق على أحد الأجرام الكوكبية و و و... لكن بالرغم من ذلك، كان من أنصار النازية و أحد أبرز علمائها المؤيدين لنظرية الجنس الآري. فمن أجل ذلك، شرعت العديد من الدول اليوم في بثر أدنى علاقة اسم كارل بمنشئاتها أو مؤسساتها. جامعة ليون غيرت اسمها، مونتريال شطبت على اسمه من أحد شوارعها و اسمه سيمسح - أو يكاد يمسح - من ذاكرة البشرية كأحد عظماء التاريخ.
ربما مثال أليكسي كارل يزيدنا قناعة على أن الذكاء سرعان ما ينقلب إلى غباء و المثقف الحر النزيه من تكون لديه الجرأة و النخوة لكي يصف ذكاء العالم ذكاء و غباءه غباءً. فالعصمة للأنبياء و ما سواهم قابل للنقد و الأخذ و الرد.
ربما مثال أليكسي كارل يزيدنا قناعة على أن الذكاء سرعان ما ينقلب إلى غباء و المثقف الحر النزيه من تكون لديه الجرأة و النخوة لكي يصف ذكاء العالم ذكاء و غباءه غباءً. فالعصمة للأنبياء و ما سواهم قابل للنقد و الأخذ و الرد.
م.ش.
تعليق