قضايا فكرية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نورالدين لعوطار
    أديب وكاتب
    • 06-04-2016
    • 712

    قضايا فكرية

    أهلا بكم

    هل تحب التفلسف؟ مؤكد ستجد بعضا مما كنت عنه تبحث في هذه الصفحة؟
    كثيرة هي الأسماء التي تسمعها وتختزل في عبارة، هنا ستجد أن تلك العبارات تدل على حقل ونسق ورؤية، تلك العبارة نجم عملاق له مجال جاذبية كالذي تحدثه الشمس فترغم كواكب المجموعة الشمسية على الالتفاف حولها. يومك حافل بالأفعال بالكلمات بالأحاسيس بالمشاعر بالتفاعل، أشياء عادية تماما تعيشها كما يعيشها غيرك، في الميزان الفلسفي لا يوجد شيء بديهي، سهل عليك أن تقول هذا مقبول وهذا مرفوض، في الميزان الفلسفي لا قبول بدون حجة ولا رفض بدون حجة، هنا الأفكار تحتك ببعضها حتى تبدو ملساء شفافة كحجر الوادي المصقول.

    أهلا بكم في عالم لا يشبه العوالم، رغم أنه من صميم عالم الإنسان.

    الموضوع الأول هو الجمال
    ليس الجمال بأثواب تزيننا ولكن الجمال جمال العلم والأدب، بيت نقوله دائما، نستشهد به و هو للإمام علي كرّم الله وجهه.
    لو أخذنا هذا البيت وجدنا سقراط مؤيدا لهذه المدرسة، تلك المدرسة التي ترى الجمال جمال أخلاق وأدب وحسن معاملة وفضيلة و علم، وعند أفلاطون فالجمال هناك في عوالم المثال "الخير"، وهي عوالم لن تصلها إلا بالمجهود الفلسفي العقلي. هي مدرسة تغض الطرف عن العالم الواقعي عالم الشهوة و المال والأخطاء، عالم اللذة الحسية، تفر منه إلى عالم الكمال والروح.
    إن كان أفلاطون يرى الفن محاكاة للواقع الذي هو واقع مشهوه، فالفن تشويه إضافي لما هو مشوه، لذلك طرد الفنانين من جمهوريته، على عكس أريسطو الذي يرى الفن محاكاة للواقع تطهرنا من مشاعرنا السلبية، فالجمال عنده هو تناسق الأجزاء المكونة للشيء الجميل.
    هكذا بدأت قصة الجمال و ظهر التيار الذاتي و الموضوعي
    فكانط يعتبر الجمال ذاتيا، أي أنه يسكن فينا ونسقطه على الأشياء.
    أما الموضوعيون فهم يرون الجمال مستقلا عن الذات و موجودا فعليا في الموضوع وله قوانين تحكمه. فجمال القصة والرواية مثلا موجود في شكلها و الطريقة التي حيكت بها حبكة الحكاية و متى مورس التطويل والتقصير للحدث و نجاعة التغريب والتجريب ....

    هكذا أعطيت انطلاقة الموضوع أستاذي محمد شهيد
    الآن يمكنك أن تدخل إلى موضوع الغرفة الصينية واختبار تورين

    فقط قبل ذلك أريد أن أعطي تأطيرا للفيلسوفين،
    تورين، عالم اجتماع يرصد حركية المجتمع لا استقراره، فهو يرى الحركة أصل في الشيء، هكذا فهو يناهض فكرة استقرار البنية بل يعتبرها متحركة على الدوام، فهو يدرس الحركات المتمردة والثورات. عكس فيبر مثلا الذي يتبنى أن عامل استقرار المجتمع مرتبط باستقرار القيمة، فالقيم الثابة هي التي تصنع المجتمع المتماسك، فتورين يعتقد أن الحاسوب " المادة يمكن أن تصبح عاقلة ".
    سيرل، فيلسوف عقلاني، يكرس فلسفته للرد على ما بعد الحداثة والتفكيكية، يريد الرجوع إلى العقلانية والحداثة، فهو يؤمن بقوة الفكرة و يرى أن العقل الإنساني سوف لن يصله الحاسوب.

    سأعيد نشر مداخلتي التي ستعقب عليها
  • نورالدين لعوطار
    أديب وكاتب
    • 06-04-2016
    • 712

    #2
    مداخلتي

    لكن عندما يلتقي فرنسي مع رجل أمي في أدغال أندونيسيا مثلا فهل هذا الرجل سيحس بجمالية اللغة الفرنسية. إذن هنا لا يوجد الجمال في الشيء ذاته بل في الإطار الذي حددته خبرتك مع الشيء، فالفرنسي سيظل دائما يعتقد أن لغته أجمل لغة حتى ينفتح على لغة أخرى ويتموضع فيها عند ذاك سيعرف أن هناك جمالا آخر للغة غير الذي كونه من قبل. هذا إن لم يكن متعصبا، فستظهر لغته دائما هي الأجمل وهنا الأجمل حقيقة ليس اللغة بل أشياء أخرى تتمظهر من خلالها وهنا يصعب أن أدخل إلى هذا المجال لأشرح لماذا نحتفظ بالشيء وكيف نحتفظ به.

    تعليق

    • محمد شهيد
      أديب وكاتب
      • 24-01-2015
      • 4295

      #3
      رد م.ش.

      نور الدين،

      ذكرت في إحدى مداخلاتك الأخيرة :
      لكن عندما يلتقي فرنسي مع رجل أمي في أدغال أندونيسيا مثلا فهل هذا الرجل سيحس بجمالية اللغة الفرنسية. إذن هنا لا يوجد الجمال في الشيء ذاته بل في الإطار الذي حددته خبرتك مع الشيء، فالفرنسي سيظل دائما يعتقد أن لغته أجمل لغة حتى ينفتح على لغة أخرى ويتموضع فيها عند ذاك سيعرف أن هناك جمالا آخر للغة غير الذي كونه من قبل. هذا إن لم يكن متعصبا، فستظهر لغته دائما هي الأجمل وهنا الأجمل حقيقة ليس اللغة بل أشياء أخرى تتمظهر من خلالها وهنا يصعب أن أدخل إلى هذا المجال لأشرح لماذا نحتفظ بالشيء وكيف نحتفظ به.

      لست أدري إن كنت على علم بهذا، وإلا حاول أن تطلع على ماجاء به
      Searl في اقتراحه الغريب المعروف في الأوساط الفلسفية ب La chambre chinoise رداً منه على فكرة معقدة تقدم بها العبقري Turin و التي تعرف باسم Le test de Turin.
      لأن ردي على آخر أفكارك سيتطرق لهذه الجدلية.
      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 13-01-2018, 18:03.

      تعليق

      • محمد شهيد
        أديب وكاتب
        • 24-01-2015
        • 4295

        #4
        قبل أن نتطرق إلى حيثياث الجدل الفكري حول فكرة Searl و The Chinese Room "الغرفة الصينية" كمحاولة منه للرد على Turin و نظريته المعلوماتية حول مايسمى فيما بعد Artificial Intelligence وذلك من خلال التحدي الذي وضعه فيما أسماه Turin Test، أود أن نعود إلى مفهوم "الجمال" كما ورد في نقاشنا منذ بضعة أيام.

        تعليق

        • محمد شهيد
          أديب وكاتب
          • 24-01-2015
          • 4295

          #5
          مداخلة نور الدين لعوطار


          الجمال مصطلح عقلي "فلسفي" فلا يوجد شيء اسمه الجمال موضوعيا.
          السعادة مفهوم عقلي لا يوجد ما نسميه السعادة.
          ما هو نفسي هو الحزن مثلا، هو الفرح هو المرح والانشراح هو الاشمئزاز. هذه الحالات النفسية تؤسس مفاهيم السعادة والشقاء والجمال والقبح عقليا. فلكي أكون سعيدا هناك مجموعة من العوامل المؤثرة منها ماهو خارجي وماهو داخلي، الخارجية تتمثل في مجموع الأشياء الخارجة عن الذات التي تكون استجابتي لها موجبة، أي أنه تأسست روابط تعلّق مع هذه الأشياء لأنها تجعلني مرحا، وماهو داخلي هو تلك الخلفيات الناتجة عن تجربتي مع الأشياء الخارجية و ما أحمله من غرائز وثقافة تجعل الأشياء الخارجية تتشكل معرفيا في ذهني بشكل مختلف.
          فالجمال يتأسس كتوصيف للأشياء الباعثة على السعادة، التي تسعدني، تكون موضوع إغراء ذاتي، تجعلني مرحا تجعلني أستمتع باللحظة ولو بالخيال عند تذكر شيء جميل.
          نعم في الغالب نحب أن نتصف بالجمال، وتأسس التجميل لتلبية هذه الحاجة، وكذا فنون اللباس، وغيرها من الصنعات التي تهدف إلى تلميع المظهر وهو شيء إيجابي و مقبول، لكن لا يكفي أن تحب الجمال لتصير جميلا عند الناس، فمثلا الفتاة الأكثر جمالا تكون موضوع غيرة عند بعض النساء، لأنها بطريقة أو بأخرى تجعلهن في الظل أي أن جمالها يؤذيهن، و أيضا تجد شخصا تبدو له قبيحا فقط لأنك حصلت على امتياز أو رتبة اجتماعية بسيطة، يرى نفسه هو الأحق بها هو صاحبها لكنك أخذت تلك المكانة، فالبضرورة لن تثير في نفسه سعادة، لأن نفسه تعلقت بذلك الشيء، تأسست علاقة ليبدوية أو علاقة وجودية بينه وبين ذلك الحلم وكنت أنت المانع، فسيسلط عليك سهام طاقته السلبية، وستبدو في نظره أقل جمالا أو قبيحا و سؤسس مجموعة من الحجج و لا أقول الأدلة ليظهر صحة معتقده فيك.
          من منطلق أن الجمال مفهوم عقلي صرف أي أنه ليس موضوعيا وإن كان توافقيا في حالات عديدة مما يؤسس لوجوده الفعلي على الأقل كمفهوم، فنقول زهرة جميلة، قوس قزح جميل، الطاووس جميل......، فالجمال لا يمكن معرفته إلا بمعرفة القبح والحب بمعرفة الكراهية والسعادة بمعرفة الشقاء..... فأن يملأ الجمال تصرف إنسان غاية ،و عنوان يصعب تحققه واقعيا بشكل فعلي سواء تعلق الأمر برابعة أو غيرها، فالأحادية هذه صعبة في عالم متعدد حتى الثنائية فيها حدية وقطبية، فالجمال مراتب وتدرج، وحبذا لو كانت خصلة واحدة في الشخص محفزا لنا على اعتباره إيجابيا، فالكثيرون يعتقدون أنك لا تقبلهم بمجرد أن لك رأيا مخالفا له في مسألة محدّدة وغير قابلة للتعميم، شخص آخر يرفضك بالإطلاق لأنك لم تناصره في جزئية، وهذا يحدث ارتباكا تواصليا ولعل الكثير من عيوبنا التواصلية لها أسباب معرفية متعلقة بسيطرة هذه الأحادية أو الثنائية. قلت لو كنا نوظف أحسن توظيف صفاتنا الإيجابة تواصليا لأسسنا لعلاقات تواصلية يطبعها القبول بالتعدد. مثلا هذا شخص يفيد المجتمع في الجانب العملي وهذا في الجانب الفكري وهذا في الجانب الرياضي والآخر في الجانب الفني ........ وهكذا نحصل على مجتمع يقدر أفراده بعضهم بعضا و نعرف أن الجمال هو هذه الفسيفساء من الألوان لا صورة نمطية.
          فعندما تقول لشخص إما أن تهذب ألفاظك أو تغير ملابسك فهذا يعني الإيمان بالحدية كأسلوب فكر وتصرف، فلو قال له حاول أن تكوك ألفاظك بقدر بهاء صورتك لكان هناك اعتراف بجانب معين قوي يتم تعزيزه و جانب يحتاج للاشتغال عليه، لكن مع الأسف هذا الأسلوب في التواصل يحتاج منا للكثير من العمل لتنميته.
          بوركت أستاذ محمد شهيد
          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 13-01-2018, 18:04.

          تعليق

          • محمد شهيد
            أديب وكاتب
            • 24-01-2015
            • 4295

            #6
            تعقيب م.ش
            إشارة على السريع: نور الدين، أليست الموضوعية هي أخت العقل؟ وردت في كلامك وكأنها نقيضه.

            تعليق

            • محمد شهيد
              أديب وكاتب
              • 24-01-2015
              • 4295

              #7
              ن.ل

              اهلا أخي محمد شهيد

              الموضوعي مشتق من الموضوع أي أن الشيء الموضوعي يوجد في الموضوع نفسه لا في الذهن فقط.
              ماهو عقلي هي تلك الروابط المؤسسة عقليا وليست موضوعية ناجمة عن المواضيع الخارجية كأعراض.

              بالأمثلة تتضح بعض الأشياء

              الجمال كمصطلح يوجد ذهنيا وفقط
              فعندما تستقصي الموضوعات الخارجية لن تجد شيئا اسمه الجمال فهو مفهوم ذهني صرف تأسس من خلال علاقات

              لو قلت لك مثلا "حيوان" في الطبيعة هناك أسد، بقرة نعامة...... و لا يوجد شيء اسمه حيوان فمجموع تلك الكائنات الحية القادرة على الحركة الإرادية سميت بالحيوان. وهذا المصطلح مفهوم منطقي عقلي " المنطقي هنا نسبة إلى المنطق" جنس نوع عرض جوهر ... "
              فالمفاهيم العقلية تكون إما منطقية أو فلسفية أو ماهيات و تسمى المعقولات
              فحتى عندما نقول إنسان فهو ماهية اقرب إلى الموضوعية لأن أفرادها متكثرة في الخارج ولو أنه في الحقيقة لا يوجد إنسان صرف بل هناك هذا وذلك " عمر محمد علي "

              والمعقولات الفلسفية تعرف بالضدية في الغالب
              وجود، لاوجود
              حب، كراهية
              جمال، قبح
              .........

              لكي تعرف الموضوعي أكثر هو القابل للتجربة.
              ولكون الجمال ذاتي فهو غير موضوعي رغم كونه عقليا.

              ربما طار التناقض

              تحياتي

              تعليق

              • محمد شهيد
                أديب وكاتب
                • 24-01-2015
                • 4295

                #8
                م.ش.


                صديقي نور الدين،
                تحية وسلام يليقان بك،

                وردت في مداخلتك العديد من الإشكاليات حول مفاهيم مختلفة (الجمال، السعادة، التواصل، تدبير الاختلاف، أهمها). فبالرغم من تداخلها إلا أنني أقترح عليك أن نخصص لكل مفهوم حلقة منفردة حتى نوفي كل الموضوع شيئاً و لو يسيرا من حقه.

                الجمال:


                فهمت من كلامك على أن الجمال قيمة فلسفية (غير موضوعية) بحيث أننا لا نجد شيئاً "حسياً" ممكن أن نلمسه باليد أو نراه بالعين أو نتذوقه باللسان أو نشمه بالأنف أو نسمعه بالأذن، بل هو مجموعة من العلاقات الخارجية عن الإدراك و ذاتية (غير موضوعية) في نظرك هي التي إذا اجتمعت أدت لنا تناغماً مع الباطن فيحصل تقييم الشيء على أنه جميل. وهذا يختلف من أنسان لآخر (نسبي) كما ذكرته معظم المداخلات. ثم ذكرت على أن الإنسان مثلاً أو الحيوان هي مفاهيم ينطبق عليها نفس المبدأ الحسي فتكون بذلك هي الأخرى نتيجة مجموعة من المعطيات الخارجية التي تجعلنا نقول هذا أنسان وهذا حيوان (ولا يوجد شيء بحد ذاته اسمه كذا او كذا). فلآخذك من هنا: النسبية في تعريف الجمال حاصلة؛ وبما أنك تقيس عليها تعريف الإنسان و الحيوان، وهل هي حاصلة أيضاً في تعريفنا للإنسان أو الحيوان؟ فمثلاً ألا يتفق الهندوس و المجوس و السلاجقة و البرامكة و الفاطمي والأشعري والزاهد والناقد و ترامب و فهد على أن فلاناً إنسان أم حيوان؟! الجواب بالإتباث ولا شك. وكذلك الشأن بالنسبة للحيوان. هذا عن ظاهر الكلام عن ماهية الإنسان و الحيوان: التعريف واحد منذ الأزل. لكن إذا طلبنا على سبيل المجاز من مجموعة من الناس على طريقة Focus Group أن يعرفوا لنا صورة ترامب أهي صورة إنسان أم حيوان مثلا، فإنني حينها أتفق معك بأن الجواب سوف يكون نسبياً بحسب مرجعية الذي سوف يجيب عن السؤال.

                و إليك همسة أخرى:
                في علم فلسفة اللغة أم مايعرف ب The Pragmatic
                هناك مبدأ في تعريف المسميات: إذا التقيت بشخص غريب (محمد) و سلمت عليه على أساس أنه يوسف لتشابه بينهما، فمن الممكن جداً أن معرفتك بيوسف ناقصة لأنك وإن لم تكن تعرف محمد بالقدر الكافي لأنه غريب عليك، فمعرفتك لخصائص يتفرد بها يوسف كان عليها أن تكون كافية لكي لا يلتبس عليك الإثنان.

                إذن، من هنا نستنتج على أن فكرة النسبية في تعريف الجمال هي أيضا نسبية إذ لا تكفي وحدها لتقييم الجمال أو "الجمالية" ( Esthetika ) ان صح المصطلح الفلسفي.

                وبالتالي، هناك معايير حسية و "موضوعية" تجعل الجميل جميلا و القبيح قبيحاً (انطلاقا من مبدأ بضدها تعرف الأشياء نفسه).

                سوف تقول لي: المعايير نفسها مقيدة بشرط النسبية! السيميولوجيا تطرقت لهذا النوع من الجدليات المنطقية و أطلقت عليه مصطلح Semiose ابتكره Peirce و ربما العبقري Wittgenstein.
                نفصل فيه بإذن الله في الحلقة المقبلة

                انتظر ردك
                التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 13-01-2018, 18:05.

                تعليق

                • محمد شهيد
                  أديب وكاتب
                  • 24-01-2015
                  • 4295

                  #9
                  ن.ل

                  لست أدري إن قرأت عنوان الأدب في رحاب الإنسان
                  ففيه بعض ما أعتبره شخصيا مكونا للجمال

                  فإن افترضنا أن عقل الإنسان" بمعنى الذاكرة" صفحة بيضاء كما عند أريسطو وعند السلوكية كان تشكل المفاهيم على الشكل الذي ميزت فيه بين المعقولات ممكنا.
                  ما جئت بذلك التوصيف إلا لأميز بين ما هو موضوعي وماهو عقلي للتمييز فقط. بين ما هو موضوع خارجي حتى بعيدا عن الوعي والعقل معا.
                  فمثلا حماري "يعرفني" يدركني خارج المفاهيم العقلية، يدركني كموضوع بشكل موضوعي، يدرك الطريق إلى المنزل، يدرك التبن...... وهذا بالضبط ما يجعلني أخالف كلّا من كانط و أريسطو في تحديدهما لمعنى المعقول، فإن كان أريسطو يعتبر الحواس تقدم صورا للعقل و يؤسس من خلالها الماهية بعد التكرار والمقارنة و التقشير " تقشير الزوائد واعتماد الصفات الأساسية مثلا الإنسان الناطقية، الحيوان الحركة الإرادية ..... وكانط يعتبر المكان والزمان ثابتان عقليان يسمحان بظهور الأشياء فكيف يدرك الحيوان هذه الأشياء وهو بلا عقل أصلا.
                  إذا ما حافظنا على الإصطلاح أن السلوك الحيواني غريزة فوجب إضافة الإدراك الحسي بمجمله إلى الغرائز، ووجب أيضا جعل الماهية كماهية من صنع الغريزة، وهنا تحتاج إلى دراسة السلوك الحيواني جملة لتعرف حدود الغريزة.
                  عودة إلى الجمال هل الحيوان يدرك الجمال، وهل هو مؤهل لإدراك الجمال، مثلا بعض الحيوانات تشرب بمجرد أن تسمع الصفير، وهذا يعني أن الحيوانات هي أيضا تقوم بالمزاوجة بين شيئين، لكنه في الغالب يرتبط بما هو وجودي" أكل جنس...."
                  هل هذه الحيوانات تتخيل، طبعا تتخيل و بعضها يحلم يعني أن لديها صور في الذاكرة و لا تحتاج إلى رؤيتها من جديد لاستدعائها، إذن هناك نشاط مكثف تقوم به الغريزة حتى قبل ظهور العقل كآلة. والوعي كإدراك كلي ومن بينها أن ماهية الأسود والفهود تكونها الغزالة و ماهية " غزال " توجد عند لغزالة.
                  عودة إلى الجمال، لا أخفيك أن مشروعي هو هذه الانتقالات و التأصيل لها، وهنا طبعا يصعب أن أضع مشروعي كلّه هنا بل فقط إشارات.
                  إذن عندما تأكد أن الغريزة هي ما يرسم الإدراك الحسي عرفت أنها هي المؤسسة للمعرفة خاصة أنها تدرك السببية ضمنيا و إلا لما صنع الطائر عشه، و لما هربت الغزالة من النمر، و عندما تلتفت أن الغريزة أيضا هي المؤسس للجهاز العاطفي، خوف، مرح وهي سلوكات حيوانية ظاهرة ستعرف أن حدود الغريزة ليست كما هي متوهمة، وعندما تضيف أن أن النظام الإجتماعي رعاية أبوية والقيادة سلوك حيواني أيضا و حتى التراتبية هنا ستتغير جلّ المفاهيم.
                  هنا ستسأل ماذا تبقى للعقل و الوعي.
                  عودة إلى الجمال، هل هناك بذور جمال عند الحيونات؟
                  البلابل تغرد في إيقاع، السرب يسير وفق نظام، النحلة تكرر رقصاتها كتواصل. لكن هل الحيوان يدرك البعد الجمالي لهذه الأشياء مثلا رقص كجمال حركي، الإيقاعات الصوتية عند البلابل، جمالية الشكل عند السرب.
                  إذن هناك بذور تعلق بين الحيوان وهذه الأنماط من السلوك. هناك بذرة طقسية تكرارية على الخصوص وهذا ما يجعل بعض الحيوانات قابلة للترويض على أداء حركات لها بعد جمالي. إذن فالغريزة أسست رافدا مهما من روافد الجمال.
                  وهو تكرار صوتي وحركي في نظام في إيقاع.
                  ما الجمال، لا يهم إن كان الحيوان يستمتع بهذا البعد الطقسي أو به يؤدي وظيفة تواصلية، لكن ما يجعل الجمال يتأسس في الوعي هو القدرة على استجماع عناصره كلية في علاقة جمالية.
                  وهنا يتأسس الجمال عقليا بالقدرة على تجميع مؤسساته، ونقله من مجال إلى مجال وهذه هي أقوى عمليات العقل أي القدرة على استخلاص نظام يجمع مجموعة أشياء وتطبيقه على شيء آخر، فلم يعد الصوت البلبلي فقط هو القادر على إنتاج النغمة بل الأوتار والهواء واللغة والمعاني والخيال....... وهذا ما يؤسس لعملية أكبر وهي الإبداع. أي القدرة على خلق عوالم ومفاهيم ومعاني غير موجودة تحافظ على بعض معالم الأنساق الموجودة. وهذا بالضبط ما سميته المجاز، عند حديثك عن ترامب، يعني تجويز نقل صفة أصلية في شيء إلى شيء آخر.

                  حاولت أن أضع بعض الأفكار هنا بشكل مبسط وغير نسقي، وأتمنى أن لا تدخلني إلى السعادة لأنني لن اشرحها لسبب ارتباطها بالأخلاق والحرية، وسأحتاج إلى الكثير من التبريرات لإظهار سلامة القصد من جهة ومن جهة أخرى لضرورة التأصيل فلسفيا لكيفية حدوث الانتقال ولماذا يحدث الانتقال وهنا ستدخل تشعبات لا يتسع لها المكان.
                  محبتي أيها الجميل

                  تعليق

                  • محمد شهيد
                    أديب وكاتب
                    • 24-01-2015
                    • 4295

                    #10
                    ن.ل.

                    استشكلت، في مداخلتي
                    الماهية كاتفاق وكمعقول أولي يوجد في الذهن و أفراده متكثرين في الخارج.
                    وهذا جاء به أريسطومن مثالية أفلاطون أي أن الجوهر موجود في عالم المثال و صور هذا الجوهر متكثرة في الخارج. مما يجعل الاتفاق حولها سهلا.ولو أن ما يوجد في عالم المثال صاف حقيقي، وما يوجد في الخارج صور مشوهة للحقيقة.
                    المعقول الفلسفي الموجود في الذهن.
                    أما المعقول الفلسفي فهو أيضا مفهوم عقلي أعراضه توجد في الخارج وليس أفراده لذلك يحتاج لضده ليتم فصله بشكل واضح، فيتم استجماع مجموعة أعراض لتكون رمزا لهذا المعقول، من خلال استجماع الأعراض المعبرة عن الشيء يتم الاختلاف، فأعراض جمال الزهرة ليست أعراض جمال اللوحة وهكذا تتسع دائرة الجمال و هكذا أيضا تدخل الذاتية. فراسل مثلا موضع فلسفة كانط رغم عقلانيتها المفرطة في مقام الفلسفات الذاتية. فعندما يقول كانط أن الشيء لا يتشكل خارج المكان، أي أنك لن ترسم مشهدا إلا على سند، فهذا كلام غير مبرر عند راسل، فأن تقول أنه لايمكن تصور شيء عقليا خارج المكان مجرد ادعاء ذاتي، وراسل كما هو معلوم تحليلي وفي نفس الوقت ميال للتجربية والحسية الانجليزية.
                    لذلك ترى الماهية في الغالب لا يتم التنازع بشأنها لأن أفرادها متكترون تراهم أنت وهذا " إنسان"
                    أما المعقولات الفلسفية فهي قيد الاختبار على الدوام تحتاج منك حجة لتبرير جمال الشيء لتبرير السعادة و الحب والخير والوجود.......
                    لكن أين تقع إشكالية الماهية هو عندما تؤسس ماهية أفرادها غير متكثرة كالغول والحورية...... هنا تعرف أن الماهية كماهية ينطبق عليها ما هو نسبي.

                    تقديري

                    تعليق

                    • محمد شهيد
                      أديب وكاتب
                      • 24-01-2015
                      • 4295

                      #11
                      ن.ل

                      الشق الثاني من مداخلتك واضح أن هناك معايير للجمال
                      لولا وجود كما سميتها بذور الجمال و "استعداد" غريزي و حاجة أيضا لما تأسس هذا الفهوم.
                      عندما لا تمييز بين شخصين متشابهين، فمثلا في الثانوية أنادى باسم شبيهي وينادى باسمي عند البعض الذين لا تتعامل معهم وعندما تتفاعل معهم أي يسجلونك في ذاكرتهم بتفاصيلك تظهر الاختلافات ويتم التمييز.
                      لكن عندما تنتقل إلى ماهو غير متجسد هنا الصعوبة.
                      وهنا سأعطيك مثالا واضحا
                      الفرنسيون يعتبرون لغتهم أجمل اللغات

                      تعليق

                      • محمد شهيد
                        أديب وكاتب
                        • 24-01-2015
                        • 4295

                        #12
                        وهنا نعرج بالحديث نحو فلسفة اللغة

                        تعليق

                        • محمد شهيد
                          أديب وكاتب
                          • 24-01-2015
                          • 4295

                          #13
                          مساء سعيد نورالدين،

                          عدنا إلى تورين.

                          Turing عالم رياضي بريطاني لامع و يعد واحداً من ألمع عباقرة التاريخ. عاش في النصف الأول من القرن الماضي و كان يعمل في الحرب العالمية الثانية لحساب وزارة الدفاع البريطانية. و ذلك أن مهمته كانت بقصد تكسير شفرات رسائل و برقيات الألمان النازيين إبان الحرب؛ فتمكن بالفعل من ابتكار آلته الشهيرة - La machine de Turing - و بالتالي تم التصدي لهجومات العدو و إنقاذ الألوف من الأرواح. تورين يرجع إليه الفضل في ابتكار الحاسوب كما نعرفه اليوم.

                          و مع ذلك، و رغم الخدمة السامية التي قدمها للبريطانيين خاصة و للبشرية جمعاء، إلا أنه تم الحكم عليه بالخصي أو بالسجن (اختياره) لما اتهمه البريطانيون بالمثلية (وكانت حينها محرمة عليهم).

                          أعود إلى قضيتنا التي تهمنا هنا.
                          التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 13-01-2018, 23:13.

                          تعليق

                          • محمد شهيد
                            أديب وكاتب
                            • 24-01-2015
                            • 4295

                            #14
                            تورين، بحكم كونه رياضياً لامعاً، كان يومن بأن أي جهاز متطور (حاسوب مثلاً) بإمكانه أن يصبح - كعقل الإنسان- ذكياً و لربما يفوق ذكاء الإنسان (من هناك تبلورت النظريات التي اعتمدت عليها مانعرفه اليوم ب Artificial Intelligence. و لذلك، قام سنة 1950 بوضع الشيمات الرئيسة لفكرته الشهيرة ب Test de Turing (ولو أن التسمية ليست له بل جاءت فيما بعد وفاته بحوالي عقد من الزمان). أما تورين في مقالته الشهيرة Computing machinery and Intelligence فقد طرح السؤال الجوهري التالي: هل بأمكان الآلة أن تفكر Est-ce qu’une machine
                            peut penser
                            لاختبار نظريته، وضع أشخاص في حالة حوار ثنائي ووضع معه آلة الحاسوب بحيث يتم طرح مجموعة من الأسئلة المتفق عليها مسبقاً فيتم الإجابة تارة بواسطة الشخص وتارة بواسطة الآلة. و يكون خلف الستار شخص آخر لا يعرف من المجيب، أهو الشخص الذي خلف الستار أم الآلة. فإذا لم يستطع تحديد من يجيب فإن تورين حينها يؤكد نظريته على أن الآلة ذكية و بإمكانها أن تفكر مثل ما يفكر الإنسان.

                            بطبيعة الحال، ترى كيف أن اليوم ممكن أن ننظر إلى تحدي تورين بعين الريبة لما نعيشه اللحظة من تطور خارق للآلات الذكية. لكن، في زمن تورين كان للتحدي طعم خاص (إن لم نقل ضرباً من ضروب جنون العظمة). و من هنا يأتي رد Searl سنة 1980 بآلته الغريبة التي عرفت في الأوساط المختصة The Chinese Room.
                            التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 14-01-2018, 00:12.

                            تعليق

                            • محمد شهيد
                              أديب وكاتب
                              • 24-01-2015
                              • 4295

                              #15
                              أترك لك فسحة التعقيب، أخي الحبيب.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X