العقل بين الجابري وطه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • نورالدين لعوطار
    أديب وكاتب
    • 06-04-2016
    • 712

    العقل بين الجابري وطه

    قبل الذهاب إلى إشكالية العقل كما ناقشها كل الجابري وطه لابدّ أن نعرج حول مفهوم العقل عموما

    الجوهرية و الوظيفة

    عند اليونان تكاد تكون جوهرية العقل مسلمة فهو جوهر مفارق، قد يكون مفارقا فعليا أي غير ملامس للكون أي وجوده خارج المادة أو يكون محايثا فيكون هو الروح الفاعلة في المادّة بمعنى ما يجعلها متحركة رغم ثباته وجوهريته، الرأي الأول يتبناه أناكساغوراس، والثاني يتبناه هرقليطيس.
    الوجه المفارق تبنّته الفلسفة السقراطية بأقطابها الثلاث سقراط و أفلاطون وأريسطو.
    فالعقل في المعاجم الغربية مرّة يقصد به ملكة الكائن العاقل التي يعقل بها، ومرة أخرى يقصد بها السبب، أي العلاقة بين الأشياء المتعقّلة. وفي كلتا الحالتين فالعقل عند الغربيين مرتبط باستكشاف الأسباب والعلاقات بين الأشياء. فكورنو يقول: عقل الإنسان" الذاتي" يدرك عقل الأشياء "الموضوعي"
    العقل عند ديكارت هو المبادئ الرياضية، ونفس الفكرة توجد عند أفلاطون إذ يعتبر عالم المثل فيه القيم الرياضية للأشياء و ليس الأشياء المادية كما نراها هنا.
    وكانط يقول إن العقل البشري هو المشرّع للطبيعة، في محاولة منه لكسر الفارقية جمع المابدئ الرياضية بالمبادئ الفزيائية للوصول إلى اليقين والتطابق، فالحقيقة هي تطابق الرياضيات والفزياء أي وجود التجربة والتحقق، فالعقل عنده فيه قوالب كالزمان والمكان والعليّة والمقولات فبها يحصل تعقل الأشياء أي تسمح بقيام التجربة.
    هيجل يرى أن عالم الفكرة هو الجوهر ويرى أن كانط جعل الحقيقة الظاهرية وحدها هي التي يدركها العقل فهو جمد العقل والفكرة لكن الفكرة تتجلى عبر التاريخ فالعقل يتمظهر تاريخيا، يسير نحو غاية، فعنده لا يوجد شيء في الوجود لا يقبل التفسير، فكلما هو عقلي فهو واقعي وكلما هو واقعي فهو عقلي.
    رغم أن هذه المقاربات للعقل تعرضت لهزة النسبية والكوانتية التي أسست مفاهيم جديدة وضربت أسس المنطق خاصة ،مماجعل ظهور منطق مختلف من موضع إلى آخر ضرورة معرفية، أي منطق يحكم موضوعا ما دون غيره كما العلاقات الاجتماعية التي تؤطر قبيلة دون غيرها، كنظرية العقل المكوّن من خلال ثقافة " أي الذي تكونه ثقافة معينة " والعقل المكوّن الذي يكوّن ثقافة جماعة ما، عند لالاند. من هذا المنطلق بالذات بدأ الجابري لتأسيس أسس العقل العربي المعرفية والأخلاقية والسياسية.

    العقل العربي عند الجابري

    العقلانية اليونانية والأوربية عند الجابري لها ثابتان أصليان هما
    ـ أن العلاقة بين الطبيعة والعقل مباشرة، أي مبحث الوجود.
    ـ الإيمان بقدرة العقل على تفسير الطبيعة مبحث المعرفة.

    أمّا عند العرب فالعقل هو مرتبط بالسلوك والأخلاق.

    العقل عند الغربيين معرفي يتجه نحو الأخلاق لتعرفها.
    والعقل العربي أخلاقي يتجه نحو المعرفة لتخليقها.

    فأساس الأخلاق الغربية هي المعرفة
    وأساس المعرفة العربية هي الأخلاق

    فالعقل العربي لا يتجه نحو الطبيعة لتعرف الأسباب بل ليعرف الحسن والقبيح، وهذا ما تدل عليه مصطلحات كثيرة في تعريف العقل عند العرب، حجر، نهى، الحجا، العقال، الفؤاد.
    وخلص الجابري أن العقل العربي من خلال اللغة إلى أنه وجداني بدل العقل الموضوعي عند الغربيين.
    العقل العربي معياري، أي دائما يبحث للشيء عن موضع في منظومة القيم، عكس الغربي الذي هو موضوعي الذي تنظر إلى الشيء لتعرفه و اكتشافه.
    النظرة المعيارية اختزالية تنظر إلى الشيء في قيمته، أي المعني الذي تضفيه عليه الثقافة.
    أما العقل الموضوعي فهو تحليلي وتركيبي، تحليل الشيء إلى أجزاء وإعادة تركيبه لمعرفة جوهره.

    يتبع

    ملاحظة، هنا أنقل قول الرجلين بدون تدخل
  • محمد شهيد
    أديب وكاتب
    • 24-01-2015
    • 4295

    #2
    أتابع معك، صديقي.

    تعليق

    • سائد ريان
      رئيس ملتقى فرعي
      • 01-09-2010
      • 1883

      #3
      أتابع و بشغف ... تحاياي أستاذ نور

      تعليق

      • نورالدين لعوطار
        أديب وكاتب
        • 06-04-2016
        • 712

        #4
        يستدل الجابري على ما توصل إليه من خلال التعاريف أو المرادفات.
        بقول الجاحظ:
        " كلام الفرس والعجم إنما هو عن طول فكرة و عن اجتهاد وخلوة ومشاورة و معاونة وعن طول تفكير ودراسة للكتب و حكاية الثاني عن الأول وزيادة الثالث في علم الثاني حتى اجتمعت ثمار الفكر عند آخرهم.
        وكل شيء عند العرب بداهة وارتجال وكأنه إلهام و ليس هناك معاناة و لا مكابدة ولا إجالة فكر..."
        كما عزز بقول الشهرستاني:
        "إن العرب والهنود أكثر ميلهم إلى تقرير خواص الأشياء و الحكم بأحكام الماهيات واستعمال الأمور الروحانية، أمّا العجم فأكثر ميلهم إلى تقرير طبائع الأشياء والحكم بأحكام الكيفيات و الكميات واستعمال الأمور الجسمانية"
        فالفطرة والطبع موضع الأمور الروحانية، والاكتساب والجهد مكان الأمور الجسمانية.
        لذلك يقول الجابري فالثقافة العربية تفرض جملة مبادئ وقواعد كنظام معرفي أي جملة من المفاهيم والمبادئ والإجراءات تعطي للمعرفة بنيتها اللاشعورية، ومصطلح البنية المعرفية اللاشعورية جاء به عند بياجي:
        فالمحب مثلا لا يعرف لماذا أحب ولا الأشياء التي تتحكم في شدّة حبه" رغبات، مكبوتات" أي ما يمد طاقة هذا الانفعال، نفس الشيء بالنسبة للمعرفة، فالباحث عن المعرفة لا يعرف ما يجعله بالذات يتوجه إلى نمط معرفي معين، فهذا اللاشعور المعرفي عرفه بياجي كما يلي:
        مجموع العمليات والنشاطات الذهنية الخفية التي تتحكم في عملية المعرفة عند الفرد.
        مراد الجابري هو استكشاف هذا اللاشعور المعرفي العربي، فإذا كان الأوربيون صنفوا تاريخهم المعرفي إلى عصر الإغريق ثم عصر الكنيسة ثم العصر الحديث، فهم يضعون الوعي أمام حقيقة أن ما قبل لا يمكن يوما أن يكون ما بعد حتى على صعيد الوعي الحالم فهم يجتهدون دون التنكر لماضيهم الذي يحتل مكانه الطبيعي من التاريخ، أي أن لاشعورهم المعرفي يختلف من حقبة إلى أخرى.
        امّا العرب فعندهم جمود، فاللغة تأسست كاملة مع سيبويه، والفقه مع الشافعي، والكلام مع ابن عطاء، والمعجم والعروض مع الخليل، فقه الشيعة مع جعفر الصّادق. فهؤلاء جميعهم هم المرجع وكلهم يتنمون إلى عصر التدويين.
        انطلق الجابري من نص للذّهبي يؤرخ لعصر التدويين، حيث يؤكد فيه أنه في 143هجرية، دوّن الحديث والفقه والسيرة في مكة والمدينة والشام والبصرة واليمن والكوفة وصنف أبو حنيفة الفقه والرأي ودونت كتب اللغة والتاريخ و أيام الناس، وتمّ تبويب العلم.
        يقول الجابري سكت النص عن تدوين فقه الشيعة مع العلم أن جعفر الصّادق توفي143هجرية
        فالسكوت عن هذا شرط مؤطر لصحة العلم السّني. سكت النصّ أيضا عن علم الكلام، خاصة أن وائل ابن عطاء توفي 131هجرية، كما غفل النص كتب الكمياء التي أمر الأميون بتدوينها. كما غفل النص تعريب الإدارة التي كانت فارسية في العراق ولاتينية في الشام، وغفل عالم السياسة ومترجمات ابن المقفع المتوفي 142هجرية.
        إذن ما يريد الجابري قوله هنا هو أن التدوين كان خطوة لحصر العقل العربي في نطاق معين استجابة لرغبة سياسية.
        ينطلق الجابري من التوطئة إلى الإجرائية.
        علوم اللغة
        انطلق الجابري من أهمية اللغة في صياغة الفكر عند المفكر الالماني هردر، إذ يقول الأمة تفكر كما تتكلّم و تتكلم كما تفكر.
        ويضيف إن القيمة تكتسي معنى لا تعبر عنه إلا تلك اللغة أو تضفي عليه طابعها الخاص.
        إذن اللغة ترسم الحدود وتخط المحيط لكل معرفة بشرية.
        منجهية عمل الخليل
        صاغ الخليل المعجم العربي انطلاقا من جرد جميع الكلمات الممكنة من الحروف الأبجدية ذوات الجذر الثلاثي والرباعي والخماسي ولصعوبة التّحقق الفعلي من وجود هذه الكلمات جميعها تم الانتقال من التحقق السماعي للكلمة إلى القياس. أي أن الصحة هنا مرتبطة بالإمكان وليس التحقق الفعلي.
        هذه العملية حصرت اللغة وجعلتها غير قابلة للتجديد فاعتبر الجابري العربية ليست استقرائية ولا تاريخية متطورة بل مصنعة.
        خروج الباحثين إلى البوادي و الأقاصي أي عند البدو، جعل المتحكم هنا في وضع المعاني والمعجم هو الأعرابي، فالأعرابي هو المؤطّر لعمل العالم اللغوي.
        إذن فاللغة لا تاريخية وحسّية
        لا تاريخية لأنه تم صنعها وحصرها فرغم ديناميتها الاشتقاقية الداخلية، فقد حصنت خارجيا من التطور، وحسية لأن معانيها حبيسة النظرة البدوية الذرية والحسية للأشياء" فالواضع للمعنى لا يتمتع برؤية كلّية.
        في النحو
        اعتمد المصدر والفعل كأصل، كلاهما تعبير عن حدث زماني وغير زماني، عند الكوفيين والبصريين على السواء.
        عكس اليونان مثلا فالأصل هو الاسم
        وهيكل أصول النحو
        النقل: أي خبر ونص عربي فصيح متواتر
        قياس: تقرير الفرع بحكم الأصل
        اصطحاب حال: الفعل مبني والاسم معرب
        وسيلاحظ التقارب بين أصول الفقه والنحو
        في البلاغة
        من نص للجرجاني يستخلص الجابري أن أصل البلاغة هو التشبيه وفيه يتم الجمع بين شيئين مختلفين في الجنس والتأليف بينهما وهو قياس للغائب على الشاهد، فالاستعارة نوع من التشبيه ونمط من التمثيل، والمجاز ضرب من القياس يحمل فيه الشيء على ما يناسبه ويشاكله أي حمل فرع على أصل، والأصل حسي عند العرب. أي الرجوع إلى بيان الأعرابي والتوليد منه. فيكون التجديد اتباعا أمّا خارج هذا السياق فهو ابتداع لأنه لا يندرج تحت الأصل.
        اللغة العربية هي مجوعة أوزان موسيقية، والطابع الموسيقي للغة العربية يكمل طابعها الحسي: أي ثبات العلاقة بين المعنى والصوت.
        فعند العرب ما يسمع هي الأذن وليس العقل.
        يقول الجاحظ:
        من تمام آلة الشعر أن يكون الشاعر أعرابيا.
        فالشعر هو محاكاة للشاعر الأعرابي والنسج على منوال مواضيعه "غزل مدح هجاء فخر رثاء"
        لذلك كان الإبداع مقترنا بالتوليد وحسن الاتباع، والتوليد هو استلهام المعنى من القديم، والاتباع في الوزن.
        لذلك تجد سلطة الأعرابي قائمة على اللغة والإبداع, فهو مرجعية في المعنى والقالب.

        أصول الفقه:
        أصول الفقه هو منتوج خالص للحضارة العربية الاسلامية.
        الفلسفة منتوج الحضارة اليونانية والعلمية والتقنية منتوج الحضارة الغربية بينما الحضارة العربية الإسلامية حضارة فقه، فالرياضيات مثلا عند العرب كانت خادمة لعلوم الفقه "الفروض والمواريث"
        إذا كان الفراهدي قنّن المعاني والأوزان، وسيبويه قنّن النحو والصرف، فالشافعي قنّن البيان أي علاقة المبنى بالمعنى.
        وحدّد أصول الفقه في الكتاب والسنة والاجماع والقياس. واستبعد الاستحسان عند أبي حنيفة والمصالح المرسلة عند مالك. ففي غياب النص يكون الاجماع والقياس هو المحدّد للتشريع في الحكم، الاجماع وقع في الماضي والقياس هو ربط الفرع بالأصل. وبذلك تكون سلطة الماضي على الحاضر ترسخت واكتسب الماضي قوّة القانون.
        يقول الأشعري
        قولنا الذي ندين به وديانتنا التي ندين بها: التمسك بكتاب ربنا عز وجل و سنة نبيه و ما روي عن الصحابة والتابعين و أئمة أهل الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما يقول به الإمام أحمد بن حنبل قائلون ولما خالف قوله مخالفون."
        إذن فالاجتهاد هنا هو اجتهاد ابن حنبل
        هنا يستنتج الجابري أن
        الشافعي نظّر للتشريع على لسان أهل الحديث
        والأشعري نظّر للعقيدة على لسان أهل الحديث.
        يتبع

        تعليق

        • نورالدين لعوطار
          أديب وكاتب
          • 06-04-2016
          • 712

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمد شهيد مشاهدة المشاركة
          أتابع معك، صديقي.
          مرحبا بك في روضة العقل العربي

          تعليق

          • نورالدين لعوطار
            أديب وكاتب
            • 06-04-2016
            • 712

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة سائد ريان مشاهدة المشاركة
            أتابع و بشغف ... تحاياي أستاذ نور
            تسرني متابعتك و مرحبا بك أخي الفاضل سائد ريان

            تعليق

            • فاطمة الزهراء العلوي
              نورسة حرة
              • 13-06-2009
              • 4206

              #7
              أتابع أنا أيضا هذا المسار تفكيكا لشيفرة العقل العربي الخطير
              على فكرة
              أخر الاخبار دولة عربية شقيقة منعت هذا الاسبوع دخول كتب الجابري إلى تربتها
              هل هو الخوف من كشف هزال التفكير العربي من خلال رؤية الجابري الجادة؟
              ام هو استنفار لمفكر مغربي ؟ أم أن هناك شيئا ما يخص السياسة ...؟؟
              وهل اليوم مع هذه القوة التكنلوجية يصلح معها منع الفكر.؟
              إن سد باب حلت كل الأبواب
              فشكرا للافتراضي الذي مرر الفكر دون حدود
              تحيتي أستاذنا السي نورالدين وعفوا على مقاطعتك بهذا القوس الذي فتحته هنا
              لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

              تعليق

              • نورالدين لعوطار
                أديب وكاتب
                • 06-04-2016
                • 712

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة
                أتابع أنا أيضا هذا المسار تفكيكا لشيفرة العقل العربي الخطير
                على فكرة
                أخر الاخبار دولة عربية شقيقة منعت هذا الاسبوع دخول كتب الجابري إلى تربتها
                هل هو الخوف من كشف هزال التفكير العربي من خلال رؤية الجابري الجادة؟
                ام هو استنفار لمفكر مغربي ؟ أم أن هناك شيئا ما يخص السياسة ...؟؟
                وهل اليوم مع هذه القوة التكنلوجية يصلح معها منع الفكر.؟
                إن سد باب حلت كل الأبواب
                فشكرا للافتراضي الذي مرر الفكر دون حدود
                تحيتي أستاذنا السي نورالدين وعفوا على مقاطعتك بهذا القوس الذي فتحته هنا

                أهلا بالأستاذة فاطمة الزهراء

                قوة مشروع الجابري تتمثل في النقد والنقد هو إعادة القراءة، نعم تصدّى العديدون فكريا لنقد الجابري وفي مقدمتهم الطرابيشي سواء في الجانب المنهجي أو التّحقّق من صحّة الافتراضات أو المنطلقات وجدّية تطبيقها كما ظهرت عند أصحابها أو النقد الجغرافي حيث يميل الجابري إلى المغاربة بمعنى الغرب الإسلامي على حساب المشارقة، أو النقد غير المعلن الذي مارسه طه عبد الرحمان ويمارسه بشكل ما يوسف زيدان أو النقود المختلفة لمشروع الجابري الذي لم يسجل عليه أن تضايق من نقّاده بل في كتبه الأربعة في نقد العقل العربي وربما حتى في كتابه مدخل إلى القرآن الكريم يشير دائما أن هذه المشاريع التي فتحها أو دشّن انطلاقتها مجرد بداية لتحريك المعرفة، ونجح إلى حدّ ما.
                لكن يبقى سؤال المعرفة قائما في معظم البلاد العربية فهل يستطيع الجيل الحالي مواصلة ما دشّنه الروّاد، هذا هو التحدّي الحقيقي.

                شكرا لحضورك البهي

                تعليق

                • نورالدين لعوطار
                  أديب وكاتب
                  • 06-04-2016
                  • 712

                  #9
                  وقف الجابري عند رأي "الرّسي" وهو من الزيدية الشيعة الذين لا يؤمنون بالإمامة ـ للإشارة الشيعة عرفانيون لذلك لم يدرجوا في الحقل البياني ـ ويقترب من المعتزلة حيث البداية بالعقل ثم الكتاب والسنة ثم الاجماع وهي نفس الخطوات عند الشافعي، رغم الاختلاف في رتبة العقل فهي الأولى عند الرسيّ والأخيرة عند الشافعي، لكن المتكلمون عموما يستعملون العقل لإثبات العقيدة، فعلم الكلام في الأخير هو علم العقيدة الذي سيطرت عليه الأشعرية، حيث تمّ إلغاء السببية.
                  خلاصة مميزات العقل البياني
                  ـ الاجماع
                  ـ تأصيل حكم الأصل في الفرع
                  ـ لا وجود للسببية كما هي متعارف عليها فلسفيا بمعنى الضرورة. فالعلة مجرد جسر يربط العلة بالمعلول، أي العادة تفعل فعلها، وتقوم بتجويز الحديث عن السبب.
                  ـ الجوهر لا يدخل مع جوهر آخر لنحصل على جسم بل مجرد اقتران واحد بجانب الآخر.
                  ـ العقل ليس جوهرا بل هو عرض.
                  ـ الخبر لا ينظر إليه من جهة الصّدق والكذب "قضية منطقية" بل من جهة السند، أي الصّحة والوضع
                  ـ مبدأ التجويز "يجوز الوجهان" قياس ناقص
                  ـ اللفظ ثم المعنى
                  العقل العرفاني:
                  يقصد الجابري بالعرفان الفكر الشيعي ونظرية الفيض عند الفرابي والفكر الصوفي عموما.
                  يتجه البيان من اللّفظ نحو المعنى و يتجه العرفان من المعنى باحثا عن اللفظ. أي في نفسك معان ذاتية تبحث لها عن مبررات في الآيات والنصوص. العرفان حقيقة ذاتية وجدانية، حالة خاصة "ليست جماعية"، تجربة روحية....
                  العرفانيون يعتبرون البرهان مقدمة فقط ثم يأتي بعده البيان ثم العرفان " وستلاحظ أن كتاب سؤال الأخلاق عند طه عبد الرحمان مبني على نفس الترتيب"
                  العرفانيون يستعملون الظاهر والباطن بدل مصطلحي اللّفظ والمعنى ، فالنبوة ظاهر والولاية باطن.
                  العرفانيون مستندون على الهرمسية كنظرية في الوجود.
                  الحقيقة ليست حسية ولا عقلية بل هي الكشف.
                  يرى أريسطو أن الفيتاغورسيين فرقة فلسفية سريّة تدّعي الحقيقة، إنهم يستعملون المماثلة "الخطابية" كمنهج وأنهم لا يبحثون عن العلل والأسباب لآرائهم الخاصّة السّابقة، فهم يبذلون كلّ جهدهم ليتلاءم الظاهر مع آرائهم الخاصّة"
                  ـ الفيتاغورسية مصدر أساسي للفكر العرفاني
                  المماثلة ثلاث مستويات إمّا التناسب، في الرياضيات واحد على إثنان هي نفسها أربعة على ثمانية، أو استنباط عقلي صرف بالقياس الكامل. كل إنسان فان سقراط إنسان والنتيجة سقراط فان، أو استقراء فزيائي قابل للتجربة وكلها تفيد اليقين.
                  المماثلة بالتمثيل: وهو انتقال من حالة إلى حالة تماثلها، الانتقال من جزء إلى جزء وهو نوع من الاستقراء الضعيف مثل: زيد في بلد عمرو إذن سيكون كريما كعمرو. فهو يفيد الظن لا اليقين، وهذا هو التشبيه وهو ركن العقل البياني.
                  والمستوى الثالث للمماثلة هي المماثلة الخطابية أو الشعربية، هي صور وأشكال تكتسي طابع الخفاء والسرية ولا تقوم على المشابهة وإنما يكون فيها أحد المتماثلين مناظرا للآخر أو رمزا له أو يحمل أثره.
                  مثال "الشيخوخة غروب للحياة"، هي مماثلة خطابية شعرية، ومنطقيا "المنطق" هي قضية فارغة.
                  هنا الجابري يستند على تعريف "بلانشي" للماثلة.
                  لذلك يرى الجابري العرفان ليس فوق العقل بل هو أدنى مراتب العقل، فهو رؤية سحرية للعالم " أنا العارف ويتمّ إلغاء العالم كله" فالأنا هي الخير والباقي شرّ.
                  العقل البرهاني.
                  البيان يتخذ من النص والاجماع سلطة مرجعية.
                  العرفان يتخذ الولاية "الإمامة وبكيفية عامة الكشف الطريق الوحيد إلى المعرفة.
                  البرهان يتخذ من قوى الإنسان المعرفية الطبيعية "حس، تجربة، محاكاة عقلية " وحدها دون غيرها مصدر المعرفة الكلية والجزئية. و بدأ الجابري في تحليل المنطق الأرسطي.
                  بداية بالمقولات ثم القضايا
                  وخلص أن القياس الجامع وحده هو البرهان
                  مقدمة كبرى ومقدمة صغرى فنتيجة
                  المقدمتان تتكونان من ثلاثة حدود، والحد الأوسط يتكرر فيهما، وهو السبب أي هو الذي يحمل مهمة تعليل الحكم أي ما يبرر إسناد المحمول إلى الموضوع في النتيجة. إذن فالعلم هو إدراك الأسباب. بل أكثر من ذلك فالحد الأوسط ماهية لذلك يؤكد أريسطو أن الماهية هي مبدأ القياس.
                  ومن زاوية الماصدق يجب أن يستغرق الأصغر في الأكبر في المثال السابق سقراط متضمن في الإنسان أي انتقال من عام نحو خاص من الكلي إلى الجزئي.
                  ومن هناك انتقل الجابري للعلل الأربع نظرا لكونها أساس البرهان. وخلص أن الضروري فيها هما المادّة والصّورة.
                  ومن هناك انتقل إلى فلاسفة الحضارة الاسلامية وانتقد نظرية الفيض وقارنها مع النظرة الهرمسية للوجود. وانتقد بشدة ابن سينا حيث اعتبره صوفيا أكثر من كونه فيلسوفا. وانتقد الغزالي وجعله محور النكبة.
                  نهضة الغرب الإسلامي بعد أفول الشّرق ممثلة بابن باجة وابن رشد في الفلسفة وابن حزم في الفقه وتلاهم الشاطبي وابن خلدون، وكلهم حاولوا تأسيس البيان على البرهان . لكن ما استطاعت هذه النهضة النجاح نظرا لسيطرة النظرة العرفانية.
                  هذه نظرة قصيرة حول تكوين العقل العربي الكتاب الأول لنقد العقل العربي العربي، ومن أحب التعمق أكثر أوصيه بالمجلد الثاني حيث النظرة الإبيستمولوجية النقدية للبنى الثلاثة أمّا المجلد الثالث والرابع فهما عن العقل السياسي حيث خلص الجابري إلى كون العقيدة والقبيلة والغنيمة هي أساس العقل السياسي العربي وكلها عربية المنشأ.
                  أما أخلاقيا فاللبنات المؤسسة للخلق العربي هي أخلاق المروءة ومنشِؤها عربي، وأخلاق الطاعة وجاءت عند الفرس، وأخلاق السعادة وهي ما جاء عند اليونان.

                  يتبع مع النظرة الطّاهوية

                  تعليق

                  • عبدالرحمن السليمان
                    مستشار أدبي
                    • 23-05-2007
                    • 5434

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة فاطمة الزهراء العلوي مشاهدة المشاركة

                    هل هو الخوف من كشف هزال التفكير العربي من خلال رؤية الجابري الجادة؟
                    بعد إذن أخي الأستاذ نورالدين لعوطار، الذي أحييه على هذه الواحة المعرفية الغناء:

                    الأستاذة الفاضلة فاطمة الزهراء العلوي،

                    ليس العقل العربي هزيل التفكير. ولا يجوز إطلاق مثل هذا الكلام هكذا. وإذا كانت الحضارة الانسانية عمارة من عشرة طوابق، فإن أربعة منها - إن لم يكن أكثر - من بناء العرب والمسلمين. وللأسف الشديد دق إسفين بين العرب وتاريخهم وحضارتهم بحيث صاروا ينظرون نظرة سلبية إلى حضارتهم، لا تقل سلبية عن نظرة المستعمر إلى حضارتهم.

                    من جهة أخرى: فكك كلام الجابري في العقل العربي كثيرون، وأظهر جورج طرابيشي وغيره أن الجابري كان سطحي التفكير، فاسد المنهج، عديم الرؤية، وأن مقاربته لتحليل العقل العربي كانت عشوائية لذلك جاءت نتائجة غير مترابطة. وكلامه في المغاربة والمشارقة سطحي وغير صحيح. والجابري كان مشروعَ التيار العلماني اليساري وفق النوذج الفرنسي المتطرف، وهذا تيار أفلس على الآخر في البلاد العربية، وأفرغه من مضمونه في المغرب مفكرون مغاربة أصوليون أهمهم طه عبدالرحمن.

                    بخصوص منع كتب الجابري فلا غرابة، فقد منعوا كتب ابن تيمية، وكتب ابن القيم، ومنعوا كتاب ألف ليلة وليلة، والقائمة طويلة.

                    تحياتي الطيبة.
                    عبدالرحمن السليمان
                    الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                    www.atinternational.org

                    تعليق

                    • محمد شهيد
                      أديب وكاتب
                      • 24-01-2015
                      • 4295

                      #11
                      سوف ننتظر تقديما لما جاءت به النظرة الطاهوية لمفهوم العقل حتى يتسنى لنا معرفة النظرتين الجابرية و الطاهوية معاً لتتكون لدينا فكرة واعية عن الجدال القائم حول المسألة.

                      أما ما قاله أخي الدكتور عبد الرحمن عن "علمانية" الجابري، فلا أعتقدني سوف أجعل القياس عليها سبباً لضحد أطروحاته (مع أنني لست أعلم بها من الحاضرين) لأنني لو عملت بهذا المبدأ، لما قرأت لمفكر قط سواء في الشرق الذي ولدت فيه أو في الغرب الذي أعيش فيه.

                      شكراً للأستاذ النبيه صديقي نور الدين على سعيه دوماً لتقديم ما ينمي قدراتي الفكرية و يثري رصيدي المعرفي بما كنت أجهله. شكرا بحجم ما تستحق.
                      التعديل الأخير تم بواسطة محمد شهيد; الساعة 03-03-2018, 18:50.

                      تعليق

                      • فاطمة الزهراء العلوي
                        نورسة حرة
                        • 13-06-2009
                        • 4206

                        #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحمن السليمان مشاهدة المشاركة
                        بعد إذن أخي الأستاذ نورالدين لعوطار، الذي أحييه على هذه الواحة المعرفية الغناء:

                        الأستاذة الفاضلة فاطمة الزهراء العلوي،

                        ليس العقل العربي هزيل التفكير. ولا يجوز إطلاق مثل هذا الكلام هكذا. وإذا كانت الحضارة الانسانية عمارة من عشرة طوابق، فإن أربعة منها - إن لم يكن أكثر - من بناء العرب والمسلمين. وللأسف الشديد دق إسفين بين العرب وتاريخهم وحضارتهم بحيث صاروا ينظرون نظرة سلبية إلى حضارتهم، لا تقل سلبية عن نظرة المستعمر إلى حضارتهم.

                        من جهة أخرى: فكك كلام الجابري في العقل العربي كثيرون، وأظهر جورج طرابيشي وغيره أن الجابري كان سطحي التفكير، فاسد المنهج، عديم الرؤية، وأن مقاربته لتحليل العقل العربي كانت عشوائية لذلك جاءت نتائجة غير مترابطة. وكلامه في المغاربة والمشارقة سطحي وغير صحيح. والجابري كان مشروعَ التيار العلماني اليساري وفق النوذج الفرنسي المتطرف، وهذا تيار أفلس على الآخر في البلاد العربية، وأفرغه من مضمونه في المغرب مفكرون مغاربة أصوليون أهمهم طه عبدالرحمن.

                        بخصوص منع كتب الجابري فلا غرابة، فقد منعوا كتب ابن تيمية، وكتب ابن القيم، ومنعوا كتاب ألف ليلة وليلة، والقائمة طويلة.

                        تحياتي الطيبة.
                        بعد إذن الاستاذ السي نورالدين
                        السلام عليكم الاستاذ سليمان
                        تقول لي :
                        ولا يجوز إطلاق مثل هذا الكلام هكذا.
                        نحن هنا في إطار معر في إنساني بحث
                        ولا يجوز لا تقال في هكذا مقام
                        لدي كامل الحق في ان اجيز فكرتي إلى ان يثبت خطاها وحين يتبث يكون لي حق الاجتهاد
                        لماذا نحن العرب نقف عند دينية المعنى
                        وكلمة لا يجوز كبيرة جدا هنا
                        العقل العربي من منظور رؤيتي وزاويتها أصبح اليوم هزيلا ومفككا ،ويشتت ويمارس ضغوطات لائية جبرية إنه اليوم ذكي الذكاء الفاجر / لقد ضيع كل ما جاء به نبنيا الكريم صلى الله عليه وسلم ووضع يده في يد الحاقدين على الامة والنتيجة نعيد كتابة فكرهم الذي استقى من فكرنا
                        أية مهزلة بهد هذه.وأي هزال بعد هذا الهزال؟
                        ذكاء يمحق التربة العربية ويمحق حقوق الوطن والمواطن بتفكيره الهزيل الخائب وهذا التفكير الذي جعل إخوتنا ولحمنا في كثير من بقاع الوطن العربي تحت رحمة الدبابة الصهيونية وبيد عربية: اليمن نموذجا
                        ثم
                        هذه اللاءات واللا يجوز هي التي حصرت التفكير العربي وحوصر فيها بقوة للأسف الشديد
                        كل شيء نموضعه بالقوة في العقيدة حتى نبليه ونشتته
                        لا يجوز تقال سيدي الفاضل حين اخرج عن حدود الله
                        وانا هنا افكر بطريقتي المتواضعة أفكر بطريقتي الأرضية ولي الحق في أن تكون لي زاوية رؤية
                        العمارة التي أتيت بها شاهدة سيدي الفاضل
                        سأمثلها بسلة السردين والحكاية معروفة
                        يكفي أن تكون سردينة واحدة ليست بخير لتمتد يد الفتك بكل السردين الموجود
                        الجابري اجتهد ولم يقل قرآنا

                        حين أرى الآن وأنا الصفرية في عالم السياسة / صفر من حيث ُ معرفة ما يحدث و معرفة كواليس لم يحدث
                        وأرى صمت المفكرين القادرين على التغيير يرسمني الوجع سؤالا: ماذا استفدنا من تفكيرنا وفكرنا اليوم سوى الشتات
                        ويبقى الجابري لحظة منيرة في تاريخ الفكر العربي فلقد اجتهد وله أجر الاجتهاد
                        نفس ما قلته عن الجابري استاذ سليمان قيل عن محمد شكري
                        للأسف نحن ندحض كل تفكير لا يتماشى وما نريد أن يكون عليه
                        وشكرا لكم
                        استفدت من مداخلتك القيمة
                        لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

                        تعليق

                        • عبدالرحمن السليمان
                          مستشار أدبي
                          • 23-05-2007
                          • 5434

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة محمد شهيد مشاهدة المشاركة
                          أما ما قاله أخي الدكتور عبد الرحمن عن "علمانية" الجابري، فلا أعتقدني سوف أجعل القياس عليها سبباً لضحد أطروحاته (مع أنني لست أعلم بها من الحاضرين) لأنني لو عملت بهذا المبدأ، لما قرأت لمفكر قط سواء في الشرق الذي ولدت فيه أو في الغرب الذي أعيش فيه.
                          أخي الكريم الأستاذ محمد،

                          ما قصدتُ أنا التعميم الذي فهمتَه أنت، بل قلت بالحرف:

                          المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحمن السليمان مشاهدة المشاركة
                          والجابري كان مشروعَ التيار العلماني اليساري وفق النوذج الفرنسي المتطرف، وهذا تيار أفلس على الآخر في البلاد العربية، وأفرغه من مضمونه في المغرب مفكرون مغاربة أصوليون أهمهم طه عبدالرحمن.
                          وأزيد قولي شرحًا: الجابري كان واحدًا من مشروع التيار العلماني العربي الذي سيطر على الجامعات ومراكز البحوث العربية في الستينيات والسبعينيات والثمانينات ورُوِّج له بدعم من ذوي السلطان لما أريد لهذا المشروع من طغيان على تيارات فكرية أخرى أقصيت بفعل ذلك. وطه عبدالرحمن واحد مما أعني. وما ضعف أداء الجامعات العربية إلا نتيجة لهزالة فكر هؤلاء!

                          تحياتي الطيبة مع اعتذاري للأستاذ نورالدين مرة أخرى.
                          عبدالرحمن السليمان
                          الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                          www.atinternational.org

                          تعليق

                          • نورالدين لعوطار
                            أديب وكاتب
                            • 06-04-2016
                            • 712

                            #14
                            أهلا بأستاذيّ العزيزين

                            عبد الرحمان السليمان الذي تشرفني أية مداخلة وإضاءة تفضّل بها، ومحمد شهيد وتواضعه الجمّ.
                            أفخر بكما فأنا مجرّد صبي تلميذ في حضوركما، وإنزال الناس منازلهم من صميم أصالة لا أدعي شخصيا انسلاخا عنها. بعد إذنكما أقول في الجابري شهادة ما أعرفه عن الرجل:
                            الجابري كونه من اليسار فهذا مفروغ منه واليسار المغربي في معظمه يقتبس من أدبيات اليسار الفرنسي فهذا أيضا معروف، لكن الجابري ليس فرنكفونيا، بل ميوله الأيديولوجية قومية عربية، أمّا أن يكون علمانيا متطرفا فهي مسألة غير دقيقة، فهو من التيار التوفيقي بين التراث والحداثة وإن كان شديد الميل للعقلانية التراثية، فهو يرى أن بدايتنا لا بد تكون حيث انتهى المفكرون قبل عصور الانحطاط سواء فقه ابن حزم أو ابن تيمية أو فلسفة ابن باجة وابن رشد وابن خلدون واستبعاد ابن سبعين وابن عربي. فهو يؤمن أن النهضة رهينة بالبناء على الموروث الذي أنتجته الثقافة المحلية، فهو ليس مثل العروي الذي يميل إلى نوع من القطيعة المعرفية، بل يؤمن بالاتصال والخطية. وطه لا يدّعي الانسلاخ عن الحداثة بل يريد روح الحداثة وليس قشورها فهو يعيب على المفكرون الاستنساخ والتقليد الأعمى ويرى أن الحداثة في جوهراها نقد وإبداع وهذا ما يلزم للنهوض وله مساره في النقد ورؤيته في الابداع التي سأدرج أسسها هنا.
                            إذن سواء عابد الجابري أم طه عبد الرحمان، هما ناقدان و مبدعان. ويعملان من داخل التراث لا من خارجه، يختلفان فقط في الرؤية وكلتا الرؤيتين ضروريتان، ليحدث التنافس والتلاقح للخروج بتركيب أو أطروحة قابلة للأجرأة.
                            محبتي لكما ولكل الملتقويين.

                            تعليق

                            • نورالدين لعوطار
                              أديب وكاتب
                              • 06-04-2016
                              • 712

                              #15
                              أستاذتي العزيزة فاطمة

                              عالم الأفكار مستوعب للاختلاف، فالجابري يحترم طه غاية الاحترام كما طه يحترم الجابري غاية الاحترام، ولكل منهما أسلوبه وطريقته في التحليل، الجابري بدأ مشروعا لا يزال يتشكل لا يهمّ الرأي، بقدرما يهمّ التفاعل الذي لابد ينتج عنه ما هو أفيد.

                              احترامي العظيم أستاذتي فاطمة.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X