الإنسان و ... الحيوانية ! (مقالة)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حسين ليشوري
    طويلب علم، مستشار أدبي.
    • 06-12-2008
    • 8016

    الإنسان و ... الحيوانية ! (مقالة)

    الإنسان و ... الحيوانية
    (مقالة)

    كنت أريد وضع عنوان هكذا "الإنسان والإنسانية" ثم ارتأيت أنه عنوان متوقع ومقبول فاخترت المُثَبَّتَ عساه يثير الانتباه ويجلب القراء إليه؛ فما الغرض من كتابة مقالة كهذه؟ هذا سؤال لا أستطيع الإجابة عنه لأن الكاتب لا يسأل لماذا يكتب حين يكتب؟ فهو يكتب لدواع شتى منها الرغبة في إشراك قرائه في أفكاره وخواطره وللقراء حق معرفة ما يفكر فيه كاتبهم.

    في يوم من أيام عام 2004، كنت في حديث طريف مع أحد الأساتيذ النبهاء وقد كان في الماضي أستاذ فلسفة في بعض الثانويات فسألني: "تعرف معضلة الحصان والحصانية؟" أو ما يسمى بالأعجمية الفرنسية :"le dilemme du cheval et de la chevalité" فأجبته: لا، لا أعرفه ! فقال: "سأل أحد الفلاسفة جماعة من زملائه، تلاميذه، وكانوا في جولة في بعض المزارع فرأى حِصانا يرعي فأشار إليه سائلا مرافقيه: "كيف نميز بين الحِصان والحِصانية؟" فلم يجبوه؛ وأردف قائلا: "إن كان هذا الذي أمامنا حصانا فأين الحِصانية؟ وإن كانت هذه هي الحِصانية، فأين الحصان؟"؛ فوجم القوم ولم يحيروا جوابا، وكيف يجيبونه وهو أستاذهم الكبير المبجل، لكنهم أخذوا في التفكير الفلسفي، وغرقوا فيه إلى ... اليوم.

    عرض علي الأستاذُ السؤالَ نفسَه، وضحكنا من تعقده وغموضه وغرابته؛ وبعد هنيهة قلت محاولا الإجابة: "يجب علينا تحديد معنى الحصان، ومعنى الحصاينة حتى نخرج بإجابة مُرْضية يقبلها العقل".
    فقال: "هات ما عندك".
    قلت: "الحصان" هو ذلك الحيوان المعروف بصفاته الخاصة والتي تجعل منه حصانا؛ وأما "الحصانية" فهي مجموع الصفات التي يكون بها هذا الحيوان بالذات حصانا، ولا سبيل إلى الفصل بينهما، فلا وجود للحصان من غير الحصانية، ولا وجود للحصانية من غير الحصان، فَهُما في وحدة وجود تامة كاملة لا فصل فيها؛ فلو استطعنا أن ننزع عن "الحصان" صفات "الحصانية"، وأنَّى لنا ذلك، لم يعد حصانا، فلا يكون الحصان حصانا إلا بالحصانية وليس بغيرها.

    سكت الأستاذ برهة يتأمل كلامي ثم أطلق ضحكة مدوية هزت أركان المكتب الذي كنا فيه وكأنه وجد الإجابة للسؤال المحير أو كأنه استجاد إجابتي؛ وبعد الضحك وتغيير المواضيع افترقنا.

    ساقتني هذه القصة إلى التفكر في موضوعي اليوم الآن وهنا؛ إن كان ما قلته عن الحصان صحيحا، وهو كذلك، فماذا عن الإنسان؟ هل يمكن فصله عن إنسانيته ليصير كائنا آخر غير ما خُلِق عليه من صفاته الإنسانية؟

    الإجابة: نعم ! ممكن جدا، وهذا مشاهد في واقع الناس ومعيش فيهم يوميا، فهل يُنكر؟ لقد تخلى الإنسان، هذا الحيوان الناطق كما يعرفه الفلاسفة، عن إنسانيته طواعية وبكل يسر لأنه، ببساطة، يملك الإرادة الذاتية المستقلة، بينما الحصان، أو غيره من الحيوانات، لا يمكنه الانفصال عن صفاته الذاتية التي هو بها هذا الحيوان أو ذاك أو ذلك.

    إذن، يستطيع الإنسان أن ينتزع من نفسه إنسانيته فيصير بهذا النزع القسري نوعا آخر من أنواع الحيوانات الأليفة الأنيسة أو المتوحشة الضارية المفترسة، وهذا الإنسان، لهذه الميزة، ميزة الإرادة، وبها يستطيع أن يتحول إلى ما يشاء من الكائنات القريبة من البشر أو البعيدة عنهم بسهولة ويسر.

    فالإنسان، هذا الحيوان الناطق، من النطق الذي هو التفكير وليس النطق الذي يعني الكلام، إن نُزعت عنه إنسانيته صار حيوانا فقط وغابت عنه ميزة التفكير الحر المستقل لأن الحيوان لا يفكر، وإن أثبت له العلماء نوعا من التفكير، أو الذكاء، فهو تفكير، أو ذكاء، حيواني محض لا يمت إلى التفكير البشري بأدنى صلة، وبهذا نربط بين هذه الخاتمة وعنوان المقالة، وإلى موعد آخر إن شاء الله لمواصلة الحديث عن إنسانية الإنسان أو حيوانيته.

    البُلَيْدة، عشية يوم الأربعاء 14 من شهر الله المحرم 1442، الموافق 2 سبتمبر 2020.
    sigpic
    (رسم نور الدين محساس)
    (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

    "القلم المعاند"
    (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
    "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
    و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

  • فاطمة الزهراء العلوي
    نورسة حرة
    • 13-06-2009
    • 4206

    #2
    السلام عليكم ورحمة الله
    موضوعة في عمق ما موجود اليوم بالقوة وبالفعل
    بالقوة نتيجة ظروف فرضت فرضا على الانسان ، فمحقته ومحقت حقوقه وداست عليها فتجبر وطغى، نتيجة لذلك
    وبالفعل: كون هناك أشخاص مؤهلون لكي يكونوا طغاة : طبيعة مادية فيهم وجينية
    ولنا في الطغاة عبر التاريخ الكرنولوجي للانسانية ككل خير مثال
    1980
    كانت بداية ـ النهايات ـ لهذه الإنسانية حاملة هموم العالم والمجتمع والناس / وأضع النهايات ما بين معقوفتين / فليتها كانت نهاية واحدة/ كان بالإمكان استعادة الرماد /فينيقا / يصعد من جديد بروح أخرى / روح الدفاع والنضال والتساوي ودمج روحه هاته مع أوراح الآخرين
    لكنها كانت نهايات متراتبة في الوقت ، ومتنافسة في المظلمة والظلم.
    لقد مات الضمير الذي يعيد العقارب إلى بوصلتها أو العكس
    وتمرت ـ الحيوانية ـ الرهيبة فيه / تفوق فيها على أشرس الحيوانات
    لم يعد هناك قيمة ولا قامة ولا فكر ولا إنسان
    وماتت القلوب
    القلوب ؟ هي مصدر استعادة الإنسان إلى إنسانه
    والله عز وجل في كتابه العزيز :خاطب القلوب وتحدث عن القلوب في مجمل كتابه
    (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب)
    فهل القادم من جيل تربى في هذه الفوضى اللاإنسانية ، يستطيع استدارة العقول نحو القلوب؟
    من يدري ؟
    كل الاحتمالات واردة
    مقالة في الصميم وقبضت على جرح الواقع
    تقديري بلا ضفاف أستاذنا السي الحسين
    همسة
    تحدثت منذ أيام عن فرانكنشتاين المسخ في مقالة مشابهة لمقالتك من زاوية اخرى والمسخ هو الحيوانية التي تجبرت فينا
    التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة الزهراء العلوي; الساعة 03-09-2020, 08:13.
    لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

    تعليق

    • فاطمة الزهراء العلوي
      نورسة حرة
      • 13-06-2009
      • 4206

      #3
      عساك بخير استاذنا السي الحسين
      لا خير في هاموشة تقتات على ما تبقى من فاكهة

      تعليق

      • حسين ليشوري
        طويلب علم، مستشار أدبي.
        • 06-12-2008
        • 8016

        #4
        وعليكم، أستاذتنا الفاضلة لالّة فاطمة، السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
        أرجو من الله تعالى أن تكوني بخير وعافية، آمين.
        لو كان لمقالتي المتواضعة من قيمة إلا أن تستمطر فكرك النير للمشاركة فيه بما كتبتِه لكانت جديرة بالنشر.
        ثم أما بعد، لقد أبدع الله تعالى في خلق هذا الكائن العجيب: الإنسان وغرز فيه من القدرات ما تعجب الإنسان نفسه فيه ولم يكتشفه كله بعد، ويكفينا أن الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم ثم رده إلى أسفل سافلين فإن أراد هذا الإنسان أن يعود إلى التقويم الحسن الذي خلق عليه وله إلا أن يكون مؤمنا بالله تعالى مستقيما على منهاجه ويعمل الصالحات لنفسه لغيره من بني جنسه ولما يشاركه الحياة من الحيوان والنبات والجماد (الطبيعة):
        - {
        لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ؛ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ؛ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} (سورة التين)؛
        - {
        إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ؛ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (سورة العصر)؛
        فلما سقط الإنسان في "السفالة"، بإرادته أو بمكر أعدائه، وما أكثرهم، خسر وتعس وشقي؛ فإن أراد العدوة لما خُلِق له فما عليه إلا بتصحيح حاله من حالة الخسران والبوار إلى حالة الربح والاستقرار بالإيمان بالله تعالى والسير على منهاجه المستقيم وإلا استمر في الخسران المبين ومكث في الشقاء المستديم إلى أن يتوب ويثوب ويصحح من حياته البائسة اليائسة.
        شكرا جزيلا على هذا الإثراء وبالحوار تتلاقح الأفكار.
        تحياتي الخالصة.

        sigpic
        (رسم نور الدين محساس)
        (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

        "القلم المعاند"
        (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
        "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
        و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

        تعليق

        • حسين ليشوري
          طويلب علم، مستشار أدبي.
          • 06-12-2008
          • 8016

          #5
          الإسلام هو دين الإنسانية بامتياز.

          يبدو أنني كنت مغيبا عن الملتقى فلم أنتبه أن لأختنا الكريمة أميمة محمد، أمة الله، ملتقى خاصا بها، [ملتقى أميمة محمد وتنظر فيه مشاركتي برقم #2 في موضوع الكاتبة بعنوان "الإنسانية"]، تجمع فيه مواضيعها، هنيئا لها و"الشح"(!) فينا لأننا مُنِعنا من ملتقياتنا الخاصة المحجوزة في "ملتقى المفكرين والسياسيين العرب" المحجور عليه منذ مدة طويلة؛ المهم لا بأس، نهنيء أختنا العزيزة على ملتقاها الخاص وفي الوقت نفسه نغبطها عليه ونتمنى أن يصير لنا ملتقياتنا الخاصة كما كنا قديما.

          ثم أما بعد، تجذبني المواضيع التي تهتم بالإنسان، والإنسانية، والبشر، والبشرية، لأنها مواضيع عامة تعالج قضايا عامة ولا تغرق في "الأنانية" الضيقة والعاطفة الرخوة كما هو شأن المواضيع المائعة الغارقة في الحب، والعشق، والغرام، والهيام، والأحلام، والأوهام، و... "الأورام" العاطفية.

          يبدو أن الكاتبة الكريمة نظرت إلى "الإنسانية" من زاوية الغرب المادي الملحد حتى وإن كان متدينا حسب زعمه، لكنه تدين مغشوش، مزيف، يرى "الدين" قيودا، وأصفادا وأغلالا، تحد من حريته الفردية، وتعرقل انطلاقه نحو الحياة كما يريدها هو لا كما يريدها له الدين، والدين هنا مفهوم واسع لا يقتصر على مفهوم الدين السماوي المنزل من الله تعالى على البشر ليسوسهم به ويقودهم إلى القيم العالية، والأخلاق الفاضلة، ليتعايشوا بسلام ووئام وسعادة وهناءة.

          "
          الإنسانيَّة"، لغةً، مصدر صناعي مشتق من "الإنسان" عند انفراده، وهي صفة إن تعبت اسما، فمعناها يختلف بمحلها في الكلام، وحديثنا هنا عن "الإنسانية" كمصدر مشتق من "الإنسان" ومتسق معه في آدميته، وبشريته، وأناسيته، بل هو هي، أو هي هو، فلا فصل، ولا عزل، ولا تفريق، ولا تشذير، ولا تفكيك، ولا انفصام، ولا ابتعاد؛ فإن فُرِّق بين الإنسان وإنسانيته تحول ذلك "الإنسان" إلى حيوان ناطق، إذ لم تبق فيه إلا حيوانيته، أو بهيميته، أو إن نزل أكثر في دركات النزول والهبوط، صار "شيئا" وبرزت "شيئيته" المادية فقط وهذا ما يريده الغرب الملحد المادي من "الإنسان"، أو من الشيء، أو الحيوان، الذي كان إنسانا فصار شيئا آخر غير كون إنسانا.

          الدين الحق، المنزل من الله تعالى على البشر ينمي فيهم إنسانيتهم ويزكيها ويربيها وينشئها تنشئة مَرْضِيّة ولا يتعارض مع "القيم" المستحدثة المتغيرة المتحولة المتطورة التي تصيِّر "الإنسان" متمردا "ثائرا" متجرئا على الله تعالى فيعمل جاهدا على التخلص من تلك القيود والأصفاد والأغلال المتوهمة في "عقله" الصغير الهش الضيق والتي يفرضها الدين، مع أن الدين الحق ما جاء إلا ليحرر الإنسان من قيود وأصفاد وأغلال، وهي قيود الأهواء، وأصفاد الشهوات، وأغلال النزوات البهيمية الخسيسة الوضيعة المَرَضِيّة.

          إن الغرب، بشقيه الغربي والشرقي، ادعى أنه تخلص من "الدين"، حتى من الأديان المزيفة والمحرفة، ولكنه، في الوقت نفسه، اخترع لنفسه أديانا شتى كثيرة وأنشأ آلهة جديدة عديدة أخلص في عبادته لها، وحارب كل من حاول نقدها، الأديانَ والآلهةَ، أو رفضها، أو مضادتها، أو محاربتها، فوصمه بشتى الأوصاف الخسيسة ورجمه بكل سبة، أو شتيمة، رخيصة لأنه تجرأ ورفض الدين، بل الأديان الجديدة المخترعة، وكفر بالآلهة المستحدثة الزائفة.

          "
          الإنسانيَّة" من غير دين صحيح حيوانية صرفة، بل هي بهيمية خالصة ولا خلاص للإنسان إلا بالدين الحق، الدين القيم، الدين الذي يعيد لهذا الإنسان آدميته وبشريته وأناسيته، الدين الذي يخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، سبحانه وتعالى، وينقذهم من جور الأديان الفاسدة والباطلة إلى عدل الإسلام، فالإسلام هو دين الإنسانية بامتياز ولا غير الإسلام دين إنساني ألبتة.

          بارك الله فيك أختنا الفاضلة أميمة محمد، أمة الله، على هذه الفرصة التي أتحتها لي للحديث في موضوع يهمني ويشد انتباهي ويحرك في نفسي عواصف العواطف المكتومة بل المكبوتة بل المدفونة، والحديث ذو شجون ويثير في الشجون، فلأتوقف عند هذا الحد ولعلي أعود إلى الموضوع مرة أخرى إن شاء الله تعالى.

          تحيتي إليك وتقديري لك.

          sigpic
          (رسم نور الدين محساس)
          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

          "القلم المعاند"
          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

          تعليق

          • جمال عمران
            رئيس ملتقى العامي
            • 30-06-2010
            • 5363

            #6
            مرحبا استاذ حسين... أتابع.. وأتعلم.. بورك مجهودكم.. مودتي
            *** المال يستر رذيلة الأغنياء، والفقر يغطي فضيلة الفقراء ***

            تعليق

            • حسين ليشوري
              طويلب علم، مستشار أدبي.
              • 06-12-2008
              • 8016

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة جمال عمران مشاهدة المشاركة
              مرحبا استاذ حسين... أتابع.. وأتعلم.. بورك مجهودكم.. مودتي
              وبك مرحبا، أخي الجميل جمال، وأهلا وسهلا.
              هي خواطر محصلة من المطالعة والمعايشة والتفكر ومذاكرة الأخيار أمثالك نبثها عساها تفيد إن شاء الله تعالى.
              وبوركت أخي العزيز.
              ولك تحيتي ومودتي.

              sigpic
              (رسم نور الدين محساس)
              (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

              "القلم المعاند"
              (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
              "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
              و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

              تعليق

              • أحمد على
                السهم المصري
                • 07-10-2011
                • 2980

                #8
                أعتقد الفرق بين الحصان والحصانية هو أن الأول : ما نعرف عنه من صفات ارتبطت باسمه أما الحصانية فهي ممارسة هذه الصفات والمميزات والمساويء لصاحب الوصف .
                وأتفق معك أخي في مسألة أن بعض البشر تخلوا عن إنسانيتهم ،والأمثلة كثيرة نراها كل يوم ، قتل وتنكيل وحروب وو إلخ..
                لقد ميز الله الإنسان بالعقل ليدرك الصواب من الخطأ ، ووهبه هذه الأمانة تكريما له ، وها نحن نتخلى عن الأمانة مقابل الشهوات والملذات،
                فننكر إنسانيتنا وننكر الهدف الذي خلقنا من أجله ...

                مقال جميل أخي الأستاذ حسين ليشوري

                محبتي ،،
                التعديل الأخير تم بواسطة أحمد على; الساعة 02-11-2020, 23:25.

                تعليق

                • حسين ليشوري
                  طويلب علم، مستشار أدبي.
                  • 06-12-2008
                  • 8016

                  #9
                  مرحبا أخي أحمد علي وعساك بخير.
                  في مثل هذه المواضيع التأملية، "الفلسفية" إن جاز لي الوصف، كلٌّ يرى رأيه ولا يُجزم فيها برأي ختامي نهائي فاصل غير أن ميزتها أنها تتيح للقارئ النبيه فرصة المشاركة فيها عسى بشراكته يساهم في فهم القضية المعروضة للنقاش، لكن قلة المشاركة في الحوار تنبئ عن قلة الاهتمام بمثل هذه المواضيع لتوجه الناس إلى أحاديث الحب والغرام والهيام وغيرها مما يثير الشهوات والغرائز البهيمية كأن لا موضوع غير موضوع ... الجسد والمتعة، ونظرة سريعة في اهتمامات القراء والكُتّاب تكفي للتأكد مما أزعم بسهولة ويسر.
                  هي حالة من البؤس الثقافي والفقر الفكري تعاني منه الأمة منذ عقود، بل منذ قرون، نسأل الله السلامة والعافية.
                  أمسك أناملي عن الرقن وفيها كثير من الكلام حتى لا أحرج الناس ولا أجرح نفسي، والله المستعان.
                  تحياتي إليك أخي أحمد علي ودم بخير.

                  sigpic
                  (رسم نور الدين محساس)
                  (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                  "القلم المعاند"
                  (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                  "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                  و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                  تعليق

                  • ناريمان الشريف
                    مشرف قسم أدب الفنون
                    • 11-12-2008
                    • 3454

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة حسين ليشوري مشاهدة المشاركة
                    الإنسان و ... الحيوانية
                    (مقالة)

                    كنت أريد وضع عنوان هكذا "الإنسان والإنسانية" ثم ارتأيت أنه عنوان متوقع ومقبول فاخترت المُثَبَّتَ عساه يثير الانتباه ويجلب القراء إليه؛ فما الغرض من كتابة مقالة كهذه؟ هذا سؤال لا أستطيع الإجابة عنه لأن الكاتب لا يسأل لماذا يكتب حين يكتب؟ فهو يكتب لدواع شتى منها الرغبة في إشراك قرائه في أفكاره وخواطره وللقراء حق معرفة ما يفكر فيه كاتبهم.

                    في يوم من أيام عام 2004، كنت في حديث طريف مع أحد الأساتيذ النبهاء وقد كان في الماضي أستاذ فلسفة في بعض الثانويات فسألني: "تعرف معضلة الحصان والحصانية؟" أو ما يسمى بالأعجمية الفرنسية :"le dilemme du cheval et de la chevalité" فأجبته: لا، لا أعرفه ! فقال: "سأل أحد الفلاسفة جماعة من زملائه، تلاميذه، وكانوا في جولة في بعض المزارع فرأى حِصانا يرعي فأشار إليه سائلا مرافقيه: "كيف نميز بين الحِصان والحِصانية؟" فلم يجبوه؛ وأردف قائلا: "إن كان هذا الذي أمامنا حصانا فأين الحِصانية؟ وإن كانت هذه هي الحِصانية، فأين الحصان؟"؛ فوجم القوم ولم يحيروا جوابا، وكيف يجيبونه وهو أستاذهم الكبير المبجل، لكنهم أخذوا في التفكير الفلسفي، وغرقوا فيه إلى ... اليوم.

                    عرض علي الأستاذُ السؤالَ نفسَه، وضحكنا من تعقده وغموضه وغرابته؛ وبعد هنيهة قلت محاولا الإجابة: "يجب علينا تحديد معنى الحصان، ومعنى الحصاينة حتى نخرج بإجابة مُرْضية يقبلها العقل".
                    فقال: "هات ما عندك".
                    قلت: "الحصان" هو ذلك الحيوان المعروف بصفاته الخاصة والتي تجعل منه حصانا؛ وأما "الحصانية" فهي مجموع الصفات التي يكون بها هذا الحيوان بالذات حصانا، ولا سبيل إلى الفصل بينهما، فلا وجود للحصان من غير الحصانية، ولا وجود للحصانية من غير الحصان، فَهُما في وحدة وجود تامة كاملة لا فصل فيها؛ فلو استطعنا أن ننزع عن "الحصان" صفات "الحصانية"، وأنَّى لنا ذلك، لم يعد حصانا، فلا يكون الحصان حصانا إلا بالحصانية وليس بغيرها.

                    سكت الأستاذ برهة يتأمل كلامي ثم أطلق ضحكة مدوية هزت أركان المكتب الذي كنا فيه وكأنه وجد الإجابة للسؤال المحير أو كأنه استجاد إجابتي؛ وبعد الضحك وتغيير المواضيع افترقنا.

                    ساقتني هذه القصة إلى التفكر في موضوعي اليوم الآن وهنا؛ إن كان ما قلته عن الحصان صحيحا، وهو كذلك، فماذا عن الإنسان؟ هل يمكن فصله عن إنسانيته ليصير كائنا آخر غير ما خُلِق عليه من صفاته الإنسانية؟

                    الإجابة: نعم ! ممكن جدا، وهذا مشاهد في واقع الناس ومعيش فيهم يوميا، فهل يُنكر؟ لقد تخلى الإنسان، هذا الحيوان الناطق كما يعرفه الفلاسفة، عن إنسانيته طواعية وبكل يسر لأنه، ببساطة، يملك الإرادة الذاتية المستقلة، بينما الحصان، أو غيره من الحيوانات، لا يمكنه الانفصال عن صفاته الذاتية التي هو بها هذا الحيوان أو ذاك أو ذلك.

                    إذن، يستطيع الإنسان أن ينتزع من نفسه إنسانيته فيصير بهذا النزع القسري نوعا آخر من أنواع الحيوانات الأليفة الأنيسة أو المتوحشة الضارية المفترسة، وهذا الإنسان، لهذه الميزة، ميزة الإرادة، وبها يستطيع أن يتحول إلى ما يشاء من الكائنات القريبة من البشر أو البعيدة عنهم بسهولة ويسر.

                    فالإنسان، هذا الحيوان الناطق، من النطق الذي هو التفكير وليس النطق الذي يعني الكلام، إن نُزعت عنه إنسانيته صار حيوانا فقط وغابت عنه ميزة التفكير الحر المستقل لأن الحيوان لا يفكر، وإن أثبت له العلماء نوعا من التفكير، أو الذكاء، فهو تفكير، أو ذكاء، حيواني محض لا يمت إلى التفكير البشري بأدنى صلة، وبهذا نربط بين هذه الخاتمة وعنوان المقالة، وإلى موعد آخر إن شاء الله لمواصلة الحديث عن إنسانية الإنسان أو حيوانيته.

                    البُلَيْدة، عشية يوم الأربعاء 14 من شهر الله المحرم 1442، الموافق 2 سبتمبر 2020.
                    أخي حسين
                    بعد السلام
                    عندما أقرأ مقالاتِك أتهيأ جيداً وأعدّلُ جِلستي لأستوعب المراد مما تقول
                    هنا ..
                    من بعد الحصان والحصانية .. بدأت ألتقط أنفاسي .. وقلت .. الآن بدأ الموضوع ينجلي وبدأ المرام من المقالة يتضح
                    ما أشبه الانسان ( الذي كرمه ربه ) بالحيوان !!
                    وما أبعد ( الانسانية ) عن ( الحصانية ) !!
                    مقالة جديرة بالتأمل ..
                    وفضلاً لا أمراً

                    اقرأ ( http://almolltaqa.com/vb/showthread....CD%ED%E6%C7%E4
                    مع الشكر والتقدير
                    ناريمان
                    sigpic

                    الشـــهد في عنــب الخليــــل


                    الحجر المتدحرج لا تنمو عليه الطحالب !!

                    تعليق

                    • حسين ليشوري
                      طويلب علم، مستشار أدبي.
                      • 06-12-2008
                      • 8016

                      #11
                      الإنسان بين تخريف الضالين وتشريف القرآن.

                      المشاركة الأصلية بواسطة ناريمان الشريف مشاهدة المشاركة
                      أخي حسين
                      بعد السلام، عندما أقرأ مقالاتِك أتهيأ جيداً وأعدّلُ جِلستي لأستوعب المراد مما تقول هنا ..
                      من بعد الحصان والحصانية .. بدأت ألتقط أنفاسي .. وقلت .. الآن بدأ الموضوع ينجلي وبدأ المرام من المقالة يتضح، ما أشبه الانسان (الذي كرمه ربه) بالحيوان !! وما أبعد (الانسانية) عن (الحصانية) !!
                      مقالة جديرة بالتأمل .. وفضلاً لا أمراً
                      اقرأ
                      http://almolltaqa.com/vb/showthread....CD%ED%E6%C7%E4
                      مع الشكر والتقدير
                      ناريمان
                      وعليكم السلام، أختي الفاضلة الأستاذة ناريمان، ورحمة الله تعالى وبركاته.
                      نعم، يحتار "العقلاء" (!)،
                      وقد كفى الله تعالى المؤمنين مُؤنة التعريف، في تعريف هذا المخلوق العجيب: "الإنسان"، فلا يكادون يُجمعون على تعريف مُرْضٍ مقبول لاختلاف ثقافاتهم وتباين مجتمعاتهم والبِيئات التي ينشئون فيها، والإنسان ابن بِيئته كما يقال، ولا يمكن أن يكون غير كذلك مهما حاول الانسلاخ منها، البِيئةَ، فيبقى فيه من رواسبها الكثير وإن حاول كبتها أو كتمها أو دفنها، ومهما غطّاها بثقافته المكتسبة أو سترها بالتمويه (maquillage) فهي تظهر فيه رغما عنه لمن يعرف كيف يلتقط الإشارات أو العلامات أو الأعراض.
                      يتفق المُعرِّفون على "حيوانية" الإنسان لأن فيه حياة، والحيوانية من الحياة، وهذا هو القدْر المُجمع عليه في التعريف لكنهم يختلفون في الصفة المضافة، الزائدة عن الحيوانية، ما هي؟ ولندعهم يختلفون كما شاءوا لاختلاف مشاربهم ولنذهب إلى تعريف خالق هذا الإنسان وكيف عرَّفه؟
                      لم يتحدث القرآن الكريم عن الإنسان إلا بصفة "الإنسانية" الكريمة والمُكرَّمة إن هو استقام على المنهاج الذي بيّنه الله له بالأنبياء وبالكتب المنزلة فإن تخلَّى هذا الإنسان عن إنسانيته ارتكس إلى الحيوانية، "الأنعامية" (!)، البهيمية، ووُصِم بالسفه، وهو الطيش وقلة العقل، بعدما كان مُمتَّعا، مُكرَّما، بما أكرمه الله به وهو العقل، أو الفكر، والوحي من الله تعالى لا من غيره:
                      - {
                      وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}
                      - {
                      وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ؛ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا؛ أُولَـئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}
                      - {
                      أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ؛ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ، بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}
                      - {
                      وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ، وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}
                      - {
                      قُلْ صَدَقَ اللَّهُ، فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
                      - {
                      قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} وغيرها من الآيات التي تنوه بملة إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، وتحث المسلمين على اتباعها.
                      باختصار شديد، لا يكون الإنسان إنسانا مكرما إلا بالوحي الإلهي الصحيح الصريح، فإن هو تركه واتبع وحي الشيطان الرجيم وهواه أرتكس، وانتكس، وتقهقر، وتدهور، و... تكور في البهيمية الصرفة، ولذا يمكننا أن نعرف "الإنسان" المنتكس بـ "الإنسان البهيمي" وليس "البوهيمي" (!).
                      هذا ما عنَّ لي التعليق به على مشاركتك القيمة، المشجعة على التفكير والداعية إليه، وسأنسخها، إن سمحت، في موضوعك المشابه وقد قرأته قبل رقن هذا التعقيب.
                      بارك الله في أختنا الكريمة على الحضور الكريم والتشجيع الكبير عساني أجوِّد كتاباتي أكثر وأحسنها.
                      تحياتي إليك وتقديري لك وشكري المتجدد في كل مرة.

                      sigpic
                      (رسم نور الدين محساس)
                      (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                      "القلم المعاند"
                      (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                      "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                      و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                      تعليق

                      • أميمة محمد
                        مشرف
                        • 27-05-2015
                        • 4960

                        #12
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأستاذ حسين ليشوري
                        أضحك الله سنك، أضحكني مصطلح "الأورام العاطفية" وهو آفة من آفات العصر لا شك لدينا كأدباء شيء منها و لعلها أورام حميدة عافانا الله وإياكم وقد تتحول عند بعضهم لأورام خبيثة لخبث محتواها والعياذ بالله.. يحصل.. لم نقول لا..
                        عن هذا الملتقى من وقت قريب.. أضم فيه مواضيعي لعل في ذلك خير إن شاء الله
                        وأوحي لي تعليقك بفكرة ركن خاص في الملتقى للملتقيات الخاصة على شاكلة الفكري زمان
                        ليت العميد يرى ويقرر
                        نعم،لم تنظر الكاتبة للإنسانية من وجهة الغرب إلا لأنها انبثقت أصلا من هناك ولا أثر لها في الديانة الإسلامية على ما أظن
                        إذ أن الإسلام يقوم على التوحيد والإيمان بالرسول
                        الإسلام يقوم على العبودية لله والانصياع لشرعه وليس للقوانين المخترعة ومن هنا مفترق
                        أعجبني قولك : إن الغرب، بشقيه الغربي والشرقي، ادعى أنه تخلص من "الدين"، حتى من الأديان المزيفة والمحرفة، ولكنه، في الوقت نفسه، اخترع لنفسه أديانا شتى كثيرة وأنشأ آلهة جديدة عديدة أخلص في عبادته لها، وحارب كل من حاول نقدها، الأديانَ والآلهةَ، أو رفضها، أو مضادتها، أو محاربتها، فوصمه بشتى الأوصاف الخسيسة ورجمه بكل سبة، أو شتيمة، رخيصة لأنه تجرأ ورفض الدين، بل الأديان الجديدة المخترعة، وكفر بالآلهة المستحدثة الزائفة

                        إنه من حسن حظ الموضوع مرورك عليه سيدي الكريم حسين، وليتك تعود لإثرائه
                        أسعدك الله في الدنيا والآخرة.

                        تعليق

                        • حسين ليشوري
                          طويلب علم، مستشار أدبي.
                          • 06-12-2008
                          • 8016

                          #13
                          الإسلام وحده دين الإنسانية والمسلم هو الإنساني فقط.

                          وعليكم السلام، الأستاذة أميمة محمد، أمة الله، ورحمة الله تعالى وبركاته وخيراته.
                          أسعد الله أوقاتك بكل خير وأدام عليك السرور ووقاك الشرور، اللهم آمين.

                          ثم أما بعد، التفاعل الإيجابي يسببه عاملان: قيمة المكتوب، شكلا ومضمونا، وقيمة الكاتب قبل المكتوب ليقيني أن النَّاص قبل النّص كما سبق لي زعمه في موضوعي "
                          نَصْ/ناصٌّ" الذي أثار صخبا عنيفا قبل سنوات حيث رقنت بكل ثقة:"(...) ثنائية النَّصِّ والنَّاصِّ، أو إن شئتم: عن زوج النَّاصِّ والنَّصِّ، إذ النّاصّ أسبق وجودا من النّصّ، فهذه بديهية لا تحتاج إلى نقاش" اهـ، وقد توفرا في موضوعك القيم هنا بامتياز، فمن رقي في نفسه رقي نصه، والعكس صحيح كذلك، فالمواضيع الرديئة ناتجة عن شخصية مثلها وكما يقول المثل: "إنك لا تجني من الشوك العنب" فللعنب الطيب شجرته، وأما السّعدان فلا تحبه إلا الإبل وما أكثر إقبال الناس على "السّعدان" في الأدب ونهمهم به (!)

                          موضوع "الإنسانية" موضوع كبير ومثير وتكثر فيه الآراء حسب الثقافات والأهواء والمشارب ونحن، المسلمين، نرد كل قضية إلى الفكر الإسلامي الصحيح مستضيئين بالنصوص الصحيحة الصريحة الواضحة ولنا منها، ولله الحمد والمنة، وفرة نحسد عليها إذ لم تغفل ثقافتنا الإسلامية الثرية هذه القضية ولم تتركها هملا من غير دراسة أو تحليل، فما دامت "الإنسانية" مشتقة من الإنسان فما علينا إلا النظر في نصوصنا كيف عالجت قضية هذا الإنسان بصفة عامة وكيف عالجتها قضية المسلم بصفة خاصة، والمسلم هو الشخص الوحيد الذي تمثلت فيه معاني الإنسانية بلا منازع حتى وإن ادعى أعداؤه أنه "همجي"، والإسلام هو دين الإنسانية بامتياز حتى وإن ادعى خصومه أنه، حاشاه، دين الهمجية فحاربوه بالشراسة التي نعلم والتي لا نعلم، ونكتب بكل ثقة: "الإسلام دين الإنسانية" رغم أنوف المحاربين ورغم أنوف المتخاذلين من المسلمين لجهل أو لخوف أو لريب أن دينهم وحده دين الإنسانية.

                          هذه إضافة أحببت إدراجها هنا وأقف عندها وفي أناملي كلام كبير وكثير وخطير ومثير أكبحه الآن إلى حينه إن شاء الله تعالى.

                          موفقة إن شاء الله وجعل الله ما ترقمين هنا في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى اللهَ بقلب سليم، اللهم آمين يا رب العالمين.

                          تحيتي إليك وتقديري لك أختي الكريمة.

                          (تنبيه: هذه المساهمة مني منسوخة من متصفح الأستاذة أميمة محمد، تنظر المشاركة رقم:
                          #6).

                          sigpic
                          (رسم نور الدين محساس)
                          (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

                          "القلم المعاند"
                          (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
                          "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
                          و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

                          تعليق

                          • أميمة محمد
                            مشرف
                            • 27-05-2015
                            • 4960

                            #14
                            الأستاذ حسين ليشوري أشكر إضافتك القيمة وتزكيتك لأمة الله..جزيت الخير كله
                            أحب أن أقول أن الموضوع شائك ويحتاج للبحث والتأمل؛ ولنحاول
                            وبشكل آخر سأقول إن الإنسانية لدى بعض ناطيقها يقصد بها شعور الإنسان بأخيه الإنسان
                            توازيها المآخاة في الإسلام.. لكن حين رجوعنا للآيات القرآنية نجد أن كثير من الآيات ذكرت الإنسان كظلوم وضعيف وجهول ويئوس وخصيم...
                            فكيف تعبر الإنسانية عن العدل أو الرحمة؟ وكيف تدرك قوانين آدمية الانصاف والإنسان ظلوم جهول؟ إن في ذلك تناقض
                            لاحظ إن الموضوع تناول الإنسانية من منظور غربي..
                            وهذه آيات قرانية ذكرت الإنسان بصفاته وأحواله:
                            • يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا النساء
                            • وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا يونس
                            • وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ هود
                            • إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ابراهيم
                            • وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ الحجر
                            • خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ النحل
                            • وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ الإسراء
                            • وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا الإسراء
                            • فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا الإسراء
                            • وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ الإسراء
                            • إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا الإسراء
                            • وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا الكهف
                            • وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا مريم
                            • يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا مريم
                            • خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ الأنبياء
                            • إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ الحج


                            تعليق

                            • أميمة محمد
                              مشرف
                              • 27-05-2015
                              • 4960

                              #15
                              أحسب أن لفظ الإنسانية كمصطلح اُبتدع في العصر الحديث وأحد مبتدعات الفكر العلماني
                              ظاهره جمع الإنسان على الخير والسلام وباطنه تنصل من الأديان في محاولة لمظلة بديلة عالمية تظلل الأطياف الإنسانية
                              بديلا عن أديان غير عصرية في رأي العالمية الحديثة

                              والله ورسوله أعلم

                              تعليق

                              يعمل...
                              X