قراءات جهاد بدران على نصوص أهل هذا الملتقى الراقي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جهاد بدران
    رئيس ملتقى فرعي
    • 04-04-2014
    • 624

    #16
    النّص : طبقيّة
    النّاص : محمد مزكتلي
    القراءة : جهاد بدران
    ..........................


    النّص :


    أقامَ رأسمالي مأدبةَ عشاء فاخرة للأهل والأصحاب.
    بعدَ العشاء,جمعَ الكثيرَ المتبقي منَ الطعام,أستغربَ من هذا شريكَهُ.
    فأخبرهُ بأنهُ غداً سيوزعهُ على عُمَّالِ المصْنع.
    نَهرهُ بشدة:إياكَ أن تفعَلْ ,وارمهِ في الزِبالة.
    لو أكَلَوا من هذا الطعام سَيمرَضون,ويتغيَبون عن العمل.


    القراءة :


    طبقية...
    يا سلام كم هذه القصة القصيرة جدا ..عميقة وعميقة جداً
    هي ليست مجرد طعامٍ وكرم ..بل هي لغة ناقدة لصورة المجتمع اليوم..ووصف عميق ساخر لاذع الذي تقوم فيه الرأسمالية بنفوذها وخططها وفكرها الإستبدادي على المحافظة على وجود طبقتهم الرأسمالية التي تنظر من منظار الأعلى والغلبة للمال..
    الكاتب أراد أن يوجه الفكر للنضوج وتوجيهه لأساليب الغزو الفكري والتخطيط المسبق لتبقى هناك طبقية واضحة المعالم تسيطر على الفئة الفقيرة بالحرمان والتجويع حتى تبقى خاضعة لمآربهم وحكمهم وتنفيذ نواياهم الظالمة...وهذه سياسة متبعة في دول كثيرة بهدف احتلال الإنسان وإخضاعه لهم بالمال والسيطرة عليه ليبقى المال بين يدي هذه الفئة الظالمة..وطبعاً هذه السياسة تهدف لقتل معالم الإنسانية وتقطع الصلة بين الأفراد من ود وتراحم وإنسانية...وازدياد الفقر ليسهل السيطرة على الشعب ويسهل تكميم الأفواه وتزداد نسبة الصمت التي تخدم كل المصالح السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعسكرية والإدارية..ويرتكز هذا النظام على الأنانية إذ يحافظون على الأموال أن تبقى بين يدي فئة معينة من التجار وأصحاب الأموال..وتبقى شريحة الفقر طاغية في المجتمع لتسهيل عملية السيطرة بكل أبعادها..لنتج عالماً أشبه بغابة ..القوي فيها يأكل الضعيف..
    يبدأ الكاتب قصته بقوله:

    ( أقامَ رأسمالي مأدبةَ عشاء فاخرة للأهل والأصحاب)

    طبعاً من وبشكل عادي جدا وكثير أن يقيم هؤلاء أصحاب الثروات مأدبة فاخرة للأغنياء أمثالهم..من الأهل والأصحاب..
    جملة ومقدمة استهل بها الكاتب قصته لتكون عملية توضيح لما بعد ذلك لتفتح مجال الرؤيا والخيال بلا حدود..
    يكمل بقوله:

    ( بعدَ العشاء,جمعَ الكثيرَ المتبقي منَ الطعام)

    طبعاً هنا يرينا الكاتب طريقة المعاملة وخلاصة السلوك الذي يسلكه رأسمالي فيه بعض الرحمة..ولكن بطريقة السخرية والنقد اللاذع...إذ عملية التجثيع للطعام تدل على احتقار الإنسان وليس بهدف الرحمة ..لأنه عادة ما تكون طريقة جمع الطعام المتبقي للحيوانات وليس للبشر..وهذا قمة الذل والقهر ..ولكشف أساليب هذه الفئات البشرية...
    سخرية وتصوير واقع مؤلم تحزّ النفوس غضباً وغيرة..
    ثم يتابع قوله:

    ( أستغربَ من هذا شريكَهُ. فأخبرهُ بأنهُ غداً سيوزعهُ على عُمَّالِ المصْنع.)

    هذا سلوك تلقائي وليس فيه غرابة لفرد رأسمالي لا ينظر من منظار الرأفة والرحمة والإنسانية..بل ينظر من باب المصالح الذاتية
    والسيطرة العمياء على الأفراد الفقراء العاملين تحت سيوفهم..
    فكان نتيجة الطمع وحب الذات والمال..ما وصفه الكاتب بقوله:

    (نَهرهُ بشدة:إياكَ أن تفعَلْ ,وارمهِ في الزِبالة.
    لو أكَلَ العُمَّالُ من هذا الطعام سَيمرَضون,ويتغيَبون عن العمل.)

    عملية ( نهره) هذه تدل على التدريب في كيفية السيطرة على الطبقة الكادحة الفقيرة دون وجه حق ووجه رحمة..ينزعون الرحمة ليبقى المال رأسهم المسيطر ..
    توجيه وتدريب فيما بينهم ليبقى لهم نفوذ وحكمهم الظلم لتحقيق مآربهم الأنانية..
    وفضّل رمي الطعام بالزبالة على أن تسود معالم الإنسانية هذا المجتمع...
    وأما قوله :

    ( سيمرضون.. ويتغيبون عن العمل)

    هنا ليس القصد المرض بعينه..بل هو الصحوة على الظلم والثورة عليه حين يشتد ساعدهم وتقوى بطونهم عند الشبع ..بإعادة فكرهم واتزان عقلهم وفك الحصار عن صمتهم...
    فهذا هو المرض بنظر الرأسمالي..عملية الصحوة هي مرض لهذه الفئة الطاغية..وعملية تغيبهم عن العمل ..إنما عدم الرضا تحت نصل التبعية والعمل لحساب أطماع هؤلاء الظلمة..
    ولمثل هذه السياسة ..سياسة التجويع وإخضاع الشعوب بتنويم تفكيرهم بوسائل مدروسة لتبقى الثورة على الظلم موؤودة تحت اللسان وتحت قيود الحقيقة...
    ...
    الأستاذ الكبير الكاتب الأديب الراقي
    أ.محمد مزكتلي
    كتبت لنا قصة قصيرة جداً ..بارعة النسج ..عميقة الدلالة ..تحمل أبعاداً مختلفة ..وترمز لسلوكيات بشرية وطبقات إجتماعية تخطط وتعمل وفق الأنا والذات الإنانية بهدف تحقيق مصالحهم بسهولة دون عوائق تحيطهم..
    قصة حبكتها محكمة وهدفها بليغ ..نستطيع من خلالها فتح آفاق الخيال والفكر لتدوين مجلدات كثيرة تخدم ما حوته هذه الألفاظ القليلة..
    براعة في النسج ..إتقان محكم في تجميع الحروف وفق أسلوب مدهش..ووفق هدف أسمى يدل على عبقرية الكاتب في تدوين حرفه في قالب سياسي هو ما يجلد مجتمعاتنا اليوم..
    كل التقدير والتبجيل لهذا القلم الذي يشرّح الواقع المؤلم بعبارات قليلة ومعاني بليغة كثيرة...
    وفقكم الله لنوره ورضاه وأسعدكم في الدنيا والآخرة...
    .
    .
    .
    .
    جهاد بدران
    فلسطينية

    تعليق

    • سعد الأوراسي
      عضو الملتقى
      • 17-08-2014
      • 1753

      #17
      أهلا بمفتاح الملتقى ومصباح نصوصه
      بداية أحيي مجهودك الذي يستحق الاشادة والتقدير ، وأتمنى لك التوفيق
      والسداد في مسارك ..
      بالنسبة لنصي " لي عودة "
      بكل صراحة أدواتك هذه المرة منطقية ومتماسكة ، تدعمها براهين موثوقة
      وليست متناقضة طيلة صبك في تبديد الضباب ..
      لا تصادم في سياق القراءة ، ولا حيدة في الوئام بين فكر الكاتب والمرسوم
      فكان التشريح الذي أعاد التركيب بموازاة ثابتة ، وضحت الغموض
      والتناقضات الأفقية الموجودة في تعقيد الأوراسي ..
      أشكرك ، فالجهد والمرسوم يكشف عن ملكة في المجال واعدة
      تحيتي الخاصة والخالصة
      عاشت فلسطين حرة أبية

      تعليق

      • سليمى السرايري
        مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
        • 08-01-2010
        • 13572

        #18
        *
        *
        *
        مجهودات كبيرة في قراءات نقدية عميقة تحسب لك الأستاذة الأديبة الناقدة
        جهـــــاد بدران
        تمنياتي لك بمزيد التألّق والنجاح في حياتم الخاصة والإبداعية.
        -
        محبتي

        *
        *
        *
        لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

        تعليق

        • جهاد بدران
          رئيس ملتقى فرعي
          • 04-04-2014
          • 624

          #19
          النّص : غريـــــزة
          النّاص : أحمد علي
          القراءة : جهاد بدران
          ..............................


          النّص :

          رقص الغراب فوق جثة الأسد ،مرتديا قناع الصقر .

          حين اصطدمت عيناه بوجهه .

          هتف بعفوية:

          يحيا ملك الغابة !!


          القراءة :



          /غريزة/

          من روعة هذه القصة القصيرة جداً، أنها حملت في طياتها أبعاداً وتأويلات متعددة، وتطرح قضايا اجتماعية وسياسية ونفسيّة، حيث نستنبطها من زواياها وما تحت السّطور...
          الإبداع المكثف في هذه القصة القصيرة جدا، يقوم على ذكاء الكاتب في اختيار شخصيّات قصّته بحرفيّة عالية، وسنوضّح ذلك مع السّياق في القراءة وكشف مواطن الجمال والقوّة في أبعاد النّص ودلالاته المختلفة..
          سنبدأ من خلال العنوان الذي تمثّل باسم نكرة، وذلك حتى تتوسّع مجالات الرؤيا وفسحات الخيال، وتتعدّد التأويلات، فلا تكن الغريزة في اتجاه واحد ولفئة معينة، لأنّ كلمة غريزة كانت معرّفة بأل التعريف، لتحددت زاوية واحدة وعنصر واحد من التحليل والتشريح في أبعاد النّص، وهذا يُحسب لعقلية الكاتب ومدى إدراكه لحرفه الذي يحتمل التأويلات المختلفة..

          /غريزة/
          سنعرّف معنى الغريزة كما ذُكرت في المصادر:
          الغَريزَةُ: الطبيعةُ والقريحةُ والسَّجيّة

          الغَريزَةُ(في الفلسفة) : صورةٌ من صور النشاط النفسي، وطِراز من السلوك يعتمد على الفطرة والوراثة البيولوجية...
          هذا هو تعريفه كما ذُكر، والسّؤال هنا، هل العنوان يحتمل اللغز على الحيوان، وانتسابه كطراز سلوكي يعتمد على الفطرة، أم اتّخذ منوالاً آخراً بالرّمزية فاتّجه نحو سلوكيّات البشر الفطرية أو نحو سلوكيّاته المكتسبة، والفرق بينهما كبير؟؟!!
          من هنا سنقوم بالكشف عما يتوارى عن وجه النص بإخراج مكنوناته ودرره الثّمينة...
          يبدأ النّص بقول الكاتب:

          /رقص الغراب فوق جثة الأسد ،مرتديا قناع الصقر ./

          عندما يبدأ أيّ نص بأحد الأفعال كالفعل الماضي / رقص/الذي بدأ به الكاتب، فإن عمليّة الحراك وتحريك للأحداث لها طاقة افتعال سائدة في النص، وعملية إخراج النّص من الجمود لعمليّة حراك ينفعل معها المتلقي..
          وبما أن الفعل/ رقص/ سيأخذنا المضمون العام له لمرآة الصّورة إلى نتاج فعلي لعمليّة الفرح، لكن السّؤال الذي يتبادر للذّهن، هل كلّ عمليّة رقصٍ توحي بالفرح، أم تختفي وراءها علامات استفهام كثيرة؟؟؟
          فكم من طائرٍ يرقص من شدّة الألم..
          لنرى ما تحت سقف هذا الفعل من الرّقص، حتى نفهم المضمون العميق فيه..
          /رقص الغراب فوق جثة الأسد/..
          إن اختيار الكاتب للغراب وليس للصقر في قصّته، وذلك لأن الغراب أقلّ شراسة من الصّقر الجارح القويّ، ولذلك نجد الكاتب قد استعان بالصقر قناعاً للغراب، ليتمثّل بقوّته وهيبته أمام الأسد وهو جثّة هامدة، يرتديه ليبعث في نفسه قوة الإرادة والذّات والشّجاعة..لما يبعثه الصّقر من رعب في وجوه الطّيور وحتى الحيوانات..
          فمن أوّل وهلة في قراءة عملية الرّقص، تبدو لنا هي فرحة عارمة للغراب، خاصة وأنّه يرقص على جثّة هامدة، وهذه ليست كأيّة جثّة، هي جثّة ملك الغابة الأسد المغرور الذي يبطش بكل ما يراه أمامه..
          توحي لنا هذه الرّقصة من الغراب عن عملية انتصار والتخلّص من ملك كان جباراً قوياً تخضع له الحيوانات وتخافه الطيور، وقياساً على ذلك، فهل ترقص الشعوب المظلومة تحت حكم القوة المستبدة الظالمة من ملوكها وحكامها وولاة أمرها، وتتنفّس الصّعداء وهم يتراقصون فرحاً لموتهم؟؟
          أليست هذه غريزة وفطرة مشتركة بين الحيوانات والطيور وبني البشر..
          وللعلم أيضاً فإن اختيار الكاتب للغراب كي يقوم برقصته على جثة الملك الأسد، إنما جاء بحنكة ودراية، لأن الغراب يحمل صفاتاً بشريّة، ومنها ذكاؤه الشّديد، وغيرته الشّديدة على زوجه وأبنائه.
          فقد درس الأوروبيون موطن الغراب وطريقة معيشته، ليصلوا بأبحاثهم عن وجود الغربان كأسراب وجماعات في معيشتهم اليومية، وكما ذُكر في المصادر عنهم، فإن زوج الغربان يعيشان طوال عمرهما مثل البشر، برفقة بعضهم البعض، فإذا اقترب ذكر غريب من زوجة الغراب، تبقى تضربه حتى يبتعد عنها.
          "ومن الغرابة أن الغربان لا تخاف من الجوارح كالصّقور والنسور، بل إنها تقترب من النسر حين يأكل من فريسته وتستقر قليلا، ثم تبدأ في مطاردته، فتطير الغربان وتنقض عليه طائرة فيضطر إلى خفض رأسه حتي لا يصدمه الغراب بجناحه أو بذيله. وبعد عدة مرات من تلك المناورة يملّ النسر ويطير تاركًا الباقي من فريسته فتأكله الغربان.
          ويراعي زوج الغربان نسلهما في العش ويجلبون لهم المأكل. وإذا حام بالقرب أحدالصقورتجد الأبوين ينطلقان ويبدآن مطاردة الصقر طيرانًا حتى يختفي من المنطقة، ويبتعد الخطر عن نسلهما"..
          ثم ذكره الله تعالى في كتابه المعجز العظيم قوله تعالى في سورة المائدة:
          {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ(27)لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28)إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ(29)فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ(30)فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ}(31).
          لذلك ذكرها القرآن في قصة قابيل وهابيل وهو يُعَلِّم أحدهما كيف يواري سوأة أخيه فيدفنه.
          ثم اكتشف الباحثون أن الغراب بإمكانه التعرف على وجوه البشر، ليس ذلك وفقط بل يصنّفهم إلى بشر جيّدين، وبشر سيّئين.
          هذه خلاصة التّعرف على الغراب، لنستوحي منه العبر في هذه القصة القصيرة جداً..
          نعود لجماليات هذه القصة وما فيها من دلالات تسقط على واقع مأزوم، يعيش فيه الفرد تحت ضغوطات ظالمة ليكون في نفسية ذليلة راضخة للذلّ تحت تهديد السلاح بالقتل والسجن من أجل عدم رفع الأصوات وتغيير جذور الواقع الذي رسموه حسب أذواقهم ومصالحهم وكراسيّهم، ليكون حصيلة هذا التخطيط الإجرامي هو الإنسان البسيط الذي لا يملك إلا الصمت من خلال تكميم الأفواه، وقد امتلأ جوفه بالخوف والرعب من جراء ما يرتكبون من مجازر بشعة وقتل يتفنّنون في طريقته، تشيب منه النفوس وتقشعرّ الأبدان..
          لذلك نرى الكاتب قد ألبس الغراب قناعاً بالرغم من أنه لا حاجة له، خاصة وأن رقصه على جثة الملك الأسد وهو جثة هامدة لا تتحرك ولا تثير خوفاً، لكن ما أراده الكاتب، هو العمق الذي يسري بين دماء المعنى المراد، وهو حالة الخوف والرعب التي جاءت بل أصبحت غريزة سلوكية، مما تثير القلق والرّعب في النفوس، وكيف أصبح الخوف يسيطر على النفوس بشدة ليكون سلوك في كل مراحل الحياة، مما يدل على أثر الرّعب والخوف والاستبداد وعمقه الذي أحدثه نظام حكم القوي على الضعيف..فكان القناع وسيلة الهروب من الضعف والخوف الشديد الذي يلاحقان الغراب أو الإنسان الذي رضخ تحت حكم استبدادي شديد..
          ومن نتيجة الخوف الذي أصبح سلوك عادي في حياة الأفراد و الطيور، نجد قول الكاتب:

          /حين اصطدمت عيناه بوجهه .
          هتف بعفوية:
          يحيا ملك الغابة !!/

          وهذه نتيجة عملية الضعف والخوف التي غرزها الظالم في المظلوم، في حين اصطدام عيون الغراب المقنع بالصقر، أن يهتف بحياة ملك الغابة، لأنه ما يزال تحت وطأة الخوف وهو مسلوب الإرادة، ويحتاج دهراً حتى يخرج من هذه الحالة النفسية، ولن يخرج منها الإنسان إلا إذا تعاضد وتكاتف مع باقي أفراد المجتمع بثورة تطرد فيها الجبابرة والطغاة من المواقع التي يعيشونها، وليس ثمة حل إلا هذا الحل وبعد العودة لشريعة الله سبحانه وتعالى...
          هذه قصة رمزية من الطراز الأول، ثقيلة المعاني والأبعاد والدلالات، وتقدم لنا الحكم والعبر والدروس المستقاة من وحي الواقع المؤلم...

          الأديب الكبير الراقي
          أ.أحمد علي
          كتبتم مختصراً لواقع مأزوم وأمة تعيش نفس هذه الحالة التي رمزتم لها بلسان الطيور والحيوانات..
          بورك قلمكم وحرفكم الوارق البديع..
          ووفقكم الله لنوره ورضاه
          .
          .
          .
          جهاد بدران
          فلسطينية

          تعليق

          • جهاد بدران
            رئيس ملتقى فرعي
            • 04-04-2014
            • 624

            #20
            المشاركة الأصلية بواسطة سعد الأوراسي مشاهدة المشاركة
            أهلا بمفتاح الملتقى ومصباح نصوصه
            بداية أحيي مجهودك الذي يستحق الاشادة والتقدير ، وأتمنى لك التوفيق
            والسداد في مسارك ..
            بالنسبة لنصي " لي عودة "
            بكل صراحة أدواتك هذه المرة منطقية ومتماسكة ، تدعمها براهين موثوقة
            وليست متناقضة طيلة صبك في تبديد الضباب ..
            لا تصادم في سياق القراءة ، ولا حيدة في الوئام بين فكر الكاتب والمرسوم
            فكان التشريح الذي أعاد التركيب بموازاة ثابتة ، وضحت الغموض
            والتناقضات الأفقية الموجودة في تعقيد الأوراسي ..
            أشكرك ، فالجهد والمرسوم يكشف عن ملكة في المجال واعدة
            تحيتي الخاصة والخالصة
            عاشت فلسطين حرة أبية
            وأهلاً بأستاذنا الراقي القدير
            أ.سعد الأوراسي
            ألف تحية لهذا الحضور المزهر وشهادتكم العظيمة في حق قراءاتي، وما توّجتم المكان بالنور من قناديل ضياءكم المتوهج..
            سعدت جداا برأيكم الذي أفتخر به .وغرسكم شتائل النخيل بين السطور وسنابل رأيكم الأنيق.
            تقديري ووابل الاحترام على شرف المرور وما سكبتم من البهاء ألوان قزح سبرت المكان بالنور..
            بورك بقلمكم الفاخر وما نثرتم من توقيع حافل بالرقي من ذائقتكم الفخمة..
            جزاكم الله كل الخير
            ورضي عنكم

            تعليق

            • جهاد بدران
              رئيس ملتقى فرعي
              • 04-04-2014
              • 624

              #21
              المشاركة الأصلية بواسطة سليمى السرايري مشاهدة المشاركة
              *
              *
              *
              مجهودات كبيرة في قراءات نقدية عميقة تحسب لك الأستاذة الأديبة الناقدة
              جهـــــاد بدران
              تمنياتي لك بمزيد التألّق والنجاح في حياتم الخاصة والإبداعية.
              -
              محبتي

              *
              *
              *
              أستاذتنا الرقيقة الراقية
              أ.سليمى السرايري
              تكفيني ملائكية حضورك وأنت تسبغين على المكان فساتين مخملية مزكشة من عبق روحك الندية..
              حضورك المتدفق شهادة بحد ذاتها تدل على ناقة حرفك وجلال قلمك..
              ما أسعدني بنور توقيعك، وشهادتك الباذخة وذائقتك التي ترتقي في سدرة الجمال وما حملت من زهور بين السطور..
              بوركت غاليتي ونت تكللين الحروف بخيوط الشمس الذهبية
              دمت وهذا الرقي
              جزاك الله كل الخير
              ورضي عنك

              تعليق

              • منيره الفهري
                مدير عام. رئيس ملتقى الترجمة
                • 21-12-2010
                • 9870

                #22
                لله درك أستاذة جهاد بدران
                بارك الله لك في هذه الجهود الكبيرة و هذه القراءات القيمة.
                جزاك الله كل خير أستاذتنا الغالية

                تعليق

                • الهويمل أبو فهد
                  مستشار أدبي
                  • 22-07-2011
                  • 1475

                  #23
                  في البدء ظننتها بدر الملتقى في النقد الأدبي
                  لكنني أدركت فيما بعد أنها جهاد بدران

                  تحياتي وتقديري لك ولهذا النشاط المثري

                  تعليق

                  • سليمى السرايري
                    مدير عام/رئيس ق.أدب وفنون
                    • 08-01-2010
                    • 13572

                    #24
                    المشاركة الأصلية بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
                    أستاذتنا الرقيقة الراقية
                    أ.سليمى السرايري
                    تكفيني ملائكية حضورك وأنت تسبغين على المكان فساتين مخملية مزكشة من عبق روحك الندية..
                    حضورك المتدفق شهادة بحد ذاتها تدل على ناقة حرفك وجلال قلمك..
                    ما أسعدني بنور توقيعك، وشهادتك الباذخة وذائقتك التي ترتقي في سدرة الجمال وما حملت من زهور بين السطور..
                    بوركت غاليتي ونت تكللين الحروف بخيوط الشمس الذهبية
                    دمت وهذا الرقي
                    جزاك الله كل الخير
                    ورضي عنك
                    أخجلني جدّا هذا الإطراء لحرفي الصغير امام روعة كلماتك العزيزة الصديقة المهذّبة جهاد
                    -
                    على فكرة لي 3 جهاد في حياتي
                    الشاعرة جهاد مثناني من القيروان
                    الاديبة جهاد بدران من فلسطين
                    التلميذ جهاد السرايري أبن شقيقي

                    كلكم تملكون قلوبا جميلة
                    حفظكم الله
                    لا تلمني لو صار جسدي فاكهة للفصول

                    تعليق

                    • جهاد بدران
                      رئيس ملتقى فرعي
                      • 04-04-2014
                      • 624

                      #25
                      المشاركة الأصلية بواسطة منيره الفهري مشاهدة المشاركة
                      لله درك أستاذة جهاد بدران
                      بارك الله لك في هذه الجهود الكبيرة و هذه القراءات القيمة.
                      جزاك الله كل خير أستاذتنا الغالية
                      أستاذتنا الرائعة الكبيرة
                      أ.منيرة الفهري
                      السعادة هي منحة ربانية يسخرها الله لمن يشاء من عباده، وسعادتي هو متابعتك العظيمة لنصوصي ووضع بصمتك على صدرها..وسام شرف حضورك الراقي..
                      شكراً بحجم السماء لمرورك العذب وذائقتك الأدبية الفاخرة..
                      جزاكم الله كل الخير وأمدّكم بعمر طويل في رضى الله

                      تعليق

                      • جهاد بدران
                        رئيس ملتقى فرعي
                        • 04-04-2014
                        • 624

                        #26
                        المشاركة الأصلية بواسطة الهويمل أبو فهد مشاهدة المشاركة
                        في البدء ظننتها بدر الملتقى في النقد الأدبي
                        لكنني أدركت فيما بعد أنها جهاد بدران

                        تحياتي وتقديري لك ولهذا النشاط المثري
                        لله دركم لهذا الثناء الكبير وما فاض من ذوقكم الرفيع..
                        يسعدني جدااا أن نالت حروفي المتواضعة حجم قلمكم الثري النفيس، ونالت استحسان ذائقتكم الفخمة، وهذا بحد ذاته قنديل نور تضيئون به دروب النصوص وأنتم تمسحون عنها غبار الركود بوعيكم العظيم وفكركم الرشيد..
                        يكفيني بهذه القراءات عروجكم عليها وتشجيعكم العظيم، وتقديركم الذي أفخر به وأعتز من مستشار أدبي له مكانته الأدبية العظيمة ..
                        فقد أنرتم المكان بتمرير ضوئكم عليه، وأزهرت السطور بحضوركم المبارك..
                        شكراً لكم وجزاكم الله كل الخير
                        رضي الله عنكم وأمدّكم ومتّعكم بالصحة والعافية

                        تعليق

                        • جهاد بدران
                          رئيس ملتقى فرعي
                          • 04-04-2014
                          • 624

                          #27
                          المشاركة الأصلية بواسطة سليمى السرايري مشاهدة المشاركة
                          أخجلني جدّا هذا الإطراء لحرفي الصغير امام روعة كلماتك العزيزة الصديقة المهذّبة جهاد
                          -
                          على فكرة لي 3 جهاد في حياتي
                          الشاعرة جهاد مثناني من القيروان
                          الاديبة جهاد بدرام من فلسطين
                          التلميذ جهاد السرايري أبن شقيقي

                          كلكم تملكون قلوبا جميلة
                          حفظكم الله
                          الله الله عليك أيتها الروح الطيبة النقية، تستحقين كل مدائن المدح والثناء، وأنت تكللين المكان ببصمتك الثرية..
                          حضور باذخ الروح ووارف الأناقة من سيدة العطر والنور..
                          يسعدني أن يكون اسمي في قائمة الأسماء التي تحتفظين بهم في حياتك، كما أنت بصمة خالدة في ذاكرتي..
                          شكراً من أعماق قلبي لروحك الطيبة أ.سليمى السرايري
                          وفقك الله لما يحبه ويرضاه

                          تعليق

                          • البكري المصطفى
                            المصطفى البكري
                            • 30-10-2008
                            • 859

                            #28
                            المشاركة الأصلية بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
                            النّص : يقظة
                            النّاص : البكري المصطفى
                            قراءة : جهاد بدران
                            ...............

                            النّص :

                            يــــــــــــــــــــــــــقـــــــــظــــة

                            ذهب يساراً فاصطدم بأفكار اليسار؛ وذهب يمينا فاصطدم بأفكار اليمين. وبين السّبيلين تقاطرت عليه الاتهامات بالتّطرف ؛ فجثم على ركبيتيه ينزف ألماً . ثمّ شعر بيد مبسوطة تربت على كتفه ؛ يقول صاحبها بصوت خافت " لا تخف . فقط كن مع الله ".
                            ................


                            القراءة :

                            يقظة....
                            من خلال هذا العنوان/ يقظة/ استطاع الكاتب أن يومئ للمتلقي فوهة النور التي تدل على زبدة النص، وتوحي بمضمون هذه اللوحة المطرزة بالوعي والفكر الرشيد..
                            ومن خلف اليقظة كان يرقد عالماً من الضلال، يتخبط بمسامير متنوعة، يخدشه بكل أطرافه، واليقظة لا تتم معالمها إلا بعد غفلة موجعة وسبات مضني ومُهلك، وبعد أن يغوص صاحبها بوحل أعماله واستسلامه لواقعه المزري، لتأتي اليقظة فجأة من أحد عوامل الحياة أو من خلال أشواكها وأنيابها الحادة، فاليقظة لا يمكن أن توقظ صاحبها إلا بعد أن تهزّه بعنف هزّا، وبعد أن تذيقه من المرارة ما يوقظه من سبات الغفلة..
                            العنوان كان كلمة مستقلة عن وجودها داخل النص، وهذا من كماليات القصة القصيرة جدا، لأن ضعف أي قصة حين تكون عنوانها منقولاً من أعماقها..
                            والعنوان هذا، جعل المتلقي يقف بتدبر وتأمل واستنباط معالم القصة هذه، لنبش بطونها واستخراج جمالياتها.. ليبدأ المتلقي بفرض فرضيات مختلفة تلائم عناصر المحتوى وهدفه المنشود الذي يقوم عليه عملية التأويل لمداركه الأصلية..

                            يبدأ الكاتب لوحته بفعل ماضي /ذهب/ وهذا يعطي مساحة للأحداث أن تقوم بفعلتها ليتم عملية التداول ما بين الماضي الذي أخذ حدّه في ممارسة العمل الحياتي، وبين لحظة اليقظة التي قضّت مضجعه، لأن الكاتب لو استعمل فعل مضارع بدل الفعل الماضي، لكانت المسافة لليقظة غير كافية للخروج بعملية ما وراء الحدث الذي يحدثنا عنه الكاتب وهو اتباعه لأطراف السياسة وأقطابها التي تناحرت الأجناس على أنواعها، ليس لهدف بنودها أو ما تحويه من أفكار، بقدر ما الخوف يتربص بمن يتبع أحدها، خوفاً على مصيرهم من التهديد والضياع، خاصة وأن السلاح والرصاص في هذا الوقت ينطقان ويخرسان الحق والعدل والحرية...
                            لذلك الفعل الماضي جاء خادماً وديعاً للحدث وهو يقظة النفس من تخبطاتها، وجاء بمسافة زمنية متراكمة من التخبط، لتكون هذه المسافة مرحلة كافية تلائم عملية التنقل من تيار لآخر وثم افتعال عملية اليقظة...
                            ومن هنا يعبّر الكاتب بما هو يجلد الواقع من ألم، وقد أُخرست الألسن والأفعال الصالحة عن استقامة المجتمعات وتصحيح مسارها..

                            /ذهب يسارا فاصطدم بأفكار اليسار؛ وذهب يمينا فاصطدم بأفكار اليمين./

                            هنا الفرد في المجتمع يقع بين سلاح ذو حدّين، وتحت ضغوطات الأحزاب والتيارات التي تحمل أفكار اليمينية و اليسارية، وفي كلاهما يتخبط المواطن العربي بينهما ظانّاً أنه قد اصطاد ما يلائم وجهة نظرة ويتطابق مع أفكاره وأفعاله..
                            وهذه التيارات تفرض أفكارها بحجة المصلحة العامة للأفراد والمجتمع.
                            فأصحاب وأتباع التيار اليميني، غالبا ما تنادي بتعزيز هيكل النظام الراهن، وهم يدعون إلى التدخل في حياة المجتمعات للحفاظ على التقاليد المعاشة فيه، على العكس من تيار اليسار الذي يدعو إلى إلى تغيير جذري للأنظمة والقوانين الحالية..
                            بين عملية اتباع أفكار اليمين واليسار تتمثل عملية الذهاب والالتحاق بكل حزب منهما، والمسافة الزمنية غير محددة، خاصة وأن الناطق بالزّمن هو فعل ماضي/ذهب/ ثم عملية الاصطدام هي التي جعلت لاتجاه الفرد أن تتحول من يمين لليسار أو العكس، والاصطدام هي عملية احتكاك فعلي ما بين اتجاهات الفرد واتجاهات الفئة التي التحق بها الفرد، مما أثار ذلك شحنة غضب الفرد ليحوّل منظومة انتمائه للأفكار الأخرى، وبهذا الاصطدام الذي تعرّض له الفرد من الطرفين اليمين واليسار، كانت عملية موجعة ومؤثرة، خاصة وأنه وقع في تجارب الحزبين، ليجد نفسه كالكرة يتقاذفانه الطرفان..ليدخل في حالة صراع دامية للنفس والفكر والعمل..وهكذا مصير كل مواطن لا يتقن الاختيار بالفكر والقرار السليم، فيقع في دوامة تكبّله وتضيّق عليه الحياة..
                            ثم يكمل الكاتب بقوله:

                            /وبين السبيلين تقاطرت عليه الاتهامات بالتطرف ؛ فجثم على ركبيتيه ينزف ألما ./

                            من الطبيعي للفرد في المجتمع أن يعيش في حالة صراع مع الآخر، لأنه من ناحية أنه بحكم ضعفه وعدم ثباته على المبادئ والقيم في اتخاذه مبدأ واحداً يدافع عنه ويؤمن به، نجده في حالة صراع حادة تزعزعه وتضطرب حياته ليتنقل من تيار لآخر..ومن ناحية أخرى نجده يتعرض للاتهامات التي تنكّل به وتحبطه ليقع صريعاً مع عمق ذاته وهو يمارس عملية الاستسلام الحاد فيها وهو يقع فريسة الألم والوجع على ما آلت نفسه من قذفه بالتطرف، وقد أدرك حينها وهو منهار جداا، أنّ إرضاء الناس غاية لا تدرك، مهما قدم لهم فلن يرضيهم إلا من رحم ربي..
                            عملية الانهيار الذاتي والفكري، جعلته في محاولة لمحاسبة نفسه عن طريق ما وصفه الكاتب /فجثم على ركبيتيه ينزف ألما ./ لأن جلوسه على ركبتيه دليل كبير على وصوله لقمة الوجع والانهيار..لأن الفعل الماضي /فجثم/ جاء دقيقا متقنا لعملية الوصف لحالته المنهارة، لأن معنى فعل/جثم/لزم مكانَهُ فلم يَبْرَحْ، أَو لَصِقَ بالأَرضِ، والتصاقه بالأرض والطين تعني عدم وجود فسحة أمل تنقله لظل السماء، لأن العلو إليها لا يكون إلا بشحن الذات بنور الله والبصيرة التي تدير معالم فكره وروحه نحو التطهر من علق الأرض وأهلها..
                            لذلك كان من جماليات هذه القصة القصيرة جداً، أنه فتح الكاتب نوافذ الأمل عن طريق ربطها بالخالق، بنور الله الذي يجلو كل عتمة وديجور، ويلغي الترابط مع تيارات الظلم وعلق البشر، لأن نور الله هو الذي يخلّص الروح من سوادها وتخبطاتها، لتستقيم وفق ما يحمل الفرد من اتباع للشريعة الحقة، وبقدر تفاعله بالعمل الصالح نتيجة دعم الروح والفكر بما يرضي الله تعالى..
                            حيث يضيء الكاتب بحروفه نحو قبة السماء للمتلقي بقوله:

                            /ثم شعر بيد مبسوطة تربت على كتفه ؛ يقول صاحبها بصوت خافت " لا تخف . فقط كن مع الله "... /

                            هنا كانت عملية الوعظ والتوجيه والإرشاد من يد حانية تربّت على كتاب الله العقيدة الصحيحة التي توجّه الفرد نحو إصلاح نفسه، ثم إصلاح المجتمع، لأن الفرد لا يمكن أن تصلح نفسه وروحه وفكره إلا إذا اتبع قوانين وشريعة السماء، وهذا ما ينقصنا في عالم بات يعجّ بالفساد والابتلاءات والمحن والأمراض..
                            لنكن مع الله تعالى في معاملاتنا وأفكارنا وكل مناحي الحياة، حتى نخرج النفس من اتباعها للهوى والملذات..
                            الأرض تضطرب من فساد البشر وسوء أعمالهم، وكم تحتاج منا أن نطهرها من رجس الطغاة الذين يحكمون البلاد..
                            عملية التوجيه هذه هي الطريق الوحيد للتخلص من قاذورات الدنيا وملذاتها التي تجعلنا ننخرط في مسالكها الشائكة وننحرم من جنة الله تعالى..

                            الكاتب الشاعر الأديب الراقي
                            أ.البكري المصطفى
                            بورك بقلمكم النّفيس الذي ينسج العبر والمواعظ والتوجيه والإرشاد لإصلاح الفرد في المجتمع ليعمّ إصلاح المجتمعات..
                            رفع الله شأنكم ورضي عنكم ووفقكم لما يحبه ويرضاه
                            .
                            .
                            .
                            .
                            جهاد بدران
                            فلسطينية
                            الأديبة؛ الناقدة جهاد بدران .
                            بفضل قراءتك وتحليلك النص ؛أتيحت لي فرصة ثانية لأعيش التجربة مرتين : عند إبداعه في الأولى ، ووإدراك أبعاده الدلالية في الثانية . التجربة الأولى مبنية على اعتبارات ذوقية فنية ؛ والثانيه ــ التي قادني إليها ما خطه قلمك من أفكار نقدية عميقة الدلالة ــــ وهي مبنية على اعتبارات منهجية ترص آليات اشتغال وظائف اللغة في النص .
                            بفضل جهودك النقدية الرامية إلى استخراج اللفظ من غلافه اللفظي؛ استفدت من الحسنيين : التمثل الإبداعي والتمثل المعرفي .
                            أكيد وضعت اليد على الجرح الغائر في جسد الأمة ؛ وعلى التخبط السياسي ؛ وفقدان الصلة بالله . وهي منعرجات ترجمها البطل في اختياراته التي لم تكن موفقة قبل أن يرى نور الحقيقة مشعا في الإيمان ؛كمطية لبلوغ الحق ؛أو الحقيقة التي لا طائل من ورائها .
                            وفيت وكفيت ؛ بارك الله فيك وشكري موفور لك على العناية .

                            تعليق

                            • جهاد بدران
                              رئيس ملتقى فرعي
                              • 04-04-2014
                              • 624

                              #29
                              المشاركة الأصلية بواسطة البكري المصطفى مشاهدة المشاركة
                              الأديبة؛ الناقدة جهاد بدران .
                              بفضل قراءتك وتحليلك النص ؛أتيحت لي فرصة ثانية لأعيش التجربة مرتين : عند إبداعه في الأولى ، ووإدراك أبعاده الدلالية في الثانية . التجربة الأولى مبنية على اعتبارات ذوقية فنية ؛ والثانيه ــ التي قادني إليها ما خطه قلمك من أفكار نقدية عميقة الدلالة ــــ وهي مبنية على اعتبارات منهجية ترص آليات اشتغال وظائف اللغة في النص .
                              بفضل جهودك النقدية الرامية إلى استخراج اللفظ من غلافه اللفظي؛ استفدت من الحسنيين : التمثل الإبداعي والتمثل المعرفي .
                              أكيد وضعت اليد على الجرح الغائر في جسد الأمة ؛ وعلى التخبط السياسي ؛ وفقدان الصلة بالله . وهي منعرجات ترجمها البطل في اختياراته التي لم تكن موفقة قبل أن يرى نور الحقيقة مشعا في الإيمان ؛كمطية لبلوغ الحق ؛أو الحقيقة التي لا طائل من ورائها .
                              وفيت وكفيت ؛ بارك الله فيك وشكري موفور لك على العناية .
                              بل الشكر قد حلّق لكم بين النجوم حين نسجتم من خيوط الحرف ما حمل الإبداع البارع ثوب الجمال في مدار قلمكم المتفرد، فأنتم كنتم بقلمكم منارة الأدب، ونتم تحيكون ثواب الرقي في نسيج جمالي، نتج عنه عبق القوة في تراكيب حروفكم الندية، وقد أفضتم البراعة في تكوينها الذي يبيت في هندسة حروفكم وعلى خريطة قلمكم الثري..
                              فجاءت ألوان قزح تومئ بمطر النص وهو مختمر بزهور الرقي والجمال..
                              الشكر لكم أولاً وأخيراً على تحفتكم الفنية والتي كانت سبباً بإثارة مكنونات النص ليكون على هيئة بدر توهج نوره في السماء باكتمال ضيائه وسطوع نوره المتكامل في ليلة لا تشع إلا ضياءه..
                              أستاذنا الراقي الكبير المبدع
                              أ.البكري المصطفى
                              ردكم هذا كقطرات الندى على وجه الزهور فجراً
                              شكراً لكم وما حمل قلمكم من نفائس الحرف..
                              أسأل الله تعالى أن تكونوا بصحة وعافية
                              ينتظركم الملتقى ليتنعّم بعبير قلمكم الوضاء
                              رعاكم الله ورضي عنكم

                              تعليق

                              • جهاد بدران
                                رئيس ملتقى فرعي
                                • 04-04-2014
                                • 624

                                #30
                                النّص : دمعة من الفرات
                                النّاص : صبحي ياسين
                                القراءة : جهاد بدران

                                .............................

                                النّص :

                                وحدي أكفكفُ بالكفين دمعاتي
                                والليلُ يسمع أناتي و آهاتي

                                قلبي على نهر ِ الفرات ِ مُعلقٌ
                                فهناك ليلي دائمُ الحسرات ِ

                                يا رب جئتكَ والرضا في مهجتي
                                أنْ ترحمَ الأحياءَ بالأموات ِ

                                يبكي على كتفي الرضيعُ كأنما
                                يدري بأنّ أباه ليس بآت ِ

                                يا طيبَ القسمات ِ كيف هجرتنا!
                                وتركتنا في غربة ٍ وشتات ِ

                                أنتَ الذي ملأ الكؤوسَ سعادة ً
                                فعلام تملأ بالأسى كاساتي

                                ذكراكَ آه ٌ وانتظاركَ لوعة ٌ
                                يا مَنْ أراه بيقظتي وسباتي

                                فاض الفراتُ على رحيلكَ مالحا
                                لما توالت فوقه دمعاتي

                                وتنهَّدَتْ في (الدير ِ) كلُّ صبيّة ٍ
                                مَرَّتْ على أهدابها مأساتي

                                يا راحلين إلى الفرات تحية ً
                                قلبي هنالك مع حبيب حياتي

                                بالله قولوا للحبيب بأنني
                                جُرحٌ عليه رأيتُ بعضِ رفاتي

                                عُدْ يا حبيبي إنّ قلبي ميتٌ
                                والليلُ يسمعُ صامتا أناتي

                                لا لونَ للدنيابدونكَ بعدما
                                جَنَت ِ الهمومُ وأعدمتْ بسماتي

                                والله لن أنساكَ يوما واحدا
                                طولَ الحياة ِ وبعد بعد مماتي


                                القراءة :

                                دمعة من الفرات

                                عنوان فيه الحنين للفرات ووطنه الذي نعشقه ونرى في عراقنا الأمل ولو كانت بعض خيوطه قد تمزقت وأوصاله قد خفتت.. إلا أن الأغصان حين تتقلم تعود بأوراق حية خضراء.. اليوم تسكب أيها الفرات دمعة حزن على أبنائك الأبرار الذين عاشوا في ظلك الشفاف ينهلون من خيرك ويقدمون النفيس من دمائهم.. لله وثم لتبقى مياهك عذبة رقراقة تروي ظمأهم.. دمعة على فراق الأحبة الذين لم يستطع البعض منهم الصمود أمام تيارات التفرقة والمذاهب المتلونة الذين يعيثون الفساد على ضفافك.. وأمام التيارات السياسية التي تلعب الكرة في القيادات وتجذبها نحو أقطاب الظلم على أبناءهم..
                                أيها الفرات..
                                للعين دمعتان
                                دمعة فرح ودمعة حزن
                                والعين لابد وأن تتذوق طعمهما وإن طال الزمن بالصبر..
                                والدمعة الأولى هنا والحارقة للقلب والوجدان .. هي دمعة الحزن والوجع وهي تتلوى على الخد مهرولة على تراب الوطن لترثي أبناءها الأبرار والذين استشهدوا دفاعا عن الأرض والكرامة..والذي سكبها الشاعر الفذ على خده قبل أن يتمثل بها الفرات.. على لسان الزوجة الصالحة التي تلقت خبر الفقدان لزوجها بدمعة الحزن واللوعة..
                                ومن قمة الإحساس النابض والمشاعر الفياضة الراقية المحملة بالإنسانية بالدرجة الأولى يحملها الشاعر برفق ويتدفق إحساسه بشخصية المرأة التي عاشت لحظة فراق الحبيب..
                                الشاعر الإنسان يبدأ قصيدته وهو يعيش قمة الحدث ويتعايش اللحظات المؤلمة ويصورها بعدسته الثاقبة ليرسم لنا لوحة فنية صاخبة بألوان زاهية ودامية ويستعرض صورا بديعة في قمة جمال النحت والنسج.. قال الشاعر:

                                /وحدي أكفكف في الدجى دمعاتي.... والليل يسمع هازئا أناتي/

                                ما أروع التصوير هنا وهو يصور الليل هازئا بكثرة الضحايا وكثرة سواده الذي جاء موازيا للحدث..
                                وحدي أكفكف دمعاتي... وكأن البشر انتهت من ثمرة المواساة ... لكن ما أراده الشاعر أن كثرة الضحايا والشهداء جعل من الناس كلٌّ في مصيبته لدرجة أن لا يلتفت الواحد على الآخر وينشغل في مصيبته... ثم استطرد الشاعر بقوله على الوجع العميق:

                                /قلبي على نهر الفرات معلق
                                فهناك ليلي دائم الحسرات/

                                ليكمل من لوعة الحزن أن يتوجه للمنقذ الذي لا يقدر عليه أحد بعد أن نفض يديه من قدرة البشر..يا رب جئتك والرضا في مهجتي.... أن ترحم الأحياء بالأموات
                                استسلام كامل لقضاء الله وقدره هنا..
                                ليكون بعد الرضا تعداد مناقب الزوج الذي هو حياة المرأة كلها خاصة أن كان هذا الزوج صالحا يقوّم عناده على الخشية من الله والعمل برضاه..

                                /يا طيب القسمات كيف هجرتنا
                                وتركتنا في غربة وشتات

                                أنتَ الذي ملأ الكؤوسَ سعادة ً
                                فعلام تملأ بالأسى كاساتي

                                ذكراكَ آه ٌ وانتظاركَ لوعة ٌ
                                يا مَنْ أراه بيقظتي وسباتي

                                فاض الفراتُ على رحيلكَ مالحا
                                لما توالت فوقه دمعاتي

                                وتنهَّدَتْ في (الدير ِ) كلُّ صبيّة ٍ
                                مَرَّتْ على أهدابها مأساتي

                                يا راحلين إلى الفرات تحية ً
                                قلبي هنالك مع حبيب حياتي

                                بالله قولوا للحبيب بأنني
                                جُرحٌ عليه رأيتُ بعضِ رفاتي

                                عُدْ يا حبيبي إنّ قلبي ميتٌ
                                والليلُ يسمعُ صامتا أناتي

                                لا لونَ للدنيابدونكَ بعدما
                                جَنَت ِ الهمومُ وأعدمتْ بسماتي

                                والله لن أنساكَ يوما واحدا
                                طولَ الحياة ِ وبعد بعد مماتي/

                                وهنا عمق الوفاء للزوج الصالح الذي يستحق أن يبقى في ذكراه عطرا وزهرا وشهدا..

                                هذه صورة حية مجسدة تتكرر أحداثها في كل الوسط العربي
                                بدت أذرع الموت تتمدد والأرواح تئن وتتحسر
                                هي قصص الحروب التي لم ينتهي العد منها ولم تتسعها الجلدات ولم تحصيها معادلات الرياضيات.. باتت تحصد دون عد ولا إحصاء بالقمع والرعب والذل يسقون الشعوب من غباء الحكام وقلة فقههم وعدم تدبيرهم لحجم ما وصلوا إليه من فساد وعنف في الأمة العربية والإسلامية
                                تمزقت الأوصال وتدمرت المنازل وبتنا للعراء مسكنا وللذئاب مأوى.. وللجوع نستعير الحجارة أحزمة للبطون لخداعه بالشبع.. لأن الحروب عمياء صماء لا ترى إلا ذبذبات الأوامر اليابسة الجافة.. منزوعة الإنسانية والرحمة والنور..
                                يقلعون منابت الأمن والأمان والتي هي مقومات الحياة الهادئة المطمئنة.. بسوء تصرفاتهم واتباعهم للطغاة الذين يعبثون بنا كالدمى وكلعبة شطرنج يقتصوننا ليبقى ماردهم الأقوى ...
                                .....
                                لكن تبقى هناك دمعة أخرى لم تأتي إلينا ولم تنهمر من زمن بعيد
                                دمعة فرح على خد دجلة..
                                بالتأكيد وبالثقة العمياء بالله .. إن الظلم مهما طال إلا أن له حدود .. لأن الشجرة العامرة بالخير وإن اجتثوا جذعها تبقى الجذور متشبثة لتعاود النمو من جديد...
                                لتعود الفرحة من جديد لهذه الأمة التي ما زالت تتنفس من عبق البطولات والفتوحات التي ستفرز لها خيوطا من نفحاتها ليحقق النصر بإذن الله ...

                                أستاذنا الشاعر الكبير المبدع
                                أ. صبحي ياسين..
                                لحروفكم المتعة والتذوق في الصور والإبحار في مكنوناتها وجماليتها..
                                لوحة مبدعة .. رسمتها أنامل فنان مبدع بريشة ذات حس مرهف ومشاعر صادقة..
                                لله دركم على جمال وإبداع تسكبونه بحروفكم لتقدموا من اللوحات المبهرة ما تجذب القارئ
                                جزاكم الله كل الخير على حرف تملكون زمام جماله وفوهة إبداعه..
                                وفقكم الله ورعاكم لما يحبه ويرضاه
                                ثبتكم الله على الحق وهداكم لرضاه ونوره ورزقكم من العلم والخير الكثير..
                                .
                                .
                                .
                                .

                                جهاد بدران
                                فلسطينية

                                تعليق

                                يعمل...
                                X