[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:70%;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]
أستاذنا الدكتور أحمد الليثي
السلام عليكم ورحمة الله
اسمح لي أن أقول بداية أن ثمة اضطرابا في العنوان .. حيث يضعنا العنوان أمام تساؤل .. وعلينا أن نختار بين أمرين ..
إما أننا أمام مؤامرة .. وإما أننا جماعة من الحمقى والمغفلين ؟؟ وكأن أحدهما ينفي الآخر !
مع أن المقال قد أثبت أن وجود المؤامرة الخارجية .. ووجود المؤامرة الداخلية .. يؤكد على أن السبب في ذلك أننا مجرد جماعة من الحمقى والمغفلين .. ولذلك فلامعنى للتخيير هنا .. إذ أن الأولى نتيجة الثانية .. أو بمعنى آخر .. أي بسبب أننا حمقى ومغفلين .. كانت المؤامرات الخارجية والداخلية .
وقبل أن أستطرد في الحديث عن فحوى المقال أود أن أطرح سؤالا مهما أعتقد أن فيه مفتاح الرد الحقيقي على كل التساؤلات التي طرحتها في مقالك :
لماذا تخلفت أمتنا العربية والإسلامية عن اللحاق بركب الحضارة المادية ؟؟
أعتقد أنه لاتوجد حتى الآن إجابة محددة على هذه الإشكالية .. هنا يحاول المقال أن يقدم جوابا عنه .. ولكنه لايقدم سوى أعراض المرض دون أن يقدم لنا أسباب المرض .
إن المقال يريد أن يقول لنا بأن المؤامرات .. الخارجية والداخلية هي السبب في تخلفنا ومن ثم انهزامنا في كل المجالات ..
لكن هذه الإجابة ليست كافية .. إذ كثيرا من الدول والشعوب تعرضت لمؤامرات وتعرضت لإحتلال وتعرضت لاستغلال الموارد .. ومع ذلك نهضت بينما تقاعسنا نحن وتخلفنا .. وكثير من الدول تعرضت لأنواع بشعة من الإستبداد .. ومع ذلك استطاعت أن تتخلص منه بعد جهد جهيد .. فلماذا هم استطاعوا .. ونحن لا ؟؟؟
هناك من يقول بأن السبب هو ابتعادنا عن الدين .. بينما يؤكد فريق آخر أن السبب هو تمسكنا بالدين .. والواقع يؤكد أنه لاهذا ولا ذاك هو السبب .. فهناك أمم ملحدة تقدمت تقدما رهيبا في شتى المجالات المادية .. وهناك أمم متدينة تقدمت أيضا تقدما رهيبا في شتى المجالات .
وهناك من يؤكد بأن الإستبداد هو سبب تخلفنا كما ذهب إلى ذلك الكواكبي رحمه الله في كتابه طبائع الإستبداد .. والواقع أيضا يؤكد أن دولة مثل الصين تحكمها ديكتاتورية أحرزت تقدما حضاريا ماديا كبيرا .
وتقول :
أقول بأنه لا أحد يعرف حتى الآن لماذا تخلفنا نحن بالذات عن ركب الحضارة والتقدم المادي .. وما يزيد القضية صعوبة وتعقيدا .. أننا لانستطيع أن نحدد على وجه الدقة الأشخاص المتسببون في هذا التخلف .. لآنه تخلف تراكمي على مدار قرون .. والتخلف يجلب مزيدا من التخلف .. كما أن التقدم يجلب مزيدا من التقدم .. تماما مثل الخيانة والتآمر الداخلي والعمالة .. هي أيضا تراكمية عبر قرون أوسنين طويلة .. وبالتالي يترك كل جيل ارثا من التخلف والتبعية والإنحطاط للجيل الذي بعده .. يصعب على من يرث أن ينهض مرة أخرى .. حيث تتباعد الهوة .. ومن ثم يزداد القوي قوة وتسلطا .. ويزداد الضعيف ضعفا وتخاذلا وأكثر حاجة للآخرين .. حيث يستحيل الإعتماد على النفس والبداية من نقطة الصفر .
ثم تقول :
أقول بأنه ليس من الضروري أن يكون الإحتلال العسكري والسياسي موجه ضد الإسلام كإسلام .. أو ضد العرب لأنهم عرب .. بل هو في الغالب موجه لمصلحة الدول الإستعمارية .. التي لايهمها اسلام ولا غير اسلام .. وهي تعلم علم اليقين أن الدول العربية والإسلامية لن تستطيع أن تنهض علميا وتكنولوجيا واقتصاديا إلا بواسطة ما تقدمه تلك الدول الإستعمارية ذاتها .. والتي هي بدورها لاتقدم شيئا إلا في حدود معينة حسب مصلحتها وأمنها فقط .
وهذا طبعا لايمنع من وجود مؤسسات تبشيرية تعمل بشكل عنصري وطائفي ضد العرب والمسلمين .. وضد غيرها من ألأجناس الأخرى .. ولكن الجانب الأكبر من الأهداف الإستعمارية هي تحقيق المصلحة لشعوبها ولإحكام السيطرة على منابع الثروات واستغلالها .
وتقول :
أقول إنه من المضحكات المبكيات القول بأن الغرب يصدر إلينا العري والخلاعة وكل مظاهر ووسائل الإنحلال والتفسخ الأخلاقي ليهدم أمتنا ويحطم شعوبها .. وهذا في اعتقادي كذبة كذبناها على أنفسنا ثم صدقناها .. إذ أن الغرب هو أول من يستمتع وينشر هذا الفساد والعري والخلاعة والتفسخ الأخلاقي في بلاده وداخل مجتمعه .. فهل هو أيضا يريد هدم مجتمعه وتحطيم شبابه ؟؟
بالطبع لا .. إنما هذه الأمور هي دين الغرب الذي يدين به .. وطبيعته وتقاليده وعاداته وسلوكياته التي يعلمها ويفرضها على أبنائه قبل أن يصدرها إلينا .. وهو يرى أنها الأصلح للبشرية ولتحقيق الإنسانية من وجهة نظره .. ولذلك فهو يرى أن من يخالف هذه القيم يعمل ضد حقوق الإنسان وضد حريته وانسانيته .. ويرى كذلك أنها من أهم أسباب التقدم والتحضر .
وتقول :
في عالم السياسة والإقتصاد .. لامجال للعلاقات الإنسانية .. ولاتأثير لها .. فالعبرة هنا بالمصالح المتبادلة .. وبتحقيق عوامل الأمن القومي .. وهو ماأشار إليه ملك السعودية في مؤتمر القمة الأخير ونادى بأن يسود هذا المنطق بين الدول العربية .. وأن يتم الفصل بين المصالح الإقتصادية وبين السياسة .
وأما القول بأن :
ففي رأيي أن أسباب التفرق والتحزب والإختلاف .. موجودة في كيان هذه الأمة منذ زمن بعيد .. بسبب اختلاف المذاهب والإيدلوجيات وتنازعها على الحكم والسلطة .. وليست في حاجه إلى أسباب جديدة مستوردة .. فلدينا ما يكفي .. ولكن قد تستغل القوى الإستعمارية هذا الإختلاف لتزكيته واستغلال ماهو موجود .. وهي تعلم أن العرب والمسلمين لن تجتمع كلمتهم مرة أخرى إلا أن يشاء الله .. وقيام زعيم أو خليفة تجتمع الناس إليه أمر بعيد المنال .. حتى أن الأكثرية تعتقد أن ذلك لن يحدث إلا كعلامة من علامات الساعة .. بينما ينتظر الآخرون خروج الإمام الغائب ليحقق هذه الوحدة .. ويحقق العدل ليس بين العرب وحدهم .. بل في العالم كله .. ونفس هذا الحلم يراود اليهود ويراود النصارى .. فكلاهما ينتظر المسيح .. ليحقق هذه الدولة الأممية الواحدة التي يحكمها شخص واحد له قدرات خارقة .
وأخيرا أود أن أختم حديثي باقتباس في غاية الأهمية يلخص المطلوب الآن من الأمة العربية والإسلامية أن تفعله .. حيث يقول الشيخ سيد قطب رحمه الله في كتابه معالم في الطريق :
((( إن هذه الأمة لا تملك الآن - وليس مطلوبًا منها - أن تقدم للبشرية تفوقاً خارقاً في الإبداع المادي ، يحنى لها الرقاب ، ويفرض قيادتها العالمية من هذه الزاوية .. فالعبقرية الأوروبية قد سبقته في هذا المضمار سبقًا واسعًا . وليس من المنتظر - خلال عدة قرون على الأقل - التفوق المادي عليها !
فلابد إذن من مؤهل آخر ! المؤهل الذي تفتقده هذه الحضارة !
إن هذا لا يعني أن نهمل الإبداع المادي . فمن واجبنا أن نحاول فيه جهدنا . ولكن لا بوصفه " المؤهل " الذي نتقدم به لقيادة البشرية في المرحلة الراهنة . إنما بوصفه ضرورة ذاتية لوجودنا . كذلك بوصفه واجباً يفرضه علينا " التصور الإسلامي " الذي ينوط بالإنسان خلافة الأرض ، ويجعلها - تحت شروط خاصة - عبادة لله ، وتحقيقًا لغاية الوجود الإنساني .
لا بد إذن من مؤهل آخر لقيادة البشرية - غير الإبداع المادي - ولن يكون هذا المؤهل سوى " العقيدة " و " المنهج " الذي يسمح للبشرية أن تحتفظ بنتاج العبقرية المادية ، تحت إشراف تصور آخر يلبِّي حاجة الفطرة كما يلبيِّها الإبداع المادي ، وأن تتمثل العقيدة والمنهج في تجمع إنساني . أي في مجتمع مسلم ))).
والسؤال الآن .. إذا كانت ثمة مبررات وأسباب معروفة أو غير معروفة وقفت وراء تخلفنا المادي .. فمالذي جعل هذه الأمة ترتكس وتتخلف في مجال هي سيدته ومالكة أمره ؟؟
ولايمكن أن نتعلل بالفساد وموجات الإباحية ومؤامرات الغرب علينا .. إن من أهم مقومات العقيدة والأخلاق .. المقاومة .. وبدون مقاومة .. فلا معنى لعقيدة أو أخلاق .
نسأل الله لنا ولكم العافية
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
أستاذنا الدكتور أحمد الليثي
السلام عليكم ورحمة الله
اسمح لي أن أقول بداية أن ثمة اضطرابا في العنوان .. حيث يضعنا العنوان أمام تساؤل .. وعلينا أن نختار بين أمرين ..
إما أننا أمام مؤامرة .. وإما أننا جماعة من الحمقى والمغفلين ؟؟ وكأن أحدهما ينفي الآخر !
- هل هناك مؤامرة بالفعل؟ أم نحن مجرد جماعة من الحمقى والمغفلين؟
وقبل أن أستطرد في الحديث عن فحوى المقال أود أن أطرح سؤالا مهما أعتقد أن فيه مفتاح الرد الحقيقي على كل التساؤلات التي طرحتها في مقالك :
لماذا تخلفت أمتنا العربية والإسلامية عن اللحاق بركب الحضارة المادية ؟؟
أعتقد أنه لاتوجد حتى الآن إجابة محددة على هذه الإشكالية .. هنا يحاول المقال أن يقدم جوابا عنه .. ولكنه لايقدم سوى أعراض المرض دون أن يقدم لنا أسباب المرض .
إن المقال يريد أن يقول لنا بأن المؤامرات .. الخارجية والداخلية هي السبب في تخلفنا ومن ثم انهزامنا في كل المجالات ..
ففي حين أكدت يقينا على وجود المؤامرات على مدار التاريخ .. نراك بعد ذلك تتراجع إلى القول بأن المؤامرة ليس خارجية فحسب .. بل إن المؤامرة الحقيقية هي المؤامرة على الذات .. ثم تتراجع في النهاية
- لا ينكر أي إنسان تتوفر له أبسط مقومات التفكير العاقل أن الأمة العربية والإسلامية على مدى تاريخها تتعرض لمؤامرات كثيرة تهدف إلى طمس هويتها، ومسخ تفكيرها، والتلاعب بثقافتها، وتزوير تاريخها ... إلخ،
- وأن هذه المؤامرات تحركها جهات ذات أغراض مختلفة، بل وربما تكون متعارضة، ولكن يجمعها هدف واحد، وهو أن العدو واحد.
- وما الفوضى الشاملة التي تعم أرجاء العالمين العربي والإسلامي منذ قرون إلا نتاج لهذه السياسات والمؤامرات والمخططات التي لا تبالي أسالت دمانا في البحر أم في الصحراء، ما دامت المحصلة واحدة، وهي أن تسيل دماؤنا بأي شكل كان.
- لا ينكر أي إنسان تتوفر له أبسط مقومات التفكير العاقل أن الأمة العربية والإسلامية على مدى تاريخها تتعرض لمؤامرات كثيرة تهدف إلى طمس هويتها، ومسخ تفكيرها، والتلاعب بثقافتها، وتزوير تاريخها ... إلخ،
- وأن هذه المؤامرات تحركها جهات ذات أغراض مختلفة، بل وربما تكون متعارضة، ولكن يجمعها هدف واحد، وهو أن العدو واحد.
- وما الفوضى الشاملة التي تعم أرجاء العالمين العربي والإسلامي منذ قرون إلا نتاج لهذه السياسات والمؤامرات والمخططات التي لا تبالي أسالت دمانا في البحر أم في الصحراء، ما دامت المحصلة واحدة، وهي أن تسيل دماؤنا بأي شكل كان.
لكن هذه الإجابة ليست كافية .. إذ كثيرا من الدول والشعوب تعرضت لمؤامرات وتعرضت لإحتلال وتعرضت لاستغلال الموارد .. ومع ذلك نهضت بينما تقاعسنا نحن وتخلفنا .. وكثير من الدول تعرضت لأنواع بشعة من الإستبداد .. ومع ذلك استطاعت أن تتخلص منه بعد جهد جهيد .. فلماذا هم استطاعوا .. ونحن لا ؟؟؟
هناك من يقول بأن السبب هو ابتعادنا عن الدين .. بينما يؤكد فريق آخر أن السبب هو تمسكنا بالدين .. والواقع يؤكد أنه لاهذا ولا ذاك هو السبب .. فهناك أمم ملحدة تقدمت تقدما رهيبا في شتى المجالات المادية .. وهناك أمم متدينة تقدمت أيضا تقدما رهيبا في شتى المجالات .
وهناك من يؤكد بأن الإستبداد هو سبب تخلفنا كما ذهب إلى ذلك الكواكبي رحمه الله في كتابه طبائع الإستبداد .. والواقع أيضا يؤكد أن دولة مثل الصين تحكمها ديكتاتورية أحرزت تقدما حضاريا ماديا كبيرا .
وتقول :
- ومع هذا كله وأكثر إلا أن هناك سؤال محوري ينبغي أن نوجهه لأنفسنا؛ لأنه مهما بلغ تأثير العدو الخارجي فهو محكوم بأمور تتعلق بالسياسات العليا للدول. ولا تفعل تلك المخططات الخبيثة فعلها دون أن يكون هناك من يسمح بها -تحت أي مسمى وبأي ذريعة حتى وإن كان القصد شريفاً والنوايا حسنة- ويذلل أمامها السبل، ثم بعد ذلك تستجيب لها الشعوب، أفراداً وجماعات.
- والسؤال هو: هل نحن بالفعل جماعة من الحمقى والمغفلين والأغبياء والمتنطعين والجهلة كي نسير على غير هدى فنفعل ما يريده أعداؤنا تطوعاً منا حتى عندما تكون لدينا القدرة ألا نفعل؟
فإذا كنا نقول بوجود مؤامرات -وهي بالفعل موجودة- ونعلم أن هذا جانباً واحداً مما نعانيه من تشرذم، فماذا عن الجوانب الأخرى التي لا دخل للمؤامرات فيها؟
- والسؤال هو: هل نحن بالفعل جماعة من الحمقى والمغفلين والأغبياء والمتنطعين والجهلة كي نسير على غير هدى فنفعل ما يريده أعداؤنا تطوعاً منا حتى عندما تكون لدينا القدرة ألا نفعل؟
فإذا كنا نقول بوجود مؤامرات -وهي بالفعل موجودة- ونعلم أن هذا جانباً واحداً مما نعانيه من تشرذم، فماذا عن الجوانب الأخرى التي لا دخل للمؤامرات فيها؟
أقول بأنه لا أحد يعرف حتى الآن لماذا تخلفنا نحن بالذات عن ركب الحضارة والتقدم المادي .. وما يزيد القضية صعوبة وتعقيدا .. أننا لانستطيع أن نحدد على وجه الدقة الأشخاص المتسببون في هذا التخلف .. لآنه تخلف تراكمي على مدار قرون .. والتخلف يجلب مزيدا من التخلف .. كما أن التقدم يجلب مزيدا من التقدم .. تماما مثل الخيانة والتآمر الداخلي والعمالة .. هي أيضا تراكمية عبر قرون أوسنين طويلة .. وبالتالي يترك كل جيل ارثا من التخلف والتبعية والإنحطاط للجيل الذي بعده .. يصعب على من يرث أن ينهض مرة أخرى .. حيث تتباعد الهوة .. ومن ثم يزداد القوي قوة وتسلطا .. ويزداد الضعيف ضعفا وتخاذلا وأكثر حاجة للآخرين .. حيث يستحيل الإعتماد على النفس والبداية من نقطة الصفر .
ثم تقول :
- ولا شك أيضاً أن المتأمرين يستغلون ثغرات معينة في تاريخ الأمة تارة، وفي عاداتها وتقاليدها تارة أخرى، وفي ثقافتها ثالثة، وفي خيابتها رابعة ... وهكذا دوليك، لينفذوا من تلك الثغرات فيشوهون، ويهدمون، ويرفعون، ويخفضون، حسبما تسنح لهم الفرصة.
- وهم لا يكلُّون عن العمل المنظم تارة، والمتفرق تارة، والفوضوي تارة، والمرتب تارة أخرى. والشواهد الدالة على ذلك تكاد أن تفوق الحصر.
- وهم لا يكلُّون عن العمل المنظم تارة، والمتفرق تارة، والفوضوي تارة، والمرتب تارة أخرى. والشواهد الدالة على ذلك تكاد أن تفوق الحصر.
أقول بأنه ليس من الضروري أن يكون الإحتلال العسكري والسياسي موجه ضد الإسلام كإسلام .. أو ضد العرب لأنهم عرب .. بل هو في الغالب موجه لمصلحة الدول الإستعمارية .. التي لايهمها اسلام ولا غير اسلام .. وهي تعلم علم اليقين أن الدول العربية والإسلامية لن تستطيع أن تنهض علميا وتكنولوجيا واقتصاديا إلا بواسطة ما تقدمه تلك الدول الإستعمارية ذاتها .. والتي هي بدورها لاتقدم شيئا إلا في حدود معينة حسب مصلحتها وأمنها فقط .
وهذا طبعا لايمنع من وجود مؤسسات تبشيرية تعمل بشكل عنصري وطائفي ضد العرب والمسلمين .. وضد غيرها من ألأجناس الأخرى .. ولكن الجانب الأكبر من الأهداف الإستعمارية هي تحقيق المصلحة لشعوبها ولإحكام السيطرة على منابع الثروات واستغلالها .
وتقول :
- ويهاجمونا في أخلاقنا وعقائدنا ورموزنا وجميع مظاهر حياتنا بلا استثناء مهما قل شأنها.
أقول إنه من المضحكات المبكيات القول بأن الغرب يصدر إلينا العري والخلاعة وكل مظاهر ووسائل الإنحلال والتفسخ الأخلاقي ليهدم أمتنا ويحطم شعوبها .. وهذا في اعتقادي كذبة كذبناها على أنفسنا ثم صدقناها .. إذ أن الغرب هو أول من يستمتع وينشر هذا الفساد والعري والخلاعة والتفسخ الأخلاقي في بلاده وداخل مجتمعه .. فهل هو أيضا يريد هدم مجتمعه وتحطيم شبابه ؟؟
بالطبع لا .. إنما هذه الأمور هي دين الغرب الذي يدين به .. وطبيعته وتقاليده وعاداته وسلوكياته التي يعلمها ويفرضها على أبنائه قبل أن يصدرها إلينا .. وهو يرى أنها الأصلح للبشرية ولتحقيق الإنسانية من وجهة نظره .. ولذلك فهو يرى أن من يخالف هذه القيم يعمل ضد حقوق الإنسان وضد حريته وانسانيته .. ويرى كذلك أنها من أهم أسباب التقدم والتحضر .
وتقول :
- وفي العصر الحديث كشف أعداء الأمتين العربية والإسلامية عن أنيابهم، وأظهروا وجوههم القبيحة سافرة أمام العالمين.
- وأصبح من الحمق -الذي لا شفاء منه ولا دواء له- أن نصدق أن أعداءنا هم في الحقيقة أصدقاء، خصوصاً وهم يقدمون لنا المعونات بيد، ويطعنوننا بألف خنجر وخنجر باليد الأخرى، أو أنهم يريدون لنا الخير وهم يدمرون بلادنا، ويسحقوننا ليل نهار بجيوشهم الجرارة، وصواريخهم الموجهة،
- وأصبح من الحمق -الذي لا شفاء منه ولا دواء له- أن نصدق أن أعداءنا هم في الحقيقة أصدقاء، خصوصاً وهم يقدمون لنا المعونات بيد، ويطعنوننا بألف خنجر وخنجر باليد الأخرى، أو أنهم يريدون لنا الخير وهم يدمرون بلادنا، ويسحقوننا ليل نهار بجيوشهم الجرارة، وصواريخهم الموجهة،
في عالم السياسة والإقتصاد .. لامجال للعلاقات الإنسانية .. ولاتأثير لها .. فالعبرة هنا بالمصالح المتبادلة .. وبتحقيق عوامل الأمن القومي .. وهو ماأشار إليه ملك السعودية في مؤتمر القمة الأخير ونادى بأن يسود هذا المنطق بين الدول العربية .. وأن يتم الفصل بين المصالح الإقتصادية وبين السياسة .
وأما القول بأن :
- ومن المسلَّم به كذلك أن أنجع سياسة يستخدمها أعداء الأمة على تنوع مشاربهم وأغراضهم هي سياسية "فرِّق تسد"، ومساعدة جهة للنيل من جهة أخرى حتى تُفني هذه تلك، أو على الأقل تضعفها إلى الحد الذي لا تعود تمثل خطراً.
ففي رأيي أن أسباب التفرق والتحزب والإختلاف .. موجودة في كيان هذه الأمة منذ زمن بعيد .. بسبب اختلاف المذاهب والإيدلوجيات وتنازعها على الحكم والسلطة .. وليست في حاجه إلى أسباب جديدة مستوردة .. فلدينا ما يكفي .. ولكن قد تستغل القوى الإستعمارية هذا الإختلاف لتزكيته واستغلال ماهو موجود .. وهي تعلم أن العرب والمسلمين لن تجتمع كلمتهم مرة أخرى إلا أن يشاء الله .. وقيام زعيم أو خليفة تجتمع الناس إليه أمر بعيد المنال .. حتى أن الأكثرية تعتقد أن ذلك لن يحدث إلا كعلامة من علامات الساعة .. بينما ينتظر الآخرون خروج الإمام الغائب ليحقق هذه الوحدة .. ويحقق العدل ليس بين العرب وحدهم .. بل في العالم كله .. ونفس هذا الحلم يراود اليهود ويراود النصارى .. فكلاهما ينتظر المسيح .. ليحقق هذه الدولة الأممية الواحدة التي يحكمها شخص واحد له قدرات خارقة .
وأخيرا أود أن أختم حديثي باقتباس في غاية الأهمية يلخص المطلوب الآن من الأمة العربية والإسلامية أن تفعله .. حيث يقول الشيخ سيد قطب رحمه الله في كتابه معالم في الطريق :
((( إن هذه الأمة لا تملك الآن - وليس مطلوبًا منها - أن تقدم للبشرية تفوقاً خارقاً في الإبداع المادي ، يحنى لها الرقاب ، ويفرض قيادتها العالمية من هذه الزاوية .. فالعبقرية الأوروبية قد سبقته في هذا المضمار سبقًا واسعًا . وليس من المنتظر - خلال عدة قرون على الأقل - التفوق المادي عليها !
فلابد إذن من مؤهل آخر ! المؤهل الذي تفتقده هذه الحضارة !
إن هذا لا يعني أن نهمل الإبداع المادي . فمن واجبنا أن نحاول فيه جهدنا . ولكن لا بوصفه " المؤهل " الذي نتقدم به لقيادة البشرية في المرحلة الراهنة . إنما بوصفه ضرورة ذاتية لوجودنا . كذلك بوصفه واجباً يفرضه علينا " التصور الإسلامي " الذي ينوط بالإنسان خلافة الأرض ، ويجعلها - تحت شروط خاصة - عبادة لله ، وتحقيقًا لغاية الوجود الإنساني .
لا بد إذن من مؤهل آخر لقيادة البشرية - غير الإبداع المادي - ولن يكون هذا المؤهل سوى " العقيدة " و " المنهج " الذي يسمح للبشرية أن تحتفظ بنتاج العبقرية المادية ، تحت إشراف تصور آخر يلبِّي حاجة الفطرة كما يلبيِّها الإبداع المادي ، وأن تتمثل العقيدة والمنهج في تجمع إنساني . أي في مجتمع مسلم ))).
والسؤال الآن .. إذا كانت ثمة مبررات وأسباب معروفة أو غير معروفة وقفت وراء تخلفنا المادي .. فمالذي جعل هذه الأمة ترتكس وتتخلف في مجال هي سيدته ومالكة أمره ؟؟
ولايمكن أن نتعلل بالفساد وموجات الإباحية ومؤامرات الغرب علينا .. إن من أهم مقومات العقيدة والأخلاق .. المقاومة .. وبدون مقاومة .. فلا معنى لعقيدة أو أخلاق .
نسأل الله لنا ولكم العافية
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
تعليق