مسألة الكاتب والمتلقي ...
أستاذي الفاضل حسين ليشوري
تحيتي و تقديري وبعد،
أنا مستمتع تماما بهذا المقال، وليس لدي أي اعتراض عي أية جزئية منه، وقد فهمت المراد منه، لكنني أحببت أن أعلق إضافة لا تصويبا، مع إيماني بتعدد أوجه الكلام، لأني أردت أن ألفت الأنظار في هذا السياق إلى معنى (الرجلة) كمؤنث للرجل، مثلما أن (المرأة) مؤنث للمرء، مع فارق المعنى المراد من إطلاقها على النساء من أخوات الرجال كما تفضل الدكتور الليثي في مداخلته.
اللغة تسعنا ولا نسعها، وهي أوسع منا جميعا، ونحن كلنا طلاب علم، نفيد ونستفيد، ونحن ندردش هنا، ونتبادل الآراء للغاية نفسها. لذلك لا أعتقد في الوقت نفسه أن ثمة خطأ في وصف المتشبهة بالرجال بأنها امرأة رجل، أو امرأة رجلة، أو امرأة مترجلة، أو امرأة مسترجلة على إرادة التشبيه بالرجال من حيث المظهر والصفات والتصرفات الذكورية.
وأعتقد أن هذا الفرق في المعنى ناتج عن الفرق في التركيب والاستخدام والسياق، فعند استخدام كلمة (رجلة) كمؤنث (رجل) يفهم منها المعنى الايجابي وأن تلك الرجلة أخت للرجال في مناقبهم وصفاتهم الحميدة وليس في صفات الرجولة والذكورة. لكن عند وصف المرأة بأنها رجلة بقولنا (هذه امرأة رجلة) أو (هؤلاء نساء رجلات) فيكون من السذاجة أن يكون قصدنا (امرأة مؤنث رجل) لأن ذلك أمر بديهي وتحصيل حاصل، لذلك يكون المقصود من هذا الوصف والتشبيه والتركيب هو المعنى السلبي بمعنى (هذه امرأة رجل) أي متشبهة بالرجل أو (هؤلاء نساء رجال) أي متشبهات بالرجال، وتكون الصفة قد أنثت مراعاة للموصوف.
لذلك فإنني أعتقد أن حديثك عن المرأة الرجلة والنساء الرجلات بهذا الشكل والتركيب لا يكون خطأ.
وأما بالنسبة إلى سؤالك فإن الواقع المر والمؤلم والمشهد العام يشير بشكل واضح إلى أن المجتمعات كلها تقريبا لا تخلوا في أيامنا هذه من نسبة من النساء المسترجلات المتشبهات بالرجال ذكورة، أو الرجال المخنثين المتشبهين بالنساء أنوثة، فضلا عن أن مجرد التحذير من هذين النوعين من الشذوذ في الأحاديث النبوية الصحيحة يدل أيضا على حتمية وجود هذين النوعين في المجتمعات بشكل أو بآخر.
وجوابا على سؤالك الموجه إلى الدكتور الليثي أقول إن مهمة الكاتب هي العمل على صياغة أفكاره بشكل يستطيع المتلقي أن يفهمه، وكلما ارتفعت نسبة الفهم لدى المتلقي كان ذلك دليلا على نجاح الكاتب حتى لو اضطره الأمر أحيانا إلى توظيف بعض المفردات أو التعابير في غير ما وضعت له أصلا على سبيل المجاز أو الحقيقة ما دامت مفهومة لدى المتلقي وتؤدي الغرض.
لقد أجاز العرب استعمال الكَلِم في غير ما وضعت له متى وُجِدَت مناسبة بين المعنى الأصلي والمعنى المراد , وقامت قرينة تمنع إرادة المعنى الأصلي, وحصروا تلك المناسبات بالاستقراء , وسموها علاقات.
وفد أجمع الجمهور على وقوع المجاز في القرآن الكريم، وأنكره جماعة، وقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة, ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنية القصص وغيرها.
ودمتم،
منذر أبو هواش
تحيتي و تقديري وبعد،
أنا مستمتع تماما بهذا المقال، وليس لدي أي اعتراض عي أية جزئية منه، وقد فهمت المراد منه، لكنني أحببت أن أعلق إضافة لا تصويبا، مع إيماني بتعدد أوجه الكلام، لأني أردت أن ألفت الأنظار في هذا السياق إلى معنى (الرجلة) كمؤنث للرجل، مثلما أن (المرأة) مؤنث للمرء، مع فارق المعنى المراد من إطلاقها على النساء من أخوات الرجال كما تفضل الدكتور الليثي في مداخلته.
اللغة تسعنا ولا نسعها، وهي أوسع منا جميعا، ونحن كلنا طلاب علم، نفيد ونستفيد، ونحن ندردش هنا، ونتبادل الآراء للغاية نفسها. لذلك لا أعتقد في الوقت نفسه أن ثمة خطأ في وصف المتشبهة بالرجال بأنها امرأة رجل، أو امرأة رجلة، أو امرأة مترجلة، أو امرأة مسترجلة على إرادة التشبيه بالرجال من حيث المظهر والصفات والتصرفات الذكورية.
وأعتقد أن هذا الفرق في المعنى ناتج عن الفرق في التركيب والاستخدام والسياق، فعند استخدام كلمة (رجلة) كمؤنث (رجل) يفهم منها المعنى الايجابي وأن تلك الرجلة أخت للرجال في مناقبهم وصفاتهم الحميدة وليس في صفات الرجولة والذكورة. لكن عند وصف المرأة بأنها رجلة بقولنا (هذه امرأة رجلة) أو (هؤلاء نساء رجلات) فيكون من السذاجة أن يكون قصدنا (امرأة مؤنث رجل) لأن ذلك أمر بديهي وتحصيل حاصل، لذلك يكون المقصود من هذا الوصف والتشبيه والتركيب هو المعنى السلبي بمعنى (هذه امرأة رجل) أي متشبهة بالرجل أو (هؤلاء نساء رجال) أي متشبهات بالرجال، وتكون الصفة قد أنثت مراعاة للموصوف.
لذلك فإنني أعتقد أن حديثك عن المرأة الرجلة والنساء الرجلات بهذا الشكل والتركيب لا يكون خطأ.
وأما بالنسبة إلى سؤالك فإن الواقع المر والمؤلم والمشهد العام يشير بشكل واضح إلى أن المجتمعات كلها تقريبا لا تخلوا في أيامنا هذه من نسبة من النساء المسترجلات المتشبهات بالرجال ذكورة، أو الرجال المخنثين المتشبهين بالنساء أنوثة، فضلا عن أن مجرد التحذير من هذين النوعين من الشذوذ في الأحاديث النبوية الصحيحة يدل أيضا على حتمية وجود هذين النوعين في المجتمعات بشكل أو بآخر.
وجوابا على سؤالك الموجه إلى الدكتور الليثي أقول إن مهمة الكاتب هي العمل على صياغة أفكاره بشكل يستطيع المتلقي أن يفهمه، وكلما ارتفعت نسبة الفهم لدى المتلقي كان ذلك دليلا على نجاح الكاتب حتى لو اضطره الأمر أحيانا إلى توظيف بعض المفردات أو التعابير في غير ما وضعت له أصلا على سبيل المجاز أو الحقيقة ما دامت مفهومة لدى المتلقي وتؤدي الغرض.
لقد أجاز العرب استعمال الكَلِم في غير ما وضعت له متى وُجِدَت مناسبة بين المعنى الأصلي والمعنى المراد , وقامت قرينة تمنع إرادة المعنى الأصلي, وحصروا تلك المناسبات بالاستقراء , وسموها علاقات.
وفد أجمع الجمهور على وقوع المجاز في القرآن الكريم، وأنكره جماعة، وقد اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة, ولو وجب خلو القرآن من المجاز وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتثنية القصص وغيرها.
ودمتم،
منذر أبو هواش
تعليق