لاعلماني ولا إسلامي:أيّ اجتهاد من أجل مُسلم مُندمِج قادر على صناعة التاريخ؟

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • محمد الحمّار
    أديب وكاتب
    • 28-09-2009
    • 286

    لاعلماني ولا إسلامي:أيّ اجتهاد من أجل مُسلم مُندمِج قادر على صناعة التاريخ؟

    لقد كثر القيل والقال وسال كثيرٌ من الحبر وضاع كثيرٌ من الوقت بسبب الاستقطاب السياسي في المجتمع العربي ككلّ (منذ السبعينات من القرن المنقضي)، وهو استقطاب كان قد أفضى إلى تقسيم هجين بقي قائما إلى اليوم : إما أنك علماني أو إسلامي.

    فأين المسلم الوسط وأمّة الوسط في هذا التقسيم الشبيه بمرض الفُصام السريري، لا سيما أنّ حالة الاستقطاب تلك لم تعُد تُؤخذ على أنها من أعراض المرض، بل للأسف الشديد صارت تفرِضُ نفسها على العقل العربي كأداة للنضال السياسي والتعبير الفكري ؟!

    و في ضوء ما آلت إليه، هكذا، أحوال المسلمين من استلاب وُجودي لا يزيد أحواله المتبَقية،التربوية منها والمعرفية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها إلاّ تدهورا ولفّا ودَوَرانا، حَول الذات وفي العدم، فلا يسع المثقف العربي إلاّ أن يحاول المساهمة بمنهجيةٍ ما أو بطريقةِ ما قد تكون جزءا لا يتجزّأ من الحل الأكبر الذي لم تبرز سماته العامة بعدُ.

    أمّا مبادرتي في هذا السياق فهي تتِمّة للموضوع الذي نشرتُه في "الملتقى الإسلامي" (رقم 14) بركن "الفكر الإسلامي وسبل النهوض" بمشاركة عنوانها " نحن نعيش خارج التاريخ بسبب"الاحتباس التواصلي"، والحلّ هو الاجتهاد الدائري ".

    و لمواصلة الحوار الذي بدأ منذ نشر تلك المشاركة، كم أودّ أن نرفع مستوى المناقشة إلى مرتبة أرقى. والطرح الذي أراه مُلائما للمرحلة التي بلغها الحوار بعدُ يتلخّص في ما يلي:

    قبل الخوض في تحديد أدوات الاجتهاد لا بدّ لنا أن نتّفق على المنهجية، أو لمزيد التوضيح، على التعددية المنهجية.

    فالعائق الأساسي الذي يحُول دون الفكر العربي ودون التدرج نحو الحل لِما سمّيتُه الاحتباس التواصلي هو، برأيي،الاختلاف المنهجي في تناول الاجتهاد وفي بلورة اي عمل اجتهادي.

    فبينما يرى الأصوليون أن ليس هنالك من الاجتهاد سوى الاجتهاد التقليدي المتمثل في علم الكلام بفروعه، يبدو لي أنّ ذلك الاعتقاد أكل عليه الدهر وشرب. والحجّة: هل منع ذلك الاعتقاد بانفراد الاجتهاد الأصلي والذي سأسميه "الاجتهاد الأوّل" من بروز حركة اجتهاد تحديثي وحداثوي إبّان عهد الاستقلال، وهو المتواصل إلى اليوم والذي سأسميه "الاجتهاد الثاني"، هل منعه ذلك من البروز؟ طبعا لا. وبأيّ خطة يعيش المسلمون اليوم إذا كان الاجتهاد غائبا حقّا كما يزعم السلفيون؟

    أمام تلك الحتمية الاجتهادية إن صح التعبير، أقترح أن نبحث للاجتهاد المعاصر عن مشروعية من داخل الفكر العربي المعاصرعوضا عن الهروب من الاضطلاع بالمسؤولية الفكرية. لكن وجب علينا، لهذا الغرض، تحديد ملامح هذا الفكر.

    هنالك، باختصار شديد، فرضيتان لا ثالث لهما لتحديد فكرنا المعاصر:

    1.إمّا أننا نعتبر أنفسنا من المسلمين الأوائل الذين لا بدّ أن يعيشوا على طريقة مسلمي صدر الإسلام، فنكتفي بالاجتهاد التقليدي منهجية لنا في الحياة. وعندها يكون السؤال : مالذي ومن غلق باب الاجتهاد منذ قرون ولماذا لم يُفتح بعدُ وإلى متي سيبقى موصدا في وجه المسلمين؟

    2.إمّا أننا ارتقينا إلى مراتب إنسانية جعلت منّا أناسا آخرين لا نكتفي بالقديم من الوسائل،كما لا ننوي رمي ذلك القديم عرض الحائط.بل غاية ما في الأمر أننا نبغي انتهاج اجتهاد تكميليّ لكنه أساسيّ، اجتهاد "ثالث" يمكّن المسلمين من الاندماج مع الذات للقضاء على الداء عوضا عن التبجّح بأعراض الداء (علماني/ إسلامي) و يُدمِج رموز"الأول" برموز"الثاني"، مع الإبقاء على استقلالية الاجتهادين من الناحية العلمية والمعرفية.

    وفي هاته الوضعية، وهي التي أدافع عنها، لن تكون فرضية الاجتهاد واحدة بل اثنتين: الاجتهاد التقليدي وهو اجتهاد في الدين،والاجتهاد الآخر وهو اجتهاد في التجربة الدينية.والله أعلم.

    ولكي أعطيكم بسطة عن أوجه أخرى متمّمة لحيثيات الموضوع، أحيل الأساتذه الكرام المشاركين والإخوة والأخوات القرّاء على مقال نشرناه قبل يومين على الرابط التالي:

    http://www.alarab.co.uk/alarabftp/pdf-weekly/p09.pdf
    اللهمّ اشرَحْ لِي صَدرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي واحْللْ عُقدَةً مِن لِسانِي يَفْقَهُوا قَولِي
  • عبدالرحمن السليمان
    مستشار أدبي
    • 23-05-2007
    • 5434

    #2
    المشاركة الأصلية بواسطة محمد الحمّار مشاهدة المشاركة
    لقد كثر القيل والقال وسال كثيرٌ من الحبر وضاع كثيرٌ من الوقت بسبب الاستقطاب السياسي في المجتمع العربي ككلّ (منذ السبعينات من القرن المنقضي)، وهو استقطاب كان قد أفضى إلى تقسيم هجين بقي قائما إلى اليوم : إما أنك علماني أو إسلامي.

    [align=justify]
    الأخ الأستاذ محمد الحمَّار،

    السلام عليكم،

    مسألة الاجتهاد والبحث عن المخرج ("الحل الأكبر" في مقالتك) مسألة مركزية في كتابات المفكرين العرب مثل حنفي والجابري وأركون وغيرهم. وقد ذكرت هؤلاء الثلاثة لأن لكل منهما رأيا مخصوصا به في هذه المسألة ذلك أن حنفي يبحث عن الحل فيما يسميه اشتراكية الإسلام، بينما يبحث الجابري في الإسلام عن عناصر يؤسس عليها بداية الحل كما يتصوره. أما أركون فيدعو إلى القطيعة الكلية مع الماضي والانطلاق من الصفر بحثا عن الحل المنشود .. وهنالك آراء أخرى لكتاب آخرين قد يشار إليها فيما بعد. ما أود أن أركز عليه الآن ـ على عجالة ـ هو مسألة التقسيم الهجين (حسب تسميتك) إما علماني (بفتح العين!) أو إسلامي. وأتساءل في هذا السياق: من المسؤول عن هذه المحورة؟ المثقف؟ السلطة؟ موضة الستينيات من القرن الماضي التي كانت تقتضي بأن يكون العربي ماركسيا أو شيوعيا حتى يعتبر مثقفا؟ الواقع؟ الاستعمار؟ اليهود؟ من؟ عندي فضول كبير لأعرف من وكيف وقعت هذه المحورة وكيف صار المثقف العربي، حتى المثقف الذي يتمتع بحصة لا بأس بها من الفهم والثقافة، يرمي أي ناقد للفكر العلماني ــ تلقائيا وبلا أدنى إعمال لعقله ــ بأنه إسلامي أصولي .. وأي ناقد للفكر الإسلامي الأصولي ــ تلقائيا أيضا وبلا أدنى إعمال لعقله ــ بأنه علماني لائيكي؟ من هو المسؤول عن قولبة عقل المثقف العربي في قوالب فكرية جد ضيقة يعجز عن الخروج منها؟

    هذا سؤال مهم بالنسبة إلي، لأني ألاحظ، بعد خمس سنوات من التواصل مع مثقفين عرب عبر العنكبية العربية، أن هذه المحورة عميقة جدا ومشرشة جدا في العقول والأفهام، ويستحيل تجاوزها في الخطاب والحديث والتداول والتواصل، وهي ــ المحورة المذكورة ــ المسؤولة عن "الاحتباس التواصلي" بل عن انتهاء الكثير من النقاش والحوار في طريق مسدودة.

    ألا ترى، أستاذ محمد، ضرورة مناقشتها بهدف الاتفاق على ضرورة تفكيكها، ولو من باب التجربة في هذا الصالون؟

    ثمة الكثير مما يمكن أن يقال فيما تفضلت وكتبت، لكني أكتفي بهذا القدر.

    وتحية طيبة عطرة.
    [/align]
    عبدالرحمن السليمان
    الجمعية الدولية لمترجمي العربية
    www.atinternational.org

    تعليق

    • د. م. عبد الحميد مظهر
      ملّاح
      • 11-10-2008
      • 2318

      #3
      لاعلماني ولا إسلامي (1)
      أيّ اجتهاد من أجل مُسلم مُندمِج قادر على صناعةالتاريخ؟

      تفكيك و تحليل واعادة تركيب

      أولاً: التفكيك

      ما جاء فى المقالة يمكن تلخيصة كالأتى...

      00- الاستقطاب السياسي في المجتمع العربي ككلّ قد أفضى إلى تقسيم هجين بقي قائما إلى اليوم : إما أنك علماني أو إسلامي، فأين المسلم الوسط وأمّة الوسط في هذا التقسيم

      00- حالة الاستقطاب صارت تفرِضُ نفسها على العقل العربي كأداة للنضال السياسي والتعبير الفكري


      00- قبل تحديد أدوات الاجتهاد لا بدّ لنا أن نتّفق على المنهجية، أو على التعددية المنهجية.

      00- العائق الأساسي الذي يحُول دون الفكر العربي ودون التدرج نحو الحل للاحتباس التواصلي هو الاختلاف المنهجي في تناول الاجتهاد وفي بلورة اي عمل اجتهادي

      00- يرى الأصوليون أن ليس هنالك من الاجتهاد سوى الاجتهاد التقليدي المتمثل في علم الكلام بفروعه ( هوالاجتهاد الأصلي والذي سأسميه "الاجتهاد الأوّل")

      00- بروز حركة اجتهاد تحديثي وحداثوي إبّان عهد الاستقلال، وهو المتواصل إلى اليوم ، والذي سأسميه "الاجتهاد الثاني"

      00- نبحث للاجتهاد المعاصر عن مشروعية من داخل الفكر العربي ، ولتحديد ملامح هذا الفكر. هنالك فرضيتان لا ثالث لهما

      1) الاكتفاء بالاجتهاد التقليدي منهجية لنا في الحياة.
      2) لا نكتفي بالقديم ، بل غاية ما في الأمر أننا نبغي انتهاج اجتهاد تكميليّ لكنه أساسيّ، اجتهاد "ثالث" يمكّن المسلمين من الاندماج مع الذات للقضاء على الداء عوضا عن التبجّح بأعراض الداء (علماني/ إسلامي) و يُدمِج رموز"الأول" برموز"الثاني"، مع الإبقاء على استقلالية الاجتهادين من الناحية العلمية والمعرفية.

      00- وفي هاته الوضعية لن تكون فرضية الاجتهاد واحدة بل اثنتين: الاجتهاد التقليدي وهو اجتهاد في الدين، والاجتهاد الآخر وهو اجتهاد في التجربة الدينية

      ***************

      و قبل الانتقال إلى التحليل و اعادة التركيب اسأل...

      هل هذا التلخيص يوضح بأمانة علمية كل ما جاء من افكار فى المقال؟
      التعديل الأخير تم بواسطة د. م. عبد الحميد مظهر; الساعة 20-10-2009, 22:49.

      تعليق

      • محمد الحمّار
        أديب وكاتب
        • 28-09-2009
        • 286

        #4
        الأستاذ د. م. مظهر
        حسنا فعلتم.واصلوا من فضلكم.
        اللهمّ اشرَحْ لِي صَدرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي واحْللْ عُقدَةً مِن لِسانِي يَفْقَهُوا قَولِي

        تعليق

        • محمد الحمّار
          أديب وكاتب
          • 28-09-2009
          • 286

          #5
          المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحمن السليمان مشاهدة المشاركة
          [align=justify]
          الأخ الأستاذ محمد الحمَّار،

          السلام عليكم،

          مسألة الاجتهاد والبحث عن المخرج ("الحل الأكبر" في مقالتك) مسألة مركزية في كتابات المفكرين العرب مثل حنفي والجابري وأركون وغيرهم. وقد ذكرت هؤلاء الثلاثة لأن لكل منهما رأيا مخصوصا به في هذه المسألة ذلك أن حنفي يبحث عن الحل فيما يسميه اشتراكية الإسلام، بينما يبحث الجابري في الإسلام عن عناصر يؤسس عليها بداية الحل كما يتصوره. أما أركون فيدعو إلى القطيعة الكلية مع الماضي والانطلاق من الصفر بحثا عن الحل المنشود .. وهنالك آراء أخرى لكتاب آخرين قد يشار إليها فيما بعد. ما أود أن أركز عليه الآن ـ على عجالة ـ هو مسألة التقسيم الهجين (حسب تسميتك) إما علماني (بفتح العين!) أو إسلامي. وأتساءل في هذا السياق: من المسؤول عن هذه المحورة؟ المثقف؟ السلطة؟ موضة الستينيات من القرن الماضي التي كانت تقتضي بأن يكون العربي ماركسيا أو شيوعيا حتى يعتبر مثقفا؟ الواقع؟ الاستعمار؟ اليهود؟ من؟ عندي فضول كبير لأعرف من وكيف وقعت هذه المحورة وكيف صار المثقف العربي، حتى المثقف الذي يتمتع بحصة لا بأس بها من الفهم والثقافة، يرمي أي ناقد للفكر العلماني ــ تلقائيا وبلا أدنى إعمال لعقله ــ بأنه إسلامي أصولي .. وأي ناقد للفكر الإسلامي الأصولي ــ تلقائيا أيضا وبلا أدنى إعمال لعقله ــ بأنه علماني لائيكي؟ من هو المسؤول عن قولبة عقل المثقف العربي في قوالب فكرية جد ضيقة يعجز عن الخروج منها؟

          هذا سؤال مهم بالنسبة إلي، لأني ألاحظ، بعد خمس سنوات من التواصل مع مثقفين عرب عبر العنكبية العربية، أن هذه المحورة عميقة جدا ومشرشة جدا في العقول والأفهام، ويستحيل تجاوزها في الخطاب والحديث والتداول والتواصل، وهي ــ المحورة المذكورة ــ المسؤولة عن "الاحتباس التواصلي" بل عن انتهاء الكثير من النقاش والحوار في طريق مسدودة.

          ألا ترى، أستاذ محمد، ضرورة مناقشتها بهدف الاتفاق على ضرورة تفكيكها، ولو من باب التجربة في هذا الصالون؟

          ثمة الكثير مما يمكن أن يقال فيما تفضلت وكتبت، لكني أكتفي بهذا القدر.

          وتحية طيبة عطرة.
          [/align]
          الأستاذ السليمان
          السلام عليكم (وأجدد لكم الدعوة للتفضل بالعمل معنا من جديد)


          سؤالك المركزي وجيه ومشكلة محورة المسلم عموما إلى "علماني" séculier/laïc/secular) و"إسلامي" عويصة جدا فعلا.

          إجابتي على ما احمرّ:
          اسمح لي أن أنطلق من الواقع والتجربة الشخصية لأسلط عليها بعض الضوء، وذلك لأنّي أحبذ المنهجية الفينومينولوجية وكذلك البرغماتية.

          لقد عشت الحكاية في أواخر الثمانينات لمّا بلغ الاستقطاب بين "الفكرين" أشده في بلادي وكنا أنذاك على أبواب انتخابات تشريعية. لقد خالطتُ النمطين من الأناس المتحمّسين لإبراز برنامجهم على التوالي وكنت في نفس الوقت أتحسس طريقا أسلكه.

          وخلاصة تجربتي أني لم أقدر على اتباع لا هؤلاء ولا أولئك.بل كنت مكتفيا (اكتفاء رضاء) بدور الحكَم بين الفئتين.لم يكن في وسعي الاقتناع بمقولات هؤلاء و أولئك.بل منذ ذلك الوقت وإلى اليوم لديّ قناعة بأنّ موقع شخصية الإنسان العربي المسلم لا بد أن تكون بين المحورين وسعيتُ منذ ذلك الحين لتلافي ذلك التقسيم المريع.

          أمّ بخصوص ما يقوله الفكر العربي حول التطور التاريخي لظاهرة التقسيم تلك (وأعتبرها فعلا ظاهرة مآلها الزوال بزوال شروط نشأتها)، فقد فسرها حسن حنفي بامتياز في كتاباته لمّا أبرز أنّ الإسلام دين علماني بطبعه وأنّ اتباع المسلمين للعلمانية في الفكر وفي السياسة يعود إلى اتباعهم للغرب عموما وهو الذي خلق مسألة مفهوم "تفريق الدولة والدين".

          كما أني اهتممت بمواصلة البحث في المسألة لتكملة ما عثر عليه حسن حنفي وبتُّ متأكدا أنّ الذي سميتُه تقسيما "هجينا" و"فُصامي" هو فعلا كذلك.فهو عملية إسقاط سيكولوجية : إسقاط فكرة"التفريق" من طرف المثقفين المسلمين على أنفسهم.فكانت النتيجة أن كرّسوا التفريق فعلا بناء على اعتقاد بالٍ لا يحكمه العقل والتعقل وإنما تحكمه عقدة الأجنبي.

          هكذا صار الواقع السياسي للمجتمعات الإسلامية (ما عدا السعودية ربما أين المشكل يبرز في أبعاد مختلفة) يرضخ لمبدأ التفريق من دون أن تكون المجتمعات بحاجة إلى تفريق بين الديني والسياسي.

          ولما تفطن الفكر إلى خطيئته بأن انحرف عن مسار التجذير والتأصيل، بدأت الحركات الأصولية في البروز، باذلة كل ما في وسعها لإصلاح ما فسد.إلاّ أنّ فاقد الشيء لا يُعطيه.فأنت إذا أردت تدارك ما فات وإصلاح ما فسد، وجب عليك توفير الآليات الصحيحة... وهذا ما لم يكن في حوزة الإسلاميين.فبدأ الاعتباط والتناطح والارتجال..

          أما العلمانيون، فكانوا في موقف قوة في حقبة الاستقلال القُطري للبلدان العربية.فهم الذين نفذوا برامج البناء الاجتماعي الحديث.فكيف تريد منهم أن يفهموا أنهم قد جاؤوا خطأ وأنّ فكرهم وقتيّ لن يدوم، من دون أن تكون هنالك آلية في الفكر العربي قد أخذت ما يلزمها من الوقت لتوضيح الأمور؟

          لقد جاءهم الأصوليون على حين غرّة وقالوا لهم :" لنتقاسم الأدوار"، فما كان منهم إلاّ الامتناع عن استماع الخطاب الديني وعن البحث عمّا إذا كان تنامي الأصوليين ظاهرة(كما نعتقد) أم تعبيرا سليما عن شواغل المجتمع الحقيقية.فأخذوه على أنه تعبير عن رغبة في افتكاك الحكم وتبديل النمط المجتمعي من "حداثي" إلى "ديني" تيوقراطي.

          ومن هنا احتبس التواصل بأن كانت ردة فعل الفريقين "تحجرا" سمّاه غير العرب "السرطانَين" ونسميه نحن "الاستقطاب" وسماه مارشو"الفُصام" ...

          إجابتي على ما اصفرّ:
          طبعا أستاذي العزيز،لا بد لنا أن نعالج القضية لا فقط بتفكيك عناصرها بل وأيضا بإعادة تركيبها.
          ومن جهتي،فأنا مع محمد عابد الجابري في تشخيصه للـ"قطيعة" في العقل العربي مع أني أميل، بخصوص الحلّ، لـ"قطيعة" محمد اركون ولو أني لم أطلع على الكثير من فكره.ربما لأني اكتفيت واقتنعتُ بقطيعة بدأتُ في تنفيذها.وأفضّل أن أسميها "تجاوزا". وهو "تجاوز" للتقسيم علماني /إسلامي يرمي إلى "الاجتياز"، اجتياز العقبات التي تحول دون الفكر العربي ودون إنجازمنهجية وتصميم متكاملين يكونا معززين بأليات واضحة للتغيير.

          ولن أعود إلى طرح الآلية التي أقترحها ( "التدين التطبيقي") إلاّ لمّا نتفاهم على أحقية كلا الاجتهادين (التقليديي و"الآخر") في العمل من دون مركبات إزاء بعضهما البعض...والله ولي التوفيق للجميع.
          والسلام
          اللهمّ اشرَحْ لِي صَدرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي واحْللْ عُقدَةً مِن لِسانِي يَفْقَهُوا قَولِي

          تعليق

          • حسين ليشوري
            طويلب علم، مستشار أدبي.
            • 06-12-2008
            • 8016

            #6
            الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
            أهلا بأستاذنا محمد الحَمَّار الباحثِ الفرَّار ! حيث يبدأ الحوار ثم يلوذ بجوار الأساتيذة الأحرار !
            تحية طيبة مباركة إسلامية صادقة و حارة حرارة الأخوة المدرار بالسلم و السلام و المسالمة و ...المعطار !!!!
            قبل أي حديث، أستاذي الفاضل، أود منك أن تعرِّف لي، علميا لغة و اصطلاحا، "الإسلامي" أو "الإسلامية" لأن أي حديث قبل تحديد الكلمات، أو المصطلحات التي ستنعامل بها، سيكون عقيما و نحن، أنت أولا و الأساتيذ هنا ثانيا، نريده عميقا !!! و إلا نفعل سندور حول الموضوع دوران الحمار على البئر فيتعب هو و غيره يشرب !!!
            لقد دأبنا، نحن العرب عموما، على التشدق بالكلمات الفضفاضة و الفارغة مقليدين لغيرنا، الغرب عموما أو من تتلمذ له من العرب، كأننا رجع الصدى و هم الصوت الحقيقي و نشنشن بالمصطلحات و نزين بها كتاباتنا دون تحديد دقيق لها لغة و دون توجيه صحيح لها اصطلاحا.
            إنني هذه المرة، إن شاء الله تعالى، سأحدثك بصراحة أكثر من المرة السابقة متحملا تهمة السذاجة و البساطة و السطحية التي ستنعت بها ردودي، إن حصل !
            [align=center]
            تحيتي و تقديري الأكيدان الدائمان.
            [/align]
            sigpic
            (رسم نور الدين محساس)
            (رسّام بجريدة المساء الجزائرية 1988)

            "القلم المعاند"
            (قلمي هذا أم هو ألمي ؟)
            "رجوت قلمي أن يكتب فأبى، مُصِرًّا، إلاَّ عِنادا
            و بالرَّفض قابل رجائي و في الصَّمت تمــادى"

            تعليق

            • محمد أبو علاء الأشعري
              عضو الملتقى
              • 15-10-2009
              • 10

              #7
              الأستاذ الحمار والأستاذ السليماني تحية واحترام :
              انا أتساءل : هل البحث عن الحلول والإجابة عن التساؤلات تستلزم منا عرضا لعضلاتنا الثقافيه والعودة لتنظير يجمدنا في دائرة الضياع ويبقينا خارج التاريخ ؟ أم نحن جادون بمحاولة وصل الإنقطاع ورتق الفصل في مأزقنا التاريخي ؟ والذي أحدثه هذا المزق والتباعد بين المجموعة أوالحزمة التاريخية المتمثلة بالقوميين والأسلاميين وبين الحزمة الآيديولوجيه المتمثلة باليبراليين والعلمانييين ؟ والذي تم رفض كلٍ منهم الآخر منذ بداية القرن الماضي وليس من سبعينياته كما أورد احد الأخوه , لقد تم رفض الآخر في داخل الحزمة الواحده , وتم رفض الحزمة لللأخرى , وهكذا نجد أنفسنا امام مجموعة إشكاليات تحتاج ألى اجيال عديده لمحاولة حل كل منها على حده , ومن ثم نحتاج إلى أجيال اخرى للإتفاق والوصول إلى نظريات متكاملة ومتفق عليها من جميع الأطراف , ومن ثم يبدأ العصيان على رأي أحد الفقهاء النزقين بالفضائيات , ليبدأ التغيير , وحتى ننتظر كل هذا التعاقب للأجيال يكون الآخرالمترصد قد هجر الأرض واستوطن النجوم , بفعل حركته الدائبة بتحريك عجلة العلم والإنتاج , بينما نحن لانزال نناقش جواز التعددية السياسية بالأسلام أو القبول العلماني لفكر متدين ,أنا أرى إن هذا الحوار الدائري لم ينتهي , ولن ينتهي إلا بمحاولة جاده وعقلانيه لإيجاد حلول تناسب العصر وفتح باب الإجتهاد وإغلاق صكوك التكفير المجاني , من جهة وأيضا تنازل العلمانيين والليبرالين عن ثقافة الإقصاء وتهم الأرهاب الجاهزة والمدعومة من الغير , دمتم وشكرا لجهودكم ,

              تعليق

              • محمد الحمّار
                أديب وكاتب
                • 28-09-2009
                • 286

                #8
                السيدان حسين ليشوري و أبوعلاء الأشعري
                أرجو أن تعطيان رأيكما موضوع "لا علماني ولا إسلامي..." بأن تحددان لنا إن كنتما موافقين على أنّ الاجتهاد التقليدي لم يعد كافيا لمواجهة تحديات العصر.وشكرا.
                اللهمّ اشرَحْ لِي صَدرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي واحْللْ عُقدَةً مِن لِسانِي يَفْقَهُوا قَولِي

                تعليق

                • د. م. عبد الحميد مظهر
                  ملّاح
                  • 11-10-2008
                  • 2318

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة محمد أبو علاء الأشعري مشاهدة المشاركة
                  الأستاذ الحمار والأستاذ السليماني تحية واحترام :
                  انا أتساءل : هل البحث عن الحلول والإجابة عن التساؤلات تستلزم منا عرضا لعضلاتنا الثقافيه والعودة لتنظير يجمدنا في دائرة الضياع ويبقينا خارج التاريخ ؟ أم نحن جادون بمحاولة وصل الإنقطاع ورتق الفصل في مأزقنا التاريخي ؟ والذي أحدثه هذا المزق والتباعد بين المجموعة أوالحزمة التاريخية المتمثلة بالقوميين والأسلاميين وبين الحزمة الآيديولوجيه المتمثلة باليبراليين والعلمانييين ؟ والذي تم رفض كلٍ منهم الآخر منذ بداية القرن الماضي وليس من سبعينياته كما أورد احد الأخوه , لقد تم رفض الآخر في داخل الحزمة الواحده , وتم رفض الحزمة لللأخرى , وهكذا نجد أنفسنا امام مجموعة إشكاليات تحتاج ألى اجيال عديده لمحاولة حل كل منها على حده , ومن ثم نحتاج إلى أجيال اخرى للإتفاق والوصول إلى نظريات متكاملة ومتفق عليها من جميع الأطراف , ومن ثم يبدأ العصيان على رأي أحد الفقهاء النزقين بالفضائيات , ليبدأ التغيير , وحتى ننتظر كل هذا التعاقب للأجيال يكون الآخرالمترصد قد هجر الأرض واستوطن النجوم , بفعل حركته الدائبة بتحريك عجلة العلم والإنتاج , بينما نحن لانزال نناقش جواز التعددية السياسية بالأسلام أو القبول العلماني لفكر متدين ,أنا أرى إن هذا الحوار الدائري لم ينتهي , ولن ينتهي إلا بمحاولة جاده وعقلانيه لإيجاد حلول تناسب العصر وفتح باب الإجتهاد وإغلاق صكوك التكفير المجاني , من جهة وأيضا تنازل العلمانيين والليبرالين عن ثقافة الإقصاء وتهم الأرهاب الجاهزة والمدعومة من الغير , دمتم وشكرا لجهودكم ,
                  الأستاذ الفاضل محمد أبو علاء الأشعري

                  وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                  شكراً على متابعتكم للموضوع. نحن نحاول هنا ان نؤسس لصالون فكرى يسير بموضوعية ، و مشاركاتكم بموضوعية وجدية ستساعدنا كثيراً إن شاء الله

                  هناك مشكلة كما اشرت و نحتاج حلولاً وليس تنظيراً..نعم حلولاً ، و لكن هل يمكن إيجاد حلول دون معرفة الخلل؟

                  الاستاذ الحمّار يحاول اكتشاف الخلل، ولقد لخصت مقالته فى مداخلة رقم 3 ، فما رأيك؟

                  والرجاء فى ردودك البعد عن استعمال الفاظ لا تفيد الموضوع كثيراً مثل ما قلته

                  1) عرضا لعضلاتنا الثقافيه
                  2) النزقين
                  3) صكوك التكفير المجاني
                  4) المدعومة من الغير

                  و هل سيتغير محتوى ردك لو حذفنا هذه العبارات و الكلمات؟

                  ولك ان تناقش مصادر الخلل و الأفكار التى طرحها الأستاذ الحمّار ( مداخلة 3) و تقترح الحلول ، لأن هذا من اهم ما سنجنيه إن شاء الله ، من حوارنا الفكرى الموضوعى و الجاد هنا

                  و من و جهة نظرك اين الخلل؟ وما هو الحل؟ ومن بيده الحل ؟ و كيف نبدأ؟

                  وتحياتى
                  التعديل الأخير تم بواسطة د. م. عبد الحميد مظهر; الساعة 20-10-2009, 19:40.

                  تعليق

                  • عبدالرحمن السليمان
                    مستشار أدبي
                    • 23-05-2007
                    • 5434

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة محمد أبو علاء الأشعري مشاهدة المشاركة
                    الأستاذ الحمار والأستاذ السليماني تحية واحترام :
                    انا أتساءل : هل البحث عن الحلول والإجابة عن التساؤلات تستلزم منا عرضا لعضلاتنا الثقافيه والعودة لتنظير يجمدنا في دائرة الضياع ويبقينا خارج التاريخ؟

                    [align=justify]
                    الأستاذ الكريم أبا علاء الأشعري،

                    تحية وسلاما!

                    اسمي
                    السليمان وليس السليماني .. فالسليماني في بلاد الشام هو سم فاتك لا يبقي ولا يذر!

                    ليس في كلام الأستاذ محمد الحمّار، ولا في ردي عليه، استعراض لعضلات ثقافية .. بل هو غاية في الإيجاز!

                    وتحية طيبة عطرة.
                    [/align]
                    عبدالرحمن السليمان
                    الجمعية الدولية لمترجمي العربية
                    www.atinternational.org

                    تعليق

                    • د. م. عبد الحميد مظهر
                      ملّاح
                      • 11-10-2008
                      • 2318

                      #11
                      المشاركة الأصلية بواسطة محمد الحمّار مشاهدة المشاركة
                      الأستاذ د. م. مظهر
                      حسنا فعلتم.واصلوا من فضلكم.
                      الأستاذ الفاضل محمد الحمّار

                      هناك اساليب عديدة لمناقشة مقالتك ، و سوف اتبع طريقة من التحليل ، وبعد فحص كل عنصر و توضيح ابعاده و مناقشته سوف اعيد التركيب لترى المقالة فى شكلها التركيبى بعد التحليل. وحتى لا تتشتت الجهود مع اكثر من متداخل سوف اطرح المنهج الذى سأتبعه فى فهم مقالتك اولاً ، وانتظر حتى تكمل حوارك مع الأستاذ حسين ليشوري و الأستاذ أبو علاء، لأطرح ما عندى.

                      و تحياتى وسلامى.
                      التعديل الأخير تم بواسطة د. م. عبد الحميد مظهر; الساعة 20-10-2009, 19:37.

                      تعليق

                      • محمد جابري
                        أديب وكاتب
                        • 30-10-2008
                        • 1915

                        #12
                        هل الاجتهاد التقليدي لم يعد كافيا ؟

                        المشاركة الأصلية بواسطة محمد الحمّار مشاهدة المشاركة
                        السيدان حسين ليشوري و أبوعلاء الأشعري
                        أرجو أن تعطيان رأيكما موضوع "لا علماني ولا إسلامي..." بأن تحددان لنا إن كنتما موافقين على أنّ الاجتهاد التقليدي لم يعد كافيا لمواجهة تحديات العصر.وشكرا.
                        الأستاذ الحمار؛

                        لعلي أتدخل في بيان أن ما طلبته سيادتكم من الأخوين هو أمر قد يكون مجال بحث واسع من كل الزوايا حتى يمكننا أن نجيب بنعم أو لا.

                        فلا يمكن بتاتا الجزم باللونين الأبيض والأسود، مع إقصاء الألوان الأخر.
                        وإني بصدد إعداد رد علمي جازم على مقالكم؛ لذا أطالبكم بعدم القفز على هذه الحواجز بغير دليل علمي مقنع يثبت المغزى ويحدد الدواعي.
                        http://www.mhammed-jabri.net/

                        تعليق

                        • د. سعد العتابي
                          عضو أساسي
                          • 24-04-2009
                          • 665

                          #13
                          الاخ الاستاذ محمد الحمارالاخوة جميعا
                          الموضوعة المركزية هنا هي في الاجابة على السؤال الاتي
                          عقلي هل اسلمه لغيري يسيرني حيث يشاء في امور ديني ودناي؟
                          ام استخدمة وارى طرقي .
                          ارى انه من هنا ينبغي ان يبدا النقاش في هذا الموضوع
                          مودتي
                          الله اكبر وعاشت العروبة
                          [url]http://www.facebook.com/home.php?sk=group_164791896910336&ap=1[/url]

                          تعليق

                          • محمد الحمّار
                            أديب وكاتب
                            • 28-09-2009
                            • 286

                            #14
                            الأستاذ سعد العتابي / السادة المتناقشين
                            أشكر الأستاذ العتابي على تبسيطه للموضوع.ولكن بودّي أن أسلك أميالا أخرى باتجاه الواقعية فأعيد طرح الموضوع كما يلي:

                            تعودنا أن يكون المُجتهد شيخ دين أو فقيه أوما يعادله.هذا في مجال اجتهاد الدين.
                            الطرح الذي بودّي أن تعطوني فيه رأيكم هو: هل من الممكن أن يكون المهندس مجتهدا والطبيب مجتهدا ومدرس اللغة مجتهدا ورجل القانون مجتهدا إلخ.، فيكون الاجتهاد اجتهادا في التجربة الدينية ؟
                            والسلام
                            اللهمّ اشرَحْ لِي صَدرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي واحْللْ عُقدَةً مِن لِسانِي يَفْقَهُوا قَولِي

                            تعليق

                            • د. م. عبد الحميد مظهر
                              ملّاح
                              • 11-10-2008
                              • 2318

                              #15
                              الأعزاء الأفاضل

                              الموضوع المطروح هنا للأستاذ محمد الحمّار ، وهو يحاول أن يحدد مشكلة و يحلل أسباب وجودها و يقترح حلاً لها، وعلى كل من يريد أن يحاوره فيناقشه فى أفكاره و طرحه كما جاء فى أول لوحة. هذا يساعدنا على عدم التشتت و التفرع لقضايا مختلفة.

                              فمن فضلك...و رجاءً...ناقش الكاتب فيما كتب ، واستوضحه وقسم مقالته إلى أ
                              اجزاء و ناقش كل جزء ، و ناقش مصطلحاته و تحليله وحلوله كما كتبها هو ، واسأل عن الغامض الذى يحتاج توضيح ، و الفكرة الضعيفة التى تحتاج مراجعة وهكذا...و بهذا يمكن ان ينجح الحوار

                              وتحياتى
                              التعديل الأخير تم بواسطة د. م. عبد الحميد مظهر; الساعة 20-10-2009, 22:52.

                              تعليق

                              يعمل...
                              X