قصص وتجارب من ايام طبيب مسلم...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • آمنه الياسين
    أديب وكاتب
    • 25-10-2008
    • 2017

    #31
    لي صديق حبيب هو الدكتور ملهم الياسين كلما قرأت اسمك تذكرته.. كان معي على مقاعد الدراسة ثم سافر لألمانيا للدرس والتخصص ولم أره منذ أكثر من خمس وعشرين سنة
    ********

    مساء الخيرات
    الدكتور المحترم وضاح
    العائله اغلبها اطباء ماعداي طبعاً
    لاني من رائحة المستشفى والادويه يغمى عليّ ...؟؟؟
    ومرات اختي وهي بتحكيلي عن مرضاها وحالاتهم احس بدوار ...؟؟؟
    حقيقه هذي الحاله متعبتني كثير... اذكر مره كنت
    حابه اسلم على صديقتي كانت خارجه من المستشفى وراجعه بيتها
    ومع اقترابي منها دخلت لانفي رائحة المعقمات وشفت الشاش وفيه بقايا دم واغمى عليّ بدون حتى ما اسلم عليها ... كان الامر لربما مضحك لان اهلها ريحوني على سرير بجانبها ... ما اعرف شو قصة حالتي هذي ...؟؟؟
    ولا سأله اى واحد من اطباء العائله ...؟؟؟
    على فكره ملهم الياسين ما اعرفه لكن ممكن اعرفه لو عرفت اسم والده لان عائلتنا كبيره جدا وهي من اصل سعودي ممتد للعراق ...

    تحياتي وتقديري

    ر
    ووو
    ح

    تعليق

    • د. وسام البكري
      أديب وكاتب
      • 21-03-2008
      • 2866

      #32
      الدكتور الفاضل وضاح محمد فؤاد
      تجارب مُضيئة في سيرة مُشرقة ومُشرّفة، يربطها رباط الإنسانية.
      وهي جوهر (الطبيب) الأمين، الماهر.
      جزاك الله عن العلم وأهله، وعن المسلمين جميعاً الجزاء الأوفى.
      ودُمتَ متألقاً إنساناً وطبيباً؛ وباحثاً مفكراً وأديباً.
      د. وسام البكري

      تعليق

      • بهائي راغب شراب
        أديب وكاتب
        • 19-10-2008
        • 1368

        #33
        أخي الدكتور وضاح محمد فؤاد


        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        خواطرك بل قصتك الرائعة اثارت لدي شجونا كثيرة ، وبعثت في نفسي ألما عميقا .. عندما أقارن صورة الطبيب الإنسان هنا إذ يتعامل مع مريضة كجزء منه ، وكيف يتعامل معه بتقدير وإجلال ، يتعامل معه بعطف وحنان ... اتذكر .. وللأسف كيف ان العديد من اطبائنا الفلسطينيين في قطاع غزة لا يزالون مستنكفون منذ اكثر من عام عن أداء مهمتهم الإنسانية كاطباء كنت احترم بعضهم حتى كشفوا عن عوراتهم.. لقد خلعوا إنتمائهم الإنساني ونسوا القَسَمَ الطبي .. نعم سيدي .. حدثت اجتياحات صهيونية .. وحدث عدوان صهيوني كبير على قطاع غزة .. العالم كله تابعه . .أطباؤنا وبالرغم من ذلك التزموا بيوتهم وهم يشاهدون الموت يحصد ابناء شعبهم .. لأنهم .. أنظر واسمع يا سيدي ..لماذا ؟ .. لأنهم مخلصون لتنظيمهم فتح ، ولأنهم أوفياء لقائدهم وزعيمهم محمود عباس .. وفي سبيل ذلك ليذهب الوطن وليمت الناس .. لكن نعم للتنظيم وللحزب ولعبادة الفرد .. لأن حماس فازت وتحكم الان وهم يكرهون حماس وجهاد حماس .. ولا يجب التعامل معها .. بل يجب ايقاع الأذي بها ، وكيف يكون ذلك .. بالاستنكاف عن العمل ، فعلها المدرسون الفتحاويون قبلا ،وفعلوها هم بعدهم مباشرة ..
        هلى هذا هو الطب وهل هذه هي الطبابة .. بعض المستنكفين ممن حاك في صدورهم تأنيب الضمير التحقوا بالعمل في المستشفيات أثناء العدوان الصهيوني الغاشم على غزة .. وهل تعلم سيدي انه قد ضبط احدهم وهو يقتل المصابين من رجال المقاومة الاسلامية ..بحقنهم بطريقة خاصة ..

        صورتان مختلفتان تماما .. طبيبك الانسان الوفي الأمين على رسالته وعلى آدميته .. وطبيبهم الوحش المفترس الذي جلس في بيته وفي عيادته متفرجا على ابناء وطنه وهم ينزفون وكان بمقدوره ان يخفف عنهم ..
        شجن وألم وحقيقة غريبة واقعة وما تزال ..
        وأورد مثالا واحدا .. عندما بدا استنكاف الأطباء .. فوجئت مستشفى ناصر بخان يونس بان جميع الأطباء العاملين في العناية المكثفة قد غادروا وجلسوا في بيوتهم .. حيث القسم كان ممتلئا بالكامل بالمرضى .. هل تتصور الأمر .. هل يمكن لوعيك ان تتحمل مثل هذا السلوك .. ، احد الأطباء منهم تم احضاره بالقوة ليقوم بواجبه رغما عنه .. فالأمر لم يكن محتملا .. والمرضى معرضون للموت في أي لحظة .. .. بالقوة احضروه ..واجبر على العمل حتى تم تنظيم مجموعة من الأطباء المتطوعين من خارج المستشفى ليقوموا بتقديم الرعاية الطبية اللازمة للمرضى ..

        هل هؤلاء بشر .. الذين يتركون البشر يموتون وبامكانهم إنقاذهم ..؟!

        سيدي شكرا على هديتك المؤلمة .. لقد عذبتني بها .

        ودام قلمك
        أطمع يارب أن يشملني رضاك فألقاك شهيدا ألتحف الدماء

        لن أغيرنفسي لأكون غيري ، سأظل نفسي أنا أنا

        تويتـــــــر : https://twitter.com/halmosacat

        تعليق

        • وضاح محمد فؤاد
          طبيب وكاتب
          • 31-10-2009
          • 198

          #34
          المشاركة الأصلية بواسطة آمنه الياسين مشاهدة المشاركة
          لي صديق حبيب هو الدكتور ملهم الياسين كلما قرأت اسمك تذكرته.. كان معي على مقاعد الدراسة ثم سافر لألمانيا للدرس والتخصص ولم أره منذ أكثر من خمس وعشرين سنة
          ********

          مساء الخيرات
          الدكتور المحترم وضاح
          العائله اغلبها اطباء ماعداي طبعاً
          لاني من رائحة المستشفى والادويه يغمى عليّ ...؟؟؟
          ومرات اختي وهي بتحكيلي عن مرضاها وحالاتهم احس بدوار ...؟؟؟
          حقيقه هذي الحاله متعبتني كثير... اذكر مره كنت
          حابه اسلم على صديقتي كانت خارجه من المستشفى وراجعه بيتها
          ومع اقترابي منها دخلت لانفي رائحة المعقمات وشفت الشاش وفيه بقايا دم واغمى عليّ بدون حتى ما اسلم عليها ... كان الامر لربما مضحك لان اهلها ريحوني على سرير بجانبها ... ما اعرف شو قصة حالتي هذي ...؟؟؟
          ولا سأله اى واحد من اطباء العائله ...؟؟؟
          على فكره ملهم الياسين ما اعرفه لكن ممكن اعرفه لو عرفت اسم والده لان عائلتنا كبيره جدا وهي من اصل سعودي ممتد للعراق ...

          تحياتي وتقديري

          ر
          ووو
          ح
          أضحكتني يا أختي الفاضلة..
          أسعدك الله وحماك من كل أذى وأبعدك عن الحاجة للأطباء وأمثالهم..

          سأضع مقالة كتبتها لبعض إخوتي منذ مدة اعترفت فيها بأمر مر معي منذ ثلاثين سنة
          سترين أن ما أصابك يصيب كل الناس... حتى الأطباء...

          أما ملهم الياسين فهو طبيب من عائلة الياسين ذات الأصل الحموي أي من مدينة حماة في سوريا وله أربعة إخوة هو أصغرهم، ثلاثة منهم أطباء.. وأكبرهم من أشهر أساتذة جراحة العظام والمفاصل في ألمانيا..

          أهلاً بردودك الطيبة الكريمة يا أختي افاضلة

          تعليق

          • وضاح محمد فؤاد
            طبيب وكاتب
            • 31-10-2009
            • 198

            #35
            المشاركة الأصلية بواسطة بهائي راغب شراب مشاهدة المشاركة
            أخي الدكتور وضاح محمد فؤاد


            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            خواطرك بل قصتك الرائعة اثارت لدي شجونا كثيرة ، وبعثت في نفسي ألما عميقا .. عندما أقارن صورة الطبيب الإنسان هنا إذ يتعامل مع مريضة كجزء منه ، وكيف يتعامل معه بتقدير وإجلال ، يتعامل معه بعطف وحنان ... اتذكر .. وللأسف كيف ان العديد من اطبائنا الفلسطينيين في قطاع غزة لا يزالون مستنكفون منذ اكثر من عام عن أداء مهمتهم الإنسانية كاطباء كنت احترم بعضهم حتى كشفوا عن عوراتهم.. لقد خلعوا إنتمائهم الإنساني ونسوا القَسَمَ الطبي .. نعم سيدي .. حدثت اجتياحات صهيونية .. وحدث عدوان صهيوني كبير على قطاع غزة .. العالم كله تابعه . .أطباؤنا وبالرغم من ذلك التزموا بيوتهم وهم يشاهدون الموت يحصد ابناء شعبهم .. لأنهم .. أنظر واسمع يا سيدي ..لماذا ؟ .. لأنهم مخلصون لتنظيمهم فتح ، ولأنهم أوفياء لقائدهم وزعيمهم محمود عباس .. وفي سبيل ذلك ليذهب الوطن وليمت الناس .. لكن نعم للتنظيم وللحزب ولعبادة الفرد .. لأن حماس فازت وتحكم الان وهم يكرهون حماس وجهاد حماس .. ولا يجب التعامل معها .. بل يجب ايقاع الأذي بها ، وكيف يكون ذلك .. بالاستنكاف عن العمل ، فعلها المدرسون الفتحاويون قبلا ،وفعلوها هم بعدهم مباشرة ..
            هلى هذا هو الطب وهل هذه هي الطبابة .. بعض المستنكفين ممن حاك في صدورهم تأنيب الضمير التحقوا بالعمل في المستشفيات أثناء العدوان الصهيوني الغاشم على غزة .. وهل تعلم سيدي انه قد ضبط احدهم وهو يقتل المصابين من رجال المقاومة الاسلامية ..بحقنهم بطريقة خاصة ..

            صورتان مختلفتان تماما .. طبيبك الانسان الوفي الأمين على رسالته وعلى آدميته .. وطبيبهم الوحش المفترس الذي جلس في بيته وفي عيادته متفرجا على ابناء وطنه وهم ينزفون وكان بمقدوره ان يخفف عنهم ..
            شجن وألم وحقيقة غريبة واقعة وما تزال ..
            وأورد مثالا واحدا .. عندما بدا استنكاف الأطباء .. فوجئت مستشفى ناصر بخان يونس بان جميع الأطباء العاملين في العناية المكثفة قد غادروا وجلسوا في بيوتهم .. حيث القسم كان ممتلئا بالكامل بالمرضى .. هل تتصور الأمر .. هل يمكن لوعيك ان تتحمل مثل هذا السلوك .. ، احد الأطباء منهم تم احضاره بالقوة ليقوم بواجبه رغما عنه .. فالأمر لم يكن محتملا .. والمرضى معرضون للموت في أي لحظة .. .. بالقوة احضروه ..واجبر على العمل حتى تم تنظيم مجموعة من الأطباء المتطوعين من خارج المستشفى ليقوموا بتقديم الرعاية الطبية اللازمة للمرضى ..

            هل هؤلاء بشر .. الذين يتركون البشر يموتون وبامكانهم إنقاذهم ..؟!

            سيدي شكرا على هديتك المؤلمة .. لقد عذبتني بها .

            ودام قلمك


            لا حول ولا قوة إلا بالله

            أبكيت قبلي وعيني... غزة الحبيبة العزيزة الغالية

            ما أحببت في حياتي إلا دمشق وحمص وحماة.. وتربعت دمشق على عرش قلبي دون منازع رغم محبتي للمدينة ومكة الذي تغلغل في أعماق قلبي..

            ما ظننت نفسي يوماً سأحب مكاناً كدمشق .. حتى رأيت تلك البقعة من الأرض و التراب امتلأت بأزكى الأرواح.. حتى رأيت ذلك الصباغ الأحمر تتشرف به ذرات تراب غالية هي أرض العزة من غزة...

            أحسست أني أحبها... أحبها...

            أما الأطباء..... آآآآآآه من الأطباء..

            سأضع مقالة عنهم... وسترى يا أخي أنهم للأسف ليس كما تظن.... فالناس في ضلال إلا من هدى الله... ولا يوجد لا قَسَم ولا إنسانية ولا آداب مهنة لأي واحد إلا أن يخاف الله... فهو القَسَم والإنسانية وآداب المهنة.. وهو رحمة الله للطبيب قبل المريض.. فمن غابت عن روحه نفحات الإيمان فاقرأ عليه السلام...


            بارك الله بكم أهل غزة... أهل بيت المقدس.. أهل الشام... أهل الرباط...
            ما شاء الله... وما الخير إلا بوجود أمثالكم...

            بدعائكم يهطل القطر من السماء.. وبابتهالكم ترتفع الكوارث وتتنزل الرحمات...

            وبكم.. وبأطفالكم... تعود الكرامة.. وسيأتي النصر بإذن الله

            تعليق

            • وضاح محمد فؤاد
              طبيب وكاتب
              • 31-10-2009
              • 198

              #36
              المشاركة الأصلية بواسطة د. وسام البكري مشاهدة المشاركة
              الدكتور الفاضل وضاح محمد فؤاد
              تجارب مُضيئة في سيرة مُشرقة ومُشرّفة، يربطها رباط الإنسانية.
              وهي جوهر (الطبيب) الأمين، الماهر.
              جزاك الله عن العلم وأهله، وعن المسلمين جميعاً الجزاء الأوفى.
              ودُمتَ متألقاً إنساناً وطبيباً؛ وباحثاً مفكراً وأديباً.

              أخي الدكتور وسام
              أكرمك الله وأكرم محياك وآخرتك

              دامت روحك مؤمنة طيبة ودمت معافى من كل أذى وعلة..
              جزاك الله الخير.. كل الخير.. وجعلك دوماً حيث يحب ويرضى وحيث تجد طمأنينتك وسعادة نفسك

              أخوك المحب

              وضاح

              تعليق

              • وضاح محمد فؤاد
                طبيب وكاتب
                • 31-10-2009
                • 198

                #37
                هذه مقالة أضعها للأخ الحبيب بهائي راغب شراب

                كتبتها منذ أربع سنوات لذكرى انتفاضة جنين المجيدة.. تلك الانتفاضة التي كانت طليعة للوقفة الماجدة العزيزة لحبيبتنا غزة بعدها بسنين

                كتبتها والحسرة في قلبي لما رأيته من الأطباء... لحرقة وأسف.. أسف على هؤلاء الذين لو يعلمون معنى العزة لما تهربوا من أقل القليل من إنسانيتهم أو شعورهم بالانتماء لأهلهم وبني جلدتهم .. خصوصاً وهم ينامون على الأرائك الوثيرة ويعلمون أن إخوتهم ينامون على الجمر والنيران..

                ولا أملك لأخي بهائي وإخوته المرابطين معه إلا الأسف والاعتذار...

                كاتب الموضوع: saaleh 4 Jan 2005, 08:14 PM

                منذ ثلاث سنين تقريباً عادت الانتفاضة لتشتعل وعادت القلوب لتنبض مع نبض الحجر... والنفوس لتحيا مع أنين شجر الزيتون في ربوع الجليل وروابي بيسان..

                منذ ثلاث سنين تفجر الغضب الكامن ليسطر ملاحم من البطولة لم تشهدها الدنيا ولم يعرفها التاريخ... كتبتها الأيدي المضرجة بالدم الطاهر على جدران مجدل ونابلس وبيت لحم وفي أزقة جنين وغزة..

                وفي نيسان سنة 2002 حاصرت قوة البطش وجبروت الطغاة ثلة الأشاوس الكرام في مخيم جنين لتكون الملحمة العظيمة التي جعلت الدماء كالطلقات ونبضات القلوب كنيران المدافع تنسحق تحتها الدبابات وتندحر خلفها جحافل الصهاينة..

                أيام كانت سوداء أليمة...
                كنت أعود من عملي لأرى على شاشة صندوق الدنيا مواقف إخوتي الشجعان.. فلا أملك إلا الغضب والدعاء والصبر والتصبر... ولا حول ولا قوة إلا بالله..

                قصة جنين علمتني الكثير عن الأطباء...هؤلاء الذين يظنهم الناس في أعلى الطبقات...

                قصة جنين علمتني أن الكثير من هؤلاء الأطباء المترفين المنعمين الأغنياء، ليسوا إلا أنذالاً خسيسين.. لا يفكرون إلا بالمال والمتعة.... علمتني قصتي مع جنين أن من الناس من تظنهم في أعلى مستوى العلم والفهم ، هم مزاودون عند كل مناسبة.. لكنهم أسرع لموائد الفاكهة واللحوم منهم لمبدأ يدّعون العمل له... حتى لو كان الثمن بضع دريهمات..

                صادفت مذبحة جنين مناسبة سعيدة لي.. وهي ظهور نتيجة مسابقة العمل ونجاحي بها.. وكان معنا في المشفى أكثر من 23 طبيبا من أصل عربي وأغلبهم مسلمون.. كان منهم إثنان من أصل فلسطيني... والباقون بين سوري ولبناني ومغربي وجزائري..
                كان موضوع الناس فيما بينهم أحداث جنين... وكانوا كلهم كرماء في أفواههم... قادرين على بيع آلاف الجمل والعواطف..
                وأصرّ صديق لنا أن يقيم احتفالاً لمن نجح منا في هذه المسابقة... كان الناجحون 13طبيباً.. وأقاموا الاحتفال في مطعم مغربي أعرفه وأعرف صاحبه.. لم أكن أرغب بالمشاركة.. فأي احتفال هذا وإخوتنا في جنين البطلة يتمزقون تحت الرصاص.. لكن أخاً فلسطينياً طبيباً اقترح أن أشارك وأن أطلب من الجميع أن يتبرع ببعض المال لجنين..

                تكلمت مع منظم الاحتفال وهو أخ مسلم حبيب مغربي فوجدت منه إقبالاً على الفكرة فذهبت للمطعم مرتديا كوفية فلسطينية.. وجلست مع الجميع حتى اكتمل العدد وقبل بدء الطعام وقفت ووجهت إليهم كلماتي التي ظننتها ستدخل لمسامع عرب أعزّة ، عندهم من الشهامة ما يجعل عواطفهم تتحرك أو على الأقل عندهم من الشجاعة ما يجعلهم يقابلون كلماتي ببعض الإقبال والتعاطف.... لكن أملي خاب وصدمني تذمر الجميع مني واعتباري مزعجا أتيت لأفسد عليهم عشاءهم.. مع أنه تربطني بكل واحد منهم على حدة علاقة صداقة تمتد لعدة سنوات...

                مددت يدي لجيبي وبدأت أخرج أوراق النقد... أضع الورقة تلو الورقة... ليعلموا أنني أول من سينفذ ما يقول... وما طلبت منهم المشاركة إلا بأقل من عُشر راتب احدهم لشهر واحد... خاب ظني.. بل عنفني بعضهم وغضب مني فجلست مدة بسيطة ثم غادرتهم غير آسف...
                تعلمت أن أحداث جنين لم تنزع الأقنعة عن أنظمة ودول فقط.. بل نزعت الأقنعة عن الناس بل عن كثيرين كانوا يظنون أنهم سيبقون في الخفاء دوما... عن هؤلاء المنافقين الذين كانت صورتهم الزائفة تنتظر حتى تأتي دماء الأحرار من جنين لتزيلها عن وجوه المثقفين العرب ليظهروا بوجوههم الحقيقية التي هي أقبح من وجوه الصهاينة..


                عاد بعضهم ليعتذر مني بعض أيام لموقفه وسلبيته.. وادعى بعضهم أن موقفه كان بسبب وجود مندوبة أحدى شركات الأدوية معنا أو لأن صاحب المطعم غضب من موقفي... مع أن صاحب المطعم أتى عندما كنت مغادرا ليدفع 50 يورو يرجوني أن أوصلها للمنظمات الانسانية التي تقوم بعمليات الإغاثة ، أما مندوبة شركة الأدوية فقد أتت بعد أسبوع ووضعت أمامي شيكاً بمئة يورو فأرسلته إلى الإغاثة الإسلامية..

                بوركتِ يا جنين .. يا صانعة الأبطال... ويا حارقة الأقنعة... يا معلّمتي.. فقد تعلمت منك ومن أبطالك الكبار دروساً لم أظن أنني سأتعلمها يوما..بوركتم يا أبناء فلسطين يا إخوتي ... رافعي مجدي ومجد بلدي...

                ولا أملك لكم إلا الاعتذار....
                التعديل الأخير تم بواسطة وضاح محمد فؤاد; الساعة 22-11-2009, 20:25.

                تعليق

                • وضاح محمد فؤاد
                  طبيب وكاتب
                  • 31-10-2009
                  • 198

                  #38
                  منذ شهور قرأت خبراً على النت في إحدى المجلات السورية... إعلان وفاة "فلان" من الناس...

                  رجل ككل الناس...
                  لا أخفيكم ، ورغم أن الموت لا شماتة فيه.. أنني شعرت بسرور ... وببعض التشفّي...

                  أما هذا الفلان الذي لن أذكر اسمه فقد كان أحد أساتذتي في كلية الطب... إنسان سيء الخلق فظ غليظ الطبع طويل اللسان كريه.. لم أصادف في حياتي في الجامعة أسوء منه..
                  كان طبيباً ماهراً عنده علم وحذق... متمكناً في مهنته متحكماً فيها... متخصصاً في طب الطفال... ونادراً ما يفوته التشخيص من أول جلسة... لكنه خبيث النفس... يكره الخير ويكره الناس..
                  كان يتفنن في إهانة الطلاب وتحقيرهم.. يتلذذ في الإساءة إليهم وتيئيسهم من الدراسة والعمل... يختلق الخطط المبتكرة لمنع العلم عنهم وإذلالهم ..
                  وكان علاوة على هذا بديناً فاحش البدانة... أقرب للحوت منه للبرميل... قد انتفخ كالبالون .. فكأن رأسه الممتلئ اللئيم قنبلة تركزت فوق كتلة منتنة من اللحم المنفوخ الفاسد..

                  لا أذكر أن أحداً من الطلاب كان يحبه أو حتى يشعر تجاهه بأقل القليل من الميل أو التعاطف...

                  كنا نخاف أن نراه... فرؤيته شؤم... والذي يقع بين براثنه في امتحان التخرج هو شخص مقتول خاسر... فلا يكتفي هذا الأستاذ بترسيب أغلب المارين تحت أنامله الغليظة المنفرة.. بل يعمد إلى الاستهزاء والشتم والتهديد بأنه سيكتب اسم الطالب عنده ليضمن إفشاله في كل امتحان قادم لعدة سنوات.. كخنزير قتل فريسة ثم جلس يتلذذ بتمزيقها والتمثيل بجسدها...

                  سررت عندما قرأت خبر موته.. فقد كنا نشعر أنه قدر لا انفكاك منه...
                  هاهو قد صار في مزبلة التاريخ لا يقدر على شيء...

                  وهكذا كل الظالمين... سواء من ظلم صديقاً أو أخاً أو جاراً.. هو في النهاية جيفة بين يدي خالقها...

                  وأسوأ الناس من يتخذ مقام حامل العلم الذي يحمل رسالة ربانية يجب أن يوصلها لمن جلس لا حيلة له ولا قوة يطلب المعرفة وينشد الخير فيرى من هذا الظالم الصد والإهانة والتحطيم والتخريب...

                  سررت بموته.. وحمدت الله الذي خلص الطلاب منه ومن غلظته.. ودعوت الله ألاّ يسلط على الطلاب من هو كشاكلة هذا .. وأن يرفع عنهم غمة كالتي مررنا بها...

                  ذكرت هذا الشخص لأنه استوقفني..
                  استوقفني مراراً .. سواء عندما كنت في كلية الطب طالباً ...أو عندما غادرتها .. حتى عندما قرأت خبر مغادرته دار الفناء إلى دار البقاء..

                  ولطالما تساءلت في نفسي عن السبب الذي يدفع الكثيرين ممن يحملون لواء التعليم أو من يضعهم في هذا الموضع.. ما الذي يجنون من تخريبهم هذا... لماذا لا يبقون في بيوتهم ويكفون الطلاب خيرهم وشرهم.. فهم لا يجنون من مقامهم الذي يشغلون إلا النقمة والغضب والدعوات التي تتنزل عليهم كحجارة العواصف والإعصارات في صحراء كاليفورنيا الكئيبة..

                  عدا عن السيرة الخبيثة التي تجعل من عرفهم لا يذكرهم إلا في موضع مثل السوء واللعن والتشفي والتي لا يتشرف بها أولادهم ولا يفخر بها قبيلهم.. .

                  تعليق

                  • وضاح محمد فؤاد
                    طبيب وكاتب
                    • 31-10-2009
                    • 198

                    #39
                    إخوتي وأخواتي
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    لست أدري السبب الذي جعلني أكتب موضوعي عن حكايات الطبيب ’ ربما تأثري بقصة الأديب المسلم نجيب الكيلاني التي قرأتها صغيراً..
                    بل ربما لأنني لم أعش أبداً كما يعيش الأطباء.. بل كنت ومازلت أحيا المهنة وكأنني متفرج غريب.. أشاهد وأراقب وأعيش أحاسيس الناس بل قد أجد نفسي ضعيفاً أمام بعض المواقف لدرجة أنهزم فيها وأتضعضع.. بل قد أهرب وأتراجع وأختفي من معاناة لا أجد في نفسي المقدرة على مواجهتها.. ولا يمنعني من هذا سوى خوفي أن يواجه مريضي إهمال غيري فألوم نفسي إن تركته..

                    في كل يوم تمر بي قصة... أرى نفسي أكتبها .. أسطر خطوط الحياة فيها... خطوط المشاكل والألم.. ألم المريض وألم أحبته وألم الطبيب.. أو فرحته وفرحة طبيبه.. لكنني نادراً ما أكتب.. فتضيع القصة وراء غيرها...

                    اليوم كنت في العيادة..

                    أتتني المريضة مثل كل مرة.. صرت أراها مرة في السنة وفي كل مرة أظنها الأخيرة.
                    عمرها لم يتجاوز الثلاثين.. راجعتني لمشكلة أعيت طبيبها .. فوجدت التشخيص ووضعت العلاج التي تتابعه دون كلل .. لكن هذه المشكلة هي قطرة من بحر من الأمراض التي تعيشها هذه الشابة منذ عشرين عاماً.. وأهمها مرض ضمور العضلات المتفاقم بسبب تنكس الأعصاب الحركية الذي جعلها شبه مشلولة لا تملك القوة لرفع كأس ماء.. عدا عن الداء السكري والقصور الغدي للدرقية والإطراق وضعف البصر...
                    أتتني كعادتها مبتسمة ضاحكة.. وفي كل مرة تستقبلني بابتسامتها أتساءل.. من المريض ومن الطبيب..
                    تعيش وحدها في شقة استأجرتها لنفسها.. وترفض أي معونة من أهلها أو غيرهم وتعمل في تطوير البرامج في بيتها على حاسوبها مقابل أجر تضيفه على المعونة الخاصة بإعاقتها..
                    قلت لها كيف حالك.. قالت بخير يادكتور لكنني سأخبرك بخبر لن يسعدك... سأتوقف عن مراجعة طبيب الأعصاب ، سألتها عن السبب فقالت لي أنه يصر عليها أن تستخدم الكرسي المتحرك... "إذا بدأت باستخدام الكرسي يا دكتور فلن أستطيع الوقوف بعده أبداً"
                    كعادتها... تحاملت على نفسها لتمشي حتى الكرسي ثم لتثبت فوق الميزان ثم لتستلقي على سرير المعاينة.. والأصعب دوماً هو لحظة نهوضها.. الأمر أشبه بالطقوس والتمارين .. طبعاً لم أساعدها فهي ترفض تماماً.. كل هذا وهي تستبدل آهات المعاناة بضحكات خجولة خافتة مع ابتسامة ما فارقت شفتيها منذ أتتني أول مرة.. هذه المرة كان إطراقها أشد من قبل ولا أكاد أرى عينيها خلف الجفون المغلقة... لكنها قوية لم تتراجع مرة واحدة..

                    قلت لها سأكتب عنك.. قالت أين؟؟ قلت في مكان يقرأه بعض الناس بلغتي الحبيبة التي تعيش في روحي..
                    أجابتني بابتسامتها نفسها.. وماذا ستكتب عني يا دكتور..

                    سأكتب عن أشجع مريضة عرفتها في حياتي.. ليس فقط عن شجاعتها وتفاؤلها.. بل عن ثباتها وتصميمها.. وعن مقدرتها على قهر المرض دون كلل أو تذمر..
                    تابعت ابتسامها نفسها.. لكنها كانت مع شيء من الحياء.. ربما أيضاً شيء من العرفان ..
                    قامت تخفي مشيتها المتعثرة تغادر العيادة ولا أدري هل أراها في السنة القادمة
                    إلى اللقاء بعد سنة يادكتور ... نفس الكلمات مع نفس الابتسامة ربما قرأت فيها زيادة عن المرات السابقة نفحة من السرور ...

                    تعليق

                    • محمد جابري
                      أديب وكاتب
                      • 30-10-2008
                      • 1915

                      #40
                      الأستاذ الوضاح؛

                      شكرا لهذا الفن القصصي المؤثر، فقد دخلت باب القص من بابه الواسع الجميل.
                      http://www.mhammed-jabri.net/

                      تعليق

                      • وضاح محمد فؤاد
                        طبيب وكاتب
                        • 31-10-2009
                        • 198

                        #41
                        المشاركة الأصلية بواسطة محمد جابري مشاهدة المشاركة
                        الأستاذ الوضاح؛

                        شكرا لهذا الفن القصصي المؤثر، فقد دخلت باب القص من بابه الواسع الجميل.
                        الشكر موصول لك يا أخي محمد
                        جبرت خاطري جبر الله خاطرك ووصفتني بما لست أهلاً له وما ذاك إلا لنبل معدنك وكرم أصلك

                        ربما أتابع هذه الصفحة إن وجدت لها من تسعده
                        التعديل الأخير تم بواسطة وضاح محمد فؤاد; الساعة 30-12-2010, 11:08.

                        تعليق

                        • وضاح محمد فؤاد
                          طبيب وكاتب
                          • 31-10-2009
                          • 198

                          #42
                          بسم الله الرحمن الرحيم
                          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،


                          أعود لكم يا إخوتي

                          لن أروي لكم في موضوعي هذا يا إخوتي قصصا عن حالات مَرَضية.. فلستم أطباء ولا طلاب طب... سأروي لكم قصصا اجتماعية ومواقف أريد لكم أن تشاركوني فيها مشاعري وأحاسيسي..
                          أريد أن تروا معي أن الطبيب يواجه مواقف وحالات أقوى منه وقد يرى قصصا تضعه أمام خيارات صعبة لا يدري فيها أي اتجاه يأخذ... قرارات لا علاقة لها بالطب... وإلا لكان القرار سهلا سريعا..

                          مناوبات الطبيب يا إخوتي قطعة من العذاب.. خاصة عندما تكون في قسم الإسعاف في مشفى كبير..
                          المرضى يتوافدون بالعشرات... والملفات كلها جديدة أمام الطبيب.. تحتاج منه أن يبني فيها كل شيء... أن يبني جدران القصة المَرَضية ويضع الفحص السريري.. واستنتاجاته وطلبات الفحوص المخبرية والعلاج المطلوب ثم عليه أن يتأكد أن كل شيء يسير على ما يرام بعدها.. فلا ينسى مريضاً فحصه منذ ساعتين دون أن يرى نتائجه وتقدم العلاج... ويطلب آراء الأخصائيين في الاختصاصات الأخرى إذا احتاج الأمر..

                          والمرضى في الإسعاف يا إخوتي يكونون بحالة سيئة.. فلا يأتي بالمريض إلى المشفى إلا عدم تحمله للوضع الذي وصل له وطلبه للحلّ والعلاج بأقصى سرعة..

                          أما نماذج المرضى فتتراوح بين المثقف الواعي الأديب المهذب والجاهل الوقح المتسلط الذي يشتم الطبيب وكل من حوله.
                          .
                          تعلمت كيف أضع حدود التعامل مع المرضى.. وكيف أفتح لهم الأبواب ليتكلموا بالاتجاه المطلوب دون أي تمادٍ أو شطط..

                          لكنني وجدت نفسي في بعض الأحيان حائرا كيف أفعل..


                          في مناوبة لي عندما كنت مقيما منذ عشرين سنة أتت فتاة مراهقة.. لم أعد أذكر عمرها,, 16 أو 17؟؟؟ تريد أن أجد لها الحل...

                          أما مشكلتها فهي لإدمان..
                          مدمنة على الهيروئين..

                          لم تعد تستطيع ان تتحمل ما هي فيه...
                          لم تعد تطيق العذاب والمعاناة الشديدة عندما تتقطع ألما حتى تحصل على الجرعة الجديدة..

                          لا تظنوا أنها بنت مهملة أو أن أهلها من مستوى متدنٍ... أبداً... كانت في دراستها من المجِدّات.. وأهلها من الطبقة المتوسطة... ولكن سهرات شباب هذه البلاد ورحلاتهم تجعلهم يهرمون ويزداد عمرهم عشرات السنين في بضع أشهر..

                          طلبت لها طبيب الأمراض النفسية.. وظننت أنني انتهيت منها وهممت بمغادرة الغرفة... وفجأة بدأت تتكلم.. وتحكي لي قصتها بالتفصيل..

                          وجدت نفسي كمن أثبتته المسامير في مكانه... ولم أعد قادراً على الكلام... وصارت كلماتها تدخل سمعي تباعاً فتزيدني غماً وألماً..

                          أول جرعة من المخدرات... وثاني جرعة... ثم البحث عن بائع الجرعات... والهروب من البيت المرة تلو المرة لتلتقي بمجموعة الشر والانحراف التي أودت بها بعيدا...
                          بكاء أمها وحزن إخوتها وغضب أبيها... ثم كان الأسوأ... الحصول على ثمن المخدرات...
                          في البداية كان مصروفها الشخصي... لكن أنّا لبضع دريهمات أن تفي بالأثمان الخيالية لجرعات الهيروئين...

                          المشفى أول مرة ثم الهرب منها... ثم بدأت تسرق..
                          سرقت مجوهرات أمها.. ونقود أبيها وبطاقة الائتمان الخاصة به... ثم بدأت تسرق من الأقرباء والأصحاب..

                          ومن يبدأ بالانحدار لا يتوقف... والنهاية المعهودة لأقرب طريق للوصول إلى النقود... العهر.... بدأت تبيع نفسها..

                          لم أعد أقدر أن أسمع كلمة زيادة عن هذا.. وجدت نفسي أخرج مسرعاً من الغرفة... لم أعد أرى أو أسمع حولي... ولم أدركيف وصلت إلى غرفتي.. وجلست ونبضات قلبي تعلو والغضب والحنق يكاد يقتلني..
                          شعرت أن دمائي تغلي... وأن رأسي سينفجر... تصورتها واحدة من البنات المسلمات... أو أنها.... لا أجرؤ... لا أجرؤ أبدا أن أقول ما فكّرت له.. فلا زالت تلك الفكرة تجمد الدماء في عروقي ويقشعر لها جسدي رغم مرور عشرون سنة على القصة.....
                          كيف تصل الدنيا لهذه الدرجة من الإسفاف..
                          كيف يدعي المجتمع أنه يحمي الأطفال وتجار المخدرات يجدون بين هؤلاء الأطفال التربة الخصبة لكل أرباحهم... كيف..

                          وكيف يترك الآباء بعض أبنائهم ليذهبوا ليمضوا السهرات والزيارات عند من لا يعرفون دينه وخلقه.. حتى إذا وقعت الكارثة عض الآباء أصابعم... ولات حيث مندم..
                          التعديل الأخير تم بواسطة وضاح محمد فؤاد; الساعة 03-01-2011, 21:22.

                          تعليق

                          • وضاح محمد فؤاد
                            طبيب وكاتب
                            • 31-10-2009
                            • 198

                            #43
                            إخوتي وأخواتي

                            السلام عليكم ورحمة الله

                            أتعلمون يا إخوتي من هو الطبيب... بل ما هو الطبيب... الطبيب هو شيء آلي... مخزن للعلومات... بئر عميق يخفي الأسرار.. قرص مُدْرج توضع فيه البرامج وتضاف إليه التفاصيل فيستخدم معطيات كثيرة ويركبها واحدة فوق الأخرى حتى يصل للحل... حتى يعطي التقرير:
                            الخطأ هو كذا
                            طريقة المتابعة هي كذا
                            العلاج هو كذا
                            الإنذار هو كذا

                            أمر واحد ممنوع..... ممنوع..... ممنوع....

                            العواطف... المشاعر..
                            الطبيب هو شيء وليس إنساناً... فالإنسان الذي يضع عواطفه ومشاعره جانباً يفقد إنسانيته ويتحول لآله... لحاسوب... للوح... لأي شيء... ولكنه يبتعد عن اسم الإنسان...

                            كم من الأطباء يا إخوتي يحتفظ بإنسانيته... كم منهم تبقى في قلبه بعض العواطف وبعض المشاعر..

                            وفي كل الأحوال فالممنوع يبقى ممنوعاً... حتى لو بقيت المشاعر فلا مكان لإظهارها... لأنها ممنوعات.... ممنوعات....

                            جروح تفتح وتنكأ.. فتنزف وتنزف... لكنها ممنوعة... تنزف لكن لا يراها أحد... تنزف في قلب الطبيب لكنه ممنوع أن يظهرها...
                            وأعمق الجروح وأصعبها هي جروح الأحبة والأقارب.. عذابها أشد من العذاب وكتمانها قطعة من الجمر..

                            أذهب كل سنة لبلدي أزورها... أرى أحبابي والغوالي الذين أعد اللحظات لأراهم... أراهم وفي عيونهم فرحة اللقاءوالسرور بعودتي... وفيها زيادة شيء من الأمل.. الأمل بعلاج للمريض منهم أو بخبر سعيد للعليل المدنف...

                            وماذا أجد لأقول...
                            أحبتي .. وابتسامتي لرؤيتهم.. وحزن دفين في قلبي لما هم فيه..

                            أي اختيار اخترته لدراستي لهذا العلم الذي أرى فيه معاناة أهلي وأحبتي.. وأي اختبار يختبرني ربي عندما أرى أمامي قطعة مني.. أهلي ودمي.. فأرى ما سيؤولون إليه من المرض وليس لي إلا الطمع بشفاء من رب العزة لعلل أعرف استحالة علاجها..
                            وأي عذاب مع كل ابتسامة أضعها على فمي وأخفي خلفها حزني وألمي ... لأنه ممنوع... ممنوع.... ممنوع...

                            وأبقى أعيش بين اللاإحساس والممنوعات....

                            ولحديثي هذا .. ربما!!!!! ... بقية....
                            التعديل الأخير تم بواسطة وضاح محمد فؤاد; الساعة 03-01-2011, 21:25.

                            تعليق

                            • ماجى نور الدين
                              مستشار أدبي
                              • 05-11-2008
                              • 6691

                              #44


                              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                              مرحبا بالأديب الطبيب الراقي د. وضاح

                              وتحملنا إلى دفتر ذكرياتك العابقة بالإنسانية الرائعة

                              فنغوص في تشققات الروح ونعاقر هذا الألم ونعايش

                              ونتعايش معها ..

                              أكمل هذه الروعة بهذا الإحساس الجميل وهذه الإنسانية

                              المتفردة فلا أجمل من عمل يمارس بكل هذه الإنسانية

                              التي تتقاطر عذوبة وشفافية ..

                              وننتظر..!!

                              تقديري واحترامي

















                              ماجي

                              تعليق

                              • وضاح محمد فؤاد
                                طبيب وكاتب
                                • 31-10-2009
                                • 198

                                #45
                                المشاركة الأصلية بواسطة ماجى نور الدين مشاهدة المشاركة

                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                                مرحبا بالأديب الطبيب الراقي د. وضاح

                                وتحملنا إلى دفتر ذكرياتك العابقة بالإنسانية الرائعة

                                فنغوص في تشققات الروح ونعاقر هذا الألم ونعايش

                                ونتعايش معها ..

                                أكمل هذه الروعة بهذا الإحساس الجميل وهذه الإنسانية

                                المتفردة فلا أجمل من عمل يمارس بكل هذه الإنسانية

                                التي تتقاطر عذوبة وشفافية ..

                                وننتظر..!!

                                تقديري واحترامي


















                                ماجي
                                وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

                                شكر الله لك هذه الكلمات اللطيفة وهذه العبارات المشجعة التي أعتز بها وأسعد

                                كلما وجدت هذا الموضوع مهملاً لا يلفت نظراً ولا يستوقف أحداً وكدت أهجره على غير رجعة يعود أخ أو أخت ليضعوا كلمات رقيقة ترفع من قيمته وتشد من همتي..

                                هذا موضوع أحببته

                                بدأته منذ ست سنوات أو سبع في منتدى عمرو خالد القديم وفي منتدى الوعد الحق.. وضعت فيه بضعاً وخمسين مقالة.. نقلت هنا بعضها وأضفت عليها شيئاً من جديد.. ومازلت أرى نفسي أكتب ما تسطره أيامي في كل يوم أرى فيه غريباً من قصة أو حالة أو تصرف أو حدث

                                شكراً لك يا أختي الفاضلة

                                جزاك الله عني كل خير
                                التعديل الأخير تم بواسطة وضاح محمد فؤاد; الساعة 14-01-2011, 18:29.

                                تعليق

                                يعمل...
                                X