خيانة / عائده محمد نادر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عائده محمد نادر
    عضو الملتقى
    • 18-10-2008
    • 12843

    خيانة / عائده محمد نادر


    خيانة



    يعاندني رأسي المتخم بالشكوك للإنصياع؛ أتقلب في فراشي؛ كأني أحتضن أفعى تعض جلدي بلؤم دون أن تغرز أنيابها عميقا؛ الظنون تنفث سمها بجمجمتي فتملؤها بخبث صور شتى ماخلق الله بها من سلطان؛ وزوجي يغط بنوم ملائكي؛ جعلني أحترق غيظا منه!!

    أفكاري السوداء تدفعني بين الحين والحين للنظر فى ملامح هذا الملاك الساحر الذي يضطجع بجانبي دون أن يشعر بما أعانيه ؛ وشيطان الغيرة يتلاعب بأعصابي؛ يغمد سيفه بصدري ؛ فأنفث الزفرات عالية . أحسها كرياح جهنمية تكاد تحرقني!!
    أينام قرير العين بعد أن خانني !!؟ يداعب جسد امرأة غيري؛ لا تشبهني بشيء ..امرأة لها طعم آخر، عطر مختلف ، جسد أنثوي ربما أكثر إثارة، وربما ثديان ناتئان كحبتي رمان؛ ملأهما جراح ماهر بالسيليكون كي يبدوا عارمين مثل نهود ممثلات الإثارة!!

    أعرفه جيدا مغرم بتلك الأشياء الناهضة التي تصدم عينيك حين تراهما؛ لتدفعك رغبة جنونية بأن تلمسهما بيديك ، لتجرب سر ذاك السحر الذي يغلفهما!
    تأففت بصوت مسموع لعله يستيقظ ، حين وصلت بي أفكاري الحمراء ، وأنا أتخيله يدفن وجهه الوسيم بين نهدي إحداهن ، ويضيع في لحظات العبث الرجولي والرغبة العارمة!!

    أزحت الغطاء متعمدة أن أعرضه للبرد ، فانكمش جسده بحركة لا شعورية ، متخذا وضع الجنين؛ وأنا أمعن النظر في وجهه ، أحاول ان أستشف منه البراءة أو الذنب الكبير ، أبحث عن آثار أمسية ضاع أثره فيها مني!
    أشم رائحة ملابسه ، أبحث عن بقايا عطر ، أو شعرة التصقت .

    تأنق كعادته ، تعطر ككل يوم . لكن المختلف الليلة أنه وقف طويلا أمام المرآة حين حلق ذقنه التي حلقها صباحا ، احتار في اختيار ربطة العنق..لون الجوارب..
    وبريق عجيب يشع من عينيه يصاحب رنين هاتفه.. من رقم غريب!!
    ثم .. لم يقل لي أين سيذهب!!

    دقت صافرة الإنذار تدوي برأسي . أدخلت نفسي في حالة تأهب شديد ، وعلى الفور قلت له:
    - حبيبي.. سأخرج لأشتري بعض حاجيات المنزل ، أتأخذني معك أم أذهب لوحدي ؟!
    قطع صفيره يعدل هندامه ،أجابني دون أن يلتفت لي:
    - اذهبي أنت حبيبتي لأني سأتأخر على موعدي.

    خرجت مسرعة ،استدرت بسيارتي ، كمنت له في شارع جانبي لا يبعد عن البيت كثيرا ؛ كي أراه حين يخرج!
    لم يطل مكوثي حتى رأيته يسابق الطريق ، ينظر بين الفينة والأخرى للمرآة ؛ يعدل هيئته .. مع أنه يملك أوسم وجه رأيته ، وجاذبية لطالما حسدتني رفيقاتي عليها!
    ويغمزنني بأن الرجل الوسيم ، لايمكن الوثوق فيه!!

    زاحمتني سيارة تقل شابين ؛ أثارا ضجة كبيرة وهما يطلقان بوق سيارتهما.. يتقافز أحدهما مثل القردة من مقعد لآخر، يصيح بصوت مرتفع:
    - اعطفي على قلبي أيتها الجميلة.. اعطني رقم هاتفك!
    ارتبكت ، خفت أن تلفت تلك الأصوات النشاز انتباه زوجي ، فأبطأت سرعتي ، ثم توقفت نهائيا، حاولت استرجاع هدوئي الذي طار أغلبه بسبب زوجي ، والباقي تكفل به هذان المشاغبان!
    فعدت أدراجي وهوس شديد يعتريني بأنه يخونني!!

    لم يغمض لي جفن ..
    لكني قررت أن أمسكه بالجرم المشهود !
    حاولت جاهدة في الصباح أن أبدو طبيعية ، بالرغم من إلحاحه الشديد وهو يسألني عما بي ، وأني أبدو كمن تلقت لكمة على عينيها ، كما وصفني حين قبلني قبل أن يخرج!
    وقنبلة أخرى فجرها بوجهي ..
    بأنه لن يعود ظهرا لأنه سيكون مشغولا!!

    ضاقت بي جدران البيت ؛ فاندفعت مسرعة للحديقة ، أحاول ترتيب أفكاري المشتتة ، وسلسلتها لتبدو كمسار الطريق الذي ساره زوجي .. يوم أمس.. وأين يمكن أن يكون قد ذهب ؟!

    خاصة أنه لم يتأخر؛ فقد أتى بعد عودتي من مطاردته بساعتين!!
    زلزلت كياني تلك التفصيلة الصغيرة ، أشعلت فتيلا جديدا أمامي ..
    هو لم يبتعد إذن أكثر مما لحقته !
    ضربت جبهتي بيدي ؛ وأنا أتذكر أن لنا شقة صغيرة في ذاك الشارع بالتحديد ، وأنها فارغة مذ تركها المؤجرون .. قبل شهرين!
    انهارت أعصابي تماما هنا ، بكيت بحرقة ..
    دموع خرساء ، والحيرة تتملكنى ، أظلم العالم من حولي ، صرت كمن أصيب بمس من الجنون!

    الدقائق تضج برأسي.. أنتظر خروجه من دائرته.. أقف قرب بائع الجرائد في الشارع المقابل ، أتلفع خمارا كي لا يلمحني أحد ، أغطي وجهي بالجريدة..
    حين رأيته ينطلق بسيارته ، انطلقت أعبر الشارع مسرعة ، كي ألحق به..

    يالدهشتي حين توقف أمام أسواق كبيرة ، وخرج يحمل أكياسا لاتعد ولاتحصى؛ غطت حتى وجهه .
    توقف أمام باب بناية شقتنا.. دقات قلبي الذي أصبح بين قدمي تدق طبولها بعنف ، كادت أن تقتلني بجلطة !!
    سحبت أنفاسا طويلة ، وزفرتها عدة مرات .. قبل أن أنزل من سيارتي ، لأرتقي سلم البناية.
    رن هاتفي .
    ارتجف جسدي ، ارتعشت يداي ، حتى أني كدت أسقط مرتين قبل أن أجيب.. صوته يصل أذني مرحا بأنه سيعود بعد التاسعة ومعه هدية لي !!
    تمتمت بحنق:
    - يهدي الأزواج الخونة زوجاتهن ؛ كي يغطوا على خياناتهم .. ليمنحوا أنفسهم راحة تأنيب الضمير.

    أصخت السمع من خلف الباب.. أصوات الضحكات الرنانة كسكاكين تقطع أحشائي ، ومغص شديد يعصف بأمعائي .. يخنق أنفاسي!
    لم تعد ساقاي تحتملان ثقل جسدي . لكني تحاملت على نفسي .. شددتهما ،
    ضغطت على الجرس!!

    وما أن فتح الباب
    حتى اخترقت الشقة مثل العاصفة الهوجاء.. يرمقني زوجي في ذهول فاغرا فاه. وأنا أصرخ بوجهه:

    - أين هي ...
    لم أكمل جملتي.
    كاد أن يغمى علي .
    وضحكات أخي وزوجته العائدين من خارج القطر.. تصفع وجهي المصفر!!

    5/4/2010


    نحن والنصوص القصصية/ وحديث اليوم
    مساء النصوص القصصية عليكم أحبتي فكرت ألف مرة قبل أن أبدأ معكم رحلة أعيشها مع نصوصي القصصية قلت في نفسي من سيستفيد من تجربة ربما تكون مجنونة، وربما تكون هذيانات محمومة نتيجة الصراعات والأحداث التي عشتها في حياتي، وكانت الكفة الراجحة بسؤال طرحته على نفسي: - ماالذي سأخسره لو شاركت كل من أعرفهم هنا من زميلات وزملاء، وماالذي سيستفيد
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 05-04-2010, 00:46.
    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق
  • مصطفى الصالح
    لمسة شفق
    • 08-12-2009
    • 6443

    #2
    ما الذ الرغيف الساخن لحظة خروجه من الفرن!

    لا تغضبي

    فانا هكذا احبه

    هذه القصة باسلوب مختلف عما قراته لك من قبل

    رغم ان كلها رصينة جميلة الا ان هذا الاسلوب والذي ساسميه اسهل السهل امنع الممتنع كان زوبعة في هذه القصة

    قراتها خلال وقت قصير جدا وهذا يدل على السلاسة كالماء السلسبيل

    يعطيك كل العافية



    تحيتي وتقديري
    التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 05-04-2010, 00:10.
    [align=center] اللهم صل على محمد أفضل الخلق وعلى آله وصحبه أجمعين

    ستون عاماً ومابكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
    لستم بأكفائنا لنكرهكم **وفي عَداء الوضيع مايضعُ

    رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ

    حديث الشمس
    مصطفى الصالح[/align]

    تعليق

    • آسيا رحاحليه
      أديب وكاتب
      • 08-09-2009
      • 7182

      #3
      قصة جميلة يا عائدة..
      تمتمت بحنق:
      - يهدي الأزواج الخائنون زوجاتهن ؛ كي يغطوا على خياناتهم .. ليمنحوا أنفسهم راحة تأنيب الضمير.

      أضحكتني هذه..أعجبتني .
      دمتِ مبدعة عزيزتي .
      يظن الناس بي خيرا و إنّي
      لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

      تعليق

      • مها راجح
        حرف عميق من فم الصمت
        • 22-10-2008
        • 10970

        #4
        الاستاذة عائدة
        سرد سهل ولغة انسابت بإحساس أنثى ترتدي الشك شالاً
        ولكن ..النهاية لم تقنعني بقدر كبير.. أليس هناك من سبب مقنع أن يكتم الخبر عنها!!
        ربما قراءتي لا تعجبك
        فلك ان تهمليها
        تحيتي وتقديري
        التعديل الأخير تم بواسطة مها راجح; الساعة 05-04-2010, 10:23.
        رحمك الله يا أمي الغالية

        تعليق

        • عبد اللطيف الخياطي
          أديب وكاتب
          • 24-01-2010
          • 380

          #5
          القاصة المقتدرة عائدة محمد نادر

          أتفق مع قراءة الأخت مها راجح حول ملاحظاتها الثلاث...
          الخاتمة كانت متوقعة لا لعيب في النص، بل فقط لأن الموضوع مطروق و شبه مستهلك.. هي الخاتمة عينها التي تنتقد الغيرة وسوء الظن بالطرف الآخر و تلقي اللوم على "الوسواس الخناس" .. لهذا أظن من الأفضل الاستغناء عن العبارة الأخيرة، لتنتهي القصة عند هذه الجملة "لم أكمل جملتي.كاد أن يغمى علي". . لتبقى النهاية مفتوحة.
          .....
          .....
          يهدي الأزواج الخائنون زوجاتهن ... أهدى فعل متعدي ..

          يرمقني زوجي في ذهول فاغرا فاهه ... الصواب " فاغرا فاه"

          تقبلي مروري
          وهذه الملاحظات البسيطة التي كان من الممكن تجنبها لو تركت مسافة بينك وبين النص.

          كل المحبة والتقدير
          [frame="2 98"]
          زحام شديد في المدينة.
          أما الوجوه فلا تعكس سوى الفراغ المهول
          [/frame]

          تعليق

          • أحمد عيسى
            أديب وكاتب
            • 30-05-2008
            • 1359

            #6
            المبدعة المتألقة عائدة ..
            المفاجأة كانت أقل اثارة مما توقعت ..
            كنت أتوقع أن يكون قد رتب هذه الشقة لها ، لمفاجأة ما .. لهدية عيد ميلاد أو زواج ، وأنه يدخر لها مفاجأة ما ..
            غير أن الأسلوب كان ماتعاً ، والسرد كان مشوقاً الى أبعد مدى ..
            غيرة الزوجات تكاد تكون قاتلة في كثير من الأحيان ، وهي طبيعة بشرية
            فقد لمسنا غيرة سيدتنا عائشة من خديجة حتى بعد موتها ، في فتح مكة ،حين جلس الرسول مع صاحبتها يتذكران خديجة رضي الله عنها ، ولمسنا غيرتها أيضاً حين كسرت اناء صفية رضي الله عنها .
            وكذلك في أسباب نزول ايات التحريم في الاية " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ "
            والتاريخ يشهد الكثير والكثير ..


            تحيتي عائدة الرائعة
            ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
            [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

            تعليق

            • عائده محمد نادر
              عضو الملتقى
              • 18-10-2008
              • 12843

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة مصطفى الصالح مشاهدة المشاركة
              ما الذ الرغيف الساخن لحظة خروجه من الفرن!

              لا تغضبي

              فانا هكذا احبه

              هذه القصة باسلوب مختلف عما قراته لك من قبل

              رغم ان كلها رصينة جميلة الا ان هذا الاسلوب والذي ساسميه اسهل السهل امنع الممتنع كان زوبعة في هذه القصة

              قراتها خلال وقت قصير جدا وهذا يدل على السلاسة كالماء السلسبيل

              يعطيك كل العافية



              تحيتي وتقديري

              الزميل القدير
              مصطفى الصالح
              أضحكتني عبارتك كثيرا لتلقائيتها وبساطة طرحها .. هكذا
              أحب المداخلات المرتجلة والتي يكتب فيها الكاتب ما جال بذهنه لحظة الكتابة
              أنا شخصيا أرد بنفس الطريقة لأني أحسها أقرب للنفس من مداخلة تحسب لكلماتها ألف حساب
              التلقائية تعطي المداخلة نفسا آخر يشبه عبير الورد وتدخل القلب مباشرة
              والخبز الساخن لا أطيب من رائحته وهو يخرج من الفرن
              أشكرك أيها الطيب الودود
              تحياتي ومودتي لك
              الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

              تعليق

              • إيمان الدرع
                نائب ملتقى القصة
                • 09-02-2010
                • 3576

                #8
                غاليتي الأستاذة عائدة :
                لوحة أدبية بامتياز، حروفها متسارعة كحبّات المطر
                بطلة قصّتك تشبه الكثيرات من النساء
                وبها شئ منّي...أعان الله أزواجنا هههههها
                دام بهاء حروفك سيّدتي
                تحيّاتي......

                تعيش وتسلم يا ااااااوطني ...يا حبّ فاق كلّ الحدود

                تعليق

                • آسيا رحاحليه
                  أديب وكاتب
                  • 08-09-2009
                  • 7182

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة

                  خيانة



                  يعاندني رأسي المتخم بالشكوك للإنصياع؛ أتقلب في فراشي من ناحية لأخرى؛ كأني أحتضن أفعى تعض جلدي بلؤم دون أن تغرز أنيابها عميقا؛ الظنون تنفث سمها بجمجمتي فتملؤها بخبث صور شتى ماخلق الله بها من سلطان؛ وزوجي يغط بنوم ملائكي؛ جعلني أحترق غيظا منه!!

                  أفكاري السوداء تدفعني بين الحين والحين للنظر فى ملامح هذا الملاك الساحر الذي يضطجع بجانبي دون أن يشعر بما أعانيه ؛ وشيطان الغيرة يتلاعب بأعصابي؛ يغمد سيفه بصدري ؛ فأنفث الزفرات عالية . أحسها كرياح جهنمية تكاد تحرقني!!
                  أينام قرير العين بعد أن خانني !!؟ يداعب جسد امرأة غيري؛ لا تشبهني بشيء ..امرأة لها طعم آخر، عطر مختلف ، جسد أنثوي ربما أكثر إثارة، وربما ثديان ناتئان كحبتي رمان؛ ملأهما جراح ماهر بالسيليكون كي يبدوا عارمين مثل نهود ممثلات الإثارة!!

                  أعرفه جيدا مغرم بتلك الأشياء الناهضة التي تصدم عينيك حين تراهما؛ لتدفعك رغبة جنونية بأن تلمسهما بيديك ، لتجرب سر ذاك السحر الذي يغلفهما!
                  تأففت بصوت مسموع لعله يستيقظ ، حين وصلت بي أفكاري الحمراء ، وأنا أتخيله يدفن وجهه الوسيم بين نهدي إحداهن ، ويضيع في لحظات العبث الرجولي والرغبة العارمة!!

                  أزحت الغطاء متعمدة أن أعرضه للبرد ، فانكمش جسده بحركة لا شعورية ، متخذا وضع الجنين؛ وأنا أمعن النظر لوجهه ، أحاول ان أستشف منه البراءة أو الذنب الكبير ، أبحث عن آثار أمسية ضاع أثره فيها مني!
                  أشم رائحة ملابسه ، أبحث عن بقايا عطر ، أو شعرة التصقت .

                  تأنق كعادته ، تعطر ككل يوم . لكن المختلف الليلة أنه وقف طويلا أمام المرآة حين حلق ذقنه التي حلقها صباحا ، احتار في اختيار ربطة العنق ولون الجوارب.. لم يقل لي أين سيذهب.. ورنين هاتفه يصدح كل دقيقة برقم غريب!!
                  دقت صافرة الإنذار تدوي برأسي . أدخلت نفسي في حالة تأهب شديد ، وعلى الفور قلت له:
                  - حبيبي.. سأخرج لأشتري بعض حاجيات المنزل ، أتأخذني معك أم أذهب لوحدي ؟!
                  قطع صفيره يعدل هندامه ،أجابني دون أن يلتفت لي:
                  - اذهبي أنت حبيبتي لأني سأتأخر على موعدي.

                  خرجت مسرعة ،استدرت بسيارتي ، كمنت له في شارع جانبي لا يبعد عن البيت كثيرا ؛ كي أراه حين يخرج!
                  لم يطل مكوثي حتى رأيته يسابق الطريق ، ينظر بين الفينة والأخرى للمرآة ؛ يعدل هيئته .. مع أنه يملك أوسم وجه رأيته ، وجاذبية لطالما حسدتني رفيقاتي عليها!
                  ويغمزنني بأن الرجل الوسيم ، لايمكن الوثوق فيه!!

                  زاحمتني سيارة تقل شابين ؛ أثارا ضجة كبيرة وهما يطلقان بوق سيارتهما.. يتقافز أحدهما مثل القردة من مقعد لآخر، يصيح بصوت مرتفع:
                  - اعطفي على قلبي أيتها الجميلة.. اعطني رقم هاتفك!
                  ارتبكت ، خفت أن تلفت تلك الأصوات النشاز انتباه زوجي ، فأبطأت سرعتي ، ثم توقفت نهائيا، حاولت استرجاع هدوئي الذي طار أغلبه بسبب زوجي ، والباقي تكفل به هذان المشاغبان!
                  فعدت أدراجي وهوس شديد يعتريني بأنه يخونني!!

                  لم يغمض لي جفن ..
                  لكني قررت أن أمسكه بالجرم المشهود !
                  حاولت جاهدة في الصباح أن أبدو طبيعية ، بالرغم من إلحاحه الشديد وهو يسألني عما بي ، وأني أبدو كمن تلقت لكمة على عينيها ، كما وصفني حين قبلني قبل أن يخرج!
                  وقنبلة أخرى فجرها بوجهي ..
                  بأنه لن يعود ظهرا لأنه سيكون مشغولا!!

                  ضاقت بي جدران البيت ؛ فاندفعت مسرعة للحديقة ، أحاول ترتيب أفكاري المشتتة ، وسلسلتها لتبدو كمسار الطريق الذي ساره زوجي .. يوم أمس.. وأين يمكن أن يكون قد ذهب ؟!

                  خاصة أنه لم يتأخر؛ فقد أتى بعد عودتي من مطاردته بساعتين!!
                  زلزلت كياني تلك التفصيلة الصغيرة ، أشعلت فتيلا جديدا أمامي ..
                  هو لم يبتعد إذن أكثر مما لحقته !
                  ضربت جبهتي بيدي ؛ وأنا أتذكر أن لنا شقة صغيرة في ذاك الشارع بالتحديد ، وأنها فارغة مذ تركها المؤجرون .. قبل شهرين!
                  انهارت أعصابي تماما هنا ، بكيت بحرقة ..
                  دموع خرساء ، والحيرة تتملكنى ، أظلم العالم من حولي ، صرت كمن أصيب بمس من الجنون!

                  الدقائق تضج برأسي.. أنتظر خروجه من دائرته.. أقف قرب بائع الجرائد في الشارع المقابل ، أتلفع خمارا كي لا يلمحني أحد ، أغطي وجهي بالجريدة..
                  حين رأيته ينطلق بسيارته ، انطلقت أعبر الشارع مسرعة ، كي ألحق به..

                  يالدهشتي حين توقف أمام أسواق كبيرة ، وخرج يحمل أكياسا لاتعد ولاتحصى؛ غطت حتى وجهه .
                  توقف أمام باب بناية شقتنا.. دقات قلبي الذي أصبح بين قدمي تدق طبولها بعنف ، كادت أن تقتلني بجلطة !!
                  سحبت أنفاسا طويلة ، وزفرتها عدة مرات .. قبل أن أنزل من سيارتي ، لأرتقي سلم البناية.
                  رن هاتفي .
                  ارتجف جسدي ، ارتعشت يداي ، حتى أني كدت أسقط مرتين قبل أن أجيب.. صوته يصل أذني مرحا بأنه سيعود بعد التاسعة ومعه هدية لي !!
                  تمتمت بحنق:
                  - يهدي الأزواج الخونة زوجاتهن ؛ كي يغطوا على خياناتهم .. ليمنحوا أنفسهم راحة تأنيب الضمير.

                  أصخت السمع من خلف الباب.. أصوات الضحكات الرنانة كسكاكين تقطع أحشائي ، ومغص شديد يعصف بأمعائي .. يخنق أنفاسي!
                  لم تعد ساقاي تحتملان ثقل جسدي . لكني تحاملت على نفسي .. شددتهما ،
                  ضغطت على الجرس!!

                  وما أن فتح الباب
                  حتى اخترقت الشقة مثل العاصفة الهوجاء.. يرمقني زوجي في ذهول فاغرا فاهه. وأنا أصرخ بوجهه:

                  - أين هي ...
                  لم أكمل جملتي.
                  كاد أن يغمى علي .
                  وضحكات أخيه وزوجته العائدين من خارج القطر.. تصفع وجهي المصفر بشدة!!
                  عزيزتي عائدة..
                  راجعي ما سطّرته..
                  و معذرة لو كنت مخطئة.
                  مودّتي.
                  التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 05-04-2010, 16:58.
                  يظن الناس بي خيرا و إنّي
                  لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

                  تعليق

                  • عائده محمد نادر
                    عضو الملتقى
                    • 18-10-2008
                    • 12843

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
                    قصة جميلة يا عائدة..
                    تمتمت بحنق:
                    - يهدي الأزواج الخائنون زوجاتهن ؛ كي يغطوا على خياناتهم .. ليمنحوا أنفسهم راحة تأنيب الضمير.

                    أضحكتني هذه..أعجبتني .
                    دمتِ مبدعة عزيزتي .

                    غاليتي آسيا
                    أمس وما قبله كنت متعبة
                    أعصابي مشدودة وربما تعرفين السبب!
                    أطفأت حاسوبي وجلست أصارع البعبع الذي بداخلي
                    تذكرت بعض أشياء قديمة
                    حديثة
                    مابين بين
                    أحسست بحاجتي للكتابة
                    لنص فيه كل تلك الشحنات
                    كتبت
                    وحقيقة لم أراجع النص كثيرا لأني كتبت كل الذي تحسه زوجة غيورة ومغتاظة
                    وحقيقة أخرى
                    أن الأزواج يهدون زوجاتهم هدايا وهدايا ثمينة أيضا كي يغطوا خياناتهم !!
                    كانت طاقة كبيرة بداخلي أردت تفريغ شحنتها على الورق
                    نشرت النص ثم بدأت أراجع
                    وجدت الواوات الكثيرة
                    والفاءات أيضا
                    صرت أعدل النص بعد نشره
                    أردت النص كما أحسسته في تلك السويعات التي قضيتها أصارع الوحش
                    هل ستقولين عني مجنونة متهورة
                    ربما
                    وبعد
                    لم أنشر نصا أكتبه بيوم واحد أبدا هذه تجربتي الأولى
                    تقبلي مودتي غاليتي
                    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                    تعليق

                    • سحر الخطيب
                      أديب وكاتب
                      • 09-03-2010
                      • 3645

                      #11
                      قصتك جميله مسترسله كل الافكار التى ترواد اي زوجه طرحتها بجرئه وانسياب وانا أقرأ شعرت بمغص قلبي
                      نار يا حبيبى نار
                      والشك يا حبيبى بيقتل النساء
                      هذه القصه عشتها مع صديقه وكانت كما ذكرتي
                      لكن النهايه خيانه وليست شك
                      دمتي ودام قلمك
                      التعديل الأخير تم بواسطة سحر الخطيب; الساعة 05-04-2010, 16:57.
                      الجرح عميق لا يستكين
                      والماضى شرود لا يعود
                      والعمر يسرى للثرى والقبور

                      تعليق

                      • ربيع عقب الباب
                        مستشار أدبي
                        طائر النورس
                        • 29-07-2008
                        • 25792

                        #12
                        أنا مع أن الفكرة لم تكن جديدة
                        وأنت سبق لك معالجتها فى قصتك " أحمر شفاه "
                        و أيضا كانت فى حالة دفاع عن القيمة التى دفعت عنها هنا
                        و ببسالة ، و كأنك تحملين عداء للخيانة ، و الخيانة الزوجية على وجه الخصوص !
                        بالطبع لو أنك كتبتها مرة ومرة ومرة سوف يتحسن الأسلوب ، و ربما وصل إلى حد الاغلاق فى نهاية الأمر ، العفوية قد تكون أفضل فى عمل ما ، و لكنها ربما كانت اهدارا لقيمة عمل فى أوقات أخرى !

                        نعم رأيت العمل مرتبكا أول مطالعة لى ، و لكنى أظنه الآن أفضل كثيرا
                        و لا أدرى أحس بارتداد إلى خلف ، و أن ما قطعنا على الطريق لا يسير بالقاطرة صوب الأمام !

                        ربما لابتعادك عن القراءة ، أو هو اعتلال مزاجى ، أو انشغالات شتى تأخذ
                        باهتمامك حتى و أنت بين ذراعى قلم !

                        توقفت عند تعليق أخى عبد اللطيف هذا
                        يهدي الأزواج الخائنون زوجاتهن ... أهدى فعل متعدي ..

                        يرمقني زوجي في ذهول فاغرا فاهه ... الصواب " فاغرا فاه"

                        فعل متعدى .. هل حولته إلى فعل لازم .. أظنه كان فى القص متعديا
                        أما الأخرى فهى صحيحه فاغرا فاه

                        خالص احترامى و تقديرى لكما
                        التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 05-04-2010, 19:26.
                        sigpic

                        تعليق

                        • هادي زاهر
                          أديب وكاتب
                          • 30-08-2008
                          • 824

                          #13
                          أختي عائدة
                          كنت أفضل تعقيدها؟!!
                          محبتي
                          هادي زاهر
                          " أعتبر نفسي مسؤولاً عما في الدنيا من مساوئ ما لم أحاربها "

                          تعليق

                          • عائده محمد نادر
                            عضو الملتقى
                            • 18-10-2008
                            • 12843

                            #14
                            المشاركة الأصلية بواسطة مها راجح مشاهدة المشاركة
                            الاستاذة عائدة
                            سرد سهل ولغة انسابت بإحساس أنثى ترتدي الشك شالاً
                            ولكن ..النهاية لم تقنعني بقدر كبير.. أليس هناك من سبب مقنع أن يكتم الخبر عنها!!
                            ربما قراءتي لا تعجبك
                            فلك ان تهمليها
                            تحيتي وتقديري

                            غاليتي مها راجح
                            هو لم يكتم الخبر عنها
                            أراد أن يفاجأها بعودة أخيها من الخارج وكان هذا واضحا من خلال المكالمة الهاتفية التي أخبرها فيها أنه سيعود ومعه هدية لها
                            وللأمانة أنا لا أحب الخيانة ولهذا أتجنب الكتابة عنها لأني أبغضها مها
                            ويا سيدتي الكريمة
                            تعجبني قراءتك ومهما كان رأي لأننا أصلا نناقش النصوص لنخرج بأحسن الرؤى
                            والحقيقة مها أن هذا النص كتبته ونشرته بيوم واحد وكنت بحالة نفسية مزرية جدا فأردت أن أفرغ شحنتي !!
                            لا عليك زميلتي أحب وجودك وهمساتك التي تأتي بالمفيد دوما
                            تحياتي لك عزيزتي
                            عودي بألف خير
                            الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                            تعليق

                            • عبد اللطيف الخياطي
                              أديب وكاتب
                              • 24-01-2010
                              • 380

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                              أنا مع أن الفكرة لم تكن جديدة
                              وأنت سبق لك معالجتها فى قصتك " أحمر شفاه "
                              و أيضا كانت فى حالة دفاع عن القيمة التى دفعت عنها هنا
                              و ببسالة ، و كأنك تحملين عداء للخيانة ، و الخيانة الزوجية على وجه الخصوص !
                              ....
                              توقفت عند تعليق أخى عبد اللطيف
                              ....
                              ...
                              خالص احترامى و تقديرى لكما

                              أخي ربيع
                              أردت فقط ألا أكون سلبيا في تدخلي.. الأخطاء اللغوية يرتكبها كبار المبدعين (مثال شكري وغيره) وهي ليست كارثة ما دامت لا تخل بالمعنى ، كما أن الخطأ الشائع، في أية كتابة تتغيى التواصل، خير من الصواب المهجور.. وعزاؤنا أن علماء اللغة وفقهاؤها هم أقل الناس إبداعا، كما أن الالتزام بالقواعد،عامة، لايفيد الإبداع .. لهذا كثرت في العقود الأخيرة دعوات تثوير اللغة وإعادة النظر في قواعدها...
                              نعم الموضوع مطروق، لكنني أعتذر عن كلمة "استهلك" .. موضوع يتعلق بالنفس البشرية لا يمكن أن ينضب إلا بنضوب المشاعر وبفناء البشرية....

                              كم كان أبو العلاء صادقا حين نعت الكتابة بالفستق الفارغ .. لأن ما نربحه حقا في هذه الحياة هو معرفة أنفسنا و معرفة الأجمل منا...

                              تحيتي لك ربيع الجميل
                              و للغالية النادرة عائدة
                              التعديل الأخير تم بواسطة عبد اللطيف الخياطي; الساعة 05-04-2010, 21:45.
                              [frame="2 98"]
                              زحام شديد في المدينة.
                              أما الوجوه فلا تعكس سوى الفراغ المهول
                              [/frame]

                              تعليق

                              يعمل...
                              X