وأمطرت السماء لعنات !! / ربيع عقب الباب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ربيع عقب الباب
    مستشار أدبي
    طائر النورس
    • 29-07-2008
    • 25792

    وأمطرت السماء لعنات !! / ربيع عقب الباب

    حين شاهدهم يأخذون أماكنهم فى الشارع ، كمشهد أسطوري بين المبانى القائمة ، كان مايزال بين أنياب تلك الرواية ، يعانى مع أبطالها ، يغوص بين جموعها ، وضربات كعوب جنود الأمن المركزي تدق الآذان ، تدق رأسه ، بين طلقات تدوي هنا وهناك ، محاصرة الميدان بكتل كثيفة من الدخان !

    كان خلف مكتبه ، يتصفح إحدى الروايات ، وبالصدفة كانت تخوض بأسلوب ساخر ، فى انتفاضات بدت له عبثية ، فى مواجهة قوات الأمن ، و فرق الردع السريعة .. وحين كانت المواجهة تحتدم تناهت إلى أذنيه أصوات ، كأنها آتية من جوف مقبرة ، من قعر هذه الرواية ، من أخاديد نار مفخخة ، كأنها استغاثات تترنح ، فانتفض مسلوب الرأس ، صوب النافذة ؛ ليقف على حقيقة أمره ، أكابوس هو ، أم هى الحقيقة تدور رحاها ؟!

    كانت كوشيش صاخب ، شده بشكل لا إرادي ، إلى حيث النافذة ، وكلما تحرك في اتجاهها ، زادت وضوحا ، بل وبدت بينها حنجرة مكبر صوت ، ودبدبات حانطور - فى تلك الأغنية - تتلاعب بأعصابه !

    بحرص زائد مزق التحام الضلفتين ، واربهما ، ليرى أغرب مشهد ، ما رأى له مثيلا ، في كل حياته ، لم يشهده حتى خيالا ، حلما أو كابوسا .. سينما أو مسرحا .. كان الشارع تحول إلى مهرجان . زرعت طاولات على ضفتيه ، عليها أطباق وأوعية بها مخللات ، ترمس ، فول سوداني ، حمص ، و أوراق خضراء . حولها وقفت جموع غفيرة من شباب و رجال غريبي الملامح و الوجوه !

    برغمه حدق في الرواية المطوية بين أصابعه ، وفى المشهد العجيب ، وزجاجات البيرة و الكحول الأحمر تأخذ أماكنها على الطاولات ، بينما مكبر الصوت يرسم حدود المتاهة !

    كان إحساس بالإهانة ، يلتف حول رقبته ، وهو يعاين حدود البنايات المحاصرة . إحساس مقيت بالضآلة ، وقلة الحيلة . المسكن يختلج بالهواتف ، و الرقم يرن في ضميره ، أن هيا ، فيضيق بنفسه ، براكين تشتعل ، يسخر من نفسه ، ومن أدراك أنهم لا يعلمون .. بل من أدراك أن هؤلاء ليسوا هم من ستهاتفهم ؟

    حين تمكنت قوات الأمن من تطويق المظاهرة ، كانت العصى تلهب ظهور ورؤوس البنات و الشبان ، فيتلون المشهد ، يصبح شفيقا ، تعلو الضربات ، الصرخات ، الهتافات ، العناد ، تتناثر قطع اللحم ، تتعانق الأكف ، تتشابك ، فتجرى دماء جديدة .

    متعة الرؤية لعالم عبثي ، لا تدانيها متعة . كل أخرج من صدره وجيوبه مؤونة الليلة ، من بانجو و حشيش و أفيون ، وأنبولات موروفين ..
    تتلاقى سحب الدخان والقهقهات .. والتجشؤات ..النكات الفاضحة . سيحان غريب ، له رائحة الفجيعة ، يشحذها صوت المغنى ، وأجساد ترتقى الطاولات ، تؤدى رقصاتها في إعجاز ، على اصطكاك نصال قرن الغزال البيضاء !

    جن المتآمر داخله ، تفنن فى حلوله ، أغلق باب غرفة الصغار جيدا . تهالكت دمعة ، تتضرع إلى هباء ، الأولاد .. ماذا لو أتى أحدهم ؟
    يرتجف هلعا ، يتخبط في معنى سكوته ، في معنى ما يحمل برأسه ، وأوراقه .. يصرخ .. تضمه سيدة الدار ، يهتز بقوة ، يتمتم :" جبان .. جبناء .. جبان .. جبناء ".

    حين كانت قوات الأمن تفلح فى شحن مدرعاتها وشاحناتها بالشبان و الشابات ، ظهرت حشود هائلة من الأطفال ، من جهات الميدان الأربع ، تصرخ ، تلقى حجارتها .. أكياس ترابها ؛ كأنها طيور فقس بيضها الأسطورى فجأة ؛ فيلتحف الجنود بمصداتهم وخوذاتهم ، تتداخل ، تتجمد كتماثيل من حجارة!

    ياللرواية اللعينة ، التى لم يجد مؤلفها رجالا ، و لا حتى نساء ، ليوفر لهم دور البطولة .. ضجر مميت و قاس .. نظراته تنكسر أمام عيني
    المرأة ؛ فتشتعل النار فى بدنها ، تترقص شفتاها ألما ، تختفي من أمامه بجسد مزلزل !

    بعد انهيار تام ، و سقوط ما حققوا ، باطلاق سراح الطلبة و الطالبات ، فجأة طوقت جيوش الأطفال قبضات رجال ، ووجوه تشبه هؤلاء ، تحمل سنج و عصى و سيوفا لامعة . علت كعوب الموت من جديد .. وأعتم المشهد تماما !

    حين أعلنت سيدة الدار عن رغبتها ، فى كسر حالة الموت ، ومحاربة هؤلاء ، ولو بماء الغسيل ، أو بأي شيء تطوله يداها ، طوقها :" ولم أنت .. لم ؟ ". ثم أكمل :" والأولاد .. أنسيت ؟!".
    على رجوات البلادة ، سحبها، أطلق كل براكينه ، أغمد نصالها في حشاشتها .. روحها ؛ لينطفئ وتخمد حرائقه !

    دام احتلالهم لساعات ، حتى تلاطمت زجاجات البيرة والكحول ، تشاجرت بحثا عن أرض ، وعلى امتداد الشارع والبيوت و الأعمار و المقامات . شبعوا تقتيلا فى أرانب الجحور ، وطاردتهم سماء من دخان الجريمة وحموضة ما يتقيئون ، فترنحوا متسللين جماعات وفرادى ، معلنين جلاءهم ؛ بينما عقيرة المغنى ، تعلن معرفتهم وخباياهم الساقطة ، بما يمور فى صدور الأرانب و جحورها .

    مخلفين الشارع ميدان قتال ، يضج بالأشلاء و القمامة ، والأنفاس النتنة ، كمدينة أتاها سخط السماء ، فأصبحت أثرا بعد عين !!

    هنا فقط فتحت النوافذ و الشبابيك المغلقة ، و أمطرت السماء لعنات و ماء وبعض زفرات ، و آنية من فخار !!
    sigpic
  • ازدهار الانصارى
    عضو أساسي
    • 17-07-2009
    • 504

    #2
    [align=center]
    الاستاذ الفاضل ربيع عقب الباب

    حقيقة في دواخلنا جميعا واللعنة تصب جمراتها فوق رؤوسنا

    نحاول الفكاك والصحو ولكن هيهات فمازال الوقت يملكنا

    نص مبدع جدا

    شكرا جزيلا لاني كنت هنا

    احترامي وتقديري
    [/align]
    [CENTER][COLOR=purple]صرت لا أملك إلا أن أستنطق بقاياكِ [/COLOR][/CENTER]
    [CENTER][COLOR=purple][/COLOR] [/CENTER]
    [CENTER][COLOR=purple]لعلها تعيد إليّ بعض روحي [/COLOR][/CENTER]
    [CENTER][COLOR=purple][/COLOR] [/CENTER]
    [CENTER][COLOR=purple]التي هاجرت معك ..[/COLOR][/CENTER]

    تعليق

    • د.إميل صابر
      عضو أساسي
      • 26-09-2009
      • 551

      #3
      فقط
      ودونما كلمات وزخم حروف
      ربيع هنا
      ولا أروع
      [frame="11 98"]
      [FONT=Tahoma][SIZE=6][FONT=Tahoma][FONT=Tahoma][SIZE=6][FONT=Simplified Arabic][COLOR=blue][SIZE=5][SIZE=6][FONT=Tahoma][COLOR=#000000]"[/COLOR][/FONT][/SIZE][FONT=Simplified Arabic][COLOR=navy][FONT=Simplified Arabic][COLOR=#000000][FONT=Tahoma]28-9-2010[/FONT][/COLOR][/FONT][/COLOR][/FONT]
      [FONT=Simplified Arabic][COLOR=navy]
      [FONT=Tahoma][SIZE=5][COLOR=#333333][FONT=Simplified Arabic]هناك أناس لو لم يجدوا جنازة تُشبع شغفهم باللطم، قتلوا قتيلا وساروا في جنازته[/FONT][/COLOR][COLOR=#333333][FONT=Simplified Arabic]لاطمون.[/FONT][/COLOR][/SIZE][/FONT]
      [COLOR=#333333][FONT=Simplified Arabic][FONT=Tahoma][SIZE=5]لدينا الكثير منهم في مصر.[/SIZE][/FONT][/FONT][/COLOR][/COLOR][/FONT][/SIZE][/COLOR][/FONT][/SIZE][/FONT][SIZE=6]" [/SIZE]
      [SIZE=4]د.إميل صابر[/SIZE]
      [/FONT][/SIZE][/FONT]
      [CENTER][FONT=Tahoma][COLOR=navy][B]أفكار من الفرن[/B][/COLOR][/FONT][/CENTER]
      [CENTER][U][COLOR=#000066][URL]http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?p=484272[/URL][/COLOR][/U][/CENTER]
      [/frame]

      تعليق

      • عائده محمد نادر
        عضو الملتقى
        • 18-10-2008
        • 12843

        #4
        ليت السماء تفعلها وترمي جمرا
        نارا
        سيوفا
        صواريخ
        لتسحق كل هذا العهر الذي حولنا
        تمحق كل تلك الرؤوس التي تعشش فيها الشياطين
        ليت الطوفان يأتي
        لعله يغسل الخطايا
        والأنفاس النتنة
        الرائع ربيع عقب الباب
        مودتي لك أيها الصديق
        الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

        تعليق

        • آسيا رحاحليه
          أديب وكاتب
          • 08-09-2009
          • 7182

          #5
          مشهد من رواية ورقية..و مشهد حقيقي يُعاين من وراء نافذة ..
          مؤلف الرواية..و مؤلفو مهازل إجتماعية يومية ألهبت غضب الشارع..و أمور أخرى كثيرة..

          قرأتها مرّة و سوف أقرأها مرّات أخرى..
          لغة متفرّدة..كعادتنا بك.
          تحيّتي و احترامي.
          التعديل الأخير تم بواسطة آسيا رحاحليه; الساعة 10-04-2010, 14:33.
          يظن الناس بي خيرا و إنّي
          لشرّ الناس إن لم تعف عنّي

          تعليق

          • ربيع عقب الباب
            مستشار أدبي
            طائر النورس
            • 29-07-2008
            • 25792

            #6
            المشاركة الأصلية بواسطة ازدهار الانصارى مشاهدة المشاركة
            [align=center]
            الاستاذ الفاضل ربيع عقب الباب

            حقيقة في دواخلنا جميعا واللعنة تصب جمراتها فوق رؤوسنا

            نحاول الفكاك والصحو ولكن هيهات فمازال الوقت يملكنا

            نص مبدع جدا

            شكرا جزيلا لاني كنت هنا

            احترامي وتقديري
            [/align]
            أستاذ ازدهار
            شرفت متصفحى بمرورك الواعى ، الذى قال كل شىء فى جملتين
            ما أسعدنى .. أسعدنا بك أستاذة

            كنت على وشك تمزيقها
            فجأة وجدتنى أضعها هنا ، و أنتظر القراء
            لأن ما أحمل كان أفظع و أدهش مما كتب !!

            تقبلى خالص احترامى و تقديرى
            التعديل الأخير تم بواسطة ربيع عقب الباب; الساعة 10-04-2010, 17:25.
            sigpic

            تعليق

            • ربيع عقب الباب
              مستشار أدبي
              طائر النورس
              • 29-07-2008
              • 25792

              #7
              المشاركة الأصلية بواسطة د.إميل صابر مشاهدة المشاركة
              فقط
              ودونما كلمات وزخم حروف
              ربيع هنا
              ولا أروع

              شكرا لمرورك دكتور إميل
              وحديثك الذى أبهجنى ومن أقصر الطرق

              محبتى
              sigpic

              تعليق

              • ربيع عقب الباب
                مستشار أدبي
                طائر النورس
                • 29-07-2008
                • 25792

                #8
                المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                ليت السماء تفعلها وترمي جمرا
                نارا
                سيوفا
                صواريخ
                لتسحق كل هذا العهر الذي حولنا
                تمحق كل تلك الرؤوس التي تعشش فيها الشياطين
                ليت الطوفان يأتي
                لعله يغسل الخطايا
                والأنفاس النتنة
                الرائع ربيع عقب الباب
                مودتي لك أيها الصديق
                صدقينى عائدة الطيبة مللت نفسى
                زهدت كل شىء .. و عافت نفسى الحديث
                الحقيقة قاتلة عائدة
                قاتلة أمى
                أسمعها من أصحابها
                ممن باعوا الأرض و المقدرات التى صنعتها الدماء
                و الأرواح الأبية الطاهرة .. يبيعون كل يوم قطعة .. يبيعون
                لحمنا للغرباء .. المصنع ، والتراب ، و المستقبل
                و لا يخجلون .. لا يخجلون
                كيف وصلنا إلى هذا الدرك المزرى .. كيف عائدة ؟
                يبيعون مالا يملكون تحت مزاعم ساقطة ملوثة بالخديعة و القهر
                و أين نحن .. أين عائدة
                نقتل أنفسنا فى حديث لا يقرأه أحد ، و إن قرأه قلده .. يالمصيبتنا !!

                آسف على كل هذا النواح
                لكننى اغتلت كما اغتيلت الأشياء الجميلة و كما اغتيل المستقبل !!
                sigpic

                تعليق

                • ربيع عقب الباب
                  مستشار أدبي
                  طائر النورس
                  • 29-07-2008
                  • 25792

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة آسيا رحاحليه مشاهدة المشاركة
                  مشهد من رواية ورقية..و مشهد حقيقي يُعاين من وراء نافذة ..
                  مؤلف الرواية..و مؤلفو مهازل إجتماعية يومية ألهبت غضب الشارع..و أمور أخرى كثيرة..

                  قرأتها مرّة و سوف أقرأها مرّات أخرى..
                  لغة متفرّدة..كعادتنا بك.
                  تحيّتي و احترامي.

                  شكرا لحضورك و قراءتك أستاذة آسيا
                  سرنى تواجدك هنا

                  تقديرى و احترامى
                  sigpic

                  تعليق

                  • عائده محمد نادر
                    عضو الملتقى
                    • 18-10-2008
                    • 12843

                    #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                    صدقينى عائدة الطيبة مللت نفسى
                    زهدت كل شىء .. و عافت نفسى الحديث
                    الحقيقة قاتلة عائدة
                    قاتلة أمى
                    أسمعها من أصحابها
                    ممن باعوا الأرض و المقدرات التى صنعتها الدماء
                    و الأرواح الأبية الطاهرة .. يبيعون كل يوم قطعة .. يبيعون
                    لحمنا للغرباء .. المصنع ، والتراب ، و المستقبل
                    و لا يخجلون .. لا يخجلون
                    كيف وصلنا إلى هذا الدرك المزرى .. كيف عائدة ؟
                    يبيعون مالا يملكون تحت مزاعم ساقطة ملوثة بالخديعة و القهر
                    و أين نحن .. أين عائدة
                    نقتل أنفسنا فى حديث لا يقرأه أحد ، و إن قرأه قلده .. يالمصيبتنا !!

                    آسف على كل هذا النواح
                    لكننى اغتلت كما اغتيلت الأشياء الجميلة و كما اغتيل المستقبل !!

                    لن تستطيع كل القوى الغاشمة أن تغتال الحرف الصادق
                    لنقل قولتنا ولنكن جسورين كما توقيعك
                    الجراح صديقي تجعل الجلود قوية.. يدبغها الوجع
                    ولن تهد العزائم
                    لن تغتال وعندك من التاريخ الكثير
                    سيبقى مخلدا بعدك للأجيال
                    ربيع لن نموت
                    لأننا ننشد الحقيقة ونسلك طريق الحق بالرغم من قلة سالكيه هذه هي حياتنا منذورة .. ليست لنا
                    أيها الربيع
                    ودي ومحبتي لك
                    الشمس شمسي والعراق عراقي ..ماغير الدخلاء من أخلاقي .. الشمس شمسي والعراق عراق

                    تعليق

                    • أحمد عيسى
                      أديب وكاتب
                      • 30-05-2008
                      • 1359

                      #11
                      أستاذي الرائع ربيع \

                      ما أشد الوجع ، حين يحاصرنا من كل مكان ، فيكون المهرب من الواقع حلماً أو خيالاً أشد عنفاً وأكثر ألماً ..
                      في الرواية كنا ، نعيش فصولها يوماً بعد يوم ، حتى وصلنا الى الذروة ، انسلخت جلودنا في انتظار أن تنزاح العقدة نحو الحل .. آملين أن يكون حلاً ما ، يشفي صدورنا التي تورمت من الوجع ، وقلوبنا التي أضناها الظلم وحيرها حال للدنيا مقلوب ..
                      استمتعت معك يا أ. ربيع رغم كل ما شاب الرواية/القصة من ألم ..
                      حبي لك دائماً
                      ” ينبغي للإنسان ألاّ يكتب إلاّ إذا تـرك بضعة من لحمه في الدّواة كلّما غمس فيها القلم” تولستوي
                      [align=center]أمــــوتُ .. أقـــــاومْ [/align]

                      تعليق

                      • محمد سلطان
                        أديب وكاتب
                        • 18-01-2009
                        • 4442

                        #12
                        قبل يومين أو ثلاثة .. كنا بحضرة المناضل الثوري القديم " أحمد فؤاد نجم " .. بنادي الجسرة الثقافي بمدينة الدوحة .. وكم أتحفنا هذا الفاجومي بكثير من قصص المقاومة .. فترة الخواجات .. و الاعتصام و الثورة ضد الحكومة .. وإذ به يقول أن كثير من الشباب المثقف و المقاتل مع الزجل و العامية و كم هؤلاء الشباب يكتبون و ينسبون شتائمهم ضد الحكومة إلى الفاجومي .. مدعيين أنه هو صاحب النصوص .. المهم تطرق الرجل إلى هذه الحالات و قال كم أنا فخور بهؤلاء الشباب وأشجعهم على المزيد .. اكتبوا و انسبوها لي فلاضير لأنني دفعت عنكم الثمن مسبقاً في أيام شبابي .. هذا إلى جانب حديثه الطويل عن حركة 6 أبريل .. ,,,, إلخ .
                        وهنا في تلك القصة كأني المشاهد تتكرر .. الأمن المركزي .. المصدات و الخوذات .. لطم البنات و الصبيان بغير وجه حق .. زجهم في صناديق الاعتقال كما البهائم ..
                        وكل ذلك في كفة و منظر الطاولات على الجانبين ورائحة البيرة و البانجو و الدخان الكثيف يخيم فوق أطباق "المَزّة" ..
                        صدقني أستاذ ربيع لم أجدك أقل شأنا من هذا الفاجومي و كم تمنيت أن تكون معي في تلك الأمسية الثورية لأنك كنت في بالي طول الوقت .. مع كل قصيدة تلقيها الرجل .. كانت تتجسد صورك أمام ناظري ..

                        خالص احترامي لك و لقلبك الجسور
                        صفحتي على فيس بوك
                        https://www.facebook.com/profile.php?id=100080678197757

                        تعليق

                        • سمية البوغافرية
                          أديب وكاتب
                          • 26-12-2007
                          • 652

                          #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة ربيع عقب الباب مشاهدة المشاركة
                          حين شاهدهم يأخذون أماكنهم فى الشارع ، كمشهد أسطوري بين المبانى القائمة ، كان مايزال بين أنياب تلك الرواية ، يعانى مع أبطالها ، يغوص بين جموعها ، وضربات كعوب جنود الأمن المركزي تدق الآذان ، تدق رأسه ، بين طلقات تدوي هنا وهناك ، محاصرة الميدان بكتل كثيفة من الدخان !

                          كان خلف مكتبه ، يتصفح إحدى الروايات ، وبالصدفة كانت تخوض بأسلوب ساخر ، فى انتفاضات بدت له عبثية ، فى مواجهة قوات الأمن ، و فرق الردع السريعة .. وحين كانت المواجهة تحتدم تناهت إلى أذنيه أصوات ، كأنها آتية من جوف مقبرة ، من قعر هذه الرواية ، من أخاديد نار مفخخة ، كأنها استغاثات تترنح ، فانتفض مسلوب الرأس ، صوب النافذة ؛ ليقف على حقيقة أمره ، أكابوس هو ، أم هى الحقيقة تدور رحاها ؟!

                          كانت كوشيش صاخب ، شده بشكل لا إرادي ، إلى حيث النافذة ، وكلما تحرك في اتجاهها ، زادت وضوحا ، بل وبدت بينها حنجرة مكبر صوت ، ودبدبات حانطور - فى تلك الأغنية - تتلاعب بأعصابه !

                          بحرص زائد مزق التحام الضلفتين ، واربهما ، ليرى أغرب مشهد ، ما رأى له مثيلا ، في كل حياته ، لم يشهده حتى خيالا ، حلما أو كابوسا .. سينما أو مسرحا .. كان الشارع تحول إلى مهرجان . زرعت طاولات على ضفتيه ، عليها أطباق وأوعية بها مخللات ، ترمس ، فول سوداني ، حمص ، و أوراق خضراء . حولها وقفت جموع غفيرة من شباب و رجال غريبي الملامح و الوجوه !

                          برغمه حدق في الرواية المطوية بين أصابعه ، وفى المشهد العجيب ، وزجاجات البيرة و الكحول الأحمر تأخذ أماكنها على الطاولات ، بينما مكبر الصوت يرسم حدود المتاهة !

                          كان إحساس بالإهانة ، يلتف حول رقبته ، وهو يعاين حدود البنايات المحاصرة . إحساس مقيت بالضآلة ، وقلة الحيلة . المسكن يختلج بالهواتف ، و الرقم يرن في ضميره ، أن هيا ، فيضيق بنفسه ، براكين تشتعل ، يسخر من نفسه ، ومن أدراك أنهم لا يعلمون .. بل من أدراك أن هؤلاء ليسوا هم من ستهاتفهم ؟

                          حين تمكنت قوات الأمن من تطويق المظاهرة ، كانت العصى تلهب ظهور ورؤوس البنات و الشبان ، فيتلون المشهد ، يصبح شفيقا ، تعلو الضربات ، الصرخات ، الهتافات ، العناد ، تتناثر قطع اللحم ، تتعانق الأكف ، تتشابك ، فتجرى دماء جديدة .

                          متعة الرؤية لعالم عبثي ، لا تدانيها متعة . كل أخرج من صدره وجيوبه مؤونة الليلة ، من بانجو و حشيش و أفيون ، وأنبولات موروفين ..
                          تتلاقى سحب الدخان والقهقهات .. والتجشؤات ..النكات الفاضحة . سيحان غريب ، له رائحة الفجيعة ، يشحذها صوت المغنى ، وأجساد ترتقى الطاولات ، تؤدى رقصاتها في إعجاز ، على اصطكاك نصال قرن الغزال البيضاء !

                          جن المتآمر داخله ، تفنن فى حلوله ، أغلق باب غرفة الصغار جيدا . تهالكت دمعة ، تتضرع إلى هباء ، الأولاد .. ماذا لو أتى أحدهم ؟
                          يرتجف هلعا ، يتخبط في معنى سكوته ، في معنى ما يحمل برأسه ، وأوراقه .. يصرخ .. تضمه سيدة الدار ، يهتز بقوة ، يتمتم :" جبان .. جبناء .. جبان .. جبناء ".

                          حين كانت قوات الأمن تفلح فى شحن مدرعاتها وشاحناتها بالشبان و الشابات ، ظهرت حشود هائلة من الأطفال ، من جهات الميدان الأربع ، تصرخ ، تلقى حجارتها .. أكياس ترابها ؛ كأنها طيور فقس بيضها الأسطورى فجأة ؛ فيلتحف الجنود بمصداتهم وخوذاتهم ، تتداخل ، تتجمد كتماثيل من حجارة!

                          ياللرواية اللعينة ، التى لم يجد مؤلفها رجالا ، و لا حتى نساء ، ليوفر لهم دور البطولة .. ضجر مميت و قاس .. نظراته تنكسر أمام عيني
                          المرأة ؛ فتشتعل النار فى بدنها ، تترقص شفتاها ألما ، تختفي من أمامه بجسد مزلزل !

                          بعد انهيار تام ، و سقوط ما حققوا ، باطلاق سراح الطلبة و الطالبات ، فجأة طوقت جيوش الأطفال قبضات رجال ، ووجوه تشبه هؤلاء ، تحمل سنج و عصى و سيوفا لامعة . علت كعوب الموت من جديد .. وأعتم المشهد تماما !

                          حين أعلنت سيدة الدار عن رغبتها ، فى كسر حالة الموت ، ومحاربة هؤلاء ، ولو بماء الغسيل ، أو بأي شيء تطوله يداها ، طوقها :" ولم أنت .. لم ؟ ". ثم أكمل :" والأولاد .. أنسيت ؟!".
                          على رجوات البلادة ، سحبها، أطلق كل براكينه ، أغمد نصالها في حشاشتها .. روحها ؛ لينطفئ وتخمد حرائقه !

                          دام احتلالهم لساعات ، حتى تلاطمت زجاجات البيرة والكحول ، تشاجرت بحثا عن أرض ، وعلى امتداد الشارع والبيوت و الأعمار و المقامات . شبعوا تقتيلا فى أرانب الجحور ، وطاردتهم سماء من دخان الجريمة وحموضة ما يتقيئون ، فترنحوا متسللين جماعات وفرادى ، معلنين جلاءهم ؛ بينما عقيرة المغنى ، تعلن معرفتهم وخباياهم الساقطة ، بما يمور فى صدور الأرانب و جحورها .

                          مخلفين الشارع ميدان قتال ، يضج بالأشلاء و القمامة ، والأنفاس النتنة ، كمدينة أتاها سخط السماء ، فأصبحت أثرا بعد عين !!

                          هنا فقط فتحت النوافذ و الشبابيك المغلقة ، و أمطرت السماء لعنات و ماء وبعض زفرات ، و آنية من فخار !!
                          نص مرعب وبديع أستاذ ربيع
                          رغم الوجع والألم الذي أفرزه إلى الوجود والذي يطبع كل جملة سطرتها فيه تبقى المتعة من نصيب القارئ ترافقه من أول كلمة حتى آخرها..
                          ويتمنى لو يمتد مشوار القراءة أطول وأطول.. ولما يدرك أن نقطة النهاية قد حسمت الأمر فيعيد القراءة مرة ثانية وفي نيته إعادتها ثالثة ورابعة... هذا ما يحدث لي دائما مع نصوصك الجبارة.. وأنت ثاني كاتب صادفته في النت تمتصني نصوصه.. فمزيدا من غيثك أيها الربيع المعطاء...
                          وتقبل كلماتي التي أسالتها حروفك على لساني وتقبل أيضا تقديري الكبير لقلمك ولشخصك مع دعواتي الصادقة بعودة صديقك لترحل هذه الغوريلا من صفحتك إلى الأبد.. الست سطور الأولى كانت ثقيلة على نفسي لأني قرأتها تحت وقع نظراته وحركاته الـ...

                          تعليق

                          • مجدي السماك
                            أديب وقاص
                            • 23-10-2007
                            • 600

                            #14
                            تحياتي

                            الرائع ربيع عقب الباب..تحياتي
                            ابداع الى ابعد حدود.
                            مودتي
                            عرفت شيئا وغابت عنك اشياء

                            تعليق

                            • ربيع عقب الباب
                              مستشار أدبي
                              طائر النورس
                              • 29-07-2008
                              • 25792

                              #15
                              المشاركة الأصلية بواسطة عائده محمد نادر مشاهدة المشاركة
                              لن تستطيع كل القوى الغاشمة أن تغتال الحرف الصادق
                              لنقل قولتنا ولنكن جسورين كما توقيعك
                              الجراح صديقي تجعل الجلود قوية.. يدبغها الوجع
                              ولن تهد العزائم
                              لن تغتال وعندك من التاريخ الكثير
                              سيبقى مخلدا بعدك للأجيال
                              ربيع لن نموت
                              لأننا ننشد الحقيقة ونسلك طريق الحق بالرغم من قلة سالكيه هذه هي حياتنا منذورة .. ليست لنا
                              أيها الربيع
                              ودي ومحبتي لك
                              فى أى أرض أنت عائدة ؟
                              و لم ابتعدت و تجاهلت الجميع
                              كنت بيننا تاجا للجميع
                              كبيرة و سامقة كالنخل فى العراق
                              أين أنت .. عودي عائدة
                              عودي !!

                              تقديري و محبتي
                              sigpic

                              تعليق

                              يعمل...
                              X